لبنان
القضاء يبرّئ جزّار الخيام.. وتمرّد المصارف في أول أيام التعبئة العامة ضد كورونا
في ظل حالة التعبئة العامة التي يخوضها اللبنانيون ضد فيروس كورونا، كان خبر العفو عن العميل الصهيوني وجزار معتقل الخيام عامر فاخوري، عصر أمس، يدوي كالصاعقة، ليكشف عن فيروس أشد في القضاء الذي أصدر حكما بسقوط دعوى الحق العام عن العميل بمرور الزمن العشري، وهو ما يتعارض مع واقع أن العمالة للاحتلال دمغة لا تمحوها الأيام مهما طالت.
وعلى جبهة فروس كورونا، أعلنت وزارة الصحة أمس شفاء حالتين ليرتفع عدد المتعافين من الفيروس إلى ثلاث حالات، مع تجاوز المصابين عتبة المئة، في حين كان البلد أمام اختبار اليوم الأول من التعبئة العامة، واجراءات لمنع التجمعات لا سيما النقل العام واقفال المحلات التي تشهد اكتظاظا، وقد برز مخالفة المصارف لمقررات مجلس الوزراء وإعلان تمرّدها حيث أقفلت أبوابها في وجه المواطنين على خلاف ما ورد في الخطة الحكومية لمواجهة هذا التحدي العالمي.
"الأخبار": الدولة تعفو عن جزّار الخيام
علّقت صحيفة الأخبار على قرار تبرئة العميل عامر فاخوري، وقالت.. «في عهد فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، وفي حكومة دولة الرئيس حسان دياب، وبحضور وزيرة الدفاع زينة عكر، وبمشاركة قائد الجيش العماد جوزف عون....». كان يمكن لعبارات كهذه أن تُحفر على لوحة رخامية، لتؤرخ حدثاً عظيماً، وتُثبَّت على صخور نهر الكلب مثلاً. لكن، في عهد فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، وفي حكومة دولة الرئيس حسان دياب، وبحضور وزيرة الدفاع زينة عكر، وبمشاركة قائد الجيش العماد جوزف عون، وبتشجيع وتدخّل من النائب جبران باسيل وسفير لبنان في واشنطن غبريال عيسى وآخرين، تم الإفراج عن العميل عامر الفاخوري، جزار معتقل الخيام. أوقفت السلطات اللبنانية الفاخوري، في أيلول الماضي، بعدما عاد القائد السابق لثكنة الخيام في عصابات عملاء العدو الإسرائيلي قبل تحرير الجنوب، والمسؤول العسكري لمعتقل الخيام، من الولايات المتحدة الأميركية برعاية رسمية، وبمواكبة أمنية من استخبارات الجيش، ودبلوماسية من السفارة اللبنانية في واشنطن. أوقِف بعدما افتُضِح أمر دخوله البلاد. منذ لحظة توقيفه، بدأت الضغوط الأميركية. حاول مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس التهرّب من توقيفه. لكن ضغوط الأمن العام حالت دون ذلك. سريعاً فرّ جرمانوس، وأحال الملف على معاونته القاضية منى حنقير التي ادّعت على العميل الموقوف. لم تثن الضغوط القاضية نجاة أبو شقرا عن إصدار قرار باتهامه.
فجأة، جرى «اكتشاف» إصابته بالسرطان. تزامن ذلك مع رفع أسرى محرّرين دعوى جزائية ضد الفاخوري. لكن قاضي التحقيق لم يتمكّن من استجوابه مرة واحدة. وفي كل جلسة، كانت ترد إليه برقية أمنية تقول: «تعذّر سوقه لأسباب صحية». قبل ذلك، جرى التعذّر بـ«الأسباب الأمنية» لعدم نقله إلى مكتب قاضي التحقيق في النبطية لاستجوابه. كانت الخطة توجب عدم صدور مذكرة توقيف تمنع إطلاقه لاحقاً.
لم يُترك الفاخوري ينام في زنزانة بعد ذلك. تولى الجيش حمايته كسر من أسرار الدولة. يمكن أياً كان أن يعرف خبايا المؤسسة العسكرية، لكن أحداً لم يتمكّن من الجزم بمكان وجود الفاخوري. قيل إنه في مستشفى. وقيل إنه نقل إلى آخر. الضغوط الأميركية كانت تتكثّف. تهديدات بعقوبات، وبوقف المساعدات عن الجيش. قائد الجيش أصلاً لم يكن بحاجة إلى تهديدات. هو حريص على الفاخوري كحرص بنات الأخير عليه. يتحصّن بأن أحداً في هذه البلاد لا ينتقده. ثم أتته حصانة مضاعفة. وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل يزور لبنان لينقل إلى وزير الخارجية السابق جبران باسيل رسالة وحيدة: الرئيس دونالد ترامب يطلب شخصياً إطلاق سراح الفاخوري. وإذا مات في السجن، فتوقعوا أشد العقوبات. السفيرة الأميركية السابقة إليزابيت ريتشارد تزور رئيسي الجمهورية والحكومة، مطالبة بإعادة الفاخوري إلى بلادها. خليفتها، دوروثي شيا، تقدّم أوراق اعتمادها المعنونة بـ«نريد عامر الفاخوري». مدير محطة الاستخبارات المركزية الأميركية في بيروت (سي آي إيه) يجول على المسؤولين الأمنيين مستطلعاً عن الفاخوري. يجزم أحد السياسيين الجديين في فريق 14 آذار السابق بأن الفاخوري كان يعمل في جهاز أمني أميركي، وبأنه كان مكلفاً بمهمة في لبنان. يُرد عليه بأن لانغلي وأخواتها لن ترسل عميلاً إسرائيلياً إلى لبنان لتنفيذ مهمة، فيجيب: راقِبوا ما يقوله مسؤولو واشنطن، تعرفون أهمية الرجل. إنهم يُعدّون قانوناً في الكونغرس يعاقب كل من تسبّب في توقيفه.
القرار صدر أخيراً. هندسته، من خلف الستارة، وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. البيت الأبيض (ومكتب الأمن القومي ضمناً) والخارجية الأميركية والسفارة في عوكر نقلوا القرار إلى الجانب اللبناني. عاونهم في ذلك السفير اللبناني غبريال عيسى الذي زار بيروت في شباط الماضي ليبلغ رئيس الجمهورية وباسيل أن واشنطن ستفرض عقوبات على لبنان، وعلى شخصيات لبنانية، وستوقف المساعدات للجيش، إذا بقي الفاخوري موقوفاً. حرص الأميركيون على التفاصيل. اتُّخِذ القرار في بعبدا، وبالتشاور مع رئيس الحكومة الذي وافق، فيما كان قائد الجيش «على الخط» مع عوكر. فوتِح حزب الله بالأمر مرتين على الأقل (مرة من قبل رئيس المحكمة العسكرية، ومرة من قبل العونيين). وفي المرتين، كان يجيب بأن هذا الأمر خط أحمر. يومها قال المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات إن الفاخوري سيموت في السجن.
لكن واشنطن تفعل ما تشاء في بيروت.
تولى قائد الجيش إبلاغ رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله بالقرار، فيما تولى العونيون أمر القاضي بيتر جرمانوس، الفار من ملفات الفساد إلى الاستقالة. رُكِّبت جلسة المحكمة العسكرية أمس، فيما المحاكم مقفلة. وقبل سريان قرار إقفال المطار، أصدرت المحكمة العسكرية، برئاسة العميد حسين عبد الله، وبإجماع أعضائها، قرار الموافقة على الدفوع الشكلية التي قدمها وكلاء الفاخوري القانونيون. التهم الموجهة إليه أسقِطت. كان جرمانوس قد استبق ذلك بترك الأمر للمحكمة، ما يعني أنه لن يطلب نقض قرارها. في الحكم الذي أصدرته هذه المحكمة الاستثنائية (ولا يُعرف سبب استمرار وجودها أصلاً)، والذي لم يأت على ذكر العدو الإسرائيلي، ارتكبت المحكمة مخالفة للقانون، واضحة وصريحة ولا تحمل أي لبس. أوردت في التهم الموجهة إلى الفاخوري «تعذيب الأسير علي حمزة ومن ثم خطفه وإخفائه». وفي العبارة التي تلي، كتبت المحكمة «سقوط دعوى الحق العام بمرور الزمن العشري». جهابذة المحكمة العسكرية، الذين نفذوا الأمر السياسي الممتثل للأوامر الأميركية، لم يلتفتوا إلى أن جرمي الخطف والإخفاء لا يسقطان بمرور الزمن. فماذا لو كان علي حمزة لا يزال مخطوفاً حتى اليوم؟ القضاء الذي انتظر سنوات ليتثبّت من أن معمر القذافي قد قُتِل، اعتمد على روايات شهود قالوا إنهم رأوا الفاخوري ينقل الأسير علي حمزة الذي لم يكن يتحرّك. تجاهلوا أن حمزة لا يزال في السجلات اللبنانية حياً، واسمه يرد بلا شطب في «إخراج القيد» العائلي. هذه الفضيحة، على فداحتها، شكلية للغاية مقارنة بفضيحة إطلاق الفاخوري. لكن الثانية بُنيت على الاولى.
المدعي العام التمييزي قال إنه سينقض قرار المحكمة العسكرية. «شكليات» إضافية. فقانون القضاء العسكري ينص في المادة 92 على أن نقض الحكم من قبل النيابة العامة لا يوقف تنفيذه. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الفاخوري حر، ولن يعود إلى السجن. ولا يستغربنّ أحد إعلاناً قريباً عن تعافيه من مرض السرطان الذي قيل إنه أصيب به، ليخرج قبل الانتخابات الأميركية في فيديو إلى جانب دونالد ترامب.
"البناء": فضيحة تهريب العميل الفاخوري تهزّ القضاء والحكومة والمؤسسة العسكريّة… والبلد
صحيفة "البناء" رأت أن كورونا صار خبراً تفصيلياً ليل أمس، حيث شهد لبنان أكبر فضيحة قضائيّة معاصرة تمثلت بخطة مدبّرة لتهريب جزار الخيام العميل عامر الفاخوري الذي يطلب الأميركيون بإلحاح الإفراج عنه، فأقرّت المحكمة العسكرية سحب الملاحقات بحقه، لتقوم السفارة الأميركية بتسلّمه ليلاً ونقله كما يعتقد إلى مقر السفارة، وربما لنقله فوراً إلى قبرص ليصير خارج دائرة أي خطر ملاحقة، والحدث الصادم كان فوق طاقة اللبنانيين على الاستيعاب، فالسؤال الكبير كان، كيف يمكن لقضاة في المحكمة العسكريّة، لكل منهم لونه السياسي والطائفي أن يقروا بالإجماع وقف الملاحقة عن الفاخوري باستفاقة مفاجئة في يوم عطلة على الأخذ بذريعة مرور الزمن، ما ومَن وراء هذه العجلة؟ والسؤال الأهم، هل الأمر تمّ بدون غطاء سياسيّ، ومن أي جهات، ولأي مدى ثمة متورطين سياسيين من الصف السياسي الأول ومَن هم؟ وهل هناك تورط يطال بعض المؤسسة العسكرية، وعبر مَن قام الأميركيون بخياطة هذه الحبكة وإبقائها سراً حتى تمريرها؟ وهي بلا شك صفعة معنوية للمقاومة وبيئتها، التي ظنّ كثيرون أنها بصورة ما جرى ومشاركة فيه ضمن صفقة تتصل بمصير موقوفين لبنانيين في واشنطن وباريس، وربما كشف مصير مفقودين لدى كيان الاحتلال، لكن مصادر في حزب الله وعلى صلة بالملف نفت نفياً قاطعاً أن يكون لديها علم بما تمّ بصورة تختلف عما عرفه سائر اللبنانيين، وعبرت عن صدمتها للفضيحة ومدى وقاحة مَن تورّط بها، مستبعدة أن يكون ثمّة تورّط سياسي أبعد من قضاة المحكمة العسكرية، متوقعة أن يترتب على الموقف الشعبي وردة الفعل التي ستنجم عن الفضيحة تردّدات يصعب ضبطها، فيما رأت مصادر متابعة سياسياً أن الذي جرى فيه كمية من التجرؤ على التعامل مع المقاومة وبيئتها بطريقة غير مسبوقة منذ عقود، متوقعة موقفاً شديداً من حزب الله ومراجعة لمسارات كثيرة في الملفات الأمنيّة والقضائيّة، وما يدور حولها في السياسة، ورسائل شديدة القسوة نحو كل من تحوم حوله شبهات التورّط في هذا التجرؤ الذي يتخطّى حدود قضية جزار الخيام على أهميتها ليطال مكانة المقاومة المعنوية ومحرّماتها، والتجرؤ على معنويات شهدائها وجمهورها بطريقة لم يشهدها لبنان منذ اتفاق الطائف.
الفضيحة الصادمة لم تكن يتيمة، فقد توالت مجموعة من الأحداث التي رأت فيها مصادر سياسية متابعة مؤشرات لخطة ربما يتم إعدادها تحت الطاولة لتدحرج الوضع في البلد نحو الفوضى، فتمرّدت المصارف على الحكومة في القيام بواجباتها المفترضة في قرار التعبئة العامة الذي أعلنته الحكومة، وتوجّه وزير المالية غازي وزني للقضاء للتصرف بمواجهة هذا العصيان المصرفيّ، بينما شهد ليل أمس خروجاً مفاجئاً لمجموعات قطع الطرقات مجدداً، وبعضها بطرق استعراضية تحت عنوان التمرّد على كورونا، بينما كان سجن رومية ومنطقة الشمال على موعد مع تحضيرات لعصيان وتحرك تحت تأثير قضية تهريب العميل الفاخوري بقرار قضائي، لفتح ملف العفو العام في الشارع، بحيث تتشكل من مجموع هذه القطع من «البازل» لوحة مكتملة لحال الفوضى، التي يتفاقم انتشار الفيروس في ظلالها، وتحصد الحكومة بالحصيلة نتائج فشل مالي وصحي وأمني، ويراهن خصومها على كسر إرادتها بتجميع هذه المعارك وترصيدها في توقيت يتيح توجيه الضربة القاضية، ما لم تتصرّف الحكومة مع كل من هذه الملفات بحزم يعبّر عن حجم الخطورة والمسؤولية في آن واحد.
"اللواء": المصارف «تتمرد».. والشارع يمتثل والإصابات بالكورونا ترتفع
وفي اليوم الأوّل لسريان مفعول قرارات مجلس الوزراء، المتعلقة بإعلان التعبئة العامة في البلاد، نجحت الحكومة في الاختبار، فاتحة الباب امام أسئلة مقلقة، لماذا بقيت المصارف عصية على قرار فتح أبوابها لتأمين الخدمات المصرفية للمواطنين ولحاجات التموين والاستشفاء، بانتظار ما يمكن ان تسفر عنه المعالجات الجارية لاحتواء هذا التطور السلبي.
وخلت أمس شوارع بيروت المزدحمة عادة من السيارات بشكل كبير وابتعد المارة عن منطقة الكورنيش المطلة على البحر مع سريان إجراءات الحكومة الرامية لكبح تفشي فيروس كورونا محققة نجاحا بدرجات متفاوتة.
وطلبت الشرطة بإغلاق عدة متاجر فتحت أبوابها في بيروت في انتهاك لأمر الإغلاق، وتم إبعاد مجموعة من السباحين عن الشاطئ بمدينة صيدا في جنوب لبنان.
وخفت حركة السيارات في بيروت في طرق تشهد عادة ازدحاما شديدا.
وقال مسؤول أمني إن الالتزام بقرار الحكومة لا يزال ناقصا وأشار إلى أن بعض الناس لا يملكون خيارا سوى الذهاب إلى العمل.
وأضاف «حركة المرور أقل بالتأكيد لكن لا تزال هناك سيارات في الشوارع... هناك حملات توعية لكنها لا تصل إلى جميع قطاعات المجتمع».
على ان الأنكى في المعالجة اللبنانية لوباء «كورونا العالمي» بالغ الخطورة، هو هذا «النقيق» الذي يتسم به المشهد اللبناني، الذي تعيره الحكومة آذاناً صاغية، وتنبري للرد عليه، تحت مسمى «الاستثمار السياسي» غير ان الأهم، ما لاحظه مراقبون من امتثال اللبنانيين، مواطنين وموظفين ومستخدمين لقرار الحكومة إعلان «التعبئة العامة»، فلا مقاهٍ، ولا مطاعم، وحتى الفنادق، فبدت بيروت، أشبه بمدينة اقتصرت فيها الحركة على الغذاء والدواء، وحركة السيّارات الخاصة والعمومية، وحدها المصارف أقفلت أبوابها خلافاً لقرار الحكومة الذي استثناها من الاقفال، ثم اجتمعت الجمعية، لتستند إلى بيان اتحاد موظفي المصارف، وعددهم 26.000 موظف ومستخدم، خشية الإصابة بفايروس الكورونا، وقررت الاقفال في كل فروع المصارف اعتباراً من 17 آذار 2020 حتى 29 آذار 2020 ضمناً، واستدركت الجمعية انه «أسوة بما قام به مصرف لبنان، سوف تتخذ المصارف كل الإجراءات الكفيلة بضمان استمرارية العمل في الإدارات العامة، وستوفر السحب النقدي من اجهزة الصراف الآلي، وتأمين دفع الرواتب الموطنة وغير الموطنة، وتأمين العمليات التجارية الملحة للشركات والمؤسسات التجارية والصناعية المتعلقة بالأمن الغذائي والمستلزمات الطبية والعمليات المدعومة من قبل مصرف لبنان».
ورفض وزير المال غازي وزني القرار المصرفي، ودعا النيابة العامة للتدخل، وإلزام المصارف بالانصياع لقرار الحكومة..
وفتح قرارالاقفال ورفض وزارة المال، سجالاً بين النقابة والوزير وزني، حيث ردّت لاحقاً على مطالبته باحالة الملف امام النيابة العامة بأن قرارها ينسجم مع التعبئة العامة، وهي تتماشى مع الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها مصرف لبنان، والتي قضت بإقفال فروعه، وتسيير أعماله على النطاق الضيق للحد من تواصل المواطنين المباشرين مع موظفيه..
وأكد الوزير وزني لـ«اللواء» ان ما صدر عنه لجهة اعتبار اقفال المصارف بمثابة اخبار صحيح، ولكنه استدرك ان هذا الموضوع غير مطروح على جدول أعمال مجلس الوزراء اليوم.
وفي سياق الجاري على خلفية القرارات الحكومية، نفت مصادر مطلعة ما تردد عن خلاف وزاري بين من يطالب بطوارئ عامة ومن يطالب بتعبئة عامة داخل جلسة مجلس الوزراء اول من امس ولفتت الى انه في الاساس لم يطرح موضوع الطوارئ انما التعبئة العامة بعدما اوصى المجلس الاعلى للدفاع بذلك وكما اشارت اللواء في عددها امس تمت مناقشة الفرق بين الطوارئ والتعبئة وان المستشار القانوني لوزارة الدفاع الوزير السابق ناجي البستاني كان حاضرا وشرح هذا الفرق وما من احد طرح موضوع الطوارئ. واوضحت ان قرار التعبئة العامة اتخذ والكل سار به من دون اي اعتراض.
"الجمهورية": التعبئة العامة: إلتزام جزئي .. وإخبار من وزني على إقفال المصارف
وحسب "الجمهورية"، فقد أملت الضرورة الوبائية على الحكومة، إعلان التعبئة العامة الصحيّة، للحدّ من انتشار فيروس «كورونا» في الأرجاء اللبنانية. واليوم الاول لسريان مفعول هذا الإجراء الحكومي، لم يعكس الالتزام المطلوب على المستوى الشعبي، حيث سُجلّت خروقات في بعض المناطق، فرضت تدخّل البلديات والأجهزة الامنية لمنعها. فيما أثار قرار جمعية المصارف بإقفال أبواب المصارف، إعتراضاً واسعاً من وزير المال غازي وزني، الذي اعتبر أنّه بمثابة إخبار إلى النيابة العامة، وكذلك أثار القرار قلقاً كبيراً لدى المواطنين.
بالتأكيد، إنّ مهمة الدولة لا تنتهي مع إعلان التعبئة العامة، ولا تقتصر على دعوة اللبنانيين الى الالتزام بمنازلهم، خصوصاً أنّه واجب عليهم، كما لا تقتصر فقط على زيادة سرعة الانترنت وما الى ذلك من إجراءات سطحية أو شكلية، بل إنّ مهمتها مضاعفة، توجب عليها المبادرة الى التحرّك على ثلاثة خطوط متوازية في آن معاً:
الأول، إتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف مسلسل ضخ الشائعات والأخبار المفبركة، الذي عمّم في البلد اجواء سوداوية جعلت الذعر من الوباء الخبيث اقلّ على الناس من تأثير الوباء نفسه.
الثاني، السعي الحثيث الى توفير الإمكانات الصحية والوقائية لمواجهة هذا الفيروس، حتى ولو اضطرت الى أن تقرع كل الابواب الخارجية.
الثالث، اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير المواد الحياتية للمواطنين خلال فترة التعبئة العامة، وهو الحدّ الادنى المطلوب بالتوازي مع التشدّد في منع اي محاولة من التجار للاحتكار او للتلاعب بالأسعار ورفعها، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات العقابية الصارمة بحق المتلاعبين، علماً انّ اسعار السلع، وجراء تهافت المواطنين عليها قد ارتفعت في الايام الاخيرة بشكل جنوني.
مرجع مسؤول
هذا ما اكّد عليه مرجع مسؤول بقوله لـ«الجمهورية»: «مع دعمنا الكامل لقرار الحكومة، وتقديرنا للاستنفار الصحي المُعلن لضمان الحدّ من انتشاره، الّا انّ الغجراءات المُتخذة ينبغي الاّ تنتهي بمنع التجمعات في الأماكن العامة والخاصة، كالملاهي والمقاهي والحدائق العامة ومراكز التسوق والمطاعم وأماكن الترفيه وغيرها، بل تستدعي أيضاً، الحدّ منها في الأماكن المُستثناة، وقبل ذلك التشدّد في مراقبة اسعار السلع، لئلا يلجأ بعض التجار الى تحقيق ارباح على حساب حياة الناس ومعاناتهم».
مرجع أمني
بالتوازي، مع تأكيد الموقف الرسمي، ولاسيما على مستوى الرئاسات الثلاث، على وجوب التشدّد في تطبيق الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، قال مرجع امني كبير لـ»الجمهورية»: «انّ الإجراءات التي قرّرتها الحكومة ومجلس الدفاع الأعلى ستُطبق بحذافيرها، وأُعطيت التوجيهات اللازمة للقوى الامنية والعسكرية ضمن الإطار المحدّد لها. والاولوية بالنسبة الى القوى الامنية على اختلافها هي حفظ الامن العام وسلامة المواطنين في كل المناطق اللبنانية، وثمة تعليمات صارمة قد أُعطيت للقوى الامنية والعسكرية بمنع حصول اي إخلال بالأمن، والتشدّد مع المخلّين».
المصارف تقرّر الإقفال
إلى ذلك، وفي تطور لافت، وعلى الرغم من أنّ المصارف مستثناة من إعلان الحكومة التعبئة العامة، فقد بادرت في الساعات الماضية الى خطوة مريبة تثير أكثر من علامة إستفهام حول أبعادها، تجلّت في إعلان إقفال المصارف إعتباراً من اليوم وحتى 29 آذار الجاري.
وزني يُحيل قرار المصارف الى النيابة العامة
وعبّر وزير المال الدكتور غازي وزني عن إعتراضه على قرار المصارف، وقال في بيان له أمس، «إنّ قرار مجلس الوزراء المتعلِّق بدعوة المصارف الى فتح أبوابها خلال فترة التعبئة العامة، وتلبية حاجات المودعين الأساسية ولو بحدِّها الأدنى هو بمثابة إخبار الى النيابة العامة، وهي مدعوّة الى التحرّك سريعاً في ضوء قرار جمعية المصارف المتسرِّع بالإقفال من دون الإلتفات الى تسيير مصالح الناس ولو بالحد الأدنى، كما جاء في قرارات مجلس الوزراء».
ولاحقاً، ردّت جمعية المصارف بأنّ «قراراتها المُتّخذة اليوم جاءت منسجمة تماماً مع قرارات وتوجيهات مجلس الوزراء بإعلان التعبئة الوطنية العامة لمواجهة حال الطوارئ الصحيّة في البلاد، بحيث أنّ المصارف سوف تؤمّن من خلال إداراتها العامة ومراكزها الرئيسية الحدّ اللازم والمفروض لتيسير العمل ولتأمين الخدمات المصرفية الأساسية لعملائها، سواء لجهة عمليات السحب النقدي بواسطة أجهزة الصرّاف الآلي، أم لجهة تنفيذ العمليات التجارية الملحّة المتعلّقة بالأمن الغذائي والمستلزمات الطبية للمواطنين».
وزني لـ«الجمهورية»
وقال الوزير وزني لـ«الجمهورية»: «في وضع كالذي نمرّ به حالياً، يفترض بالمصارف أن تؤمِّن الحد الأدنى من الخدمات المالية للمواطنين، علماً أنّ خطوتها هذه تؤثر على الناس، وتلقي لديهم حالاً من عدم الإرتياح وعدم اليقين، بل ويزيد قلقهم من هذه الخطوة التي تذكِّر بالخطوة السابقة التي أقدمت عليها المصارف بالإقفال إبتداء من أول تشرين الثاني من العام الماضي».
وأكّد وزني، أنّ هذه الخطوة غير مقبولة على الإطلاق، والتي من شأنها أن تزيد قلق المودعين على ودائعهم، وخصوصاً أنّ المصارف تُكرِّر اليوم دورها السلبي الذي قامت به في تشرين الثاني الماضي. لذلك المطلوب هو العودة عن هذه الخطوة فوراً وبلا أي إبطاء بالنظر الى السلبيات الكبيرة التي تترتب عليها.
«بلومبرغ»
وبالتوازي، كشفت «بلومبرغ» أنّه يجري درس اقتراح بالسماح لأصحاب الحسابات بالدولار في البنوك بسحب الأموال بالليرة بسعر 2000 ليرة لكل دولار، مقارنة بسعر الصرف الرسمي منذ عقود البالغ 1507.5. وذكرت المعلومات إنّ الخطة تهدف إلى تأكيد السيطرة على سعر السوق السوداء الذي لا يزال فوق 2500.
ونوقش هذا الإجراء خلال اجتماع بين المصرفيّين والمدّعي العام الأسبوع الماضي، بعدما وافق الجانبان على مجموعة من القرارات لتخفيف القيود المصرفية، بحسب شخصين مطلعين على الأمر. ويتطلّب الإتفاق صدور تعميم من البنك المركزي ليصبح ساري المفعول.
109 إصابات
في جديد الوباء لبنانياً، استمر عدد المصابين بفيروس «كورونا» في لبنان في منحاه التصاعدي، حيث اعلنت وزارة الصحة امس عن ارتفاع عدد الحالات المثبتة الى 109 حالات، فيما أُعلن في الوقت نفسه عن حالتي شفاء.
اسبوعان دقيقان
ولفت في هذا السياق، إعلان وزير الصحة حمد حسن «انّ هذين الاسبوعين هما الأكثر دقّة، فعنوان المرحلة ضبط الانتشار المحدود ورصد عدم تحوّله الى مرحلة الانتشار الاوسع».
وإذ امل «ان يشكّل الطقس مساعداً لتخفيف الإجراءات»، اشار، «انّ لدى الحكومة خططاً تسير بوتيرة مضبوطة، وعلى قدر ما يكون التعاون بين مختلف مكونات المجتمع لتطبيق الإجراءات المُتخذة، يتمّ الحد من انتشار الوباء، فلا يصل لبنان الى مكان لا يستطيع احد ضبطه». وقال: «اننا نواجه الأزمة باللحم الحي، ولولا تفهّم المجتمع وتحسّسه بالمسؤولية، لكنا اصبحنا في مكان آخر».