لبنان
إستعداد للاقفال العام لاحتواء انتشار الوباء..ملف تشكيل الحكومة بلا أفق حتى الان..ومبعوث ماكرون يبحثه مع الكتل
يستعد لبنان للاقفال العام لأسبوعين في محاولة لاحتواء الانتشار الوبائي المتسع لفيروس كورونا بدءا من غد السبت ولغاية الاثنين 30 تشرين الثاني الحالي، في حين لا تزال الأجواء السياسية والاقتصادية في البلد ملبدة ومنذرة بتوسع الأزمة، خاصةً في ظل عدم تمكن الرئيس المكلف سعد الحريري من تشكيل حكومته لإنقاذ البلد، والتي كانت مسار بحث مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل مع الكتل النيابية.
"الأخبار": فشل فرنسي وحريري في استغلال العقوبات الأميركية: لا أفق لتأليف الحكومة
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إنه بدلاً من أن يحمل الموفد الفرنسي جديداً في جولته اللبنانية أمس، يفعّل عبره المبادرة الفرنسية، تبيّن أنه أراد أن يستطلع إمكانية مساهمة العقوبات الأميركية في تذليل عقبات التأليف. وهو خرج بخلاصة تؤكد أن الرهان على العقوبات لتلبية مطالب الحريري رهان في غير موضعه".
واضافت الصحيفة "سريعاً، تبخّر التفاؤل بزيارة مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل إلى لبنان. دوريل الذي يعود ساعياً إلى تفعيل المبادرة الفرنسية اصطدم بواقع سياسي شديد التعقيد، قادر على الإطاحة بأي مبادرة. لكن مع ذلك، لمس حرص كل من التقاهم على المبادرة، من دون أن يُترجم هذا الحرص بأي تقدم في الملف الحكومي".
ولفتت إلى أنه في المقابل، لم يكن دوريل يحمل أي أفكار أو اقتراحات أو «تعليمات للدفع باتجاه تشكيل الحكومة، بقدر ما جاء ليستطلع إمكانية الاستفادة من العقوبات الأميركية لحلحلة عقد التأليف، أو بشكل أدق لاستطلاع إذا ما كانت العقوبات ستساهم في تراجع الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل وحزب الله عن موقفهم، وبالتالي تلبيتهم لمطالب الرئيس سعد الحريري. بهذا المعنى، فإن الزيارة لم تكن خارج سياق العقوبات الأميركية بل أتت مكمّلة لها. ذلك، دفع مصادر مطلعة إلى القول إن الضيف كان أقرب إلى المستمع، تمهيداً لنقل خلاصة جولته اللبنانية إلى الإليزيه الذي يتضح يوماً بعد يوم أن قدرته على التأثير محدودة. ولذلك، فقد كرّر الموقف الفرنسي المعروف، داعياً إلى تشكيل حكومة من اختصاصيين أكفاء، غير حزبيين، لكن متوافق عليهم من قبل كل الأفرقاء.
وقالت "الاخبار" إنه "إذا كان الحريري قد أمل أيضاً بأن تؤدي العقوبات إلى تليين موقف رئيس الجمهورية، فإنه تأكّد أمس أن عون صار أكثر تشدداً بعدها، وقد دعا ضيفه إلى التفاهم مع الجميع قبل العودة إليه. أما حزب الله، فصار واضحاً أن «الحياد الإيجابي» الذي كان اتبعه مع حليفه، على قاعدة كل فريق يسعى إلى تحصيل مطالبه، انتقل بعد العقوبات إلى ضفة «مطالب التيار الوطني الحر هي مطالبنا»، ما يقطع على الحريري فرصة الرهان على عزل «التيار. علماً أن الرئيس المكلف صار بدوره أكثر ارتباكاً بعد العقوبات. يخشى التقدم خطوة باتجاه تقريب وجهات النظر مع الخصوم، كي لا يكون مصيره مشابهاً لهم، خاصة وسط تردد معلومات عن إبلاغه تراجع الأميركيين عن غضّ النظر عن حكومة يتمثل فيها حزب الله، حتى لو باختصاصي. ومن جهة أخرى، يخشى الابتعاد عن عملية التأليف والاعتذار أو استعمال ورقة خاسرة تتمثل بتقديمه تشكيلة حكومية من ١٨ وزيراً لا يُوقّعها رئيس الجمهورية. كل ذلك يقود إلى خلاصة واحدة: الوضع الراهن مستمر، والأزمة الاقتصادية إلى اشتداد في ظل لا مبالاة كاملة من كل الكتل".
ولفتت الصحيفة إلى أنه في جولته أمس، التقى الموفد الفرنسي كلاً من عون وبري والحريري والنائب محمد رعد ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فيما يتوقع أن يلتقي باسيل اليوم. وكان عون قد أبلغ دوريل أن «لبنان متمسّك بالمبادرة الفرنسية لما فيه مصلحة لبنان، وهذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال حكومة موثوق بها وقادرة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة والتي وردت في الورقة التي تمّ الاتفاق عليها بين ماكرون والقيادات السياسية اللبنانية، والتنسيق بشكل فاعل مع الشركاء الدوليين الذين تعهدوا بمساعدة لبنان لإخراجه من الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها». وإذ اعتبر أن «العقوبات الأميركية التي استهدفت سياسيين لبنانيين زادت الأمور تعقيداً»، ذكر عون أن «كل هذه الأوضاع تتطلب توافقاً وطنياً واسعاً لتشكيل حكومة تتمكن من تحقيق المهامّ المطلوبة منها بالتعاون مع مجلس النواب لإقرار قوانين إصلاحية ضرورية»، مشيراً إلى «أهمية التشاور الوطني العريض في هذه المرحلة الدقيقة».
"البناء": دوريل يدعو لحكومة ترضي الجميع لتأمين زيارة ثالثة لماكرون وإطلاق مؤتمر الدعم
من جهتها صحيفة "البناء" قالت إن المشهد الانتخابي الأميركي لا يزال يتصدر الأحداث، مع مناخ عام دولي للتعامل مع المرشح جو بايدن كرئيس أميركي مقبل كان لافتاً كلام الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون عن فرص تعاون واسعة وواعدة معه، وفي الداخل الأميركي معلومات عن تفاوض بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على مخرج مناسب للفريقين من المأزق الرئاسي، وبالتوازي تفاوض جمهوري مع الرئيس دونالد ترامب لضمان التزامه بالتفاهم مع الديمقراطيين، الصفقة تقوم على اختزال المسارات القانونية في إعادة الفرز والجمع للأصوات وصولاً للشكاوى والطعون أمام المحكمة الدستورية، باعتراف جمهوري بفوز بايدن مقابل حسم جورجيا لصالح الحزب الجمهوري لضمان الفوز بمقعدي مجلس الشيوخ والاحتفاظ بالغالبية الجمهوريّة في المجلس الذي يشارك الرئيس بعض الصلاحيات السياسية خصوصاً في التعيينات، والقرارات التشريعية الكبرى، وبالمقابل عرض جمهوري لترامب بالقبول بتسليم السلطة مقابل تبني الحزب الجمهوري لترشيح ترامب للرئاسة عام 2024.
واضافت "إقليمياً يتقدم مؤتمر النازحين الذي شهدته دمشق كحدث مفصلي، أبعد من عائداته السياسية والإعلامية. فالمصادر الروسية تتحدث عن اهتمام مباشر يوليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد لمتابعة نتائج أعمال المؤتمر، وتوزّع للمسؤوليات، حيث الدولة السورية ستتخذ جملة من الإجراءات الخاصة بالإعفاءات والضمانات للعائدين، إضافة لتقديمات أعلن نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد عن بعضها بقوله إن الدولة السورية ستضمن للعائدين السكن والمدرسة والطبابة، فيما تهتم موسكو بالدعم الخارجي السياسي والمادي وتعول على المشاركة الأممية وبعض المشاركة العربية المتمثل بدولة الإمارات وسلطنة عمان، لتحريك ملف المساعدات لتمويل عمليات العودة، وتحويل المساهمات الأمميّة للنازحين الى العائدين الذين يختارون العودة، فيما تعتقد المصادر أن لبنان هو النموذج الأكثر قرباً ليكون نموذج اختبار مشاريع العودة".
وتابعت الصحيفة "لبنانياً، بدأت جولة المبعوث الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، ولقاءاته مع المسؤولين الرسميين وقادة الكتل النيابية والأحزاب، وقد نقل دوريل للجميع دعوة الرئيس ماكرون الملحة للإسراع بحكومة يرضى عنها الجميع بعيداً عن التوصيفات والشروط، مجدداً إبداء رغبة ماكرون بزيارة ثالثة لبيروت كما سبق وقال في زيارته الأخيرة، محذراً من خطورة ضياع مؤتمر دعم لبنان المقرّر نهاية الشهر الحالي، اذا لم تولد الحكومة قبل هذا التاريخ"، بينما قالت مصادر متابعة للملف الحكومي إن الجمود القاتل يحكم هذا المسار وإن العقد لا زالت هي نفسها، وإن لدى كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري نظرة مختلفة عن الحكومة بعدد وزرائها وتوزيع حقائبها وطريقة تسمية الوزراء، ويبدو صعباً ردم الفجوة بين النظرتين قريباً، رغم ما يبديه الرئيسان من إيجابية ومن رغبة بتشكيل الحكومة سريعاً، فيما يلقي كل منهما على الآخر مسؤولية التعثر.
جولة دوريل
ولفتت الصحيفة إلى أن الأوساط السياسية الرسمية الداخلية انشغلت بزيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية الى لبنان باتريك دوريل وسط ترقب لنتائجها في دفع تأليف الحكومة الى الأمام والسيناريو المتوقع إذا فشلت مهمة دوريل قبيل المؤتمر التي تعقده فرنسا لدعم لبنان والزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت مطلع الشهر المقبل.
واشارت الصحيفة إلى أن الدبلوماسي الفرنسي بدأ جولته على الرؤساء والقيادات السياسية بزيارة بعبدا، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أبلغ ضيفه بأن «لبنان متمسك بالمبادرة الفرنسية لما فيه مصلحة لبنان، وهذا الأمر لن يتحقق الا من خلال حكومة موثوق بها وقادرة على انجاز الإصلاحات المطلوبة والتي وردت في الورقة التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس ماكرون والقيادات السياسية اللبنانية، والتنسيق بشكل فاعل مع الشركاء الدوليين الذين تعهدوا بمساعدة لبنان لإخراجه من الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها».
ولفت عون الى ان «الهم الأساسي حالياً هو استمرار الاستقرار في البلاد وسط العواصف الإقليمية والأزمات غير المسبوقة التي يواجهها لبنان، فضلاً عن تداعيات وجود النازحين السوريين والضائقة الاقتصادية وانتشار وباء «كورونا»، إضافة الى الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت»، لافتاً الى ان «العقوبات الأميركية التي استهدفت سياسيين لبنانيين زادت الأمور تعقيداً». وذكر رئيس الجمهورية ان «كل هذه الأوضاع تتطلب توافقاً وطنياً واسعاً لتشكيل حكومة تتمكن من تحقيق المهام المطلوبة منها بالتعاون مع مجلس النواب لإقرار قوانين إصلاحية ضرورية»، مشيراً الى «أهمية التشاور الوطني العريض في هذه المرحلة الدقيقة».
من جانبه، نقل دوريل الى عون تحيات الرئيس ماكرون واهتمامه بالأوضاع في لبنان، مؤكداً «متانة العلاقات بين البلدين»، لافتاً الى «دقة الأزمة الاقتصادية وخطورتها وضرورة الإسراع في تشكيل حكومة كفوءة ومقبولة من جميع الأطراف كي تباشر بالإصلاحات المطلوبة واستعادة ثقة المجتمع الدولي». وأشار دوريل الى ان «فرنسا ستواصل تقديم مساعدات عاجلة في مجالات عدة، لا سيما منها المجال التربوي»، مذكراً بأن «وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه لبنان مرتبط بتحقيق الإصلاحات».
ولفتت مصادر مطلعة على لقاءات الموفد الفرنسي لـ"البناء" إلى أن دوريل نقل للمسؤولين الذين التقاهم اهتمام الرئيس ماكرون بتشكيل حكومة في أسرع وقت، لأن الأولوية للحكومة التي يجب أن تكون مقبولة من جميع الأطراف وتباشر عملها في إنجاز الإصلاحات المطلوبة»، كما شدد الموفد الفرنسي على اهتمام فرنسا الجدي بالملف اللبناني على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها فرنسا، كما أن الرئيس الفرنسي يعتبر أن مبادرته هي الأساس وأن المجتمع الدولي ينتظر الإصلاحات ليبادر الى المساعدة».
وشدّد دوريل على دور عون في تأليف الحكومة، وقال إن «المساعدات الفرنسيّة على الصعيد الإنسانيّ ستستمر وإن المساعدات الأخرى مرتبطة بالإصلاحات التي ستحصل»، وأكد أن «مؤتمر دعم لبنان لا يزال قائماً في موعده ومطلوب تحضير الأجواء المؤاتية له وأولًا تشكيل الحكومة»، كما أكد بأن «زيارة الرئيس ماكرون قائمة بموعدها».
عين التينة
وبعدها انتقل دوريل الى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وصف اللقاء بـ"الجيد". وشكر بري ماكرون الذي يحمل همّ لبنان، مؤكدًا على «الموقف لجهة المبادرة الفرنسية وضرورة تطبيق الاصلاحات لا سيما في مجال الكهرباء ومحاربة الفساد»، معتبرًا أن «المدخل والمخرج الوحيد لخلاص لبنان هو إنجاز حكومة اليوم قبل الغد، يكون وزراؤها اختصاصيون يحظون بالثقة التي ينتظرها المجلس النيابي بفارغ الصبر من أجل العبور بلبنان الى بر الأمان امام الموجات العاتية داخلياً وخارجياً».
بيت الوسط
كما زار الموفد الفرنسي بيت الوسط وعقد لقاء مطولاً مع الرئيس المكلف سعد الحريري. وأكد الموفد الفرنسي على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة اختصاصيين من غير المنتمين حزبيا لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت. وأشار دوريل إلى أن المؤتمر الدولي لدعم لبنان المنوي عقده في باريس مرتبط بتشكيل حكومة جديدة.
كما التقى دوريل رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والنائب السابق سامي الجميل ورئيس القوات سمير جعجع.
الفرصة الأخيرة…
وأشارت مصادر "البناء" الى أن "زيارة الموفد الفرنسي هي المحاولة الفرنسية الأخيرة لإنقاذ الحكومة واستكشاف أفق احياء المبادرة الفرنسية لإلقاء الحجة على المسؤولين اللبنانيين قبل أن تسحب فرنسا يدها من مسألة الحكومة وتحصر مهمتها بالدعم الانساني فقط".
حارة حريك
ثم توجه دوريل الى حارة حريك، حيث التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي لفت بعد اللقاء في دردشة مع الصحافيين الى أن «دوريل جاء في مهمة استطلاعية بموضوع تشكيل الحكومة وللتأكيد على المبادرة الفرنسية»، مؤكداً على «ضرورة التزام الحكومة التي يجري تشكيلها بتنفيذ بنود المبادرة والورقة الاصلاحية التي تم الاتفاق عليها في قصر الصنوبر». ولفت رعد إلى أن «دوريل تمنى التعاون مع الرئيس المكلف في تذليل العقبات ولم يأت على ذكر نوعية العقد الحكومية»، وأضاف: «نحن مسؤولون قدر المستطاع عن الإسراع في تشكيل الحكومة لأن البلد لا يحتمل والوضع الاقتصادي سيئ جداً».
ورداً على سؤال عن عقوبات اوروبية على معرقلي تشكيل الحكومة، أجاب: «استغرب مثل هذا الكلام الذي لم يؤتَ على ذكره ولا يمكن تحديد من يعرقل قيام الحكومة».
ولفتت أوساط متابعة للشأن الحكومي لـ"البناء" الى أن «العقد الحكومية متوقفة عند الحريري الذي لم ينجح في التوفيق وتأمين التوازن بين الضغط الأميركي الخليجي عليه لتأليف حكومة مع تقليص نفوذ حزب الله وحلفائه الى الحد الأدنى وبين عدم قدرته على تأليف حكومة بغير موافقة قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر اللذين يمتلكان ورقتي توقيع مرسوم الحكومة والثقة النيابية في المجلس النيابي، لذلك لا مؤشرات على ولادة قريبة للحكومة خلال الأسبوعين المقبلين وربما أكثر بحسب الأوساط»، متوقعة أن «تمتد مرحلة الفراغ في لبنان الى مطلع العام المقبل وربما أكثر اذا استمر الحريري على موقفه وتأثره بالعوامل الخارجية».
"النهار": الموفد الفرنسي: الحكومة سريعاً وإلا… لا دعم
أما صحيفة "النهار" فقالت إنه "بدت مصادفة لافتة ومعبرة ان تتزامن امس ذكرى مرور مئة يوم على الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت مع بدء الموفد الرئاسي الفرنسي مستشار الرئيس ايمانويل ماكرون لشؤون شمال افريقيا والشرق الأوسط باتريك دوريل مهمته في بيروت دافعاً مرة جديدة بزخم مبادرة بلاده نحو انتشال السلطة والقوى السياسية من أسوأ الممارسات السياسية التي تعطل تأليف حكومة انقاذية للبنان من الانهيارات بل الكوارث التي تطبق عليه". واضافت "اذ ان مفارقات هذا التزامن وان كانت غابت على الأرجح عن معظم المسؤولين والسياسيين الذين شملتهم لقاءات الموفد الفرنسي في اليوم الأول من زيارته للبنان، زادت قتامة المشهد المأزوم بين تعثر متزايد في تذليل تعقيدات تشكيل الحكومة الجديدة وتصاعد مخيف في تداعيات المرحلة الانتظارية التي تتطلب حكومة ناشطة وفعالة تعمل على مدار الساعات بلا توقف فكيف بحكومة تصريف اعمال تجرجر ذيول التركة الثقيلة لأسوأ أزمات لبنان؟ ولذا بدا طبيعيا ان يكبر رهان بعض القوى المؤيدة حقيقة وليس لفظيا و"مناوراتياً للمبادرة الفرنسية على مهمة الموفد الفرنسي الرئاسي دوريل في بيروت كفرصة أخيرة جدية لإحداث اختراق سياسي وديبلوماسي للمأزق الحكومي بات لبنان في اقصى الحاجة اليه ليس من منطلق اخطار ازماته المتصاعدة والمتزاحمة فحسب وانما أيضا من منطلق التحديات الغامضة التي تلوح في افق المنطقة خصوصا في الشهرين المقبلين الفاصلين عن نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب".
لا اختراقات
وتابعت "النهار" مع ذلك لم تظهر الحصيلة الفورية للجولة الأولى من اللقاءات التي عقدها الموفد الفرنسي ما يشجع حتى الان على الأقل على توقع اختراقات سريعة تمنع انزلاق البلاد الى مزيد من تداعيات الانسداد اوالتعطيل المفتعل لاسباب مختلفة. ولم يكن تشديد رئيس الجمهورية ميشال عون امام دوريل على ضرورة ما وصفه بالتشاور الوطني العريض لكي يأتي تأليف الحكومة منسجما مع ورقة المبادرة الفرنسية مؤشرا مشجعا على الاستجابة المطلوبة للتحرك الفرنسي الجديد في انتظار ان تتكشف في الساعات المقبلة معطيات تبدد هذه الشكوك او تثبتها.
واشارت إلى أنه فهم من المعطيات التي توافرت عن لقاءات الموفد الفرنسي انه بدا مركزا بصورة أساسية على ابلاغ كل الذين التقاهم وسيلتقيهم من رؤساء ومسؤولين رسميين ورؤساء كتل نيابية شاركوا في اجتماع قصر الصنوبر مع الرئيس ماكرون لدى زيارته لبيروت إصرار الرئيس الفرنسي على اعتبار ان مبادرته لا تزال الورقة الوحيدة الصالحة المطروحة على الطاولة لإنقاذ لبنان، والا فان التداعيات والكلفة ستكون أسوأ بكثير مما هو حاصل مع استهلاك الوقت بلا جدوى من دون التمكن من تجاوز تعقيدات السياسيين لتشكيل حكومة مهمة إصلاحية تستقطب الدعم الدولي للبنان. بدا هذا الموقف بمثابة تحذير واضح من مغبة التمادي في تجاهل عامل مرور الوقت بلا أي تغيير في الممارسات السياسية بما يتلاءم وخطورة الأوضاع الدراماتيكية التي يعاني منها اللبنانيون".
وذكرت ان دوريل عمد في كل اللقاءات الى التنبيه الى محاذير التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة مشددا على ضرورة انطباقها على معايير المبادرة الفرنسية لجهة ان تكون من الاختصاصيين وليس من الحزبيين على ان تحظى بمظلة توافق داخلي واسع. وأفيد أيضا ان دوريل ومن خلال تشديده على التمسك بالمبادرة الفرنسية وعدم وجود أي خطة بديلة منها نقل ضمنا رسالة واضحة من باريس مفادها ان التخلي عن الالتزامات حيال المبادرة او افتعال عراقيل متواصلة في وجه تنفيذها سيفتح الباب امام تداعيات خطيرة في نهاية المطاف. ولذا فان فرنسا تجهد لحض الافرقاء على استعجال الحكومة لانها ستكون مفتاح الدعم الدولي للبنان الذي تسعى باريس الى جمعه من خلال مؤتمر الدعم الدولي في نهاية الشهر الحالي. ولكن بدا واضحا الربط بين عقد هذا المؤتمر وتشكيل الحكومة قبل موعد انعقاده بما يعني ان عدم تشكيل الحكومة قد يدفع فرنسا الى تأجيله. وأفادت مصادر مرجع رئاسي ان دوريل شدد على الإسراع في تشكيل الحكومة للشروع في الإصلاحات التي تمكن لبنان من ولوج أبواب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة الدعم الدولية. وإذ نفى الكلام عن عقوبات فرنسية على لبنان دعا اللبنانيين الى الذهاب الى حلول سريعة لمشكلاتهم الداخلية بتأليف الحكومة التي ان لم تولد قبل نهاية السنة "فانكم تقدمون على أذية لبنان من دون حدود ولن تشهدوا عندها أي مؤتمر يساعدكم".
ولفتت الصحيفة إلى أن جولة الموفد الفرنسي ترافقه السفيرة الفرنسية آن غريو شملت في يومها الأول امس الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" محمد رعد على ان يستكملها اليوم بلقاءات رؤساء الكتل الآخرين الذين شاركوا في اجتماع قصر الصنوبر. وأفادت المعلومات ان دوريل شدد في بعبدا على الإسراع في تشكيل حكومة مهمة وكفوءة ومقبولة من جميع الأطراف كي تباشر الإصلاحات المطلوبة مذكرا بان إيفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه لبنان مرتبط بتحقيق إصلاحات .
وأوضحت أنه وسط هذه الأجواء يستعد لبنان للجولة الثانية من الاقفال العام لأسبوعين في محاولة محفوفة بالكثير من الشوائب والثغرات والشكوك لاحتواء الانتشار الوبائي المتسع لفيروس كورونا في لبنان بدءا من غد السبت ولغاية الاثنين 30 تشرين الثاني الحالي. وعشية بدء تنفيذ قرار الاقفال صدر قرار بإعلان منع التجول يوميا من الساعة الخامسة عصرا حتى الخامسة فجرا خلال فترة الاقفال كما اعتمد نظام المفرد والمزدوج للسيارات. وتجاوز امس عداد الإصابات المتراكم بكورونا المئة الف إصابة اذ بلغ رسميا 100703 إصابات فيما سجلت 12 حالة وفاة في الساعات الأربع والعشرين الاخيرة .