لبنان
موازنة 2020 على جدول أعمال الحكومة غدا
في الوقت الذي تتفاعل فيه قضية العميل عامر الفاخوري مضيئة على ملف العملاء من باب واسع، تتجه الأنظار إلى الجلسة الحكومية التي ستعقد غدا والتي ستيم طرح موازنة عام 2020 فيها، وما يمكن أن تحمله من اصلاحات للحصول على رضا المانحين ونيل مخصصات مؤتمر سيدر.
"الأخبار": موازنة 2020: نفخ الإيرادات والتلاعب بالنفقات وإخفاء النيّات
اعتباراً من يوم غد الثلاثاء، ينبغي أن يبدأ مجلس الوزراء مناقشة مشروع قانون موازنة 2020 (مُدرج كبند أخير على جدول أعمال مجلس الوزراء). المشروع المحال من وزارة المال يمكن وصفه بأنه مشروع ”نظري“ على جبهة الإصلاحات الجذرية، وهو لا يعكس اتفاق رؤساء الكتل النيابية والأحزاب اللبنانية في بعبدا على إعلان ”حالة طوارئ اقتصادية”. أما أرقام المشروع، فهي مثقلة بتجميل ساذج لمستويات العجز المالي بهدف إرضاء المانحين في مؤتمر ”سيدر”، إذ استندت الإيرادات المقدّرة على معطيات غير منطقية عن نمو اقتصادي بمعدل 1.2% في 2020 ونسبة تضخم 2.8%، فيما تقدير النفقات، وأبرزها خدمة الدين العام، جاءت مبنية على فرضية لم تتحقق بعد عن وفر بقيمة 540 مليار ليرة في 2019 ناتج عن ”توجه“ لاكتتاب مصرف لبنان بسندات خزينة قيمتها 12000 مليار ليرة وبفائدة 1%، وهو أمر لم يحصل بعد حتى نهاية الاسبوع الثاني من أيلول 2019. كذلك جاءت النفقات أقل بنحو 1000 مليار ليرة بسبب تحديد سقف لتحويلات الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1500 مليار ليرة بدلاً من 2500 مليار ليرة مدرجة في عام 2019. في الخلاصة، يبدو مشروع الموازنة انعكاساً للصراع السياسي حول من يتحمل أعباء التدابير ”غير الشعبية”؛ فمن الواضح أن وزير المال امتنع عن تقديم أي اقتراح، واسترسل في تعداد الاتصالات التي أجرتها وزارة المال (500 اتصال) لكبح مطالب الإدارات والوزارات بزيادة الاعتمادات، ثم أورد سلسلة طويلة من البنود التنظيمية في الإدارات العامة التي تحتاج إلى معالجة من دون أن يقدّم اقتراحاً واحداً بشأنها.
ثغرة الإيرادات
يقدّر مشروع موازنة 2020 أن تبلغ قيمة العجز 6590 مليار ليرة، أي ما يوازي 7.38% من الناتج المحلي الإجمالي. احتسبت هذه النسبة على أساس إيرادات مقدرة بنحو 19009 مليار ليرة تستند إلى فرضيات مفادها أن النمو الحقيقي سيبلغ 1.2% في نهاية 2020، وستبلغ نسبة التضخّم 2.8% وسيبلغ الناتج المحلي الإجمالي 89298 مليار ليرة (59.2 مليار دولار). فبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، إن النمو المقدر في 2020 سيراوح بين 0.3% و0.9%، فيما تشير إدارة الإحصاء المركزي إلى أن نسبة التضخّم في نهاية تموز 2019 بلغت 1.4%.
هذا الفرق ليس تفصيلاً بسيطاً، لأن سياسة الانكماش النقدي تنعكس سلباً على الاقتصاد بوقع أكبر، ما يخلق ثغرة في تقدير إيرادات الضريبة على أرباح الشركات وعلى الأجور والرواتب بالاستناد إلى وجود نموّ اقتصادي قد لا يكون حاصلاً بالمعدلات التي تشير إليها وزارة المال.
ثمة مسألة تتعلق بنفخ بعض الإيرادات، مثل إيرادات تسويات الأملاك البحرية المقدرة بنحو 150 ملياراً في 2019 ولم يحصّل منها أي قرش حتى حزيران 2019، لكن الوزارة أصرّت على أنها ستجمع 150 ملياراً في 2020. كذلك الأمر بالنسبة إلى تسويات مخالفة البناء المقدرة بنحو 50 ملياراً ولم يحصّل منها سوى 155 مليون، ليرة فلماذا يتم تقديرها بـ50 ملياراً في 2020؟ وهذا السؤال ينسحب أيضاً على كثير من بنود الإيرادات المقدرة، مثل رسوم التسجيل العقاري المقدرة بنحو 784 مليار ليرة في 2019 ولم يحصل منها حتى حزيران أكثر من 250 ملياراً، لكن أعيد تقدير إيراداتها في ظل ”حالة الطوارئ الاقتصادية“ وارتفاع الديون العقارية المشكوك في تحصيلها، بقيمة 784 ملياراً.
التلاعب بالنفقات
في باب النفقات، كرّست وزارة المال ما أقرّ في بعبدا لجهة تحديد سقف لتحويلات الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بحدّ أقصى يبلغ 1500 مليار ليرة. لم يذكر في مشروع الموازنة كيف ستستمر معامل إنتاج الكهرباء في تأمين التغذية بالتيار مثل السنة الماضية بكلفة أقل بنحو ألف مليار ليرة. هذا الأمر ينطوي على خطوة ضمنية متصلة بنية الدولة زيادة تعرفة الكهرباء، أي تقليص الدعم لإنتاج الكهرباء وزيادة الأعباء على موازنات الأسر المقيمة في لبنان.
"الجمهورية": الموازنة على نار الحكومة
وبحسب صحيفة "الجمهورية" فبعد خروج مشروع موازنة العام 2020 من وزارة المالية، وسلوكه طريق السراي للبدء في مناقشته بدءاً من يوم غد، تبيّن انّ المشروع خال من أي ضرائب جديدة.
لكنّ هذا الوضع لا يعني انّ الضرائب لن تأتي لاحقاً، خصوصاً انّ الايرادات لا تزال تبدو على حالها، كما كانت في العام 2019، وبالتالي سيكون صعباً تحقيق خفض فعلي في العجز، خصوصاً انّ مجالات خفض الانفاق تضيق أكثر فأكثر، ما دام بند الفوائد على الدين العام وبند الرواتب والملحقات يستأثران لوحدهما بحوالى 79 في المئة من الانفاق. واذا أضفنا دعم الكهرباء والنفقات الجارية التي لا يمكن خفضها، يبقى هامش صغير لترشيد الانفاق بهدف خفض العجز.
ويلاحظ في مشروع موازنة 2020 انّ الانفاق على خدمة الدين العام وعلى الرواتب التقاعدية وتعويضات الصرف قد زادت حوالى 600 مليون دولار، الأمر الذي يدفع الى التساؤل عن سبل خفض العجز فعلياً في هذا الوضع؟
كذلك، تبرز في الموازنة إشكالية دعم الكهرباء والتي حُددت بمبلغ 1500 مليار ليرة. بما يعني خفضها حوالى 800 مليار ليرة عن العام الماضي. هذا الأمر يعني انّ الفارق سيؤدي الى واحد من ثلاثة احتمالات:
اولاً - رفع تعرفة الكهرباء بنسبة 43 في المئة لتغطية الفارق في الدعم.
ثانياً - تقنين إضافي في الكهرباء يوازي ثلاث ساعات يومياً، لتوفير ثمن الفيول.
ثالثاً - التراجع عن السقف المحدد للدعم، ومنح الكهرباء مبالغ اضافية كما سبق وحصل في العام 2019.
"اللواء": موازنة متوازِنة لإغواء دول «سيدر» بإطلاق مشاريع لبنان
إلى ذلك، يفترض ان يمر الأسبوع الطالع على وقع مناقشات مجلس الوزراء لمشروع موازنة 2020 في جلسة أولى غداً الثلاثاء، ثم جلسات متتالية قبل وبعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارة باريس، التي يزورها يوم الجمعة المقبل للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويعلن بعد اللقاء انطلاق بدء تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» الاقتصادي لدعم لبنان.
ويقع مشروع الموازنة الذي وزّع على الوزراء في 1089 صفحة، ويعتبر نسخة مصححة عن موازنة 2019 الذي كان يتألف من 1234 صفحة، لكن المعنيين يرون في المشروع موازنة إصلاحية، وان لم تتغير فيها الأرقام بشكل كبير وتتماشى مع متطلبات «سيدر» وتواكب ما بدأ العمل فيه في موازنة 2019 من إصلاحات.
والثابت، بحسب تقرير وزير المال علي حسن خليل عن مشروع الموازنة، والذي يعتبر بمثابة مقدمة للمشروع انه لا يتضمن أي ضرائب جديدة أو زيادة على البنزين، أو على الضريبة على القيمة المضافة VAT، لكنه يؤكد على انه من الضروري ان تقوم الحكومة بانعطافة كبيرة في مجال إدارة الوضع المالي ومقاربة الوضع الاقتصادي والتنموي والاستثماري بشكل مختلف، ويشير إلى ان هذه الموازنة يفترض ان تؤمن نقاطاً أساسية كالعودة إلى القانون واسترداد كل ما أخذ من الدولة بشكل يخالف الأصول (في إشارة إلى الأموال المنهوبة) حصة الدولة من المداخيل وصولاً إلى شبكات الأمان والبنى التحتية وتحفيز الإنتاج والاملاك العامة، التقاعد الإدارة العامة وغيرها.
وبالنسبة إلى الأرقام، يلحظ المشروع تخفيض 2600 مليار ل.ل. بناءً للتوجه العام بعدم زيادة الانفاق وفي ضوء التخفيضات التي لحقت بمختلف الإدارات والمؤسسات العامة أثناء مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2019، مع الإشارة إلى ان أبرز الزيادات مقارنة بقانون موازنة العام 2019 تمثلت بقيمة الفوائد التي ارتفعت بحدود 882.63 مليار ل.ل. ومعاشات التقاعد وتعويضات الصرف بحوالى 302.3 مليار ل.ل.
وفي الغوص أكثر في محتوى مشروع موازنة 2020 وأرقامه يظهر أن إجمالي الإنفاق العام من جاري واستثماري قد بلغ حوالى 24.100.04 مليار ل.ل.، متضمناً اعتماداً بقيمة 9194.6 مليار ل.ل. تسديداً للفوائد على سندات الخزينة بعد أن كان 8312 مليار ل.ل. عام 2019. ويقابل هذا الإنفاق إيرادات موازنة ضريبية وغير ضريبية تمّ تقديرها بـ19.009.9 مليار ل.ل.
علماً انه يضاف إلى العجز مبلغ 1500 مليار ليرة ل.ل. يمثل سقف سلفة الخزينة المجاز اعطاؤها خلال العام 2020 لمؤسسة كهرباء لبنان ليصبح 659.01 مليار ل.ل. أي ما نسبته 7.28٪ من إجمالي الناتج المحلي.
وينهي خليل تقريره بأن الوضع الاقتصادي الدقيق الذي يمر به البلد يتطلب إجراء إصلاحات سريعة وتحسين وتحصين الموازنة بحيث تُلبّي حاجات التنمية والاقتصاد وتعكس توجهات واولويات الحكومة.