معركة أولي البأس

لبنان

49 نائبا أقروا موازنة العام 2020 بجلسة واحدة
28/01/2020

49 نائبا أقروا موازنة العام 2020 بجلسة واحدة

في وقت يعيش فيه العالم حالة تأهب صحيّة بتهديد من فيروس "كورونا"، ووسط انتظار لما سيتم إعلانه حول "صفقة القرن" اليوم من قبل الرئيس الأمريكي في واشنطن، كانت الأوضاع الاستثنائية تنسحب على الواقع السياسي اللبناني أمس، حيث تمت الموافقة على موازنة العام 2020 في مجلس النواب بظروف غلب عليها عامل السرعة والاختصار، حيث تم التصويت من قبل 49 نائبا بعد نجاح اكتمال النصاب "على الحفة" بحضور 65 من ممثلي الشعب، واختصرت كلمات المتحدثين من 23 إلى 6 فقط وبجلسة صباحية واحدة، في وقت كان فيه محيط مبنى المجلس يشهد اعتصامات ومناوشات مع القوى الأمنية التي اتخذت اجراءات مشددة.

 

"الأخبار": جلسة تشريع السوابق

تحدثت "الأخبار" عن جلسة «تاريخية» عقدها مجلس النواب، أقرّ فيها موازنة 2020 في ظروف استثنائية شعبياً ودستورياً. تحت الحصار الشعبي، أقرّ النواب موازنة في جلسة مليئة بالسوابق: رئيس حكومة لم تنل الثقة جلس مكتوف اليدين لثلاث ساعات، يراقب، وحيداً، كيف تُقرّ موازنة سيكون ملزماً بتطبيقها، وسيُحاسب على أساسها. هو الذي لم يسهم في كتابة حرف فيها، فيما تنصّل منها رئيس الحكومة التي أقرّتها

«تهريباً» دخل النواب إلى ساحة النجمة. لا أحد منهم يستطيع مواجهة المنتفضين الذين أحاطوا بمداخل الساحة، على قدر ما سمحت لهم الإجراءات الاستثنائية التي نفّذها الجيش وقوى الأمن، والتي تحوّل وسط بيروت، بنتيجتها، إلى منطقة عسكرية.

قالها الرئيس نبيه بري كما هي: «عملنا السبعة وذمتها لنوصل اليوم»، متوجّهاً بالشكر إلى الجيش والقوى الأمنية. هؤلاء قاموا بواجباتهم وزيادة، فأفرطوا في اللجوء إلى العنف، الذي كانت نتيجته أكثر من 20 جريحاً.
كان الهاجس صباحاً تأمين النصاب. وقد تأخرت الجلسة نحو 40 دقيقة، بانتظار الـ65 نائباً. كتلة المستقبل حضرت متأخرة، وكان سبقها نواب اللقاء الديموقراطي. هؤلاء مثّلوا المعارضة الجديدة، بعد مقاطعة «القوات» و«الكتائب» للجلسة.

مقاعد الوزراء ظلت فارغة. وحده رئيس الحكومة حسان دياب حضر، فجرّب المقعد المخصّص لرئاسة الحكومة للمرة الأولى. بعيداً عن الكلمة التي تلاها في بداية الجلسة، لم يكن له أي دور. جلس شاهداً، يدوّن ملاحظاته بين الفينة والأخرى. كان دوره تأمين الغطاء الحكومي للموازنة، وقد قام بدوره بلا صخب. ملامحه لم تتغير إن توجه له أحدهم باقتراح أو بسؤال أو انتقاد أو ملاحظة. «بوكر فايس» بقي طيلة مدة الجلسة.

هذا الدور، بحسب ما رسمه رئيس المجلس، تطلب أن يتحدث دياب في بداية الجلسة مبرراً مناقشة الموازنة في هذا الظرف، فقال: «لا شيء عادياً في لبنان اليوم. كل شيء استثنائي وتعقيدات الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تُملي علينا التصرّف من منطق الضرورة والعجلة، وأيضاً الاستثناء. ولأن الواقع استثنائي، فإن الحكومة في ظل وضعها الراهن، أي قبل نيلها الثقة، وبحسب الرأي الدستوري الراجح، هي حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، ويُفترض أن يكون عملها محصوراً بإعداد البيان الوزاري، وبالتالي لا يمكنها أن تمثل مجتمعة أمام المجلس النيابي الكريم في جلسة مناقشة الموازنة العامة، كما أنه لا يحق لها استرداد الموازنة».

ختام الكلمة كان: «إن الحكومة لن تعرقل موازنة أعدّتها الحكومة السابقة وناقشتها لجنة المال والموازنة النيابية، واكتملت إجراءاتها. انطلاقاً من ذلك، فإن الحكومة تترك الأمر إلى المجلس النيابي الكريم، مع احتفاظها بحق تقديم مشاريع قوانين لتعديلات في الموازنة، بعد نيل الثقة».
بالنسبة إلى دياب كان ذلك كافياً للإشارة إلى تبنّي حكومته مشروع الموازنة. فحكومة لم تنل الثقة لن تكون قادرة على تبنّي المشروع بالشكل القانوني، أي لن يكون بإمكانها استرداده ثم توقيعه من قبل رئيس الحكومة والوزراء الجدد. لذلك، كان الإخراج عبر الكلمة التي ألقاها دياب، وبدا فيها أقرب إلى «شاهد» اعترف بأنه لا يحق للحكومة أن تمثل أمام المجلس، لكنه مثل أمامه منفرداً.

ما فعلته الجلسة أنها زادت الشرخ بين القوى السياسية الحاكمة والواقع الشعبي المنبثق عن انتفاضة 17 تشرين. وهي أكملت لعب دورها هذا في مناقشة الموازنة، التي أصرّ بري على إنهائها أمس خوفاً من احتمال عدم قدرة النواب على العودة إلى المجلس.

بالنتيجة، أسفرت الجلسة «التاريخية» عن إقرار الموازنة بموافقة 49 نائباً يمثلون «لبنان القوي»، «الوفاء للمقاومة»، «التنمية والتحرير» و«القومي»، إضافة إلى النائبين نقولا نحاس وعدنان طرابلسي. وفيما أعلنت النائبة بهية الحريري امتناع كتلة «المستقبل» عن التصويت، تضاربت مواقف أعضاء الكتلة، بين ممتنع ومعترض، فيما أصرّ الاشتراكي على الامتناع، لتكون نتيجة التصويت موافقة 49 نائباً ومعارضة 13 نائباً وامتناع 8 نواب.

 

"البناء": برّي ينجح بتمرير قطوع الموازنة…
وكانت جلسة مناقشة الموازنة العامة امتحاناً قاسياً على الصعيد السياسي لمجموعة من المعادلات، أهمها معادلة المجلس النيابي بوجه محاولات التعطيل التي أعلنت عزمَها عليها مجموعات الحراك بعدما نجحت في تحقيق هدفها مرّتين، وتليها معادلة العلاقة داخل المجلس بين قوى الغالبية النيابية التي تقف وراء حكومة الرئيس حسان دياب، وقوى المعارضة التي تتوزّع بين كتل المستقبل واللقاء الديمقراطي والقوات اللبنانية والكتائب، والمتابع للجلسة يلحظ، كما قالت مصادر نيابية مطلعة، غياب موضوع الموازنة ودستورية الجلسة عن الاهتمام الفعلي للأطراف، بل مقاربة هذين العنوانين بخلفية العناصر التي تصنع المشهد، أي معادلة المجلس النيابي والحراك ومعادلة علاقة الحكومة وقوى المعارضة. فجرى استخدام الموازنة ومناقشتها والتصويت عليها، كما دستورية الجلسة لتوجيه الرسائل في الملفين الكبيرين الحاضرين.

المصادر البرلمانية قالت إن رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي أدار الجلسة كان يدير ما وراءها من مشاهد ورسائل، فربح رهان تمرير الموازنة ومن خلاله استرداد زمام المبادرة من الحراك الذي عطّل جلسات المجلس قبل نهاية العام الماضي، وذلك يعود برأي المصادر في الشكل والتقنيات إلى نتائج ولادة الحكومة وتأثيرها على المشهد العام من جهة، وإلى تلافي الثغرات الأمنيّة التي سبّبها ضعف الدور الذي أداه الجيش في تأمين الجلسات السابقة، لكنه عائد أصلاً إلى فقدان الحراك الزخم الشعبي الذي تمتّع به في البدايات، فلو خرجت حشود 17 تشرين وما تلاها في الشهر الأول لربما كان من المستحيل نجاح الإجراءات الأمنية التي ضمنت الجلسة أمس. ولذلك تقول المصادر إن نجاح بري باسترداد المبادرة عائد لقناعة الناس بأولوية وجود حكومة ومجلس نيابي على الفراغ والفوضى، وهو ما ردّده عدد من النواب في الكتل المعارضة التي حضرت وصوّتت ضد الموازنة ككتلة المستقبل أو امتنعت عن التصويت ككتلة اللقاء الديمقراطي، لأنها احتاجت لمواقف تبرر حضورها ووجهة تصويتها. وفي هذا المجال قالت مصادر متابعة لمواقف قوى المعارضة، إن غياب كتلة القوات اللبنانيّة وكتلة الكتائب كان رهاناً على تطيير النصاب الذي تحقق بزيادة ستة أصوات فقط على المطلوب دستورياً، بحيث بدا أن أي خلل في الحضور كان كافياً لنجاح الرهان القواتيّ الكتائبيّ، كما بدا أن الغالبية ليست غالبية متماسكة في الوقوف خلف الحكومة أو خلف الاستحقاقات التي تفرضها المناوشات والمواجهات السياسية، حيث لم يتجاوز عدد نواب الغالبيّة الحاضرين الـ 50 نائباً من أصل 70 نائباً.

مواقف المستقبل واللقاء الديمقراطي عكست مناخاً شعبياً وسياسياً، داخلياً وخارجياً، وفقاً لمصادر سياسية مطلعة، قالت، إن التعامل مع الحكومة وحلفها النيابي بعدائيّة غير مفهوم قبل منح فرصة كافية للحكومة، وإن العدائية قد تمنح صقور الغالبية والعهد فرصة دفع رئيس الحكومة وفريقه لخطوات مواجهة يريد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تفاديها، ويراهنان على دور الرئيس نبيه بري في ذلك، والداخل كما الخارج يتحدثان عن منح فرصة ومراقبة الحكومة فلمَ التسرّع. وهنا جاءت قطبة بري المخفيّة بجعل الحضور وإكمال النصاب وحرية التصويت أو الامتناع، نواة تسوية يتوقع أن تتسع مفاعيلها بين كل من الحريري وجنبلاط مع الحكومة، ستكون جلسة الثقة ميدانها بمواقف شبيهة لمواقف أمس، رغم كون التصويت قد بدا هجيناً بالقياس للحضور، فهو أظهر تشقق الكتل المعارضة بصورة أشد عمقاً من ضعف تماسك الغالبية.

 

"اللواء": تهريب الموازنة

صحيفة "اللواء" رأت أن مسألة الثقة بالحكومة الجديدة كانت أحد المآخذ الرئيسية الدستورية لعدم مشروعية مثولها امام المجلس النيابي، لدرس موازنة العام 2020، وكاد ان يُشكّل مخرجاً لتهريب نصاب الجلسة، أو حتى عدم تأمينه، تحت ضغط ووطأة التحركات الاحتجاجية في الشارع، لولا مبادرة كتلة «المستقبل» إلى تأمينه، عبر حضورها مجتمعة إلى البرلمان، انطلاقاً من مسؤوليتها بأن «لا تكون أداة للمقاطعة وتعطيل المؤسسات»، على حدّ ما أكّد الرئيس سعد الحريري في تغريدة له على «تويتر»، علماً ان عدد النواب الذين كانوا وصلوا حتى الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، لا يتجاوز الـ62 نائباً، في حين ان النصاب يتطلب 65 نائباً، أي النصف زائداً واحداً.

ومن جهته، حرص الرئيس دياب على حضور الجلسة، ولو منفرداً، موفراً للمجلس مشروعية التشريع، ولو في ظل حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، وأعلن انه لهذه الناحية، أي تصريف الأعمال، لا يمكنها ان تمثل مجتمعة امام المجلس النيابي، كما انه لا يحق لها استرداد الموازنة، إلا انه أكّد ان الحكومة لن تُعرّقل موازنة اعدتها الحكومة السابقة، وناقشتها لجنة المال والموازنة النيابية واكتملت اجراءاتها.

وقال ان الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تملي علينا التصرف من منطق الضرورة وايضاً الاستثناء، لأن كل شيء في البلد استثنائي.

إلا ان هذه الاستثنائية التي شدّد عليها رئيس الحكومة، مع الاحتفاظ بحقه في تقديم مشاريع قوانين لتعديلات في الموازنة بعد نيل الثقة، لم تقنع نواب كتلة «المستقبل» بأن الجلسة دستورية، على اعتبار انها تنعقد من خارج دورة عادية أو دورة استثنائية، بحسب ما تشترط المادة 37 من الدستور، وعلى هذه الخلفية، دارت وقائع سجال بين الرئيس نبيه برّي وعضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر الذي انسحب من الجلسة لاحقاً بعدما كان طلب أيضاً من الرئيس دياب تحديد موقفه من الموازنة سائلاً اياه عمّا إذا كان يتبنى المشروع، فحاول الرئيس برّي التملص من هذه النقطة، مؤكداً على حق التشريع المطلق لمجلس النواب، مشيراً إلى الظرف الاستثنائي، وإلى ان الحكومة امامها ثلاثة أو أربعة أشهر لتثبت انها ستقدم جديداً لتكتسب ثقة النّاس.

لكن النائب السيدة بهية الحريري كررت السؤال على الرئيس دياب وكذلك النائب محمد الحجار، وهنا سأل الرئيس برّي رئيس الحكومة عمّا إذا كان لديه ما يقوله في هذا الشأن، فقال دياب: «لو كنت لا أتبنى الموازنة لما كنت هنا اليوم».

ويبدو ان الجواب أرضى نواب «المستقبل» وكذلك الرئيس برّي، فأنطلقت عمليات مناقشة الموازنة، بدءاً بتقرير لجنة المال والموازنة الذي تلاه رئيسها إبراهيم كنعان ومن ثم النواب، بعدما اختصرهم الرئيس برّي من 23 نائباً إلى ستة نواب فقط لاختصار النقاش، والانصراف إلى التصويت على الموازنة، خصوصاً وان الشارع في الخارج كان «يغلي» باعتصامات احتجاجية واشتباكات مع القوى الأمنية، لمنع النواب من الوصول إلى ساحة النجمة، وهو (أي برّي) توجه إلى النواب قائلاً «سيصعب على نائب إذا خرج ان يعود».

واضاف: «عملنا السبعة وذمتها اليوم، وطلبنا تدخل الجيش حتى نستطيع ان نعقد الجلسة»، مؤكداً اصراره على إنهاء عملية التصويت على بنود الموازنة بعدما كانت الجلسة مقررة ليومين، وهكذا تمّ تسريع الشروع في التصويت على بنود الموازنة بنداً بنداً وبسرعة قياسية، وصفت بأنها كانت أشبه بعملية «تهريب» للموازنة، بعدما تمّ سلق الجلسة من يومين إلى ساعتين.

وكانت حصيلة التصويت ان 49 نائبا قالوا نعم للموازنة، هم: النواب الحاضرون من تكتل «لبنان القوي» وكتلة «الوفاء للمقاومة» وكتلة «التنمية والتحرير» والكتلة «القومية» إضافة إلى النائبين نقولا نحاس وعدنان طرابلسي، فيما قال: لا 13 نائباً هم نواب كتلة «المستقبل» الذين انقسموا بين الامتناع والمعارضة، إلى جانب النائب فريد هيكل الخازن من كتلة «المردة» كما امتنع عن التصويت 8 نواب من بين نواب «اللقاء الديمقراطي».


"الجمهورية": الحكومة امام مهمة شاقة
وفيما يُجمع الخبراء الاقتصاديون على انّ إقرار موازنة 2020 خطوة عادية، باعتبارها رقمية بلا مفاعيل إصلاحية، قالت مصادر سياسية ممثلة في الحكومة لـ»الجمهورية»: انّ الخطوة التالية بعد إقرار الموازنة هي في يد الحكومة بعد نَيلها الثقة من مجلس النواب، والرئيس نبيه بري وَضعها أمام امتحان ثقة اللبنانيين خلال فترة لا تزيد عن 4 أشهر. وهذا يعني انّ عليها ان تستفيد من كل الثغرات التي أحدثتها الحكومات السابقة، وعلى وجه الخصوص ما أحدثته الحكومتان السابقتان، والعمل على سدّها عبر:

- وضع الأزمة المالية بنداً أولاً على جدول المتابعة والعلاج.

- تلبية مطالب الفئات الشعبية، عبر مبادرات سريعة توحي بالثقة والمصداقية، والتركيز بشكل كلي على مكافحة الفساد المستشري في كل القطاعات، والمحاسبة العلنية للفاسدين والمفسدين. هذا هو شرط الثقة بها، التي إن لم تتوفّر فخسارتها حتمية.

- تطبيق مجموعة القوانين النافذة والمعطلة، أو بالأحرى الممنوعة من التنفيذ، لأسباب سياسية حكمت الحكومة السابقة، علماً انّ هذه القوانين تزيد عن 54 قانوناً، ومعظمها مرتبط بعملية الاصلاح، ويسهل على الحكومة اتجاهها الى إجرائه في أي مجال.

- المسارعة الى إجراء التعيينات الادارية في الاماكن الملحة، كنواب حاكم مصرف لبنان الاربعة، الشاغرة مراكزهم منذ أشهر والمصرف المركزي بلا مجلس مركزي منذ ذلك الحين، وكذلك تعيين الهيئات الناظمة في الكهرباء والاتصالات والطيران المدني.

- عدم استنساخ أداء الحكومة السابقة باستسهال اللجوء الى حلول متسرّعة نحو فرض ضرائب ورسوم، باعتبارها اسهل الحلول التي غَطّت فيها هروبها من القرارات الاصلاحية الجريئة التي توفر من خلالها موارد كبيرة للخزينة، إن حول القطاعات النازفة وفي مقدمها الكهرباء، أو حول محميات الهدر التي بَدت أنها أقوى من الدولة.

- الاستجابة لنصائح المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية، فوَضع لبنان، على الرغم من انحداره الى مستوى خطر غير مسبوق، ما زال لديه قابلية للعلاج. وبالتالي، لم يعد لبنان يملك ترف الوقت، لأنّ المرض الذي اصاب الاقتصاد اللبناني أصبح من النوع الذي يحتاج الى عمليات جراحية، فمن دون اللجوء اليها سيكبر المرض ويتفاعل وسيؤدي حتماً الى الوفاة. وليس صحيحاً ابداً انّ العالم يُحاصر لبنان، بل بالعكس المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية ما زالت تعبّر عن رغبة في مساعدتنا، شرط أن نساعد أنفسنا بالذهاب الى الاصلاحات.

مهمة شاقة
ما تقدّم يؤكد انّ الحكومة امام مهمة شاقة، وهو ما يؤكّد عليه مرجع كبير لـ»الجمهورية»، حيث يقول: لبنان في واقع أسود، وقلقنا قد يفوقه قلق الخارج علينا، فالمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، وفق الاشارات التي ترد إلينا، تريد أن تساعدنا، لكن ليس ان تضع مساعداتها في دلو مثقوب، العالم اجتمع من أجلنا في فرنسا (55 دولة ومؤسسة) والحكومة هربت من المسؤولية ولم تستجب لمتطلبات الدعم، فضلاً عن انّ الدول المتعهدة بمساعدة لبنان، لديها قوانين ومحاسبة، وهناك شيء اسمه دافعو الضرائب، دوَلهم تحترمهم، وتريد ان تعرف الى اين تذهب مساعداتها في لبنان، أي الى المشاريع المنتجة وليس الى جيوب السماسرة والسياسيين.

وأكد المرجع الكبير «انّ هذه مسؤولية الحكومة الجديدة، والاصلاح حتمي وخيار لا بد منه. الثقة الداخلية غير مؤمّنة بعد، والثقة الخارجية يجب ان نعترف أنها مفقودة، ولن تُستعاد إلّا بخطوات جدية تؤشّر الى تغيير في الواقع الحالي، والمؤسسات المالية الدولية و»سيدر» تريد ان ترى ترجمتها على الارض، وهم أعلنوا انه بهذه الترجمة يمكن القول ان ّباب المساعدات الجدية للبنان سيُفتح من جديد».

الموازنة العامة 2020

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل