معركة أولي البأس

لبنان

مشاورات حكومية رافقت فتح الجيش للطرقات.. و3 خيارات للتشكيل
06/11/2019

مشاورات حكومية رافقت فتح الجيش للطرقات.. و3 خيارات للتشكيل

بعد عشرين يوما من التحركات الشعبية تغير المشهد على الأرض، حيث باتت جميع الطرق تقريبا سالكة، بعدما تدخل الجيش اللبناني لازالة آخر معاقل قاطعي الطرقات، وسط حضور خجول في ساحات الاعتصامات أيضا.
سلوك الطرقات وبدء عودة حياة المواطنين إلى طبيعتها في المؤسسات المختلفة، ترافق مع مشاورات حول طبيعة الحكومة العتيدة، حيث قدّم الوزير جبران باسيل طرحا كاملا لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، وقد تكون الأمور محصورة بخيارات ثلاثة أمام التشكيلة المنتظرة.


"الأخبار": حكومة بلا الحريري وباسيل؟

استفاق اللبنانيون أمس على أخبار فتح الجيش للطرقات المقطوعة، بعد أكثر من أسبوعين، رفض خلالهما التدخل بشكل حاسم. وأقدم الجيش على إزالة كل المعدات والخيام التي وضعت في جل الديب والزوق وأماكن أخرى منعاً لإعادة قطع الطرق التي كانت محور مشاورات بين الرئيس سعد الحريري وحزب الله، وبين الطرفين وقيادة الجيش، خلصت إلى قرار بمنع إغلاق طريق الساحل الجنوبي، لما يشكله من شريان استراتيجي يصل بيروت بمدن الجنوب وقراه، خصوصاً بعدما «تيقّن» الحريري من أن من يقطعون طريق الجنوب هم من مناصري تياره السياسي. وبنتيجة هذا القرار، مرفقاً بتقدير قيادة الجيش بأن التوترات تزداد بين المواطنين نتيجة قطع الطرقات، قرر بالتوازي العمل على فتح طريق الشمال. لكن كان لافتاً ما نقل عن وزارة الخارجية الأميركية، ولا سيما إشارتها إلى «أننا نتوقع من الجيش اللبناني مواصلة دوره بحماية المتظاهرين». كما دعت ​الحكومة اللبنانية​ الى «إحترام حقوق وأمن المتظاهرين». وهو ما فسر على أنه اعتراض على خطوة فتح الطرقات.

النقاش بشأن قطع الطرقات، تفاعل أيضاً بين الناشطين ومجموعات الحراك، حيث برز رأيان، الأول يؤكد أنه أمام استهتار السلطة بمطالب الناس، والتأخر في تكليف شخصية لتأليف الحكومة، لا بد من زيادة الضغط عليها. والثاني يعتبر أن قطع الطرقات تستفيد منه القوات والمستقبل تحديداً في مفاوضاتهما مع شركائهما في السلطة، ولذلك وجب الابتعاد عن تنفيذ أجندتهما والانتقال إلى إغلاق مرافق ومؤسسات حيوية، بما يساهم في الضغط على السلطة لا على الناس. لكن، مساء أمس كانت الكثير من الطرقات قد بدأت تُقطع، ولاسيما في الشمال، حيث عمد الجيش إلى محاولة فتحها.

وعلى وقع استمرار حركة الشارع، تكشّفت أمس تفاصيل مبادرة طرحها الوزير جبران باسيل على الحريري، في لقائهما أول من أمس. وأوضحت مصادر التيار الوطني الحر أن وزير الخارجية حمل «مقترحاً متكاملاً» ينص على «حكومة عمل اقتصادي خالية من الرموز السياسية»، و«يسمّي الحريري رئيساً لها يحظى بموافقة الأطراف السياسيين»، و«تسمّي القوى السياسية فيها وزراء من ذوي الاختصاص». كما تتضمن المبادرة تسمية وزراء يمثلون الحراك الشعبي «بعد استمزاج رأي ساحات التظاهر استجابة لدعوة رئيس الجمهورية للمتظاهرين الى الحوار».

وأكدت المصادر أن باسيل حمل الى الحريري «مبادرة للخروج من الأزمة الراهنة لا محاولة لفرض اي شكل للحكومة». علماً أنه من نافل القول أن على الحكومة الجديدة أن تحترم التوازنات السياسية التي أفرزتها الانتخابات النيابية، وتم التعبير عنها في الحكومة الحالية. وبالرغم من إقرار باسيل أن البلد في ثورة مطلبية عابرة للاصطفافات، إلا أنه اعتبر أن ذلك لا يلغي وجود اصطفافين سياسيين. ولذلك، على الحكومة أن تراعي الأمرين، أي الاصطفاف السياسي والاصطفاف الاقتصادي. وكان واضحاً أن حزب الله وحلفاءه لن يرضوا بتغيير التوازنات التي أرستها الانتخابات النيابية.

ولدى النقاش في مسألة حكومة الاختصاصيين، اعتبر باسيل أن الحريري شخصية سياسية ورئيس كتلة نيابية، وبالتالي إذا كان على رأس الحكومة فهذا يعني وجوب ان تضم قوى سياسية ورؤساء كتل أخرى. أما في حال كانت الحكومة حكومة اختصاصيين، فمن الطبيعي اختيار القوى السياسية للاسماء، مع البحث في كيفية تمثيل الحراك، ومن أي حصة. علماً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أكد أيضاً على ضرورة تمثيل الحراك، مقترحاً اعتبارهم «طائفة الحراك» بعيدًا عن الواقع الطائفي المتحكّم بنا، بحيث يتم، لو كانت الحكومة من 24 وزيراً، توزيع أعضائها بين 9 مسيحيين و9 مسلمين و6 من الحراك!

وعلمت «الأخبار» أن الحريري أكّد انه ليس متمسكاً بالعودة إلى رئاسة الحكومة، إلا أنه طلب التريث في انتظار مزيد من المشاورات. علماً أن مصادر الحريري كانت بدأت تعتبر أن خيار حكومة اختصاصيين، من دون الحريري، هو الأكثر ترجيحاً، مع تقدم اسمَي ريا الحسن ونواف سلام لرئاستها!

الكوّة التي فتحها لقاء الحريري - باسيل لا تلغي حقيقة أن التيار الوطني الحر يعتبر أن الحريري أخلّ بالتسوية الرئاسية عبر حركته البطيئة التي منعت أي إصلاح، سواء ما قدم في موازنة ٢٠١٩ أو في موازنة ٢٠٢٠، ولذلك لا يمكن الوثوق به مجدداً. كذلك فإن مشكلة حزب الله مع الحريري، وظروف استقالته وخلفياتها، لم تنته. وهو يُرجّح أن يستبدل، في الاستشارات النيابية، اسم الحريري أو غيره بورقة بيضاء. علماً أن الحريري يحرص أمام من يتلقيهم على الإشارة إلى أنه ليس شريكاً في أي انقلاب سعودي، وهو استقال تحت ضغط الشارع وليس لأي سبب آخر.


"البناء": 3 خيارات حكومية: رئاسة الحريري لتكنوقراط أو لتكنوسياسية أو تسميته لبديل بحكومة جديدة
وحتى الساعة لم تتبلور اي صيغة سياسية لحل أزمة التكليف فالتأليف، وإنهاء مرحلة تصريف الأعمال في اسرع وقت ممكن. وبحسب المعلومات فإن الامور تدور اليوم في خانة المراوحة في ظل جملة الاقتراحات الموضوعة على طاولة البحث، خاصة في ظل ما يُشاع عن معادلة طرحت ومفادها اما الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل معاً في الحكومة أو كلاهما خارجها.

في حين برزت أمس إشارة المقربين من باسيل الى ان الأخير قدم خلال لقائه اول امس الرئيس الحريري طرحاً يقوم على ان يسمّي الحريري من يريد لرئاسة الحكومة بموافقة جميع الأفرقاء ويتم تشكيل حكومة بلا وجوه سياسية أساسية، على أن تشكلها القوى السياسية من اختصاصيين بملفاتهم الوزارية، التقنية والاقتصادية، مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، ويختار الحراك الشعبي أسماء تمثله في الحكومة، لتكون حكومة عمل اقتصادي وتقني، بعيداً عن المشاكل السياسية المعتادة، على أن تحظى التشكيلة بثقة عالية في المجلس النيابي. وطرح باسيل ايضاً فكرة إلزام جميع المرشحين للتوزير برفع السرية المصرفية، وبالموافقة على كشف حركة حساباتهم، تحقيقاً للشفافية، وتكريساً لمنطق الإصلاح.

وأشارت مصادر في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» الى أن عودة باسيل الى الحكومة قرار يتخذه التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، لافتة الى ان ما يهمّنا في المرحلة المقبلة العمل على تحقيق الإصلاحات المطلوبة والبدء بورشة عمل حقيقية، لافتة إلى أن حكومة تضمّ اختصاصيين من شأنها أن تطلق عجلة العمل، مشيراً الى ان التأخير في التكليف والتأليف قد تكون له منفعة وهي تتمثل بإجراء تفاهمات لجهة تقييم المرحلة الماضية وتجربة العمل في الحكومة السابقة وقطع الطريق مستقبلاً على من كان يبتكر الخلافات والمناكفات لتعطيل الكثير من مشاريع القوانين والخطط التي تهمّ المواطن وتصب في خانة الإصلاحات، ولذلك فإن المطلوب يتمثل بضرورة الاتفاق على صيغة لحلّ اقتصادي ومالي سريع.

أفادت مصادر متابعة لمناقشات بيت الوسط أنه «لا يبدو ان الأمور نضجت انما هناك أفكار قيد التداول، والرئيس الحريري يفضل مقاربة جديدة تأخذ في الاعتبار المستجدات التي نشأت عن الحراك الشعبي، ووجوب الانتقال الى صيغة حكومية لا يريد ان يكون جزءاً منها، وقد شجّع باسيل على وجوب الابتعاد عن المشهد الحكومي حالياً وإعطاء فرصة لفريق عمل يحاكي الحراك».

 

"الجمهورية": مبادرة باسيل: لحكومة تُلاقي الحراك

إلى ذلك، رأت "الجمهورية" ان اليوم العشرين للإنتفاضة أمس كان مختلفاً عمّا قبله، الجيش حَزم مع المتظاهرين وحَسم في فتح كل الطرق، فيما بَدت الساحات أقل ضجيجاً من ذي قبل، مع لجوء المُنتفضين إلى أساليب جديدة في الحراك عبر الضغط والاعتصام قرب المؤسسات العامة والمرافق العامة والمصارف. وفي هذه الاثناء تواصلت الاتصالات على مختلف المستويات الرسمية والسياسية تحضيراً لإنجاز الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، ولكنها لم تثمر بعد نتيجة الخلاف بين المعنيين على طبيعة الحكومة شكلاً وحجماً ودوراً...

ظلت الاتصالات والمشاورات ناشطة في مختلف الاتجاهات أمس، مركّزة على استحقاقي التكليف والتأليف الحكوميين، وذلك في ضوء ما أسفر عنه اللقاء الطويل الذي انعقد في «بيت الوسط» امس الأول بين رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل. وقد تردد أنّ الرجلين التقيا مساء أمس مجدداً، وذلك بعدما كان الحريري التقى نهاراً الوزير علي حسن خليل الذي يتولى نقل وجهات نظر حركة «أمل» و«حزب الله» إزاء الاستحقاق الحكومي.

وعلمت «الجمهورية» انّ الحريري ما زال متمسّكاً برأيه، وهو انه لا يرغب العودة الى رئاسة الحكومة في هذه المرحلة، وقد أبلغ هذا الموقف الى باسيل، وكذلك أبلغه الى «حزب الله» وجميع من يلتقيهم من قيادات وشخصيات سياسية، وأنه مستعد لتسمية شخصية يتوافق عليها الجميع بحيث تتولى رئاسة حكومة من اختصاصيين لا وَلاء لهم لأيّ من المرجعيات والاحزاب والقوى السياسية.

واقترح الحريري مجموعة أسماء لرئاسة الحكومة العتيدة، منها ما هو قابل للبحث ومنها ما هو مرفوض. وأشار الحريري الى انّ من أسباب عدم رغبته في العودة الى رئاسة الحكومة، هو انه لم يعد يرى أنّ تأليف حكومات وحدة وطنية مُجدياً.

مبادرة باسيل

وكان قد تبيّن أمس انّ باسيل نقل الى الحريري مبادرة لا يزال ينتظر منه ومن قوى سياسية أخرى أجوبة عنها، وهي تتضمن البنود الآتية:

1 - تشكيل حكومة لا وجود للسياسيين البارزين فيها.
2 - يسمّي رئيس الحكومة المستقيل شخصاً يقتنع به، وبموافقة القوى السياسية يتولى تشكيل الحكومة.

3 - القوى السياسية تسمّي أصحاب كفايات تقنية، وخصوصاً في مجالات الاقتصاد والمال، لأنّ سِمة المرحلة هي اقتصادية ـ مالية وتحتاج الى فريق عمل من الكفايات، وعلى القيادات السياسية أن تؤمن لهذا الفريق الثقة وتزيل العقبات من طريقه.

4 - يُستمزج رأي القوى التي برزت في الشارع، لكي تسمّي من يمثّلها في الحكومة الجديدة.

وقال مصدر قيادي في التيار لـ«الجمهورية»: «نحن استمعنا الى الشارع بإصغاء، وكما بادَر فخامة الرئيس في السياق نفسه، نحن نَستمزِج رأي الذين حملوا قضية حق، وربما نكون قد قَصّرنا في ملاقاتهم. وقد تقدّم الوزير باسيل بطرح متقدّم يستجيب لصوت الناس ويأخذ في الاعتبار خطورة الازمة، وهذا طرح قابل للحياة وننتظر تجاوب القوى السياسية».


"اللواء": انفراج في الطرقات

وعلى الأرض، قال مصدر مطلع ان قرار فتح الطرقات متخذ وبشكل حاسم منذ الثلاثين من الشهر الماضي، حيث أصدرت قيادة الجيش بيانا طلبت من جميع المتظاهرين في المبادرة إلى فتح ما تبقى من طرق مقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها ووصل كل المناطق ببعضها بعض تنفيذا للقانون والنظام العام.

ولفت إلى ان الجيش أرتأى التوقيت لفتح الطريق، وما حصل يندرج ضمن تسهيل حياة المواطنين.

وأدت مبادرة الجيش إلى فتح كل الطرقات المقطوعة إلى حركة انفراج واسعة في حركة السير في مختلف المناطق، وتمت عملية فتح الطرقات بسلاسة، ما عدا مستديرة جل الديب حيث اصطدم الجيش برفض المتظاهرين هناك الذين افترشوا الأرض وسط قرع اجراس الكنائس، لكن الجيش اوقف بعضهم، وجرت لاحقاً متابعات قضائية لاطلاق الموقوفين.

وازال الجيش الخيم والمعدات والعوائق التي تقفل الطرقات من صيدا الى خلدة والناعمة الى جل الديب والزوق وصولا الى غزير وجبيل وشكا والبترون ومحيط طرابلس، فيما ابقى المحتجون طريق جسر الرينغ مفتوحا. وردّت بعض المصادر قرار فتح الطرقات الى احتمال ان يكون ذلك مقدمة لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة وتمكين النواب من الوصول الى القصر الجمهوري.

وبسحر ساحر شهدت الطرقات حركة سير انسيابية طبيعية وتزايدت بعد الظهر وتحولت الى زحمة عادية، بعدماعمدت وحدات الجيش المنتشرة على الارض، وبعد نزول وحدات مدرعة من اللواء الحادي عشر، لدعم القوات الخاصة المنتشرة على الارض. وشملت حركة السير الطبيعية: مختلف احياء بيروت وصولا الى الحازمية صعودا الى الجبل فالبقاع، ومن الخط الساحلي باتجاه الجنوب والشمال، عوّضت عن كل المعاناة التي عاناها المواطنون خلال الاسبوعين الماضيين نتيجة الاقفال المزاجي للطرقات.

إقرأ المزيد في: لبنان