لبنان
لا تأليف في الأفق.. والقطاع الصحي على شفير الانهيار
علقت عجلات الحكومة العتيدة في وحول التأليف بعد انتهاء فترة التكليف السريعة، وبعد سلسلة مواقف أوحت بالتفاؤل، يبدو أن أمور الولادة أمامها عقبات وشياطين التفاصيل، والمرجح أن تؤجل لما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية.
في نفس الوقت يتفاقم الوضع الصحي يوما بعد يوم، ولا يبدو أن خطوات الإقفال الجزئي لبعض المناطق أسبوعيا قد أتت أكلها، وبات من الضروري أن تقفل كافة المناطق لمحاولة الحد من الانحدار الكبير الذي بات يهدد القطاع الصحي بالانهيار التام.
"الأخبار": الإقفال التامّ أو انهيار القطاع الصحي
بحسب صحيفة "الأخبار"، لا جدوى من الإقفال الجزئي الذي تشهده مئات البلدات والقرى. هذا ما يُجمع عليه المعنيون في ملف كورونا نظراً إلى طبيعة تداخل البلدات والشوارع في ظل الانتشار الواسع للوباء الذي خرج عن السيطرة، خصوصاً مع امتلاء أسرّة العناية الفائقة المخصّصة لمرضى كورونا وبداية مرحلة خطيرة من المُفاضلة بين المرضى.
الواقع الوبائي المأزوم الذي يعيشه لبنان كان مُتوقّعاً. ومع أنه يتزامن مع استئناف فيروس كورونا جولته الثانية عالمياً، إلا أنه نتاج «طبيعي» للمعالجات الجزئية التي انتُهجت منذ تموز الماضي، رغم إدراك صناع القرار آنذاك حتمية الوصول إلى الأزمة الحالية من دون أن يتخذوا الإجراءات اللازمة لتدارك التدهور.
حالياً، ووفق إجماع لجنة الصحة النيابية والمعنيين في وزارة الصحة، لا توجد أسرّة عناية فائقة شاغرة لمصابي «كورونا»، وبدأت سياسة «غربلة» المرضى الذين تستوجب حالتهم الإقامة في المُستشفى والمفاضلة بينهم بسبب محدودية الأسرّة العادية المُتبقية، مع استمرار تسجيل آلاف الإصابات يومياً من دون إجراءات لفرملة الانتشار بشكل فاعل. فقد أعلنت وزارة الصحة مساء أمس، تسجيل 1389 إصابة (1384 مُقيماً وخمسة وافدين) ووفاة ستة أشخاص، ما رفع عدد المُقيمين في المُستشفيات إلى 790 بينهم 270 حالتهم حرجة.
أمس، و«كعادة أسبوعية»، أصدر وزير الداخلية محمد فهمي قراراً بمنع التجول على كلّ الأراضي اللبنانية من التاسعة مساءً حتى الخامسة صباحاً وإغلاق 115 بلدة وقرية سُجلت فيها نسب إصابات مرتفعة مع الإبقاء على إغلاق النوادي الليلية والملاهي على أن تكون نسبة الإشغال 50% بالنسبة إلى المطاعم. فهل تكفي هذه الإجراءات لمجابهة الأزمة الآخذة بالتفاقم، خصوصاً مع إعلان وزير الصحة حمد حسن إمكانية ضرب أعداد الإصابات بخمسة لأن «80% لا تظهر عليهم عوارض ويتحركون بيننا». من جهته نبّه رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، إلى أن القطاع الطبي يعاني «مُشكلة كبيرة»، و«قريباً سنشهد الكثير من المشاكل في أقسام الطوارئ وستعلو الصرخات في المُستشفيات». وشدّد على أن «لا حلّ إلّا بالإقفال التام لمدة أسبوعين كي يرتاح القطاع». وهو ما أكده مُستشار وزير الصحة الدكتور إدمون وهبة، مشيراً إلى وجود حلّ من اثنين: إمّا الإقفال التام والشامل لمدة أسبوعين مع الالتزام لتخفيف نسبة العدوى والتفرغ لمعالجة المرضى الحاليين وإمّا التشدّد في ارتداء الكمامات وفرض إجراءات التباعد الاجتماعي.
وفق معلومات «الأخبار»، فقد أقرّ فهمي في اجتماع جلسة لجنة الصحة النيابية بعجزه عن فرض السيطرة بسبب نقص العديد والتجهيزات اللازمة لضبط إجراءات الالتزام، فيما يبدو خيار الإقفال التام مُستبعداً حتى الآن بسبب الوضع الاقتصادي، ما يطرح تساؤلات بشأن البدائل التي يمكن اعتمادها وتبدأ بزيادة عدد الأسرّة في المُستشفيات.
أعداد الإصابات «مضروبة بخمسة» و25 مستشفى خاصاً فقط من 130 تستقبل مصابين
وفق أرقام لجنة الصحة النيابية، ومن أصل 130 مُستشفى خاصاً، هناك 25 فقط تستقبل مرضى كورونا، فيما تمتنع البقية عن ذلك بحجة «عدم جهوزيتها»، علماً أن «أكثر من تسعة أشهر مضت على دخول الفيروس إلى البلاد. ولدينا قطاع استشفائي خاص ضخم وعليه التعاون أكثر».
وكانت لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا أوصت، قبل يومين، بدفع أصحاب المُستشفيات الخاصة إلى تخصيص 10% من الأسرّة العادية و20% من أسرّة العناية الفائقة للمصابين، وذلك خلال مدة لا تتخطى أسبوعاً على أن يُصار إلى اتخاذ تدابير في حال المخالفة كالطلب من وزارة العدل إعطاء إشارات قانونية بشأن إمكانية وضع اليد على المُستشفيات وخفض تصنيف المُستشفيات الممتنعة وغيرها.
رئيس نقابة أصحاب المُستشفيات الخاصة سليمان هارون، من جهته، اعتبر أنه لا تكفي مطالبة المُستشفيات الخاصة باستقبال المصابين من دون تقديم الدعم، لافتاً إلى أن «كلفة مريض كورونا توازي أضعاف كلفة المريض العادي»، ومُطالباً بتأمين الدعم المالي للمُستشفيات لتخصيص أجنحة لمرضى كورونا وتشغيلها. كما أشار إلى أن بعض المستشفيات غير قادرة على ذلك «بسبب طبيعتها الهندسية».
ولكن، إذا كان تخلّف المُستشفيات الخاصة عن تلبية النداء الصحي مرتبطاً بجشعها أو بالضائقة المادية أو الطبيعة الهندسية، فما الذي حال دون رفع جهوزية المُستشفيات الحكومية، إذ أن من أصل 29 مُستشفى حكومياً، هناك 12 فقط تستقبل المصابين بالفيروس؟
وهبة أكد أن وزارة الصحة تقوم بتجهيز المُستشفيات الحكومية «وتم تجهيز 100 سرير عناية فائقة خلال الشهرين الماضيين». و«لكن مهما رفعنا تجهيزات الأسرّة فهي قد تمتلئ خلال 24 ساعة بسبب سرعة انتشار العدوى ولأن هذا السباق لا يمكن أن نربحه من دون تخفيض عدد المُصابين ومن دون جهود القطاع الخاص».
"البناء": تراجع التفاؤل بولادة قريبة للحكومة
وعلى الشاشة السياسية الداخلية لم تظهر صلة للتعقيدات التي واجهت الصيغة الحكومية بمتغيرات خارجية، بقدر ما ظهر دخول مساعي الجمع بين حكومة مصغّرة ومشروع المداورة في طريق مسدود ودوران محاولات تدوير الزوايا في حلقة مفرغة، فكلما جرت السيطرة على مشكلة تثيرها المداورة ظهرت بنتيجتها مشكلة ناتجة عن تصغير العدد، وكلما تم التعامل مع مشكلات العدد ظهرت مشاكل جديدة في الحقائب في ظل المداورة.
مصادر على صلة بملف المفاوضات لتشكيل الحكومة قالت إن الحلقة المفرغة التي تواجه الحكومة الجديدة موضوعية ناجمة عن مجافاة صيغة الحكومة المصغّرة والبعيدة عن السياسة، وفي الشكل، لجوهر اتفاق الطائف الذي صار دستور البلاد، حيث الحكومة هي رأس السلطة الإجرائية، في توقيت يشهد مفاوضات ترسيم الحدود بما لها من تأثير على الملفات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، وتوقيت سيشهد مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومفاوضات تتصل بالخصخصة، ما يجعل الحكومة سياسية بامتياز تحرص كل القوى على فحص توازناتها المختبئة بين تفاصيل أسماء «الاختصاصيين». وبالتوازي فإن هذه الحكومة التي قيل عنها إنها حكومة مهمة إصلاحية حصرية لا يمكن حصرها بها، بسبب المسؤولية الدستورية المفتوحة للحكومة، قيل عنها إنها حكومة مهلة معينة تمتدّ بين ستة وثمانية شهور، لا يمكن حصر عمرها بمهلة وفقاً للدستور من جهة، وللمعطيات السياسية التي تقول بصعوبة البحث بحكومة غيرها بعد شهور، ما يعني بقاء هذه الحكومة لموعد الانتخابات النيابية، وربما نهاية العهد الذي أنهى أربع سنوات وينتظر سنتين يسعى أن تكون الحكومة خلالهما تشبه ما يرغب بتحقيقه.
العودة لحكومة من 20-24 وزيراً باتت شبه مؤكدة، وفقاً للمصادر، وإعادة النظر بالمداورة كصيغة لتوزيع الحقائب إذا بقيت التعقيدات قائمة في فشل تحقيق البدائل المعروضة على الكتل النيابية للحقائب التي تولتها تقليدياً بنيل رضاها كحال عرض وزارة التربية على المردة.
في حكومة الـ 24 وزيراً يكون التمثيل الأفضل قياساً بما رسمه اتفاق الطائف من توازنات، حيث يتمثل الدروز بوزيرين مقابل خمسة وزراء لكل من السنة والشيعة، وهو التوازن الأقرب للتمثيل بين المسلمين، بينما يتمثل كل من الكاثوليك والأرمن بوزيرين مقابل خمسة موارنة وثلاثة أرثوذكس وهو التوازن الأكثر نيلاً للرضى بين الطوائف المسيحية، هذا إضافة إلى أن حكومة الـ 24 وزيراً تضمن إسناد حقيبة لكل وزير بـ 22 حقيبة لـ 22 وزيراً، ونائب رئيس حكومة ورئيس حكومة من دون حقائب.
المصادر قالت إنه ما لم يشهد اليوم تقدماً يكسر الجمود على المسار الحكومي فسيكون الوقت المطلوب لولادة الحكومة طويلاً خلافاً لما كان متوقعاً مع الاندفاعات الأولى ما بعد التكليف، والتوقعات المتفائلة بولادة تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وبينما كان يفترض أن يزور الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري قصر بعبدا يوم غد ليسلّم رئيس الجمهورية تشكيلته الحكومية، بيد أن ترجيحات وتوقعات الحريري لم تُصِب، ومرد ذلك بحسب مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» ان التيار الوطني سارع الى وضع العصي في دواليب التأليف من خلال رفضه استثناء وزارة المال من المداورة التي قد تطال وزارة الطاقة والمياه التي يرفض باسيل التنازل عنها، ورأت المصادر ان باسيل بدأ يعمل في الكواليس لعرقلة تأليف حكومة لا يحظى خلالها بالثلث بالمعطل في إشارة الى 7 وزراء في حكومة من 20 وزيراً. ومع ذلك شددت مصادر المستقبل على ان الحريري يفضل حكومة من 18 وزيراً وهو لن يتراجع عن التأليف رغم كل العقبات التي يضعها النائب باسيل، فرهانات الأخير لن تصل الى ما يرجوه، وتعمده إبعاد التأليف الى ما بعد 3 تشرين الثاني لن يكون في مصلحته، مشددة على ان ما يقوم به باسيل يضرب العهد قبل أي أحد آخر، مع تلميح مصادر المستقبل الى ان رئيس الجمهورية يريد وزارات العدل والداخلية والدفاع وابلغ الرئيس الحريري بذلك.
وليس بعيداً أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» ان الحقائب الأخرى فمشاكلها قابلة للحل، في اشارة الى الصحة التي يطالب بها الحزب التقدمي الاشتراكي، والاتصالات التي يرغب تيار المردة ان تؤول اليه، والاشغال التي يريدها حزب الله بدلاً من الصحة، بيد ان الحريري يخشى من التشدّد الاميركي في التعاطي مع الحكومة في حال ذهبت الاشغال الى وزير يسمّيه حزب الله، وبالتالي فان المشاورات مستمرة لإيجاد تفاهم ما لا يعطل التأليف السريع لا سيما ان حزب الله ابلغ الحريري انه سيكون مساهماً في الحل ومنفتحاً على الاقتراحات، علماً ان وزارة التربية فإنها ستكون من حصة المستقبل.
واعتبرت المصادر أن الأزمات التي يمر بها لبنان تفرض الاستعجال في تأليف حكومة مهمة إنقاذية وعلى بعض المكونات السياسية ان تتّعض من تجارب الماضي وفرضها الشروط لا سيما أن ما كانت تقوم به أوصل البلد الى ما وصل اليه من مناكفات ومحاصصات أفضت الى استقالة أكثر من رئيس حكومة.
في المقابل، شددت مصادر تكتل لبنان القوي لـ«البناء» على ضرورة ان يعتمد الرئيس المكلف منهجية جديدة بعيدة عن الكيدية في التعاطي مع تسمية الوزراء المسيحيين الذين يجب ان يختارهم التكتل بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، وهما سوف يختاران أشخاصاً من اصحاب الاختصاص والكفاءة والنزاهة، مشيرة الى ان النائب جبران باسيل اسوة بالرئيس عون يدعوان إلى تأليف حكومة فاعلة ومنتجة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وعلى رأسها التدقيق الجنائي المالي من أجل الحصول على ثقة المجتمع الدولي، وأن يكون لكل حقيبة وزير مع تمسكنا بالمداورة الشاملة الكاملة، لافتة إلى ان أي تواصل لم يحصل بيننا وبين الرئيس المكلف منذ الاستشارات النيابية الملزمة، املة ان تنجح المفاوضات الجارية على خط بعبدا – بيت الوسط والمعنيين الاخرين للإسراع في تشكيل الحكومة، لكن لم يرشح أي شيء بعد حيال المفاوضات الجارية. ورفضت المصادر ما يشاع إن اللقاء الأخير بين الرئيس عون والرئيس المكلف كان سلبياً من جراء تدخل باسيل واعاد الأمور إلى نقطة الصفر، جازمة أن على الرئيس المكلف أن يأخذ بعين الاعتبار الميثاقية وحقوق الطوائف.
"اللواء": الحريري يواجه الخيار الصعب
وكانت عجلة الاتصالات لتشكيل الحكومة تجمدت بعد الزخم الذي شهدته الاسبوع قبل الماضي، وساق كل طرف اسبابه وتعليلاته للتمسك بمواقفه وتحت عناوين كبيرة، مثل المداورة في الحقائب ورفض إعطاء الثلث الضامن لأي طرف، وميثاقية التمثيل، وبرنامج الحكومة الاصلاحي الاقتصادي والمالي والمعيشي، بينما الحقيقة كامنة في نقطة واحدة هي توزيع الحصص، ولو على حساب تسريع الحلول للأزمات التي يعيشها المواطن، وتراكمت وتضاعفت مع الوقت إنعكاساتها السلبية عليه.
لكن الجهات المعنية بالتأليف ترفض التسليم بما يمكن وصفه بدخول الاتصالات بالمأزق.
وتعزو هذه الجهات تقييمها هذا الى ان الوقت لم يفت بعد، وان تاريخ تشكيل الحكومات لا يشي بأن المساعي وصلت الى أزمة.
انتكاسة أو...؟
والسؤال الخطير: هل تعرضت الآلية التي اعتمدها الرئيس الحريري مع رئيس الجمهورية لانتكاسة؟ الثابت ان الاجتماعات الخمسة التي عقدت في بعبدا،كانت تحت عنوان «الشراكة في التأليف» وجهاً لوجه بين الرئيسين انفاذاً للنص الدستوري.
المعلومات تتحدث عن حرص بعبدا على اعادة وصل ما انقطع بين الحريري وباسيل، ولكن على صعيد التأليف، وقبل الحكومة وليس بعدها.. وربما هذا الامر، اثر سلباً على الاندفاعة باتجاه التأليف.
وحسب المعلومات فإن النقاش تدرج بين الرئيسين عون والحريري لجهة العدد من 14 وزيراً كما كانت الحال مع السفير مصطفى اديب الى 18، وليس الى 24 و20 وزيرا على ان يجري التوزيع على هذا النحو:
- تسعة وزراء مسلمين:
1 - 4 وزراء سنّة (ثلاثة للحريري وواحد للرئيس ميقاتي).
2 - 4 وزراء شيعة (مناصفة بين امل وحزب الله).
3 - وزير درزي واحد يسميه النائب السابق وليد جنبلاط.
- تسعة وزراء مسيحيين:
1 - 4 وزراء موارنة(لكل من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والنائب سليمان فرنجية، واذا حصل تبادل فوزير للرئيس الحريري).
2 - 3 وزراء ارثوذكس (مثالثة بين بعبدا وباسيل وفرنجية).
3 - كاثوليكي واحد (من حصة بعبدا).
4 - وزير ارمني واحد (يسميه حزب الطاشناق).
وتتحدث مصادر مطلعة ان زيارة النائب باسيل الى بعبدا غيرت مجرى التفاهمات، لجهة:
1 -التمسك بوزير لكل حقيبة مما يعني رفع، العدد الى 20 وزيراً.
2 - التمسك بحقيبة الطاقة، ورفض المرشحة لتوليها كارول عياط، وهي موظفة رفيعة في ادارة بنك عودة، كذلك يطالب النائب باسيل ببيتر خوري، المستشار الحالي في الوزارة للحلول مكان الوزير الحال ريمون غجر.
ويبرز فريق بعبدا تمسكه بالطاقة، بأن تمسك الشيعة بالمالية يعني بقاء الطاقة مع هذا الفريق.
3 - بالنسبة للوزارات السيادية، يتمسك باسيل بالداخلية للارثوذكسي نقولا الهبر، وهو مدير عام سابق في الوزارة، والتي يطالب بها النائب فرنجية.. مع العلم أن الدفاع حسمت لصالح الرئيس عون، وطرح اسم العميد المتقاعد فادي داود لتوليها، على ان يتولى الخارجية السفير مصطفى اديب، والا فالوزارة تُسند الى مدير عام الخارجية الحالي هاني شميطلي.
وبالنسبة للتمثيل الدرزي الثاني، فباسيل لا يرغب بأن ينحصر التمثيل الدرزي بالفريق الجنبلاطي، وسط مخاوف اكيدة لدى التيار الوطني الحر من العودة الى حلف رباعي، يضم الثنائي الشيعي، وجنبلاط وفرنجية، لمحاصرة باسيل وتياره، كما تردد مصادر قريبة من هذا الفريق.
واعتبرت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة أن تباطؤ الاتصالات بين المعنيين بعملية التشكيل، اي رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف بعد الاندفاعة التي حصلت في الايام الماضية والأجواءالإيجابية التي رافقتها، يؤشر إلى صعوبات او شروط ومطالب للاطراف السياسيين ،اما يصعب تحقيقها، او تتجاوز العناوين الاساسية لمضمون المبادرة الفرنسية التي قبل الرئيس الحريري تشكيل الحكومة العتيدة على اساسها،تعرقل انجاز التشكيلة وبالتالي بات الأمر يتطلب توسيع التشاور مع المعنيين لتخفيض سقف هذه المطالب،أو تبديد التباينات وصولا الى إعادة تسريع عملية تشكيل الحكومة،لان البلد بحاجة سريعة لحكومة جديدة تتولى مهمة ادارة السلطة بلبنان والاهتمام السريع بمطالب وحاجات المواطنين المعيشية.
واشارت المصادر المذكورة الى انه وبالرغم من التكتم الشديد وعدم صدور اي مواقف علنية بخصوص مايجري، فإن مايسرب بشكل غير مباشر عن مطالب لهذا الطرف أو ذاك، يدل بوضوح على ان هنآك من يرفع سقف مطالبه في هذا الظرف بالذات، اما لتحسين شروطه، أو لوضع العصي بدواليب التاليف من خلالها لأسباب مرتبطة بمصالح اقليمية محضة لها علاقة بنتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة. وقالت المصادر إلى ان ماتردد عن شروط او مطالب طرحها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على الرئيس المكلف، من بينها الحصول على الثلث المعطل او وزارات سيادية وخدماتية وازنة ،قد يكون أحد الاسباب التي فرملت عملية التشكيل اذا صحت هذه المعلومات، في حين ان مطالبة اطراف اخرين بوزارات خدماتية أخرى تزيد من الصعوبات الموضوعة امام عربة تشكيل الحكومة. ويبقى الاهم كما تشير هذه المصادر هو مايروج سرا وعلنا بان عملية التشكيل قد رحلت الى بعد موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية وليس قبلها، وكل مايطرح ويروج من اسباب أخرى ومطالب وشروط لهذا الطرف أو ذاك هو للتغطية على السبب الاساس.
لكن مصادر اخرى استدركت ان هذه المعطيات لا تعني ان التأليف اصبح في خبر كان لا سيما إذا بذلت مساع من أكثر من طرف ومن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان قد أعلن أن ولادة الحكومة وشيكة ومسألة ايام. ولم يسجل في الساعات الماضية أي تواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
وعلمت «اللواء» ان زيارة مرتقبة للرئيس المكلف الاربعاء الى بعبدا، وان التواصل لم ينقطع بين الرئيسين، ضمن اطار اكيد على انجاز تأليف الحكومة.
سياسياً، شنَّ البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي هجوما على النافذين السياسيين واحزابهم، متسائلا عن الاعتبارات التي تجعلهم يعرقلون تأليف الحكومة، وبأي حق، واصفا العرقلة بالجريمة بحق الوطن والمواطن.
وخرجت مطالبة الروم الكاثوليك هذه المرة، صراحة على لسان البطريرك يوسف العبسي، بوزيرين كاثوليكيين، مما يعني ضرورة ان يكون عدد وزراء الحكومة 20 وزيراً بدلا من 18، وهذا ما يتفق مع رغبة رئيس التيار الوطني الحر.
"الجمهورية": الحكومة الى ما بعد الثلثاء الأميركي الكبير
وإصطدمت دينامية التأليف، التي انطلقت بنحو مُتسارع وغير مسبوق، بالتعقيدات التي واجهت كل الحكومات المتعاقبة، بدءاً من حجم الحكومة، مروراً بحجم القوى المشاركة، وصولاً إلى الحقائب السيادية والخدماتية والثلث المعطّل. ولا يبدو حتى اللحظة انّ إمكانية حلحلة هذه العقد قبل موعد الانتخابات الأميركية غداً متوافرة. وبالتالي، إنّ السرعة، التي كان الهدف منها الخروج بحكومة قبل الانتخابات، أصبحت متعذرة مبدئياً، فيما وقت التأليف ما بعد هذه الانتخابات يصبح مفتوحاً. وهذا لا يعني العودة إلى النقطة الصفر في التأليف، لأنه في اللحظة التي يَنوجِد فيها قرار التأليف تُذَلّل كل التعقيدات كما يحصل دائماً حيث تولد الحكومات بين ليلة وضحاها، خصوصاً انّ القوى المتشاركة في التأليف لها مصلحة بولادة هذه الحكومة، ولكن لم يعرف بعد ما إذا كانت أسباب التأخير تتعلق برغبة البعض في انتظار نتيجة الانتخابات الأميركية، أم انها تتصل بنزاع الحصص والنفوذ المعهودين. ولكن في مطلق الحالات ستتألف الحكومة عاجلاً أم آجلاً، ولا يبدو انها ستكون مختلفة عن الحكومة المستقيلة.
وقالت مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ»الجمهورية « انّ زخم التفاؤل بإمكان تشكيل الحكومة مطلع الاسبوع تراجَع بفِعل التعثّر حتى الآن في معالجة عدد من العقد التي كان يُفترض انه تم تجاوزها. وقد تبيّن انّ توزيع الحقائب على الطوائف لم يحسم بعد، وكذلك الأمر بالنسبة الى عدد الوزراء الذي لا يزال موضع أخذ ورد وَسطَ إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبعض القوى السياسية على أن تضم الحكومة 20 وزيراً بحيث تتّسِع لتمثيل رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، وحماسة الرئيس المكلف سعد الحريري في المقابل لاقتصارها على 18، ما يعني حصر التمثيل الدرزي بوزير واحد يسمّيه «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وهو الأمر الذي يعارضه رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل «لكي لا تصبح الميثاقية الدرزية رهينة طرف واحد».
وأبلغت المصادر نفسها الى «الجمهورية» انه اذا كان الحريري يعارض توسيع الحكومة الى 20 وزيراً خشيةً من أن يمتلك عون وحلفاؤه الثلث المعطّل، فإنّ هذا التخوّف ليس في محله، لأنّ الوزراء المسيحيين لن يكونوا جميعهم محسوبين على عون و»التيار الوطني الحر»، بينما لدى الحريري القدرة على إسقاط الحكومة لوحده بمجرد ان يستقيل.
وعلمت «الجمهورية» انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يتدخل مباشرة في تفاصيل مفاوضات التأليف، وهو ينتظر ما سيعرضه الحريري على «الثنائي الشيعي» حتى يُبنى على الشيء مقتضاه.
توقّف الحركة المكوكية
وفي رواية أخرى، قالت مصادر مواكبة للاتصالات انه في الوقت الذي أوحَت حركة الحريري المكوكية بين «بيت الوسط» وقصر بعبدا، في الأيام الخمسة الأولى التي أعقبت التكليف، أنها قرّبت موعد الولادة الحكومية قبل حلول اسبوع على الاستشارات النيابية بشِقّيها المُلزمة وغير الملزمة، كانت المفاجأة انها توقفت بنحو غير معلن ومستغرب في آن.
وعندما تجمّدت وتفرملت اللقاءات والزيارات قبل يومين من عطلة نهاية الأسبوع، وانسحب الجمود على يومي العطلة، غابت المشاورات الخاصة بالتشكيلة الحكومية، وتراجعت السيناريوهات التي وزّعت الحقائب بداية على الطوائف والاحزاب السياسية في ظل حديث خجول عن بعض الأسماء التي تنتظر دخول «الجنة الحكومية»، منذ النهاية المأسوية لتجربة تكليف السفير مصطفى أديب قبل اعتذاره في نهاية أيلول الماضي.
الصمت المشترك
وتزامناً مع غياب اي حديث عن مصير التشكيلة الحكومية في بعبدا، فقد تقاسمت مصادرها الحديث عن الصمت مع «بيت الوسط» الذي قالت اوساطه لـ»الجمهورية» انّ الحريري لم يتوقف عن القيام بما هو مقرر من اتصالات ولقاءات من دون الاعلان عنها نهائياً ولا عن هوية أطرافها.
أسباب متشابكة ومتعددة
وقالت اوساط عليمة على صِلة بحركة التشكيل الحكومي لـ«الجمهورية» انّ العوائق التي برزت امام ولادة الحكومة متعددة الوجوه، بما يوحي أنّ الخلافات التي أخفاها الصمت لم تعد سراً في جوانب محدودة منها. وانّ الخلاف الذي نشأ عند تنفيذ مبدأ المداورة ما بين الحقائب التي استثنت وزارة المال وشملت كل من وزارات الخارجية والداخلية والأشغال والطاقة والعدل والصحة قد بلغ الذروة، ما أعادَ كرة التأليف الى المربّع الأول، ذلك انّ رئيس «التيار الوطني الحر» أحيا نظرية انّ استثناء وزارة المال يُحفّز على استثناء وزارة الطاقة، خصوصاً بعدما طالبَ بها تيار «المردة»، ولا يُخفى على أحد الرفض او التحذير الدولي الذي نَمَا الى المسؤولين الكبار من انّ إبقاء وزارة المال لدى حركة «أمل» ووضع وزارة الأشغال في عهدة «حزب الله» قد أحيا نظرية تناقض مضمون العقوبات الأميركية التي طاوَلت وزيري الحقيبتين السابقين، هذا عدا عن التوغّل السياسي في تشكيل حكومة قيل إنها ستأتي بوزراء حياديين من خارج الوسط الحزبي، وهو ما لن يشجّع على استعادة ما وعد به لبنان من مساعدات.