لبنان
مقاطعة لقاء بعبدا تسقط ربط النزاع بين الموالاة والمعارضة..والحكومة في مواجهة الأزمات المتلاحقة
شكل اللقاء الوطني الذي عقد في قصر بعبدا، مادة دسمة للصحف اللبنانية، التي اختلفت وجهات نظرها من اللقاء، فيما يسجل لرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري هذه المحاولة لإقامة ربط نزاع بين الموالاة والمعارضة على قاعدة الفصل بين ما هو وطني يستدعي التعاون، وما هو سياسي يبرر التنافس، بينما ظهرت نوايا الفريق السياسي المقاطع لحوار هو أشد ما يحتاجه لبنان اليوم، للبحث في حلول جدية للخروج من أزمته الاقتصادية والسياسية، فيما تابع مجلس الوزراء البحث في الأزمات المتلاحقة التي تعيشها البلاد.
"الأخبار": لقاء بعبدا: لزوم ما لا يلزم
وفي هذا السياق، رأت صحيفة "الأخبار" أن حوار من طرف واحد أجري في بعبدا أمس. التصدي للفتنة كان العنوان، لكن الغائبين لم يجدوا فيه سوى محاولة لتعويم العهد. وهو إن كان كذلك أو لم يكن، فقد أثبت أن الانقسام في البلد يزداد تجذّراً، آخذاً معه كل أمل بالإنقاذ. الانهيار المالي تردّد في كلمات عدد من المتحدّثين، لكن البيان الختامي كان في مكان آخر. بدا اللقاء لزوم ما لا يلزم.
وقالت "قد يصلح لقاء بعبدا ليكون اجتماعاً لتحالف ٨ آذار. حضور ميشال سليمان وتيمور جنبلاط لا يغيّر في المضمون. ضيفا شرف كانا. زيّنا قاعة الاجتماع، الذي يُفترض أنه يشكل حاجة ملحّة في ظلّ الأوضاع الراهنة. لكن عنوان الدعوة ليس مرتبطاً بالانهيار الذي يترسّخ يوماً بعد يوم. الوضع الأمني كان الهدف. منذ أن احترق محلان تجاريان في وسط بيروت، لم يهدأ للجمهورية بال. المعارضة شمّرت عن زنودها لتستغلّ الحادثة، بحجة الدفاع عن العاصمة وأهل العاصمة. والسلطة رأت أن العنوان قد يصلح ليكون طعماً للمعارضة، يجعلها تحضر اجتماعاً يترأسه ميشال عون".
واضافت "نبيه بري دخل على الخطّ، ساعياً لاستغلال موقعه في جمع الأضداد. تولى دعوة رؤساء الكتل النيابية، ومن ضمنهم يفترض أن يحضر سعد الحريري ونجيب ميقاتي وسليمان فرنجية وسامي الجميل، فيعمّ الوفاق في قصر بعبدا. لم تنجح الخطة لأن المعارضة ليست مستعدة لتعديل الأجندة التي رسمت لها. ليس همّها أمنياً ولا اقتصادياً ولا مالياً. المطلوب مواجهة ميشال عون وجبران باسيل، ومن خلفهما، حزب الله. أي خطوة تتعارض مع هذا التوجه مرفوضة. ولهذا يصبح بديهياً أن لا يشارك أيّ من أقطابها، مهما كانوا معنيّين بالقضية، ومهما تورّطوا في تسعير الفتنة المذهبية. سليمان فرنجية قصّته مختلفة. القطيعة مع العهد تتمدّد، وليس لها عنوان سوى الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وتابعت "في المقابل، كان يمكن لقصر بعبدا أن يوفّر الحرج، فيلغي الاجتماع من أساسه، مستعيضاَ عنه بجلسة حكومية، طالما أن جميع المشاركين ممثلون فيها، ووليد جنبلاط أوّلهم. يبقى سليمان. لكن حضوره من عدمه لن يحدث فرقاً، هو الذي لا يملك في رصيده خلال ست سنوات في الرئاسة سوى «إعلان بعبدا»، الذي كان ولا يزال يعتبره الحل السحري لخلاص لبنان. وقد تراءى له أمس أن الجميع سيسرعون لتصحيح موقفه من الإعلان. ولمّا لم يهتمّ أحد، سجّل تحفّظه على البيان الختامي للقاء. تحفّظ قد يكون الإنجاز الثاني لسليمان. فالبيان الذي تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي بدا من زمن آخر. حذّر من إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي وزعزعة الاستقرار، الذي «كاد أن ينزلق البلد إليه لولا وعي المسؤولين عن مقدرات البلاد وجهود القوى العسكرية والأمنية، وتصدّيهم استباقياً وميدانياً، للإرهاب وخلاياه وفكره الإلغائي".
وأشارت الصحيفة إلى أنه لأن الشتيمة تهدد الانصهار الوطني، جاء في البند الثاني من البيان: إن حرية التعبير مصانة في مقدمة الدستور ومتنه، على أن تمارس هذه الحرية بحدود القانون الذي يجرّم الشتيمة والتحقير والمسّ بالكرامات وسائر الحريات الشخصية.
واعتبرت أن من أراد أن يستمع إلى ما له علاقة بالأزمة الراهنة، عليه أن ينتظر البند الخامس في البيان. قبلها بعض من الشعر الخاص بـ«إرادة اللبنانيين وتاريخ لبنان ومنظومة القيم الأخلاقية والوطنية التي تقينا شرّ التشرذم…». الانهيار المالي مرّ عرضاً عند الإشارة إلى «ضرورة إعلاء المصلحة الوطنية المشتركة، وضرورة السعي معاً الى توحيد المواقف أو تقاربنا بشأنها، فكانت الدعوة إلى اعتماد مسار نهائي للإصلاحات البنيوية في ماليّتنا العامة، واعتماد برنامج صندوق النقد الدولي في حال وافقنا على شروطه الإصلاحية لعدم تعارضها مع مصلحتنا وسيادتنا، وعبر مكافحة الفساد بشكل جدي، والتأكيد على حقوق المودعين وعلى نظامنا الاقتصادي الحر المنصوص عليه في دستورنا وجعله منتجاً».
رئيس الجمهورية، وانطلاقاً من أن السلم الأهلي خط أحمر، قال إن أحداث بيروت وطرابلس وعين الرمانة (في ٦ حزيران الحالي) لامست أجواء الحرب الأهلية. ولذلك توجّه إلى الحاضرين والمتعيّبين، مشيراً إلى أنه مهما علت حرارة الخطابات لا يجب أن نسمح لأي شرارة بأن تنطلق منها، فإطفاء النار ليس بسهولة إشعالها، وخصوصاً إذا ما خرجت عن السيطرة.
وقالت الصحيفة "الرئيس حسان دياب صار يسمع ما يقوله الناس ويردّدونه، لكنه يتناسى أنه رئيس الحكومة. قال، وهو محق، «بنظر اللبنانيين، هذا اللقاء سيكون كسابقاته، وبعده سيكون كما قبله، وربما أسوأ، لا يهتم اللبنانيون اليوم سوى بأمر واحد: كم بلغ سعر الدولار؟». تحدث كثيراً عن معاناة الناس، إلا أنه لم يخلص سوى إلى: «اقتراح بتشكيل لجنة تتابع الاتصالات تحت قبة المجلس النيابي، مع جميع القوى السياسية والحراك المطلبي وهيئات المجتمع المدني، على أن ترفع توصيات إلى هذا اللقاء مجدداً برعاية فخامة رئيس الجمهورية».
واضافت "كان دياب أوضح في مجلس الوزراء. بعد لقاء بعبدا، انعقد المجلس متابعاً بهدوء الأزمات المتلاحقة. وعلى طريقة العاجز عن المبادرة، أكمل دياب «انتقاده» للسلطة. وحمل دياب المسؤولية لرياض سلامة ليس جديداً. سبق أن اعتبر أن أفعاله تثير الريبة. لكن الشكوى شيء ومحاسبة رياض سلامة، ذلك خط أحمر لم يحن موعد تخطّيه بعد.
ولفتت إلى أنه بعد الشكوى والعتب، عودة إلى جدول أعمال عادي، تخلّله الموافقة على طلب وزارة الدفاع الوطني المتعلق ببيع خمس طائرات نوع (Hawker Hunter) وثلاث طوافات نوع (Sikorsky) بالمزايدة العمومية. التسوية قضت بإضافة بند يطلب من الوزارة إعداد دفتر شروط لإجراء مناقصة لشراء طوّافات مخصصة لإطفاء الحرائق.
من جهة أخرى، وبحسب الصحيفة كان لافتاً تخلل الجلسة اقتراح من وزيرة العدل ماري كلود نجم الطلب إلى مجلس النواب إعطاء الحكومة الحق بالتشريع لمدة أربعة أشهر. وهو طلب سرعان ما وقف الوزير عباس مرتضى في وجهه، مشيراً إلى أن المجلس يقوم بدوره التشريعي على أكمل وجه وهو سبق أن اجتمع مرتين في قصر الأونيسكو أثناء التعبئة العامة، أضف إلى أن اللجان تعمل بشكل مكثّف لتحضير القوانين.
"البناء": مقاطعة لقاء بعبدا تسقط ربط النزاع بين الموالاة والمعارضة
صحيفة "البناء" قالت إن رئيس الجمهورية نال شرف المحاولة، لإقامة ربط نزاع بين الموالاة والمعارضة على قاعدة الفصل بين ما هو وطني يستدعي التعاون، وما هو سياسي يبرر التنافس، وقد سقطت المحاولة مع مقاطعة أبرز قيادات المعارضة عن اللقاء الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحت عنوان حماية السلم الأهلي بعدما أظهرت تطورات الضغوط الاقتصادية والمالية، مخاطر الذهاب إلى الفوضى والفتن، كما قالت أحداث الأسبوعين الماضيين، فبدا واضحاً أن قراراً جامعاً بالمقاطعة التزمه قادة لم يسبق أن اجتمعوا منذ زمن كحال الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وهو ما ربطته مصادر متابعة بوجود قرار خارجي بعدم توفير غطاء جامع لمنع الفوضى، التي تبدو هدفاً في المرحلة المقبلة، على إيقاع مزيد من الضغوط المالية من بوابة التلاعب بسعر الصرف، وضغوط العقوبات على سورية، وما سينتج عن هذين العاملين من تراجع في القدرة الشرائية للبنانيين وظهور المزيد من مشاهد الغضب في الشارع، والقابلة للاستثمار، والتي تخلق مناخاً للتفلت ودخول أصحاب مشاريع الفتن على الخط، خصوصاً أن اللقاء عقد في ظرف تبدو فيه المناخات مفتوحة على مثل هذه الاحتمالات أما تخطي سعر الصرف لرقم الـ 6000 ليرة للدولار، وعودة التحركات إلى الشارع ومخاطر الدخول على خطها، سواء من عودة ظهور قطع الطرقات أو من خلال الدفع بها نحو مواجهات غير مفهومة مع الجيش والقوى الأمنية".
وقالت الصحيفة إن الأهم في البيان الصادر عن اللقاء كان إضافة لتأكيد التمسّك بالسلم الأهلي، وضوح المقاربة التي حظيت بالإجماع، وتحفّظ عليها الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان، والتي كان موضوعها رفض العقوبات على سورية ورفض صفقة القرن، لنتائجهما المدمرة على لبنان، فوفر اللقاء بذلك الغطاء السياسي للحكومة للإقدام على خطوات منتظرة في مجال العلاقة مع سورية، خصوصاً مع كلمات العديد من المشاركين في اللقاء التي أكدت على أهمية الانفتاح على تطوير العلاقات اللبنانية السورية، وكانت كلمة رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي مركزة على هذا المحور، باعتبار علاقة لبنان مع سورية تعبير طبيعي عن موقعه في المنطقة وعن مصالحه الحيوية، بينما شهد اللقاء ردوداً على كلمة الرئيس سليمان من كل من نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، كان محورها دحض مضمون ما قاله سليمان عن تحميل حزب الله مسؤولية خرق التوافق الوطني الذي تمّ في لقاء بعبدا في عهده تحت عنوان النأي بالنفس، لجهة تأكيد أن مواجهة الإرهاب كانت تأدية لواجب وطني، تلكأ رئيس الجمهورية والحكومة آنذاك في توفير التغطية للجيش اللبناني للقيام بها، وقامت المقاومة بتعويض هذا الغياب، لأن النأي بالنفس يكون في مكانه عندما تنأى التحديات عن استهداف الأمن الوطني، وليس بالهروب من أمام التحديات وترك الباب مشرعاً للإرهاب وتسميته حليفاً وصديقاً، وقد علقت مصادر شاركت في اللقاء على حضور سليمان وكلمته، بأنه كان رسول المقاطعين لتلاوة مضمون الرسالة الخارجية التي تحدث عنها معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر بتحميل حزب الله مسؤولية الانهيار المالي، واعتبار خروجه من سورية طلباً راهناً وفقاً لكلام المبعوث الأميركي الخاص بسورية جيمس جيفري.
واشارت إلى ان لقاء الحوار الوطني خرج بجملة مقررات تلاها مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، مقررات أبرزها «تأكيد أن الاستقرار الأمني هو أساس لا بل شرط للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي والنقدي. أما التصدي للفتنة، والشحن الطائفي والمذهبي، تحضيراً للفوضى فهو مسؤولية جماعية تتشارك فيها جميع عناصر المجتمع ومكوناته السياسية». وأضاف البيان: «في زمن الأزمات الوجودية على الحكومة والمعارضة التلاقي والعمل معاً لإنقاذ الوطن من أي خطر يتهدّده».
ولفتت الصحيفة إلى أنه قد انعكس لقاء عين التينة بين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب أرسلان إيجاباً في بعبدا، تظهر بمبادرة تيمور جنبلاط لمصافحة النائب أرسلان يداً بيد وتبادل معه الحديث، في حين اكتفى برمي السلام عن بُعد، أي وضع اليد على الصدر على باقي المدعوين.
الى ذلك، أشارت مصادر السرايا الحكومية رداً على منتقدي الحوار ورئيس الحكومة من بوابة الميثاقية، الى أن “وجود رئيس مجلس الوزراء يؤمن الميثاقية الى جانب اللقاء التشاوري. اضافة الى أن طاولة الحوار لا تتطلب ميثاقية سنية… ورغم كل الاعتبارات هل هناك مَن يرفض الحوار؟ وتساءلت مصادر سياسية لـ”البناء”: لماذا حصر الميثاقية بطرف واحد داخل الطائفة السنية، علماً أن الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة هما رئيسان سابقان لا حاليان، أما الرئيسان ميقاتي والحريري فهما نائبان وعلى خلاف بينهما في الإنتخابات النيابية الأخيرة وبمجمل السياسات ويلتقيان فقط في نادي رؤساء الحكومات المشكل لوظيفة واحدة هي التصويب على العهد ورئيس الجمهورية، علماً أن كتلة ميقاتي النيابية لا تتضمن أي نائب سني غير ميقاتي”.
وعلى مقلب آخر، سجل الشارع تحركات احتجاجية على طريق بعبدا وقطعاً للطرقات في بعض مناطق بيروت وطرابلس والبقاع وصيدا وطريق بيروت الجنوب البحرية رفضاً لغلاء الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار، وعمد محتجون الى قطع تقاطع بشارة الخوري بمستوعبات النفايات المشتعلة ما تسبّب بزحمة سير عند تقاطع بشارة الخوري باتجاه البربير والأشرفية كما قطعوا شارع مار مخايل امام شركة كهرباء لبنان واقتحموا مدخل الشركة احتجاجاً على الفساد.
وسرت معلومات عن وصول سعر صرف الدولار الى 7000 ل.ل. الأمر الذي نفته مصادر حكومية لـ”البناء” واضعة ذلك في إطار الإشاعات لتحميل الحكومة المسؤولية في اطار الضغط عليها. كما نفت توجه الحكومة عبر وزارة الاقتصاد إلى رفع الدعم عن بعض المواد الغذائية والمحروقات. وأشارت مصادر السرايا الحكومية الى أن “أسعار صرف الدولار التي يتم التداول بها في الاعلام غير صحيحة وهي أرقام وهمية”، موضحة أن “حجم الاستيراد انخفض من 20 مليار دولار قبل الكورونا الى 13 مليار بعده ثم انخفض أكثر مع ارتفاع سعر الصرف الى أقل من 13 مليار دولار”، مضيفة أن “ضخ الدولارات في مصرف لبنان يتوزع وفق التالي: المحروقات والطحين والأدوية والمعدات الطبية على دولار 1500 ل.ل. بقيمة حوالي 5.7 مليار دولار. 20 في المئة من الإستيراد للمواد الغذائية على دولار 3200 ل.ل. والباقي لاستيراد المواد الأخرى وللعمال الأجانب بدولار من الصرافين بـ 3900 ل.ل. وتساءلت: لماذا اللجوء الى السوق السوداء طالما ضخ مصرف لبنان كميات الدولار اللازمة للصرافين وتلبي جميع هذه الحاجات؟ وما هو حجم الحركة التجارية للدولار في السوق السوداء؟ ولفتت الى أنه “لا يمكن أن يكون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي شغل هذا المنصب لمدة 30 سنة وتقلد جوائز وشهادات وأوسمة عالمية لكفاءته وقدرته على تثبيت سعر صرف الليرة، أن يدّعي العجز اليوم عن إعادة سعر الصرف الى ما كان عليه. وبالتالي حاكم مصرف لبنان بموجب قانون النقد والتسليف هو المسؤول عن السياسة النقدية وعن إيجاد الحلول المناسبة لأزمة الدولار، والحكومة لا تمون عليه، لأنها المسؤولة عن السياسة الاقتصادية والمالية من تحديد الإيرادات والإنفاق وإقرار الموازنات، أما السياسة النقدية فمن صلاحية مصرف لبنان”. وتجدد المصادر تأكيدها بأن “أزمة الدولار مفتعلة من الخارج تجلت أدواتها بقرار وقف استيراد الدولار الى لبنان، فالحكومة لا تملك الدولار ولا القرار لضخ العملة الصعبة في السوق”.
وأشارت مصادر “البناء” الى أن “سلامة وعد رئيس الحكومة والمسؤولين بأن المنصة الإلكترونية ستكون جاهزة اليوم ما سيؤدي الى ضبط حركة الدولار عمليات البيع والشراء ايضاً وبالتالي يمكنها إحصاء كميات الدولارات المباعة بعد أخذها من الصرافين”، ولفتت الى أن “إقالة سلامة غير مطروحة الآن”. ولاحظت المصادر انخفاضاً في أسعار المواد الغذائية التي وصل بعضها الى 50 في المئة مثل الأرز”.
وعن خيار التوجه شرقاً واستعداد الحكومة لذلك؟ لفتت المصادر الى أن “المشاريع الصينية موجودة ولم نكن في قطيعة مع الشرق ولم نكن في حضن الغرب لنبدل توجهاتنا”، متحدثة عن مشاريع عروض كهرباء صينية والاتصالات قائمة بين الدولتين لتعزيز العلاقات الاقتصادية وأن الحكومة لن توفر أي خطوة تؤدي الى إنقاذ الوضع الاقتصادي وخدمة الدولة والمواطن اللبناني، كما لن تسمح لأي دولة منعها من قبول مشاريع اقتصادية إنتاجية لأنه أمر سيادي”.
"النهار": بعبدا تهوّل على النظام في غياب المعارضة
أما صحيفة "النهار" فقالت "على أهمية الموقف الاعتراضي للرئيس ميشال سليمان على بيان جاهز معلّب ومعدّ سلفاً يمثّل وجهة نظر أحادية، وإصراره أمام تحالف العهد العوني وقوى 8 آذار على إحياء "إعلان بعبدا"، ومن دون تقليل أهمية ورقة الثوابت الوطنية والسياسية في مواجهة النزعات والمغامرات الانقلابية على الطائف التي قدمها النائب تيمور جنبلاط باسم الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة "اللقاء الديموقراطي"، فإن هاتين الوقفتين البارزتين الوحيدتين من خارج الاصطفاف الأحادي الذي جمعه لقاء بعبدا أمس لم تحجبا إخفاق التحالف السلطوي في انتزاع تعويم سياسي أراده في لحظة انزلاق البلاد الى الأخطر على أيديه" على حد تعبيرها.
وقالت الصحيفة إنه "مع أن أحداً لا يمكن أن يعارض حواراً أو لقاء يهدف الى استنفار الإرادات السياسية في مواجهة أي محاولات للعبث بالاستقرار الأمني وإثارة الفتنة الطائفية والمذهبية، فإن حصر لقاء بعبدا بهذا العنوان أفقد العهد فرصة استقطاب جميع ممثلي الشرائح الطائفية والحزبية التمثيلية الثقيلة ولم يقترن ذلك باعترافه بهذا الخطأ الجسيم بل مضى مع رئيس الوزراء في الهجوم النمطي التقليدي الذي اعتاداه من خلال تركيز الاتهامات على الخصوم والمعارضين حتى في جلسة كان يفترض أن تحترم أصول الحوار والرأي الآخر. وبذلك راكم التحالف السلطوي أمس إخفاقاً على إخفاق في الوقت الذي كان رئيس الوزراء حسان دياب نفسه يعترف في كلمته المعلنة بأن "اللبنانيين لا يتوقعون من هذا اللقاء نتائج مثمرة، وبنظر اللبنانيين، هذا اللقاء سيكون كسابقاته، وبعده سيكون كما قبله، وربما أسوأ. ولا يهتم اللبنانيون اليوم سوى بأمر واحد: كم بلغ سعر الدولار؟ أليست هذه هي الحقيقة؟". وهو الأمر الذي لم يتأخر في الظهور بعد ساعات قليلة من اللقاءالحواري "المبتور"، اذ سجّل الدولار قفزة قياسية جديدة تجاوزت سقف الـ7400 ليرة فيما سارع دياب تكراراً الى مهاجمته مصرف لبنان وتحميله تبعة العجز عن لجمه".
واضافت "لعل ما زاد طين اللقاء المبتور بلّة أن البيان الختامي الذي تولّى تلاوته الوزير السابق سليم جريصاتي والذي تمحور على موضوع مواجهة الفتنة سرعان ما أثار التوجس والتداعيات السلبية حين انزلق في اإحدى فقراته الى "تطوير النظام" فتناول "التطوير الواجب اعتماده في نظامنا السياسي ليكون أكثر قابلية للحياة والانتاج وذلك في إطار تطبيق الدستور وتطويره لناحية سد الثغرات فيه وتنفيذ ما لم يتحقق من وثيقة الوفاق الوطني".
وتابعت إذن "اللقاء الوطني" تحوّل الى "حوار مونولوغ" في غياب كل فريق المعارضة، وانحرف عن مساره الأمني الى مواضيع حسّاسة لا تقارب إلّا بالإجماع بفتحه الباب واسعاً على حوار في تطوير النظام وسد ثغراته. وهذا ما ورد في البيان الرسمي الذي وضع عناوين مسوّدته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مما يعني أنه مصرّ على فتح هذا الحوار في المستقبل القريب سواء حضرت المعارضة أو لم تحضر.
ورأت أن البيان بدا كأنه "إعلان بعبدا أحادي"، بعدما أحرق "إعلان بعبدا" الأصلي بمضمونه كما بلوحته التي لم تعد الى جدار القصر الجمهوري. وذهب فريق "التيار الوطني الحر" الى الترويج لنظرية أن موافقة المجتمعين في بعبدا على البيان الختامي والبند الخامس المتعلق بتطوير النظام فتح الباب للمرة الأولى منذ توقيع اتفاق الطائف على تطوير النظام السياسي والبحث في الاشكاليات الدستورية وتنفيذ ما لم يتحقق من وثيقة الوفاق الوطني. وأبرز هذا الفريق أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سجّل تأييده لما ورد في كلمة جبران باسيل بصورة كاملة وأشاد بطرح الدولة المدنية.