الخليج والعالم

مؤسس شركة بلاك ووتر: قوة وهيبة أميركا تآكلت
06/05/2024

مؤسس شركة بلاك ووتر: قوة وهيبة أميركا تآكلت

رأى مؤسس شركة "بلاك ووتر"، اريك برينس، أن "هناك خللًا كبيرًا في القدرات العسكرية الأميركية وقدرة أميركا على نشر القوة حول العالم"، مشيرًا إلى "إخلاء 5 سفارات أميركية على عجلة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، في السودان وأفغانستان وبيلاروس وأوكرانيا والنيجر".

وفي مقالة نشرها موقع "آسيا تايمز"، قال برينس "هناك مواطنون أميركيون أسرى في غزة، وحصار مفروض على الملاحة الدولية، فيما تتعرض القوات البرية والبحرية الأميركية لإطلاق النار يومي"، وسأل "كيف ذهبت أميركا من النصر في الحرب الباردة والقوة العظمى الوحيدة في التسعينيات إلى بلد الفوضى؟".

ورأى أن أحد أسباب ذلك هو ماليّ، إذ إن هناك أرضية اقتصادية للحروب، والقوة العسكرية لدى أي بلد تعكس بنيانها الاقتصادي"، مضيفًا أن "امتياز عملة الدولار وطباعة المال، يعني أن عجز الميزانية هو الذي يغطي بشكل أساسي الانفاق العسكري الأميركي، وأن نسبة 30% على الأقل من الدين الوطني اليوم تتكون من الإسراف على ما يسمى الحرب على الإرهاب".

واعتبر الكاتب أن "ما حصل أدى إلى غياب الانضباط الاستراتيجي، واعتماد سياسة عسكرية تضع أولويتها مجموعة صغيرة من المقاولين الذين يغذّون بنية "سمينة" بدلًا من الانتصار في الحروب"، وقال إن "جذور ما يجري اليوم تعود إلى انتخاب الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغن عام 1980، حينها بدأ الأخير بالانتقال من سياسة الاحتواء التي استمرت 35 عامًا إلى نهج أكثر هجومي"، مضيفًا أن "هذه الإجراءات التي اعتمدت العناصر الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والعمل السري، ساهمت في تفكك الاتحاد السوفييتي ولكن بثمن استراتيجي كبير".

وذكر أنه "جرى رفض الفرصة للانخراط الإيجابي مع روسيا بعد العام 1991 من قبل معسكر المحافظين الجدد وداعميه من شركات صناعة السلاح في واشنطن، وكان أحد أسباب ذلك الدور الاقتصادي المركزي الذي لعبه الاتحاد السوفييتي في شركات إنتاج السلاح الأميركية".

الكاتب أشار إلى أن "المحافظين الجدد ترسخوا داخل المؤسسات التابعة للحزب الجمهوري وعززوا نفوذهم بشكل تدريجي، بحيث أصبحوا في النهاية قوة مهيمنة في السياسة الخارجية الأميركية ورمزًا لعقلية الحروب المستمرة والممولة بطباعة العملة".

وقال إن "ما يسمى "توزيعات الأرباح" بعيد انتهاء الحرب الباردة خصصت من أجل توسيع حلف الناتو بدلاً من إنهائه، مضيفًا أن "الهدف كان تحقيق المزيد من الأرباح لشركات صناعة السلاح من خلال خلق المزيد من الزبائن لشراء الأسلحة الأميركية، وذلك على حساب الشراكة مع روسيا"، وتحدث عن "عدم الإيفاء بالوعود حول عدم توسيع الناتو شرقًا ليشمل دولًا سبق وكانت في حلف وارسو"، وأشار إلى أنه "جرى نشر القوات التابعة للناتو على المناطق الحدودية مع روسيا".

وأردف الكاتب أنه "يمكن مقارنة القوات الأفغانية التي قام الاتحاد السوفييتي ببنائها والتي استطاعت البقاء سنين بعد مغادرة الاتحاد، مع القوات الأفغانية التي قام البنتاغون ببنائها والتي أنهارت بعد أسابيع فقط من الانسحاب الأميركي"، لافتا إلى أنه "جرى هدر تريليونات الدولارات وآلاف الأرواح دون أن يحاسب أحد، وأن طالبان لم تصبح أكثر اعتدالاً، بل أنها ذات الجماعة وتستضيف جماعات إرهابية أكثر من أي وقت مضى".

وأضاف "أفغانستان لم تكن الفشل العسكري الأميركي الأسوأ خلال الأعوام العشرين الماضية، إذ إن أمراً مشابهًا حصل في العراق"، موضحًا أن "الاستراتيجية الكبرى لما يسمى الحرب على الإرهاب، كانت تستند على فرضية خاطئة روجت لها مراكز الدراسات التابعة للمحافظين الجدد وشركات السلاح، التي افترضت أن تكنولوجيا المسيرات يمكن أن تحدث ثورة في محاربة التمرد عبر الضربات الجراحية التي تستهدف فقط قيادات المنظمات الإرهابية".

وبحسب الكاتب، يتنافى ذلك مع حقائق الحرب، معتبرًا أن "ما ينهي الحروب فعلاً هو تدمير القوة البشرية وقطع التمويل واللوجستيات والقدرة على إعادة التزويد"، وتابع "على الرغم من الفشل في العراق وأفغانستان، إلا أن أميركا لم تستخرج أي عبر ولم تصحح أي شيء في المسار المعتمد، وبالتالي فإن الإخفاقات تستمر".

وقال إن "نفس هذا النهج لا يزال يفشل في أفريقيا، فعمليات محاربة التمرد "غير الكافية" من قبل فرنسا والولايات المتحدة وصلت إلى نهاية الطريق"، مضيفًا أن "الجيوش المحلية قامت بإطاحة القيادات التي كانت تدعمها باريس، فيما تعرضتت الولايات المتحدة للإذلال في النيجر وتشاد، واضطرت واشنطن إلى إخلاء المراكز التي أنشأت من أجل دعم عمليات المسيرات في القارة الأفريقية".

وأجرى الكاتب مقارنة مع روسيا، قائلا إن "الأخيرة اعتمدت قدرات الشركات العسكرية الخاصة، وتعتمد أسلوبًا ناجحًا في افريقيا ضد الحكومات الصديقة للغرب "غير الفاعلة" من خلال التحرك بقوة أكبر ضد "الجهاديين"، وأشار إلى أن "الحرب الأهلية السورية شهدت قيام المحافظين الجدد بتمويل راديكاليين من أجل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، لكن سرعان ما تحول هؤلاء إلى تنظيم "داعش" الذين سيطروا على نصف الأراضي العراقية"، وشدد على أن التنظيم نشأ نتيجة التدخل المباشر من قبل المحافظين الجدد في الحربة".

وسأل عن المستفيد من ذلك ومن الحرب في أوكرانيا، مضيفًا أنه "كان من السهل توقع تداعيات توسع الناتو شرقًا واقتراح انضمام أوكرانيا إلى الحلف رغم الخطوط الحمراء الواضحة التي رسمتها موسكو، غير أنه أشار إلى أن "المحافظين الجدد استمروا بالضغط، حتى بعد ما ساعدوا على الإطاحة برئيس موال لروسيا (في أوكرانيا)"، وقال إن "الإعلان عن عدم توسيع الناتو ونشر قدرات جوية على الفور لكانت منعت اندلاع حرب أوكرانيا"، وتساءل عما إذا كان المحافظون الجدد أرادوا الحرب.

أما عن سيناريو الحرب الساخنة بين الصين والولايات المتحدة، فحذّر الكاتب من أنها "ستشهد تدمير مدن أميركية بأكملها وعدد كبير من القتلى"، وقال: "يمكن تجنب حدوث ذلك فقط من خلال العودة إلى التاريخ وتحديد المقاربات الناجحة وتلك التي لم تنجح، التي اتبعتها واشنطن خلال الأعوام الثلاثين المنصرمة".

وتابع أن "النموذج الحالي من المساعدات الأمنية الأميركية محطم وغير منتج، وأن الجيش الأميركي هو المنظمة الأكثر مكلفة منذ 3000 عام، إلا أنه تحول إلى آداة لبيع معدات عسكرية باهظة الثمن إلى دول تجد صعوبة باستخدامها، ناهيك عن الحفاظ عليها".

وختم الكاتب بالقول إن "الروس لا يجهلون التاريخ، وقد ملأت مجموعة فاغنر الفراغ الناتج عن عدم كفاءة الولايات المتحدة"، وأضاف أن "السياسة الخارجية الأميركية يجب أن تستند على محبة الحلفاء واحترام من قبل الخصوم وخوف من قبل الأعداء، إلا أن ما يحصل هو أن الأصدقاء يخشون من أن تضحي الولايات المتحدة بنفسها وأن الخصوم يستهلكونها، بينما الأعداء يطلقون النار عليها من دون عواقب".

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم