لبنان
فضل الله: تشكيل الحكومة مدخل ضروري لأيّة معالجة
أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن بلدنا يعاني اليوم من أزمة مركبَّة، سياسية ـ اقتصادية ـ مالية، غير مسبوقة، وهي نتاج تركيبة النظام القائم على المحاصصة الطائفية من جهة، وتراكم السياسات التي انتهجتها السلطة السياسية من جهة أخرى، فنظامنا السياسي بات قاصرًا عن تقديم المعالجات، وأداء بعض القوى السياسية يعمق عجز هذا النظام، وبدل الاسراع في اجتراح الحلول لتدارك النتائج الخطيرة للأزمة القائمة، هناك من لا يزال يعمل لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصيَّة، أو يقدِّم أوراق اعتماد لجهات خارجية لتسهيل تنفيذ مشاريعها ضد لبنان.
وفي كلمة له في اللقاء السياسي الذي نظمه حزب الله في الغبيري، قال فضل الله "الجميع يبحث اليوم عن الحكومة الضائعة بين المطالبات المتعارضة، رغم ضرورة تشكيلها كمدخل ضروري لأي معالجة، والذين يسعون لهذا التشكيل يضعون الإصلاحات كبند أساسي، فلماذا إذًا لم تطبقها الحكومة التي كانت قائمة بدل أن تستقيل وبدل تضييع كل هذا الوقت ومن ثم البحث عن رئيس مكلَّف وعن حكومة جديدة، وللوصول إلى هذه الهدف لدينا مسار دستوري إلزامي فالمجلس النيابي القائم هو المؤسسة الدستورية الأم في نظامنا الحالي، ولذلك شرط التكليف هو الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلَّف، وشرط التأليف هو توفير الثقة من المجلس الحالي، ولا توجد أي جهة أخرى خارج سياق هذا المجلس الحالي قادرة على تسمية رئيس مكلف وعلى توفير ثقة نيابية وهذا كلُّه يحتاج إلى توافقات وتفاهمات بين الكتل النيابية لتأمين الأغلبية النيابية لنجاح التكليف والتأليف. كل ما كنَّا نقوم به في حزب الله لتدارك المخاطر ولفتح الباب للحلول هو إيجاد هذه التوافقات لأننا على دراية تامة بتركيبة بلدنا ووضعيته المعقدة الآن، ومرور كل الوقت الذي مضى من دون هذه التوافقات ترك تأثيراته السلبية على معظم اللبنانيين".
وأشار فضل الله إلى أن هناك أبعادا خارجية للأزمة الحالية، وفي مقدمتها الضغط الأميركي على لبنان من أجل منعه من إعادة النازحين ومن الاستفادة من ثرواته في النفط والغاز ومن حقوقه في أرضه ومياهه، واليوم أضيف إلى هذه الضغوط التهديد بوضعه تحت الوصاية المالية الدولية، الوصفَة من صندوق النقد الدولي جاهزة، وهي على النقيض من المطالبات المحقة للناس، إذ تطال مباشرة الفئات الشعبية الفقيرة، ضرائب وتحرير سعر العملة وضرب الوظيفة العامة وبيع أملاك الدولة، المخلصون جميعا في بلدنا معنيون بمنع وضع لبنان تحت هذه الوصاية وربما هناك في لبنان من ينتظر زيارة المسؤول الأميركي ديفيد هيل ليعرف التوجهات وليبني موقفه على أساسها، ولكن لمن ينتظر ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليه أن يدرك أنها ليست في أفضل حالاتها لا داخليا، ولا على مستوى ما يجري في المنطقة فلا يبني أحد آماله وأحلامه عليها.
وأضاف فضل الله "مع الأبعاد الخارجية هناك مشكلة داخلية أساسية لها علاقة بنهج مالي اقتصادي جعل البلد رهينة بيد المصارف، فأصحابها تجار، يتملّكهم الطمع، وهمهم أرباحهم التي جنوها من تعب اللبنانيين، وما يقومون به من حجز أموال المودعين يجعلهم أمام المساءلة القانونية والشعبية أيضًا".
وتطرق فضل الله في المسألة المالية إلى موضوع أثير في سويسرا حول ودائع السياسيين اللبنانيين وأصحاب المصارف، مع إعلان سويسرا أنها جاهزة للتعاون وكشف حسابات السياسيين في مصارفها إذا طلبت الدولة اللبنانية، وقال "فما الذي يمنع الجهات الرسمية في لبنان أن تطالب فورا بالكشف عن حسابات جميع من شغل موقعا في السلطة أو صاحب مصرف أو كبار المتعهدين في الدولة، بل وأن تطالب بتحويل هذه الأموال إلى لبنان ليصار إلى التدقيق فيها، فضلا عن انها تساعد في ضخ العملة الصعبة في لبنان، واذا كان هذا الأمر يحتاج إلى إجراء قانوني في المجلس النيابي، سنكون في طليعة من يقدِّم اقتراح في هذا الشان".
وعن الأحداث في ساحات بيروت أمس قال فضل الله "ما رأيناه في ساحات بيروت أمس يهدف لحرف المطالب المحقة عن مسارها للتلاعب بأمن البلد وضرب الاستقرار والسلم الأهلي، والتخريب وقطع الطرقات والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة وعلى مؤسسات الدولة لا يمكن أن يوفر لقمة العيش ولا يحقق المطالب المشروعة إنما يصادر كل ذلك لحساب المستغلين الذين يريدون أخذ البلد إلى الفوضى".
وقال فضل الله إن "تجار السياسة والتخريب يلتقون مع الذين يتاجرون بالسلع الأساسية ممن استغلوا الأوضاع ويريدون زيادة ثرواتهم، وهنا لا بد من دعوة حكومة تصريف الأعمال كي تقوم بمسؤولياتها، وفي الوقت نفسه من توجيه الشكر لكل الذين تجاوبوا مع دعوة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بشان أسعار السلع ومراعاتهم الظروف الصعبة التي يمر بها الناس سواء كان صاحب دكان صغير أو صاحب متجر كبير".
وفي الختام، أشاد فضل الله بالجهود التي بدأتها البلديات للتخفيف من الأزمة ومنها اتحاد بلديات الضاحية في سعيه مع الجهات الرسمية لمراقبة الأسعار، وقال "إذا كانت حكومة تصريف الأعمال لا تقوم بدورها فهل هذا يعني أن نترك الناس في حالة قلق وحيرة وأن لا يجدوا السلع الضرورية في الأسواق، لم يكن عهد هذه المقاومة مع شعبها أن تتركه في الأزمات والمحن، روضة الشهداء قربنا وكل رياض الشهداء تشهد أن هذه المقاومة التي حررت وحمت وصانت الدماء والأعراض ودافعت عن الكرامة لم تترك شعبها، وهي اليوم لن تقبل أن تمس كرامته من خلال الضغط على لقمة عيشه وربما لا تتحدث عن كل ما تقوم به ففي الملف المعيشي نحن سنتحمل المسؤولية الأخلاقية والشرعية والوطنية بقدر امكاناتنا وطاقتنا تجاه شعبنا، ووضعنا في هذا السياق خيارات محددة ومفيدة تخفف من حدة الأزمة، ومع التكافل الاجتماعي والتعاون بين الناس يمكن لنا أن نعبر هذه المرحلة بأقل الأضرار الممكنة".
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024