معركة أولي البأس

لبنان

الحكومة تدرس البيان الوزاري وترقب للجلسة النيابية لمناقشة الموازنة
25/01/2020

الحكومة تدرس البيان الوزاري وترقب للجلسة النيابية لمناقشة الموازنة

بدأت حكومة الرئيس حسان دياب عملها من خلال دراسة بيانها الوزاري وهي تصر على أن الإعلان عنه لن يطول. فيما يترقب اللبنانيون الجلسات النيابية لمناقشة الموازنة واقرارها الاثنين والثلاثاء المقبلين. 

"الأخبار": بيان ماكِنزي الوزاري

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "الحكومة بدأت عملها. أول الوعود بيان وزاري قابل للتنفيذ لا حبراً على ورق. كذلك تضع الحكومة لنفسها مهلة 5 أشهر لإعداد إجراءات الخروج من الأزمة واكتساب الثقة الداخلية والخارجية. لكن، ما رشح عن مسودة البيان الوزاري يكشف أن جزءاً لا بأس به منه منسوخ من خطة «ماكنزي»، في ظل إصرار الحكومة على عدم استرداد مشروع الموازنة".

وأضافت "صحيح أن الحكومة لم تنل الثقة لتبدأ عملها بعد، وصحيح أيضاً أنه لم يمض أسبوع على تأليفها، إلا أن ما بدأ يظهر إلى العلن من «نواياها» لا يبشّر بالخير. قبل تفاصيل مسودة البيان الوزاري، لا بد من طرح عدد من الأسئلة:

لماذا لا تريد الحكومة استرداد مشروع الموازنة من المجلس النيابي وإعادة دراسته وتقديم موازنة مختلفة عن سابقاتها؟
كيف يمكن لحكومة تريد تحقيق إصلاحات في مواجهة مطالب الناس وأزمة البلاد أن تعمل وفق موازنة أعدّتها حكومة تمثل القوى المشكوك في أهليّتها لإدارة الدولة والمسؤولة عن قسم كبير من الخراب؟
كيف يمكن لوزير المالية أن يقرر من تلقاء نفسه أن الموازنة لن تعود الى الحكومة وأن على الحكومة السير بها من دون مراجعة؟ وهل يقبل رئيس الحكومة بالأمر ويتحمّل نتائج موازنة لم يكن له أي علاقة بتحديد أبوابها؟
من قال إن السياسات المالية والنقدية يجب أن تبقى على ما هي عليه؟ وما هي أجندة وزير المال الجديد؟ هل الحفاظ على تسوية لإنقاذ القطاع المصرفي على حساب المالية العامة؟ أم جعل الأبواب مشرعة أمام المؤسسات الدولية لفرض شروطها في مشاريع استدانة لأجل تغطية العجز الناجم عن خدمة الدين العام؟"

وتابعت الصحيفة "هذه الأسئلة لا بد منها، في ظل شائعة يجري التداول بها، تتحدّث عن مباحثات بين الإدارات المعنية في الدولة بشأن فكرة تعديل واقع الدين العام، من خلال نقل قسم كبير منه الى الليرة، وإعلان مصرف لبنان عن سعر جديد للدولار يكون مرة ونصف مرة سعره الحالي!
وفي ظل هذه الشائعة وغيرها، عقدت لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الأول، أمس، برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، وعضوية نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينه عكر والوزراء: دميانوس قطار، ناصيف حتي، غازي وزني، راوول نعمة، عماد حب الله، رمزي مشرفية، طلال حواط، ماري كلود نجم، منال عبد الصمد وفارتينيه أوهانيان. الوعد الأول من اللجنة أن البيان لن يكون حبراً على ورق. دياب شدد على الابتعاد عن الجمل الإنشائية والمطوّلات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة. كما أكد وجوب ألّا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة أو إيحاءً بأن الدنيا بألف خير". وأضاف: نحن أمام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية، إذا كانت الناس اعتادت على سماع وعود تبقى من دون تنفيذ، فالبيان سينفّذ هذه المرة». كما أوضحت وزيرة الإعلام أن البيان سيتضمن عرض الحقائق والوقائع، والتعهد بما يمكن تنفيذه فقط.

ومع اتفاق اللجنة على وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة، أكدت مصادر مطلعة لـ"الأخبار" أن الحكومة ستضمّن بيانها حديثاً عن «خطة طوارئ لخمسة أشهر»، تلتزم فيها بتنفيذ إجراءات تُمهّد لتحويل الاقتصاد من ريعي إلى منتج! علماً بأنه كان لافتاً تضمن المسودة، في هذا السياق، خلاصات من دراسة شركة «ماكنزي» التي تسترشد بها الحكومة في إعداد خطة عملها. وإضافة إلى سعي الحكومة إلى مساعدة المصارف على إعادة رسملتها، فإنها ستدرس ما إذا كان البلد بحاجة إلى اللجوء إلى الخارج في عملية إنقاذ الاقتصاد والمالية، أو لا. ولا يعني هذا أن «سيدر» سيكون خارج خطة الحكومة، كما لا يعني عدم الاسترشاد بتقارير الجهات المانحة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي".

ولفتت الصحيفة إلى أن هذه المؤسسات بدأت سريعاً التواصل مع الحكومة الجديدة، فاستقبل دياب وفداً من البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومارجاه في حضور وزير المال غازي وزني، حيث جرى عرض لمجمل القضايا المالية والاقتصادية في لبنان. وكان كومارجاه قد أعرب، بعد لقائه وزير المال، عن «استعداد البنك الدولي لمساعدة لبنان في ظل الظروف المالية». وأكد على أهمية إيجاد «الحلول المناسبة للمشاكل التي تمرّ بها البلاد، ليتمكن لبنان من تجاوز الأزمة الاقتصادية والقيام بالإصلاحات اللازمة لدفع عجلة الاقتصاد».
كذلك، أعلنت وزارة المال أن وزني سيلتقي، اليوم، مسؤول صندوق النقد الدولي سامي جدع. وبمجرد الإعلان عن هذا اللقاء، هوت السندات السيادية للبنان المقوّمة بالدولار بما يصل إلى 2.7 سنت، بالرغم من أن جدع ليس المعني بالتفاوض في قضايا تتعلق بإعادة هيكلة الدين العام أو تقديم البرامج الإنقاذية.

"البناء": البيان الوزاريّ للحكومة أمام خمسة أسئلة كبرى

من جتهتها صحيفة "البناء" لفتت إلى أن "الحكومة منصرفة لإنجاز البيان الوزاريّ، قبل البتّ بكيفية التعاطي مع إشكالية جلستي الثقة والموازنة، بتنسيق بينها وبين رئاسة مجلس النواب. والبيان الوزاري الذي لا يواجه مشكلة في صياغة فقرات السياسة الخارجية بما فيها الفقرة التقليدية التي تثير الخلافات والمتصلة بالمقاومة، أمامه خمسة اسئلة كبرى حقيقية: 
السؤال الأول حول مدى قناعة الحكومة وترجمتها لهذه القناعة في البيان الوزاري بأنها حكومة سياسية من طراز رفيع وفي لحظة سياسية استثنائية عبر فيها اللبنانيون عن رغبتهم بالانتقال من دولة المحاصصة الحزبية الطائفية إلى دولة المواطنة، والحكومة التي تتبرأ من التمثيل الحزبي الطائفي وتؤكد أنها من الاختصاصيين هي ثمرة هذا التعبير السياسي العالي المنسوب في إرادة التغيير السياسي، ليس للابتعاد عن السياسة بل للذهاب إلى سياسة تأخذ لبنان بعيداً عن النظام الطائفي، وتفتح الباب نحو الدولة المدنية، فهل ستجرؤ الحكومة على قول ذلك في بيانها الوزاري؟ 
والسؤال الثاني حول الإصلاح السياسي الذي طلبه اللبنانيون ونادوا به في الساحات بالدعوة لقانون انتخابات خارج القيد الطائفي وعلى أساس لبنان دائرة واحدة وفق التمثيل النسبي، فهل سيكون هذا الوضوح في البيان الوزاري؟ 
والسؤال الثالث فرضته ثورة اللبنانيين على الفساد ودعوتهم لإزالة كل العقبات من أمام قضاء مستقل لا تعوقه الحصانات والحمايات، فهل سيكون النص على السلطة القضائية المستقلة مدخلاً لقانون جذري يضمن استقلال القضاء كسلطة قائمة بذاتها، ويضمن فعلاً لا قولاً تساوي اللبنانيين أمام القضاء، لجهة إلغاء كل الامتيازات السياسية التي تعطل قدرة القضاء على مساءلة الوزراء والنواب والموظفين.
 أما السؤال الرابع فيطال السياسات المالية ومدخلها تضخم دور مصرف لبنان في رسم السياسات المالية والاقتصادية على حساب وزارة المالية خاصة والحكومة عموماً وما رافقها من تضخم لدور المصارف وتراجع للقطاع المنتج وللاقتصاد عموماً، فهل ستستردّ الحكومة بعدما أوصلت هذه السياسات البلد إلى الانهيار مسؤولياتها وتفصح عن ذلك في البيان الوزاري؟
 السؤال الخامس حول العلاقة بسورية، التي ليست طلباً سورياً، ولا شرطاً لحلفاء سورية، بل هي حاجة لبنانية تمنع تلبيتها الشروط المفروضة على لبنان خارج نطاق مصلحته، ففي هذه العلاقة يختزن ملف النازحين، وبعض مهم من ملف الكهرباء، وملف التجارة مع العراق وفيه مليارات تزيد عن الوعود غير المؤكدة من الخارج، وفيها ملف أنبوب نفط كركوك إلى طرابلس ومصفاتها، فهل ستتعامل الحكومة مع هذا الملف بمقتضيات المصلحة اللبنانية أم بما تمليه حسابات السياسات الحكومية التقليدية التي كانت سبباً للأزمة؟

واشارت الصحيفة إلى أنه مع هذه الأسئلة تبدو وزارة المال في الواجهة أمام امتحانات متواصلة من المؤسسات الدولية المالية، يتوّجها اليوم صندوق النقد الدولي بوصفاته التدميريّة للبلدان التي تولى معالجة أزماتها، فهل ناقشت الحكومة طلبات الصندوق ومبدأ السير بوصفاته، وتعرف نتائجها، أم أنها تنتمي بين مدارس التكنوقراط إلى أولئك الذين يتمسكون بدولة الرعاية، وليس إلى مدارس التوحش الاجتماعي برفع الضرائب وتخفيض الرواتب وبيع الممتلكات والقطاعات المنتجة، وإطلاق يد المصارف؟ وفي هذا السياق كيف ستوازن الحكومة بين ضغط الحاجات ونقص الموارد، في ظل السلطة القابضة لمصرف لبنان على الأرقام، وبقائه مصدراً غامضاً لمعرفتها، حيث لا أحد يعلم كم يملك لبنان من الدولارات فعلياً، ولا أحد يعلم شيئاً عن مصير الأموال التي تملكها المصارف في الخارج وعلاقتها بالتحويلات التي لم يصل تحقيق مصرف لبنان إلى نتيجة حولها، هذا عدا الاستنسابية في التعامل مع قضايا السحوبات والتحويلات التي يعانيها المودعون مع المصارف منذ شهرين، ويعاني اللبنانيون جميعاً من وجود سوقين لصرف الدولار، وهي أوضاع شاذة وغير قانونية على الحكومة معالجتها سلباً أو إيجاباً بالقانون. 

"النهار": الحكومة والمجلس والانتفاضة أمام التحدي المالي

أما صحيفة "النهار" فقالت إن العاصفة الثلجية التي وصلت أمس الى لبنان ولا ارتدادات الهزة الارضية التي شعرت بها بيروت ومدن ومناطق عدة أخرى مساء، لم تبرد المناخات المحتدمة التي يتهيأ لها اللبنانيون في الايام الثلاثة المقبلة. فوسط شكوك كبيرة في الاطار الدستوري لاقرار مشروع الموازنة الذي أعدته الحكومة السابقة ولجنة المال والموازنة النيابية وأحيل على الهيئة العامة لمجلس النواب لاقراره ومن ثم شكلت الحكومة الجديدة قبل اقراره، من المقرر ان تبدأ الرحلة المالية الشاقة للمجلس والحكومة معاً مع تعقيدات الازمة المالية الكبيرة التي يواجهها لبنان بدءا من جلسات مناقشة الموازنة واقرارها الاثنين والثلثاء المقبلين. واذا كانت مسألة التشكيك في عدم جواز اقرار الموازنة قبل نيل الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب لن تقف حجر عثرة أمام انعقاد الجلسة، فان الواضح تماماً ان المناخ الشديد التأزم مالياً واقتصادياً شكل عامل فرملة لكل ما من شأنه تأخير اقرار الموازنة التي، وان تفاوتت الآراء حيال اقرارها في موعد الجلسة أو ضرورة اعادة النظر فيها، فان عامل الضرورة الضاغطة في ظل الازمة المالية املى التسليم بانعقاد الجلسة كما هو مقرر".

وأضافت "النهار"، انه "بينما نفى وزير المال غازي وزني مساء أمس ما تداولته بعض وسائل الإعلام من أنه أرسل الى مجلس النواب فذلكة جديدة لموازنة السنة ٢٠٢٠ تحضيراً لجلسات المناقشة، رفعت وزارة المال فذلكة المشروع التي ضمنتها الارقام التي خلص اليها المشروع، والتي عوّلت في ضوء تراجع الواردات المحققة لكي تأتي منسجمة من حيث تقديراتها مع توقعات اكثر تحفظاً وأقل تفاؤلاً نتيجة التراجع الاقتصادي المسجل. وكان لافتا تضمين الفذلكة العناوين العريضة لتوجهات الحكومة الجديدة الاقتصادية والمالية لجهة وضع رؤية لتحقيق النمو المستدام، فضلاً عن التزام وضع مشروع موازنة السنة المقبلة بالشكل الذي يلبي تطلعات الشعب اللبناني والمجتمع الدولي. وتتلخص أبرز الارقام كما وردت في الفذلكة التي تنشر "النهار" نصها بالآتي:

بلغ الإنفاق العام 18882٫3 مليار ل. ل. بما فيها 4694٫6 مليار ل. ل. تسديداً للفوائد على سندات الخزينة، وقد سجل الإنفاق الجاري نسبة 94٫68% منه، أمّا فوائد الديون وكتلة الرواتب وملحقاتها والمنافع الاجتماعية فشكّلت نحو 75% من مجموع الإنفاق. علماً أنّه تمّ خفض نحو 300 مليار ل. ل. من الاعتمادات الملحوظة لتعويضات نهاية الخدمة تناسباً مع النص المقترح حول تقسيطها لثلاث سنوات وفق شروط معينة. وتمّ تضمين المشروع نصاً يقضي بإجازة إعطاء مؤسّسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأمد في حدود 1500 مليار ل. ل.

أمّا الواردات، فقُدّرت في حينه بـ19815٫9 مليار ل. ل. منها 1782 ملياراً ناجم عن الإجراءات التي أقرت العام الماضي وغلبت الواردات الضريبيّة على تركيبتها. وقد تأثرت التقديرات بالأزمات التي عصفت بلبنان في الفترة الأخيرة بحيث كان لا بُدّ من تعديلها وهي دائماً رهن أي حدث أو أي طارئ يمكن أن يحصل في كل لحظة ويؤثّر على قيمتها. وكنتيجة، سجل مشروع الموازنة المقترح لعام 2020 فائضاً مرتقباً بـ 933٫57 مليار ل. ل. ما نسبته 4٫94% إلى مجمل النفقات و1٫04% إلى الناتج المحلي المقدر بـ89298 مليار ل. ل. كما سجل فائضاً أولياً بنحو 5628 مليار ل. ل. وإذا ما أضيفت سلفة الخزينة المُعطاة لمؤسّسة كهرباء لبنان يسجّل المشروع عجزاً بـ 567 مليار ل. ل. أي 0٫63% نسبة إلى الناتج المحلي.

واشارت "النهار" إلى أنه "في غضون ذلك بدأت اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري اجتماعاتها في السرايا برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب الذي بدا حريصاً على "وضع خريطة عمل للحكومة من خلال البيان الوزاري الذي يجب ان يبتعد عن الجمل الإنشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة وان يعتمد الحقائق والوقائع". وأشار خلال الاجتماع كما نقلت عنه وزيرة الاعلام الجديدة منال عبد الصمد الى ان "الناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب ألا يتضمن البيان وعودا فضفاضة وألا نوحي الى البنانيين ان الوضع بألف خير".

وقال: "يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان وان نلتزم ما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبراً على ورق". وشدد على "وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة"، متمنياً على الوزراء ان يدرسوا ملفات وزاراتهم "وان يحددوا الملفات التي يمكن انجازها بشفافية، وذلك بناء على الواقع وعلى مطالب اللبنانيين والحراك الشعبي، وانتهاج سياسة شاملة ومتوازنة مناطقياً وقطاعياً".

واشارت إلى أنه في أي حال، لن تمر جلسات الموازنة مروراً هادئاً لان الانتفاضة الشعبية أعدت برنامجا تصعيديا ستبدأه بعد ظهر اليوم بمسيرات شعبية في مناطق عدة من بيروت وفي محيط مجلس النواب تحت عنوان "لا ثقة لن ندفع الثمن" ويرجح تصاعد هذه التحركات في الايام التالية وسط اجراءات متشددة ستتخذها القوى الامنية والعسكرية يومي الاثنين والثلثاء في وسط بيروت.

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل