معركة أولي البأس

لبنان

الحريري يراوغ وينقلب على التسوية..هل يُكلف الصفدي؟ 
16/11/2019

الحريري يراوغ وينقلب على التسوية..هل يُكلف الصفدي؟ 

على وقع بدء الشهر الثاني للحراك الشعبي الذي صودر صوته من قبل فريق سياسي يسعى لإعادة هيكلة توازن القوى التي خسرها في الانتخابات الأخيرة، يستغل رئيس الحكومة وفق ما تذكر مصادر سياسية تحدثت عنها الصحف اللبنانية، صوت الناس في الحراك من أجل تحقيق مكاسب سياسية في الداخل والخارج، وهذا ما جعله يطرح ورقة الصفدي ومن ثم ينقلب عليها لتعميق المأزق السياسي في البلاد.

"الاخبار": رؤساء الحكومات السابقون: أسهم الصفدي تتراجع؟

وفي هذا السياق، سألت صحيفة "الأخبار" عن جدّية الاتفاق حول اسم الوزير السابِق محمد الصفدي لتكليفه تأليف الحكومة؟ وقالت إن قائع أمس غير ما قبله. استياء داخل فريق 8 آذار، واستمرار الرئيس سعد الحريري بالمراوغة. الأمور عادت خطوة إلى الوراء، في ظلّ معلومات تتحدث عن إمكانية تراجع الصفدي، بسبب «ردة الفعل السلبية في الشارع، وموقف رؤساء الحكومة السابقين».

واشارت إلى أن الرئيس سعد الحريري يتحمّل نِصفَ المسؤولية عن المأزِق القائِم في البلاد. بعيداً من الحجج الخدّاعة والادعاء بأن استقالته من الحكومة سببها «رغبة الشارِع المُحتقِن والمُنتفِض»، وأن إصراره على تأليف حكومة تكنوقراط يعود إلى السبب نفسه، فإن ما يفعله هو مُقامرة في السياسة». وبهذه الخلاصة يعبّر، بانزعاج، سياسيون على تواصل مع الحريري من أجل التكليف. يقولون إنه «يُريد أن يستثمِر في الانتفاضة، ظانّاً أنه سيحصد ربحاً في الداخل والخارج، لكن بناءً على معايير مشكوك بها». بمعنى آخر، لو كان الحريري «يملِك الحدّ الأدنى من الحرص لما كنّا نقِف هنا اليوم، ولو كانَ فعلاً متعاوناً في مشاورات التكليف لما وضعَ فريق حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ أمام خيارات تُجافي المنطِق». ثمّة ما هو «غير مفهوم عنده»، ولا يحتاج الى حنكة للتأكد من أنه «يراوغ»… يكفي مُتابعة المعلومات التي نقلتها مصادر «بيت الوسط» منذ آخر اجتماع ضمّه بالحاج حسين الخليل والوزير علي حسن خليل، الذي سُرب عنه الاتفاق على اسم الوزير السابِق محمد الصفدي لرئاسة الحكومة، وما دفع بـ«مصادِر الخليلين» الى التوضيح. السؤال الى أين يريد أن يصل الحريري؟ ولماذا سُرّب اسم الصفدي الذي ــــ وفقَ أكثر من مصدر ــــ أقفلت بورصة أسهمه على تراجع كبير ليلَ أمس، وخاصة بعدما أرجأ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعد الاستشارات النبابية؟

ولفتت إلى أن ثمة نقطة جوهرية يُقارِب منها الحريري أزمة الحكومة. منطِقها يقوم على فكرة أنه «لو عادَ الى رئاسة الحكومة، فلن يحقّق شيئاً. الشروط كبيرة واللعبة كبيرة، فلماذا تحمّل المسؤولية؟». وفي الوقت نفسه يستخدِم لغة تحذيرية على نسق «يروحوا يعملوا شي لحالن إذا قادرين»، مع علمِه بما يرتّبه ذلك على الفريق الآخر من كلفة حقيقية، وحراجة سياسية وشعبية. هذا باختصار هو الانطباع الذي أعطاه الحريري لعدد من المسؤولين الذين زاروه، طالبين منه العودة عن رفضه ترؤس حكومة «تكنو سياسية». مع هذا الإصرار، والتصعيد الحاصِل على الأرض، وجَد فريق 8 آذار أنه باتَ لزاماً عليه الانتقال الى «الخطة ب»، والبحث عن اسم بديل، على أن يخرج بتكليف من «بيت الوسط» قبلَ بعبدا. تقول معلومات إن «مرجعيات سنيّة وتحديداً في دار الإفتاء تولّت التواصل مع عدد من الأسماء التي جرى التداول بها لتحذيرها من القبول بالتكليف. وأن جميعهم رضخوا»! أصبَحت الأمور جدية، وخاصّة بعدَما لمس الحريري إصراراً من الرئيس ميشال عون على تأليف حكومة، وانطلاقاً من كونه غير قادر على العودة عن السقف الذي وضعه، تبنّى الحريري الصفدي، وهو على اقتناع بأن «حكومته لن تُعمّر أكثر من ستّة أشهر. يكون حينها الحراك قد صارَ في مكان آخر ويعود هو كحبل إنقاذ ولو إلى حكومة فيها باسيل وحزب الله»، وعلى هذا الأساس، خرج اسم وزير المال الساِبق الى العلن.

وذكرت الصحيفة أن "هذا الإعلان الذي طرح أكثر من علامة استفهام حول التوافق على اسم كانَ حتى أول من أمس مستبعداً، وخياراً عصيّاً باعتراف الجميع، لم يتأخر حتى زادت الشكوك من حوله. فقد لحقت به مجموعة من التصريحات والتصريحات المُضادة لتخرُج أول شرارة مُنبئة بسقوط الاتفاق. واشارت الى انه صباحاً، بدأت مصادر الحريري تسّرب خبراً عن أن «تيار المُستقبل لن يشارك في الحكومة العتيدة إن لم تكن حكومة تكنوقراط، واسم الوزير السابق محمد الصفدي كان من ضمن مجموعة من الأسماء جرى طرحها، منها تمام سلام لكنه رفض». وأضافت أن «لا موعد لاستشارات نيابية ملزمة، والأمور تحتاج إلى المزيد من التشاور رغم الكلام الذي تردد عن خرق معين». هذا الجو استفزّ حزب الله وحركة أمل إلى حدّ الذهاب، لأول مرة، الى إصدار توضيح عبر «مصادر الخليلين»، جاء فيه «لقد أصررنا على أن يتولى رئاسة الحكومة الحريري نفسه، ولا مانع عندنا من أن يكون ثلثا الحكومة تكنوقراط، غير أن الحريري أصرّ على تكليف غيره، وبعدما أكد أن الرئيس تمام سلام يرفض ترؤس الحكومة بادر إلى القول بأن رؤساء الحكومة السابقين، مجتمعين، وافقوا على الصفدي، وتعهد بأن يتمثل المستقبل وأن يسمي الوزراء فيها. وتعاطينا مع هذا الأمر بإيجابية طالما حصل على إجماع المعنيين»، قبلَ أن يوضح «بيت الوسط» عبر مصادر بأن «ما جاء في بيان الخليلين غير دقيق لأن الحريري لم يقدّم أي تعهدات».

"البناء": الحريري ينقلب على الصفدي

صحيفة "البناء" قالت من جهة ثانية، إن "الشهر الثاني للحراك الشعبي يبدو فاتحة مرحلة جديدة سيتم اختبار قواعد التساكن خلالها، بين صيغتين جديدتين لحضور الدولة والساحات، حيث فرضية بدء الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة يوم الاثنين تتقدّم، ومعها قرار حاسم للجيش والقوى الأمنية بمنع أي محاولة لقطع الطرقات في أي منطقة لبنانية. وفي ظل هذين التطورين تعود المصارف لفتح أبوابها مع تراجع عن إجراءاتها المتشددة وفقاً لطلب حكام المصرف المركزي من المصارف التجارية، الذي دعا للعودة بالعمل بالتسهيلات المالية للزبائن وإعادة النظر ببعض الإجراءات التي جففت قدرة الزبائن على الحصول على السيولة من المصارف. ومن المفترض في السياق نفسه عودة المدارس والجامعات، على أن يستعدّ المجلس النيابي الذي سيؤجل جلسته المقررة الثلاثاء لتزامنها المفترض مع الاستشارات النيابية، ليخلي المشهد لتحضيرات ولادة الحكومة الجديدة".

واشارت إلى ان "الحراك الشعبي من جهته سيكون مطالباً بالتأقلم والتساكن مع هذا الوضع الجديد، على قاعدة التخلي عن قطع الطرقات كواحدة من سمات حضوره التي شاعت نظرية اعتبارها وسيلة من وسائل التعبير السلمي بينما يؤكد كل رجال القانون أنها جريمة بحق الأملاك العامة وتمس حرية أساسية للمواطنين هي حرية التنقل. كما سيكون على الحراك الذي اتحذ شعار حكومة تكنوقراط عنواناً لتحركاته، وركز ضغوطه لتعجيل الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، أن يقول كلمته عندما يحدّد موعد الاستشارات التي طالب بها، وبالتوازي يقول كلمته في نتائج هذا الطلب مع تبلور الترشيح الأبرز لرئيس الحكومة الجديدة، الذي بات واضحاً أنها تميل لصالح الوزير السابق محمد الصفدي الذي تعرّض لحملة اتهام بالفساد في ساحات الحراك واعتصاماته".

واضافت ان كل شيء وفقاً لمصادر متابعة يتوقف على الموقف الفعلي لرئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري الذي كان الجهة الأبرز لتسمية الوزير السابق محمد الصفدي كمرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، وبعدما أبلغ الحريري كلاً من المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ووزير المالية علي حسن خليل تبنيه مع رؤساء الحكومات السابقين لتسمية الصفدي، عاد ليطرح اسمه كمرشح بديل من منصة رؤساء الحكومات السابقين الذين أعلنوا تبنيهم لترشيح الحريري وحده لتشكيل الحكومة الجديدة، وأوضح بلسانهم الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي أن المرحلة لا تحتمل غير الحريري لقيادتها.

ولفتت الصحيفة إلى أن تراجع الحريري عن تسمية الصفدي سيعني في حال ثبات الحريري عنده، احتمالاً كبيراً لتراجع الصفدي نفسه الذي يشترط طرح اسمه في التداول في حال عزوف الحريري عن الترشح لرئاسة الحكومة، والخشية عندها تتخطّى مجرد العودة إلى المراوحة في الملف الحكومي، للقلق على الخطوات المنتظرة في الملفات الأمنية والاقتصادية، سواء بعودة قطع الطرقات للظهور مجدداً، وتريّث المصارف في فتح أبوابها، ما سيترتّب على كل ذلك من مخاطر الدخول في نفق الفراغ والفوضى الذي حذّر منه الكثيرون، الذين يرون أن هناك مشروعاً مبرمجاً لأخذ لبنان نحو الفراغ والفوضى، ويحذرون من سيطرة هذا المشروع على ضفتي الحراك والسياسة، للتناوب في صناعة الخطوات المؤدية للخطر.

وأوضحت أنه بعدما نجحت المشاورات بالتوافق بين الكتل النيابية الكبرى على اسم النائب محمد الصفدي لتأليف الحكومة تتكثف الاتصالات لتوفير ظروف نجاحه في التأليف، إن بأخذ ضمانة من الرئيس سعد الحريري بتسمية كتلته الصفدي في الاستشارات في بعبدا ومنح حكومته الثقة في المجلس النيابي وإن لجهة إقناع الشارع بهذا الخيار. وبانتظار اتضاح صورة المشاورات النهائية يتريث رئيس الجمهورية بحسب معلومات «البناء» بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة مع ترجيح مصادر بعبدا أن تنطلق مطلع الأسبوع المقبل. وكانت مصادر إعلامية تحدثت أن الحريري أبلغ الصفدي في آخر لقاء بينهما أنه سيدعمه حتى النهاية وسيضع فريق عمله في خدمة الصفدي، لكن موقف رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام بإصرارهم على ترشيح الحريري يثير الريبة ويضفي نوعاً من الغموض ومناورة سياسية لإحراق الصفدي ومزيد من إشعال الشارع الذي ينظر للصفدي على أنه جزء من الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود. وبالتالي عودة الحريري كمنقذ للشارع وللأزمة السياسية في آن معاً.

علماً ان بيت الوسط سرب أمس الأول معلومات مفادها أن الاتفاق على اسم الصفدي تمّ بعد مشاورات بين الحريري ورؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى. ولم يخرج موقف رسمي من الصفدي، لكن مصادره أكدت للـ»ال بي سي» أنه يريد أن يراعي الحراك والشارع، وشدّدت على أن الصفدي لا يريد أن يترأس الحكومة «كيف ما كان».
 
"النهار": انفجار سياسي واسع وأزمة التكليف بلا أفق

أما صحيفة "النهار" فقالت "لعل المفارقة الأكثر اثارة للتوقف عندها في التطورات التي شهدتها البلاد في الساعات الأخيرة تمثلت في تزامن مرور الذكرى الشهرية الأولى لانطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول الاحتجاجية الشعبية وأوسع انفجار سياسي حصل منذ انطلاقها وذلك غداة تسرّب اسم الوزير السابق محمد الصفدي مرشحاً لتأليف الحكومة الجديدة عن اللقاء الثلاثي الذي عقد في "بيت الوسط" ليل الخميس وضمّ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وممثلي الثنائي الشيعي الوزير علي حسن خليل وحسين الخليل".

واشارت إلى أنه "اذا كان "يحق" للانتفاضة أن تتباهى بأن صمودها وثباتها على أهدافها ومطالبها ومضيّها في تصعيد تحركاتها من أجل تحقيقها وفي مقدمها إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية تأليف حكومة جديدة مستقلة من اختصاصيين من خارج النادي السياسي، فإن الانفجار السياسي الواسع الذي حصل أمس شكّل واقعياً انعكاساً للارتباك الكبير والمكشوف الذي تعيشه القوى السياسية برمتها بدءاً بالعهد وأركان السلطة والأحزاب والقوى السياسية الى درجة الانكشاف الكامل أمام المرحلة الأكثر خطورة التي بلغتها الأزمة الداخلية سياسياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً وأخيراً أمنياً في ظل انتفاضة 17 تشرين الأول وبعد استقالة الرئيس الحريري".

واضافت "يُخشى في ظل ما تركته "حرب المصادر" والمقار الرسمية والسياسية التي انفجرت أمس على نحو غير مسبوق في شأن الملابسات التي أحاطت بتسمية الوزير السابق الصفدي وما شاب هذه التسمية بالشكل الذي حصلت فيه من تجاوزات دستورية وانكشافات سياسية أن تكون الادارة السياسية للازمة قد خطت خطوات واسعة نحو الاخفاق والفشل الأمر الذي ترجم في انكفاء رئاسة الجمهورية عن تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة، في ظل الصدام السياسي بين الأفرقاء الذين انخرطوا بأساليب وحسابات مختلفة في تسمية الصفدي فاذا بردود الفعل الفورية الرافضة من جانب المنتفضين لهذه التسمية تتسبب بارتداد المبادرة على أفرقائها ورئاسة الجمهورية وتظهر دوراً سلبياً اضافياً لوزير الخارجية جبران باسيل اضطلع به أمس من خلال مواقف متفردة اختزل عبرها صلاحيات رئاسة الجمهورية كما الاستشارات الدستورية برمتها وتسبّب بسجال حاد علني بينه وبين "بيت الوسط"". 

وتابعت "واذ بدا مجمل المشهد المأزوم كأنه عاد الى نقطة البدايات والمربع الأول من الأزمة، انعكس الارباك الرسمي والسياسي في افتقاد جميع المراجع والمعنيين أي رؤية واضحة لـ"الخطة ب" بعد الصدام الذي حصل وانعدام أي تصورات للمعالجات التي ستسلكها المشاورات في صدد الاتفاق مجدداً على موجبات التكليف والتأليف، علماً أن تداعيات هذا الصدام أدّت الى اثارة شكوك واسعة في مصير تزكية اسم الصفدي، فيما عادت تزكية اسم الرئيس الحريري كمرشح لا منازع له من الباب العريض مع مبادرة ثلاثي رؤساء الحكومة السابقين السنيورة – ميقاتي – سلام الى التمسك بترشيحه".

وأفادت أوساط قصر بعبدا أنه لم يعيّن بعد أي موعد للاستشارات النيابية الملزمة، على رغم تسريب مسألة الاتفاق على اسم الصفدي رئيساً مكلفاً، لكون الأمر يحتاج الى مزيد من التشاور.

وأوضحت أنه ما دام رئيس الجمهورية لم يحدّد موعد الاستشارات، فكل ما يُقال في هذا المجال يدخل في خانة الفرضية، على رغم التقدم الذي أحرز بالموافقة على الصفدي.

وأشارت إلى أن موافقة الرئيس الحريري على تسمية الصفدي أتت مكبلة ومشروطة، فالحريري لم يتعهد المشاركة في الحكومة ولم يوافق على الصيغة التكنوسياسية، وتالياً فإن ثمة شكوكاً في تسميته الصفدي.

وقالت الأوساط نفسها إن الرئيس عون ليس في وارد أن يعيد الاصطفاف وفق 8 و14 آذار، وهو قضى عليه بانفتاحه ولا يريد إعادة إحيائه.
 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل