معركة أولي البأس

لبنان

تحفّظ من السراي حول وفد مفاوضات الترسيم.. وجنبلاط لن يستقبل وفد الحريري
13/10/2020

تحفّظ من السراي حول وفد مفاوضات الترسيم.. وجنبلاط لن يستقبل وفد الحريري

تزاحمت الاستحقاقات خلال اليومين المقبلين على الساحة اللبنانية، لا سيما الاستشارات النيابية حول الحكومة المقبلة، والمقرر أن تبدأ الخميس، إضافة للمفاوضات غير المباشرة مع العدو الصهيوني حول ترسيم الحدود البريّة والبحرية، وهو ما بيّن عن عدم رضى من قبل رئاسة الحكومة بخصوص الوفد الذي تم تعيينه من قبل رئاسة الجمهورية.
أما حكوميا، فبعد زيارة النائب سعد الحريري لكل من الرئيسين عون وبري أمس، وإعلانه عن إرسال وفد من "المستقبل" لاستشارة الكتل النيابية الرئيسية، برز تصعيد من النائب السابق وليد جنبلاط ليلا بوجه الحريري، أبدى فيه عدم رضاه عن كيفية تعاطي الأخير مع المسألة الحكومية، وانه لن يستقبل الوفد الذي سيرسله.
إلى ذلك، كانت العودة إلى المدارس أمس محطّ الأنظار، وسط تفاوت في نسبة الطلاب العائدين والمدارس التي فتحت أبوابها، في ظل إقفال طال 169 منطقة بسبب فيروس كورونا، وفي ظل تسجيل لبنان عالميا المركز الثاني من حيث نسبة الإصابات مقارنة بعدد السكان.

 


"الأخبار": رئاسة الحكومة تنزع الشرعية عن وفد لبنان

«الخلافات الصامتة»، هو عنوان يمكن وضعه فوق ملف التفاوض غير المباشر لترسيم الحدود بين لبنان وكيان الاحتلال. والامر لا يتعلق حصراً بالحسابات المباشرة للاطراف الداخلية والخارجية، بل ايضاً، بطريقة إدارة الأمور في البلاد، وفي ملفات بالغة الحساسية. وتُظهر التجارب في كل مرة ان التفاهمات الكبيرة لم تعد تكفي لسد الثغر الكامنة في التفاصيل. وهو ما ظهر جلياً في المواقف والمداولات غير المعلنة حول طريقة تعامل لبنان مع هذا الملف.

الرئيس نبيه بري الذي تولى لفترة طويلة ادارة الجانب الاساسي من التفاوض مع الجانب الاميركي، لم يكن يقف عند خاطر احد، نظراً إلى أن الملف يتصل بأمور لا تتطلب مجاملات على الطريقة المعتادة. لكنه في نهاية الامر، تعامل مع سلسلة من الضغوط الداخلية والخارجية بما سهل له الاعلان عن اطار للتفاوض ثم خرج من الساحة التنفيذية. لكن ذلك لا يعني انه صار خارج الملف. بل سيظل يتحمل مسؤولية من موقعه كرئيس للمجلس النيابي ومن موقعه السياسي اساسا، كممثل للمقاومة في السلطة وكممثل لتيار سياسي منخرط في قضية الصراع مع العدو.

انتقال الملف بشكله الحالي الى منصة الرئيس ميشال عون، لم يحصل بطريقة او ظروف سلسة. فلا حكومة قائمة في البلاد، والازمات الداخلية تتعقد يوما بعد يوم. والرئيس كما محيطه القريب والابعد عرضة لنوع جديد من الضغوط الخارجية وحتى الداخلية. من التهديدات الاميركية المتلاحقة بوضع مقربين منه على لائحة العقوبات، الى الحصار الذي يتعرض له بسبب تحالفه مع حزب الله، وصولا الى المعركة المفتوحة ضده في الشارع المسيحي من قبل تحالف الكنيسة وقوى 14 اذار. لكن ثمة عامل إضافيّ يخص الدائرة القريبة منه في القصر وفي التيار الوطني الحر وفي اوساط اقتصادية وسياسية تتبنى اليوم عنوان «لا يمكن للبنان تحمل وزر الصراع العربي - الاسرائيلي او صراع اميركا مع ايران». وكل ذلك معطوف على رغبة الرئيس بإنجاز كبير يتعلق بالثروة النفطية، ونظرته كما نظرة الوزير السابق جبران باسيل المختلفة حول كيفية التفاوض مع اميركا او مع «إسرائيل» بشأن الملف. كل ذلك دفع لأن تجري إدارته لعملية تأليف الوفد المفاوض وسط ارتباك كبير.

عملياً، لا احد يعرف المعايير الفعلية لتاليف الوفد اللبناني. لكن، الضربة الدستورية جاءت مباشرة من رئاسة الحكومة، حيث اعلن الرئيس حسان دياب ان تأليف الوفد لم يتم وفقا للاصول الدستورية. ما يعني عمليا نزع الشرعية الدستورية عنه. وهي خطوة تفتح الباب امام التشكيك بشرعية الوفد وطبيعة تمثيله ونوعية التفويض المعطى له لادارة عملية سيادية كبرى. وجاء اعتراض الرئيس دياب مستندا الى تفاسير المادة 52 من الدستور التي توجب على رئيس الجمهورية التوافق مع رئيس الحكومة حيال تأليف الوفد للتفاوض الخارجي، وهذا موقف لا يمكن تجاوزه حتى ولو صمت الحريصون على صلاحيات رئاسة الحكومة، ومن الذين يرفعون الصوت على كل كبيرة وصغيرة. 

لكن لا يتوقع ان يصدر منهم اي تعليق طالما الامر يتعلق بمطلب اميركي مستعجل في جعل المفاوضات قائمة بين لبنان و«اسرائيل».
دياب قال انه راسل رئيس الجمهورية عبر ثلاث طرق في الايام الماضية. ولم يسمع منه جوابا يعكس احترامه المادة 52، بينما تتصرف دوائر القصر الجمهوري على اساس ان الحكومة مستقيلة ولا يمكن لرئيسها التقدم بطلب كهذا. وان الدستور منح رئيس الجمهورية حق ادارة التفاوض الخارجي. لكن مستشاري الرئيس يعرفون ان هذا الكلام لا اساس دستورياً له. والمشكلة لا تقف عند هذا البند. اذ ان قوى كثيرة في البلاد لم تعرف سبب المقاربة التي لجأ اليها القصر الجمهوري في تشكيلة الوفد، علما ان الوقائع تشير الى الاتي:

- حث الرئيس بري ومعه حزب الله على ترك ملف التفاوض لقيادة الجيش، وجرت مشاورات ضمنية بين قيادة الجيش والقوى السياسية من اجل تركيب وفد موثوق يمكنه قيادة هذه العملية. وكان قائد الجيش يميل الى حصر الملف بعسكريين فقط.
- يحسم هدف التفاوض بأنه لتحديد الحدود، وبالتالي ليست هناك حاجة مطلقة لاي حضور خارج فريق الخبراء المختصين بالخرائط والحدود، ما يعني انه لا يوجد اي مبرر لوجود الموظف وسام شباط، حتى اذا دعت الحاجة الى حديث فرعي يتعلق بالموادر النفطية والغازية، فساعتها يمكن الاستعانة به، مباشرة او من خلال الاستماع الى رأيه. الا اذا كان هناك ضغط فرض مشاركة شباط من زاوية موازاة مشاركة المدير العام لوزارة الطاقة الإسرائيلية. مع التأكيد على ان هذه المفاوضات ليست حول منصات الغاز وعمل الشركات أو استخراج النفط
- ان ادخال الخبير نجيب مسيحي بصفته متخصصا في هذا العالم، يزيد في الطين بلة. لان الرجل سبق له ان قدم نظرية تناقض تماما الاطار الذي يعمل على اساسه الضابط المتخصص العقيد بصبوص، وهناك اختلاف جدي بين تحديد نقطة البحث على الخط الحدودي المفترض، بين النقطة 1 التي اختارها مسيحي وهي التي تجعل لبنان يخسر الكثير، باعتباره تعامل مع النتوء الصخري المعروف باسم بخيت على انه جزيرة كاملة، وهو ما يتعارض مع رأي بصبوص الذي يعود الى النقطة 23 التي تميل نحو الحدود مع فلسطين. حتى ان الاميركيين يوم كلف السفير هوف بوضع حل وسط، لم يقف عند رأي مسيحي، بل اقترح ما يعطي لبنان حصة اكبر من تلك التي يمكن للبنان الحصول عليها لو تم الاقرار بورقة مسيحي. علما ان اسئلة كثيرة ترددت حول الرجل نفسه، فهو أميركي من أصل لبناني، التقاه وفد نيابي لبناني في أحد مؤتمرات الطاقة التي انعقدت خارج البلاد، قبل أن يؤتى به الى عون وينزل بـ «الباراشوت» كعضو في الوفد. فمن يضمن أن يكون ولاء مسيحي خلال التفاوض لمصلحة لبنان؟ فضلاً عن أنه خبير مدني لا عسكري، نكون بذلك قد زدنا الى الوسيط الأميركي «معاوناً» في عملية التفاوض!

الى جانب هذه الملاحظات، هناك امور لم تفهم عن سبب حماسة بعض مساعدي رئيس الجمهورية لتكليف مدير عام القصر الجمهوري انطوان شقير ادارة الوفد او ترؤس الجلسة الاولى. حتى الذين فكروا بأن وجود شقير يمنح عنصر قوة لرمزية ادارة رئيس الجمهورية للملف، فكروا بالامر من زاوية الصراعات الداخلية ولم ياخذوا في الاعتبار ان مثل هذا التمثيل يعطي بعدا سياسيا يتعارض مع هدف التفاوض.

لكن، هل هناك ضغوط مورست لاجل ان يتشكل الوفد اللبناني على هذا النحو؟
اليوم يفترض ان تعقد اجتماعات جديدة، وسط مواصلة رئيس الوفد اللبناني العميد ياسين الاطلاع على اوراق الملف بينما يهتم الاميركيون بكيفية تظهير صورة التفاوض على انه عملية سياسية بغلاف تقني. وقد اصر الاميركيون على الطابع الاحتفالي للجلسة الاولى، لكن الفريق المضيف، اي القوات الدولية، عاد واكد ان حضور الاعلام يكون في حالة موافقة جميع الاطراف، وان اي اعتراض يمنع وجود الاعلام، وسط مؤشرات بان لبنان يتجه لرفض وجود الاعلام في جلسة التفاوض لا قبل انعقادها ولا بعدها.

تقنياً، حسمَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أسماء أعضاء الوفد الذي سيمثل لبنان في المفاوضات غير المباشرة على ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي. أما سياسياً، فتحولّت المفاوضات الى ملف خلافي حول الصلاحيات الدستورية. أعلن مكتب الإعلام في قصر بعبدا أن «الوفد يتألف من العميد الركن الطيار بسام ياسين رئيساً، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، والخبير نجيب مسيحي». فجاء الردّ بعد ساعات من الحكومة التي أبدت اعتراضها على تشكيل الوفد من دون مراجعتها، معتبرة أن هذه مخالفة واضحة لأحد النصوص الدستورية. وقد وجه الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية كتاباً الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، مشيراً الى أن «التفاوض والتكليف بالتفاوض بشأن ترسيم الحدود يكون باتفاق مشترك بين رئيسّ الجمهورية والحكومة، وفي منحى مغاير يشكل مخالفة واضحة وصريحة لنص الدستور».
بات مؤكداً أن حزب الله، على وجه الخصوص، لا يستسيغ فكرة وجود مدنيين في الوفد اللبناني

وقال بيان رئاسة الحكومة إن الدستور اللبناني واضح لجهة أنّ التفاوض والتكليف بالتفاوض يجب أن يكون بالاتفاق المشترك بين الرئاستين. فالمادة 52 من الدستور تنصّ في فقرتها الأولى على أن «يتولّى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلّا بعد موافقة مجلس الوزراء». وحتى لو كانَت الخلفية التي ينطلق منها عون هي أن المفاوضات ذات طابع عسكري، وسيرعاها بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة، فالمادة 49 من الدستور تنص على أن القوات المسلحة تخضع لسلطة مجلس الوزراء، وفي الحالتين يستوجب ذلك التشاور مع الحكومة.

وفي هذا السياق، تقاطعت المعلومات يومَ أمس حول استياء كبير خلفّه وجود مدنيين ضمن الوفد اللبناني. وبات مؤكداً أن حزب الله على وجه الخصوص، لا يستسيغ هذه الفكرة، خاصة وأن هذا الأمر سيصور وكأنه انتزاع تنازل لبناني على طريق السلام والتطبيع. وقد ازداد الجو السياسي سوءًا بعد الإعلان الرسمي عن أسماء الوفد، وكأن هناك تحدياً للأطراف التي نصحت رئيس الجمهورية بعدم مجاراة ما تريده واشنطن من هذا الإتفاق. وبينما التحضيرات جارية على الأرض لانطلاق عملية التفاوض يومَ غد، فإن هذه التحضيرات يشوبها الحذر من أن تؤثر الخلافات الداخلية على العملية برمتها.

من يضمن أن يكون ولاء نجيب مسيحي، الأميركي - اللبناني، في التفاوض لمصلحة لبنان؟

وبدا لافتاً أن مقدمة نشرة أخبار قناة «المنار» مساء أمس طرحت سؤالاً عن «الحاجة الى المدنيين في وفد يواجه عدواً. أليس في الجيش اللبناني ما يكفي من خبراء مساحة وقانون وبترول وغيرها من مواد التفاوض الموجب حضورها على طاولة النزال هذه؟
بدايةٌ سيصعب اجتيازها لسِنِي العداء المتجذرة مع هذا العدو، قبل الوصول الى مقر الأمم المتحدة للتفاوض، وزرع لاشكاليات كبيرة على الطريق، قبل ساعات من بدء المفاوضات».
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان أمس، أنّ «ديفيد شينكر سيشارك في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات حول الحدود البحرية بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، التي ستكون بضيافة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، على أن ينضم السفير جون ديروشر إلى شينكر، وهو سيكون الوسيط الأميركي في هذه المفاوضات». وشددت على أنّ «اتفاق الإطار خطوة حيوية إلى الأمام من شأنها أن توفر إمكانية تحقيق قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار، للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين على حدّ سواء».

 

"البناء": جنبلاط يرفض الخضوع للفحص
في الملف الحكومي، تحدث "البناء" عن تعثر التكليف الذاتي للرئيس السابق للحكومة سعد الحريري مع «انتفاضة» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، فطغى كلام الليل على لقاءات النهار، وصار رفض جنبلاط الخضوع لفحوصات الحريري بالوكالة لصدقية التزامه بالمبادرة الفرنسية، عبر رفض استقبال موفديه الذين سيجولون على الكتل، أهم من النتائج الإيجابية للفحوصات التي قال الحريري إنه أجراها لكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا ورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.

تحدث جنبلاط بلسان الجميع، الذين استقبلوا الحريري والذين سيستقبلون موفديه، فموقف جنبلاط المباشر ولو بشيء من الفجاجة، كما وصفته مصادر تيار المستقبل، هو ما سيسمعه النواب بهية الحريري وسمير الجسر وهادي حبيش كموفدين للحريري للاجتماع بالكتل النيابية، بلغة ناعمة وأقل وضوحاً مما قاله جنبلاط، ومضمون الموقف من ثلاث نقاط، الأولى إن الحريري أسوة بسائر حضور اجتماعات قصر الصنوبر، واحد من الذين تعهّدوا بتسهيل المبادرة الفرنسية والالتزام بالورقة الإصلاحيّة، فمن الذي نصّبه وصياً على تطبيقها، وجهة مخوّلة بإجراء الفحوصات للآخرين لجهة صدقية التزامهم بها، خصوصاً أن الرئيس الفرنسي الذي اتهم كل السياسيين بخيانة تعهداتهم بصورة عامة، خصص الحريري بين الذين اتهمهم بالمسؤولية عن إفشال مبادرته، في نسختها الأولى الممثلة بحكومة كلف بتأليفها السفير مصطفى أديب، وكشف جنبلاط أمس أن الرئيس نجيب ميقاتي كان يشارك بتشكيلها وأنه من سمّى الوزير الدرزي فيها مشاوراً جنبلاط عبر النائب وائل أبو فاعور بإسناد حقيبة التربية لعباس الحلبي، علماً أن التسمية التي أطلقت على الحكومة هي حكومة اختصاصيين مستقلين وأن نادي الأربعة كما وصفه جنبلاط، كان برئاسة الحريري يدّعي العفة فيما هو يتولى تشكيل الحكومة من وراء أديب، وهنا ترد النقطة الثانية في مواقف الكتل النيابية بصورة عامة، والتي عبر عنها جنبلاط مباشرة، ومضمونها السؤال الذي وجّهه جنبلاط للحريري، كيف تكون حكومة مستقلين وأنت سياسيّ يترأسها ويختار وزراءها، ومن أين ستأتي بالوزراء؟ أما النقطة الثالثة فهي تمسك الكتل النيابية بتسمية من سيمثلونها في حكومة اختصاصيين يترأسها سياسي ودعوتهم لحكومة تكنوسياسية، وقد ترجم جنبلاط موقفه لجهة التسمية بفعل ذلك على الهواء بتحديد حقيبتي الصحة أو التربية، وتسمية النائب بلال العبدالله والدكتور وليد عمار والأستاذ عباس الحلبي كمرشحين للحكومة.

وفقاً لمصدر نيابي متابع لمشاورات الأمس ولقاءات اليوم، كاد الحريري ينام ليلته هانئاً، محتفلاً بإنهاء الجولة الأولى من المشاورات بصورة الوصي على المبادرة الفرنسية واضعاً رئاستي الجمهورية ومجلس النوب تحت فحص المصداقية، معلناً بعد لقاءي بعبدا وعين التينة أنه تأكد من التزام الرئيسين عون وبري بالمبادرة الفرنسية، لكن قبل أن ينتهي اليوم جاء الرد الجنبلاطي المؤجل على هجوم الحريري الذي بدا تلفزيونياً ووقع بالدعسة الناقصة في استبدال اللقاء مع جنبلاط، بضمّه إلى لائحة الكتل التي سيزورها موفدو الحريري، وهو ما قالت مصادر المستقبل إنه هدفه تفادي عقد اجتماعات مباشرة للحريري مع رئيس التيار الوطني الحر وقيادة القوات اللبنانيّة.

النكسة الجنبلاطية لما أسماه بالتكليف الذاتي للحريري، التي أصابت نقاط ضعف التصرف كمرشح فوق السياسة ووصي على المبادرة الفرنسية، ستحول دون وصول الحريري بزخم التسمية يوم الخميس ما لم يتمّ تدارك نقاط الخلل بقدر من التواضع والواقعية، بالاعتراف بأن حكومة برئاسة الحريري هي حكومة سياسية بامتياز، وبأن تجربة الرئيس المكلف مصطفى اديب ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب تقول باستحالة حكومة مستقلين، وهذا يعني الحاجة للعودة الى طرح الرئيس الفرنسي الأصلي بالدعوة لحكومة وحدة وطنية، خصوصاً أن ملف التفاوض على ترسيم الحدود وما يُمثله من أهميّة سياسيّة واقتصاديّة سيكون من ضمن مهام الحكومة الجديدة.

 

"اللواء": العودة إلى المدارس تعثر .. وترقب

تربوياً، انطلق العام الدراسي المدمج يوم امس في معظم مدارس لبنان، باستثناء المناطق المعزولة بسبب جائحة كورونا، والذي ادى اقفالها الى ارباك واضح في المدارس غير المشمولة بالاقفال بعدما تعذّر على معلمين وطلاب يقطنون في المناطق المعزولة الانتقال الى مدارسهم خارج نطاق سكنهم، فتفاوتت نسبة الحضور الموزعة وفق اسابيع التعليم الحضوري بين الطلاب.

وطلب وزير التربية والتعليم العالي الدكتور طارق المجذوب من مدراء الثانويات والمدارس تعبئة استمارة تتعلق بالخطة المدرسية المعتمدة لتطبيق الاجراءات الوقائية لمنع انتقال عدوى كورونا. وتعريف مكونات الاسرة التربوية على الدليل الصحي الصادر عن الوزارة وعقد لقاءات لمناقشة خطة المدرسة والسيناريوهات المعتمدة مع جميع المعنيين في المجتمع التربوي.

وفي بيروت كانت الانطلاقة متعثرة لا سيما في المدارس التي تضررت جراء انفجار المرفأ في 4 آب فيما كانت عادية في بقية المدارس حيث التزمت المدارس الرسمية والخاصة بالتوجيهات الصحية لجهة التعقيم وارتداء الكمامات وأخذ الحرارة على مداخل المدارس والثانويات وفرض التباعد الاجتماعي بين الطلاب في الصفوف، حيث قسمت الصفوف الى النصف تقريباً فيما تابع القسم الثاني الدرس «اون لاين».

كذلك في ضواحي بيروت فتحت الثانويات والمدارس في المناطق غير المعزولة، وأقفلت جميعها في نطاق بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت باستثناء مدارس منطقة الغبيري، التي اكد رئيس بلديتها معن الخليل انه كان من الافضل تأجيل انطلاقة العام الدراسي خصوصاً ان معظم مناطق الضاحية الجنوبية مغلقة بسبب كورونا و70 % من طلاب مدارس وثانويات الغبيري من هذه المناطق لم يستطيعوا الحضور و20% من هؤلاء الطلاب لا يملكون جهاز التابلت او كومبيوتر للمتابعة اون لاين، مما شكل ارباكاً في انطلاقة العام الدراسي، اضافة الى غياب 50 % من افراد الهيئة التعليمية يقطنون في المناطق المعزولة.

وعبرت احدى الامهات التي رافقت ابنتها الى مدخل الثانوية عن خوفها على ابنتها من الاصابة بالوباء، لكنها تخاف ايضاً من ضياع السنة الدراسية عليها، فيما أعرب أب طالب في الثانوية عن ارتياحه الى الاجراءات المتخذة لا سيما التباعد الاجتماعي خصوصاً ان التعليم اون لاين يحتاج الى لاب توب وهو غير متوافر في الظروف الحالية.

وأكدت الناظرة عليا في احدى المدارس الخاصة ان الإدارة اخذت كافة الاحتياطات من اخذ الحرارة وتعقيم اليدين واهمها المسافة الآمنة بين الطلاب، اضافة الى تقسيم الطلاب لمجموعات وفق التدريس المدمج.

ورأت مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال بترا خوري ان القطاع التربوي يجب ان يُعيد فتح أبوابه بشرط تأمين شروط صحية سليمة لإعادة الفتح ويجب مراقبة الوضع في المدارس.

 


"الجمهورية": اسبوع الاستحقاقين

سياسياً، لعلّها من المرّات القليلة التي يطلّ فيها على استحقاقين خلال يومين متتالييَن؛ انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبريّة مع العدو الاسرائيلي غداً الاربعاء، والإستشارات النيابيّة الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة بعد غد الخميس. وعلى هذين الاستحقاقين تترتّب آثار مباشرة على مجمل المشهد اللبناني حاضراً ومستقبلاً، لارتباط ترسيم الحدود باستقرار اقتصادي موعود ولو مستقبلاً، واستفادة لبنان من ثرواته الغازية والنفطية، ولارتباط استشارات التكليف بالاستقرار السياسي الآني، واعادة ضبط الواقع الداخلي على حكومة جديدة ممنوحة سلفاً فرصة انقاذية محصّنة بالمبادرة الفرنسيّة ومن خلفها المجتمع الدولي.

مما لا شك فيه، أنّ كلا الاستحقاقين حاجة ملحّة للبنان، الذي لا يملك خياراً في مواجهتهما، سوى أن يتجاوزهما بما تقتضيه مصلحة هذا البلد، وفوق كل الاعتبارات والحسابات والحساسيات.

اربعاء الترسيم

وتبعاً لذلك، فإنّ لبنان أمام اسبوع حاسم، خصوصاً وأنّه صار مربوطاً فيه بعدّادين تنازليّين:

العدّ الأول، لدخول السلطة السياسية الى الإختبار الصّعب في «أربعاء الترسيم»، بالحدّ الاعلى من الجهوزية، لخوض معركة تثبيت الحدود البحرية والبرية مع العدو الاسرائيلي، ولعلّ سلاحها الفعّال، ليس فقط التأكيد على حق لبنان بكامل مياهه وترابه، بل أن تحصّن نفسها بكلّ أدوات تفكيك المكائد والكمائن والألغام والعبوات التي قد يزرعها العدو في طريق المفاوض اللبناني، ومحاولة صدّ اي محاولة تحايل، يُقدم عليها العدو، لحرف اتفاق اطار مفاوضات ترسيم الحدود عن مساره المحدّد، وتوجيه الامور في اتجاهات اخرى، تتجاوز هذا الاتفاق، الى ما يمكن ان يخدم مصلحة العدو على حساب الحق اللبناني.

في المعلومات حول هذا الموضوع، فإنّ التحضيرات قد أُنجزت لإقامة احتفاليّة في مقر قيادة «اليونيفيل» في الناقورة، لانطلاق مفاوضات الترسيم بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي برعاية الامم المتحدة وحضور مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر، والسفير جون ديروشر، الذي سيكون الوسيط الاميركي لهذه المفاوضات.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الاميركية، انّ «شينكر سيشارك في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات حول الحدود البحرية بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية التي يستضيفها منسق الأمم المتحدة الخاص للبنان يان كوبيتش». وكشفت الوزارة، أنّ «السفير جون ديروشر سينضمّ إلى شينكر وهو سيكون الوسيط الأميركي في هذه المفاوضات».

وذكّرت الوزارة بما كانت أعلنته سابقاً «من أنّ الاتفاقية الإطارية لبدء المناقشات حول الحدود البحرية تُعتبر خطوة حيوية للمضي قدماً، وتوفّر إمكانية تحقيق قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين على حدّ سواء».

وفي هذا الاطار، اعلن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية تشكيل الوفد اللبناني الى التفاوض التقني لترسيم الحدود الجنوبية. وتألف من العميد الركن الطيار بسام ياسين رئيساً، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة ادارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، الخبير نجيب مسيحي، اعضاء. وعلمت «الجمهورية»، انّ عون سيجتمع مع اعضاء الوفد المفاوض اليوم.

واللافت في هذا السياق، الكتاب الذي وجّهه الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكيّة حول تشكيل الوفد اللبناني الى التفاوض التقني لترسيم الحدود، اشار فيه الى «انّ التفاوض والتكليف بالتفاوض بشأن ترسيم الحدود يكون باتفاق مشترك بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، مشيراً الى انّ اي منحى مغايراً يشكّل مخالفة واضحة وصريحة لنص الدستور».

بعبدا ترفض التعليق

وفي الوقت الذي رفضت فيه دوائر القصر الجمهوري التعليق على مضمون كتاب مكية، لفتت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، «انّ ما لفت اليه الكتاب لم تصل اليه الامور بعد. فعملية تشكيل الوفد العسكري والتقني لا تتصل بعد بمضمون المادة 52 من الدستور التي استند اليها الكتاب، للانتقال الى مرحلة الاتفاق الذي يجب ان يقوم مع رئيس الحكومة.

فالمادة المذكورة يبدأ تطبيقها عند الوصول الى تفاهم ليُصار الى التنسيق بشأنها مع رئيس الحكومة، وان مهمة تشكيل الوفد لا تتصل بمضمونها».

ويأتي تشكيل الوفد اللبناني المفاوض، بعد أيام من اعلان إسرائيل عن تشكيل وفدها الذي دمجت فيه سياسيين وعسكريين، حيث يضم المدير العام لوزارة الطاقة أودي أديري، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، رؤوفين عازر، ورئيس دائرة الشؤون الاستراتيجية في الجيش الاسرائيلي.

وكان الوفد اللبناني قد زُوِّد بتوجيهات أساسيّة لانطلاق عملية التفاوض، لعلّ اهمها رفض الدخول في أي موضوع سياسي، وحصر التفاوض بالجانب التقني لا غير، وعلى أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة أقصى الجنوب برّاً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خطّ الوسط، دونَ احتسابِ أيّ تأثيرٍ للجزرِ الفلسطينية.

وخلافاً لما اعلنه وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتز، بأنّ المفاوضات ستكون مباشرة، اكّد الجانب اللبناني انّه لن تحصل اي مفاوضات مباشرة، وان كان الجميع سيجلسون في غرفة واحدة، بل انّ التفاوض سيتمّ عبر ممثل الامم المتحدة.
ومعلوم هنا، انّ النزاع بين لبنان واسرائيل يدور حول المنطقة البحرية البالغة مساحتها 860 كيلومتراً، والمعروفة بالبلوك رقم 9 الغني بالنفط والغاز.

خميس الاستشارات

واما العدّ الثاني، فهو لحسن مقاربة الطاقم السياسي للملف الحكومي، والتأسيس في «خميس الاستشارات» لخواتيم مريحة تحسم تكليف رئيس الحكومة الجديدة، وتخرج استحقاق تأليفها من دائرة التعقيدات والتجاذبات والموانع التي تحول دون اتمامه.

واذا كانت طريق هذا الاستحقاق تبدو مزروعة بالنيات الحسنة، تبعاً للمواقف العلنيّة التي يبديها السياسيون، والتي تركّز في مجملها على الحاجة الملحّة الى حكومة تشرع فوراً في الخطوات الاصلاحيّة والإنقاذيّة للبلد، إلّا أنّ مصادر معنية بالملف الحكومي أكّدت لـ«الجمهورية»، أنّ «النيات تبدو حسنة، الّا أنّ التجارب السابقة مع الطاقم السياسي نفسه، لا تشجّع على المجازفة في اعتبار تلك النيات حسنة بالفعل، بل أنّها توجب إبقاء الحذر منها قائماً حتى يثبت ذلك بالملموس، وخصوصاً أنّ الاستحقاقات المشابهة كانت تبدأ بنيات حسنة، إلّا انّها سرعان ما كانت تتعثّر بأوراق مستورة، وبدخول الشياطين في كلّ التفاصيل، وتعيد الأمور الى مربّع التجاذب والإشتباك السياسي».

وبحسب هذه المصادر، فإنّ «إثبات حسن النية هذا، المقرون بالرغبة في تشكيل حكومة في غضون ايام قليلة، يفترض أن يتبدّى في المشاورات التي شرع فيها الرئيس سعد الحريري، في اجرائها مع القوى السياسيّة من موقعه كمرشّح وحيد لرئاسة الحكومة، للوقوف على موقفها النهائي من المبادرة الفرنسية ومدى التزامها ببرنامجها الاصلاحي، وبالتالي يُترجم في استشارات التكليف بعد غد الخميس».

غيوم مائلة للبياض

الواضح في هذا المستجد، هو أنّ مشاورات الحريري عكست تحوّلاً من اجواء رمادية سبقتها، الى «غيوم مائلة الى البياض» بعدها، وخصوصاً انّ أجواء الاطراف التي شاورها الحريري في الساعات الماضية لم تعكس سلبيّات، بل تحدثت عن نقاش منفتح ومسؤول واستعداد للتعاون والتسهيل.

وقال مطلعون على اجواء المشاورات لـ«الجمهورية»، «لقد اتسم النقاش بالهدوء والصراحة والقراءة المشتركة للواقع الرديء الذي بلغه حال البلد، ولم يخرج عن سياق المتوقع، ولاسيما لناحية الإصلاحات» التي يفترض أن تطبّقها الحكومة الجديدة.

وبحسب هؤلاء المطلعين، فإنّ الحريري لم يسمع ممن التقاهم اي موقف اعتراضي على ترؤسه للحكومة، بل على العكس، كان تأكيد على الحاجة الى علاجات فورية توقف النزف القائم وتكبح اندفاعته المتسارعة نحو الانهيار، والطريق الى ذلك يتمّ عبر تشكيل حكومة في وقت سريع جداً، وعدم تكرار مراحل تضييع الوقت الذي يُسرق من عمر البلد ويطيل أمد الازمة، مع التشديد على تقديم كل التسهيلات بما يفضي الى الولادة الحكومية السريعة.

ويشير هؤلاء، الى أنّ هذا المسار، اذا ما استمر على الخط الايجابي الذي يسلكه، فنتيجة ذلك ستتبدّى اولاً في الاستشارات الملزمة الخميس، بتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، على أن يليها تشكيل الحكومة ضمن مهلة لا تتعدّى اياماً قليلة، الّا اذا برزت في الطريق ما يخشى منها معنيون بالملف الحكومي، من عمليات تشاطر من بعض الاطراف، تُدخل هذا الملف في بازار التسميات وتقاسم الوزارات، على غرار ما كان يجري في تشكيل الحكومات السابقة.

إقرأ المزيد في: لبنان