لبنان
التحركات الشعبية مستمرة.. وتصويب على مصرف لبنان
استمرت الاحتجاجات الشعبية في أكثر من منطقة لا سيما في وسط بيروت، في ظل قطع العديد من الطرقات الرئيسية التي تصل العاصمة بباقي المدن والقرى اللبنانية.
وفي وقت أعلن فيه وزير التربية عن اقفال المدارس والجامعات حتى إشعار آخر، اتجه تصويب المتظاهرين في اليوم السادس نحو مصرف لبنان للمطالبة باقالة حاكمه رياض سلامة ومحاكمة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.
إلى ذلك أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الورقة الإصلاحية مهمة، معتبرا أن الأهم هو التنفيذ السريع.
"الأخبار": المعتصمون يصوّبون على «قلب النظام»: حاكموا «مهندس الدَّيْن»
قالت صحيفة "الأخبار" أنه في اليوم السادس للتحرّكات الشعبية، استحال الشارع الذي يفصل بين مبنى وزارة الداخلية ومدخل المصرف المركزي في بيروت، ساحة نضالٍ جديدة حملت شعارات لافتة تُصيب «قلب» النظام: إقالة رياض سلامة، مُقاضاة الفاسدين، استرداد الأموال العامة الناجمة من أرباح الهندسات المالية، رفع الضرائب على الأرباح، الحق في السكن، وغيرها من القضايا التي عبّرت عنها الهتافات التي صدحت أمام مبنى المصرف «المُدشّم»، لأكثر من ست ساعات افترش خلالها المحتجوّن الأرض متهمّين حاكم «المركزي» بـ«تفليس لبنان».
هو التحرّك الإحتجاجي الأكثر حشدا بين التحركات التي سبق أن نُفذّت أمام مصرف لبنان، ففيما لم يكن الإحتجاج أمام المصرف المركزي أمرا «مُغرياً» للناشطين في المرتين السابقتين، استطاعت مجموعة من المتظاهرين هذه المرة، عبر إصرارهم على البقاء في الشارع، تجييش عدد من الناشطين الذين توافدوا إلى المكان بعد مضي نحو ساعتين من بدء الإعتصام.
«يا لبناني وينك وينك، رياض سلامة مهندس دينك»، «يا سلامة ويا جبان، يا خاضع للأمريكان»، «مصرف لبنان، ملك الحيتان»، «نحنا عرفنا شو اللي صار، هيدي الليرة عم تنهار»، هتافات ردّدها المعتصمون عكست توجهّاً نحو اعتماد خطاب مطلبي يرتبط مباشرة بأصل الأزمة الإقتصادية والمعيشية التي فجرّت إنتفاضتهم.
غالبية هؤلاء قالوا إنهم «لاذوا» بمصرف لبنان نظراً لأهمية التصويب على سياساته المالية والنقدية التي ساهمت في مراكمة ثروات المصارف وكبار المودعين على حسابهم من جهة، ولرغبتهم في خلق ساحة رديفة لساحتي رياض الصلح والشهداء، تكون «مُتخصّصة» بمطلب إسقاط حكم المصرف وبمحاكمة الفاسدين والناهبين، وبمثابة منبر للتمرّد على النموذج الإقتصادي القائم: «الضريبة على الأرباح، مش عل العامل والفلّاح» و«ضرايب مش رح ندفع، خلي المصارف تدفع».
إلى ذلك، «حضرت» شعارات لافتة تناولت إذعان المصارف للعقوبات الأميركية: «يا أمريكي إسمع إسمع، شعب بلادي لا ما بيركع»، «لا عقوبات ولا حصار، وتعليمات الإستعمار، المصرف حارمنا الدولار»، حملها عدد من الناشطين المؤيدين لحزب الله ممن كان لهم حضور لافت في التظاهرة.
إلّا أن الأهم يبقى في نجاح تظاهرة الأمس في الحفاظ على مُقاربة «الصراع الطبقي» الذي يحكم إنتفاضة الشعب حالياً. وما استعراض الهاتفين لتكلفة العرس الذي أقامه إبن سلامة، إلا دليلا على «اللعب» على وتر المعركة الطبقية «غصباً عن كل السياسييّ»، إذ كانت حناجر المعتصمين تُلعلع في كل مرة كان يرفع فيها شعار «بعرس إبنو حطّ ألوف، وهوي بيسرق عل المكشوف».
وفي السياق نفسه، برزت حيازة الرئيس نجيب ميقاتي قروضاً مدعومة للإسكان كنموذج يدلّ على فساد المصارف، فيما لم يغب الرئيس فؤاد السنيورة عن بال المتظاهرين: «يا سنيورة ويا منشار، وين الـ11 مليار»، في إشارة إلى ضرورة استرداد الأموال التي تم نهبها في حكومته إضافة إلى بقية الأموال التي نهبتها المصارف، من أموال الناس. «واحد، اتنين، ثلاثة، نزّلي مصرياتي»، كان الهتاف الأبرز الذي ردّده المتظاهرون بعد «سيمفونية»: «حرامي حرامي، رياض سلامة حرامي»، ليؤكّدوا هدفهم الأهم والمتمثّل بإسقاط سلامة ومحاكمته كواحد من رموز السلطة المطلوب إسقاطها وبإسترداد أموال الشعب المنهوبة لصالح المصارف.
"البناء": الحريري لأولوية تطبيق الورقة الإصلاحية
من جهتها قالت صحيفة "البناء" أنه بانتظار كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الساعات الـ48 المقبلة التي سيتوجّه بها الى اللبنانيين، كما أفادت المعلومات، أفادت مصادر السراي أن اتصالات كثيرة أجراها رئيس الحكومة يوم أمس مع رئيس الجمهورية والمعنيين تتصل بالعمل على تبديل بعض الوزراء الذين يتولون وزارات أساسية كالأشغال والصناعة والاتصالات والخارجية والمالية خاصة أن من يتولى هذه الوزارات، بالتوازي مع الوزارات التي كان يتولاها وزراء القوات قبل استقالتهم في حين تقول المعلومات إن طرح الاستبدال في الخارجية لا يحظى على الإطلاق بموافقة الوزير جبران باسيل.
وكانت السراي قد شهدت لقاءات دبلوماسية عقدها الرئيس سعد الحريري مع السفير الفرنسي برونو فوشيه من جهة، ثم السفير الكويتي في لبنان عبد العالي القناعي، بحضور رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر. واكتفى القناعي، لدى مغادرته، بالقول: الوقت الآن ليس وقت كلام بل وقت عمل . والتقى ايضاً السفير الروسي الكسندر زاسيبكين. كما استقبل سفراء مجموعة الدعم الدولي للبنان. وتابع الحريري آلية وضع ما تقرّر في مجلس الوزراء اول أمس، موضع التنفيذ.
وكرّر الرئيس الحريري أن الإجراءات المتوخاة وغيرها ليست سوى خطوة أولى، وقد حصل توافق في الحكومة بشأنها بفضل الشباب والشابات الذين تظاهروا على مدى الأيام الماضية من أجل كرامتهم الوطنية واستعادة الهوية الوطنية وتقديمها على الهوية المذهبية والطائفية.
كذلك جدد تأكيد أن هذه الإجراءات لم تتخذ من أجل الطلب من المتظاهرين التوقف عن التظاهر أو التعبير عن غضبهم، بل إن هذا القرار يتخذه المتظاهرون وحدهم. وإذا كانت الانتخابات المبكرة طلبهم، فإن صوتهم وحده سيقرّر. كما أكد أن الحكومة لن تسمح لأحد أن يهدد المتظاهرين، وأن الدولة لديها مهمة حماية التعبير السلمي عن المطالب الشرعية .
وأضاف: إن مجموعة الدعم الدولية عبّرت عن دعمها للأهداف الإصلاحية التي أوجزها الرئيس الحريري والقرارات المعتمدة من الحكومة، والتي تتماشى مع تطلّعات الشعب اللبناني. نحن نشيد بالتعبير الديمقراطي للشعب اللبناني ومطالبته بإصلاحات بنيوية وتغييرات اجتماعية ومسؤولة ومقبولة، يجب أن تقلص بشكل حقيقي الفساد والهدر وتبتعد عن الطائفية وتؤمن الحوكمة الصحيحة والمساءلة التامة وتؤدي إلى نمو مستدامٍ واستقرار. إن شكواهم يجب أن تتمّ معالجتها. إن مجموعة الدعم الدولية ترحب بالسلوك المسؤول إلى حد كبير الذي انتهجته قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، واحترم إلى حد كبير منذ السبت الماضي حق الشعب بتظاهرات سلمية. وقد أُحطنا علماً بالتزام الرئيس الحريري بأن الحكومة وقواها الأمنية الشرعية ستبقى توفر الحماية للمدنيين المتظاهرين بشكل سلمي، وستتخذ التدابير المناسبة تجاه أي تحريض عنيف محتمل لحماية الممتلكات العامة والخاصة والمؤسسات وحق الشعب في التعبير السلمي عن آرائه .
ولفت الى ان مجموعة الدعم الدولية تحث المسؤولين والجهات السياسية الفاعلة في لبنان للاستماع إلى المطالب الشرعية التي يطرحها الناس، والعمل معهم على الحلول ومن ثم على تطبيق هذه الحلول، والامتناع عن الكلام والأفعال التي يمكن أن تلهب التوترات وتحرّض على المواجهة والعنف. إن مجموعة الدعم الدولية تجدّد تأكيد دعمها القوي للبنان وشعبه ولوحدة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي .
"الجمهورية": لا استقالة ولا تعديل
وبحسب "الجمهورية"، ففي أجواء الحراك الشعبي الذي تواصل فصولاً، بدت فكرة تعديل الحكومة التي طرحها البعض غير ذي موضوع، إذ أن بعض أهل السلطة تجاوزوها الى البحث في تعيين بدلاء لوزراء «القوات اللبنانية» المستقيلين، كذلك تجاوزوا ما همس به البعض من فكرة تأليف حكومة غير كبيرة. وفي وقت أبلغ رئيس الحكومة سعد الحريري رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ استقالة الحكومة أو تعديلها ليسا واردين لديه. وكانت جرت اتصالات بين المعنيين لإجراء تعديل حكومي.
وكان السيناريو أن يطلب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من بعض الوزراء تقديم استقالاتهم رضائياً لتلافي اللجوء الى البند 2 من المادة 69 من الدستور، التي تقضي بإقالة الوزير بمرسوم يصدره رئيسا الجمهورية والحكومة بعد موافقة أكثرية الثلثين الوزارية.
وفي ضوء تزايد الحديث عن تغيير أو تعديل حكوميين علمت «الجمهورية» انّ اتصالاً جرى ليل امس بين بري والحريري أكّد خلاله الأخير «انّ الحديث عن استقالة الحكومة ليس وارداً وليس مطروحاً على الإطلاق، وبالتالي لا استقالة ولا تعديل للحكومة، والأولوية للتنفيذ السريع للمقررات التي انتهى اليها مجلس الوزراء».
بري
وقال بري امام زواره أمس: «الأهم من الورقة الإصلاحية هو الحراك الشعبي الذي لم يكن طائفياً ولا مناطقياً، بل عبّر عن كل لبنان، وكلّ ما تمّ التوصل اليه من قرارات هو نتاج لهذا الحراك. ولفت الى انّ «هذا الجوّ الحالي كان في الإمكان الاستفادة منه لجهة طرح المسائل الاكثر اهمية لاسيّما منها موضوع إلغاء الطائفية السياسية، والدولة المدنيّة وقانون الانتخابات الذي يؤدي اليها».
وقال بري: «الورقة الإصلاحية مهمة، وكما سبق وقلت الأهم هو التنفيذ السريع، أي العبرة في التنفيذ، خصوصاً أنّ الحكومة وضعت لنفسها مواعيد محددة، وأنا اقول أن على الحكومة أن تلتزم بالمواعيد التي حدّدتها». وأضاف: «حتى الآن أرى أن الخطوة الإيجابية الوحيدة والملموسة التي حصلت في موازاة مقررات الحكومة هي إرسال الموازنة الى المجلس النيابي ضمن المهلة الدستورية. علماً أنني قد أبقيت مجلس النواب مفتوحاً حتى السابعة مساء الاثنين، وتلقيناها وسأبلغها الى لجنة المال والموازنة في الساعات المقبلة. وسأطلب من رئيس اللجنة الإسراع في مناقشتها، خصوصاً وانها كما وردت من الحكومة أسهل بكثير من الموازنة السابقة، والتي قد لا تحتاج الى فترة طويلة من الدرس، وبالتالي يؤمل أن تنجز في مجلس النواب في أسرع وقت ممكن. أمّا في ما يتعلق بالبنود الإصلاحية الأُخرى التي تحتاج الى قوانين، فهذا أمر يجري البحث فيه، وقد عرضتها بالتفصيل مع الوزير علي حسن خليل».
وحول مجموعة القوانين الإصلاحية، قال بري: «انّ المجلس النيابي على استعداد لإقرار هذه القوانين في وقت سريع، وخصوصاً انّ احالتها الى المجلس النيابي لا تتطلب وقتاً، لأنّ هذه المشاريع جاهزة ولا ينقصها سوى توقيع مرسوم إحالتها الى مجلس النواب».
وردّاً على سؤال حول استقالة وزراء «القوات اللبنانية» من الحكومة قال بري: «لو استُشرت في هذا الامر قبل حصوله لنصحت بعدمه، أما وقد حصل فأنا أميل الى التريّث في حسم الموضوع، وأعتقد أن هناك فرصة يجب ان تُعطى، فربما تطرأ ظروف أو تنجح اتصالات في حمل «القوات اللبنانية» على إعادة النظر في استقالة وزرائها».
"اللواء": البيان الأوّل للثورة
وكان اليوم السادس للانتفاضة الشعبية قد اتسم بتزايد الاحتضان الشعبي للمتظاهرين في الساحات العامة والفرعية في مختلف المناطق اللبنانية، فيما لوحظ ان المتظاهرين صوبوا غضبهم باتجاه مصرف لبنان، حيث سجلت تجمعات من الحراك امام المصرف المركزي في الحمراء وطرابلس، هتفت ضد الحاكم رياض سلامة محملينه مسؤولية الانهيار المالي والنقدي في البلاد، في حين استمرت عمليات قطع الطرق والاوتوسترادات التي تربط العاصمة بيروت بالمناطق الأخرى، وحتى داخل العاصمة، وعملت عناصر الجيش منذ ساعات الصباح على إعادة فتح الطرق المقطوعة التي كان عمل المتظاهرون على اغلاقها بالعوائق والمستوعبات من دون إحراق الدواليب.
وللمرة الأولى منذ بدء حركة الاحتجاجات، عقدت أكثر من 15 مجموعة من الحراك، مؤتمراً صحفياً في ساحة الشهداء للرد على ورقة الحكومة الاقتصادية وتحديد خطوات المواجهة المستقبلية، مؤكدة استمرار التظاهرات حتى تحقيق المطالب.
واللافت ان هذه المجموعة أطلقت على نفسها اسم «هيئة تنسيق الثورة»، وهي بحسب ما علمت «اللواء» مجموعة «لجان ثورية» بدأ العمل على تشكيلها منذ يومين في الأماكن الرئيسية للتجمعات الشعبية في بيروت وطرابلس وجونيه وجبيل وجل الديب وصيدا وصور والنبطية وبعلبك - الهرمل وزحلة والبقاع الغربي وعكار.
وتلا البيان باسم الهيئة العميد المتقاعد جورج نادر الذي أعلن انه سيقوم بالاتصال بالمجموعات أو اللجان التي تشكّلت في المناطق اللبنانية، بهدف إنشاء تجمع من قوى الاعتراض. ولفت نادر إلى ان اللبنانيين انتفضوا ثأراً بعد ان اغرقتهم ممارسات السلطة في الظلام والطعام الملوث والمياه الملوثة والاقساط المرتفعة والبطالة والفقر، كما انتفضوا رفضاً لامعان السلطة في اذلالهم وتقاسم الحصص بدلاً من معالجة المطالب المحقة، وثأراً لكرامتهم المهدورة.
وطالب بيان الحراك باستقالة الحكومة فوراً وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من خارج المنظومة الحاكمة تكون مهامها محددة باسترداد الأموال المنهوبة من قبل كلّ من تولّى السلطة من 1990 حتى اليوم ومنعهم من مغادرة البلاد ومحاسبتهم واجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق نظام انتخابي جديد في مهلة أقصاها 6 أشهر.
وطلب من المواطنين الإستمرار في التظاهر والإحتجاجات في العاصمة والمناطق حتى تحقيق المطالب، كما دعا القوات المسلحة وعلى رأسها الجيش الوطني الى حماية المتظاهرين في كلّ المناطق والأشخاص الذين تعرضوا للتهديد في أماكن سكنهم.