لبنان
خيرات السماء تغرق البلاد.. واجتماع دولي لأجل لبنان غدا في فرنسا
لم تستطع البنية التحتية اللبنانية استيعاب خيرات السماء، فطافت الطرقات بمياه الأمطار وعلق المواطنون لساعات وحالت الرحمة الالهية دون وقوع ضحايا بشرية، ما أضاف معاناة جديدة إلى حياة الناس الذين يعيشون أزمة اقتصادية ومعيشية ولم يخرجوا بعد من آثار الحرائق التي حدثت منذ حوالي شهرين ومسلسلات الذل التي مارسها قاطعو الطرقات.. هذا كله وسط تحذيرات من ظروف مناخية قاسية في الأيام القليلة قد تكون أشد من التي مرّت بالأمس.
سياسيا يسيطر الهدوء على المشهد، لا سيما بعد حرق اسم المرشح سمير الخطيب، ولا زالت الضبابية سيدة الموقف بانتظار الاستشارات التي ستجري الاثنين المقبل، فيما تتجه الأنظار إلى فرنسا التي تستضيف غدا مؤتمراً دوليًا بشأن لبنان يهدف بحسب باريس للدفع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد.
"الأخبار": غزوة الشتاء: الأسوأ لم يأتِ بعد!
أحدثت تساقط الأمطار، أمس، «واقعة» جديدة ستُضاف إلى سجلات «الدولة» المترهلة. لم يعد النقاش مرتبطا بالإهمال الذي يجعل البلاد تغرق بـ«شتوة». الوضع المأساوي «الموسمي» تفاقم لدرجة بات يشكل تهديدا مباشرا لحياة الناس، في ظل غياب الاستراتيجيات الوطنية الطارئة وتغييب الخطط التنموية. في وقت أكد مهندسون مختصون أن من علقوا في نفق خلدة - الاوزاعي أمس «نجوا» من سيناريو خطير تمثل بتعرضهم للمياه المُكهربة، «بشرّ» وزير الأشغال العامة والنقل بمزيد من التقشف ما يعني اننا سنكون على موعد دائم مع مشاهد أمس كلما أمطرت السماء!
كان من المُمكن أن تكون تداعيات غرق نفق خلدة - الأوزاعي بالسيول، أمس، أكثر «كارثية»! مهندسون مطلعون يؤكدون أن خطراً كبيراً كان يحدق بالعالقين في سياراتهم في النفق. فعلى رغم فداحة المشهد المهين، إلا أنه بقي أكثر «أمناً» من الأسوأ الذي كان يتربّص بهم.
ووفق المعلومات، فإنّ عطلاً كهربائياً طرأ على المضخات الأربع في النفق بعدما ارتفع منسوب المياه بشكل قياسي داخله، وأدّى إلى احتجاز المئات ساعات طويلة. ووفق معلومات المهندسين، «فإنّ خطراً جدياً كان محدقاً بالعالقين من إمكان تعرّضهم للمياه المُكهربة نتيجة العطل الذي بقي حتى ساعات الليل الأولى غير مفهوم».
إذاً، لم يعد النقاش مرتبطاً بـ«نكبة» الشتاء «المعتادة» التي تُصيب المُقيمين في البلد الذي احتلّ المرتبة 113 من بين 137 لناحية جاهزية بناه التحتية وفق تقرير التنافسية العالمية لعام 2018، بل بات يرتبط بتعريضهم بشكل مباشر لخطر الموت!
ما هي الخطة الطارئة التي تعتمدها الحكومة في مثل هذه الحالات؟ وما هي الإجراءات الواجب اتباعها لحماية المواطنين من فقدان السيطرة على «الطبيعة» في حال تمّ التسليم بعامل المُتساقطات «غير الإعتيادي» الذي تسلّح به عدد من المسؤولين كسبب رئيسي لمشاهد «الفضيحة»؟
مُقارنةً مع تصريحات وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس بشأن «خروج» منطقة الأوزاعي عن «اختصاص» وزارة الأشغال العامة والنقل، فضلاً عن «عدم استيعاب البنى التحتية كمية الأمطار»، تبدو الأسئلة عن الخطط الإستراتيجية والطوارئ «ترفاً» في بلد لم يعقد إجتماعاً موحدا بين الجهات المعنية لتُقدّم توضيحاً او إعتذاراً عما حصل وعما كاد أن يحصل.
في المجمل، تصدّرت منطقة الأوزاعي المشهد بعدما غرقت شوارعها بشكل شبه كامل واجتاحت المياه المختلطة بالمياه الآسنة غالبية البيوت فيها. والأمر نفسه جرى في منطقتي السلطان ابراهيم والرحاب التابعتين عقارياً لبلدية الغبيري.
وفق رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد ضرغام، فإن حجم المُتساقطات الكثيف مصحوباً بالأوساخ والنفايات أدّى تلقائيا إلى تسكير عبّارات التصريف، لافتاً إلى مشاكل «مُزمنة» تعاني منها منطقة الرحاب، حيث ترمى مخلفات سوقي اللحامين والخضار في منطقة شاتيلا في مجاري التصريف، كما يعمد البعض إلى اغلاق «الريغارات» بالسجاد بهدف تغطية الروائح المنبعثة منها! ضرغام أكد أن المسؤولية مُشتركة بين البلديات والوزارات والمواطنين أنفسهم، مُلمحاً إلى مشاكل جذرية لا تقوى عليها البلديات، وتحتاج إلى سياسات وخطط حكومية لأنها تتطلب دراسات عن تطور أعداد السكان وتفاقم الإحتياجات.
يتوافق ذلك وما تقوله مصادر مُطلعة بشأن منطقة الأوزاعي، «المنكوبة» في الأساس، «حيث خط تصريف المياه الى البحر الوحيد شُيّدت عليه أبنية مخالفة، ما يؤثر على مسار التصريف، ويجعل من البديهي مرور المياه في بيوت القاطنين فوق الخط مُباشرةً»، ناهيك عن «إهمال ممنهج من قبل الدولة أدى إلى تفاقم الوضع في المنطقة وإزديادها بؤساً».
الجدير ذكره أن مشروع خط تصريف مياه الأمطار في منطقة الرحاب والسلطان ابراهيم في عهدة الحكومة منذ العام 2014 ولم يتم البت فيه، فضلا عن مشروع إعادة تأهيل منطقة الأوزاعي المُقدّم من إتحاد بلديات الضاحية والذي يبيت في أدراج الحكومة منذ عام 2017 .
وفق مصادر في بلدية الغبيري، فإن البلديات عاجزة وحدها عن تحمّل المسؤولية، خصوصا عندما يتعلّق الأمر بالأتوسترادات والطرق الرئيسية التي تقع حكماً ضمن صلاحية وزارة الأشغال. المُفارقة أن كلام فنيانوس عن عدم اختصاص الوزارة، سبقه تصريح مماثل عما جرى في الناعمة الخميس الفائت، إذ أعلن أيضا «تنصّل» الوزارة، علماً أنّ «الوزارة مسؤولة عن الطرق الرئيسية والمناطق المحيطة بالطرق الدولية».
وإلى جانب تغييب السياسات الوطنية والإهمال المتعمّد للبنى التحتية والفوضى المزمنة، يدخل عامل جديد ليفاقم الأزمة وهو المرتبط بنفوذ أصحاب المشاريع السياحية (سبق أن تسبب مشروع الـ«إيدن باي» بفيضانات في منطقة الرملة البيضا). ووفق معلومات «الأخبار»، فإن أحد أسباب سجن الناس على طريق الجنوب، الخميس الفائت، هو إقدام شركة تُنفّذ مشروعا سياحياً في شاطئ الناعمة على تغيير مجرى تصريف المياه!
أمس، ركّز فنيانوس على مسألة توفّر الإعتمادات المخصصة للأشغال «ولكن لا يمكن صرفها بسبب الأزمة الحالية»، مشيراً إلى المزيد من التقّشف. علماً أن ما يحصده المواطنون الآن من اهتراء في البنى التحتية ليس إلا نتيجة لـ «تقشّف» الدولة أساسا في إنفاقها على الطرقات (أنفقت 3.5 مليارات دولار على الطرقات على مدى 25 عاما مقابل 77 مليار دولار لخدمة الدين العام). فما الذي يمكن أن يعنيه «المزيد من التقشّف»؟
كادت السيول أمس أن تودي بحياة إمرأة في منطقة الأوزاعي بعدما جرفتها وسحقت أضلاعها، فيما كاد خمسة أطفال احتجزوا في السيارات أن يختنقوا. هذا المشهدان وغيرهما يُمكن أن يعطيا فكرة عما سيؤول اليه المزيد من التقشف، فيما ينبئ المضي في خيار الإهمال بسيناريو المياه المكهربة الذي لم يحدث... بعد.
"البناء": الاجتماع الدولي للبنان غداً
سياسيا، لم يبدأ بعد فعلياً التفاوض مع الرئيس سعد الحريري من قبل أطراف الغالبية النيابية، رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس مجلس النواب لمساعدة الحريري في تقريب الآراء بينه وبين حزب الله، فيما بدا أن التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لا يملكان الحماس لدخول هذا التفاوض رداً على ما تصفه أوساط التيار بالمناورات التي رافقت المفاوضات السابقة واستهلكت شهراً وأكثر بلا طائل، وبدا أيضاً أن حزب الله الذي يتحدّث عن فرضية بقاء الأمور لشهر أو شهرين على حالها، متمسّك بعودة الرئيس الحريري، لكنه لم يعد يرى موجباً لشروط وشروط معاكسة، ويدعو لتسريع تدوير الزوايا بروح التعاون والتنازلات المتبادلة لإطلاق الحكومة الجديدة. وتقول المصادر المتابعة إن بداية التفاوض لا تزال مطلوبة عند النقطة التي توقف عندها في بداياته قبل تداول أسماء غير اسم الرئيس الحريري، أي ما تمّ وصفه بعقدة الحريري – باسيل.
وانعكس تأجيل الاستشارات النيابية الى الاثنين المقبل حالة من الاسترخاء السياسي والحكومي، فيما تتجه الأنظار الى باريس التي تستضيف مؤتمراً دوليًا بشأن لبنان غداً الهدف منه بحسب بيان وزارة الخارجية الفرنسية «دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد».
وقد حدد البيان مواصفات الحكومة التي تؤيدها فرنسا مستبدلاً مصطلح «تكنوقراط» الذي يردده الأميركيون بكلمة «حكومة فاعلة»، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني».
وعوّلت مصادر سياسية لـ»البناء» على مؤتمر باريس عله يفتح ثغرة في جدار الأزمة ويشكل الدعم المالي الموعود للبنان، دفعاً سياسياً يترجم بتأليف حكومة جديدة. ونقلت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ»البناء» تمسكه ومعه حزب الله بالرئيس سعد الحريري، نظراً لدوره ومسؤوليته في مواجهة الوضع الخطير الذي وصلنا اليه واستثمار شبكة علاقاته الدولية في معالجة الأزمات المالية وإنقاذ الوضع الاقتصادي»، إلا أنّها شدّدت على ضرورة تنازل الحريري عن شروطه لتسهيل التأليف آملة في الوصول إلى قواسم مشتركة في نهاية المطاف.
"الجمهورية": أسبوع إختبار النيّات قبل الإستشارات
وبحسب "الجمهورية"، يبدو من المواقف المعلنة أنّ شكل الحكومة المقبلة، ما يزال محل تباين حاد بين الاطراف المعنية بالملف الحكومي. إلّا انّ مصادر معنية مباشرة بحركة الاتصالات اكدت لـ«الجمهورية» الآتي:
أولاً - انّ جميع الاطراف، وبمعزل عن مواقفها العلنية، باتت مسلمة بأن لا إمكانية للسير بحكومة تكنوقراط في لبنان. اذ انه لن يكون مجال في لبنان لمثل هذه الحكومة، وخصوصاً في ظل تركيبته السياسية والطائفية، وايضاً في ظل أزمة خانقة تتطلّب حكومة تمتلك القدرة على الانقاذ، وتكون محصّنة سياسياً ومن اختصاصيين. وبالتالي، انّ تركيبة لبنان لا يمكن ان تراعى الّا بتشكيل حكومة تراعي بدورها تركيبته السياسية والطائفية، وكذلك في ظل الظروف الراهنة، لا بد من أن تراعي الحراك الشعبي ومطالبه، وان يكون شريكاً في هذه الحكومة. خلاصة الامر انّ الحكومة المقبلة هي حكومة تكنو- سياسية.
ثانياً - إنّ عدداً من السفراء طرحوا جملة تساؤلات امام بعض المسؤولين اللبنانيين حول معنى حكومة «تكنوقراط»، وتقاطع موقف بعض هؤلاء السفراء الاوروبيين مع موقف مسؤول أممي كبير، بأنّ هذا النوع من الحكومات نادراً ما يُلجأ إليه في أي دولة في العالم، خصوصاً انه أثبت فشله، ولا يستطيع ان يواكب أو يتصدى لأيّ أزمة، فكيف مع أزمة مستعصية كالتي يشهدها لبنان؟
ثالثاً - بات الجميع مسلّماً أنّ الحل الأنجع للبنان في هذه المرحلة، يأتي مع تشكيل حكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين، على أن تضمّ مجموعة من أصحاب الخبرات، توحي بالثقة للبنانيين، والمحتجّين منهم على وجه الخصوص، وتستعيد ثقة الخارج، وهنا يكون امتحانها الكبير، أي امتحان استعادة الثقة، ونقل لبنان من واقع أسود الى واقع الانتعاش.
رابعاً - ثمة فكرة مطروحة حالياً ولكن من دون ان تحسم بعد، وتفيد أن يُصار الى تشكيل حكومة أقطاب مصغّرة تكون بمثابة حكومة طوارئ إنقاذية تنتشل البلد من عمق الهاوية الساقط فيها حالياً.
الوقت ثمين
في هذه الاجواء قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري «انّ الازمة تضغط على لبنان في كل مفاصله، وكما سبق وقلت انّ البلد لم يعد يتحمّل لأسابيع قليلة هذا الوضع الخطير. الوقت اكثر من ثمين، وصار المطلوب بإلحاح حكومة تبدأ مسيرة الانقاذ. وهذا يتطلب بالدرجة الاولى أن تُزال كل الموانع والتعقيدات من طريق تأليف الحكومة الذي يجب ان يكون في منتهى السرعة».
وفي هذا السياق، جاء موقف كتلة «التحرير والتنمية»، بعد اجتماعها في عين التينة أمس برئاسة بري، التي أكدت ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة للتركيز على معالجة الاوضاع المعيشية والامنية والوضعين المالي والمصرفي، مشدّدة في الوقت نفسه على وجوب ان تتحمل حكومة تصريف الاعمال كل مسؤولياتها الى حين تأليف حكومة جديدة.
وإذ لاحظت الكتلة «إيجابيات» دولية حيال لبنان، دعت الى «ملاقاة هذه الاجواء الايجابية الدولية بالتسريع في تأليف الحكومة ومعالجة الاوضاع المعيشية».
"اللواء": مشاورات على نار هادئة
وفيما يرتقب صدور مواقف سياسية مهمة اليوم من الوضع الحكومي، في ضوء تأجيل الاستشارات النيابية اسبوعاً، بعدما أعلنت القيادات السنيّة الأساسية، سواء دار الفتوى أو رؤساء الحكومة السابقين أو اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، ان لا مرشّح لترؤس الحكومة الجديدة سوى الرئيس سعد الحريري، معطوفة على موقف المرشح المنسحب المهندس سمير الخطيب بتزكية الحريري، فإن الثابت ان الكرة عادت إلى ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيل ميشال عون والحريري الذي أجرى اتصالاً أمس بأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في سياق الرسائل التي وجهها إلى رؤساء دول عربية وصديقة للوقوف مع لبنان في مواجهة المصاعب المالية والسياسية التي يشهدها حالياً.
وإذا كانت مشاورات التكليف والتأليف عادت إلى النقطة صفر، فإن الاتصالات التي باشرتها القوى السياسية، منذ لحظة إعلان الخطيب اعتذاره عن اكمال المهمة، بقيت على نار هادئة، وان كانت تركزت على معرفة اتجاهات الكتل النيابية من مسألة تكليف الحريري، ومن ثم البحث في عناوين شكل الحكومة وتأليفها، وما إذا كانت هناك أسماء أخرى مرشحة أم لا؟
وتشير المصادر النيابية الى احتمال دخول معادلات جديدة على المسألة الحكومية، ستحدد معالمها المشاورات السياسية القائمة بين المعنيين، ولا يمكن التكهن منذ الان بمسارها ولا بنتائجها. لكن ما يُطمئن ان تأجيل الاستشارات النيابية جاء بحسب المعلومات بعد اتصالات اجراها عون بالحريري، ما يعني موافقة الاخير على اعطاء فسحة جديدة من الاتصالات لحسم المواقف وللتوافق على الموضوع الحكومي، بعدما رست البورصة على تكليف الحريري.
وافادت ان على الكتل ان تضع في الاعتبار ان انسحاب الخطيب رتب معطيات جديدة لا بد من التداول معها كما ان ما اعلن من دار الفتوى شكل سابقة لجهة ان رئيس طائفة يحدد من هو رئيس الحكومة وتوقفت عند موقف اللقاء التشاوري واستغراب نوابه ما صدر في هذا المجال.
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024