لبنان
تراجع عن رفع سعر الخبز.. ونقص المازوت يهدد الكهرباء والاتصالات
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بالأزمات المختلفة التي تداهم البلاد في كل يوم، فإلى جانب ارتفاع سعر الدولار المستمر، والذي يصيب كافة مفاصل الحياة، يبدو أن العتمة ستداهم منازل اللبنانيين قريبا بسبب عدم توفر مادة المازوت لتشغيل المعاملن يلحقها أزمة في خدمات الخلوي لنفس السببب.
إلى ذلك، كاد أن يشكل قرار وزير الاقتصاد برفع سعر ربطة الخبز إلى 2000 ليرة، القشة التي ستقسم ظهر الحكومة، لولا تدخل رئيسها وطلبه من الوزير العودة عن قراره.
وسط هذه الأجواء، تحتاج الحكومة إلى قرار جريء للتواصل مع إيران من أجل الحصول على المحروقات، في حين ان الجمهورية الاسلامية مستعدة لتقديم المساعدة بتسهيلات كبيرة للبنان.
"الأخبار": ايران مستعدة: خذوا النفط بالليرة!
اعتبرت صحيفة "الأخبار" أنه لم يعد بالإمكان غضّ الطرف عن العرض الإيراني لتزويد لبنان بالمحروقات، من النفط الخام إلى المازوت والفيول من دون شرط الدفع بالدولار. فخيار الرّضوخ للقرارات الأميركية، فيما النفط مفقود والكهرباء مقطوعة والجوع في البيوت والفوضى في الشارع، يعني انتحاراً بانتظار رضىً أميركي لن يأتي، إلا بشروط مستحيلة، تحيل البلد ركاماً.
الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله، لم يأت من فراغ، إنّما من وعدٍ واضح من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي، بمساعدة لبنان لتخطّي الأزمة والصمود في وجه الحصار الأميركي، وتحديداً في ما يخصّ الدعم بالمحروقات، الذي يقبل الإيرانيون أن يتمّ تسديد ثمنه إمّا بسلعٍ لبنانية، أو بالليرة اللبنانية، وبمعدّلات أقلّ ممّا يمكن أن يدفعه لبنان في أي عملية شراء من السوق.
ليس هذا فحسب، تقول المعلومات إن السفن الإيرانية التي من الممكن أن تتوجّه إلى لبنان، موجودة في البحار، ومستعدة للتوجّه إلى أي نقطة، من دون أي عائق جغرافي أو سياسي، بعد أن استطاعت أن تصل غيرها على مقربة من الشواطئ الأميركية وكسر الحصار على فنزويلا.
وعلى رغم أن الموقف المصري من احتمال تحرّك السفن الإيرانية باتجاه الشواطئ اللبنانية أو السورية لتزويدها بالمشتقات النفطية، إيجابيّ، لناحية التأكيد للأميركيين بأن قناة السويس ممّر دولي ولا يمكن إغلاقه بوجه أحد، وأن مصر لا توافق على حصار سوريا ولبنان، يصل الإيرانيون حدّ التلويح بأن أي محاولة لعرقلة السفن الإيرانية في قناة السويس، سيقابلها تحرّك إيراني لتعطيل الملاحة في مضيق هرمز.
وعلى ما علمت «الأخبار»، فإن حزب الله أبلغ جميع المعنيين في الدولة اللبنانية، بمن فيهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسّان دياب، استعداد إيران لهذه الخطوات، وأن الحزب ينتظر موقف الدولة للتحرك باتجاه إيران، في حال الموافقة على قبول العرض.
لكن ماذا لو لم يجرؤ أحد في الدولة على اتخاذ هذه الخطوة التي ستسبّب حتماً غضباً أميركياً وإجراءات إضافية من ضمن سياسة التجويع والتركيع المتبّعة مع سوريا ولبنان؟ تقول مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ«الأخبار»: «سيتم تنزيل الحمولات النفطية في سوريا ونقلها إلى لبنان ولن نترك البلد رهينة الحصار الأميركي والخوف من اتخاذ القرارات المصيرية».
في غضون ذلك، ليست واضحة بعد آلية الدفع المتوقّع اعتمادها في حال وافقت الدولة. إذ أن الدفع بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي، يعني خسارة إيران ملايين الدولارات في كلّ شحنة تبيعها للبنان. وهذا الأمر، في حال استمر لأشهر، يعني مساعدة إيران للبنان بمئات ملايين الدولارات، في مقابل الحصار الأميركي الخانق، رغم كل الضغوط الموضوعة على طهران على أبواب الانتخابات الأميركية.
أي عرقلة للسفن الإيرانية في السويس سيقابلها تعطيل إيرانيّ للملاحة في هرمز
وإلى جانب العرض الإيراني، ليس مفهوماً إصرار الحكومة على إهمال الحاجة إلى سوريا لتبادل المساعدة ومواجهة الحصار. فبينما يستعد لبنان للغرق في العتمة الكليّة في غضون أيام بسبب النقص الحاد في الفيول، «تعاني» سوريا من حيازتها لكميّة فائضة من مادة الفيول، معاييرها أقل من المعايير اللبنانية، لكنّها تصلح لتشغيل المعامل ومنع سيطرة الظلام على البلاد. فهل تجرؤ الحكومة ورئيس الجمهورية على اتخاذ قرار الاتصال بسوريا وطلب شراء الفيول منها بصفقة عادلة للطرفين، أم أن ما هو مسموح لعدد من الدول الاوروبية والآسيوية التي تتزوّد من إيران بالنفط بسبب ظروفها الاقتصادية وحاجتها، ممنوع على لبنان مع سوريا وإيران؟ وهل يفضّل المعنيون انحلال لبنان الكلّي على ألّا تغضب أميركا؟
وبعيداً عن العرض الإيراني، تبدو «أزمة الثقة» بالدولة اللبنانية إلى تمدّد، مع فشل ثلاث مناقصات لشراء المازوت، وإعلان وزير الطاقة ريمون غجر أمس عن استدراج عروض جديد لشراء 60 ألف طن من «الديزل». وإذا كانت أزمة الاعتمادات هي الذريعة أمام شركات النفط لعدم المشاركة في المناقصات، فإن أكثر من مصدر في سوق النفط، أكّد لـ«الأخبار» بأن المادة لم تنقطع لدى الشركات في مراكز التخزين، وأن ما يحصل هو عمليّة ابتزاز بهدف الحفاظ على أرباح أعلى. ويقول أحد الخبراء، إن الشركات لا مصلحة لها ببيع المازوت للمحطات، بل هي تبحث عن زبون يدفع سعراً أعلى من السعر الرسمي، لذلك «يخلقون وسيطا بينهم وبين المحطّات». فما أن تصل باخرة المازوت (ما بين 30 أو 35 مليون ليتر)، حتى تسارع الشركات في الأيام الخمسة الأولى للشراء من منشآت النفط بالسعر الرسمي، ثم تسيطر على الأسعار وتوقف تزويد المحطات بالديزل، وتبيعه للوسطاء ليبيعوه في السوق السوداء، وبسعر أعلى بنحو 25% من السعر الرسمي، ويتلاعبون بالفواتير. وكذلك الأمر بالنسبة للتهريب إلى سوريا، إذ أن الشركات إياها، تفضّل البيع للمهرّبين إلى السوق السورية السوداء، مستفيدين من الدعم اللبناني للمنتج والتهرّب من الضريبة السورية. ورغم أن عمليات التهريب على الحدود اللبنانية - السورية تراجعت إلى حدودها الدنيا، إلّا أن الشركات لا تزال تحاول القيام بعمليات محدودة طمعاً بمبالغ مالية إضافية. ويقول الخبير إن «المشكلة ليست بالاستيراد، بل في المراقبة والتوزيع. لماذا لا يحصون ماذا يوجد في المنشآت وماذا وزّعوا ويوزّعون؟ ولماذا لا تتمّ الاستعانة بأرقام الجمارك الموجودة في كل منشأة وتسجّل كل ليتر يدخل ويخرج؟».
خلال جلسة لجنة الطاقة النيابية، أكّد غجر أن سفينتين ستصلان لبنان (واحدة من المفترض أنها وصلت أمس)، وواحدة في الخامس من تموز، تكفي حتى 30 تمّوز، ومن الآن وحتى الاول من آب، يجري الحديث عن آليتين لشراء الكميّات الجديدة. الأولى، هي أن يقوم مصرف لبنان بفتح اعتمادات معزّزة للشركات، أي مدعمة بضمانة بنك أوروبي أوّل، كي تثق الشركات بأنها ستحصل على أموالها، أو عبر خيار يسمّى spot، أي شراء المواد من بواخر موجودة أصلاً في البحار. وكلا الخيارين دونهما عوائق، عدا أن أنهما لا يحلّان المشكلة طالما أن الشركات لا تخضع للرقابة وتتمتّع بالحماية لتقوم بالاحتكار ورفع الأسعار بطريقة احتيالية عبر الوسطاء، لفرض تعديل الأسعار كأمر واقع في مقابل السعر الرسمي.
وفيما لم يبد رئيس الحكومة أي سلوك مغاير تجاه سوريا عن سلوك سلفه الرئيس سعد الحريري، وغياب الأصوات المطالبة بالتعاون مع سوريا بين الوزراء، أكّد وزير الزراعة عباس مرتضى أمس إن أي إنقاذ للقطاع الزراعي اللبناني غير ممكن من دون التعاون مع دمشق، مؤكّداً أنه لا بدّ من التواصل لفتح الطريق نحو العراق وبيع المنتوجات اللبنانية وانقاذ قطاعات زراعية تعتمد على التصدير.
"البناء": رئيس الحكومة يجمّد قراراً تفجيريّاً لوزير الاقتصاد برفع سعر الخبز يحرّك الشارع
وبحسب "البناء"، فقد بدا المشهد السياسي مرتبكاً تحت ضربات ثقيلة، تمثلت بالارتباك الناجم عن عقود التدقيق المالي في مصرف لبنان بعدما كشفت التقارير ارتباط إحدى هذه الشركات بكيان الاحتلال، والعجز عن البتّ بالأمر في مجلس الوزراء ما استدعى التأجيل، ومثله العجز عن البت باستقالة مدير عام المالية آلان بيفاني، في ظل تساؤلات عن تمسك الحكومة بمقاربتها للخسائر المالية وأرقامها، وموقفها من ضغوط جمعية المصارف، التي رحّبت باستقالة بيفاني، بينما أكد رئيسها ترحيبه بالتعاون مع الحكومة، التي عاد رئيسها لتأكيد تمسك الحكومة بأرقامها الواردة في الخطة ورؤيتها لتوزيع الخسائر، لكن الضربات الثقيلة تمثلت بالصورة الهشّة التي ظهر عليها الموقف السيادي اللبناني في تعامل وزيرة العدل التي طلبت من مجلس القضاء الأعلى إحالة القاضي محمد مازح إلى التفتيش القضائي، كما فهم من تصريحها، وهو ما نجم عنه استقالة مازح الذي كان تبلغ دعوة لمناقشة حيثيات حكمه الخاص بنشر وسائل الإعلام لتصريحات السفيرة الأميركية، وفوجئ بقرار إحالته للتفتيش، وجاء التعبير عن هشاشة الموقف الحكومي والقضائي تصديقاً لما سبق وقالته السفيرة عن تلقيها اعتذاراً حكومياً ولما نقلته عن لقائها بوزير الخارجية ناصيف حتي، حيث تحدّثت مصادر متابعة للملف عن تبلغ السفيرة بإحالة القاضي مازح إلى التفتيش. وهذا بذاته أكثر من اعتذار. وقالت المصادر إن خطورة ما جرى أن لبنان يمرّ في توقيت يرافق الضغوط الأميركية المعلوم استهدافها فرض ترسيم للحدود البحرية يلائم مصالح كيان الاحتلال بالتزامن مع إطلاق وزارة الطاقة في حكومة الكيان لمناقصة تلزيم التنقيب عن النفط والغاز في المناطق المحاذية للمياه الإقليميّة اللبنانيّة، بصورة تُضعف قيمة المواقف الصادرة عن رئيسي الجمهورية والحكومة حول التمسك بالثروات السيادية.
الضربة الثقيلة الأخرى جاءت من وزير الاقتصاد الذي أصدر قراراً وصفته مصادر اقتصادية بالطائش والتفجيريّ، فرفعُ سعر الخبز في ظروف طبيعية يشعل ثورة، فكيف في ظروف الجوع الذي يواجه شرائح لبنانية واسعة، تتحدّث عنها تقارير الحكومة، وتشير إلى الحاجة لخطط لمواجهة تداعياتها، وفيما جمّد رئيس الحكومة قرار وزير الاقتصاد، شهد الشارع عودة تصعيدية للتحركات شملت احتجاجات سلميّة وأعمال شغب وقطع طرق في العديد من المناطق.
وما أشبه الأمس باليوم، رغم أن الشارع اليوم لم يتحرّك بالشكل المطلوب، فبينما شكل قرار وزير الاتصالات السابق محمد شقير في الحكومة السابقة بفرض رسم 6 دولارات على الواتساب الفتيل الذي أشعل الاحتجاجات أو ما عرف بانتفاضة 17 تشرين، يكاد وزير الاقتصاد الحالي راوول نعمة أن يسلك الطريق نفسه تجاه لقمة عيش المواطن، فهو أعلن بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أنه سيصدر قراراً اليوم يرفع فيه ثمن ربطة الخبز 900 غرام الى 2000 ليرة لبنانية؛ الأمر الذي دفع عدداً من المواطنين الى قطع الطرقات في مناطق مختلفة توزّعت بين المشرفية، الحمرا، كورنيش المزرعة – المدينة الرياضيّة، فردان والناعمة فضلاً عن طرقات أخرى في الشمال والبقاع، وسط هذه الأجواء بدا أمس أن قرار نعمة لن يمرّ مرور الكرام عند بعض الجهات السياسية، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة حسان دياب الى الطلب من نعمة الرجوع عن قراره.
ومساء أكد نقيب أصحاب الأفران أنه «سيتم توزيع الخبز على المحال كالمعتاد اليوم وسنسلّم ربطة الخبز لأصحاب المحال على سعر 1650 ليرة، بالتالي سنخسر أيضاً 350 ليرة». ونوّه بأن «سعر الـ 2000 ليرة لبنانية تم اتخاذه وفقاً لوصول سعر صرف الدولار إلى 8000 ليرة، ولكن اليوم ارتفع سعر الصرف إلى 8500 ليرة و9000».
إلى ذلك علمت «البناء» أن نقاشاً واسعاً حصل خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيال الوضع المالي المتصل بالتدقيق المركز لحسابات مصرف لبنان، وأبدى كل وزير بوجهة نظره بيد أن وزير المال غازي وزني قال إن الجهة التي يمثلها في الحكومة لا توافق على إجراء التدقيق المركز عبر شركة كرول التي لها ارتباطات مع «اسرائيل». وأعلن وزير المال انه لم يعد موافقاً على إجراء التدقيق المركز لحسابات مصرف لبنان بحجة تسريب المعلومات الى جهات معادية عبر شركة كرول. وفيما اعترض عدد من الوزراء على أساس ان مجلس الوزراء كان ناقش الأمر في جلسات عدة واتخذ قراراً بالتدقيق المركز، أكد الوزير عباس مرتضى أنه يملك معلومات عن ارتباط الشركة بـ«إسرائيل» ليقترح وزير الصناعة عماد حب الله تأجيل الموضوع، وبعد أخذ ورد تقرر تأجيل البت بالموضوع الى الخميس المقبل لاستيفاء مزيد من المعلومات حول هذا الموضوع.
ولفتت المصادر إلى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان أصرّ على تنفيذ قرار مجلس الوزراء بشكل كامل مميزاً بين التدقيق المحاسبي الذي ستجريه oliver wine وkpmg والتدقيق المركز الذي ستجريه «krol».
وقال عون في مستهلّ جلسة الحكومة إنّ «التدقيق المركز من شأنه تبيان الأسباب الفعلية التي أدّت بالوضعين المالي والنقدي إلى الحالة الراهنة، إضافة إلى تبيان الأرقام الدقيقة لميزانية المصرف المركزي وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوفر بالعملات الأجنبية».
وأعلن رئيس الحكومة حسان دياب في نهاية الجلسة الحكومية: «ملتزمون بالخطة المالية وبأرقام الخسائر الواردة فيها وقد تجاوزنا ذلك ونبحث الآن في كيفية توزيع الخسائر بالتواصل مع حاكم المركزي والقطاع المصرفي ووزير المال حتى نجد السيناريو المناسب». وقال: «ليس هدفنا تركيع القطاع المصرفي أو مصرف لبنان ولن يدفع المودعون الثمن».
وأرجأ مجلس الوزراء خلال جلسته برئاسة البتّ باستقالة المدير العام للمالية ألان بيفاني الى الاسبوع المقبل بعدما أبلغ وزني المجتمعين تسلّمه كتاب استقالة بيفاني. اما وزير الاتصالات طلال حواط عن محطات الإرسال وعن النقص بالمازوت، مشيراً إلى أنه سيجتمع بوزير المالية لتأمين المال اللازم.
وكانت اعترضت وزيرة الدفاع زينة عكر على «الأداء العام» في مجلس الوزراء، وطالبت باتخاذ إجراءات فورية وسريعة، تواكب الانهيار على كل المستويات المعيشية. وقالت عكر في مداخلة لها أمام مجلس الوزراء، إنّ «علينا واجبات يجب القيام بها، فصحيح أننا محاصَرون، ولكن هذا لا يعني أنّه علينا الوقوف أمام حائط مسدود. فنحن أعدّينا خطة مالية بعد خمسة أشهر من عملنا. لكنها تصطدم بمشاكل، فما هو البديل؟ يجب أن يكون لدينا خطة بديلة». وأضافت: «الدولار يرتفع والليرة تنهار. الحلول يجب أن لا تكون تقنية فقط. بل سياسية أيضاً. وعلينا تنفيذ الإصلاحات سواء كانت ستأتينا بمساعدات أم لا. فهي إصلاحات أساسية لبناء الدولة، ومن ضمنها يجب إنهاء ملف المباني الحكومية المستأجرة، وإنهاء ملف المجالس والهيئات والمؤسسات الحكومية، التي لم تعد لديها حاجة. وتجب تهيئة المدارس الحكومية لاستقبال آلاف الطلاب الذين لم يعد أهاليهم قادرين على وضعهم في مدارس خاصة».
وتابعت: «مع انخفاض أسعار النفط عالمياً كان علينا أيضاً شراء كميات من النفط بأسعار منخفضة جداً وتخزينها. وهذا ما لم يحصل رغم أننا ما زلنا قادرين على القيام بذلك اليوم». كما طالبت وزيرة الدفاع بإنهاء السلة الغذائية ودعم وزراء الصناعة والزراعة والاقتصاد للقيام بالإصلاحات التي طرحوها. وفي الشأن المالي قالت عكر: «علينا أن نمنع بكل قوتنا التنفيذية تحويل ودائع الناس في المصارف إلى أسهم».
وعلم أن وزيرتي العدل ماري كلود نجم والمهجرين غادة شريم، اللتين أيدتا كلام عكر، اعتبرتا أنه لا يمكن الاستمرار بهذا النهج، الذي أرسته المنظومة السابقة، ولا بدّ من التعاطي بفعالية أكبر في تطبيق مقررات مجلس الوزراء. وأبدت الوزيرتان تمسكاً بخطة الحكومة كمنطلق أساسي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
أما على خط المازوت فأعلن وزير الطاقة والمياه، ريمون غجر في مؤتمر صحافي أن «هناك شحاً اليوم في المازوت، وبالأخص في منشآت النفط، التي أصبحت تؤمن اليوم أكثر من 40 في المئة من السوق المحلي»، موضحاً أن «آلية Spot Cargo لاستدراج عروض لشراء 60 ألف طن من الديزل أويل (المازوت) لمنشآت النفط في طرابلس والزهراني سوف تؤمن المشتقات النفطية بطريقة سريعة، لأنها تفتح المجال أمام شحنات الديزل أويل الجاهزة للتسليم في وقت قصير.
وبينما شدّدت نقابة تجار المواشي بأن «استيراد المواشي الحيّة واللحوم هو بالدولار الأميركي مئة في المئة وأن الدولار مفقود في المصارف، وشبه مفقود لدى الصرّافين. وأموال المواطنين والتجار محجوزة لدى المصارف. وقد أصبحت أرقاماً. ولا أحد يستطيع استعمالها لفتح اعتماد للاستيراد، توجهت للمعنيين بالقول «إما أن تفرجوا عن أموالنا في المصارف أو ادعموا قطاع اللحوم كباقي القطاعات المدعومة، وإلا لم يعُد لدينا سوى خيار وحيد، وهو الإقفال العام والتوقف عن العمل وعن الاستيراد».
في هذا السياق، ألغت المؤسسة العسكرية «بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة في لبنان، مادة اللحم كلياً من الوجبات التي تقدم للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة..
"الجمهورية": الحكومة تضطرب بين «تدقيقَين»
خرج مجلس الوزراء أمس بتمديد جديد لحال التعبئة العامة الى 2 آب المقبل، على وقع تحذير رئيس الحكومة حسان دياب من موجة كورونية تشرينية، متجاوزاً الاشكال الديبلوماسي الذي حصل بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية الذي طوي قضائياً وديبلوماسياً، ومناقشاً مطوّلاً ملف التدقيق المحاسبي والجنائي في حسابات مصر لبنان، في ظل تململ بعض الوزراء من فشل الحكومة وتراجعها عن قرارات تتخذها من حين الى آخر. في الوقت الذي يبقى الشارع متأرجحاً نتيجة القرارت الحكومية العشوائية التي لم تتمكن بعد من لجم جنون الدولار، والمترافق مع جنون الاسعار وتآكل القيمة الشرائية لليرة اللبنانية...
التدقيق الجنائي
حاز التدقيق الجنائي والمحاسبي في حسابات مصرف لبنان على القسط الاكبر من البحث في مجلس الوزراء الذي انعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، من زاوية أنّ إحدى الشركات المطروحة لتولّي هذه المهمة ترتبط بعلاقة مع إسرائيل ما يمكن ان يعرّض الامن المالي اللبناني للانكشاف، حسبما حذر بعض الوزراء.
وعلمت «الجمهورية» انه بعد كلمتي رئيسي الجمهورية والحكومة في مستهل الجلسة، أجاب وزير المال غازي وزني عن سؤال رئيس الجمهورية عمّا آلت اليه العقود مع الشركات التي ستتولى التدقيق في حسابات مصرف لبنان، فقال: «سأوقّع عقدين مع شركة kpmg والـ «اوليفر وايمان»، امّا شركة «كرول» التي تعنى بالتدقيق المالي الجنائي او التدقيق المركز فلن اوقّع العقد معها لأن لدي معلومات انّ هذه الشركة تتواصل مع اسرائيل ونفضّل استبعادها». واضاف: «رأينا الشخصي انّ شركة «كرول» هذه تهدّد السلم الداخلي لأنها تتواصل مع اسرائيل، وأرسلنا لها رسالة بهذا الموضوع.
أما kpmg والـ «اوليفر وايمان» فعقودهما جاهزة للتوقيع، وقريباً سأوقعهما، وهي شركات مصنّفة عالمياً وانا اعتقد انّ هذا التدقيق يكفي ولا داعي للتدقيق الثالث». فأجابه رئيس الجمهورية: «اذاً من سيجري التدقيق الجنائي المركّز؟ فرد وزني: القوى السياسية التي أنتمي اليها تفضّل في وضوح عدم وضع اي شركة تدقيق جنائي وخصوصاً شركة «كرول». فلفت رئيس الجمهورية مجدداً الى «انّ قرار مجلس الوزراء ينص على التدقيق الجنائي والمركّز»، فأعاد وزني التأكيد أنه ينتمي الى جهة سياسية يعبّر عن رأيها بعدم القبول بالتدقيق الجنائي والمالي بواسطة شركة «كرول».
ودار نقاش حول ما اذا كانت هذه الشركة لها ارتباطات مع اسرائيل او بين اعضائها من ينتمي الى الطائفة اليهودية، فحذّر وزير المال هنا من انّ المعلومات او «الداتا» التي يمكن ان تحصل عليها الشركة ربما تستثمرها لمصلحة اسرائيل. وكرر للمرة الثالثة تأكيد اعتراض الفريق الذي ينتمي اليه تلزيم التدقيق الجنائي لشركة «كرول».
وهنا، طلب عون التمييز بين «التدقيق المحاسبي accounting audit وهو تدقيق أعتَبرُه سطحياً، وبين التدقيق المركّز او forensic audit الذي يمكننا من خلاله معرفة كيف تمّ انفاق المال ما يسهّل علينا كشف مواقع الفساد ومكامن الخسائر». واضاف: «اما بالنسبة الى وجود اليهود فهم موجودون في كل شركات التدقيق وفي كل شركات العالم وهناك لبنانيون يهود، ومشكلتنا هي مع اسرائيل وليس مع الطائفة اليهودية». هنا، قال الوزير عماد حب الله: «لكنّ اعضاء هذه الشركة هم اسرائيليون وليسوا يهوداً، ونحن لدينا معلومات مؤكدة عن هذا الامر».
وعلقّت وزيرة العدل ماري كلود نجم فأبدت اعتراضها على عدم التوقيع مع شركة «كرول» خصوصاً انّ قرار مجلس الوزراء اتخذ منذ 3 اشهر ولم يذكر احد انّ هناك مشكلة مع «كرول». واضافت: «لقد دققنا في هيئة التشريع والاستشارات في العقود مع الشركات الثلاث، واجرينا تعديلات ووضعنا ملاحظات، وكان يفترض ان يتم توقيع العقود معها».
وخاطبت وزني قائلة: «ليس من الطبيعي ان نتخذ قراراً ثم نتراجع عنه !! ثمة قرارات عدة اتخذت ثم تراجعنا عنها ما يجعل ثقة الناس بنا مهتزّة. يجب ان تصدر قرارات ونؤكد التمسّك بالخطة المالية وان نتعاون في ما بيننا. ولا يجوز ان نخالف قراراً في مجلس الوزراء كنا قد اتخذناه». واضافت: «نحن أتينا لاتخاذ قرارات وإلا ماذا نفعل؟ فلنستقِل». فأجابها رئيس الحكومة: «ما بدّي اسمع هالكلمة مرة تانية».
وطلب وزير الاقتصاد راوول نعمة الكلام، وقال: «علينا تنفيذ القرارات التي نتخذها. مع الاسف ثمّة من يأخذ علينا صدور قرارات ثم التراجع عنها، أتينا لنساعد في نهوض البلاد وليس كرمى لأحد، واذا ما فينا نعمل شي شو عم نعمل هون؟».
وردّ حب الله: «أقترح تأجيل الموضوع الى اجتماع لاحق، وعلينا ان نطلب لائحة تظهر الفارق بين التدقيق المحاسبي والتدقيق المركّز الجنائي، وفي ضوء ذلك نأخذ القرار المناسب».
وتداخل رئيس الجمهورية مجدداً، فقال: «انّ قرار وقف التوقيع مع «كرول» كان يجب ان يعرض على مجلس الوزراء الذي هو من اتخذ القرار بتكليف هذه الشركة، وهو الذي يبت في شأنها».
وهنا قالت الوزيرة زينة عكر: بعد خمسة اشهر لا بد من ان نسأل أنفسنا ماذا أنتجنا وما هي خطتنا اذا لم يتم تنفيذ الخطة الاقتصادية والمالية؟». وقالت: «الدولار الى ارتفاع واسعار السلع غير المدعومة ترتفع بسرعة... والحلول يجب ان تكون تقنية وسياسية على رغم من اننا محاصرون بالسياسة، وعلينا ان نعمل لتنفيذ الاصلاحات وليس للحصول على المساعدات أتت ام لم تأت، لأنه هكذا تبنى الدولة».
وأضافت: «لا نستطيع شراء الوقت فهناك قرارات علينا اتخاذها فوراً، مثل ملف المباني الحكومية والمجالس والصناديق من ناحية دمجها او الابقاء عليها، وشراء النفط بأسعار مخفضة لفترة طويلة من الزمن والذي لم يتم تنفيذه حتى الآن، ودعم وزراء الصناعة والزراعة والاقتصاد في ما يقومون به من اصلاحات، وعدم الموافقة على تحويل اموال الناس الى اسهم في المصارف، ورفع الجمارك على سلع محددة ومحاربة الاحتكار».
ثم تكلم الوزير عباس مرتضى فقال: «المعطيات التي لدينا تشير الى ان شركة «كرول» اسرائيلية مرتبطة بالموساد».
ولكن عون تمسّك بالتدقيق المركّز كما جاء في قرار مجلس الوزراء، فأكد له الوزير وزني أنه سيوقع مع الشركتين الأخريين، فردّ عون على الفور «انّ التوقيع ضروري مع الشركة التي تجري تدقيقاً مركزاً، وانا اطلعتُ على تقارير الشركات الثلاث ولم اجد انّ اسرائيل لها علاقة بإحداها. امّا القول ان يهوداً يعملون معها، فإنّ معظم شركات التدقيق فيها يهود».
واضاف: «نحن نعرض الشركات على الامن العام لأخذ موافقته، والشركة التي لا تنال موافقة الامن العام نشطبها، واذا كان الاشكال على «كرول» شيء وعلى مبدأ التدقيق المركز شيء آخر. نحن قررنا في مجلس الوزراء شركة تدقيق مركّز وعندما يتخذ قرار في المجلس يجب ان ينفذ «ما فينا ناخذ قرار اليوم ونغَيّرو بكرا». والسؤال: هل هناك رفض لمبدأ الـ forensic audit؟ مجدداً. فأجابه وزني: «الرفض هو لكون هذه الشركة مشبوهة ولا نعلم وجهة الداتا التي ستسلكها».
وقال الوزير رمزي مشرفية: «هناك علامات استفهام حول سبب عدم اعتماد التدقيق الجنائي واذا لم ننفذ قراراتنا سنخسر صدقيتنا امام الناس».
وردّ رئيس الحكومة، فقال: «هناك مسؤولية وطنية يجب ان تتحملها الحكومة وسنواصل حمل هذه المسؤولية، والقرار اتخذ بثلاث شركات ويجب التعامل مع هذا القرار بغضّ النظر عن الشركة المعنية». وتحدث عما حققته الحكومة في اطار عملها منذ ان نالت ثقة المجلس، وقال: «هناك عدة اصلاحات تمّت وسنوزّع قريباً على الوزراء لائحة تضم الاصلاحات التي تحققت والاصلاحات التي يفترض ان نعمل على تنفيذها قريباً».
وسانَد حب الله بشدة موقف وزير المال، واكد ان لديه «معلومات مؤكدة انّ هذه الشركة لها ولديها ارتباط وثيق بإسرائيل». وحذّر حب الله مجلس الوزراء من كشف البلد امام إسرائيل «لأنّ هذا هو هدفها، وهي تسعى بشتى الوسائل للدخول الى المعلومات في لبنان»، طالباً تأجيل البت بهذا الامر «لمزيد من الدرس والبحث والتحقق»، فوافق رئيس الحكومة على هذا الامر وطلب تأجيل البت الى يوم الخميس.
وعندها، ابلغ وزني الى مجلس الوزراء استقالة بيفاني، فرد دياب من فوره: «سنطرح هذا الامر يوم الثلثاء من الاسبوع المقبل».
وأثار وزير الاتصالات طلال حواط المشكلات التي تتعرض لها محطات الارسال بسبب نقص المازوت، مؤكداً انه سيبحث في هذا الامر مع وزير المال اليوم.
وتحدث دياب مجدداً فقال» «انّ الخطة المالية مستمرة، ونحن كحكومة ملتزمون بها وتجاوزنا أرقام الخسائر إنما نبحث الآن في طريقة توزيع الخسائر بالتواصل مع حاكم مصرف لبنان والقطاع المصرفي ووزير المال لنجد السيناريو المناسب، وليس هدفنا ابداً تركيع القطاع المصرفي ولا مصرف لبنان ولن نُدفّع المودعين الثمن».
وعلمت «الجمهورية» انّ وزير الزراعة أثار خلال الجلسة العلاقات مع سوريا وطالبَ بعودتها الى طبيعتها ما يساهم في تسهيل كثير من الامور الاقتصادية، وخصوصا في مجال تصريف الانتاج الزراعي من خلال خط الترانزيت، مذكّراً «انّ سوريا هي المتنفّس الوحيد لإعادة احياء القطاع الزراعي، ولا قيامة للزراعة من دون علاقات مميزة مع سوريا».
"اللواء": الخليوي على طريق الكهرباء
وكشف مصدر في احد شركتي الخليوي ان القطاع برحمته مهدد بالتراجع التدريجي عند تقديم الخدمات للمواطنين ومن ثم التوقف النهائي في وقت ليس ببعيد اذا استمرت ادارة القطاع على النحو الجاري حاليا بعدما رفض وزير الاتصالات الموافقة على استمرار الشركتين بتشغيلهما ريثما يتم اعداد دفاتر الشروط وتطرح المناقصة.
وكشف المصدر ان القطاع يتراجع حاليا مع استمرار التفاوت في المداخيل والمصاريف حيث يتم تقاضي إيرادات المشتركين بالدولار المحدد من قبل الدولة ب١٥١٥، في حين بتطلب الامر شراء معدات ولوازم التشغيل باسعار دولار السوق اومايقاربه، وهذا يكبد القطاع خسائر باهظة ويدخله في العجز المالي الحقق اذا استمرت الأوضاع المالية والاقتصادية بالتراجع على ماهي عليه اليوم.
ولفت المصدر ان تبريرات وزير الاتصالات لاسترداد القطاع ليست مقنعة لان الظروف غير مؤاتية لتتولى الدولة تشغيله بسبب الازمة الحالية والتلطي وراء تحضير دفاتر الشروط لا يقنع احدا، لانه حت لو تم انجاز هذه الدفاتر قريبا وهذا امر مستبعد لعدم كفاءة الذين يتولون هذه المهمة فإن اهتمام المستثمرين بهذا القطاع بالخارج ليسوا مهتمين بخوض غمار اي مناقصة تطرح بسبب انعدام الثقة المفقود بالداخل بفعل الممارسات السياسية وتفاعل الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية سلبا على الأوضاع كلها من جهة وتردي الأوضاع الاقتصادية بالعالم جراء تفشي فيروس كورونا.
وتوقع المصدر جراء الادارة غير السليمة للقطاع حتى الان تراجع الخدمات للمشتركين وتخوف ان يلقى القطاع برحمته مصير الكهرباء في تردي الخدمات والهدر المالي وتحويله من قطاع مربح يغذي خزينة الدولة الى قطاع خاسر.
وبانتظار المعجزة، من الخارج أو الداخل، لجأ اللبنانيون، مع تآكل القدرة الشرائية إلى نظام المقايضة لتأمين احتياجاتهم الأساسية وسط أزمة معيشية خانقة. تعرض سيدة ثوباً مقابل الحصول على حليب وحفاضات لرضيعها بينما تودّ أخرى استبدال ثياب طفلتها بمواد غذائية. ويعدّ الانهيار الاقتصادي، الذي يشهده لبنان منذ نحو عام، الأسوأ منذ عقود. ولم تستثن تداعياته أي فئة اجتماعية، وقد خسر عشرات الآلاف مصدر رزقهم أو جزءاً من مداخيلهم وسط موجة غلاء غير مسبوقة وارتفاع في معدلات الفقر. أمام هذا الواقع الجديد، لم يجد كثر خياراً سوى مقايضة أغراضهم. وأنشأت لهذا الغرض صفحات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي. على صفحة «لبنان يقايض»، التي ضمّت بعد أسبوعين فقط من إنشائها أكثر من 12 ألف مشارك، طلبت زينب (25 عاماً) مقايضة فستانها الأسود بحليب وكيسي حفاضات لطفلها (11 شهراً).
وتقول الشابة من مدينة طرابلس لوكالة فرانس برس «لم أطلب يوماً شيئاً من أحد، وجدت أن المقايضة أفضل، سأكون مرتاحة أكثر لو عرضت شيئاً لا أحتاجه مقابل ما أحتاج فعلاً.. إنها أفضل من الطلب من غير مقابل». حتى الأمس القريب، كانت العائلة تعيش في وضع «جيد». تؤمن قوتها اليومي من دخل زينب في التزيين النسائي وراتب زوجها الموظف في شركة.
لكن الحال انقلب رأساً على عقب. فالشركة أقفلت أبوابها وسرّحت موظفيها وزينب توقّفت عن العمل مع تفشي فيروس كورونا المستجد. من دون سابق إنذار، وجدت العائلة الصغيرة نفسها في وضع لم تعتده، تزامن مع غلاء غير مسبوق. فارتفع سعر كيس الحفاضات الذي اعتادت زينب شرائه الى 23 ألفاً بدلاً من عشرة آلاف، وارتفع سعر علبة الحليب من 28 إلى 48 ألفاً. وسجّلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً جنونياً تجاوز 72 في المئة من الخريف حتى نهاية أيار، وفق جمعية حماية المستهلك غير الحكومية. ولامس سعر صرف الدولار في السوق السوداء الثمانية آلاف ليرة فيما السعر الرسمي لا يزال مثبتاً على 1507 ليرات. ومن كان راتبه يعادل 700 دولار الصيف الماضي، بات اليوم بالكاد يعادل 150 دولاراً.
وتقول زينب «نصرف حالياً من مبلغ صغير ادخرناه، ولا نعرف ماذا سنفعل حين ينتهي». - لا دفع ولا شراء - على الصفحة ذاتها، كُثر عرضن ملابسهنّ أو أحذيتهنّ مقابل الحصول على حفاضات أو حليب. وعرضت إحداهن ثياباً لابنتها (خمس سنوات) مقابل الحصول على «مواد غذائية» على أن تتضمن زيتاً، وأخرى قالت إنها مستعدة لتقديم حصتين غذائيتين مقابل أدوات تنظيف وحاجات للأطفال. وكتبت إمرأة ببساطة «أريد حصصاً غذائية مقابل ثياب».
وعرضت نورهان من جهتها مقايضة صينية خشب لصديقتها التي يحتاج طفلها، هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جلسة علاج فيزيائي. وتقول نورهان «كانت بداية تعرض الصواني للبيع، لكنني اقترحت عليها أن أعرضها للمقايضة لأن الناس لم تعد قادرة على الدفع أو الشراء».
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024