لبنان
واشنطن تحذّر لبنان من المشاركة بإعمار سوريا.. وبكركي تجمع الموارنة اليوم
انتهت التحضيرات لاستقبال القمة الاقتصادية في بيروت، وغاب الهمّ المحلي عن التداول، بالمقابل كان هناك ردّ من السفارة الايرانية على تصريحات المبعوث الامريكي ديفيد هيل التحريضية.
وفيما كان التدخل الامريكي يبلغ حدّ تهديد لبنان والطلب منه عدم المشاركة في اعمار سوريا، تتجه الانظار اليوم الى بكركي حيث يجمع البطريرك الماروني الشخصيات المارونية تحت عنوان «انقاذ الوطن».
"الأخبار": برقية سرية من واشنطن إلى بيروت: ممنوع المُشاركة في إعمار سوريا!
حصلت «الأخبار» على نسخة من برقية سرية بعثت بها السفارة اللبنانية في واشنطن إلى بيروت، تتضمّن موقف الولايات المتحدة الرافض لدعوة سوريا إلى القمّة الاقتصادية، والمهدّد بالعقوبات على لبنان في حال مشاركته في إعادة إعمار سوريا
سوريا خارج القمّة الاقتصادية، بطلب من الولايات المتحدة الأميركية. والأخيرة هدّدت لبنان بفرض عقوبات عليه، في حال مُشاركته في إعادة إعمار «الشام». الموقف الأميركي، أُبلغ رسمياً إلى وزارة الخارجية والمغتربين، بأكثر من طريقةٍ، كتولّي السفارة الأميركية في بيروت نقل رسالة إدارتها، مُباشرةً، إلى المسؤولين المعنيين في قصر بسترس. أما القناة الأخرى، فتمثلت بإبلاغ وزارة الخارجية الأميركية موقفها إلى سفارة لبنان في واشنطن. ولكن، في الحالة الثانية، لم يكن الأمر «تبليغاً»، بل لبنان هو الذي دقّ الباب طالباً «النصيحة».
الرسالة الأميركية، أتت ردّاً على طلب البعثة الدبلوماسية في الولايات المتحدة الأميركية، معرفة «وجهة نظرها» من دعوة سوريا إلى القمّة التي ستُعقد في بيروت يوم الأحد المُقبل. فقد حصلت «الأخبار»، على نسخةٍ من برقية سرية (الملّف 6/4، فاكس رقم 4/11، تاريخ 3/1/2019) مرسلة من البعثة اللبنانية لدى الولايات المتحدة الأميركية إلى وزارة الخارجية في بيروت، تحت عنوان «رصد المواقف من احتمال دعوة سوريا إلى المشاركة في القمة العربية التنموية: الاقتصادية الاجتماعية في بيروت». وورد في البرقية، ما حرفيته: «أَبْلَغَنا مكتب لبنان في وزارة الخارجية الأميركية، خطياً عبر البريد الإلكتروني، بعد مراجعة الموظف لرؤسائه في الوزارة (الخارجية الأميركية) تبعاً لسؤالنا، بما يأتي: «نحثّ لبنان وجميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على الإحجام عن توجيه الدعوة إلى سوريا. كما نحثّ لبنان على عدم اتخاذ أية خطوات تُساهم في تأمين الموارد المالية للنظام السوري، وعلى سبيل المثال إجراء استثمارات أو إرسال تمويل لإعادة البناء. وإنّ أي دعم مالي أو مادي لنظام الأسد أو الداعمين له قد يكون خاضعاً للعقوبات الأميركية»».
قرار تعليق عضوية سوريا في الـ2011، نفّذه يومها وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لمصلحة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. ورغم كلّ بوادر الانفتاح العربي - الخليجي على الدولة السورية، يبدو أنّ «زرّ» عودة الأخيرة إلى «الجامعة»، لن يُضغط اليوم أيضاً إلا بقرارٍ أميركي. كلّ المؤشرات تُشير إلى ذلك، وآخرها «حثّ» واشنطن للبنان والدول العربية على الإحجام عن دعوة سوريا إلى القمّة الاقتصادية. فهل هذا هو السبب الفعلي خلف غياب دمشق عن قمّة 20 كانون الثاني، وليس ما يُقال بأنّ لبنان مُجرّد مُنظِّم للقمّة وهو يوجّه الدعوات باسم جامعة الدول العربية؟ خاصة أنّ اللغة التي كُتبت بها البرقية المُرسلة من واشنطن في 3 كانون الثاني الجاري، توحي بأنّ لبنان طلب معرفة التوجّه الأميركي، ليبني على الشيء مقتضاه، في تناقض تامّ مع المواقف المُعلنة للوزير جبران باسيل.
ينفي مسؤولٌ في «الخارجية» اللبنانية أن يكون عدم دعوة سوريا إلى القمّة نتيجة لقرار أميركي، «فهذه مسألة عربية ولا دخل للولايات المتحدة بها». يقول إنّ الموقف الأميركي من مُشاركة سوريا «معروف وقد أبَلَغنا إيّاه مسؤولون في السفارة الأميركية في بيروت خلال زيارة للوزارة، وعبر طُرق أخرى». إلا أنّ المسؤول يُشدّد على أنّ «رأي واشنطن غير مُلزم لنا. العديد من الدول تُبدي وجهة نظرها من مسائل عدّة، لا يعني ذلك أن نكون مُلزمين بتنفيذها». ولماذا إذاً بادرت البعثة اللبنانية لدى الولايات المتحدة إلى طلب معرفة موقفها من مسألة عربية، إذا كنّا غير آبهين لما يصدر عن واشنطن؟ يردّ المسؤول بالقول إنّه «قد تكون البرقية مُصوغة بشكل خاطئ، فنحن لم نطلب من بعثتنا في واشنطن سؤال المسؤولين الأميركيين عن موقفهم، ولا يجوز أصلاً القيام بذلك».
النقطة الثانية الخطيرة في البرقية الواردة من واشنطن، هي التهديد بفرض عقوبات على لبنان في حال المُشاركة في إعادة إعمار سوريا، مع ما يُحكى عن تحذيرات أميركية تلقّتها رسمياً شخصيات سياسية لبنانية. والسؤال المطروح هو إن كان لبنان سيخنع للضغوط الأميركية، ويفوّت على نفسه فرصة إعادة علاقته مع دمشق إلى السكّة الصحيحة، لما فيها من مصلحة سياسية واقتصادية.
"البناء": السفارة الايرانية تردّ على هيل
فيما هدأت الجبهات المحلية والخارجية على خلفية انعقاد القمة الاقتصادية التنموية في بيروت في العشرين من الحالي بعدما اعتذرت ليبيا عن عدم الحضور، شهد لبنان في الساعات الماضية توتراً جديداً وتحديداً على خط بيت الوسط الذي شهد اشتباكاً وقصفاً كلامياً إيرانياً أميركياً، على خلفية تصريحات وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل ضدّ إيران وحزب الله. فزار السفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا بيت الوسط حيث استقبله الرئيس سعد الحريري، مؤكداً دعم بلاده الجهود الرامية إلى التسريع في تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة برئاسة الرئيس الحريري، وتأمل أن تبصر الحكومة اللبنانية النور في أسرع وقت.
أما على صعيد التطورات الإقليمية، فأشار إلى انّ الولايات المتحدة الأميركية التي تريد أن تروّج لنفسها على أنها دولة غيورة على مصلحة هذه المنطقة وشعوبها، هذا منطق لا يصدّقه أحد. وأصدرت السفارة الإيرانية في لبنان بياناً ورد فيه أنّه «في إطار الزيارات الاستفزازية والتحريضية التي قام بها مؤخراً عدد من المسؤولين الأميركيين في بعض الدول والتي تتقاطع مع مستجدات إقليمية أظهرت أكثر من أيّ وقت مضى انتكاسة سياسات الإدارة الأميركية وفشلها وخيباتها المتكرّرة، أطلق وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل سلسلة من المواقف، والتي لا تندرج إلا في إطار التدخل السافر في شؤون الغير وإملاء القرارات».
و«بما أنّ الزائر تناول في تصريحاته المستفزة الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، رأت السفارة أنّ «كون المبعوث الأميركي عمل سابقاً في لبنان، لا بدّ أنه يعلم انّ الحرص على الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وعزّته وكرامته لا يكون من خلال التغاضي عن التهديدات الإسرائيلية المتكرّرة للبنان أرضاً وسماءً ومياهاً والسكوت عن الانتهاكات التي يرتكبها هذا الكيان بصورة يومية تحت أنظار الإدارات الأميركية المتعاقبة التي كانت ولا زالت تقدّم الدعم المطلق والسخي والأعمى لهذا الكيان»، مشيرة إلى «أنّ لبنان كما نراه أصبح اليوم بفضل قيادته الحكيمة وحكومته وشعبه وجيشه ومقاومته المسؤولة، رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية بحيث أصبح حصيناً وعصياً على إملاءات الآخرين وأعدائه، فلا يسمح لأيّ طرف كان بأن يُملي عليه القرارات الخاطئة».
ولفتت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» إلى أنّ طهران اختارت أن تردّ من المنبر نفسه على واشنطن لا سيما أنّ هيل اختار منبر الرئيس المكلف سعد الحريري للهجوم على حزب الله وإيران. ولفتت المصادر إلى تجاوب الحريري مع طلب المعنيين في السفارة الإيرانية إعطاء موعد زيارة فيروزنيا بيت الوسط بشكل عاجل مشدّدة على أنّ خطة الردّ الموجعة لهيل نجحت، فاللقاء حقق نوعاً من التوازن مع زيارة المسؤول الأميركي، وأظهر تمايزاً عن الأخير لا سيما أنّ فيروزنيا أكد دعم بلاده تأليف الحكومة وبرئاسة الرئيس الحريري. وذكر من بيت الوسط بقوة لبنان في المعادلة الإقليمية بفضل ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، لافتة في الوقت عينه إلى أنّ بيان السفارة الإيرانية الذي سبق الزيارة جاء مدروساً بالمصطلحات التي استخدمت. واعتبرت المصادر أنّ كلام هيل المشروط حيال نوع الحكومة المختارة يؤكد أنّ واشنطن تضع العصي في الدواليب وتعرقل التأليف بدليل أنّ هيل شجّع حكومة تصريف الأعمال على المضيّ قدُماً لا سيما على صعيد الاقتصاد، وكأنّ هناك قراراً يربط التشكيل بالشروط الأميركية.
"الجمهورية": لقاء ماروني في بكركي لإستنهاض التأليف
تتجه الأنظار اليوم الى بكركي التي ستشهد لقاء سياسيا مارونيا، تلبية لدعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي تلقى اتصالاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطمأنّ فيه على صحته، متمنياً له التوفيق في رعاية اللقاء المقرر اليوم.
لبنان «القوي»
وشدد تكتل «لبنان القوي» على دور بكركي الجامع واصفاً اللقاء الماروني اليوم بأنه «لقاء وطني بامتياز»، مؤكداً انّ «بكركي صرح وطني للتلاقي والتفاهم بين اللبنانيين، ودورها معروف عبر التاريخ، على صعيد الكيان اللبناني منذ العام 1920 وحتى اليوم، وهي تعبّر عن ضمير اللبنانيين لأي طائفة انتموا». وأعلن الذهاب الى اللقاء نواباً موارنة ينتمون الى تكتل «لبنان القوي»، وأنّ اليد ممدودة للجميع «للخروج بصيغة تؤكد حرصنا على لبنان والدستور والأصول وكل المفاهيم الوطنية والثوابت الوطنية التي عبّرت عنها بكركي وعبّرنا عنها كتيار وتكتل على مدى سنوات من النضال».
«القوات»
وفي السياق نفسه، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» انّ لقاء بكركي «يشكّل صرخة وطنية من أجل إنهاء الفراغ الحكومي وتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن لمواجهة التحديات الوطنية والاقتصادية، خصوصاً في ظل التردي الاقتصادي الكبير والسخونة التي يرتفع منسوبها في المنطقة، فضلاً عن الدعوة الى التمسّك بالدستور ورفض كل محاولات تكريس أعراف جديدة على حساب الدستور».
«الكتائب»
بدورها، مصادر حزب «الكتائب» قالت لـ»الجمهورية» انّ «الكتائب تحضر اللقاء من موقعها المعارض، وترى أنّ كرة الخروج من المأزق هي في ملعب الآخرين الذين أبرموا صفقة التسوية تحت عنوان إحياء عمل المؤسسات الشرعية وضمان الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، فإذا بسياستهم تؤدي الى تعطيل المؤسسات الدستورية والى حالة لا سابق لها من عدم الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي».
وأضافت هذه المصادر: «انّ الكتائب ترى انّ السياسات المعتمدة منذ سنوات أوصَلت لبنان الى شفير الهاوية، وإنّ الحل يبدأ بضرورة اقتناع أركان التسوية باستبدال سياساتهم القائمة على التنازل عن السيادة في مقابل المحاصصات. أمّا بالنسبة الى الحل فقد عبّرت «الكتائب» عن وجهة نظرها التي سبق للبطريرك الراعي ان تبنّاها كذلك تبنّتها فاعليات سياسية واجتماعية واقتصادية عدة، وهي تقوم على المبادرة الى تشكيل حكومة مصغّرة تعمل على معالجة الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية في مقابل انكباب القادة السياسيين والحزبيين على معالجة مَلفّي السيادة والمشكلات السياسية تحت سقف البرلمان.
"اللواء": بكركي تدعم توجُّهات بعبدا
وبحسب "اللواء"، يأتي اجتماع النواب والقيادات المارونية في بكركي اليوم، برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي، لاطلاق صرخة «انقاذ الوطن» وهو الشعار الذي يحمله اللقاء، وحث المعنيين بتأليف الحكومة على الإسراع في مهمتهم، وتجنيب البلد من منزلقات خطيرة قد تواجهها إذا استمرت حال المراوحة القائمة، واحتمال إطالة أمد التأليف أشهراً إضافية قد تصل إلى حدود السنة.
وبحسب المعلومات، فإن المشاركة المارونية ستكون كثيفة، حيث تأكد ان 33 شخصية من أصل 36 تمت دعوتها إلى الاجتماع التشاوري ستحضر، فيما اعتذرت ثلاث شخصيات بداعي السفر، وهي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وزوجته النائب ستريدا جعجع والنائب انطوان حبشي، في حين سيحضر 14 نائباً من كتلة «لبنان القوي» برئاسةرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، و6 نواب من كتلة «القوات»، و3 نواب من كتلة حزب الكتائب، بالإضافة إلى رئيس «المردة» سليمان فرنجية ونجله النائب طوني والنائب اسطفان الدويهي.
في نهاية اللقاء «نداء بكركي» الذي سيتضمن دعوة صريحة لإنقاذ الدولة، وحث المسؤولين على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة والشروع فوراً في معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والحياتية العالقة، من وجهة دعم توجهات بعبدا، ورفض محاولات الخروج على الدولة ومؤسساتها، في إشارة إلى ما حدث في ما خص الاعتراض على مشاركة ليبيا في القمة.
وأعلن تكتل «لبنان القوي» عشية اللقاء، إلى انه ذاهب إلى بكركي اليوم، ويده ممدودة للجميع للخروج بصيغة تؤكد حرصنا على لبنان والدستور والأصول وكل المفاهيم والثوابت الوطنية التي عبرت عنها بكركي، مشيراً إلى انه «يسعى لأن تكون هناك حكومة أمس قبل اليوم، وانه يشد على يد الرئيس المكلف الذي نطمح بجهد أكبر منه، ونحن إلى جانبه».