معركة أولي البأس

لبنان

أديب يزور بعبدا اليوم.. و
23/09/2020

أديب يزور بعبدا اليوم.. و"مبادرة" حريرية بخصوص وزارة المال

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم الشأن الحكومي الذي لم يتغير فيه شيء جوهري بحسب الظاهر، إلا إن حملت زيارة الرئيس المكلف مصطفى أديب، اليوم، إلى بعبدا معطيات جديدة.
وكان لافتا مبادرة من النائب سعد الحريري، اعترض عليها حلفاؤه في نادي رؤساء الحكومات السابقين، اعتبر فيها أنه يقدّم تنازلا لمساعدة الرئيس المكلف بإيجاد حلّ لتسمية وزير للمالية، مدّعيا أنه يقدم تنازلات و"يتجرّع السم" من أجل المحافظة على المبادرة الفرنسية، بحسب قوله.

 

"الأخبار": الحريري متراجعاً: هذه الحكومة لي

وسط الانطباعات بأن لا شيء في الأفق يوحي بإمكانية تحقيق اختراقات فعلية تُتيح الإفراج عن حكومة الرئيس مصطفى أديب، كسر رئيس تيار «المُستقبل» سعد الحريري حالة المراوحة، مقدماً اقتراحاً بشأن وزارة المالية. تراجعَ الحريري خطوة، بعدَ أن خاضَ حرب «المداورة» وعدم حصر أي وزارة في يد أي طائفة. وكعادته، استبقَ إعلانه هذا بتبريرات من النوع الذي يُظهره الأكثر تنازلاً «لصالح اللبنانيين» كما قال، و«للمحافظة على المبادرة الفرنسية».

ما أعلنه الحريري في بيانه، ليسَ لمصلحة البلد، ولا تنازلاً كلياً لصالح مطالب الثنائي حزب الله وحركة أمل، أو هدية قدّمها بشكل طوعي الى خصومه. «مُتجرعاً السمّ» كما قال، رضَخ الحريري للضغط الفرنسي، ولواقع أن الحكومة لن تتألف من دون شراكة حقيقية، وأن الثنائي، معه حلفاؤه، لن يسمح بتأليف حكومة أمر واقع. لكن رئيس تيار المستقبل استبقى بعضاً من ماء الوجه، إذ حصرَ تراجعه بمساعدة الرئيس المكلف على «إيجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء، على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في أي حال من الأحوال اعترافاً بحصرية وزارة المالية، بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف». وشدّد الحريري في بيان صادر عنه على وجوب أن «يكون واضحاً أنّ هذا القرار هو لمرة واحدة ولا يشكّل عرفاً يبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير المتفق عليها، وتسهيل عملها الإصلاحي، من أجل كبح انهيار لبنان ثم إنقاذه وإنقاذ اللبنانيين».

ما أعلنه الحريري أمس نقطة تسجّل عليه، لا له. وهو إن كانَ قد أعطى إشارة إيجابية في الشكل، لكن البيان في مضمونه، يدين الحريري ويؤّكد أولاً أنه كانَ يتصرّف وكأنه الحاكِم المطلق، يضَع شروطاً للتأليف أمام أديب ويحدّد له مواصفات الحكومة ووزراءها وكيفية توزيع الحقائب، كما يؤكّد أن المعالجة السياسية لهذا الملف لم تتأخر بسبب إصرار الثنائي على تسمية وزير المالية، بل بسبب الحريري نفسه الذي تصرّف منذ تكليف أديب كما لو أنه الوصيّ عليه والمفاوض الحقيقي في ملف التأليف وأن الرئيس المكلف هو مجرّد منفّذ لقرارات رئيس تيار «المستقبل». وأكد بيان الحريري أنه المسؤول عن عدم تواصل أديب مع الكتل التي سمّته، وأخذت عليه عدم تشاوره معها، وإصراره على توزيع الحقائب، وفتح معركة مع الثنائي الشيعي لا معنى لها، ومحاولة فرض حكومة أمر واقِع.

وإذا كانَ أي انفراج في مسار الوضع اللبناني باتَ رهناً بمصير المبادرة الفرنسية، فإن ما أعلنه الحريري لا يعني أن البلاد تتجه غداً إلى تأليف الحكومة، وخاصة أن وزارة «المالية» ليسَت وحدها العقدة، لكنّ التصويب عليها جعل العقد الأخرى مخبأة. فبالنسبة الى وزارة «المالية»، أيّد الحريري أن تكون من حصّة الثنائي، على أن يتولاها «وزير شيعي مستقلّ»، وهو ما استغربته مصادر الثنائي التي تؤّكد أن «الطرح ليسَ بجديد، وهو سبقَ أن تقدّم به الفرنسيون ورفضناه، وكانَ موقفنا واضح لجهة التمسّك بتسمية الوزير، أو طرح عدة أسماء يختار منها الرئيس المكلف، وما زلنا عند موقفنا ولا تراجع عنه». ثم «من يظن الحريري نفسه ليخرج ويقول إنه يسمَح بذلك لمرة مرة فقط»؟ تسأل المصادر، و«هل وجدَ في تفاصيل المبادرة الفرنسية التي يقول إنه سيساعد أديب لأجل إنجاحها، هل وجَد فيها بنوداً تتعلق بالمداورة وحقه هو في تسمية الوزراء أو في إدارة ملف التشكيل وحده من دون التشاور مع باقي الأطراف؟ هل أعطته المبادرة الفرنسية حقاً حصرياً في توزيع الحقائب كما يريد وفرض شروطه»؟ وتؤكّد المصادر أن «الثنائي لا يزال عند موقفه في اختيار الوزير الذي يريد بالتشاور مع رئيس الحكومة، ونحن على استعداد لتقديم لائحة طويلة بالأسماء، وليختَر أديب واحداً منها». 
وعلمت «الأخبار» أن رئيس الجهورية العماد ميشال عون سيستقبل اليوم شخصية قيادية من حزب الله، للتباحث في شأن تأليف الحكومة، علماً بأن التواصل لم ينقطع بين الحزب والنائب جبران باسيل في الأيام الماضية.

وفي وقت رأت فيه أوساط سياسية أن «قرار الحريري قد يكون مقدمّة لتذليل العقدة، أي وضع الكرة في ملعب الرئيس المكلف وفتح :الباب أمامه للاتفاق مع الثنائي على اسم وزير للمالية، تحت عنوان وزير مستقلّ»، اعتبرت الأوساط أن ذلك لا يعني الإفراج عن الحكومة، فهناك عقبات كثيرة تتعلق «بإدارة التشكيل مع الرئيس ميشال عون والحصة المسيحية، فهل سيقبلَ عون بأقل مما قبِل به الثنائي، أي اختيار الوزارات وتسمية الوزراء»، وهل «سيبقى الوزير جبران باسيل على تعفّفه بالبقاء خارج الحكومة، وسيقبل بأن يُعطي الحريري وزارات لجهة معينة ويمنع وزارات عن جهات أخرى، أم سيفتَح هذا الأمر شهيته من جديد للتفاوض على حصته الى جانب رئيس الجمهورية»؟ خاصة أن خطوة الحريري لم تحظَ بغطاء شركائه في «نقابة» رؤساء الحكومات السابقين الذين أعلنوا «عدم التزامهم بهذه المبادرة الشخصية».

المبادرة الفرنسية مستمرة وباريس مصرة على الحلّ
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن الحريري، وقبل إصداره بيانه الذي سرعان ما تبرّأ منه الرؤساء نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة، كان قد اجتمع بالثلاثي. ولم يتضح إذا كان ما جرى أمس هو تقسيم للأدوار بين الحريري وشركائه، أم هو خطوة تفرّد بها الحريري من دون موافقة الثلاثي ميقاتي سلام السنيورة. وبدا لافتاً في بيان الثلاثي أنه حيّد أديب عن أي استهداف، مكتفياً بالتصويب على مبادرة الحريري. وفي هذا الإطار، قالت مصادر قريبة من أديب إنه «يدرس خياراته كافة، ولديه مروحة واسعة منها، بدءاً بالمضي في التأليف، وصولاً إلى الاعتذار. وهو سيتشاور مع رؤساء الحكومات السابقين جميعاً، ومع الفرنسيين، كما مع رئيس الجمهورية، لاتخاذ القرار المناسب».
لكن ما الذي أرغم الحريري على هذا التراجع المفاجئ، بعدَ أن كانَ رأس حربة في هذه المعركة، مستقوياً بالخارج؟ يقول مطلعون على خطّ تأليف الحكومة والحركة الفرنسية إن «باريس كثفت اتصالاتها في الأيام الأخيرة مع الحريري، وهي مصرّة على نجاح مبادرتها، لأنها تحقق مصلحة استراتيجية وفرنسية داخلية؛ إذ سيكون من الصعب على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يخسر معركة العودة إلى بسط نفوذٍ لبلاده في لبنان، لأن تلك الخسارة تعني تقدّماً لخصمه في شرق المتوسط، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

الحريري يعترف بأنه المعطّل للحل وبأن أديب ينفّذ قراراته
ومن جهة أخرى، فإن الفشل في حل الأزمة اللبنانية سيمثّل مادة دسمة يستخدمها ضدّه خصومه في الداخل الفرنسي». ولذلك «واصلَ الفرنسيون الحديث مع مختلف الأطراف المعنيين بعملية التأليف عبر الاتصالات أو عبر موفدين الى لبنان، مؤكدين أن المبادرة مستمرة، وأن أديب لن يعتذر إذا لم نطلب منه، ولن نطلب منه ذلك». كما أن باريس «كانت تؤكّد أنه على الرغم من إطلاق النار الأميركي على مبادرتها والعقوبات، فإنها مستمرة في محاولاتها إيجاد حلول مع الولايات المتحدة»، من دون التأكيد «إذا ما كان تراجع الحريري مرتبطاً بموقف أميركي جديد»، خاصة أنه «رفض وساطة النائب وليد جنبلاط بعد عودة الأخير من باريس ولقائه مدير المخابرات الفرنسية الدبلوماسي السابق برنار أيمييه، تقوم على قبول إسناد حقيبة المالية للثنائي هذه المرة، كي لا تكون ذريعة لتعطيل المبادرة الفرنسية». كذلك وصلت إلى الحريري رسائل «شديدة الوضوح» من حزب الله ومن الرئيس نبيه بري، تؤكد له «استحالة التراجع عن مطلب الشراكة في تأليف الحكومة من باب اختيار الوزراء الشيعة، كما استحالة التراجع عن مطلب الحصول على حقيبة المال».


"البناء": اجتماع مالي في بعبدا
وقبيل بيان الحريري كثف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جهوده لتذليل العقد أمام ولادة الحكومة، وأشارت مصادر مواكبة لجهود بعبدا أنه «يتم الآن رصد ردود الفعل على دعوة الرئيس عون التي من المفترض أن تتبلور في الساعات الـ 24 المقبلة ليُبنى على الشيء مقتضاه». وكشفت أن الرئيس المكلف أيضاً يقوم باتصالاته ومشاوراته في هذا الإطار مع العلم أن حتى الساعة لم يسجل أي اتصال بين الرئيس عون والرئيس المكلف بعد مبادرة رئيس الجمهورية أمس الأول.

اما بالنسبة للمبادرة عينها، فأكدت المصادر «ان ما قام به الرئيس عون أمس، هو فتح الباب بعدما كنا أمام وضع مقفل، وبعدما قام بخطوات لتذليل العقبات وحاول من خلال الاتصالات المباشرة والمشاورات إيجاد مخرج، وبعدما اصطدمت سلسلة الحلول التي تقدّم بها الرئيس بحائط مسدود أراد التقدم بهذه المبادرة. من هنا قدم الاقتراح الذي قدمه من باب حرصه على تشكيل الحكومة وهو يفتح باباً أمام الحل ان كانوا يريدون حلاً». واضافت: «حتى الآن لم تتبين ردود الفعل الرسمية ولم تعلن الكتل موقفها الرسمي من مبادرة الرئيس باستثناء بعض التسريبات التي لا يمكن أن يبنى عليها».

وقالت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا إن «هناك من تناول كلمة جهنم بسخرية، الرئيس عون عندما تحدّث أمس كان التعبير يهدف الى التحذير من الذهاب نحو الأسوأ. وتناول هذه العبارة بغير إطارها يهدف الى حرف النظر عن جوهر المبادرة والهروب من تحديد الموقف من الأساس وهو مبادرة رئيس الجمهورية، مع الإشارة الى ان ما قصده الرئيس عون بكلمة جهنّم لم يكن بالمعنى الروحي للكلمة إنما بمعنى التدهور الخطير، ومن ركز على الأمور الشكلية فهدفه التعتيم وحرف النظر عن أهمية المبادرة والإضاءة على تشبيه ثانوي ليس هو الأساس».

ولفتت المصادر الى أن «ما أشير عن التقاء مبادرة الرئيس عون مع طرح التيار الوطني الحر بالتأكيد أن هذا موقف رئيس الجمهورية وهو طرح يراوده منذ بدء أزمة التأليف وتقدم فيه من باب حرصه على تشكيل الحكومة ولا شيء يمنع من أن يلتقي معه طرف بطرح مشابه. أما بالنسبة للاتصال مع الرئيس المكلف مصطفى أديب فأكدت المصادر أنه لم يسجل أي اتصال منذ يومين». وعن الكلام حول زيارة مرتقبة لموفد فرنسي، قالت المصادر: سمعنا كلاماً كهذا ولكن الدوائر الرسمية لم تتبلغ شيئاً في هذا الإطار».

اجتماع ماليّ

وواصل رئيس الجمهورية الاجتماعات التي يعقدها لمتابعة عمل الإدارات والمؤسسات الرسمية، فرأس للغاية اجتماعين في قصر بعبدا، بحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وعدد من الوزراء في حكومة تصريف الأعمال والمختصين. الأول حضره الى الرئيس دياب وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وبحث المجتمعون في السبل الكفيلة بمواصلة الدعم، لا سيما على الأدوية والقمح والمواد والسلع الأساسية. كذلك تقرر الطلب من الوزارات المعنية تكثيف اجتماعاتها مع مصرف لبنان بهدف تحقيق ما تقدم ضمن خطة متكاملة توضع لهذه الغاية.

وأشارت مصادر الاجتماع الى أنه «تم البحث باحتياطات المصرف المركزي وتبلغ 19 مليار دولار. وتم الاتفاق على استمرار الدعم للمواد والسلع الأساسية وتوجيهه لأطول فترة ممكنة مع المحافظة على الودائع بالعملة الصعبة».

وأشار كبير المستشارين في بنك بيبلوس الخبير المالي نسيب غبريل لـ«البناء» الى أن «نظام الدعم إن كان هدفه استيراد المشتقات النفطية او القمح او الدواء او المعدات الطبية او السلة الغذائية او المواد الأولية للصناعة والزراعة، فهو من اختصاص الاقتصاد الموجّه وطريقة الدعم هذه أثبتت كلفتها وعدم فعاليتها في معظم البلدان التي طبقته قبل أن يثبت ذلك مرة إضافية في لبنان». وأضاف غبريل: أن «احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية هبط 8,43 مليار دولار منذ اول السنة، اي بنسبة 27 في المئة تقريباً، من دون احتساب سندات اليوروبوند التي يحملها في محفظته، وبعد قرار الحكومة الامتناع عن تسديد سندات اليوروبوند في 7 آذار الماضي، جفّت بشبه كامل تدفقات رؤوس الأموال بالعملات الأجنبية الى لبنان وهذان العاملان أدّيا الى استنزاف احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية شهرياً، علماً أن الدعم بحسب غبريل عادة يكون من الخزينة وليس من المصرف المركزي. إلا أن قرارات الدعم، وخصوصاً آخر قرار، جاءت من دون تحديد مهلة زمنية لها وتقدير كلفتها بشكل دقيق».

وبحسب غبريل فإن «ضخ سيولة بالعملات الاجنبية في السوق المحلّي يمر من خلال اتفاق تمويلي إصلاحي مع صندوق النقد الدولي، الذي بدوره لا يحبّذ الدعم عموماً فعاجلاً ام آجلاً ستضطر السلطات اللبنانية للرفع التدريجي للدعم عن بعض او كل هذه المواد، ولكن قبل ذلك، من الأجدى رفع الدعم عن قطاع الكهرباء الذي أرهق الخزينة وتسبّب بنصف عجز الموازنات العامة وبارتفاع الدين العام والمعروف أن هناك هدراً مقونناً في قطاع الكهرباء، حيث الخسائر غير التقنية، كما يسمّيها البنك الدولي، أي السرقة والاستخدام غير الشرعي للشبكة، تشكل أبرز تحديات القطاع». وأوضح أن «رفع الدعم عن تعرفة الكهرباء يجنب رفع الدعم عن المواد والسلع الأخرى ويجبر كبار المستهلكين على دفع فواتيرهم حسب سعر السوق، ويحدّ من استنزاف احتياطي مصرف لبنان، كما يعطي الوقت للسلطات لإيجاد حلّ مقبول للمواطن الفقير من خلال الباقة التموينية».

في المقابل يقول الخبير المالي وليد ابو سليمان لـ«البناء» إن «الوضع سيئ جداً والاحتياطات تراجعت على مدى السنوات الأخيرة بسبب تدخل مصرف لبنان الدائم لتغطية عجز الدولة»، مشيراً الى أن «الخيار الوحيد أمام الدولة هو الاستمرار بالدعم من خلال الاستدانة من الخارج مقابل رهن جزء من الذهب وفقط لدعم السلع الأساسية».

 

"اللواء": « فتور شيعي» إزاء مبادرة الحريري
ورأت "اللواء" أنه حتى ساعة متقدمة من ليل أمس، لم تكن مبادرة الرئيس سعد الحريري، بمساعدة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة على تسمية شخصية شيعية مستقلة لوزارة المال، التي اعترض عليها الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، باعتبارها شخصية تعني من أطلقها، قد فعلت فعلها، لدى «الثنائي الشيعي»، إذ سارعت قناة «المنار» (الناطقة بلسان حزب الله) إلى الاستنتاج من ان بيان الحريري، يفهم منه انه هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة وانه هو من يُشكّل الحكومة، معتبرة، نقلاً عن مصادر الثنائي الشيعي انه ما لم يتشاور الرئيس أديب مع الرئيس عون والكتل الأخرى، فلن يحصل تقدّم..

وقالت: «البيان (بيان الحريري)، يظهر بالشكل انه خطوة إلى الامام بينما هو خطوة إلى الوراء..».

وفي السياق، اياه، تحدثت مصادر «الثنائي» انه يتمسك بتسمية الوزراء الشيعة بالتفاهم مع الرئيس المكلف..

إلا إن «الفتور الشيعي» إزاء مبادرة الحريري لم يمنع التحركات الحاصلة من احداث خرق في عملية التأليف، فبدءاً من اليوم، يتعين ان تحدث مقاربة جديدة للموقف المربك، والجامد حكومياً، عبر اتصالات يقوم بها الرئيس المكلف مع الكتل، وعلمت «اللواء» ان حركة إتصالات واسعة جرت ليل امس لبلورة اللمسات الاخيرة للتشكيلة الحكومية، ومن المرتقب ان يزور الرئيس المكلف مصطفى اديب ظهر اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا ويقدم اليه التشكيلة الحكومية في حال تم الإنتهاء من وضعها بصيغتها النهائية ليلاً، وسط استعجال فرنسي واوروبي.

وكان الرئيس الحريري اتصل بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون واطلعه على مبادرته لحل عقدة التمثيل الشيعي.

ورأت مصادر سياسية ان مبادرة الرئيس الحريري لحل عقدة تشبث الثنائي الشيعي بحقيبة وزارة المال تحمل في طياتها أكثر من رسالة ومؤشر اولهاواهمها، الحرص على إنقاذ المبادرة الفرنسية من السقوط المحتم بعد تطويقها من قبل حزب الله بهذا الشرط التعجيزي ومبادلة تحرك الرئيس الفرنسي بكل ايجابية وتقدير لاظهار مدى ماتعنيه هذه المبادرة من إهتمام لتأمين كل مقومات نجاحها،وثانيا التصرف بمسؤولية منقطعة النظير حفاظا على مصلحة اللبنانيين ومنع انزلاق لبنان نحو التدهور المريع الذي بات يلوح بالافق جراء تداعيات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية نحو الأسوأ بالرغم من كل مايترتب على هذه التنازل من تذمر واستياء بمؤيديه وقاعدته الشعبية عموما وثالثا، قطع الطريق على نوايا حزب الله المبيتة من طرح عقبة التشبث الشيعي بوزارة المال وكيفية تعاطيه مع عملية تشكيل الحكومة الجديدة ككل بعد ذلك  واخيرا والمهم بالمبادرة التاكيد على الالتزام الكامل بالدستور اللبناني والرفض القاطع لتكريس هذه الواقعة كعرف في تشكيل الحكومات المقبلة.

واوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان مبادرة الرئيس الحريري هي ضوء في النفق المظلم دون أن تستبعد ان يكون نسقها مع نادي رؤساء الحكومات السابقين وان اتى ببان هؤلاء ليقول ان مبادرنه شخصية في حين ان ما حصل هو توزيع ادوار لا اكثر ولا اقل ومن الواضح ان خلية الازمة الفرنسية تحركت على خط الحريري ادى الى هذا الموقف وهناك انتظار الموقف الرسمي للثنائي الشيعي ومبادرة الرئيس المكلف وعليه ان يحضر الى قصر بعبدا بتشكيلة حكومية على ما اتى في المداخلة الحكومية لرئيس الجمهورية.

وقالت ان التأليف يبقى رهن وفق نصوص الدستور اتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وما يمكن التأسيس عليه على مبادرة الحريري قد يكون من السابق لأوانه بأنتظار الترجمة العملية التي سوف يتم التعبير عنها في مشروع التشكيلة الحكومية التي يتقدم بها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية ومن ثم موقف الثنائي الشيعي الرسمي، ولفتت الى انه لا بد من انقاذ المبادرة الفرنسية وهناك انتظار تبلور المواقف الحاسمة.

وكان مستشار الرئيس الحريري النائب السابق غطاس خوري زار فرنسا، وأجرى اتصالات هناك، تتعلق بالمخارج الممكنة.

ورأت الخارجية الفرنسية في بيان لها ان على القوى السياسية اللبنانية ان تسارع إلى تشكيل الحكومة اللبنانية دون إبطاء.. وقالت ان على هذه القوى ان تختار بين تعافي لبنان أو انهياره.

ودعت مصادر مطلعة إلى التركيز على الاجتماعات التي عقدت في القصر الجمهوري وآخرها الاجتماع المالي في ما خص مواصلة الدعم للمواد الأوّلية. إلى ذلك، أوضحت مصادر قصر بعبدا ان هناك انتظار للخطوة التي تلي مبادرة رئيس الجمهورية أمس وقالت ان هناك اتصالات حكومية لكن لا شيء عملانياً بعد ولم يرصد أي اتصال بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف.

ولفتت إلى ان ردود الفعل على المبادرة الرئاسية لم تظهر على شكل مواقف رسمية مؤكدة ان الرئيس عون فتح الباب امام حل وهو ترك المجال امام الاتصالات قبل ان يتقدّم بالمبادرة وما قام به يأتي من باب الحرص على تأليف الحكومة والخروج من الأزمة الراهنة والأمر متروك للافرقاء ولرئيس الحكومة المكلف.

ونفت المصادر ان يكون ساير فريق على حساب آخر إنما طرح حلاً يعد الأمثل وان أي تشابه بين ما طرحه وما تحدث عنه التيار الوطني الحر لا يُشكّل مانعاً إنما فكرة المبادرة كانت في ذهن رئيس الجمهورية منذ أكثر من أسبوع وخصوصاً عندما بدأت الأزمة الحكومية بالظهور.

وتوقفت عند كلمة «جهنم» التي ذكرها رئيس الجمهورية ولفتت إلى انه قصد بها الانهيار والتدهور وأوضحت ان هناك من يريد إطفاء الضوء على المبادرة الرئاسية وتسليط الأمور على الشكليات وهدف هؤلاء الهروب من تحديد الموقف من الأساس أي هذه المبادرة.

مبادرة الحريري

وبعد ان اقترح الرئيس ميشال عون إسناد الحقائب السيادية لوزراء من اقليات الطوائف والتي لم تلق تجاوباً اعلن الرئيس الحريري في بيان له بعد ظهر امس أنه قرر مساعدة الرئيس مصطفى اديب على ايجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، من دون أن يعني هذا القرار في أي حلل من الاحوال اعترافا بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف. لكنه أردف قائلاً: مرة جديدة، اتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار اتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومة السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتخذه من اجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل عنه لمحاولة انقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول…


وفي معطيات الحريري ان مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون، بوصفها آخر «المكابح امام انهيار لبنان»، الأمر الذي يُهدّد بـ«اندلاع فوضى سياسية واقتصادية ومعيشية وأمنية مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، ومعه التضخم وأسعار الخبز والمحروقات وبداية فقدان الأدوية من الأسواق، بالتزامن مع تطوّر خطير في اعداد الإصابات بجائحة كورونا..».

وإذ حمل الحريري في بيانه المعرقلين «مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وإنقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية».. معتبراً ان مبادرته تمثل «قراراً لا بديل عنه لمحاولة إنقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول».

وبعد وقت قصير، أصدر الرؤساء ميقاتي والسنيورة وسلام بياناً، وصفوا فيه مبادرة الحريري «بالشخصية» معتبرين أنفسهم «غير ملزمين بها».

وقال الرؤساء الثلاثة في بيانهم: تبقى القضية الأساس بالنسبة لنا كما هي بالنسبة لسائر اللبنانيين في أهمية الالتزام بالاحترام الكامل والثبات على مبدأ الحفاظ على الدستور وصونه من أي مخالفة قد يتخذها البعض خطوة باتجاه إرساء ممارسة او عرف مخالف لنص الدستور.

وكان المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الذي عقد جلسة عادية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحضور الرئيس السنيورة أكد «ان تشكيل الحكومة من صلاحيات الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية كما نصّ عليه الدستور». 

وراى «ان المبادرة الفرنسية قد تكون الفرصة الأخيرة لنا التي يجب التمسّك بها والعمل على إنجاحها».

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل