معركة أولي البأس

لبنان

زيارة ثالثة للحريري إلى بعبدا اليوم.. هل تكون ثابتة لحسم التأليف؟
27/10/2020

زيارة ثالثة للحريري إلى بعبدا اليوم.. هل تكون ثابتة لحسم التأليف؟

تستمر الأجواء الإيجابية المحيطة بتأليف الحكومة، وإن كانت محاطة بالصمت من قبل الرئيس المكلّف سعد الحريري وقصر بعبدا.
ووسط هذه الأجواء يزور الحريري اليوم رئيس الجمهورية للمرة الثالثة منذ انتهاء استشاراته النيابية، لمتابعة وضع اللمسات على ما تبقى من أجزاء الصورة الحكومية، التي بات جزء جيّد منها محسوما.
ويبقى عامل الوقت هو الأهم، في ظل الاستحقاقات التي تدهم البلاد على مستوى الصحة والاقتصاد وأزمة النفايات ومختلف أزمات المواطن المعيشية التي تتفاقم يوما بعد يوم، عدا عن الأجواء الإقليمية المحيطة والانتخابات الرئاسية الأمريكية.. فهل ستكون الثالثة ثابتة ويتصاعد الدخان الأبيض، أم سنكون أمام مزيد من نزف الوقت؟.


"الأخبار": حكومة الحريري الرابعة: مثالثة... في التأليف
يوحي التكتّم الذي يحوط بجهود تأليف الحكومة بوجود طريقة مختلفة لإعلانها في مدة قريبة، لا تشبه أيّاً من سابقاتها. الواقع أن ما يحدث الآن مختلف أيضاً، وربّما غير مسبوق. أكثر من نصف الحكومة أُنجز سلفاً قبل أن يُعطى التكليف إلى الرئيس سعد الحريري

مع أن الأسبوع الأول على التكليف لم ينقضِ بعد، رغم اجتماعين متتاليين بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون غداة انتهاء مشاورات التأليف ــــ وهذا قلّما يحدث في أحوال مشابهة ــــ لا معطيات فعلية تشي بعلاقة وثيقة ما بين الكتمان والعجلة. لم يتبقّ سوى القليل من المكتوم، ولا أهمية للعجلة التي استنفدت سرعتها قبل التكليف.

كل ما يشاع عن تأليف الحكومة حتى الآن لا يشير الى ما يختلف عن صورة حكومة الرئيس حسان دياب، سوى رأسها. كالسلف، يدور الخلف في لعبة التنازلات البطيئة المتدرّجة، بعدما تيقّن من أن الشروط العالية السقف التي وضعها لموافقته على ترؤس الحكومة تصلح للتكليف لا للتأليف: من حكومة من 14 وزيراً الى حكومة من 20 وزيراً إن لم يكن أكثر، من وزراء اختصاصيين فحسب الى وزراء اختصاصيين مطعّمين بسياسيين أو يحرّكهم سياسيون، من مداورة شاملة الى مداورة تلحظ استثناءات، من إصرار على أن يكون الرئيس المكلف وحده صاحب اختصاص تسمية الوزراء الى تسليمه بأن تكون هذه منوطة بالكتل. ما باتت عليه الآن ملامح ما بعد التكليف، أقرب ما يكون الى خليط بين ما رفضه دياب قبل تأليفه حكومته ثم قَبِل به على مضض، وما اشترطه من بعده الرئيس المكلف مصطفى أديب ثم اعتذر بسببه. وقد تكون الشطارة التي يوحي بها تمكّن الحريري من العودة الى السرايا للمرة الرابعة، أنها الآن ليست من صنعه هو، بل من صنع سواه.

تكمن هذه الشطارة في بضع معطيات:
أوّلها، أن رصيده عند الثنائي الشيعي أكثر مما توقّعه خصومه ومؤيّدوه على السواء. لم يسبق للثنائي منذ عام 2005 على الأقل، أن دلّع زعيماً سنّياً على نحو ما فعل مع الحريري مرة تلو أخرى، رغم الخيبات. اختبره طويلاً منذ ما بعد اتفاق الدوحة على أنه الطرف الوحيد القادر على الحؤول دون فتنة سنّية ــــ شيعية، مقدار ما يسعه افتعالها. سبق له أن افتعلها قبل الوصول الى أحداث 7 أيار 2008، ولم يعاود مذذاك المحاولة. منذ وصول الحريري الى رئاسة الحكومة عام 2009، لم يتسبب في أزمة مع الثنائي الشيعي، وحزب الله خصوصاً، سوى مرتين فقط: أولى في كانون الأول 2010 بسبب المحكمة الدولية وشهود الزور أدت الى إطاحة حكومته بالثلث + 1، وثانية في تشرين الثاني 2017 عندما أرغمت الرياض الحريري على مهاجمة حزب الله بعنف وإدانته ومن ثم استقالته. لذا، قلّما أقلق وجود الحريري في السرايا الثنائي الشيعي الذي أدرك أيضاً ــــ كلّما افترقا ــــ تعثّر محاولة تعويضه كما حصل مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011 وحكومة دياب عام 2020، وكلاهما استثناءان في علاقة الثنائي برئيس تيار المستقبل الذي لم يقطع بدوره خطوط الحوار مع حزب الله.

من ذلك، الاعتقاد الجازم بأن الحليف السنّي الحقيقي للثنائي الشيعي هو الحريري دون سواه، أيّاً تكن الشخصيات السنّية الأخرى الجالسة على ضفافه. لم يُرد الثنائي يوماً، هو القابض على لعبة التوازن السياسي والعسكري في الشارع والسلطة، منح أيّ من حلفائه فرصة توكيد ذات سنّية جديدة تخلف الحريري أو تتصرّف كأنّها ندّه.

ثانيها، لم يكن مخفيّاً الدور الذي اضطلع به رئيس المجلس لتسهيل عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، بدءاً من مرحلة ما قبل التكليف من أجل حصوله على عدد لائق من الأصوات. ليس مخفيّاً أيضاً أن برّي هو الأب الفعلي لإطاحة حكومة دياب عندما دعاها الى المثول أمام مجلس النواب. في المقابل، تحقّق الحريري ــــ الراغب في العودة الى السرايا بأيّ ثمن ــــ من أن لا سبيل إليها قبل إبرام تفاهمه مع الثنائي الشيعي على حصته الوزارية كشرط رئيسي للاتكاء عليه. ما رفض إعطاءه الى الثنائي إبان تكليف أديب، ثم تساهل حياله جزئياً مع حقيبة المال، ثم آل الى طلبه من أديب التنحّي بعدما بانَ أنّ ما في وسع الرئيس المكلف المعتذر إعطاءه للثنائي الشيعي يسهل على الحريري فعله. لذا، منذ ما قبل تكليفه، تأكد الجميع من أن الثنائي حاز سلفاً حصته في حكومة لم يصر بعد الى تأليفها. عنى ذلك إبقاء حقيبة المال في عهدته على أنه هو وحده يسمّي وزراءه.

قبل تكليفه أتمّ الحريري تأليف نصف حكومته
ثالثها، من غير الواقعي الاعتقاد بأنّ إصرار الحريري ــــ حتى الآن على الأقل ــــ على المضيّ في قطيعته مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وتجاهله كرئيس أكبر كتلة نيابية، يجعله خارج طاولة التفاوض على تأليف الحكومة. الرجل موجود إليها سلفاً من خلال رئيس الجمهورية، الشريك الدستوري الآخر في تأليف الحكومة وصاحب التوقيع الأخير على مراسيمها. بيد أن ما حدث في التكليف الحالي للحريري أنه أنشأ عُرفاً لم يكن ملحوظاً على هذا النحو قبلاً، وإن كان واقعاً بالفعل ومستتراً بقشرة الصلاحية الدستورية التي يتقاسمها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. هذه المرة، يجري تأليف لحكومة أكثر من نصف وزرائها بُتّوا قبل جلوس الحريري مع عون في اجتماعَي السبت والأحد، بأن حاز الثنائي ورئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط حصّتيهما، وسلّم لهما الرئيس المكلّف بتسميتهما وزراءهما بعدما أقرّ لهما بالحقائب التي طلباها أو يكاد، فيما يتولّى هو بنفسه الحصة السنّية، فتعود الحصة المسيحية عندئذ الى رئيس الجمهورية.

المهمّ في ما يجري تداوله في الأيام الأخيرة، أن الحائل الوحيد حتى الآن دون تأليف الحكومة هو ما بات يدعى «العقدة المسيحية»، الجاري التفاوض عليها مع الرئيس مباشرة، ومع باسيل على نحو غير مباشر. ما يعنيه ذلك التسليم بواقع جديد مستمدّ مرة أخرى من موازين القوى على الأرض، مفاده أن تأليف الحكومة لم يعد بين يدَي الرئيس المكلف ــــ كما يحلو للقيادات السنّية الاعتقاد ــــ وليس في يد رئيس الجمهورية أيضاً عملاً بالصلاحية الدستورية، بل أضحى الثنائي الشيعي شريكاً أساسياً في تأليف الحكومة. من دونه، كان سيتعذّر على الحريري الحصول على أصوات تكليفه رغم اختباء حزب الله وراء عدم تسميته التي انطوت في الواقع على تزكية التسمية سلفاً. نجح الثنائي الشيعي أخيراً في وضع الحجر الأساس للمثالثة في تأليف حكومة.


"البناء": الحريري في بعبدا اليوم
ولا تزال الأجواء التفاؤليّة بقرب ولادة الحكومة تسود المشهد الحكوميّ، إذ من المتوقع أن يزور الرئيس المكلف سعد الحريري بعبدا اليوم للمرّة الثالثة لعرض تصوّره لشكل الحكومة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي حال تم الاتفاق على هذا الأمر سيعود الحريري بعد أيام قليلة إلى عون بتشكيلة نهائية مع أسماء الوزراء.

مصادر «البناء» لفتت إلى أن الحكومة تنتظر تفاهماً نهائياً بين الرئيسين عون والحريري على أمرين: الحصة المسيحيّة وتوزيع الوزراء والحقائب على الكتل النيابية التي تمثل المسيحيّين في المجلس النيابي، والثاني المداورة في الحقائب مع حسم وزارة المالية لوزير اختصاصي يسمّيه رئيس مجلس النواب نبيه بري. ورجّحت المعلومات ولادة الحكومة خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذا ما تذللت العقد المتبقية، وأكدت أنّ هناك شبه اتفاق على أن تكون الحكومة مؤلفة من عشرين وزيراً من غير الحزبيين بل من الاختصاصيين المسيّسين. أما الحكومة، فستقوم على توازن سياسي من ثلاثة أثلاث مع وزيرين إضافيين:

6 وزراء لثنائي أمل وحزب الله وحلفائهما.

6 وزراء لرئيس الحكومة وتيار المستقبل وحلفائهما.

6 وزراء لفريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحلفائهما، إضافة إلى وزير درزي ثانٍ يجري اختياره بالتوافق بين ثلاثي عون – رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط – والنائب طلال أرسلان، ووزير مسيحي آخر.

وبحسب المعلومات أيضاً فإنّ مبدأ المداورة الذي يتمسّك به عون لا يشمل وزارة المالية التي حُسمت خلال مشاورات التأليف التي تولاها السفير مصطفى أديب ومع الحريري قبيل تكليفه، أمّا وزارة الطاقة فلم تُحسَم، وربما لن تكون للتيّار الوطني الحر وستجري مقايضتها بوزارة الأشغال، كما أنّ وزارة الداخلية تنتظر اعتماد مبدأ المداورة لمبادلتها بالخارجيّة بين الرئيسين عون والحريري.

ووفق المصادر، فإن حزب الله سيسمّي وزراء اختصاصيين غير محزبين لكنهم يؤيدون المقاومة سياسياً وكذلك حركة أمل، كما أنّ الحزب سيطالب بوزارة الصحة لكنه لن يصرّ عليها إذا كانت ستعرقل التأليف، علماً أنه لم يحسم من الحصة الشيعية سوى المالية.

وتتحدث المصادر عن ثلاث عقد ممكن أن تعرقل التأليف:

إذا أصرّ عون على مبدأ المداورة الشاملة.

إذا رفض الحريري إعطاء الداخلية لعون مقابل نيله الخارجية أو الدفاع.

إذا أصرّ جنبلاط على تسمية الوزير الدرزي الثاني.

وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ​قاسم هاشم​ لـ«البناء» أنّ «الأجواء الحكوميّة إيجابية والنيات جيّدة لدى مختلف الأطراف. وهناك تفاهم شبه نهائي حول صورة الحكومة، وهي ستكون شبه تكنوسياسية لكن بوزراء من ذوي اختصاص بخلفيّات سياسية ستسمّيهم الكتل بعرض عشرة أسماء لكل حقيبة، على أن يختار من بينهم الرئيس المكلّف بالتعاون مع رئيس الجمهورية». وكشف أنّ «الحكومة ستكون من 20 وزيراً، فيما باتت وزارة المال خارج النقاش وستكون من حصة التنمية والتحرير باسم غير حزبي، والمداورة مطروحة على الحقائب الأخرى». ورفض قاسم وضع مهلة محددة لولادة الحكومة، مضيفاً أنّ «الأيام الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة»، مشيراً إلى أن الرئيس نبيه بري أبدى استعداده للتدخل لتذليل أي عقدة ممكن أن تظهر على طريق التأليف.

هواجس مسيحيّة

في المقابل، أشارت أوساط مطّلعة على مقرّ رئاسي شريك في مشاورات التأليف لـ«البناء» إلى أنّ «التشاور مستمرّ ومكثّف على خط بعبدا – بيت الوسط على مدى الـ 24 ساعة، لكن لم يتم الاتفاق النهائي على هيكلية الحكومة وحجمها وتوزيع الحقائب، ولا على الأسماء بل تجري جوجلة الأفكار التي طرحها الرئيس المكلّف على رئيس الجمهورية». ولفتت الأوساط إلى أنّ تفاصيل الحكومة تحتاج إلى مزيد من الوقت ولا يمكن التكهّن بتوقيت معين لولادة الحكومة في ظل توجّس مسيحي من اتفاق بين المسلمين على الحكومة وتهميش المسيحيين، وهذا يظهر بموقف البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، ورسالته إلى الرئيس المكلّف. فيما موقف البطريرك لا يعبّر عن موقف الكنيسة فحسب، بل عن موقف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بحسب مصادر الطرفين.

ومع أنّ التكتم سيّد الموقف في بعبدا، لكن أوساط مطّلعة أشارت إلى أنّ رئيس الجمهورية يلعب دوره ويمارس صلاحياته كشريك للرئيس المكلّف في تأليف الحكومة، وفقاً لما ينص عليه الدستور، وبالتالي سيقف عند كل تفصيل كي تأتي الحكومة على قدر آمال وتطلعات اللبنانيين وتكون قادرة على مواجهة التحديات وإنقاذ البلد، مع تأكيدها بأنّ رئيس الجمهورية سيسهّل قدر الإمكان، ولا مصلحة له ولا للبلد بتأخير الحكومة. وشدّدت المصادر على أن العلاقة عادت إلى مجاريها بين الرئيسين عون والحريري؛ وهذا ما ظهر خلال عملية التكليف وفي لقاءي السبت والأحد».

صمت بيت الوسط

ووفق أجواء بيت الوسط الذي يعتصم بالصمت على قاعدة «تعاونوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، فإنّ الحريري يبذل قصارى جهده للانتهاء من تشكيل الحكومة قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية لتقدير المحيطين به بأنّ الضوء الأخضر الأميركي الممنوح له الآن للسير في تأليف الحكومة، قد يتغيّر مع رحيل الإدارة الحالية، وتبوّء إدارة جديدة سدة المسؤولية ما يعني ترحيل الملف الحكومي إلى أشهر ريثما يستتب استقرار الحكم في أميركا. وأشارت الأجواء إلى أن الحريري منفتح على التعاون مع رئيس الجمهورية وكافة الأطراف السياسية لتأليف الحكومة بأسرع وقت، وما يهم الرئيس المكلّف أكثر من هيكلية الحكومة وتسمية الوزراء هو أن تكون فاعلة ومنتجة وقادرة على إنجاز المهمة المكلفة بها وإقرار بنود الورقة الإصلاحيّة في المبادرة الفرنسية».


"اللواء": «خلافات صامتة» حول وزارات الخدمات
ووفقاً لمعلومات «اللواء» فإن «خلافات صامتة» ما تزال قيد المعالجة لا سيما في ما خص وزارات الخدمات.. كالصحة والاشغال، بعدما باتت الوزارات التي تسمى «سيادية» في عهدة رؤساء الكتل والطوائف الكبرى، المتحكمة بمسارات التكليف والتأليف.

ويزور الرئيس المكلف قصر بعبدا، ومعه تُصوّر لتوزيع الحقائب على الطوائف، ضمن توجه بمداورة ممكنة، ولو على صعيد الوزارات الخدماتية.

وقال مصدر مطلع لـ«اللواء»: «أن الأجواء جيدة، لكن من غير الممكن التكهن بموعد صدور المراسيم، وإن بدا ان ثمة حرصاً رئاسياً، على ولادة الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري أي يوم السبت المقبل، أو بداية الأسبوع الأوّل من ت2».

وعلى الرغم من ذلك، يبدو ان محاذير التفاؤل المشروع مشروعة استناداً إلى التجارب السابقة، ومحاولة رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل تبين دوره، فضلاً عن عودة الضغوط الخارجية إلى المسرح، انطلاقاً من تصنيف أميركي جديد لحزب الله بأنه يعادل التصنيف الأميركي لكل من «القاعدة» و«جبهة النصرة» وداعش.

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن «الملف الحكومي» يخضع للمزيد من الاتصالات البعيدة عن الأضواء والضجيج الإعلامي وأشارت إلى أن هناك بعض النقاط التي يعمل على معالجتها وكل خطوة في ذلك تبحث بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ولذلك فإن لقاء آخر مرتقب بينهما قد يكون الأخير قبيل إعلان ولادة الحكومة أو الحاسم في هذا المجال.

ولفتت المصادر إلى أن موضوع توزيع الحقائب غير نهائي بعد ويجري العمل على ترتيبه. وفهم أن القرار المتخذ بتسهيل ولادة الحكومة يساهم في معالجة أي عقدة.

وأفادت أن موضوع تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة لن يشكل مشكلة. 

وأوضحت أنه بالنسبة إلى المداورة فهي نقطة تنتظر الحسم وسط بروز مقاربتين إحداهما تقول أن لا مداورة كاملة في الحقائب وأخرى تشير إلى أن الحقائب الأساسية قد تشهد مداورة باستثناء وزارة المال لكنها في المقابل تحدثت عن إمكانية قلب جميع الأمور من أجل ضمان ولادة الحكومة سريعا ولكن وزارة المالية تبقى خارج البحث.

ويتمترس «التيار الوطني الحر» عند وزارة الطاقة، رافضاً التخلي عنها، لاعتبارات إضافية أبرزها انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، إذ انه في حال التوصّل إلى نتائج عملية، فالدور الرئيسي في مفاوضات تلزيم الشركات سيكون لهذه الوزارة.

ومن المنازعات أيضاً وزارة الصحة، حيث يستمر حزب الله متمسكاً بهذه الوزارة، التي فتحت شهية النائب السابق وليد جنبلاط لاستعادتها.

ومع ذلك، ما زال ضخ الاجواء الايجابية قائماً حول تشكيل الحكومة، على الاقل من قصر بعبدا بعد البيان المقتضب عن لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري امس الاول، والذي قال ان هناك إيجابيات حول تشكيل الحكومة، فيما اعتصم بيت الوسط بالصمت بالتوازي مع الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف مع القوى السياسية للبحث التفصيلي في شكل الحكومة وتوزيع الحقائب، لا سيما بين القوى المسيحية، وهي موزعة بين رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وتيار المردة وحزب الطاشناق، فيما الحصص الاسلامية اصبحت محسومة بين ثنائي امل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي. لكن برزت مشكلة تمثيل الحزب الديموقراطي اللبناني بوزير درزي، بعد كلام امين سر كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو لحسن امس، الذي قال فيه: ان «ما يحكى عن ان الوزير الدرزي الثاني سيكون متوافقاً عليه بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان غير مطروح ابداً».

وإذا كان البحث بتوزيع الحقائب للوزراء المسيحيين محصوراً حتى الان بين الرئيسين عون والحريري، فإن الحريري يتواصل ايضاً مع الرئيس نبيه بري لتذليل العقبات القائمة حول التمثيل الدرزي. لكن ما يرشح من معلومات يفيد عن صراع على بعض الحقائب المخصصة للمسيحيين، وبعض الحقائب المخصصة للمسلمين ومنها ما يطلبه رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، لكن كما قالت مصادر درزية اشتراكية لـ«اللواء»: فلكل شي حل في النهاية ولن تبقى هناك عقد كبيرة والامور ماشية.

ويركز الحريري في اتصالاته ايضا على حل موضوع وحدة المعايير والمدوارة في الحقائب لا سيما المسماة سيادية والحقائب الاساسية منها كالطاقة والاتصالات والاشغال. لكن كل المؤشرات حتى الان توحي بان الامور سالكة وان الرئيس المكلف لديه تصوره لشكل الحكومة المتوسطة لا الموسعة ولا المصغّرة، وربما لتوزيع الحقائب، وهو سيناقشه في اتصالاته مع القوى السياسية وربما يعرض مسودته الاولى خلال يومين اوثلاثة على الرئيس عون. وتردد انه قد يزور قصر بعبدا اليوم لعرض مسودة توزيع الحقائب على الطوائف.

وحسبما يتم تداوله، الارجح ان تكون الحكومة من عشرين وزبرا وربما 24 لإرضاء كل القوى المشاركة، ولإعطائها نكهة سياسية بوزراء دولة او اختصاصيين مسيّسين لا فيتو خارجياً عليهم، تقترح اسماءهم القوى السياسية ويختار منها عون والحريري.

واعرب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان تكون ولادة الحكومة في أسرع وقت ممكن، وان تنال ثقة أوسع عدد من الكتل النيابية للسعي، نحو تعويض ما ضاع من عام بفعل الدفع الأميركي نحو التخريب والفوضى.

وعلمت «اللواء» من مصدر نيابي على صلة بحزب الله، ان الحكومة العتيدة، لا يمكن ان تكون الا على صورة الحكومة التي كان يرأسها الرئيس الحريري قبل الاستقالة، مع تغليب الطابع التقني والاختصاصي على الوزارات السيادية والخدماتية.


"الجمهورية": إيجابيّات... ولكن!

وعلى الرغم من مسارعة الرئيسين الى وضع الحكومة الجديدة في المخاض، وحرصهما على إحاطة مشاوراتهما بالإيجابية وتغليفها بنيّات صافية وبرغبات مشتركة بعدم تضييع الوقت والتعاون الى أقصى الحدود لاستيلاد الحكومة الموعودة في أسرع وقت، إلاّ أنّ كل هذه الايجابيات شكلية لم تقترن حتى الآن بترجمة حاسمة لها.

وعلى ما يقول مواكبون لحركة التأليف فإنّ الحديث عن ايجابيّات «طابشة» أو سلبيات «طابشة» ايضاً، هو أمر مبالغ فيه ولا يعكس الصورة الحقيقية للمشاورات، فكفّتا الايجابيّة والسلبيّة متعادلتان ومتوازيتان حتى الآن، وأمام هذا التعادل تبقى كل الاحتمالات واردة. وبالتالي، من المبكر القول بإمكان حصول اختراق نوعي عاجل يُسرّع مخاض التأليف، أو حصول طارىء تدخل معه الشياطين الى اي تفصيل، فيرجّح كفّة السلبيات ويقطع هذا المخاض نهائياً!!

وفي رأي هؤلاء إنّ هذا الامر يتطلّب جهداً مضاعفاً من قبل الرئيسين عون والحريري للالتقاء على مساحة مشتركة، خصوصاً انّ الهدف الاساس هو الوصول الى حكومة بالحد الاعلى من التوافق عليها، ويرى كل رئيس نفسه فيها.

واعتبر هؤلاء أنه من الطبيعي ألّا يبلغ ملف التأليف حتى الآن «مرحلة السلاسة» التي يتمنّاها المتحمّسون لولادة سريعة لحكومة ينتظرها مشوار طويل من العمل والإنجاز، ذلك أنّ مقاربتَي عون والحريري للملف الحكومي، وإن كانا يحاولان أن يصوّرانها على أنها منفتحة وواقعية وموضوعية، الّا انها في جانب أساسي منها أقرَب ما تكون الى عملية استطلاعية يقومان بها كلٌّ من زاويته، لِكشف ما في جعبة الآخر، وهي عملية محفوفة بالحذر المتبادل، فكلّ واحد منهما لا يريد أن يُلدغَ من جُحر الآخر مرة ثانية. ولكلّ منهما نظرته الى ملف التأليف، ولكلّ منهما أوراقه المكشوفة وكذلك المستورة، ذلك أنّ ما هو مُتجَمّع بينهما من تراكمات وَلّدتها التجارب السابقة بين الرئيسين وتيّارَيهما السياسيين، وأصابت علاقتهما بارتجاجات وتصدّعات وتفسّخات، أقوى من أن تلحمها عواطف سطحية أو مجاملات شكلية، او تجاوز صورة المواقف ما فوق العالية، والحجارة السياسيّة الثقيلة التي تدحرجت في الاتجاهين قبل التكليف، واعتبارها صفحة وطُويَت مع التكليف، أو غَض النظر عن الفجوة العميقة بينهما والتعامل معها وكأنّها قد سُدّت وردمت بالكامل».

ماذا تحقق؟
وفيما اعتبرت مصادر سياسية انّ مرحلة الاستطلاع هذه ستستلزم بعض الوقت، أكدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» انّ عون والحريري تراجَع كلّ منهما خطوة امام الآخر، ولقد تَجَلّى هذا التراجع في قرار غير مُعلن من قبلهما بتجاوز تلك التراكمات، وعدم جعلها عاملاً مؤثراً على مسار التأليف. ومن هنا كان الاتفاق غير المعلن على خط التأليف، بالنظر الى الامام وليس الى الخلف، وتشكيل الحكومة في غضون أسبوع، وهما متحمّسان لهذا الأمر، وقرارهما هو تدوير زوايا أي مَطبّ او عقدة تتدحرج في طريق التأليف، وعدم فتح المجال لأيّ تشويش على حركة المشاورات التي تجري، ومن هنا يأتي تَكتّمهما الشديد حيال مجريات البحث بينهما.

وبحسب المصادر نفسها فإنه يمكن القول إنّ ما يزيد على الـ70 في المئة من البناء الحكومي يمكن القول إنه قد تم إنجازه كما يلي:

- التوافق المشترك على ان تكون ولادة الحكومة في وقت قياسي، خلافاً لكل الفترات السابقة التي كان يأكل فيها التأليف أسابيع وشهوراً طويلة.

 - شكل الحكومة لم يعد محلّ خلاف، وباتَ أكيداً الذهاب الى حكومة اختصاصيين، مع أنّ هناك من يطالب حتى الآن بحكومة تكنوسياسية، الّا أنّ الأرجحية هي لحكومة الاختصاصيين اللاحزبيين.

-  حجم الحكومة لم يعد مشكلة، فالرئيس المكلف، الذي عَبّر عن رغبته بحكومة مصغّرة، هو منفتح على حكومة عشرينية.

- لا ثلث معطلاً لأيّ طرف في الحكومة.

- لا خلاف على جَعل وزارة المالية من ضمن الحصة الشيعية.

- موضوع المداورة في الوزارات الاخرى مطروح بشكل جدي، ولكنه لم يحسم بشكل نهائي حتى الآن، إذ انّ العقدة تكمن في كيفية اعتمادها، وعلى اي اساس، وأي وزارات ستشمل، وهل ستكون مداورة شاملة (باستثناء المالية للشيعة) أم مداورة جزئية؟ إنّ الاجابات عن هذه الاسئلة ليست سهلة، ولا يوجد مخرج بيَد الرئيس المكلّف لهذه المسألة.

- توزيع الحقائب الوزارية لم يحسم بدوره حتى الآن، كما لم يتم الدخول في أسماء الوزراء، وهذا رَهن بجولة المشاورات التي سيجريها الرئيس المكلف، سواء مع رئيس الجمهورية أو مع الكتل النيابية او الاطراف السياسية. وهنا تبرز مطالبات للرئيس المكلف، بضرورة مقاربة هذا التوزيع بموضوعية وبصورة تُراعي حجم كلّ طرف، لا ان يتمّ ذلك بصورة انتقائية تُظهِر أنّ طرفاً بسمنة وطرفاً بزيت.

- إنّ تسمية الوزراء لن تشكّل عقدة على ما كانت عليه خلال تأليف حكومة مصطفى اديب، بل هناك اتفاق على ان تكون التسمية مشتركة، لا أن تُسمّى الاسماء من طرف واحد.

- الحصة الرئاسية في الحكومة لم تحسم بعد، علماً انّ هناك توجهاً لدى رئيس الجمهورية وفريقه في أن يَحظى بالنسبة الاعلى من الوزراء المسيحيين.

وتِبعاً لذلك، تؤكد المصادر: «اذا استمرّت الايجابية على هذا المستوى فإنّ الحكومة ستولد قريباً جداً، فضلاً عن انّ الرئيسين عون والحريري محكومان بإنجاح التأليف. فهذه الحكومة بقدر ما هي حاجة للحريري ليُحدِث من خلالها نقلة نوعية في الأداء وفي فرصة لتحقيق إنجاز إنقاذي يُسَجّل له، فهي في الوقت نفسه حاجة أكبر لرئيس الجمهورية باعتبارها الحكومة الاخيرة للعهد لذلك يريدها حكومة نوعية، ولا يريد في الوقت نفسه ان يدخل إليها مكبّل اليدين.

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل