معركة أولي البأس

لبنان

جمود سياسي يرافق العاصفة
08/01/2019

جمود سياسي يرافق العاصفة "نورما"

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بالعاصفة "نورما" التي تضرب لبنان منذ يومين وما رافقها من انكشاف للبنى التحتية الضعيفة في مختلف المناطق.
درجات الحرارة المنخفضة انعكست على برودة الحياة السياسية المستمرة منذ فترة الأعياد، ولم يخرقها سوى الكلام عن القمة الاقتصادية المرتقبة وما يدور من سجالات حول دعوة سوريا لحضورها.. والعد العكسي مستمر.

الخليل لـ«الأخبار»: متمسّكون بالحريري!
رأت صحيفة "الأخبار" ان حزب الله يتمسك باستمرار الرئيس سعد الحريري في موقعه كرئيس مكلف، أقله في هذه المرحلة. وهو رغم التباينات الكثيرة معه حول ملف التأليف، وتحديداً في ما يتعلق بتمثيل سنّة 8 آذار، ومن ثم موقفه من توزير علوي، إلا أن الحزب يؤكد أن لا قرار ولا نية عنده للهجوم على الحريري

بدأت مواقف المسؤولين في فريق الثامن من آذار تتخّذ منذُ أيام منحى تصعيدياً تجاه الرئيس المكّلف سعد الحريري، على خلفية تعامله مع عقدة تمثيل سنّة هذا الفريق في الحكومة، وتحمّله مسؤولية ما آلت اليه الأمور. وهو ما طرح علامات استفهام حول الهدف من هذه «الحملة»، بعدَ أن صبّ التركيز سابقاً على أداء وزير الخارجية جبران باسيل في هذا الملف. ولم يسلَم حزب الله، كما في كل مرّة، من توجيه سِهام الاتهامات الموجّهة إليه بأنه أوعَز الى المسؤولين فيه، كما إلى حلفائِه، بالهجوم على الحريري، في ظل الحديث عن بدء البحث عن بديل للأخير، وعمّا إذا كان في وارِد الاعتذار. لكنّ توجّه حزب الله لا يوحي حتّى الآن بأي تغييرات في نظرته تجاه الحريري، إذ أكد المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل لـ «الأخبار» أن «لا قرار ولا نية عند قيادة الحزب بالهجوم على الرئيس المكلّف»، مشيراً إلى أن «الحزب لا يزال مقتنعاً رغم كل شيء بأن الحريري هو رئيس حكومة المرحلة»، معتبراً أن «المواقف الأخيرة لبعض المسؤولين ليسَت مؤشراً على وجود أمر عمليات بذلك».

 وعلى حدّ اعتبار مصادر متابعة للملف الحكومي، فإن الكلام الذي صدر عن مسؤولين من حزب الله (كالنائب حسن فضل الله الذي دعا الحريري إلى القبول بما هو مطروح عليه حالياً لأن «البعض ربما يبدّل رأيه بعد شهر أو شهرين») ليسَ سوى «تعبير عن الامتعاض من رفض رئيس الحكومة المكلف مطلب وزير الخارجية بتأليف حكومة من 32 وزيراً»، والأهم «رفضه القاطع لتوزير علوي في هذه الحكومة»، على قاعدة أن «من غير المعقول التصرف بهذه العقلية، واعتبار توزير علوي هو قفز فوق الطائف كما يروّج الحريري، فهي طائفة موجودة، ويحق لها التمثّل كما الأقليات». وبينما تتصّرف جميع القوى السياسية كأنها عاجزة عن حلّ لغز أصل المشكلة الحكومية، قالت المصادر إن «الاتصالات مجمّدة، وإن الطرح الأخير كان لوزير الخارجية الذي اقترح توسيع الحكومة (32 وزيراً)، لكن الرئيس الحريري لا يزال يرفض الأمر بشكل قاطع، كما لا يزال يرفض أن يكون حلّ العقدة السنية من حصته». وعلمت «الأخبار» أن الرئيس المكلّف أبلغ موقفه هذا إلى باسيل وإلى القوات اللبنانية.

وكان لافتاً أمس تصعيد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي ربط التعثر الحكومي بوجود «حملة مبرمجة من أبواق النظام السوري لتعطيل تشكيل الحكومة، تارة عبر التشاور وتارة أخرى عبر بدعة زيادة وزيرين، وغيرها من الحجج الواهية»، مشيراً الى أن «كل ذلك لتعطيل القمّة الاقتصادية وتدمير مناعة الجسم اللبناني لمزيد من الهيمنة». ويظهر موقف جنبلاط الإصرار على إبقاء لبنان خارج التوجه العربي بالعودة إلى سوريا. ففيما تمضي الدول العربية، الواحدة تلوَ الأخرى، الى دمشق لإعادة تفعيل العلاقات السياسية والدبلوماسية معها، يُصرّ خصوم سوريا في لبنان على مكابرتهم، محاولين تحميلها مسؤولية التعطيل. وفي هذا الإطار يجزم الخليل بأن «الرئيس السوري بشار الأسد لا يتعاطى بالتفاصيل اللبنانية على الإطلاق، وهو ينصح زائريه من لبنان ممَن يتناقشون معه في الملف اللبناني «بمشاورة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله»».

وفي السياق عينه، علمت «الأخبار» أن الوزير باسيل اقترح على الحريري أن يبادر لبنان، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب المقبل، إلى الدعوة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، مُحاولاً إقناعه بأنّ الطرح سيلقى تأييد غالبية الدول العربية. وقال باسيل للحريري إن الموقف الأقصى الذي يمكن أن تتخذه السعودية هو الامتناع عن إبداء الرأي، فيما ستؤيد الاقتراح غالبية الدول الخليجية ومصر والسودان والجزائر والعراق وتونس وموريتانيا والأردن... إلا أنّ الحريري رفض اقتراح باسيل.
 

"الجمهورية":  العاصفة تأسر الطبيعة والسياسة ودعوة سوريا تهدّد القمة بالتأجيل
أسَرت العاصفة "نورما" لبنان لليوم الثاني، وستبلغ ذروتها اليوم. وإذا كان موعد انحسارها معلوماً، فإنّ موعد فكّ أسر البلد ما يزال مجهولاً، مع استمرار الفراغ الحكومي وغياب أي مؤشر يَشي بقرب الانفراج، في وقت يسعى لبنان الى تثبيت انعقاد القمة الاقتصادية العربية في موعدها. وقد حاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأكيد هذا التصميم من خلال البيان الصادر عن إعلام رئاسة الجمهورية الذي أكد انّ القمة ستعقد في بيروت في موعدها في 19 كانون الجاري، بعد استقباله الممثل الشخصي للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الوزير العميد الازهر القروي الشابي الذي سلّمه رسالة خطية من نظيره التونسي يدعوه فيها الى المشاركة في القمة العربية العادية التي ستنعقد في تونس في 31 آذار المقبل.

ولفت عون الى "انّ وجودَ الحكومة في مرحلة تصريف الاعمال ليس سبباً لتأجيل القمة، فالحُكم استمرارية والحكومة الحالية تمارس صلاحياتِها وفقاً للاصول والقواعد الدستورية المعتمدة". واعلن "انّ كل الترتيبات المتعلقة بتنظيم القمة أُنجزت، ولبنان جاهز لاستقبال القادة العرب لمناقشة المواضيع الواعدة على جدول أعمال القمة".

وذكرت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية" انّ هناك سباقاً بين تصميم لبنان على انعقاد القمة الاقتصادية، وبين رغبة عدد من الدول العربية في تأجيلها لمدة 4 اشهر، او دمغها بالقمة العربية في آذار.

وعُلم في هذا الاطار أمران:
ـ الامر الاول، هو أنّ اكثرية الديبلوماسيين العرب المعتمدين في لبنان، نصحوا حكوماتهم بالعمل على إرجاء القمة، نظراً للاوضاع اللبنانية والازمة الحكومية، بما تكتنفها من نزاعات داخلية واقليمية لا تؤمّن حدّاً معيناً لنجاح القمة الاقتصادية، علماً انّ نجاح القمة مرتبط بقرارات الدول المشاركة، وليس بالوضع اللبناني.
ـ الأمر الثاني: هو انّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على رغم من انه أبلغ الى الجانب اللبناني حضوره القمة في 20 الجاري، يطرح على الجامعة العربية، فكرة إرجاء هذه القمة لأكثر من سبب، خصوصاً انه تبلّغ من قادة عرب، لاسيما في الخليج، عدم حماستهم للمشاركة على مستوى رفيع في هذه القمة. وتأتي هذه المبادرة المصرية لإرجاء القمة بغية ضمان نجاح انعقادها في لبنان في المرحلة المقبلة، بحيث يكون الحضور جامعاً وعلى مستوى رفيع.

وفي هذا الاطار، ذكرت المصادر العاملة على تنظيم القمة أنّ القادة الذين أبدوا استعدادهم للحضور حتى الآن، هم: أميرا قطر والكويت تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني وصباح احمد الجابر الصباح، والرؤساء المصري والتونسي والفلسطيني محمود عباس، وربما الملك الاردني عبد الله الثاني. ما عدا ذلك لا يزال لبنان، من خلال قصر بعبدا ووزارة الخارجية، يعمل على تأمين حضور عربي فاعل ورفيع المستوى في القمة.

دعوة سوريا
وأكدت المصادر انّ موضوع دعوة سوريا الى القمة لا يزال مطروحاً، على رغم فشل الجامعة العربية امس الاول في عقد اجتماع على مستوى المندوبين للبحث في مسألة إعادة سوريا او عدم اعادتها الى كنف الجامعة. وقد تمّ إرجاء هذا الاجتماع الى اليوم.

وقالت المصادر انها تنتظر ما يمكن ان يوحي به تأجيل الاجتماع، وسط تكهنات عدة يشير اليها الإنقسام العربي حول مدى ما يمكن ان تقرره الجامعة لجهة إعادة سوريا اليها. ولفتت الى انها لا تتوقع قراراً نهائياً بعودة سوريا في الوقت الراهن، وأنّ الخيارات المطروحة توحي بإمكان أن ينتهي الإجتماع الى توصية بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع دمشق لمَن يرغب بمثل هذه الخطوة، واعادة فتح سفاراتهم فيها من دون بَتّ موضوع عودة سوريا الى الجامعة ومؤسساتها وهيئاتها التي جمّدت عضويتها فيها منذ العام 2011.

ولم تَشأ المصادر الدخول في تفاصيل الإنقسامات العربية ولا إجراء فرز للمواقف، في انتظار ان تنجلي الإتصالات الجارية بين بعض العواصم البارزة الخليجية والعربية، والتي لا توحي بإجماعها على دعوة دمشق المشاركة في قمة بيروت في انتظار استحقاقين مقبلين أولهما القمة الأوروـ متوسطية التي ستعقد في شرم الشيخ في 24 و25 شباط المقبل والقمة العربية العادية في تونس، حيث من المتوقع ان تتطور المواقف في اتجاه استعادة عضوية سوريا أو لا.


"البناء": عون: القمة في موعدها…

صحيفة "البناء" تحدثت عن موقف الرئيس عون من القمة العربية الاقتصادية المرتقبة في بيروت، الذي خرق جمود المشهد وخطف الأضواء من العاصفة، حيث أكد أن «القمة سوف تنعقد في موعدها»، لافتاً الى ان «وجود الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال ليس سبباً لتأجيل القمة، لان الحكم استمرارية والحكومة الحالية تمارس صلاحياتها وفقاً للأصول والقواعد الدستورية المعتمدة». واكد رئيس الجمهورية ان «كل الترتيبات المتعلقة بتنظيم القمة أنجزت، ولبنان جاهز لاستقبال القادة العرب ولمناقشة المواضيع الواعدة على جدول اعمال القمة».

إلا أن المشاورات لإيجاد مخرج مناسب لهذه الازمة لم تقفل بعد ومستمرة عبر مسعيين يقودهما رئيس الجمهورية وفق مصادر مطلعة لـ»البناء»: الأول السعي مع المعنيين في الجامعة العربية لتأجيل موعد القمة ريثما يصار الى تسوية إعادة سورية الى الجامعة، وهذا أحرز تقدماً، والثاني ايجاد آلية معينة لتوجيه دعوة الى سورية، إلا أن أياً من المسارين لم يصلا الى نتيجة حاسمة بعد، لكن حزب الله بحسب ما تقول مصادر لـ «البناء» يضغط باتجاه الحضور السوري ويعتبر غير ذلك خسارة كبيرة للبنان لكن لن يخلق صداماً داخلياً الى درجة تعطيل القمة، وإن لم يستجب الآخرون فسيتحمّلون المسؤولية.

أما موقف سورية في حال لم تُدعَ، فلفتت معلومات «البناء» الى أن سورية لم تتخذ موقفاً حتى الآن، لكن اي موقف رهن السلوك اللبناني على هذا الصعيد. غير أن مصادر في 8 آذار لفتت لـ»البناء» الى أن «سورية وإن وجهت لها دعوة لحضور القمة فلن تشارك، إذ إن كرامتها الوطنية لا تسمح لها بالحضور في أي قمة عربية قبل إبطال قرار تعليق عضويتها في الجامعة العربية، علماً أن دمشق ليست «مستقتلة» للعودة اليها ولا المشاركة في قممها، بل العكس هو الصحيح».

وأوضح وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور لـ»البناء» أنه «طالما قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سورية ساري المفعول، فإن لبنان ليس الجهة المخوّلة توجيه الدعوات للدول الاعضاء في الجامعة لحضور القمة بل يقتصر دور لبنان لكون انعقاد القمة على أراضيه على تسليم الدعوات الى رؤساء وملوك الدول العربية»، وذكر منصور بموقف لبنان في العام 2011 عندما اعترض منفرداً على قرار الجامعة بتعليق عضوية الدولة السورية في الجامعة مطبّقاً عملياً سياسة النأي بالنفس التي اتخذتها حكومته آنذاك، وبالتالي انسجاماً مع موقفه حينها يضيف منصور بإمكان لبنان عبر حكومته دعوة مجلس وزراء الخارجية العرب الى اجتماع طارئ خلال 48 ساعة، وهذا حق لبنان بحسب ميثاق الجامعة وذلك لبحث مشاركة سورية وإيجاد مخرج لذلك، ويبين لبنان عن مسؤولية عالية وحسن نية وحرص تجاه شقيقته وجارته سورية، لكن البعض في لبنان يضيف منصور «يستمر بدفن رأسه في التراب ويناصب العداء الدولة السورية»، ولفت الى أن «رئيس الحكومة وحلفاءه يقدمون أوراق اعتمادهم للخارج ما يؤكد تبعية هؤلاء الذين يدعون الحرص على لبنان الى الخارج لا سيما للسعودية»، ولفت الى أن «آلية عودة سورية الى الجامعة قبل آذار موعد القمة العربية تتم باجتماع وزراء الخارجية العرب، إذ إن قرار تعليق العضوية لا يبطله إلا قرار مماثل»، وحذر من تداعيات قرار لبنان على مصالحه مع سورية على كافة الصعد لا سيما السياسية والاقتصادية».

ولفتت مصادر «البناء» الى أن «القمة وإن عقدت بلا سورية فلن تحقق أية أهداف ولا يمكن الحديث عن عمل عربي مشترك وسورية خارج المعادلة العربية»، وتساءلت: ما الذي حققته الجامعة خلال عشر سنوات الماضية غير تدمير سورية وأي أزمة عربية حلت وأي حرب أوقفت؟ واستبعدت المصادر «إعادة سورية بالسرعة المتوقعة الى الجامعة إذ إن الأميركيين لن يسمحوا للعرب بذلك قبل انتزاع جملة أهداف تتعلق بمستقبل إسرائيل والنفط وخريطة سورية الجديدة».

إقرأ المزيد في: لبنان