لبنان
الحكومة تحسم خياراتها نحو الشرق..ودياب يوجه رسائله لواشنطن والرياض
ركزت الصحف اللبنانية اليوم على التطورات السياسية والاقتصادية والمعيشية المتسارعة، لا سيما على حسم الحكومة خياراتها في التوجه شرقاً للخروج من الحصار الأميركي، وتوجيه رئيسها حسان دياب رسائل قاسية لسفيري واشنطن والرياض على خلفية المؤامرات التي تحاك ضد لبنان.
"الأخبار": حسان دياب يتمرّد: خياراتنا ليست محدودة (بواشنطن والرياض)
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إنه بعد أشهر من المراوحة، قرر حسان دياب الانتفاض في وجه الحصار الأميركي - السعودي الذي يتعرض له لبنان. فتح أبواب الشرق على مصراعيها، لمناقشة سبل التعاون للخروج من الأزمة الخانقة. أعلن أنه «لن نقبل أن يكون البلد والشعب اللبناني صندوق بريد داخلي لمصالح ومفاوضات وتصفية حسابات خارجية.
واضافت "لم يقرّ الرئيس حسان دياب بفشل حكومته في مواجهة التحديات والتخفيف من سرعة الانهيار وحجم الصدمة والأضرار التي ستصيب البلد. ما حصل أن الانهيار صار أسرع مما تصوّر كثر، وحجم الأضرار صار أكبر من أن يتحمّله الناس، وقد خرق الدولار حاجز العشرة آلاف ليرة، مترافقاً مع انقطاع شبه تام للكهرباء، ومع ارتدادات ستظهر توالياً، كلما مرت الأيام".
وسألت "ما العمل، وكيف الخروج من هذا النفق؟وقالت "صار سهلاً القول أن لا أفق. حتى خيار صندوق النقد، بكل ما فيه من شرور وتداعياته القاسية على الصعيد الاجتماعي، ثمة مِن المنظرين تاريخياً له من يعمل ليل نهار لإفشاله، حماية لأصحاب المصارف.الهاجس اليوم هو العتمة. اجتماع طويل عُقد أمس بين وزارة الطاقة ومنشآت النفط ومؤسسة كهرباء لبنان، أسفر، على ما تردد، عن اتفاق بأن تزوّد المنشآت المؤسسة بما أمكن من المازوت. يدرك المجتمعون أن الآلية لن تغيّر في الواقع المأسوي الذي جعل الناس يعودون إلى نهاية الثمانينيات، زمن قناديل الغاز والشموع".
وتابعت "الأخبار" أن "الاستنفار كله، وإيهام الناس بالاهتمام بزيادة ساعات التغذية، لا يغطي مسؤولية وزارة الطاقة، بشخص وزيرها ريمون غجر، بفقدان الفيول. أما إشارته إلى أن السبب يعود إلى القرارات القضائية بالحجز على باخرتين، فلا يعفيه من المسؤولية. ثمة خيار كان بديهياً طيلة السنوات الماضية، لكن أحداً لم يلجأ إليه. استجرار الطاقة من سوريا كان يتم بشكل تلقائي، حتى في فترات استقرار الإنتاج. توقف أيام الحكومة الماضية، بعدما تأخرت وزارة المالية عن الدفع لأكثر من ستة أشهر، قبل أن تعاود تقسيط المستحقات. تقول مصادر مطّلعة إن هنالك إمكانية لاستجرار 360 ميغاواط في الحد الأقصى. الكمّية المعتدلة التي لا تضغط على الشبكة هي 260 ميغاواط. وتلك كمية قادرة على تعويض نسبة كبيرة من النقص في الإنتاج، إلى حين وصول بواخر الفيول.
وسألت الصحيفة ايضاً لماذا لم تطلب وزارة الطاقة أو مؤسسة كهرباء لبنان من سوريا معاودة الاستجرار؟ المعلومات، التي لم تعد سراً، تؤكد أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا كانت قد حذرت الحكومة، منذ أكثر من شهر، من التعاقد مع الحكومة السورية، إذ إن صدور قانون قيصر، في وقت لاحق، سيمنعها من الدفع.
وأشارت إلى أنه اللبنانيين نفّذوا الفرمان، ولم يعمدوا حتى إلى الاعتراض أو المطالبة باستثناءٍ، أسوة، على سبيل المثال، بالاستثناء الذي يحصل عليه العراق في تعاملاته مع إيران. لبنان الذي لا يملك حدوداً إلا مع سوريا، لم يعترض على منعه من التنفس من رئته الوحيدة بعد احتلال فلسطين، بالرغم من أن مآسيه صارت أكبر من أن تحصى. مصادر مطّلعة تنفي التسليم بالأمر. تتحدث عن تنسيق مع السفير السوري لتفعيل الاتفاقية. المشكلة أن مدة الاتفاقية انتهت منذ سنتين، وبالتالي فإن المطلوب تجديدها، قبل معاودة الاستجرار. ماذا عن قانون قيصر؟ تجزم المصادر بأن تسديد ثمن الكهرباء لسوريا سيتم بالليرة اللبنانية. وفي الأصل، لبنان لم يعد قادراً على مراعاة أحد. مصلحته تقتضي اللجوء إلى أي خيار ينقذ مواطنيه.
صبّ خطاب رئيس الحكومة حسان دياب، في مجلس الوزراء، أمس، في السياق نفسه. كان واضحاً أن رئيس الحكومة قرر التحرر من كل العقبات التي كانت تواجهه، فاتحاً مرحلة جديدة من «المواجهة». تحدّث عن الانهيار الذي تقف خلفه جهات محلية وخارجية. وتحدّث عن أدوات خارجية لا يهمّها إلا دفتر حسابات المصالح الشخصية المغلّفة بحسابات سياسية وطائفية.
كرر دياب اتهام (هم) بلعب لعبة رفع سعر الدولار الأميركي، والمضاربة على الليرة اللبنانية، ومحاولة تعطيل إجراءات الحكومة لمعالجة ارتفاع سعر الدولار، وتعطيل فتح الاعتمادات للفيول والمازوت والدواء والطحين، ليقطعوا الكهرباء عن اللبنانيين ويجوّعوهم ويتركوهم يموتون من دون أدوية. وفوق ذلك، يتحدثون عن حرصهم على لبنان ومساعدة الشعب اللبناني».
وصلت رسائله إلى السفيرين الأميركي والسعودي، إذ أشار إلى ممارسات دبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية، والدبلوماسية، معتبراً أن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الدبلوماسية. والأخطر من ذلك، بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سرية وعلنية، ورسائل بالحبر السري ورسائل بالشيفرة ورسائل بالـ«واتس آب»، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل».
وأضافات الصحيفة "زبدة الكلام نحن أمّ الصبي. هذا البلد بلدنا. وهذا الشعب شعبنا. والناس أهلنا وناسنا. نحن حرصاء على علاقات الأخوّة والصداقة. لكن بالتأكيد، لدينا خيارات عديدة، وأوراق كثيرة نكتب عليها رسائلنا، وليس بالشيفرة. رسائلنا نكتبها بحبر واضح وبلغة مبسطة وصريحة. لن نقبل أن يكون البلد والشعب اللبناني صندوق بريد داخلي لمصالح ومفاوضات وتصفية حسابات خارجية".
مصادر حكومية أوضحت أن كلام دياب حسم مسألة تخلّيه عن الحذر في مقاربة كل الخيارات المتاحة لمساعدة لبنان. الخطوة الأولى كانت في استقباله السفير الصيني، بحضور وزراء البيئة والصناعة والأشغال والنقل والسياحة والطاقة. بحسب المعلومات، فتحت كل الملفات المتعلقة بمجالات التعاون، ولا سيما في المشاريع التي يهمّ الشركات الصينية الاستثمار فيها، أي سكة القطار الساحلي، ونفق بيروت رياق، ومعامل الكهرباء. وتم الاتفاق على آليات تنسيق وتواصل. الرسالة الأبلغ كانت في تكليف وزير الصناعة عماد حب الله متابعة الاتصالات بشأن الملف المتعلق بإمكانيات التعاون. مصادر مقربة من رئاسة الحكومة أكدت أنه لم يعد جائزاً تضييق الخيارات أمام لبنان لأسباب سياسية. الصين كما غيرها من الدول مرحّب بها للاستثمار في لبنان، والمنافسة ستكون متاحة أمام الجميع.
ولفتت الصحيفة إلى أن الانفتاح على الشرق يتمثل اليوم أيضاً بزيارة وفد وزاري عراقي للبنان، حيث يتوقع أن يلتقي رئيس الحكومة لمناقشة سبل التبادل التجاري، بحيث يؤمن العراق الفيول للبنان، مقابل استيراد منتجات زراعية وصناعية لبنانية.
إذا تمكّن دياب من «غزو» الشرق وتخطّي الفيتو الغربي، يبدو أنه لن يتمكن من المس برياض سلامة، الذي تخلّى عن مسؤولياته في حماية سلامة النقد. أمس، أعاد سعد الحريري رفع الفيتو بوجه من يفكّر بإزاحته. قال: «أي حكومة ستقدم على أي شيء أو تفكر بموضوع رياض سلامة سيكون لتيار المستقبل موقف قاس جداً، ويمكننا أن نصل إلى أي شيء في هذا الموضوع».
"البناء": الوضع الحكوميّ: لا تعديل ولا تغيير ولا استقالة
من جهتها قالت صحيفة "البناء"، "انتفاضتان وتنسيق وكواليس ومؤامرة، أما الانتفاضتان فواحدة في الشارع وداخل كل بيت تحت وطأة أوضاع لا تُطاق في ظل انقطاع الكهرباء واشتعال الأسعار وأزمات متنقلة من الخبز والبنزين والمازوت وآخرها الدواء، وفقدان السلع من الأسواق، وأسعار تتضاعف من ليلة إلى صباح؛ أما الثانية فهي صرخة رئيس الحكومة حسان دياب في بدء جلسة الحكومة، حيث قال هناك جهات محلية وخارجية، عملت وتعمل حتى يكون الاصطدام مدوياً، وتكون النتيجة حصول تحطّم كبير، وخسائر ضخمة".
ولفتت "البناء" إلى أنه توزّع المشهد الداخلي أمس، بين مثلث عين التينة – السرايا الحكومية – وبيت الوسط، فيما شهد الشارع المزيد من التصعيد في مناطق مختلفة احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.
واضافت "إلا أن الحركة السياسية التي شهدها عين التينة وبيت الوسط شغلت الأوساط السياسية والإعلامية ومعهما الحكومة التي كانت منهمكة بمواجهة الأزمات المتلاحقة والمزدحمة من الكهرباء الى النفايات وغلاء الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار، خلال جلسة عقدتها في السرايا الحكومية إلى أن خطف اهتمامها المعلومات المكثفة التي توالت بالوصول الى داخل قاعة المجلس عن اتصالات وحركة سياسية لتغيير حكومة الرئيس حسان دياب وتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف حكومة جديدة تارة وتعديل ببعض المواقع الوزارية تارة أخرى. معلومات نفتها مصادر السرايا الحكومية لـ"البناء"، مشيرة الى أن «الحكومة مستمرة بعملها الوطني في مواجهة الأزمات والمشاكل الاقتصادية والحياتية».
كما شددت أوساط عين التينة لـ"البناء" أن استقالة الحكومة غير واردة ولم تبحث خلال لقاءات عين التينة بل المطلوب تفعيل عمل الحكومة وحثها على اتخاذ القرارات العملية والتنفيذية لتخفيف المعاناة اليومية عن المواطنين والانطلاق لوضع الخطط الاقتصادية والاصلاحية موضع التنفيذ». فيما لم تؤشر أجواء بعبدا بحسب ما علمت «البناء» الى اي معطيات جديدة لتغيير الحكومة ولا أجواء التيار الوطني الحر رغم امتعاض التيار ورئيسه جبران باسيل من أداء الحكومة في بعض الملفات ومماطلتها في اتخاذ القرارات، لكن لا توجه لدى التيار للدفع باتجاه اقالة الحكومة، مع رفض مصادر التيار لـ"البناء" خيار تأليف حكومة شبيهة بالحكومة الحالية ولا خيار عودة الحريري. فيما حسم الحريري موقفه بتمسكه بشروطه السابقة للعودة إلى رئاسة الحكومة، بحسب ما نقل عنه أمس. ما فسّرته مصادر مطلعة على أن الحريري ليس مستعداً لخوض غمار رحلة تأليف حكومة جديدة لغياب التفاهم الداخلي مع شركاء الماضي كالتيار الوطني الحر وعدم وضوح موقف القوات اللبنانية من عودة الحريري ورفض النائب السابق وليد جنبلاط تغيير الحكومة من دون اتفاق واضح على حكومة جديدة كي لا تقع البلاد في الفراغ، اضافة الى أن المناخ الإقليمي غير مؤهل لإنضاج تسوية جديدة في لبنان. ووضعت المصادر مواقف وحركة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي الذي زار بيت الوسط امس، في اطار الضغط وهز العصا للحكومة ورئيسها لدفعهما للعمل واستيعاب الحريري وقاعدته الشعبية في ظل الحديث عن مخطط لإشعال فتنة مذهبية. رغم أن الفرزلي دعا الرئيس دياب الى تسهيل الطريق لإنتاج حكومة جديدة يترأسها الحريري.
ولاحظت أوساط سياسية اشتداد الحملة على الحكومة والضغط لاستقالتها بالتزامن مع شدّ رحال الحكومة للتوجه الى الشرق لتنويع الخيارات الاقتصادية ما يساهم في تخفيف وطأة الأزمة الخانقة نتيجة الحرب التي تشنّها الولايات المتحدة الاميركية ودول الخليج على لبنان منذ فترة طويلة لا سيما تزامن الهجمة على الحكومة مع زيارة بارزة وهامة للسفير الصيني في بيروت وانغ كيجيان، على رأس وفد الى السرايا الحكومية، حيث التقى الرئيس دياب وعدداً من الوزراء وتزامناً أيضاً مع معلومات عن وصول وفد وزاري عراقي الى بيروت لدعم الحكومة والبحث بمشاريع اقتصادية، حيث سيبحث رئيس الحكومة مع الوفد استيراد النفط من العراق وفق مصادر حكومية.
وكان السفير الصيني زار السرايا على رأس وفد، بحضور وزراء البيئة دميانوس قطار، الصناعة عماد حب الله، الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، الطاقة والمياه ريمون غجر، والسياحة رمزي مشرفية، وبحث المجتمعون في تعزيز التعاون على جميع المستويات. كما أبدى الوفد الصيني استعداده لتفعيل الشراكة مع لبنان. وكلف الرئيس دياب وزير الصناعة متابعة الاتصالات بشأن الملف المتعلق بإمكانيات التعاون.
وأشارت مصادر وزارية مشاركة في الاجتماع لــ"البناء" الى أن «الوفد الصيني أعلن استعداده للبحث مع كل وزارة المشاريع الممكن تنفيذها وفقاً لنظام «Bot” أو نظم شبيهة، في إطار اتفاقات من دولة الى دولة”، لافتاً الى أن الوفد لم يتحدّث عن مبالغ مالية او حجم استثمارات بل سيتعامل مع كل مشروع على حدة بعد دراسة جدواه الاقتصادية وأهميته في نهوض الاقتصاد اللبناني والمنفعة المتبادلة وبالتالي المبلغ مرتبط بحجم المشروع وطبيعته، لكن الاستثمار سيشمل قطاعات مختلفة كالكهرباء والطاقة والنفايات الصلبة وسكك الحديد ومصانع ومرافئ وغيرها”. وأوضحت المصادر أن “الانفتاح على الصين لا يعني الانتقال من الغرب الى الشرق بل تنويع الخيارات الاقتصادية وفقاً لقرارات سيادية لبنانية، وبالتالي الحكومة مستعدّة لأي تعاون مع الصين وأي دولة أخرى صديقة للبنان أكانت من الشرق او الغرب، لكن لا يمكننا سد منافذ البلد على الجوار الإقليمي لاعتبارات سياسيّة”.
ورفع رئيس الحكومة حسان دياب سقف مواقفه موجهاً جملة رسائل سياسية باتجاهات عدة خلال كلمته في مستهل جلسة مجلس الوزراء، وقال: “هناك جهات محلية وخارجية، عملت وتعمل حتى يكون الاصطدام مدوّياً، وتكون النتيجة حصول تحطم كبير، وخسائر ضخمة”. هذه الجهات إما هي أدوات خارجية لإدخال لبنان في صراعات المنطقة وتحويله إلى ورقة تفاوض، أو هي تستدرج الخارج وتشجعه على الإمساك بالبلد للتفاوض عليه على طاولة المصالح الدولية والإقليمية”.
وفي رسالة حادة الى سفيري الولايات المتحدة والمملكة السعودية قال دياب: “سكتنا كثيراً عن ممارسات ديبلوماسية فيها خروق كبيرة للأعراف الدولية، والديبلوماسية، حرصاً على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الديبلوماسية. والأخطر من ذلك، بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سريّة وعلنية، ورسائل بالحبر السريّ ورسائل بالشيفرة ورسائل بالـ”واتس آب”، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل”.
وبالتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء، زار رئيس تكتل لبنان القويّ النائب جبران باسيل عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ووصفت مصادر المجتمعين الاجتماع بأنه جيّد، وتناول مروحة واسعة من المسائل تمّ بحثها على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة. وكشفت المصادر أنه تمّ الاتفاق على مجموعة خطوات أبرزها قيام مصرف لبنان بما عليه لضبط تفلت سعر صرف الدولار الأميركي باعتباره شرطاً أساسياً لمنع حصول أي اضطراب اجتماعي، وحث الحكومة اللبنانية على القيام بالإصلاحات المطلوبة والتعاون بينها وبين مجلس النواب، حيث يلزم باعتبار ذلك حاجة لبنانية.وقد تمّ التفاهم على عدد من الإجراءات المطلوبة.
وأكدت المصادر أن الطرفين متفقان على اعتبار المفاوضات مع صندوق النقد خياراً أساسياً وقيام الحكومة ومجلس النواب كل في نطاقه بما يستطيع لتأمين الحصول على برنامج من صندوق النقد لا يتعارض بأي من شروطه مع سيادة لبنان ومصلحته.
"النهار": الحكومة تحتمي من السقوط بالتصعيد السياسي
أما صحيفة "النهار" فقالت انه اذا كان من خلاصة سريعة للتطورات المحمومة والمتصلة بالتدهور المالي المطرد والعجز الحكومي الفادح عن احتواء مختلف تداعياته، فيمكن إيجاز المشهد السياسي الداخلي بأن حكومة الرئيس حسان دياب باتت واقعياً في حكم السقوط ولكن مع وقف التنفيذ ربما لأسابيع وليس أكثر. ذلك أن الكلمة المتسمة بمكابرة واسعة لرئيس الوزراء في مستهل جلسة مجلس الوزراء، أن لجهة استعادة هجماته على المعارضين والخصوم الداخليين أم لجهة حملته "المستأخرة" بمفعول رجعي على السفارتين الأميركية والسعودية من غير أن يسميهما طبعاً، بدت بمثابة الدليل الاضافي القاطع على المضي في سياسة الهروب من مواجهة الفشل الحكومي بافتعال المعارك العبثية فيما تلهث البلاد وراء حلول عاجلة للأزمات المتفاقمة في كل المجالات.
واضافت الصحيفة "كان رئيس الوزراء يلهو بترف مهاجمة المعارضين والالتحاق بركب مهاجمي السفارتين الأميركية والسعودية، فيما بدت البلاد تنزلق بسرعة مقلقة للغاية نحو طبعة مختلفة ومتطورة من الانتفاضة الاحتجاجية المتسعة بفعل الاعتصامات وقطع الطرق والتجمعات والتظاهرات المنذرة بشارع ملتهب مجدداً على وقع دولار أضحى سعره بسقوفه المحلقة يهدّد بإحراق البلد غضباً واحتجاجاً. ومع دولار تجاوز سعر صرفه في السوق السوداء العشرة آلاف ليرة، انفلشت مجموعات المتظاهرين والمعتصمين منذ ساعات الصباح الى ساعات الليل في مختلف المناطق وخصوصاً في وسط بيروت ليرسموا العينة المتقدمة عن الاحتجاجات المنذرة بإشعال موجات ضخمة ومستمرة هذه المرة أمام تفاقم الأزمات المعيشية والغلاء المستفحل وأزمة العتمة وتقنين الكهرباء بالاضافة الى أزمات البطالة والاستشفاء وكل ما يتصل بأزمة المصارف وأموال المودعين".
واضافت "مع أن الرئيس سعد الحريري وضع حداً حاسماً لاحتمال عودته خلال العهد العوني الى تولي رئاسة الوزراء الا ضمن شروط يبدو واضحاً أنه لا يناور حيالها كما يصعب توقع تلبيتها، فإن مجرد اطلالة الحريري أمس وتناوله الأزمة المتفاقمة زاد إثباتات طرح الوضع الحكومي بجدية في كواليس الداخل وربما ايضا في كواليس ديبلوماسية خارجية بدأت المعطيات تتحدث عن تداولها إمكان التغيير الحكومي في لبنان لمصلحة حكومة خبراء مستقلين فعليين هذه المرة".
وتابعت الصحيفة أنه على وقع تفاقم الأزمة، شهدت الساحة السياسية سلسلة اتصالات لافتة. فالتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل. وكشفت مصادر المجتمعين "أن اللقاء كان جيّداً تم خلاله الاتفاق على مجموعة من الخطوات أبرزها قيام مصرف لبنان بما عليه لضبط تفلّت سعر صرف الدولار باعتباره شرطا أساسيا لمنع حصول أي اضطراب اجتماعي". اما على صعيد الحكومة، فأجمع الرئيس بري وباسيل على "حضّ الحكومة على القيام بالإصلاحات المطلوبة والتعاون بينها وبين مجلس النواب، كما تم التفاهم على عدد من الإجراءات المطلوبة في هذا المجال". أما المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فشدّد الرئيس بري وباسيل على "اعتبار المفاوضات مع الصندوق خياراً أساسياً، وضرورة قيام الحكومة ومجلس النواب كل ضمن نطاق عمله بما يستطيعان لتأمين الحصول على برنامج إصلاحي من صندوق النقد لا يتعارض بأي من شروطه مع سيادة لبنان ومصلحته".