معركة أولي البأس

لبنان

الحريري يناور بالشارع وينتظر الإضراب الاقتصاديّ.. وبري يحذّر من الفتنة
26/11/2019

الحريري يناور بالشارع وينتظر الإضراب الاقتصاديّ.. وبري يحذّر من الفتنة

أكثر من أربعين يوما مرّت على شلّ البلاد من خلال قطع الطرقات تحت عنوان "الثورة"، وما أحدثته من نتائج سلبية على المواطنين كان آخرها سقوط الشهيدين حسين شلهوب وسناء الجندي فجر الأمس على طريق الجية بشكل مأساوي بسبب قطع الطريق.
على صعيد الحكومة بقي الرئيس المستقيل سعد الحريري على تعنته على قاعدة "أنا أو لا أحد"، محاولا الاستفادة من الشارع ومن الاضراب الذي دعت إليه الهيئات الاقتصادية بدءا من يوم الخميس المقبل، في وقت عبّر فيه الرئيس نبيه بري عن هاجسه الاساس في هذه المرحلة وهو تفادي الفتنة.


"الأخبار": الحريري يناور بالشارع وبالمرشحين لخلافته

رأت صحيفة "الأخبار" أنه صار واضحاً لجميع اللاعبين المحليين، وحتى الخارجيين، أن الرئيس سعد الحريري يحاول أخذ لبنان رهينة لمعادلة «إما أنا أو الفوضى». وما فعله خلال الساعات الـ24 الماضية، أثار بعض حلفائه المحليين والخارجيين، بسبب ما وصفوه بـ«التهور» الناجم عن قراره قطع الطرقات في عدد كبير من المناطق، وممارسته ضغطاً إضافياً على الجيش والقوى الامنية لمنع القيام بأي إجراء يمنع الصدام في الشارع.

في معلومات «الأخبار» أن الرئيس ميشال عون سمع من موفدين خارجيين كلاماً واضحاً حول وجود دعم أوروبي لتسوية سياسية سريعة تقوم على تشكيل حكومة طابعها إنقاذي، تتمثل فيها القوى السياسية كافة، وتضم مجموعة من الاختصاصيين، بينهم من يحاكي تطلعات الشارع، وان موقف الولايات المتحدة «المتردد» في دعم هذه التسوية، يستهدف تحسين مواقع حلفائها لا اكثر.

عون الذي «ضاق ذرعاً بدلع الحريري» أبلغ حلفاءه أنه «لن ينتظر طويلاً، وأنه مستعد للسير بحكومة من دون رضى الحريري أو حتى مشاركته»، وأنه سيمنح الاخير «فرصة نهائية للسير بحل مقبول خلال فترة وجيزة». وقال عون إن الحكومة الجديدة «أمامها مهام كبيرة لا تحتمل أي نوع من التسويات التي كانت قائمة سابقاً، وان عليها القيام بخطوات كبيرة في الايام الاولى، من بينها تعيينات جديدة لمحاسبة كل من شارك في دفع البلاد نحو الهاوية السياسية والامنية والاقتصادية والمالية».
موقف عون جاء بعد تردد واعتراضات من الحريري على إطار التسوية التي تم التوصل اليها قبل أيام، والتي تقوم على فكرة تسمية الوزير السابق بهيج طبارة رئيساً لحكومة من 24 وزيراً تضم ممثلين عن القوى السياسية الاساسية واختصاصيين يختارهم الرئيس المكلف وفق ترشيحات تقدمها القوى، على أن تحصل مشاورات جانبية لاختيار من يمكن اعتباره ممثلاً لقوى الحراك.

ما حصل في هذا المجال أن «الحريري، وعلى عكس ما يحاول مقرّبون منه إشاعته، هو من طرح اسم طبارة، وأرسلَ في طلبه، حتى إنه أرسل سيارة خاصة له، واجتمع به حوالى ساعة ونصف ساعة». وبحسب المعلومات، «طلب الحريري من طبارة الاجتماع برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقاه نحو ساعة ونصف ساعة أيضاً، والاجتماع بكل من معاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ووزير المالية علي حسن خليل، وأعطاه لائحة بالأسماء المقترحة لتوزيرها في الحكومة العتيدة، كما التقى طبارة الوزير جبران باسيل». وأكدت المصادر أن «شكل الحكومة الذي جرى التفاوض عليه بين الخليلين وطبارة هو حكومة تكنو – سياسية، وقد أبدى الرجل موافقته على الأمر، مشترطاً خطوات خاصة في ترشيحه، أبرزها أن يعلن الرئيس الحريري نفسه عن ترشيحه وبموافقة الرؤساء السابقين للحكومة ودار الفتوى ايضاً»، وبعدَ لقائه بـ«الخليلين»، زاره كل من الوزير السابق غطاس خوري في منزله موفداً من الحريري، كما زاره المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. وأكدت المصادر أن «الحريري ما إن وجدَ أن الجوّ العام لدى 8 آذار صارَ ميّالاً إلى السير بطبارة بدلاً منه، حتى بادر الى خطوات من شأنها عرقلة الامر، قبل أن يلجأ الى الشارع لحرق الطبخة كما فعل مع الصفدي سابقاً».


وذكرت المصادر أن الحريري حثّ طبارة على «طلب صلاحيات تشريعية استثنائية لمواجهة متطلبات مواجهة الازمة الاقتصادية وكيفية إدارة المرافق العامة، وأنه يمكن تهدئة الشارع من خلال الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد»، كما أشار عليه بضرورة أن يختار هو، وحده، أسماء جميع الوزراء، لا سيما الاختصاصيين منهم، وأن يكون لديه حق الفيتو على الوزراء السياسيين. كما أبلغه الحريري أنه سيرشّح وزراء، لكنه لن يمنحهم ثقة مطلقة ومفتوحة، ولن يكون ضامناً لأدائهم داخل الحكومة».

لكن ما حصل خلال الساعات الماضية دل على أن الحريري انما يعمد من خلال هذه الطروحات الى التفاوض باسم طبارة، ليس لدعمه، بل لاستخدامه من أجل تحقيق تنازلات من جانب عون وحزب الله، على أن يثبتها ويحصل على المزيد في حال قرر العودة هو لتولي المنصب، خصوصاً أنه يحاول أن يعود الى منصبه شرط إبعاد أي تمثيل سياسي للآخرين، وتحديداً رفضه المطلق لتوزير جبران باسيل، علماً بأن الاخير أبلغه بما أبلغه به الأطراف الآخرون للحريري من أن باسيل لا يخرج من الحكومة الا في حال خرج الحريري نفسه، وأنه في حال تقرر تولّي طبارة تشكيل الحكومة من دون سياسيين بارزين، فإن باسيل لن يكون مقاتلاً ليكون داخل الحكومة. ويبدو حزب الله أكثر المتشددين في هذه النقطة، لأنه يعتبر أن طلب إطاحة باسيل إنما هو مطلب أميركي هدفه يتجاوز إبعاده عن الحكومة.


"البناء": الحريري ينتظر الإضراب الاقتصاديّ بعد قطع الطرقات لتعزيز موقعه التفاوضيّ
صحيفة "البناء" أشارت إلى أن المناخ الداخلي يتجه نحو المزيد من التأزم، مع اعتماد رئيس الحكومة المستقيلة والمرشح الدائم لرئاسة الحكومة الجديدة، الرئيس سعد الحريري لخطة تجمع بين تشجيع الضغوط على رئيس الجمهورية وفريق الثامن من آذار، لتسريع الاستشارات النيابية قبل التوافق السياسي بين الكتل النيابية على شكل الحكومة وبرنامجها، مستعيناً بثلاثية، استخدام الحراك بالتعاون مع قوى الرابع عشر من آذار خصوصاً بفرض الإضراب بالقوة وقطع الطرقات، بغياب التدخل الرادع من الجيش والقوى الأمنية، ومعها تحريك الهيئات الاقتصادية للدخول على خط الضغط عبر إضراب مسيَّس لا وظيفة له في مواجهة التأزم الخطير الذي تعيشه القطاعات الاقتصادية، والذي يعبر عن ذاته بإفلاس شركات وإقفال مؤسسات، وصرف عمال وشيكات مرتجعة، أما الركن الثالث لخطة الحريري فيقوم على المناورة باستهلاك أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة، يتداولها مع أطراف ثلاثي التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله، ثم لا يلبث عندما تتبلور كخيارات جدية يبتكر لها سبباً للفشل، أو تسريباً للحرق.

الخطورة التي نتجت عن الخطة الحريرية ظهرت مع ما حدث على طريق الجنوب في منطقة الجية، حيث استشهد المواطنان حسين شلهوب وسناء الجندي، بسبب قطع الطرقات، وأدّى الحادث الى حالة غضب شعبي وسياسي وضع على الطاولة المخاطر التي يمكن أن تنزلق نحوها البلاد جراء المماطلة السياسية، طمعاً بالحصول على التنازلات. وقالت مصادر متابعة إنّها تأمل أن تكون البيانات الصادرة عن رئيسي تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بعد الحادث وبعد ما شهدته أحياء بيروت، تعبيراً عن قرار بوقف الاستثمار السياسي واستهلاك الوقت، على أن يترجم ذلك بالجدية في المباحثات السياسية سعياً للتوافق على حكومة تستطيع منع الأسوأ.

فيما ينتظر رئيس الجمهورية حصيلة المشاورات المكثفة بين الرئيس سعد الحريري وثنائي أمل وحزب الله قبيل تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، شهد الشارع جملة أحداث متسارعة، كان أبرزها الحادث الذي وقع أمس في الجية وأدى الى استشهاد المواطن حسين شلهوب والمواطنة سناء الجندي وجرح الفتاة نور شلهوب، ما خلق احتقاناً وتوتراً كبيرين في أكثر من منطقة، تطور الأمر ليلاً الى اشتباكات مسلحة بين تيار المستقبل وحركة أمل في منطقة الكولا وطريق الجديدة وقصقص وعائشة بكار وكورنيش المزرعة وشاتيلا والطيونة، بعد اعتداءات قام بها مناصرو المستقبل على المارة، ما لاقى ردة فعل من مناصري امل.

وبحسب معلومات ميدانيّة لـ «البناء» فإن «عدداً كبيراً من عناصر المستقبل مسلحة بأسلحة رشاشة تجول في أحياء الطريق الجديدة وقصقص بدراجات نارية وسيارات تقطع الطرقات وتعتدي على المواطنين حيث عملت على خطف مواطنين تحديداً في منطقة البربير والخاشقجي قبل أن تخلي سبيلهم». وتضيف المعلومات أن «هذه المجموعات تتحرّك بناء على أوامر المدعو طارق الدنى الذي يأخذ أوامره من محمود الجمل المسؤول عن مجموعات المستقبل، منهم عدد كبير من المخيمات الفلسطينية».


"الجمهورية": برّي: لحكومة بمــعزل عن إسم رئيسها
ليل الأحد - الاثنين، نام اللبنانيون على احداث واشتباكات مريبة، فجسر الرينغ كاد في لحظة فوضى أن يقطع أوصال الوطن، بشارع في مواجهة شارع، ما ايقظ في اذهان اللبنانيين صوراً من الماضي الكريه. اما على طريق الجنوب فتسببت فوضى قطع الطرقات بسقوط شهيدين.

هذا الجو الفوضوي اثار موجة من الاستنكار، فيما باشرت الأجهزة القضائية والأمنية تحقيقاتها في ما حصل على جسر الرينغ. ونبّه مصدر امني رفيع الى خطورة المشهد الذي حصل على الرينغ وقال لـ«الجمهورية»: «سبق وحذّرنا السياسيين من انّ البديل عن الدولة سيكون هؤلاء المتظاهرون، وسينزل بوجههم متظاهرون آخرون يعتبرون انفسهم كذلك انّهم الدولة، ولن يكون باستطاعة الجيش والقوى الامنية سوى الفصل بينهم وتشكيل خطوط تماس بين الشارعين، وهو ما يمكن ان يأخذ بنا الى البلاء الاعظم لانّه بالنسبة الى العسكريين فهم كلهم لبنانيون واي انحياز ستكون عواقبه وخيمة».

وكشف المصدر، انّه وخلال الاجتماعات الامنية التي حصلت كان البحث في هذا السيناريو يتقدّم على ما عداه، باعتباره الاخطر لانّ الاحتقان سيولّد الانفجار وقطع الطرقات سينتهي بصدامات. ولفت المصدر الى «انّ التعاطي العسكري والامني سيكون مغايراً في المرحلة المقبلة، وانّ سياسة الضرب بيد من حديد هي عنوان المرحلة بعدما شوهد الشارع ينزلق نحو المحظور. ومن هنا فإنّ القرار قد اتُخذ بشكل صارم بعدم السماح بقطع الطرقات من الآن فصاعداً، وسيكون الجيش حاسماً في هذا المجال».

بري: حذار الفتنة
واعتبر الرئيس بري انّ ما حصل في وسط بيروت وعلى الطريق بين العاصمة والجنوب مدان بكل المقاييس، حيث تعمّدت لقمة العيش بالدم فسقط الشهيدان حسين شلهوب وسناء الجندي.
وعبّر بري عن امتعاض شديد مما حصل على جسر الرينغ، مؤكّداً انّ الشبان الغاضبين الذين نزلوا الى الرينغ ليل امس الاول تحرّكوا بطريقة عفوية وليس بقرار سياسي او حزبي. منبّها الى انّ المرحلة صعبة ولا تتحمّل الغلواء، مبدياً رفضه الدعوات للردّ على الاستفزازات واستخدام القوة لمنع قطع الطرقات، مؤكّداً انّ الدولة، تبقى المرجعية الوحيدة لحماية الناس وحقهم في حرّية التنقل.

ولفت بري الى انّ هاجسه الاساس في هذه المرحلة هو تفادي الفتنة، كاشفاً انّ «هذا الاعتبار الوطني هو الذي دفعني الى اصدار بيان ساويت فيه بين الدم البريء الذي سال على طريق الجنوب وبين ما حصل على جسر الرينغ ومحيطه». وقال: «إن اخطر ما حصل على الأرض لم يكن ما جرى في الرينغ او على طريق الجنوب، وانما هناك فتنة اشد خطورة كان يجري التحضير لها في مكان آخر، ونجحنا في وأدها». ورفض بري كشف المزيد من التفاصيل حولها «حتى لا نساهم في تأجيج النار، في حين اننا نسعى جاهدين الى اطفائها».

إقرأ المزيد في: لبنان