لبنان
أرقام قياسية بإصابات كورونا تنذر بالأسوأ.. وتأرجح في سعر الدولار
تنهمر الأزمات على رؤوس اللبنانيين يوميا، ولا يدري المواطن من أين يتلقى الصفعة، فما بين انقطاع للكهرباء وسط حر شديد، واستمرار ارتفاع الأسعار، وتأرجح في سعر صرف الدولار، وصولا إلى ارتفاع إصابات فيروس كورونا بأرقام غير مسبوقة، تلوح في الأفق أزمة تكدس النفايات في الشارع من جديد.
على الصعيد السياسي، برزت علامات استفهام حول تحركات السفيرة الأمريكية على الساحة المحلية والاشارات التي حملتها زيارتها للسراي الحكومي، كما كان لافتا زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى الكويت موفدا من قبل رئيس الجمهورية.
"الأخبار": تخفيض سياسي لسعر الدولار؟
الدولار انخفض إلى ما دون الستة آلاف ليرة. هذا ما تشير إليه التطبيقات الإلكترونية، التي تحوّلت إلى متحكم في السوق. لكن مع ذلك، فإن هذا السعر يبقى غير قابل للتداول إلا لشراء الدولارات من قبل الصرافين. أما العكس، أي بيعهم للدولار بهذا السعر فيبقى متعذراً، ومحدوداً (اشترى عدد من الأفراد مبالغ ضئيلة من الدولارات - أي أقل من ألف دولار - بـ5800 ليرة للدولار الواحد). الأهم أن الانخفاض يبدو مستمراً، وسط الحديث عن قرار بإعادته إلى سعر يقارب أربعة آلاف. هذا خبر كفيل بدعوة الناس، أو من يخزّن منهم الدولارات، إلى البيع تجنباً للمزيد من الخسائر. لكن في المقابل، فإن غياب الثقة يجعل حركة البيع محدودة، انطلاقاً من أن التخفيض سياسي وغير مبني على وقائع سوقية حقيقية، إضافة إلى لجوء صرافين أمس إلى إعادة رفع السعر إلى ما فوق الـ7500 ليرة.
لكن، هل حقاً ثمة من يملك قرار تخفيض السعر؟ لرياض سلامة دور رئيسي في التحكم بسعر العملة. كلما ضخ المزيد من الدولارات، انخفض السعر. لكن على ما يظهر فإن المصرف المركزي لم يتدخل بالشكل المطلوب، فكانت النتيجة وصول سعر الدولار إلى مستويات مقلقة.
كثر يثقون بأن للسياسة وصراعاتها دوراً في تخطي الدولار لأي سعر منطقي. لكن مع ذلك، فقد يكون هنالك بعض العوامل التي ساهمت في تخفيض السعر، وأبرزها افتتاح المطار، مع توقعات بدخول ٥ ملايين دولار يومياً عبر المغتربين، ثم توسيع السلة الغذائية المدعومة على سعر ٣٨٥٠ ليرة. وهو ما أدى عملياً إلى زيادة المعروض من العملة الأميركية مقابل تخفيف ضغط التجار على طلب العملة من السوق السوداء.
كذلك، يؤكد مصدر متابع أن عودة الحرارة إلى العلاقة بين النائب جبران باسيل وحاكم مصرف لبنان، بمسعى من الرئيس نبيه بري، يمكن أن تكون قد ساهمت في تخفيف الضغط على الدولار. وإذ تشير المصادر إلى أن باسيل طلب من سلامة التدخّل لتخفيض سعر الصرف، إلا أنها تلفت أيضاً إلى أن التواصل بين الطرفين لم يخلص إلى الاتفاق على سلة إجراءات جوهرية لوضع الأزمة الراهنة على سكة المعالجة.
إلى ذلك، مع كل يوم يمر، يتضح كم صار احتمال الاتفاق مع صندوق النقد بعيداً. بالشكل لم يبق في الفريق المفاوض إلا قلة متمسكة بالخطة الحكومية، بعدما مال الجميع باتجاه الاتفاق السياسي الذي عبّرت عنه اجتماعات لجنة تقصي الحقائق، وعنوانه تحييد المصارف عن دفع ثمن مقامرتها بأموال المودعين. أما في المضمون، فيؤكد مطلعون على المفاوضات أن المراوحة صارت سيدة الموقف، بعد أن ساهم الخلاف المفتعل على الأرقام في فرملة أي تقدّم. وفيما تردّد المصادر أن المفاوضات دخلت في موت سريري، فإنها تشير إلى أن «حزب المصرف» نجح في تنفيس الخطة الحكومية، بعدما لم يتحقق منها شيء حتى اليوم.
فلا أنجزت عملية تحويل 15 في المئة من الودائع التي تزيد على ٥ ملايين دولار إلى أسهم (تمليك أصحاب هذه الودائع أسهماً في المصارف)، ولا استرد، أو حتى بدأت إجراءات استرداد، فائض الفوائد التي دُفعت في الهندسات المالية (تُقدّرها الحكومة بنحو 20 مليار دولار)، ولا استعيدت الأموال التي أخرجت من لبنان، بشكل استنسابي، ما بعد إغلاق المصارف في تشرين الأول الماضي. ما يجري حالياً هو العكس: السعي إلى تحميل الناس الكلفة الكاملة، وهي عملية بدأت بالفعل، إذ يمارس حاكم مصرف لبنان، يومياً، عملية نقل الخسائر من القطاع المصرفي إلى جيوب الناس، من خلال التضخم الذي يسببه ضخ كميات كبيرة من العملة المحلية في السوق، ومن خلال حجز أموال المودعين، وإجراء «هيركات» إلزامي على الودائع، التي تُدفع بالليرة حصراً وبأقل من سعرها بكثير. لكن مع ذلك، فإن رئيس الحكومة حسان دياب كان قد طمأن، بعد لقائه المفتي عبد اللطيف دريان، إلى أن «صفحة المناقشات التي حصلت خلال الأسابيع الست الماضية قد طويت، ومن هذا المنطلق بدأنا نتحدث عن الإصلاحات الأساسية المطلوبة والبرنامج الذي يجب أن يتم التوافق عليه بين صندوق النقد ولبنان».
تفاؤل دياب يتناقض مع ما يتردد من مصادر متابعة للاجتماعات من أن الضغط السياسي سيؤدي إلى استنزاف للبلد وتمديد للمفاوضات، إلى حين إعلان فشلها، ومن ثم إنقاذ المساهمين في المصارف من خلال بيع الدولة ومرافقها وأراضيها.
"البناء": عودة التأرجح في سعر الصرف تثير التساؤلات
وفي ذات الإطار، قالت "البناء".. بعد أن شهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء انهياراً وصل الى حد الـ 5800 ليرة للمبيع و6100 ليرة للشراء، عاد وارتفع بشكل طفيف مساء أمس حتى سجل 6300 ليرة للمبيع و6600 ليرة للشراء.
وتشهد السوق السوداء تخبطاً وتضارباً في المعلومات وفي عمليات البيع والشراء، فمنهم من تريث في بيع الدولار قبل انجلاء الصورة الحقيقية وبين مَن باع على أسعار منخفضة للحد من خسارته اذا ما انخفض أكثر وبين من اشترى بأسعار منخفضة على أمل تحقيق أرباح بعد ارتفاع سعر الصرف.
وينقسم الخبراء في تقييم اتجاهات سعر الصرف بين من يتبنى الحسم بأن الاتجاه نحو هبوط سعر الدولار هو السائد رغم بعض التذبذب الناتج عن مضاربات ستتكرر أيام العطلة وبين مَن يعتقد العكس كما يقول الخبير وليد ابو سليمان لـ«البناء» إن «لا مبرر علمي واقتصادي لانخفاض سعر الصرف رغم المؤشرات الإيجابية التي يجري الحديث عنها، فالنسبة التشغيلية للمطار فقط 10 في المئة وبالتالي توافد المغتربين لا يترجم على أرض الواقع قبل أسابيع فيما تدخل مصرف لبنان بالسوق عبر دعم السلة الغذائية يحتاج الى وقت وإن تدخل فلن يسدّ النقص في السيولة إضافة الى سوق المضاربات في السوق السوداء التي تشهد نقصاً في السيولة ايضاً»، وتوقع ابو سليمان «حصول تقلبات عدة وحادة في سعر الصرف وإذا استمر الضغط على الدولار فسيرتفع الدولار مجدداً».
في غضون ذلك، عاد ملف وباء كورونا ليحتل واجهة المشهد الداخلي، مع الارتفاع اليومي القياسي لعدد الإصابات الذي بلغ امس بحسب وزارة الصحة العامة 166 اصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2334.
واشارت مصادر رسمية متابعة لهذا الملف، الى «ان المطلوب إجراء توعية شاملة مترافقة مع خطة إعلامية مواكِبة، فمن غير المقبول ان تستمر الأمور على هذا المنوال».
وتحدثت المصادر عن إجراءات جديدة سيتم اتخاذها للتوفيق بين الوضع الاقتصادي، الموسم السياحي، ومواجهة كورونا، مؤكدة بأن لا إغلاق لا في المطار ولا في أي من القطاعات ولا عودة الى نظام المفرد والمجوز. وتوقعت المصادر أن تعود الأعداد الى الانخفاض تدريجيًا في الأسابيع المقبلة إن طبّقت الإجراءات الجديدة جيداً»، وأكدت أن «الحكومة لن تلجأ الحكومة الى اعتماد سياسة مناعة القطيع وستحاول فرض إجراءات جديدة من دون العودة الى إقفال أي من القطاعات».
ومن المتوقع أن تبحث لجنة الطوارئ الصحية اليوم في الإجراءات الجديدة الواجب اتخاذها والمفترض أن تقرها الحكومة بجلسة الثلاثاء في قصر بعبدا.
"اللواء": إبراهيم في الكويت
ووسط هذه الأجواء الحياتية القاتلة، اهتمت الأوساط السياسية بوصول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى الكويت، موفداً من الرئيس ميشال عون، غداة اتصال جرى بين رئيس الجمهورية وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، لنقل صورة دقيقة على الوضع، وامكان الاستفادة من المساعدة الكويتية.
ونقل اللواء إبراهيم قوله، قبل سفره: ان شاء الله خير..
وقد استفسر الشيخ صباح خلال الاتصال عن اوضاع لبنان واحواله والصعوبات التي يمر بها، فشرح له الرئيس عون طبيعة المشكلات التي يمر بها ماليا واقتصادياً. فطلب الامير من عون البحث في ما يمكن ان تقدمه الكويت الى لبنان من دعم ومن دون تحديد اي تفصيل. فقرر عون إيفاد اللواء ابراهيم الى الكويت للقاء الامير ولقاء وزير الخارجية الكويتية الشيخ الدكتور احمد ناصر المحمد الصُباح وبعض المسؤولين الاخرين، وعرض اوضاع لبنان وللاستماع الى ما يمكن ان تقدمه الكويت في المجالات الممكنة لا سيما التعاون النفطي والاغاثة والدعم الاجتماعي، علماً ان الكويت لم تعرض اي مساعدة محددة ولا في اي مجال، بل تنتظر ما سيحمله اللواء ابراهيم.
وفي سياق متعلق بالتحركات من أجل مساعدة لبنان، توقعت مصادر سياسية بارزة أن تواجه زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان يوم السبت المقبل نقاشات صريحة ومحرجة مع الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية ناصيف حتي لجهة موقف فرنسا من التعاطي مع الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، بعد المواقف الحادة التي اطلقها الوزير الفرنسي مؤخرا واتهم فيها حكومة حسان دياب بعدم الوفاء بالالتزامات التي قطعتها منذ تأليفها لتحقيق الاصلاحات المطلوبة لمساعدة لبنان خارجيا لحل ازمته المالية بالرغم من مرور اكثر من مئة يوم على تشكيلها، والاهم في مضمون الزيارة هو في كيفية اعادة التفاهم مع الحكومة الفرنسية من جديد ووضع مقررات مؤتمر «سيدر» موضع التنفيذ الفعلي بعدما كان الجانب الفرنسي ومن خلال السفير في لبنان قد ابلغ الرئيس دياب في لقاء عاصف جرى منذ قرابة الشهر بأن حكومته اوقفت كل الاتصالات مع الجانب اللبناني لتنفيذ «سيدر» بعدما تملصت الحكومة من وعودها بتنفيذ سلسلة الاصلاحات الموعودة. ونقلت المصادر عن مطلعين على فحوى ما جرى بالقول ان السفير الفرنسي خاطب دياب بالقول كيف تريدون مساعدة فرنسا وتضربون عرض الحائط بالاصلاحات، بل تمعنون في إتخاذ قرارات معاكسة كما حصل في العودة عن قرار اقامة معمل للكهرباء في سلعاتا وبالتعيينات المالية وغيرها من الاجراءات التي لا تعبر عن نية حقيقية لتنفيذ الاصلاحات لغايات ومصالح ضيقة.
إلى ذلك، علم، لدى أوساط معنية ان السفيرة الأميركية في بيوت دورثي شيا، نقلت طلباً يشبه «الفيتو» على استمرار شراء الكهرباء من سوريا، لتجاوز النقص في الكهرباء، والتقنين الخطير الذي يواجه لبنان.
وكان الرئيس دياب قال من دار الفتوى، بعد لقاء المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان السبت الماضي حول لقائه مع السفيرة دورثي: «تداولت مع السفيرة الأميركية في مواضيع عدة وهي أبدت كل استعداد لمساعدة لبنان في مجالات مختلفة». ولفت الى أن «في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي نحن قلبنا الصفحة على المناقشات التي حصلت وبدأنا نتحدث عن الإصلاحات الاساسية المطلوبة والبرنامج الذي سيتم التوافق عليه بين الصندوق ولبنان وهذا ما سيعيد الثقة وسيفتح الباب على مشاريع كثيرة». (راجع ص 2).
تغير في الموقف!
وتزايدت التفسيرات لإعادة الانفتاح الأميركي على الحكومة عبر حركة السفيرة الأميركية.
وكشفت مصادر قيادية في 8 آذار، سبب هذا التحوّل بأن واشنطن تبلغت رسالة من هذا الفريق ضرورة كف يد السفيرة الأميركية عن لبنان، منعاً لخيارين خطيرين: الأوّل الذهاب شرقاً على مستوى رسمي، والثاني، فتح الجبهة الجنوبية، والتضييق على إسرائيل، عبر استهداف البواخر العسكرية والتجارية على امتداد المتوسط، بما في ذلك التلويح باستهداف «منشآت نفط العدو».
وفي المعلومات تحذير واشنطن من تشجيع المساس بالأمن على خلفية ما ينقل من معلومات عن جهات دولية تمول مجموعات لبنانية للتحرك علي خلفية قرار المحكمة الدولية المنتظر في 7 آب.
ويعود «الكابيتال كونترول» إلى الواجهة، مع جلسة تعقدها لجنة المال والموازنة اليوم، وعلى جدول أعمالها اقتراح قانون الكابيتال كونترول، تجتمع بعدها اللجنة الفرعية برئاسة النائب إبراهيم كنعان للبحث في التوسع في صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان للكشف عن الحسابات المصرفية تلقائياً.
وعزا أمين سر نقابة الصرافين محمود حلاوي أسباب انخفاض الدولار إلى استئناف النشاط التجاري، مع عودة المغتربين والسيّاح، عبر مطار بيروت، وانتظار التجار والمستوردين السلة الغذائية، فضلاً عن المفاوضات الجارية مع عدد من الدول حول المساعدات الممكنة للبنان.
"الجمهورية": لودريان في بيروت الجمعة
الى ذلك، تنتظر الاوساط الديبلوماسية والسياسية زيارة وزير الخارجية الفرنسية السيد جان ايف لودريان للبنان نهاية الأسبوع الجاري، في جولة سريعة يقوم بها في المنطقة، وسيصل الى بيروت مساء الجمعة المقبل مختتماً زيارة لبغداد تستمر يومين.
وقالت مصادر ديبلوماسية فرنسية ولبنانية لـ«الجمهورية»، انّ الزيارة التي شكّلت اولى الزيارات الرسمية لمسؤول اوروبي على هذا المستوى، بعد انتهاء تداعيات ازمة الكورونا التي شلّت الحركة في العالم وقطعت التواصل بين الدول الجارة، فكيف بالنسبة الى العلاقات بين قارة وأخرى.
وتجدر الإشارة الى انّ هذه الزيارة كانت أُرجئت ثلاثة اسابيع، بعدما كان مقرّراً ان تحصل بداية النصف الثاني من حزيران الماضي، ولكن الظروف الداخلية الفرنسية وبقاء المطارات مقفلة بسبب جائحة كورونا أدّيا الى ارجائها، ثم جاءت بعدها استقالة الحكومة الفرنسية لتؤخّرها مرة ثانية الى هذا الاسبوع.
وفي المعلومات، انّ لودريان الذي سجّل سلسلة من الملاحظات القاسية حول الوضع في لبنان وما آلت اليه التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمالية فيه، يحمل معه مجموعة من الأفكار الفرنسية حول ما يمكن القيام به في المرحلة المقبلة والموقف الفرنسي والدولي منها.
وقالت المصادر الديبلوماسية لـ«الجمهورية»، انّ لودريان يزور بيروت ساعياً الى تحقيق خطوات محدّدة يمكن ان تؤدي الى تحقيق ما تسعى فرنسا إليه، وخصوصاً لجهة قرارها الاستراتيجي بمساعدة لبنان في تسهيل المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، كبوابة تفتح الطريق امام مجموعة الدول والمؤسسات المانحة، التي يمكن ان تعود الى التعاطي مع لبنان فور نيله ثقة صندوق النقد.
وفي المعلومات، انّ برنامج زيارة لودريان يتضمن لقاءات تشمل كلاً من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية، كذلك سيلتقي مجموعة من الشخصيات اللبنانية الصديقة في مقرّ السفارة الفرنسية.