معركة أولي البأس

لبنان

الجمود سيد الموقف في الملف الحكومي
02/12/2019

الجمود سيد الموقف في الملف الحكومي

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم بآخر الاتصالات الجارية على صعيد تشكيل الحكومة حيث لم يبرز أي جديد، في وقت كانت المؤشرات تشير إلى قرب الحسم هذا الأسبوع.


"الأخبار": أسبوع حاسم حكومياً

اعتبرت "الأخبار" أن لم يشهد الملف الحكومي أي تقدم جدي. لكن مؤشرات عديدة تؤكد أن الأسبوع المقبل قد يحمل في طياته بوادر اتفاق على اسم الرئيس المكلف وبرنامج عمله، بما يؤدي عملياَ إلى الدعوة إلى الاستشارات النيابية. وفيما لا يزال اسم سمير الخطيب مطروحاً على الطاولة كأكثر الأسماء جدية حتى اليوم، كان لافتاً أمس لقاؤه بالمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، بحضور الوزير علي حسن خليل، علماً أنه اللقاء الأول الذي يجمعه بحزب الله. ورغم تقدم الخطيب على لائحة الترشيحات، إلا أن فريق 8 آذار لا يزال يتعامل مع المسألة بحذر، وسط تشكيك في أهداف الحريري وقراره عدم قيادة الحكومة.

كذلك كان لافتاً تأكيد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد بأن «الأزمة لا تحل إلا بتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق صيغة ​إتفاق الطائف​، وإلا سيبقى البلد في ظلّ حكومة تصريف أعمال، وسنلاحقهم لكي يقوموا بواجبهم ومن لا يقوم بواجباته سنحاسبه». وشدد على أن «ما لم يأخذه عدونا بحربين لن نعطيه إياه بالإقتصاد».

ويشهد لبنان اليوم دخول الدولة إلى قطاع استيراد النفط، بعد سنوات طويلة من احتكار الشركات الخاصة لاستيراد البنزين وتحكّمها بالسوق. إذ يُفترض أن تشهد منشآت النفط فض العروض التي قدمت إلى مناقصة استيراد نحو 10 في المئة من حاجة السوق من مادة البنزين. علماً أن هذا الأمر لا يزال يساهم في توتر أصحاب الشركات المستوردة الذين أصدروا بياناً أمس ردوا فيه على قول وزيرة الطاقة إن استيراد الفيول الخاص بمعامل الكهرباء يتم من دولة إلى دولة. وجاء في بيانهم أن العقد الموقع مع الدولة الجزائرية، من خلال شركة سوناتراك، يتم عبر وساطة آل رحمة وآل بساتنة مناصفة مما أدى الى ان تكون الأسعار مرتفعة جداً.

ويتضح مع بدء العد العكسي لفض العروض أن ردة فعل الشركات التي عبرت عنها في الاضراب الذي نفذته المحطات منذ أيام، بدأت تأخذ أشكالاً مختلفة. إذ أعلنت محطات «الأمانة» و«الأيتام» توقفها عن تزويد زبائنها بالبنزين نظراً لنفاد هذه المادة من محطاتها. وبدا ذلك مستغرباً في ظل توفر المادة في المحاطت الأخرى، وهو ما فسر على أنه عقاب من مستوردي البنزين لهاتين الشركتين على كسرهما للإضراب، وفتح أبوابهما أمام المواطنين يوم الجمعة المنصرم.

من جهته، أوضح المدير العام لشركة منشآت النفط في لبنان ​سركيس حليس أن 14 شركة أبدت رغبتها بالمشاركة، لكنه أشار إلى «ضغوطات ونصائح» قدمت للكثير من الشركات كي لا تشارك في المناقصة، موضحاً أن من المفترض أن تصل البواخر إلى لبنان بعد نحو 10 إلى 15 يوماً من تاريخ توقيع العقد.​

وفي اليوم الـ46 للانتفاضة الشعبّيةّ، تراجعت، نسبياً، وتيرة التحركات التي استمرت في مختلف المناطق من الشمال إلى الجنوب، فيما شهد مفرق القصر الجمهوري في بعبدا تظاهرتين، الأولى نظّمها مناصرو رئيس الجمهورية والثانية نظّمها حزب سبعة والحراك المدني. وقد تواجهت التظاهرتان أكثر من مرة إلا أن الجيش فصل بينهما، وحال دون تفاقم التوتر.


"الجمهورية": جمود على جبهة التكليف والتأليف

ولم تحمل عطلة نهاية الاسبوع أي مؤشرات حيال اتجاهات الأزمة الحكومية تكليفاً وتأليفاً، فيما ظلّ الحراك الشعبي على وتيرته التي تعلو حيناً وتخفّ احياناً. ولم يلح في الافق اي بارقة أمل في انفراج قريب، نتيجة استمرار المواقف على حالها: إصرار على تكليف الرئيس سعد الحريري او من يختاره، فيرد مشترطاً ترؤس حكومة اختصاصيين يرفضها الآخرون وينادون بحكومة تكنو- سياسية، فيما الاوضاع الاقتصادية والمالية تمضي الى مزيد من التدهور على وقع الحراك الشعبي الذي دخل يومه الـ47، وسط مخاوف من ارتفاع المتاريس السياسية التي تزيد المخاطر على البلاد كلما تأخر تأليف الحكومة الذي يؤخر بدوره حل الأزمة.

لم يبرز في الافق الاقليمي والدولي اي مواقف إزاء التطورات في لبنان، ولكن مصادر ديبلوماسية تحدثت عن انّ موعد اللقاء الثلاثي الاميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي الذي كان مقرراً انعقاده هذا الاسبوع في لندن للبحث في ما آلت اليه الاوضاع في لبنان قد أرجئ الى وقت لاحق لاستكمال المعطيات والاتصالات عن التطورات اللبنانية.

وهذا اللقاء يضم رؤساء دوائر الشرق الاوسط في وزارات الخارجية الثلاث، وهم: الاميركي ديفيد شينكر، والفرنسي كريستوف فارنو والبريطانية ستيفاني القاق، وكان انعقد الشهر الماضي في باريس.

داخلياً، لم يرشح من اوساط القصر الجمهوري اي معطى يشير الى إمكان توجيه رئيس الجمهورية الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية من سيكلفه تأليف الحكومة الجديدة.

وفي الوقت الذي ما زال اسم الحريري حاضراً بقوة في ساحة الاستحقاق الحكومي نتيجة إصرار الجميع عليه لقبول التكليف، فإنّ الاوساط السياسية تتداول أسماء جديدة لم يَرس مصير ايّ منها على بَر بعد، لأنّ الحريري لم يحسم خياره النهائي بعد على رغم اعلانه العزوف عن تأليف الحكومة الجديدة، وفي الوقت نفسه فإنّ الافرقاء السياسيين الذين يريدون له هذه المهمة مجدداً لم يحسموا هم ايضاً خياراتهم، في حال ظل على عزوفه ولم يلبِ رغبتهم بتسمية من يخلفه في رئاسة الحكومة.

الأفضلية للحريري

وأوضحت أوساط قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية» «انّ الحزب لا يزال يعطي الأفضلية لتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة أو من يسمّيه».

واعتبرت هذه الاوساط «انّ السيناريو الآخر المتمثّل في تشكيل حكومة مواجهة من لون واحد ليس وارداً حتى الآن، لأن لا مصلحة وطنية في اعتماد مثل هذا السيناريو، في مرحلة تتطلب اكبر مقدار ممكن من التوافق الوطني لتحسين شروط مواجهة التحديات والاستحقاقات التي تواجه لبنان حالياً».

وقالت الاوساط نفسها «انّ الحريري كان قد وافق في بدايات التشاور معه على ترؤس حكومة تكنو- سياسية، بحيث انتقل النقاش معه آنذاك الى البحث في التفاصيل المتعلقة بالحقائب الوزارية، لكنه عاد وبَدّل رأيه مُبدياً تمسّكه بتشكيل حكومة تكنوقراط».

وأضافت: «انّ الحزب ليس في وارد الموافقة على خيار التكنوقراط، مع قبوله بمبدأ تسليم الاختصاصيين الحقائب المتصلة بالملفات التقنية والخدماتية، على ان يتم تعيين عدد من السياسيين أو الحزبيين وزراء دولة، لأنه لا يجوز ان تكون الحكومة المقبلة خالية من التمثيل السياسي، وخصوصاً في هذا التوقيت المزدحم بالضغوط والاستهدافات».

واعتبرت الأوساط نفسها «أنّ الاصرار على ترؤس الحريري او من يسمّيه الحكومة المقبلة، يعود الى سببين اساسيين: الاول، وجوب أن يشارك في تحمّل مسؤولية معالجة نتائج السياسات المالية والاقتصادية التي أوصلت الى إنتاج المازق الحالي. والثاني، ضرورة مراعاة التوازنات السياسية والطائفية التي تفرضها قواعد النظام اللبناني، وبالتالي الأخذ في الاعتبار انّ الحريري لا يزال يمثّل الاكثرية في بيئته».

 

"اللواء": نحو المزيد من الفوضى

وفيما تضاربت المعلومات والمواقف حول معالجة الوضع الحكومي، بين متريث ومتفائل ومتشائم يترقب إيجاد مخرج مقبول من كل الأطراف، بدا واضحاً ان إطالة أمد الأزمة، أقله على الصعيد الحكومي، سينعكس مزيداً من الفوضى على كل المستويات الرسمية والاجتماعية والأمنية.

وأبدت جهات رسمية خوفها من أن يؤدي تفاقم الأزمة المعيشية بسبب التلاعب بالدولار والعملة الوطنية وأسعار المواد الاستهلاكية، وتخزين الأموال في المنازل بعد سحبها من المصارف، إلى تزايد عمليات السرقة والنهب والتعديات، عدا عن تفاقم الغضب في الشارع، وهذا الأمر سيؤدي إلى انهيار اجتماعي خطير يواكب الانهيار الاقتصادي والمالي الحاصل.

وباستثناء الموقف الذي أعلنه وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في حكومة تصريف الأعمال محمود قماطي من ان «هناك نوافذ إيجابية للحل قد فتحت مع وصول الرسالة الدولية إلى مختلف الأفرقاء السياسيين والتي تجمع أكثر من طرف دولي». مشدداً على التمسك بوجود الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، لما يمثله على الساحة السنيَّة، كما لدوره في تحمل مسؤولية الأزمة الحاصلة اليوم»، لم يسجل أي تطوّر على صعيد معالجات الوضع الحكومي، وان كان نواب محسوبون على تكتل «لبنان القوي» أو كتلة «التنمية والتحرير» توقعوا ايجابيات على هذا الصعيد، يُمكن ان تطرأ مع مطلع الأسبوع بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، كإشارة إلى حلحلة في مسألة تأليف الحكومة.

إلا ان هذه التوقعات لا تستند إلى أي معطى واقعي، بدليل الكلام عن عقدة جديدة بدأت تطرأ وتتصل بالصراع على الحقائب الوزارية حتى قبل التكليف والتأليف، وعن شروط وشروط مضادة تتعلق بالتمثيل الوزاري، وضرورة تمثيل هذا التكتل أو ذاك، في الحكومة، وفي حقائب وزارية معينة، فضلاً عن بداية حراك على مواقع التواصل الاجتماعي، لاحراق صورة المرشح الأوفر حظاً للتكليف المهندس سمير الخطيب، عبر نشر صور له في مناسبات اجتماعية حميمية، إلى جانب لامعقولية وصول رسالة دولية إلى «حزب الله» تقول بقبول المجتمع الدولي بحكومة تكنو-سياسية، لكي يتمثل في الحكومة حصراً، خلافاً لإرادة الحراك الشعبي المنتفض ضد السلطة القائمة منذ أكثر من 45 يوماً، علماً ان الحزب عاد أمس عبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد إلى المطالبة بحكومة وحدة وطنية انفاذاً لما نص عليه اتفاق الطائف.

اتصالات قبل التكليف
وعلى افتراض قرب الوصول إلى حل، رغم استبعاده، ذكرت مصادر متابعة للاتصالات حول تشكيل الحكومة، انه بعد التسليم بأن تكون الحكومة تكنو-سياسية، تركزت اتصالات المرشح للتكليف المهندس الخطيب والقوى السياسية المعنية على اسماء الوزراء السياسيين والتكنوقراط، بعد اللقاء الذي جمع الخطيب بالرئيس الحريري يوم الجمعة الماضي، وكذلك برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، فيما جرت اتصالات بين «حزب الله» والتيار وحركة «امل» بهدف التنسيق وتسهيل الأمور، وقالت ان دوائر قصر بعبدا باتت جاهزة لاجراء الاستشارات النيابية فور التوافق على كل التفاصيل، مرجحة ان تجري الاستشارات في وقت قريب جداً لم تحدده، وان كان يفترض ان يكون هذا الأسبوع.

وكانت مصادر وزارية قد ذكرت ان الرئيس عون قد يعلن أو يتخذ اليوم أو غداً تدبيراً دستورياً معيناً يتعلق بالموضوع الحكومي، لكن المصادر تكتمت على طبيعة هذا التدبير أو الموقف، إذ ربما لا يحصل، على حدّ تعبير هذه المصادر، لأن قرار التروي والتأني والانتظار لا زال قائماً، حتى استنفاد كل الفرص لعودة الحريري على رأس الحكومة، أو حتى يتم الاتفاق على الرئيس المكلف بصورة نهائية..

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل