لبنان
وضع اللمسات الأخيرة قبل الولادة المنتظرة للحكومة
تناولت الصحف الصادرة اليوم مسألة تشكيل الحكومة المرتقب ولادتها خلال ساعات بحسب الأجواء التفاؤلية التي ظهرت، لا سيما بعد سلسلة لقاءات كان أبرزها ليلا بين الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، للاتفاق على حل أزمة توزيع الحقائب وتمثيل وزير اللقاء التشاوري.
"الأخبار": «تنازلات متوازنة» تسرّع ولادة الحكومة
بعد طول انتظار، يبدو تشكيل الحكومة أقرب من أي وقت منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بعد الانتخابات النيابية في حزيران الماضي. «التنازلات المتوازنة»، كما سمّـتها مصادر معنية بالتأليف، تعني أن تشكيل الحكومة بات «قريباً جداً».
منسوب التفاؤل ارتفع أمس على وقع اللقاءات والاتصالات بين القوى السياسية، ولا سيّما الاجتماع المطوّل الذي عقده الحريري مع وزير الخارجية جبران باسيل في منزل الأول في وادي أبو جميل.
وبدا أن خلاصة اللقاءات الباريسية بين الرجلين، التي أفضت إلى اتفاق «نهائي» على تأليف الحكومة في أسرع وقت، أثمرت إسراعاً في حلحلة العقد، ولا سيّما قبول باسيل بتمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة من حصة رئيس الجمهورية ميشال عون. وعلى ما يؤكّد أكثر من مصدر، فإن الأسماء المتداولة لا تزال ذاتها، بين حسن عبد الرحيم مراد وعثمان مجذوب وطه ناجي، مع ميل باسيل نحو مراد. فيما «يعود القرار الى رئيس الجمهورية» لاختيار واحد من الأسماء الثلاثة.
العقدة أمس كانت لا تزال في مشاركة ممثل «التشاوري» في اجتماعات تكتل «لبنان القوي». وحتى ساعة متأخرة من الليل، كان الاجتماع بين أعضاء اللقاء التشاوري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الحاج حسين الخليل، لا يزال مستمراً، في مسعىً لتسمية ممثّل عن اللقاء، والقبول بـ«الحل الوسط» الذي قبل به التيار الوطني الحرّ، وهو تمثيل اللقاء من حصّة رئيس الجمهورية، شرط مشاركة وزير اللقاء في اجتماعات «لبنان القوي»، مع التزامه التصويت وفق خيارات اللقاء التشاوري. وأعربت المصادر المعنية بالتأليف عن تفاؤلها بالقول: «اقل شي يمشي الحال»، وسألت: «كيف يكون ممثل اللقاء من حصة الرئيس ولا يكون معه؟ هذا امر طبيعي، على أن يكون للقاء رأيه وصوته».
وقد دخل الرئيس نبيه بري على خط المشاورات، إذ «نصح» النائب فيصل كرامي الذي زاره أمس بتسهيل الاتفاق الحكومي وخفض سقف الشروط.
وفي مقابل شبه حلحلة عقدة تمثيل التشاوري، يعمل الحريري على إيجاد بديل من وزارة الإعلام، التي تتمسّك حركة أمل برفض الحصول عليها، وتعرض في المقابل الحصول على واحدة من ثلاث وزارات: البيئة (يتمسك بها باسيل)، الصناعة (يتمسك بها الحزب التقدمي الاشتراكي) والثقافة (تتمسّك بها القوات اللبنانية). ولأجل ذلك، التقى الحريري بعد اجتماعه باسيل، النائب السابق وليد جنبلاط بحضور النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غطاس خوري على العشاء. وفيما تؤكّد مصادر شاركت في العشاء لـ«الأخبار» أن «الحريري لم يطلب من جنبلاط أي شيء أمس»، قال أكثر من مصدر إن جنبلاط ليس في وارد التنازل عن وزارة الصناعة، وإنه يعتبر أن «تنازله عن المقعد الدرزي الثالث كان آخر التضحيات في سبيل تشكيل الحكومة».
وبالتوازي، قالت مصادر وزارية إن الحريري لم يطرح على حزب القوات اللبنانية التنازل للرئيس نبيه بري عن وزارة الثقافة، لكن المصادر تؤكّد أن «القوات متمسكة بهذه الحقيبة، وهي قدّمت كل التنازلات اللازمة عندما تنازلت عن حقيبة العدل وعن مقعد وزاري خامس». من جهتها، تؤكّد مصادر عين التينة، أن «الرئيس بري لا يتدخل في مفاوضات الحقائب، لا من قريب ولا من بعيد، بانتظار ما سيقوم به الحريري»، مع تأكيدها أن «بري ليس بوارد القبول بوزارة الإعلام»، فيما لم يتّضح بعد إن كان باسيل سيتراجع عن مطالبته بحقيبة البيئة.
وفي ما خصّ التمثيل الأرمني، وفي الوقت الذي سمّت فيه القوات اللبنانية ريشار كيومجيان وزيراً للشؤون الاجتماعية، يبدو أن حزب الطاشناق سيعود للمطالبة بتمثيله بحقيبة. وبحسب مصادر وزارية معنيّة بملفّ التأليف، الأرجح أن يُسمى كيومجيان وزير دولة، فيما سيحمل وزير الصحة الحالي حقيبة الشؤون الاجتماعية ومنصب نائب رئيس الحكومة.
"البناء": الحكومة غداً بعد حلّ الحريري لعقدة الحقائب وباسيل لتمثيل اللقاء التشاوري؟
وبحسب "البناء"، تبدو الحكومة المتعثرة قريبة الولادة مع قرب اكتمال حملها في الشهر التاسع، بعدما أكدت مصادر مطلعة أن التفاهم بين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل قد تمّ على تولي الحريري حل عقدة الحقائب الوزارية وتوزيعها، مقابل تولي باسيل حل عقدة تمثيل اللقاء التشاوري، ويوم أمس شهد حراكاً على الجبهتين توّج بحسم الحريري ليلاً أمر مبادلة وزراتي البيئة والصناعة لحساب التيار الوطني الحر وحركة أمل بعد تفاهمه مع النائب السابق وليد جنبلاط على التخلي عن وزارة الصناعة، ترجمه عشاء جمعهما بمشاركة الوزيرين وائل أبو فاعور وغطاس خوري، بينما توّج الحراك في ملف تمثيل اللقاء التشاوري باجتماع ضمّ أعضاء اللقاء والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل بعد زيارة نهارية للوزير السابق فيصل كرامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، تكرّس خلالهما ترك اختيار أحد الأسماء من لائحة التسعة التي قدّمها اللقاء التشاوري والتي تضمّ أعضاءه إضافة إلى كل من حسن مراد وعثمان مجذوب وطه ناجي، لرئيس الجمهورية الذي سيتمثل اللقاء من حصته ويكون وزيره ممثلاً حصرياً له، يجتمع به دورياً، دون أن يحول ذلك دون مشاركته في بعض أو كل اجتماعات تكتل لبنان القوي أسوة بالوزراء الذين سيسميهم رئيس الجمهورية، وقيام الوزير بالتنسيق مع رئيس الجمهورية في القضايا المطروحة على مجلس الوزراء، ما يعني وفقاً للمصادر المطلعة تبلور الصورة بوضوح اليوم تمهيداً لظهورها رسمياً يوم غد.
الجديد الذي حرّك التفاهمات وفقاً للمصادر هو الاطمئنان الذي تركه كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لدى كل من الرئيس الحريري والوزير باسيل، الأول لكونه خياراً ثابتاً لرئاسة الحكومة رغم التباينات، والثاني لكونه في مكانة لا تتأثر بالتمايزات العابرة كصديق وحليف موثوق، ما حدا بأحد النواب في قوى الثامن من آذار للقول «إنه شاكوش السيد».
يبدو أنّ كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه يريد حكومة قبل نهاية الشهر، قد يتحقق إذا صدقت تسريبات بيت الوسط والتيار الوطني الحر حيال الأجواء الإيجابية التي خيمت على لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مساء امس، إذ أجمعت مصادر الرئيس المكلف والوزير باسيل على ان الامور ايجابية والحكومة ستبصر النور خلال يومين كحد أقصى.
وأكّد الرئيس المكلف سعد الحريري أن الحسم في موضوع تأليف الحكومة سلبا أو إيجابا سيكون هذا الاسبوع مؤكداً أن الأمور إيجابية وهو متفائل بحذر، رافضا التحدث عن خياراته في هذا المجال.
وقالت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» إن الأمور إيجابية أكثر من أي وقت مضى، فالمفاوضات قطعت شوطاً كبيراً انطلاقا من المعلومات التي وصلتنا عن أن الرئيس العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل سيقدمان التنازل المطلوب لجهة تمثيل اللقاء التشاوري من خارج حصة تكتل لبنان القوي، لافتة الى ان التفاهم انتهى حيال تأليف حكومة وفق صيغة الثلاث عشرات.
"الجمهورية": إرتياح في بعبدا... وإيجابية في "بيت الوسط"
صحيفة "الجمهورية" قالت أن اجواء الارتياح سادت القصر الجمهوري نتيجة الحركة المستجدة أمس واللقاءات التي توزعت بين «عين التينة» و»بيت الوسط». ولوحظ ارتفاع منسوب التفاؤل إثر الإعلان عن «لقاء حاسم» إمتدّ الى ما بعد منتصف الليل بين قيادة «حزب الله» ووفد من «اللقاء التشاوري» الذي اعتبرته أوساط بعبدا «مبادرة إيجابية» يمكن أن تُنهي الجدل القائم حول هوية الوزير السنّي السادس الذي سيُمثّل هذه المجموعة من حصة رئيس الجمهورية.
وعلى مستوى إعادة توزيع الحقائب، بَنت الأوساط ارتياحها على عدم وجود أي عقدة في تخلّي رئيس مجلس النواب نبيه بري عن حقيبة وزارة البيئة لمصلحة تكتل «لبنان القوي»، ولن يكون هناك مشكلة في الحقيبة البديلة على رغم من رفض «الحزب التقدمي الإشتراكي» و»القوات اللبنانية» التخلي عن أيّ من الحقائب المخصصة لكل منهما، ولاسيما منها حقيبتي وزارتي الصناعة والثقافة.
وقالت مصادر «بيت الوسط» لـ»الجمهورية» انّ حركة الإتصالات «تطورت في المنحى الإيجابي والمريح». وأبدت ارتياحها الى ما بلغته المشاورات، متمنية أن تستكمل بما حققته من إيجابيات، ولكنها لم تُسقِط خوفها من إمكان ابتداع ما يؤدي الى العرقلة في اللحظات الأخيرة. وقالت هذه المصادر انّ اللقاءات المنتظرة مفتوحة على جميع المعنيين بهذا الإستحقاق.
"اللواء": الدخان الأبيض في سماء التأليف
وغلبت المؤشرات الإيجابية، على ما عداها، بانتظار ان يخرج الدخان الأبيض اليوم أو غداً من قصر بعبدا، وذلك بإطلاق عجلة العمل الحكومي، بعد إصدار المراسيم، والخروج من ثمانية أشهر من الدوران في الحلقات المفرغة. (بتعبير كتلة المستقبل)..
والاهم ما قاله الرئيس المكلف سعد الحريري امام اجتماع الكتلة، والذي توجَّه بحركة اتصالات مكثفة لوضعه موضع التنفيذ، من ان الفرصة هي الأخيرة للحسم، واتخاذ قرار بخرق جدار الأزمة وعدم السماح «بجعل موقع رئاسة الحكومة عُرضة للشلل والتعطيل والاستنزاف اليومي».
فبعد الاجتماع المطوّل في بيت الوسط مع الوزير المفوض جبران باسيل مع ساعات المساء الأولى، تناول، بدعوة من وزير الثقافة غطاس خوري، طعام العشاء في الأشرفية، مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بحضور السفير المصري في لبنان نزيه النجاري، في وقت كان النائب في اللقاء التشاوري فيصل كرامي يبلغ حلفاءه، سواء الرئيس نبيه برّي في عين التينة أو حزب الله ان اللقاء يوافق على ان يكون ممثله في الحكومة من حصة الرئيس ميشال عون.
على ان الخبر المفاجئ للاوساط المعنية بالتأليف تمثل بوصول مساعد وزير المالية الأميركي لشؤون الإرهاب مايشال بيلينغسلي، مساء أمس إلى بيروت على ان يلتقي كبار المسؤولين اللبنانيين بدءاً من اليوم.
وربطت مصادر دبلوماسية بين وصوله والمساعي الحثيثة لإنهاء تأليف الحكومة، مع وصول المسؤول الأميركي المكلف بتطبيق العقوبات المالية على حزب الله.
لكن مصدراً مطلعاً استبعد أي تأثير على جهود تأليف الحكومة، إنطلاقاً مِن ان ما كتب قد كتب، وان الرئيس المكلف سيزور عين التينة اليوم للقاء الرئيس برّي على ان يزور بعبدا غداً، إذا ما اكتملت الصورة على نحو أخير، لإصدار المراسيم، قبل نهاية فترة الحسم وسط معلومات عن حلحلة في تبادل الحقائب لا سيما في ما خص البيئة والصناعة.
حكومة خلال يومين؟
وإذا صدقت المعلومات في شأن اتفاق حكومي وضعت خطوطه العريضة بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، في لقاء عصر أمس في «بيت الوسط»، وما زالت تفاصيله قيد الكتمان، فإن لبنان سيشهد خلال اليومين المقبلين ولادة الحكومة العتيدة، إذا لم تطرأ أية تطورات سلبية في اللحظات الأخيرة، على ما اعتاد عليه اللبنانيون من تجارب مريرة على مدى الشهور الثمانية الماضية.
وبحسب ما تسرب من معلومات حول اللقاء الأخير بين الحريري وباسيل، فإن الفريق الرئيسي الذي يمثله وزير الخارجية، قدم التسهيلات الممكنة التي يفترض ان تساعد في إخراج أزمة الحكومة من عنق الزجاجة، وهذا يعني ان الفريق الرئاسي تخلى عن الثلث المعطل، في مقابل حصوله على حقيبة البيئة، وان يكون ممثله نواب سُنة 8 آذار من حصة رئيس الجمهورية، ولكن من دون ان يُشارك في اجتماعات تكتل «لبنان القوي»، وهما النقطتان اللتان كان الرئيس الحريري ينتظر الرد عليهما من قِبل الوزير باسيل، خلال المداولات التي جرت بينهما في باريس، حيث استمهله رئيس التيار يومين للتشاور في شأنهما مع رئيس الجمهورية ميشال عون لرد الجواب عليه، وهو ما حصل عصراً.