لبنان
الارتفاع الجنوني لسعر الصرف..يدفع الناس إلى الشوارع...والحكومة تلتئم بشكل استثنائي اليوم
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على غضب الناس العارم ونزولهم إلى الشوارع اللبنانية، على اثر ارتفاع سعر الدولار بشكل جنوني تخطى 5000 ليرة فيما وصل بحسب الحديث في السوق السوداء إلى 7000 ليرة، وعلى وقع ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية اليوم، فيما حمّل المتظاهرون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مسؤولية الارتفاع الجنوني لسعر الصرف.
"الأخبار": حكومة دياب تحت الضغط الاقتصاديّ والشعبيّ
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن كلّ الظروف مهيّأة لانتفاضة شعبية، معيشياً، اقتصادياً، مالياً، نقدياً، إدارياً... على جميع المستويات السياسية، البلاد تعبة. ولأجل ذلك، نزل الناس الغاضبون إلى الشوارع في طول البلاد وعرضها ليل أمس. الشعارات متعددة حتى تكاد لا تُحصى، لكن أكثرها تداولاً كان «إسقاط رياض سلامة».
ولفتت إلى انه في دولة اقتصادها مدولَر، لم يعد مِن سعر لشراء الدولار. يقصد الناس الصرافين، فيشتري الصراف منهم الدولارات بـ4800 ليرة وبـ5000 ليرة وصولاً إلى 5200 ليرة. لكن من النادر أن يجد أحدٌ صرافاً واحدا يبيع الدولار. من هنا، باتت الأرقام ترتفع، حقيقة ووهماً، حتى وصلت على بعض وسائل الاتصال إلى 7000 ليرة للدولار الواحد، لكن من دون صراف يبيع. في مقابل ذلك، خرج حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، ببيان يقول فيه إن كل ما يُحكى عن سعر الصرف «غير حقيقي». يبدو سلامة كمن يعيش في كوكب آخر. سعر الدولار، في عهده، صار أسعاراً: السعر الرسمي الأول بين مصرف لبنان والمصارف (1507)، السعر الرسمي الثاني الذي يعتمده مصرف لبنان مع المصارف بموجب التعميم رقم 148 (3000 ليرة أو 3200 ليرة) السعر الرسمي بين المصرف والصرافين (3850)، السعر الرسمي لشركات تحويل الأموال، السعر الرسمي للصرافين الذي قال سلامة في التعميم الذي أصدره أول من أمس إنه يريد الوصول إليه مستقبلاً (3200)، السعر الرسمي المسموح للمصارف تسجيله وهمياً لزبائن محظيين عبر تحويل دولارهم الطازج إلى ما بين 2.1 دولار و2.8 دولار. يُضاف إلى ما سبق أسعار لا تُعد ولا تُحصى في السوق السوداء. ما سبق يجري بقرار من رياض سلامة الذي يريد من الناس أن يقتنعوا أن الأمور قد «فلتت» من بين يديه، فيما أداؤه لا يوحي سوى بأنه يتعمّد إسقاط البلاد بكل ما فيها. أداؤه التخريبي مرّ بنقطة تحوّل ليل 17 تشرين الأول الفائت، عندما شارك جمعية المصارف قرارها، من واشنطن، إقفال أبواب البنوك. وفي الأيام الأخيرة، كان حاكم «المركزي» يغدق التعاميم التي يقول إن هدفها خفض سعر الدولار مقابل الليرة، فيما الدولار يختفي من السوق وسعره يحلّق.
وقالت الصحيفة إنه إذا جرى التجاوز عن كل ما ارتكبه رياض سلامة على مدى 27 عاماً قضاها حاكماً لمصرف لبنان، فإن أداءه في الأشهر الأخيرة كافٍ وحده ليشكّل مضبطة اتهام جزائية وسياسية، تسمح بالإطاحة به. ما فعله يخالف، نصاً وروحاً، قانون النقد والتسليف الذي يحمّل حاكم مصرف لبنان، حصراً، مسؤولية سلامة الليرة. لكن رياض سلامة ليس كأي موظف. فريق الحماية الخاص به عابر لكل الانقسامات. فيما كانت أصوات جزء كبير من المحتجين الذين نزلوا إلى الشارع ليل أمس تصدح مطالبة بإسقاط سلامة، كان النائبان ياسين جابر، وإبراهيم كنعان، على سبيل المثال للحصر يتحدّثان بما لا يؤدي سوى إلى الدفاع عن سلامة. الأول ينتقد (عبر موقع «النهار» الإلكتروني) الحكومة بسبب التعيينات التي كان لفريقه السياسي الحصة الأكبر (والأكثر وقاحة) فيها، وبسبب ما يسميه الإحباط الذي سببه أداؤها للناس، نتيجة التباين في أرقام الخسائر! أما الثاني فكان يحذّر من المسّ بأموال المودعين، ويقول لبرنامج «صار الوقت» على «أم تي في» إن المطلوب تعاون الجميع (يقصد سلامة) للخروج من الأزمة. موقف تيار المستقبل المدافع عن حاكم مصرف لبنان لا يحتاج إلى دليل. وعلى منوال سلامة، استغرب الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ارتفاع سعر الدولار، كما لو أن سياسات فريقه السياسي، منذ عام 1992، لم تؤسس للخراب الذي وقع.
واضافت "الأخبار"، "ليل أمس، وعلى وقع هتافات الغاضبين في الشارع، كانت القوى السياسية المشاركة في الحكومة تجري مشاورات تحت عنوانين: حماية الحكومة من السقوط، وضرورة معالجة أزمة الدولار. مفتاح العنوان الثاني هو تغيير رياض سلامة. ضرورة إقالة سلامة طرحها أكثر من فريق مشارك في الحكومة. استطلاع الآراء يفضي إلى نتيجة مؤداها أن الرئيس نبيه بري لم يتخلَّ بعد عن دعمه لسلامة. وهو يفضّل أن يتولى رئيس الحكومة حسان دياب الضغط على حاكم مصرف لبنان لضبط سعر الصرف. كذلك يظهر سريعاً الخلاف على هوية خليفة سلامة".
ولفتت إلى أن رئيس الحكومة الذي تضرّرت صورته إلى حدود غير متوقّعة نتيجة أداء مجلس الوزراء، وآخره التعيينات وفق آلية المحاصصة الطائفية المعتادة، سارع أمس إلى دعوة مجلس الوزراء إلى عقد جلستين اليوم: الأولى في السرايا صباحاً، والثانية بعد الظهر في قصر بعبدا. وجدول أعمال الجلستين محصور ببحث وضع الليرة المنهارة. دياب كرئيس للحكومة، وعون كرئيس للجمهورية، يقولان كلاماً قاسياً بحق سلامة. وما كان يُشاع أمس عن غضب أميركي على الحكومة بسبب عدم إعادة النائب الثالث السابق لحاكم مصرف لبنان، محمد البعاصيري، إلى الموقع الذي غادره قبل 14 شهراً، تبيّن أنه غير صحيح مطلقاً. فبحسب مصادر بعبدا أن زيارة السفيرة الأميركية دوروثي شيا إلى القصر الجمهوري تمت بناءً على موعد طلبته منذ ما قبل جلسة التعيينات التي «أطيح فيها بالبعاصيري»، وأن اللقاء كان مخصّصاً لتسويق قانون «قيصر» للعقوبات على الشعب السوري. وكانت شيا «إيجابية في حديثها عن الوضع الاقتصادي اللبناني، لافتة إلى أن بلادها تتوقع إصلاحات تؤدي إلى تعاون بين لبنان وصندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية أخرى كالبنك الدولي»، بحسب مصادر الرئاسة. ولفتت المصادر إلى أن شيا لم تأتِ على ذكر التعيينات التي وقعت، وأنها سألت عن أزمة التشكيلات القضائية، وأجابها رئيس الجمهورية بأن موقعه يفرض عليه الحرص على احترام الدستور.
وتابعت أنه انطلاقاً من احترام الدستور، المطلوب من عون ودياب المبادرة إلى العمل على إقالة سلامة، وتعيين بديل عنه. صحيح أن الأزمة أعمق من أن تُحل بقرار وحيد، مهما كانت أهميته، لكن أي تغيير أو إصلاح أو تخفيف لسرعة الانهيار، يستحيل أن يتم في وجود سلامة، المتآمر على سلامة النقد، والرافض لأي تعاون مع الحكومة بذريعة استقلالية المصرف المركزي. الحكومة مطالبة بسلسلة خطوات للجم الانهيار، والحدّ من سرعة «الهبوط الحر» للنقد والاقتصاد والمالية العامة، بدءاً من إقالة سلامة وتعيين حاكم بديل غير «متمرّد على الشرعية»، واتخاذ إجراءات لتخفيف نزيف الدولارات إلى الخارج عبر الحد من الاستيراد، وعقد اتفاقات سريعة لاستيراد الغاز بهدف خفض فاتورة الكهرباء، ووضع خطة اقتصادية للتحفيز بعيداً عن خيار صندوق النقد. فالأخير سيشترط ما تريده الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها. وهذه الشروط لا يمكن للحكومة، أي حكومة، تنفيذها. السقوط في محاولة تحقيق مصالح الناس، كل الناس، يبقى أقل ضرراً، في كلّ المقاييس، من السقوط في محاولة إرضاء واشنطن وتدمير البلد. لأجل ذلك، ينبغي أن يُقال لسلامة فوراً، باللغة التي يفضلها، إن اللعبة انتهت: Game Over.
"البناء": انفجار الغضب الشعبيّ في كل المناطق
من ناحيتها لفتت صحيفة "البناء" إلى أن "الدولار تخطى سعر الـ 6000 ليرة في بعض الأسواق، بينما قفز بالتأكيد فوق الـ 5000 ليرة في كل الأسواق، وكان لتفاعل هذا التطور صداه في الشارع غضباً تفجّر ليلاً في كل المناطق بنزول كثيف إلى الشوارع، شمل مناطق كانت تبقى منذ احتجاجات 17 تشرين خارج التحركات، كالضاحية الجنوبية والخندق الغميق والجنوب وبعلبك وسواها من المناطق التي تعتبر معاقل لحركة أمل وحزب الله. وفيما توزّعت التحليلات المتداولة في بعض الأوساط الصحافية والسياسية بين حديث عن وجود خطة شبيهة بتلك التي أطاحت حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي عام 1992، لإطاحة الرئيس حسان دياب واتهام حلفائه في الحكومة بالتورط في الخطة، تمهيداً للمجيء بالرئيس سعد الحريري على رأس حكومة وحدة وطنية، فيما نفت مصادر متابعة نفياً قاطعاً وجود فرص أمامها، ووصفت هذه التحليلات بالتخيلات؛ بينما ذهبت تحليلات أخرى إلى الحديث عن فرضية سير الحكومة بقرار إقالة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، في ضوء الشعارات التي رفعها المتظاهرون في العديد من الشوارع، وسط استنكار الأطراف السياسية التي كانت تروج أبوتها لتحركات الشعبية لهذا الشعار".
وقالت مصادر حكومية إن الاجتماعات الحكومية المقررة اليوم لمناقشة الوضع النقدي المتدهور، ليست على جدول أعمالها إقالة حكام المصرف المركزي، بل تفعيل المجلس المركزي لمصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، بعدما اكتمل قوامهما بتعيينات أول أمس. وقالت المصادر إن احتمال إنجاز قسم اليمين للمعينين الجدد لتسريع مباشرة أعمالهم، وارد اليوم بين اجتماعي الحكومة في السراي وبعبدا، حيث سيكون التركيز على جملة إجراءات منها التشدّد في مواجهة السوق السوداء التي تقف وراءها جهات تتولى شراء الدولار للمضاربة على الليرة وليس لتمويل أي حاجات تتصل بالشأن الاقتصادي، وربما تكون بعض المصارف متورط بالأمر. وأضافت المصادر أن قيام مصرف لبنان بالتدخل لمواجهة المضاربة بالتوازي مع الملاحقات الأمنية والقضائية، ستناقش من كل جوانبها، وسيليها نقاش مع حاكم المصرف ونوابه، لبلورة رؤية موحّدة للسيطرة على فلتان سوق الصرف، فيما قالت مصادر مالية إن حجم ما يُضخ في السوق اللبنانية من دولارات يزيد عن مئة مليون دولار شهرياً يغطي حاجات الاستيراد الاستهلاكي، ويتيح حماية سعر الصرف عند الـ 3200 ليرة للدولار الواحد، بعدما تراجع الاستيراد للكثير من السلع بسبب تدني القدرة الشرائية لليرة إلى النصف وتراجع الاستهلاك، وطالما يتم تأمين الحاجات الرئيسية من مشتقات نفطية وقمح ودواء ومواد أوليّة صناعية عبر مصرف لبنان على سعر منخفض، فيما يفترض أن تغطي المبالغ التي يتمّ تداولها في السوق الحاجات الاستهلاكية وفقاً للآلية المقررة مع مصرف لبنان.
وقالت "البناء" لم يكد لبنان ينفض غبار أحداث السبت الماضي التي كادت أن تؤدي الى فتنة وعودة الى خطوط تماس الحرب الأهلية، حتى انفجر الشارع مجدداً في مختلف المناطق اللبنانية، وذلك بعد ارتفاع جنوني لسعر صرف الدولار خلال اليومين الماضيين بلغ ذروته أمس حد 6000 ل.ل وأكثر ما يعيد البلاد الى مشهد أحداث 17 تشرين الأول من العام الماضي.
ولفتت إلى أنه لم تعرف الأسباب التي أدّت الى التداول بسعر صرف الدولار في السوق السوداء أمس بـ 6500 ليرة لبنانية في بعض المناطق. فيما حددت نقابة الصرافين سعر شراء الدولار بـ3890 ليرة كحد أدنى، و3940 ليرة كحد أقصى للمبيع! كما لم يمضِ على اتفاق رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونقابة الصرافين سوى أسبوع! فهل هي أسباب مالية موضوعية أم سياسية؟ وهل رفع سعر صرف الدولار أمرُ مفتعل تقف خلفه جهات مصرفية رسمية مع قطاع المصارف رداً على الخطة الحكومية المالية ومقررات اجتماع بعبدا المالي الأخير بهدف عرقلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟ وهل تمّ رفع سعر الصرف لإشعال الشارع كما كانت ذريعة الواتسآب شرارة الانفجار في تشرين الماضي؟ أم أن الأمر يرتبط بملف التعيينات في حاكمية مصرف لبنان لا سيما أن السفيرة الاميركية في لبنان كانت حذرت المسؤولين اللبنانيين من تعيين بديل عن نائب الحاكم السابق محمد بعاصيري! في المقابل نقلت مصادر إعلامية عن حاكم مصرف لبنان قوله إن كل ما يتم تداوله عن ارتفاع في سعر صرف الدولار غير صحيح!
مصادر مطلعة لـ”البناء” أشارت الى أن التحركات الشعبية عفوية ومحقة، لكن الولايات المتحدة الاميركية تقف خلف رفع سعر الصرف بالتكافل والتضامن مع حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف وبعض السياسيين النافذين، ولفتت الى أن السفيرة الأميركية في بيروت نقلت عبر سلامة رسالة الى المسؤولين اللبنانيين بأن تغيير بعاصيري سيؤدي الى تبعات خطيرة منها وصول سعر صرف الدولار الى 10 آلاف ليرة”، وأشارت المصادر الى أن زيارة السفيرة الاميركية الى بعبدا أمس هو تمويه وخداع للإيحاء بأن بلادها غير مسؤولة عما يُعدّ من أحداث في الشارع. وربطت المصادر بين تحريك واشنطن سلاح الدولار والشارع وبين التطورات في المنطقة لا سيما اتجاه “اسرائيل” لضم الضفة الغربية وتريد واشنطن و”إسرائيل” استثمار الوقت المتبقي من ولاية الرئيس ترامب لتمرير الصفقة عبر الضغط على لبنان وسورية لدفعهما للتنازل، وتخييرهما بين التنازل والانهيار.
واتهمت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر الحاكم سلامة بعدم الالتزام بالاتفاق مع الحكومة وعمد الى ممارسة الاحتيال والخداع في التنفيذ، ومن جهة ثانية لسحب دولارات المودعين المخزنة في المنازل. وكشفت مصادر “البناء” عن “اجتماع مصيري بين رئيس الحكومة وسلامة ونقابة الصرافين الاثنين المقبل للعودة الى ترميم الاتفاق الأخير لتثبيت سعر الصرف كفرصة أخيرة وإلا سيصار الى اتخاذ إجراءات بحق سلامة وصولاً الى مساءلته قضائياً وإقالته”.
وأمس أعلن المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء في بيان أن “رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب ألغى مواعيده اليوم وذلك من أجل عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء مخصصة لمناقشة الأوضاع النقدية، عند التاسعة والنصف صباحًا في السراي الحكومي، على أن تستكمل الجلسة عند الساعة الثالثة في القصر الجمهوري”.
وبحسب البناء تحدّثت معلومات عن توجّه حكومي لإقالة سلامة في جلسة بعبدا وتعيين مكانه نظراً لتوسع دائرة الاعتراض الشعبي على سلامة وأدائه وتحميله مسؤولية الانهيار النقدي والمطالبة بإقالته، علماً أن المعلومات تتحدث أن تمرير تعيينات الحاكمية كانت تمهيداً لأي خطوة لإقالة سلامة تجنباً للفراغ في موقع الحاكمية. فيما توقع نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي وصول سعر الصرف الى 10 آلاف ليرة اذا لم تبادر الحكومة إلى ضخ كميات كبيرة من الدولارات في السوق.
وتربط مصادر مراقبة بحسب البناء بين الضغط الأميركي على لبنان واستغلال الوضع الاقتصادي وبين تسريب توصية لجنة الحزب الجمهوري في الكونغرس الأميركي بفرض عقوبات على رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب باسيل، لكن مصادر مطلعة تشير الى أن “توصية هذه اللجنة ليست جديدة بل سبق وتم الحديث بها منذ 9 أشهر وهي ليست مشروعاً جدياً وليس على مستوى الكونغرس أو الإدارة الأميركية وهذا مرتبط بالتصعيد في المنطقة”.
وسبقت التحركات الشعبية سلسلة مواقف أطلقها الرئيس سعد الحريري ما يثير تساؤلات حول ما اذا كانت منسقة قبيل انفجار الشارع! واللافت هو تحريض الحريري المؤسسات المالية الخارجية على لبنان والحكومة واستدراج مقاطعتها للحكومة وخطتها وفرملة المفاوضات مع صندوق النقد في عز الازمة المالية والاقتصادية! وذلك بقوله: “كنا استبشرنا خيراً أن معمل سلعاتا ألغي، ولكن فوجئنا بعودة العمل إلى الخطة فكيف يمكن للبنك الدولي وصندوق النقد أن يعتبرا هذا الأمر منطقياً؟»، فهل كل ذلك بهدف عودة الحريري الى رئاسة الحكومة وإن سقط البلد؟.
وردت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر على الحريري عبر «البناء» بالقول ان «الحريري ومنذ إقصاء نفسه عن رئاسة الحكومة وهو يمضي وقته في خوض معارك وهمية لشد العصب في طائفته لترميم شعبيته المتراجعة ووضعه المنهار ولا وسيلة لديه لشد العصب السني إلا بالتصويب على الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل، وإذا أراد تنصيب أحد في السرايا فليفعل ذلك». واضافت: «ان رئيس الحكومة هو من سمّى وزيرة الدفاع وليس التيار، فنحن ليس لدينا وزراء للتيار بل سئلنا عند تأليف الحكومة عن بعض الاسماء فلم نعارض واقتصر دورنا على القبول لا التسمية، واذا كان رئيس الحكومة حسان دياب مزعوجاً من وجود وزيرة الدفاع فليبعبر هو عن ذلك فلا يمكن للحريري ان يكون ملكاً أكثر من الملك، ولو كان هو الرئيس لكان يستطيع فعل ما يريد اما الآن فالأفضل الصمت».
وفي موضوع التعيينات اوضحت المصادر «أننا نعمل على استعادة التوازن الى الدولة عبر استعادة المواقع المسيحية التي وضع الرئيس رفيق الحريري يده عليها وسبق وأبلغنا الحريري عندما كان رئيساً للحكومة أننا سنستعيدها».
وعمن يقول إن حصة الاسد في التعيينات لرئيس الحكومة وللتيار الوطني فهم بذلك يعترفون من دون أن يدروا ان رئيس الحكومة حافظ على الحصة السنية وليس كما يقولون إن دياب يفرط بموقع وصلاحيات الرئاسة الثالثة، ولفتت الى ان «التعيينات المالية خطوة مهمة على صعيد انتظام العمل المصرفي والرقابة المالية».
"النهار": سقوف حارقة تصاعديّة للدولار تُشعل الاحتجاجات
أما صحيفة "النهار" فقالت إن الدولة بدت برمتها وبكل سلطاتها السياسية ومؤسساتها المالية عاجزة أو متفرجة أو قاصرة أمام "التحليق" الناري التاريخي للدولار في "الأسواق السوداء" لبيروت والمناطق محطماً أرقاماً قياسية تجاوزت بعد الظهر الـ 5000 الى 6500 ليرة وربما اكثر. وبدا واضحاً ان البلاد تعيش واقعاً مثيراً لكل المخاوف من تفلت مالي يجسده الارتفاع المطرد للدولار مسقطاً كل المعالجات والتدابير والاجراءات التي اتخذت في الآونة الاخيرة لاحتواء هذه الفورة المخيفة من دون جدوى. ذلك ان الأيام الاخيرة عكست في الواقع تفلتاً بدا عصياً على الضبط بما يحتم مراجعات جذرية للاجراءات التي لا يزال ممكناً اتخاذها لمنع انزلاق الوضع الى متاهات تصعيدية واسعة في الشارع على غرار ما بدأت تنذر به التحركات الشعبية الاحتجاجية من اعتصامات وتظاهرات وقطع طرق رئيسية وفرعية في مختلف المدن الكبرى والمناطق، تعبيراً عن حال الاختناق التي تنزلق اليها البلاد.
واشارت إلى أن الاعتصامات وعمليات قطع الأوتوسترادات والطرق الرئيسية في بيروت والجنوب والبقاع والشمال مساء أمس بدت بمثابة جرس انذار متقدّم حيال انتفاضة ستكون مختلفة هذه المرة على ما تشير كل المعطيات، نظراً الى خطورة العامل المحرك مجددا للاحتجاجات والمتصل بواقع الفقر والبطالة والغلاء والقلق على الودائع المصرفية. وهي عوامل لا تتصل فقط بتداعيات وانعكاسات الارتفاع الخطير للدولار في مقابل انهيارات تاريخية في سعر الليرة اللبنانية، بل أيضاً وأساساً بالقصور الخطير للحكومة الذي أظهرته أمام التحديات الزاحفة للواقع الانهياري المالي والاقتصادي.
واضافت ان ما زاد الطين بلة ان تهافت أهل السلطة على محاصصات التعيينات وسط اشتداد أزمات الناس سلط الاضواء بكثير من الخطورة على احتمالات اشتعال الشارع، علماً ان الأصداء التي تعالت غداة جلسة تقاسم التعيينات تنذر باحتدامات سياسية بدأت تتسرب الى صفوف الحكومة نفسها وتضع مصيرها على محك مصيري، كما يؤكد ذلك وزراء بارزون. أما العامل الأكثر إثارة للقلق والذي ترفض الحكومة الاعتراف به، فيتمثل في ما يؤكده خبراء ماليون ومصرفيون من ان اصرار العهد والحكومة على اعتماد الأرقام المالية الواردة في الخطة الحكومية وضرب كل الأرقام الأخرى لمصرف لبنان وجمعية المصارف عرض الحائط وتصرف الحكومة حيال ذلك بمنطق متصلب ومتشدد، أدى بدوره الى اشاعة الذعر الواسع من الاتجاهات المالية التي تشكل أخطاراً مصيرية على ودائع اللبنانيين في المصارف باعتبار ان خطة الحكومة تستند ظاهراً وضمناً الى كل ما يحاصر المصارف والمودعين باخطار "المصادرة والتأميم". وفي ظل هذا الذعر ووسط التهافت الكبير على شراء الدولار لم يكن غريبا اشتعال الأسواق بارتفاعات خيالية في سعر الدولار بحيث بلغ أمس سقوفاً مخيفة. واتسعت في ساعات المساء والليل التجمعات الاحتجاجية في بيروت خصوصاً وصيدا وطرابلس والنبطية وبعلبك وساحل المتن وكسروان.
وأفادت "وكالة الصحافة الفرنسية" ان الليرة اللبنانية سجلت أمس في السوق السوداء انخفاضاً غير مسبوق ازاء الدولار لامس عتبة الخمسة آلاف، كما أفاد صرافون على رغم تحديد سعري المبيع والشراء رسمياً، في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً متسارعاً وارتفاعاً جنونياً لأسعار السلع.
وقالت إن السلطات اللبنانية تعقد اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي أملاً في الحصول على دعم مالي يضع حداً للأزمة المتمادية، وقت تقترب الليرة من خسارة نحو 70 في المئة من قيمتها منذ الخريف.
وفيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات، حدّدت نقابة الصرافين الخميس سعر شراء الدولار بـ 3890 ليرة حداً أدنى والبيع بـ3940 ليرة حداً أقصى، في خطوة بدأتها منذ أيام بالتنسيق مع الحكومة في محاولة لتثبيت سعر الصرف على 3200 ليرة.
ومساء أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بياناً جاء فيه: "يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تداول معلومات عن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بأسعار بعيدة عن الواقع مما يضلل المواطنين وهي عارية من الصحة تماماً". وذكربُطلبه من جميع الصرافين المرخص لهم من الفئة "أ" أن يتقدموا من مصرف لبنان بطلباتهم لشراء الدولار على سعر 3850 ليرة لبنانية على ان ينخفض تدريجاً الى سعر 3200 ليرة لبنانية.
في غضون ذلك، عقد الوفد اللبناني المفاوض برئاسة وزير المال غازي وزني اجتماعه الـ13 مع صندوق النقد الدولي في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على رأس فريق من المصرف المركزي. وتمحور الاجتماع على موضوع إعداد وتنفيذ الموازنات العامة وإدارة المالية العامة، على أن تستكمل المحادثات الإثنين المقبل.
قالت "النهار" إنه برزت في هذا السياق زيارة للسفيرة الاميركية دوروثي شيا أمس لقصر بعبدا غداة جلسة التعيينات المالية التي يتردد ان السلطات الأميركية لا تنظر اليها بعين الارتياح بعدما غلب عليها طابع المحاصصة السياسية أولاً وعكست اتجاهات مقلقة لمحاصرة حاكم مصرف لبنان بنواب الحاكم الموالين لقوى سياسية مناهضة لسياساته. ومع ان السفيرة شيا لم تدل بأي تصريح عقب زيارتها لبعبدا، استرعى الانتباه ان دوائر القصر نسبت اليها ان "الولايات المتحدة الأميركية تدعم الخطوات الإصلاحية التي يقوم بها لبنان كي يتمكن من الخروج من الأزمة الاقتصادية المالية التي يعانيها".
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024