معركة أولي البأس

لبنان

المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هل يكون سبيلاً لمحاسبة شقير والجراح؟
05/10/2019

المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هل يكون سبيلاً لمحاسبة شقير والجراح؟

وضع وزيرا تيار "المستقبل" محمد شقير وجمال الجراح نفسيهما في قفص الاتهام. رفضهما الإحتكام إلى القانون، والمثول أمام القضاء أثار الشبهات حول تورطهما في إهدار المال العام. لا بل أنهما ذهبا أبعد من مجرد عدم المثول أمام المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، بشأن كيفية إدارة قطاع الاتصالات، فتعديا على حرمة القضاء واستقلال عمله، من خلال دعوة شقير القاضي ابراهيم للإستماع اليه. شقير ايضاً يرفض إلى جانب الجراح المثول أمام لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، رغم أن القانون يُلزم جميع الوزراء والمسؤولين في الدولة بالمثول أمامها كما باقي اللجان النيابية. 

بعد هذا التعدي الوقح على القضاء وضرب هيبته التي من المفترض أن يكون الوزراء أول من يدافع عنها، بات التعويل اليوم على المجلس النيابي، عبر اجراء تحقيق نيابي في ملف الهاتف الخليوي، الا ان التحدي الاكثر وقعاً هو على الكتل النيابية الكبرى، حيث سيظهر التصويت على لجنة التحقيق البرلمانية التي اقترحتها لجنة الاتصالات النيابية، مدى تفاعل القوى السياسية مع مكافحة الفساد في البلد، لكن حتى الان يبدو أن هناك اطراف عدة لا تزال تعيق هذه المكافحة، من أجل حماية مصالحها، وتمييع القضايا المالية التي تتورط بها.
ويبقى الخيار الممكن الذي لا يمكن تهرب شقير والجراح منه، هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، خاصةً أن وثيقة الوفاق الوطني قد نصت عليه، وبالتالي يمكن محاسبة من يتورط من المسؤولين عبره، حيث يرعى إنشاء هذا المجلس القانون الرقم 13 الصادر في 18-8-1990، الذي نظّم أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى المنصوص عنه في المادة 80 من الدستور. 

ولذلك هناك اليوم حاجة ملحة للذهاب نحو إطلاق عمل المجلس عبر انتخاب أعضاءه، حيث نصت المادة 80 من الدستور، على أن المجلس يتألّف من: سبعة نواب ينتخبهم المجلس النيابي في بدء كل ولاية وفي أول جلسة يعقدها كأعضاء أصيلين، وينتخب ثلاثة نواب آخرين إحتياطيين (المادة الأولى من ق.أ.م. المجلس الأعلى)، وذلك لمدة ولاية مجلس النواب، ومن ثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبةً حسب درجات التسلسل القضائي أو بالنظر إلى الأقدمية إذا تساوت درجاتهم، ويجتمعون تحت رئاسة أعلى هؤلاء القضاة رتبة (م 80 من الدستور).
وتسمّي محكمة التمييز، بجميع غرفها، هؤلاء القضاة العدليين الثمانية بمن فيهم الرئيس، وتسمّي أيضًا ثلاثة قضاة عدليين أعضاء إحتياطيين. ويقوم بمهمة النيابة العامة لدى المجلس الأعلى، قاضٍ تسمّيه محكمة التمييز في هيئتها العامة، إضافةً إلى قاضيين معاونين له. 

وأعطي المجلس الأعلى صلاحية بتّ طلبات التنحي والرد (بالغالبية المطلقة من أعضائه وبالاقتراع السري)، وله صلاحية إعلان إستقالة أي من أعضائه، إما عفوًا أو بناءً على طلب النيابة العامة لديه. وخصّت المادتان 60 و71 من الدستور، محاكمة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، بالمجلس الأعلى. فبهاتين المادتين منوط تحديد الجهة أو المرجع الخاص الذي يفترض فيه تولّي هذا النوع من المحاكمات السياسية والقضائية. وهذا ما يدلّ بوضوح على الغاية من تأليف المجلس الأعلى على النحو الذي قام عليه. 

وتنص المادة 70 من الدستور على أنه لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو باخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم ولا يجوز أن يصدر قرار الاتهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس. ويحدد قانون خاص شروط مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء الحقوقية، وبالتالي يحاكم الورزاء أمام المجلس الأعلى.

وعليه، أصبح مطلب تشكيل المجلس ملحاً، من أجل استكمال عملية مكافحة الفساد، حيث الطريق الأفضل لمحاكمة الوزراء والنواب المتورطين في الفساد يكون عبره، وقد حصلت في السابق محاولات لهذه المحاسبة، وإن كانت هناك الكثير من العقبات أمام هذا التشكيل وإمكانية تحويل الوزراء على المجلس إلا أنه لا بد منه من أجل حماية المال العام.

إقرأ المزيد في: لبنان