معركة أولي البأس

لبنان

الجريمة الأميركية باغتيال الشهيد اللواء قاسم سليماني محور حديث الصحف
04/01/2020

الجريمة الأميركية باغتيال الشهيد اللواء قاسم سليماني محور حديث الصحف

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على الجريمة الأميركية الغاشمة التي تمثلت باغتيال اللواء الشهيد الحاج قاسم سليماني، وانعكاساتها على مجمل أوضاع المنطقة، لا سيما في لبنان، وتساءلت حول مدى حظوظ حكومة الرئيس حسان دياب في أن تولد في ظل هذه الأوضاع.

"الأخبار": اغتيال سليماني والمهندس لا يؤخر تأليف الحكومة؟

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "التطورات الآتية من صوب بلاد الرافدين فرضت تحدّيات جديدة وأسئلة كثيرة عن مدى تأثيرها على مسار التأليف الحكومي. فهل يستعجل محور المقاومة التأليف أم يُجري تعديلات على سقوفه بعدما أصيب في الصميم؟"

ولفتت الصحيفة إلى أنه "في غمرة إشاعة مناخ إيجابي بأن التأليف الحكومي على بُعد أيامٍ قليلة، فتحَت البلاد عينيها على قلقٍ من المنتظر الآتي، وأبقتهما على العراق الذي وصلَ منه الخبر ــــ الصدمة: «الولايات المتحدة تغتال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس». فجأة، انحرف المركب اللبناني المثقوب مالياً واقتصادياً واجتماعياً عن مساره الداخلي، وأخذته الريبة من تطوّر تصعيدي بمثل هذا الحجم الى مكان آخر. إذ اعتادت بيروت، التي عاشت على مقولة «عراق قوي… لبنان مستقر»، تهيّب ما يحصل في بلاد الرافدين. واستهداف شخصيات بحجم سليماني والمهندس على أرض العراق يعني بالمعنى السياسي «سقوط الخطوط الحمر» وولادة فوضى عارمة بأشكال مُختلفة في المنطقة لن يكون لبنان بمنأى عنها". 

واضافت انه "في ظل هذا الجو، صارت عملية التأليف أو أقلّه الحديث عنها ومتابعة مسارها ــــ يومَ أمس ــــ مجرّد تفصيل في المشهد القاتِم وسطَ تخوّف من اصطدام تكون كلفته كبيرة. لم يكُن أحد يهتمّ بما آلت إليه الأمور في ما يتعلّق بالمفاوضات الحكومية، وكأن الزمن توقّف بها عند الاجتماع الذي عُقد أول من أمس بين الرئيس المكلّف حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ووصِف بـ«الإيجابي الذي يحتاج الى تفاهمات إضافية حول بعض الأسماء والحقائب".

وتابعت "لأنه غالباً ما تُغيّم في الخارج وتُشتّي عندنا، بدأت الأسئلة تتوالد عمّا إذا كانت المُستجدات سوف تسرّع تأليف الحكومة أم ستُعيدها الى المدّ والجزر في شأن الأسماء المرشّحة للتوزير والحقائب الخاضعة للتوازنات الطائفية والمذهبية؟ هل من مصلحة محور المقاومة في لبنان أن يُسهّل أكثر لدياب من أجل الإفراج عن حكومته أو يُجري تعديلات في سقوفه التفاوضية تدفعه الى التشدّد أكثر؟ الاتجاه حتى الآن يسير نحو «التعجيل في التأليف تداركاً للتطورات، فما يُمكن تحقيقه الآن، قد لا يعود مُمكناً في حال التصعيد وذهاب الأمور الى المجهول»، وفق ما ترجّح مصادر مطّلعة في فريق 8 آذار".

واشارت الى أن «العقد الموجودة حالياً يُمكن تذليلها، وقد قطع فريقنا مع الرئيس دياب شوطاً وتقدّماً كبيراً»، معتبرة أن «الملفات الداخلية، التي باتت تُعتبر صغيرة، مقارنة بالحدث الإقليمي والدولي، يجب الانتهاء منها، وخاصة أن لا ممانعة دولية لحكومة دياب، ولأن الردّ الذي توعّدت به إيران يفتح الباب على احتمالات شتّى». واعتبرت المصادر أنه «لم يعُد لدينا ترف الوقت ولا الدلع ولا الوقوف عند نقاط صغيرة كأسماء وحقائب، فالأمور لا تحتمل». وفيما غابت المعلومات والمعطيات الحكومية عند الأطراف المعنية، بقي الثابت الوحيد هو موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تحدّث عن أن «الحكومة ستُبصر النور الأسبوع المُقبل»، رجّحت المصادر أن «يحصل ذلك يومَ الاثنين». وفسّرت المصادر هذا الكلام بـ«نية الرئيس عون التسهيل، ولا سيما أن النقاط الخلافية عالقة عند الأسماء والحقائب المسيحية بالدرجة الأولى، بسبب عدم الاتفاق على اسم وزير الخارجية ونائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع، كما وزيرَي الطاقة والعدل».

واضافته انه كذلك «ثمة اختلاف بشأن توزيع حقائب مثل العمل والبيئة». وفيما حُسمت الحصة الشيعية لكل من حزب الله وحركة «أمل» (4 وزراء) بحصولهما على حقائب المال والصحة والزراعة، إضافة إلى الصناعة، قالت المصادر إن «أسماء الحصة السنية تشمل: الداخلية والاتصالات والتربية مبدئياً، منها من سمّاها دياب نفسه، وواحد بالتشاور مع النواب السنّة في فريق 8 آذار».

"البناء": ترامب يقرّر قتل سليماني والمهندس ويراسل إيران طلباً للتفاوض

من جهتها صحيفة "البناء" قالت إن العالم يحبس أنفاسه منذ فجر أمس، بانتظار كيف سيكون الرد الإيراني، وردّ محور المقاومة، على الاغتيال الذي نفّذته الاستخبارات الأميركية بقرار الرئيس دونالد ترامب، والذي أدى إلى استشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ورئيس أركان جيوش محور المقاومة عملياً، ومعه أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي وقائده الفعلي، أثناء استقبال المهندس لسليماني في مطار بغداد، في زيارة رسمية لسليماني أُخطرت بها الحكومة العراقية وكلّف رئيسها عادل عبد المهدي المهندس بالاستقبال.

واشارت الى ان القرار الأميركي الأقرب للغدر والقائم على انتهاك قواعد العمل الدبلوماسي والذي مثل عدواناً موصوفاً على العراق وسيادته وقواته المسلحة، فجّر في العراق غضباً اجتاح الأوساط السياسية والشعبية وينتظر أن يُترجم اليوم في جلسة لمجلس النواب العراقي بفتح الباب لمناقشة تشريع خاص ينهي الوجود الأميركي في العراق.

واضافت انه في واشنطن كانت ردود الأفعال بين قادة الحزب الديمقراطي تحذيراً من خطر التورّط في حرب، لخصها السناتور جو بايدن بقوله إن ترامب رمى أصبع ديناميت في برميل بارود، بينما قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن ترامب أدخل الأميركيين في نفق ربما ينتهي بحرب لا يريدها أحد في أميركا، وفعل ذلك وهو يدرك العواقب من دون اللجوء إلى الكونغرس، وفقاً للأصول التي ينص عليها الدستور. وبقيت أصوات الجمهوريين خجولة في مساندة ترامب لتبديد القلق في الرأي العام الأميركي، رغم الكلام الإسرائيلي الذي صدر على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي امتدح الرئيس الأميركي معلناً فرحه بكون الأميركيين صاروا شركاء «إسرائيل» في مواجهة، ملمحاً إلى أنهم لن يستطيعوا الخروج منها، ما يمنح «إسرائيل» شعوراً أعلى بالأمن.

ولفتت البناء الى انه في العواصم الأوروبية والأمم المتحدة حديث عن مخاطر حرب عالمية، وقلق عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، وكان كلام ماكرون أن عالم أقل أمناً بعد مقتل سليماني بمثابة ردّ على كلام ترامب باعتبار العالم أشدّ أمناً بعد الاغتيال، وكل العالم ينتظر أي مستوى من المخاطر سيترتب على العملية، وأي التقديرات هي الأدق؟

وقالت الصحيفة إن الرئيس الأميركي بادر بعد العملية مرتين لإرسال رسائل إلى إيران، وفقاً لمصادر إيرانية رفيعة أكدت أن رسالة عبر السفارة السويسرية وصلت إلى طهران وأخرى عبر دولة خليجية، ومضمون الرسالتين واحد وهو أن ليس لدى واشنطن نية الحرب ولا السعي لتغيير النظام، وأنّه يمكن التوقف هنا في لعبة المواجهة، وكل شيء على الطاولة جاهز للتفاوض بما فيه إلغاء العقوبات. وقالت المصادر الإيرانية إن القيادة الإيرانية تعاملت بسخرية مع الرسائل الأميركية وأجابت بأن ما قبل اغتيال الشهيد قاسم سليماني غير ما بعده.

ولفتت الى ان الإمام الخامنئي الذي ترأس للمرة الأولى المجلس الأعلى للأمن القومي وعد الأميركيين بردٍ قاسٍ وشديد، وتحدّث الكثير من القادة الإيرانيين عن الانتقام والثأر، دون تحديد شكل الرد ومكانه، لكنهم تحدثوا عن ضرورة استعداد الأميركيين لجمع أشلاء جثث قتلاهم، بينما لم يغب التحذير لـ»إسرائيل» من نتائج تورطها المؤكد في العملية، بينما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي سيتحدث غداً بصورة مفصلة في تأبين الشهيدين سليماني والمهندس، أن القصاص العادل هو أمانة في أعناق المقاومين في أنحاء العالم، مطلقاً على سليمان لقب سيد شهداء محور المقاومة.

في سورية، قال الرئيس بشار الأسد إن القائد قاسم سليماني سيبقى في وجدان الشعب السوري لدوره في مساندة سورية وشعبها وجيشها في مواجهة الإرهاب، بينما أدانت الخارجية السورية عملية الاغتيال. من جهتها قوى المقاومة في المنطقة نعت الشهيدين سليماني والمهندس، وأصدرت الفصائل الفلسطينية بيانات ومواقف تستعيد دورهما في دعم المقاومة في فلسطين، كما فعلت الأحزاب الوطنية في لبنان. وكان للحزب السوري القومي الاجتماعي موقف أدان العملية الإجرامية ووضعها في سياق العدوان الأميركي المستمر على شعوب المنطقة وحقها في الحرية والسيادة، ودائماً ربطاً بمسيرة المقاومة نحو فلسطين، ووصف رئيس المجلس الأعلى في الحزب أسعد حردان استشهاد سليماني والمهندس بانتصار الدم على العدوان.

وأثارت جريمة اغتيال القائدين سليماني والمهندس جملة مواقف وردود أفعال مستنكرة، أبرزها من الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله وحركة أمل ومن القوى والأحزاب الوطنية والفصائل الفلسطينية، واعتبر رئيس المجلس الأعلى في القومي النائب أسعد حردان في تصريح أن “الجريمة التي تجاوَزَتْ كونها حَدَثاً، تعكِسُ الضِّيق الذي يعانيه أعداء المقاومة من التأثير الاستراتيجي الذي حقّقتْه رموز المقاومة في ثقافة شعبنا ووعيه المتنامي بحقه وسيادته وكرامته وثرواته”. وحيّا حردان «الشهيدين على شهادتهما المُشَرّفة في موقع العِزّ المقاوم، وأصْدَقُ مشاعر المواساة والتضامن مع الشعب الإيراني الصديق وشعبنا في العراق الأبيّ»، وأكد أنّ «دم الشهادة سينتصر على العدوان لأنه العجين الذي لا يختمر إلا بالقُدوات والتضحيات والبطولات».

إلى ذلك، تترقب الأوساط المحلية والإقليمية كلمة السيد نصرالله يوم غدٍ الذي يخصصها، بحسب ما ذكرت البناء للحديث عن اغتيال سليماني وتداعياته على المنطقة والمصالح الأميركية فيها والوجود الأميركي في غربي آسيا، كما سيكشف موقع ودور الشهيد سليماني في محور المقاومة وسجل الإنجازات التي تحققت على يديه، كما سيؤكد على أن الخسارة تعني كل محور المقاومة وأن كل ساحات هذا المحور معنية بالرد على هذا العدوان. كما سيشير السيد نصرالله الى أن العلاقات الأميركية الإيرانية خصوصاً والعلاقات الأميركية مع محور المقاومة عموماً دخلت عهداً جديداً بعد اغتيال سليماني إذ أصبحت مواجهة عسكرية مباشرة بعدما كانت مواجهة غير مباشرة منذ العام 1979.ولن يتطرق السيد نصرالله الى الشأنين السياسي والحكومي اللبناني بحسب معلومات “البناء”، علماً أن مصادر “البناء” رجحت ولادة الحكومة مطلع الأسبوع المقبل بعد تذليل العقد المتبقية لا سيما الدرزية والسنية وبعض الأسماء والحقائب المتعلقة بحصة التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، فيما عقد لقاء ثانٍ أمس، بين الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة.

"النهار: إيران أمام تحدّي الردّ على تصفية سليماني

أما صحيفة "النهار" فقالت إن "عملية قتل قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الايراني الجنرال قاسم سليماني، الشخصية المحورية في ترسيخ نفوذ الجمهورية الاسلامية في الشرق الاوسط، في غارة جوية أميركية فجر أمس في بغداد، دفعت المنطقة إلى تصعيد لا سابق له تردد صداه في جهات العالم الأربع، وحولت نزاعاً بارداً بين واشنطن وطهران مواجهة مباشرة بين العدوين اللدودين، فسجلت أسعار النفط والذهب ارتفاعاً كبيراً في الأسواق العالمية، وتراجعت سوق الأسهم الأوروبية".

واشارت إلى أن الغارة التي أمر بها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، اعتبرت أخطر عملية أميركية في الشرق الأوسط منذ غزو العراق عام 2003 وشكلت ضربة قوية لطهران التي توعد قادتها، بدءاً من المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، بالانتقام "في الوقت والمكان المناسبين"، وكذلك، فعل "الحشد الشعبي" العراقي، مما أثار مخاوف من نزاع مفتوح ينزلق بالمنطقة المتلهبة أصلاً الى حرب شاملة.

ولفتت إلى أن واشنطن تحركت ديبلوماسياً وعسكرياً بعد العملية، فعقد وزير الخارجية مايك بومبيو سلسلة لقاءات إعلامية واتصل بنظراء غربيين له مؤكداً عدم رغبة واشنطن في التصعيد، وأعلن "البنتاغون" أنه سيرسل ثلاثة آلاف جندي إضافي الى المنطقة، وألغى وزير الدفاع مايك إسبر عطلة مقررة. ودعت الولايات المتحدة مواطنيها إلى مغادرة العراق "فوراً" نظراً الى "تصاعد التوتر".

واضافت انه في سياق سلسلة من الاجراءات العسكرية لحماية المصالح الاميركية في الشرق الأوسط، أفاد مسؤول أميركي أن "البنتاغون" وضع كتيبة من الجيش الأميركي في ايطاليا في حال تأهب للانتقال إلى لبنان اذا قضت الحاجة لحماية السفارة الاميركية هناك. وقال إن الولايات المتحدة قد ترسل ما بين 130 و700 جندي الى بيروت من ايطاليا.
 
وصدرت الاوامر بارسال هذه التعزيزات مع تصريح مسؤولين أميركيين بأن لديهم أدلة على أن سليماني كان يخطط لحملة كبيرة من العنف ضد المصالح الاميركية.

واشارت الصحيفة الى انه في طهران كما في بغداد، كانت المؤشرات كثيرة لحتمية الرد الايراني على العملية الاميركية، وتراوح الخيارات المتاحة لايران بين تعبئة حلفائها في العراق خصوصاً والقيام بعمليات في مضيق هرمز مروراً بهجمات الكترونية. لكن كل الخيارات تنذر بتصعيد.

وقالت انه يمكن الجماعات الموالية لطهران في المنطقة أن تشنّ هجمات على قواعد عسكرية أميركية في دول الخليج، أو حتى على منشآت نفطية أو سفن تجارية في مضيق هرمز الذي تبقى إيران قادرة على اقفاله في أي وقت.

ويمكنها أيضاً استهداف سفارات أميركية في المنطقة، مثل اقتحام السفارة في بغداد، أو حتى الاعتداء على حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين مثل إسرائيل أو السعودية، أو حتى دول أوروبية.

إقرأ المزيد في: لبنان