لبنان
المشاورات تدخل في إجازة بانتظار تبلور المخرج الحكومي خلال 3 ايام
يبدو أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً على صعيد طبيعة المرحلة المقبلة مع إعلان الرئيس المستقيل سعد الحريري حسم خياره حيال قبول التكليف من عدمه، وذلك بعد مشاورات مكثفة شملت مختلف الاطراف السياسية، وفق ما أشارت إليه الصحف اللبنانية، يأتي ذلك على وقع تفاقم الوضع النقدي والمالي الخطير الذي يمر به لبنان.
"الأخبار": الحريري: الأوروبيون خدعونا!
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "الاخبار" أن الاتصالات بين الأفرقاء السياسيين، توقفت أمس، بعد أسبوع حافل باللقاءات للإسراع في الاتفاق على صيغة حكومية تساهم في تنفيس غضب الشارع، وتحافظ في الوقت عينه على التوازنات السياسية التي رتّبتها الانتخابات النيابية. رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري غير متحمس للعودة الى الحكومة، مثقلاً بوضع اقتصادي منهار وعلى شفير الإفلاس، فيما يصرّ فريق 8 آذار على التمسك به".
وذكرت الصحيفة أن "الخلاف الحاصل هنا لا يزال يدور حول تركيبة الحكومة المقبلة، تكنوقراط أم «تكنوسياسية»؟ يؤكد الحريري موافقته على رئاسة حكومة تكنوقراط، الأمر الذي يرفضه كل من: التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، وخصوصاً أن اللغط الحاصل اليوم يتعلق بالتعريف الحقيقي للكلمة. هل المطلوب أن يكون «التكنوقراط» حياديين، وفي هذه الحالة من يسمّيهم؟ هل يتمثلون من «الحراك المدني» أم من خارجه، حزبيين أم وجوهاً جديدة تقدم للرأي العام؟ وكيف سيتعاطى الشارع مع هذه الأسماء؟ أسئلة كثيرة لا تزال محور نقاشات بين معظم القوى السياسية، توحي وكأن تأليف الحكومة مؤجل الى حين إرساء أرضية مشتركة في ما بينهم".
ولفتت "الأخبار" إلى أن "السؤال الأهم المطروح يدور حول الآلية المفترضة لمنح الثقة لحكومة تكنوقراط غير سياسية من مجلس نيابي سياسي يرفض تسمية وجوه من خارج أحزابه. ينطلق أصحاب هذه النظرية من فرضية فشل حكومة كهذه مسبقاً. ويصبح النقاش أكثر حدّة عند طرح مسألة الثلث الضامن وإرساء موازين قوى الحكومة السابقة نفسها، وسط سؤال الحريري عما يحول دون تغيير هذه الاعتبارات تحت وطأة ضغط الشارع، وخصوصاً أنه غير متحمّس للعودة الى الحكومة بعد تبلّغه من الأوروبيين استحالة الحصول على أموال «سيدر»، في حال لم تكن الحكومة «غير سياسية». وبات هذا الهاجس يؤرقه، ويعتبره «خديعة من الأوروبيين» الذين وعدوه بأموال «سيدر» بمجرّد إقرار موازنة ينخفض فيها العجز، لكنهم، بعد استقالته، باتوا يضعون شروطاً سياسية لبدء تنفيذ مشاريع «سيدر». ويشدّد الحريري على من يلتقيهم عدم تسريب خبر «تراجع الأوروبيين عن «سيدر»، مؤكداً أنه سيعمد الى نفيه في حال تداوله إعلامياً. ويدخل ذلك، إلى جانب الضغوط الأميركية، ضمن الأسباب الرئيسة لتقديمه استقالته، معطوفة على الوضع الاقتصادي الرديء وغير القابل للملمة، إضافة الى فقدانه السيطرة على شارعه.
"النهار": حكومة إنقاذية في أسرع وقت تجنباً للانهيار
من ناحيتها، صحيفة "الاخبار" قالت إن "الدعوات الداخلية والخارجية الى استعجال تأليف حكومة انقاذية لم تعد تحول دون السرعة المخيفة للتدهور المالي والاقتصادي الذي بات يضع لبنان أمام انهيار لم يعرف مثيلاً له في ذروة حُقب الحرب، مجرد شعار أو نشيد لفظي وكلامي، بل اتخذت في الساعات الاخيرة طابعا بالغ الجدية والخطورة في ظل تعاقب الازمات والاضطرابات الناشئة عن أزمة السيولة والاجراءات المتشددة والتقشفية التي تتخذها المصارف"، مشيرةً إلى أنه "اذا كانت ازمات المستشفيات والمحروقات واستيراد الكثير من السلع وتفاقم المخاوف، من انهيارات واسعة في مؤسسات القطاع الخاص تقدمت الواقع المثير للمخاوف فان وتيرة الاتصالات السياسية الجارية في الكواليس بعيداً من الاضواء لم تتكشف عن أي تطور ايجابي بعد في شأن شق النفق المقفل امام انطلاق الاستحقاق الحكومي في مسار سريع تحتمه خطورة الاوضاع".
ولكن بدا من خلال المعلومات التي توافرت لـ"النهار" ان الساعات الثماني والاربعين المقبلة قد تكون ساعات مفصلية حاسمة بالنسبة الى نقطة الانطلاق الجوهرية لمسار الاستشارات النيابية الملزمة التي يتعين على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحديد موعدها حال اتمام التوافق التي تتسارع الجهود لاتمامه حول التكليف علما ان العقبة التي تعترض هذا التوافق تتصل بالشروط المسبقة لتأليف الحكومة وهو السبب الرئيسي على ما يبدو الذي جعل رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري يصر على رغبته في عدم اعادة تكليفه تأليف الحكومة الجديدة. إلا أن معلومات تقاطعت من جهات سياسية عدة، أشارت الى ان عطلة الاسبوع قد تشكل موعداً مفصلياً لبت مصير اعادة تكليف الحريري ايجاباً أو سلباً بما يوحي بان الاتصالات تسارعت غداة اخفاق لقاء الرئيسين عون والحريري في قصر بعبدا حول الحكومة الجديدة. وقالت أوساط سياسية بارزة لـ"النهار" إن الوضع المالي والاقتصادي في البلاد بلغ درجات من الخطورة تنذر باوخم العواقب وان الوسيلة الاخيرة والوحيدة لتلافي بلوغ ما بات يشكل هاجساً وطنياً ساحقاً، أي الانهيار، هي المسارعة فوراً (ويستحسن ان يكون ذلك مطلع الاسبوع المقبل) في إضاءة الاشارات الخضراء الى انطلاق المسار الحكومي بدءاً بتحديد موعد الاستشارات النيابية في قصر بعبدا، وان الاتصالات التي أجريت في اليومين الاخيرين بلورت درجات الخطورة التي ستنجم عن كل يوم تأخير في اطلاق اشارة الحل السياسي الذي سيكون وحده العامل المفرمل للاندفاعات نحو الانهيار والا انزلقت البلاد نحو متاهات مخيفة.
ولم يكن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيداً من هذا التحذير اذ صرح مساء أمس لـ"النهار" إن "الوضع خطير وخطير جداً ويجب تشكيل الحكومة أمس قبل الغد لان الحكومة هي الخرطوشة الاخيرة للانقاذ ". وشدد تكراراً على تمسكه باعادة تكليف الرئيس الحريري قائلا انه لن يكف عن المطالبة باعادة تكليفه، كما شدد على ضرورة تمثيل الحراك المدني في الحكومة.
أما الاوضاع المالية، فكانت محور لقاء الرئيس الحريري أمس في "بيت الوسط" حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ظل خطورة الازمة التي تمر بها البلاد والاجراءات التي تتخذها المصارف. وفي المعلومات، ان الاجتماع الذي عقده سلامة مع الحريري كان صريحاً للغاية، إذ فنّد حاكم مصرف لبنان بالارقام والوقائع الاجراءات المؤقتة والاحترازية التي تتخذها المصارف، وشدد على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة تعيد بناء الثقة وتساهم في إعادة الامور الى نصابها الصحيح بما يخفف الضغوط النقدية والمصرفية، معتبراً ان كل ما يحصل هو حالة إرباك ناتجة من فقدان الثقة ومخاوف من تطور الامور السياسية أكثر وصولاً الى اضطرابات واسعة. وأكدت أوساط سلامة ان الاجراءات التي تعتمدها المصارف ستنخفض حكما وتباعا مع عودة الاستقرار السياسي الى البلاد وتراجع التظاهرات والقلق لدى المواطنين، وان هذه الاجراءات تأتي لحماية المودعين واموالهم والمحافظة على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية الثابت بدعم من الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها مصرف لبنان.
وسط هذه الاجواء، افاد مراسل "النهار" في باريس ان مدير دائرة شمال افريقيا والشرق الاوسط في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فرنو سيصل الى لبنان الاسبوع المقبل للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في سبل معالجة الازمة التي يمر بها لبنان. وسيجري فرنو بناء على طلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون محادثات مع الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، الى عدد من المسؤولين السياسيين.
ويحمل فرنو رسالة واضحة وتحذيرية للمسؤولين اللبنانيين وهي "تشكيل حكومة ضمن تسوية بسرعة قبل الانهيار" وان تكون "حكومة جامعة لا تعزل أي طرف ضمن التركيبة اللبنانية فالوضع مقلق للغاية ولا يتحمل الانتظار". والتسوية بالنسبة الى باريس لا تعني حكومة على شكل الحكومة السابقة وليس المهم من يكون رئيساً لها بل برنامجها الاصلاحي ومباشرتها الاصلاح الضروري.
"البناء": الثلاثاء يتبلور المشهد الحكومي: يحسم الحريري خياراته.
أما صحيفة "البناء" فأوردت ما قالته مصادر سياسية تواكب الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة إن اثنتين وسبعين ساعة تفصلنا عن تبلور الصورة النهائية للمشهد الحكومي، تكليفاً وتأليفاً، فرئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لا يزال المرشح الأبرز لتأليف الحكومة الجديدة، ويفترض أن يحسم موقفه قبل الثلاثاء المقبل، من الصيغ المطروحة أمامه على الطاولة. ورأت المصادر أن الحريري لا يستطيع أن ينكر أن الضغوط المالية التي تفاقمت بعد استقالته ويجري توظيفها للضغط لفرض شروط تلاقي تحقيق ربح كامل للحريري، وخسارة كاملة لشركائه في التسوية الرئاسية، خصوصاً التيار الوطني الحر، وتسعى لإقصاء المقاومة عن المشهد الحكومي، ما كانت لتبلغ المدى الذي بلغته لولا استقالته التي أراد عبرها تحقيق ربح فئوي على حساب شركائه في الحكومة، بالرغم من تعاونهم معاً في إقرار الورقة الإصلاحية، التي بدت مجرد مناورة تمهيدية للاستقالة، التي عطلت فرص تحقيق مضمون ما حملته الورقة الإصلاحية من مكاسب لأهل الحراك دخلت اليوم في عالم الغيب.
ولفتت الصحيفة إلى أن انتظار قرار الرئيس الحريري لا يعبر عن موقفه وحده، فهو على اتصال بمراجع دولية وإقليمية لم تكن بعيدة عن نصيحة الاستقالة، بحيث سيعبر قراره عن حقيقة طبيعة التوجّه الدولي والإقليمي، بين خياري الضغوط التفاوضية أو كسر جرة التساكن الذي عرفه لبنان لثلاثة عقود، بين المقاومة وحضورها السياسي والعسكري من جهة، وحلفاء واشنطن في السياسة ودورها في الجيش ورعايتها مع الغرب لوضع اقتصادي قام على الديون والفوائد والفساد، ولذلك يجري ترقب قرار الرئيس الحريري ليُبنى على الشيء مقتضاه.
وقالت المصادر إن لا مشكلة ببقاء الرئيس الحريري على رأس الحكومة الجديدة، ولا في فكرة حكومة تقوم على الاختصاصيين، لكن السؤال الذي لم يقدم الحريري جواباً عليه هو ماهية التوازنات الضمنية لهوية الحكومة قياساً بما جسّدته الحكومة المستقيلة كتعبير عن نتائج الانتخابات النيابية ويُراد تصوير الحراك أداة للانقلاب على هذه النتائج لحساب الفريق الذي خسر الإمساك بالأغلبية النيابية في الانتخابات بتعويضه بدلاً عنها أغلبية حكومية تمكّنه من إدارة الكثير من الملفات التي لا تحتاج العودة للمجلس النيابي.
وقلّلت المصادر من أهمية ما يجري الترويج له حول الصيغ الحكومية والبدائل والفرضيّات باعتبار التفاهم على التوازن الذي يجسّد نتائج الانتخابات ويشكل جوهر المطلوب ليسهل ما عداه عندها، وتسقط فرص التفاهمات بسقوط هذه المعادلة بغض النظر عن تفاصيلها ومَن يترأس الحكومة ومن تضمّ في صفوفها ومَن يُستبعد منها، مضيفة ان لدى حزب الله والتيار الوطني الحر من المرونة والانفتاح على الصيغ الحكومية، ما يسهل التوصل للتفاهم بمجرد التسليم بأن التوازن الذي ستكرّسه الحكومة الجديدة سيحترم نتائج الانتخابات النيابية، ولا مانع من الاتفاق على انتخابات مبكرة وفقاً لقانون جديد يقوم على الدائرة الواحدة والنسبية، طالما أن التشكيك يطال سريان نتائج الانتخابات النيابية التي جرت قبل عام ونصف على التمثيل الشعبي الراهن بعد الحراك، والحاجة بالتالي لتجديد التمثيل، شرط احترام مبدأ أن تعبّر كل حكومة عن المجلس النيابي القائم في لحظة تشكيلها، طالما نحن في نظام برلماني ديمقراطي.
وختمت المصادر أن الوضع المالي والنقدي، يزدادان سوءاً وجزءاً كبيراً من هذا السوء ناتج عن استقالة الحكومة دون تفاهم على بديل سريع، كما كان التفاهم المسبق مع الرئيس الحريري، ويجري الآن توظيف الضغط النفسي لهذا التدهور والتأزم لتحقيق شروط الحريري نفسه، داعية للعقلانية والواقعية، لأن البلد للجميع ويتّسع للجميع، ولا يستطيع أحد التهديد بالانهيار لفرض شروطه لأن الانهيار سيسقط البلد فوق رؤوس الجميع.
وقالت الصحيفة "يبدو أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً على صعيد طبيعة المرحلة المقبلة مع إعلان الرئيس المستقيل سعد الحريري حسم خياره حيال قبول التكليف من عدمه، وذلك بعد مشاورات مكثفة شملت مختلف الاطراف السياسية ولا زالت مستمرة، بحسب المعلومات". وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ"البناء" إن «الحريري لن يقبل تأليف حكومة على شاكلة الحكومة الماضية لأنه لا يريد تكرار التجربة الماضية التي أدت الى استقالته بعد انتفاضة الشارع»، مرجحة أن يرفض التكليف «إذا ما استمر الآخرون بوضع الشروط عليه كتأليف حكومة سياسية تعيد إنتاج المعادلة الماضية».
ودعت مصادر نيابية الى «ضرورة ألا تتجاوز مهلة تكليف رئيس والبدء بالتأليف الاسبوع المقبل ويجب الانتباه الى تحذيرات البنك الدولي ودعت الى ملاقاة التحرك الفرنسي باتجاه لبنان للمساعدة في تأليف حكومة جديدة بتوافق مختلف الاطراف».