لبنان
الأزمات تتراكم بين التقلبات المالية والكهرباء والنفايات..الحكومة تتابعها..وتصريحات سياسية تؤجج الأوضاع
توزع المشهد اللبناني بين السرايا الحكومية التي تتابع الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية والبيئية التي تثقل كاهل اللبنانيين خاصة على وقع تقلبات سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وأزمة النفايات الطارئة إلى جانب أزمة الكهرباء الخانقة، وصولاً إلى تصريحات نارية تطلقها عدة شخصيات تأزم الوضع الذي يعيشه لبنان على كافة المستويات.
"الأخبار": الحكومة تدفن خطتها "الإصلاحية": الأمر لحزب المصارف
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "ما بدأ في لجنة المال والموازنة النيابية، تكرّس أمس في السرايا الحكومية. خطة الحكومة لم يعد لها مكان بعدما «دُمجت» في خطة المصارف، وشرع رياض سلامة بتنفيذها من طرف واحد. أولوية الخطة المعدّلة سطو المصارف على أملاك الدولة، وحماية المصارف من أي إعادة هيكلة تخرج عن سيطرة الحاكم الأول".
وأضافت أن "اجتماع السرايا الحكومية مساء أمس أزال «الغباش» عن أعين من كان يظن أن الحكومة لا تزال متمسكة بخطتها للإنقاذ المالي. هي في الأساس لم تدافع عنها، بل تولى المهمة وفد صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى أربعة من أعضاء الوفد المفاوض: ألان بيفاني، شربل قرداحي، جورج شلهوب وهنري شاوول. استقال بيفاني وشاوول، ولم يبق سوى قرداحي وشلهوب، «يواجهان» وحدهما حيتان المال الذين يصرّون على إبعاد كأس تحمّل مسؤولية الخسائر عنهم، مقابل نقلها إلى الشعب اللبناني بكامله. فطبع العملة مستمر بكميات هائلة، تساهم في رفع سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية، مقابل إجراء هيركات على السحوبات النقدية، التي تخسر أكثر من نصف قيمتها الفعلية".
وتابعت الصحيفة أن اجتماع أمس، بحسب مصادره، دفن خطة الحكومة، التي سيجري استبدالها بـ«خطة بديلة»، مبنية عملياً على خطة المصارف. وأضافت المصادر إن «الخطة البديلة» تفتح باب السطو على أملاك الدولة ومؤسساتها، عبر وضع صندوق إدارتها في عهدة مصرف لبنان، علماً بأن وزير المالية كان قد شرع بداية هذا الشهر بالطلب إلى الوزارات والمؤسسات الرسمية قوائم بممتلكاتها. وإذ ستخصص عائدات هذا الصندوق لإطفاء خسائر القطاع المصرفي، فإن تنفيذ خطة المصارف سيراعي، بالشكل، بعضاً من بنود خطة الحكومة، بما لا يؤثّر على التوجّه العام للخطة، التي بدأ رياض سلامة تطبيقها أمس، عبر إصداره مذكرة يؤلف فيها لجنة لإعادة هيكلة المصارف بما يناسبه.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في الخطة المتوقع أن تسوّق بوصفها خلاصة الاتفاق بين المصارف والحكومة أو خلاصة الجمع بين خطط الطرفين، ستطرح مسألة استعمال جزء من رساميل المصارف لإطفاء الخسائر (بعدما كانت الخطة الحكومية تنص على استخدام كامل الرساميل)، مقابل استخدام جزء صغير من الودائع الكبيرة (أقل من ألف حساب) وتحويل نسبة صغيرة منها إلى أسهم في المصارف، لكن بما لا يؤثر بصورة كبيرة على التوزيع الحالي لنسب الملكيات الحالية للبنوك.
وأشارت "الأخبار" إلى أنه لأن هذه الخطوة بحاجة إلى تسويق، فقد طلب من شركة «لازارد» الحضور إلى لبنان لإبلاغها بالخطة الجديدة، التي تحتاج عملياً إلى «موافقتها»، كونها المسؤولة عن عملية التفاوض مع الدائنين. وعليها أن تكون مقتنعة بخطة الخروج من الأزمة لكي تسعى إلى التوافق مع الدائنين. واستكمالاً لانقلاب حزب المصارف على الخطة الحكومية، أطلق سلامة، عبر مذكرة أصدرها أمس، عملية إنقاذ المصارف من دون أي اعتبار للحكومة أو لصندوق النقد. ثبّت استقلاليته و«حقه» في إدارة الأزمة كما يحلو له، في ظل تواطؤ حكومي أو عجز غير مسبوق. الحاكم بأمره أصدر مذكرة أنشأ فيها «لجنة هيكلة المصارف»، تضم:
بشير يقظان، نائب الحاكم، رئيساً للجنة؛
بيار كنعان، مدير الشؤون القانونية في مصرف لبنان، عضواً؛
كارين شرتوني، مديرة وحدة الامتثال في المصرف، عضواً؛
مروان مخايل، من لجنة الرقابة على المصارف، عضواً؛
ربيع نعمة، نهال يموت، نعمة حنتس، من لجنة الرقابة على المصارف، عضواً؛
وليد روفايل، روجيه داغر، ألان ونّا، من جمعية المصارف، عضواً.
وبينت أنه "من خلال اللجنة، سيكون سلامة قادراً على فرض ما يشاء من معايير للدمج أو لإعادة الهيكلة. طريقة التعيين تُشكّل إهانة للجنة الرقابة على المصارف التي كان يفترض أن تقوم وحدها بتقديم اقتراحات لمعالجة أوضاع المصارف إلى الهيئة المصرفية العليا، فإذا بسلامة يضع تراتبياً أسماء الأعضاء من موظفي المصرف المركزي قبل أسماء ممثلي اللجنة".
وأضافت "سلامة فعل ما يحلو له، وهو تحت هذا العنوان لن يُجادل بقراره، وإن أشرك جمعية المصارف في عملية إعادة الهيكلة، بثلاثة من أعضاء اللجنة. المرحلة المقبلة ستكون مرحلة اللعب على المكشوف. ولن يكون مستبعداً، على سبيل المثال، دمج ثلاثة مصارف مفلسة لينتج منها مصرف كبير مفلس. ولن يكون مستبعداً إنقاذ مصارف لمجرد أن صاحبها قريب من سلامة، كما لن يكون مستبعداً إنقاذ مصارف من أموال مصرف لبنان (مال عام)، بذريعة تحفيز دمج المصارف وإعادة هيكلتها بقروض مدعومة!".
من جهة أخرى، بدأت الحكومة اللبنانية مسعاها لتجنب تداعيات قانون قيصر على لبنان. وقد سلمت وزارة الخارجية طلباً رسمياً إلى واشنطن، عن طريق السفير اللبناني غابي عيسى، تطلب فيه إعفاءها من الالتزام بقانون العقوبات الأميركية على سوريا في ثلاثة مجالات:
استجرار الطاقة وتسديد ثمنها إلى سوريا.
مرور الشاحنات اللبنانية التي تنقل البضائع عبر سوريا، وتسديد رسوم الترانزيت لها.
استيراد وتصدير المنتجات الزراعية بين لبنان سوريا.
وبحسب مصادر في «الخارجية»، من المتوقع أن توافق الولايات المتحدة الأميركية على طلب الإعفاء اللبناني.
"البناء": خلط أوراق سياسيّ في الوقت الضائع بانتظار إشارات الصندوق وعواصم الخليج
صحيفة "البناء" قالت من جهتها، "تبدو الدعوات السياسية التي تتقلب عناوينها على إيقاع الصعود والهبوط في المواقف الخارجية، نوعاً من الضياع السياسي، ومسعى لخلط الأوراق في مرحلة الضبابية التي يفرضها غياب الوضوح في الخيارات الأميركية الجدية نحو لبنان، بين اندفاعة التصعيد التي بدأت قبل شهر، والتجميد الذي أصابها قبل أسبوع، وفقاً لتقييم مصدر متابع للوضعين السياسي والمالي وعلى صلة بمفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، وضمن هذا الضياع وهذه الضبابية يضع المصدر الكلام عن الحياد، الذي ضاعت صورته بالتوضيحات التي أرفقها به كل من البطريرك بشارة الراعي ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بجعله نسخة من دعوات النأي بالنفس، وكل من الدعوتين تصطدمان بكون المشكلة الحقيقيّة في العلاقات اللبنانية الأميركية ليست كما يصفها الراعي والحريري كنتاج لأزمة إيرانية أميركية، بل هي نتاج التبني الأميركي الكامل لمواقف قادة كيان الاحتلال من قضايا تتصل وجودياً وسيادياً بعناوين لبنانية مفصلية، كقضية مصير اللاجئين الفلسطينيين في أي حل ترعاه واشنطن للقضية الفلسطينية، وقضية ترسيم الحدود البحريّة وثروات الغاز والنفط، وقضية السيادة اللبنانية التي يواصل جيش الاحتلال انتهاكها جواً وبراً وبحراً، بينما يمنع الجيش اللبناني من الحصول على شبكات دفاع جوي مقتدرة، ووفقاً للمصدر يؤكد هذا كون المشكلة لم تنته عندما وقعت إيران وأميركا على الاتفاق النوويّ، وطالما أن هدف الدعوات هو ضمان دعم أميركي يترجم مالياً عربياً ودولياً، فدون هذا الدعم الالتزام الأميركي بمصالح ورؤى كيان الاحتلال، وبدلاً من الحديث على هيمنة حزب الله على الحكومة والحياة السياسية كتوصيف لتمسك الحكومة بثوابت سيادية، لم لا يتم الحديث عن هيمنة «إسرائيلية» على القرار الأميركي والسياسة الأميركية حول لبنان، وهل يستطيع دعاة الحياد والنأي بالنفس الحصول على موقف أميركي واحد رافض للتوطين؟"
يقول المصدر المتابع إن كلام معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر عن الاستعداد الأميركي لمنح لبنان استثناء من العقوبات التي فرضها «قانون» قيصر، يمثل إشارة إيجابية، لكنه لا يزال غامضاً طالما يحصر الأمر بتجارة الترانزيت نحو الخليج، فهل التجارة نحو العراق غير مشمولة بالاستثناء؟ وهل استجرار الكهرباء أيضاً؟ وهل هذا التحسن الجزئي ناتج عن دعوات الحياد والنأي بالنفس أم عن القلق من سلوك لبنان خيارات راديكالية عبرت عنها دعوات المقاومة؟
ولفتت الصحيفة إلى أنه "بالتوازي، لفت الانتباه كلام للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، يتوقع تعرض السلم الأهلي للخطر، فيما بدا تلويحاً بالعبث الأمني يشبه تلميحات أبو الغيط التي سبقت تدهور الأوضاع في ليبيا وسورية، وهو ما ربطته مصادر أمنيّة بحال الفوضى التي تتسع من حول المنطقة سواء في ليبيا أو بعودة ظهور داعش في العراق أو بتورط ميليشا قسد في شرق سورية بأنشطة استفزازية تمهد لدورة عنف في المنطقة بدعم من القوات الأميركية التي اتهمتها موسكو بالتحريض على أعمال العنف في جنوب سورية".
وتابعت "بالتزامن مع كلام شينكر عن استثناء لبنان من العقوبات على سورية تجارياً، تحدثت مصادر حكومية عن إيجابيات في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، رغم كل محاولات التشكيك بالأرقام الحكومية، ورغم التشكيك بالخطة الحكومية وبفعالية العمل الحكومي، وهو كان موضوع تكرار للاتهامات الموجهة للحكومة في دردشة صحافية للرئيس الحريري الذي تبرأ من تهمة تحريض الحكومات العربية لعدم تقديم المساعدة للبنان، ليصعد الهجمة على الحكومة ورئيسها، بينما كان كلام لافت لرئيس تيار المردة عن الحريري، قال فيه إن الرئيس الحريري إذا قرر العودة للحكم سيعود من بوابة السعي للتفاهم مجدداً مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، داعياً لعدم السعي لإسقاط الحكومة أو العهد لأن الفراغ ليس بديلاً على الإطلاق".
خليّة نحل في السرايا
وقالت "البناء" إنه فيما يُنتظر أن تترجم الإشارات الإيجابية التي حملتها جولة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على أرض الواقع، توزع المشهد السياسي أمس بين مثلث: السرايا الحكومية التي تحولت الى خلية نحل واجتماعات متتالية لمتابعة الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية والبيئية بحضور الوزراء المعنيين وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونواب الحاكم ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، وبين بيت الوسط حيث أطلق الرئيس سعد الحريري سلسلة مواقف سياسية، وبين الشارع الذي شهد وقفات احتجاجية وقطع طرقات شملت بعض أحياء الضاحية الجنوبية وبيروت بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وعقد رئيس الحكومة حسان دياب اجتماعات عدة مع الوزراء بحث خلالها إنتاجية كل وزارة ومشاريعها ووقف الهدر ضمن إداراتها، واستكملت الاجتماعات باجتماع مع وزير الطاقة ريمون غجر بحث في ملف الكهرباء واجتماع آخر انضمّ إليه اللواء عباس ابراهيم بحث في ملف النفط، حيث أكد غجر أنّ الكهرباء ستعود إلى بيروت الإدارية وغيرها خلال الأسبوع المقبل. كما عقدت اجتماعات في ملفات ملحة لا سيما أزمة النفايات اضافة الى اجتماعين ماليين الأول بحضور حاكم المصرف المركزي وجمعية المصارف والثاني بحضور الحاكم والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
اجتماع ماليّ
وأفادت مصادر السرايا لـ"البناء" حول الاجتماع المالي الى أن «المواقف ايجابية باتجاه الاتفاق على مقاربة واحدة للخسائر وأن الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي لم تتوقف». وعقد امس اجتماع بين وفد الصندوق ووزارة الطاقة حول ملف الكهرباء. وأشارت مصادر وزارية معنية لـ«البناء» أن «المواطنين سيلمسون التحسن التدريجي بالتغذية الكهربائية خلال أيام قليلة بعد أن وصلت بواخر الفيول واتمام الإجراءات اللوجستية والادارية والقانونية اللازمة للبدء بتوزيع الفيول على المحطات»، نافية الحديث عن أزمة كهرباء، مشيرة الى أن «مشاكل قطاع الكهرباء معروفة وموجودة منذ الحكومات السابقة وليس وليدة اليوم من فتح الاعتمادات في الخارج الى عمليات التفريغ والفحوصات والتوزيع الى مشاكل تقنية وهدر فني ومالي؛ وبالتالي لا يمكن تحميل الحكومة الحالية أو وزير الطاقة المسؤولية».
وفيما تشكك مصادر مصرفية بالخطة المالية والأرقام التي قدمتها الحكومة، لفت مستشار رئيس الجمهورية شربل قرداحي الى أن «الخطة الإقتصادية التي قدمتها الحكومة وعلى أساسها يتم التفاوض مع صندوق النقد والدائنين، هي الخطة الصحيحة والقاعدة الصالحة»، مضيفاً: «لا أرى بالخطة التي قدمتها المصارف أي إمكانية لإعادة تصحيح الوضع الاقتصادي أو إعادة السيولة».
في غضون ذلك أثار كلام النائب فؤاد مخزومي عن أن مصرف لبنان سيصدر تعميماً يمنع اللبنانيين من الحصول على مبالغ محولة من الخارج بالدولار (Fresh money) وسيقوم بتحويلها الى ليرة لبنانية بسعر السوق، ولكن مضاعف مرتين، جدلاً واسعاً لدى الأوساط الشعبية والمصرفية، إذ نفت مصادر مصرف لبنان نفياً قاطعاً ما أدلى به مخزومي، أكدت المصادر أن «الأموال الجديدة المحولة من الخارج عبر المصارف Fresh Money سيبقى تسلمها بالدولار من قبل العملاء». وقالت مصادر مصرفية لـ«البناء»: «لا نعرف من أين جاء مخزومي بهذه المعلومات! ولكنها غير دقيقة وقد نفى مصرف لبنان ذلك ولا علم للمصارف بأي إجراء من هذا النوع».
لجنة «هيكلة المصارف»
وفي موازاة ذلك، أصدر مصرف لبنان مذكرة ادارية نصت على انشاء لجنة تسمى «لجنة اعادة هيكلة المصارف» مهمتها إعادة هيكلة البنوك، و»دراسة الأداء المالي للمصارف اللبنانية واقتراح الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامة القطاع المصرفي».
وجاء في نص المذكرة، أن مهام اللجنة «دراسة إعادة هيكلة المصارف اللبنانية. واقتراح التعديلات الضرورية على الضوابط الاحترازية (Regulations Prudential) لعمل المصارف».
وأوضح رئيس قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك «بيبلوس» نسيب غبريل لـ"البناء" «أن إنشاء هذه اللجنة خطوة تؤكد أن الجهة الرسمية المخولة بأن تشرف على اعادة هيكلة القطاع المصرفي هي مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف». مضيفاً أن «وجود ممثلين عن جمعية المصارف هو مؤشر إيجابي إذ أن الجهة المعنية يجب أن تكون في صلب اتخاذ القرارات في هذا الموضوع وتشكيل اللجنة هي خطوة أولى لمسار سيستغرق وقتاً طويلاً». واضاف غبريل أن «مصرف لبنان أشرف على عمليات دمج وتملك المصارف منذ أوائل التسعينيات، حيث كان في السوق اللبناني قرابة 82 مصرفاً وأشرف المصرف المركزي على عمليات الدمج والتملك التي أدت الى تراجع العدد الى 47 مصرفاً تجارياً، بالإضافة الى 16 مصرفاً للتسليف المتوسط والطويل الأجل تابعين للمصارف التجارية».
وسجل سعر صرف الدولار أمس، تراجعاً طفيفاً في السوق السوداء بين 8000 ليرة لبنانية للشراء و8300 ليرة لبنانية للمبيع.
وقالت "البناء" إنه في حين تتهم مصادر حكومية جهات خارجية وداخلية على رأسها قطاع المصارف بالمضاربة على الدولار عبر شراء كميّات كبيرة من الدولار من الأسواق لتحقيق أرباح والإبقاء على سعر الدولار مرتفعاً لاستخدامها سياسياً في الضغط على الحكومة تماهياً مع الضغوط الأميركية على لبنان، فسّر خبراء مصرفيون لـ»البناء» سبب هذا التأرجح بسعر الصرف، لافتين الى أن «شح السيولة بالعملات الأجنبية وتعدد أسعار صرف الدولار ووجود سوق موازية أو سوق سوداء للدولار سببه أزمة ثقة حادة ادت الى ازمة السيولة الحالية». مضيفين: «مَن يضارب بالدولار ويعول على هلع المواطن هم المتلاعبون في السوق السوداء. الحل يأتي من خلال صدمة إيجابية تساهم ببدء استعادة الثقة مما يؤدي الى ضخ سيولة وتوحيد اسعار الصرف، وهذه الصدمة الإيجابية تأتي من بدء تطبيق الإصلاحات البنيوية وإعادة هيكلة القطاع العام قبل الوصول لاتفاق تمويلي مع صندوق النقد».
أزمة نفايات
واشارت إلى أنه فيما تتكدّس الازمات المختلفة على رأس المواطن والحكومة، بدأت تلوح في الأفق ملامح أزمة نفايات معقدة. إذ أعلن اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية وبلدية مدينة الشويفات التوقف عن استقبال كميات النفايات الإضافية التي لا ينص عليها قرار مجلس الوزراء والتي تشمل نفايات مدينة بيروت وقضاء الشوف وعاليه وقرى بعبدا والاكتفاء باستقبال نفايات الضاحية ومدينة الشويفات اعتباراً من تاريخ 31/07/2020. واعتبر الاتحاد ان «الضرر المادي والبيئي والمعنوي كبير جداً بسبب مطمر الغدير – كوستابرافا ومجلس الوزراء لم يف بوعوده تجاه الشروط والمعايير والحوافز».
ولفتت الصحيفة إلى أن أزمة النفايات كانت محل متابعة رئيس الحكومة عبر اجتماع عقده مع لجنة متابعة أزمة النفايات بحضور الوزراء المعنيين وسلامة وجمعية المصارف ممثلون عن شركات لافاجيت، سوريكو ورامكو، وأكّد رئيس الحكومة على ضرورة الاستمرار في جمع النفايات، كما بحث المجتمعون في موضوع مستحقات أصحاب شركات النفايات وديونها للمصارف.
واشارت أوساط السرايا لـ»البناء» الى أن «الاجتماع كان إيجابياً وشدّد على ضرورة رفع النفايات من الطرقات»، وعن مشكلة المستحقات بالدولار وعد الرئيس دياب بحسب الأوساط بالتوصل إلى حلّ يرضي جميع الأطراف على أن يعقد الأسبوع المقبل اجتماعات متتالية مع الوزراء المعنيين لحلّ المستحقات المتبقية التي تعادل 60 ملياراً».
وذكرت "البناء" أن اجتماعاً سيعقد الاثنين بين شركات النفايات ومحافظ بيروت ورئيس بلدية بيروت ووزير الداخلية للتوصل الى حل.
كما علمت أن «سبب الأزمة يعود الى اسباب عدة: توقف عدد من المطامر عن استقبال المزيد من النفايات، انخفاض طاقة عمل موظفي الشركات الى 50 في المئة فقط لا سيما أن العمال الاجانب يتحكمون بمسار العمل لأنهم يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية وليس بالدولار لعجز اصحاب الشركات عن دفع الرواتب بالدولار بسبب رفض المصارف مدهم بالدولارات وعدم دفع الدولة لمستحقاتهم المقيدة بالدولار». وطلب اصحاب الشركات من نائب حاكم مصرف لبنان تأمين السيولة بالدولار فرفض ذلك كما برزت مشكلة إضافية لدى الشركات وهي صعوبة ايجاد عمالة لبنانية».
عون
ونقل زوار رئيس الجمهورية عنه لـ"البناء" حرصه الشديد على معالجة الأزمات المعيشية التي ترهق كاهل المواطن لا سيما أوضاع الطبقة الفقيرة، مركزاً أمام الزوار على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتخفيف من حدة الأزمات ومعاناة المواطنين لا سيما المساعدات الاجتماعية لدعم الأسر الأكثر فقراً والتي تعمل الحكومة على زيادة هذه المساعدات قريباً بعد رصد الاعتمادات اللازمة لها خصوصاً أن الآلية التي تتبع لتوزيع المساعدات عبر الجيش اللبناني أثبتت جدواها».
وتطرق الرئيس عون بحسب زواره الى الجدال الداخلي حيال موضوع حياد لبنان عن صراعات المنطقة، مؤكداً أن «الحياد لا يعني ترك البلد مكشوفاً أمام العدوان الاسرائيلي والارهابي، مستذكراً معارك تحرير الجرود اللبنانية من الوجود الارهابي وتكاتف اللبنانيين جيشاً وشعباً ومقاومة للدفاع عن لبنان».
"النهار": الى الشارع مجدداً والحريري: كفى السرايا بهدلة
أما صحيفة "النهار" فقالت انه بدت مفارقة متكررة ولافتة في دلالاتها السلبية أن السرايا الحكومية تطمئن من خلال وزير الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان عقب اجتماع عقد لمجلس إدارة المؤسسة برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب، الى التحسن العائد في التغذية الكهربائية، فيما كانت أزمة التقنين والتعتيم تشتد وتتصاعد مثيرة ردود فعل شعبية ساخطة في الكثير من المناطق. ووسط نهج الانكار الذي يطبع سياسات هذه الحكومة في تعاملها مع الأزمات المتصاعدة ولا سيما منها أزمات الخدمات، نشطت حركة الاحتجاجات الشعبية على انقطاع الكهرباء وترجمت بحركة قطع طرق في عدد من المناطق، غير أن أبرزها سجّل على الطريق الرئيسية المؤدية الى مطار رفيق الحريري الدولي حيث قطع أولاً الطريق القديم ومن ثم قطع الأوتوستراد عند الأوزاعي، مما أدى الى زحمة خانقة.
واضافت "هذه النماذج من التأزم لم تقف عند حدود أزمة التقنين والتعتيم، إذ أن شبح أزمة نفايات كبيرة عاد يثقل مجدداً على الوضع البيئي والصحي، مع الانذار الذي أعلنه اتحاد بلديات الضاحية والشويفات بوقف استقبال نفايات بيروت والشوف وعالية في مطمر الكوستابرافا في نهاية الشهر الجاري".
وتابعت انه "وسط تصاعد هذه الأجواء الخانقة، بدأت التحركات المتصلة بانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 تتخذ وتيرة تصاعدية يبدو أنها ستشكل في حلقاتها المختلفة دفعاً جديداً للاحتجاجات التي يعتقد أنها ستعود الى تسخين الشارع بقوة. وفي هذا السياق تتجه الأنظار الى محطة احتجاجية شعبية اليوم سيكون مسرحها وسط بيروت حيث دعت "جبهة الانقاذ الوطني" الى اعتصام حاشد سيكون قطباه النائب العميد المتقاعد شامل روكز والوزير السابق شربل نحاس. وجاء في الدعوة الى الاعتصام: "أمام سلطة العجز واللاقرار التي تهدّد المجتمع ببقائه، البديل موجود وهو حكومة انتقالية بصلاحيات استثنائية ترسي شرعية الدولة المدنية.لا سلطة تحاصصية طائفية للفساد، ولا سلطة تكنوقراطية لتغطية السلطة الفعلية، ولا سلطة عسكرية لقمع الحرّيات. وعليه، ندعوكم الى التظاهرة التي تنظّمها "جبهة الإنقاذ الوطني"، وتشارك فيها "حركة مواطنون ومواطنات في دولة"، يوم الجمعة 17 تموز 2020 الساعة 4:30 بعد الظهر في ساحة الشهداء في بيروت، على أن يتخلّلها كلمتان: الأولى للأمين العام لحركة مواطنون ومواطنات في دولة شربل نحاس، والثانية للنائب شامل روكز".
ولفتت الصحيفة إلى أنه في غضون ذلك، استرعى انتباه الأوساط السياسية والديبلوماسية أمس، موقف مفاجئ للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي ذهب الى التحذير من أن "الوضع في لبنان خطير للغاية، ويتجاوز كونه مجرد أزمة اقتصادية أو تضخماً"، معتبراً أنها "أزمة شاملة لها تبعات اجتماعية وسياسية خطيرة، ويمكن وياللأسف أن تنزلق الى ما هو أكثر خطراً". وأعرب عن تخوّفه من أن "يتهدّد السلم الأهلي في البلاد، بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي يتعرّض لها اللبنانيون".
وقال في حديث إلى "وكالة أنباء الشرق الأوسط" المصرية: " أن نصف اللبنانيين الآن يعيشون تحت خط الفقر، ويقبع الربع تحت خط الفقر المدقع، وهو وضع مقلق للغاية في بلد له تركيبة خاصة نعرفها جميعا، لذلك فإنني أتفهم تماماً معاناة اللبنانيين وأتألم لما نشاهد ونقرأ عنه من مآس اجتماعية، كانتحار مواطنين بسبب الفقر وعدم قدرتهم على تلبية حاجات أبنائهم الضرورية".
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024