معركة أولي البأس

لبنان

التدقيق الجنائي أمام مجلس النواب اليوم..وملف تشكيل الحكومة غائب
27/11/2020

التدقيق الجنائي أمام مجلس النواب اليوم..وملف تشكيل الحكومة غائب

 ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على عقد المجلس النيابي جلسة له اليوم في قصر الأونيسكو لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في شأن التدقيق الجنائي والإجراءات الممكن اتخاذها بعدما قررت الشركة المكلفة التدقيق فسخ العقد مع الدولة ومغادرة لبنان، في حين لا يزال ملف تشكيل الحكومة الغائب الأبرز .

"الأخبار": التدقيق الجنائي أمام مجلس النواب اليوم: ملهاة ومزايدة

وفي هذا السياق قالت صحيفة "الأخبار"، "لن تكشف الجلسة النيابية التي تناقش رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول التدقيق الجنائي، ما هو مكشوف أصلاً. فالفرز ما بين حزب المصارف وكل من لا ينتمي الى معسكر المجنّدين في خدمة حاكم مصرف لبنان ومصالح الأوليغارشية، حصل منذ عدة أشهر عند مناقشة خطة التعافي المالي الحكومية. ولكن مع تحوّل مسألة التدقيق في حسابات المصرف الى قضية شعبية بسبب تبخّر ودائع الناس، من المرجح أن تتحول الجلسة الى «حفلة» مزايدات في هذا السياق. من جانبه، استبق سلامة مجريات أحداث اليوم عبر ترويج أخبار حول بدء البنك الفرنسي المركزي بتحقيق محاسبي في المصرف، وسط الحديث عن «تسوية دولية» لإقفال هذا الباب".

واضافت الصحيفة "يناقش مجلس النواب بعد ظهر اليوم رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الموجّهة إليه حول التدقيق الجنائي بعد انسحاب شركة «ألفاريز إند مارسال» من مهمة التدقيق بحسابات مصرف لبنان الذي رفض حاكمه تزويدها بالمعلومات المطلوبة بذريعة السرية المصرفية. عملياً، لن تؤتي هذه الجلسة أي جديد بعكس اعتقاد بعض الكتل النيابية، وأبرزها تكتل لبنان القوي بأن ثمة أحزاباً ستوضع تحت مجهر الرأي العام وبالتالي ستكون مجبرة على الاختيار ما بين دعم «تمرّد» رياض سلامة، أو الوقوف في صف المواطنين والكشف عن أموالهم المنهوبة. فمنذ بداية طرح خطة التعافي المالي الحكومية وقوانين الكابيتال كونترول ورفع الحصانات واستعادة الأموال المنهوبة، وصولاً الى تكليف شركة ألفاريز بإجراء التدقيق الجنائي، كان الفرز واقعاً ما بين حزب المصارف الذي لا ينحصر بكتلة نيابية واحدة بل هو عابر للكتل، وبين الحزب المتمسك بالخطة الحكومية وبمحاسبة مصرف لبنان والمصارف". 

وتابعت "الأخبار"، "الواقع أن حزب المصارف لم يستح من تأييده علناً أصحاب رأس المال والمتسببين بتبخر الودائع وانهيار الاقتصاد والليرة والقطاع المالي، بل شكل رأس حربة في الدفاع عن مصالح هؤلاء التي تتقاطع مع مصالحه. في رأس اللائحة، تقف كتلة التنمية والتحرير برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري. من مدة ليست ببعيدة، سئل بري عن سلامة، فأتى جوابه بأن البلد بحاجة إلى كل الناس وليس للاستغناء عن الناس. قبلها انبرى بري لتشكيل لجنة تقصي حقائق ضربت أرقام الخطة الحكومية وأطاحت برنامج صندوق النقد على علّاته. وقبل بري وبعده وإلى جانبه يقف تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، والحزب «التقدمي الاشتراكي» برئاسة وليد جنبلاط. والأخيران لا يجدان أي سبب مقنع للتدقيق في مغارة رجلهما/ حليفهما رياض سلامة".

ولفتت إلى أنه على المقلب الآخر، وقف ثلاثة أطراف:
أولهم، الرئيس عون وجزء من التيار الوطني الحر. الطرفان متمسكان بالتدقيق الجنائي ويعتبرانه معبراً الى الإصلاح الاقتصادي والكشف عن الأموال المحوّلة الى الخارج، وتلك التي نهبت وصرفت على الهندسات المالية ولخدمة النافذين. بعض النواب العونيين غرّدوا خارج هذا السياق وجنّدوا أنفسهم لخدمة سلامة وجمعية المصارف، كإبراهيم كنعان الذي ترأس لجنة تقصي الحقائق التي طيّرت الخطة المالية «الإصلاحية» للحكومة.
وقالت "ثانيهم، حزب الله الذي لم يقدم مواقف جريئة حول هذه المسألة، قبل كلام نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم منذ بضعة أيام، لناحية الإصرار على إجراء التدقيق ورفض المبررات التي سيقت لإفشاله، مشيراً الى أن استمرار التعمية على واقع المصرف سيؤدي الى مزيد من التدهور".
واضافت الصحيفة "ثالثهم، حزب القوات اللبنانية الصامت عن موبقات سلامة منذ وضع سياسته النقدية على المجهر، باستثناء موقفه عام 2017، استعاض عن حياده أخيراً وتفوّق على التيار والحزب، بتقديمه اقتراح قانون عملي لرفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان لمصلحة الشركة المدققة ولمدة عام واحد؛ فيما كان التيار قد أعلن عن إعداده مشروع قانون مماثلاً من دون أن يتقدم به".

ولفتت الصحيفة إلى أن مجلس النواب سيدرس اليوم، ورقة عون وكل التوقعات تقول إن الجلسة ستكون عبارة عن «حفلة» مزايدات حول تمسك الجميع بالتدقيق المالي وذهاب البعض الى مزايدة إضافية عبر المناداة بوجوب انسحاب التدقيق على كل الوزارات والإدارات العامة. هذا الطرح أعدّته كتلة التنمية والتحرير ضمن اقتراح قانون من دون أن يشرح وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أسباب عدم امتثال سلامة لطلب شركة التدقيق ولماذا لم يقم بأي إجراء ليضع سلامة أمام واجباته. وبالتالي من المفترض أن يكون ثمة نقاش بين القوى السياسية حول رسالة رئيس الجمهورية وموضوع التدقيق من جهة، ونقاش آخر حول اقتراح القانون المطروح من القوات واقتراح القانون الثاني المطروح من حركة أمل. اللافت هنا أن هذه الجلسة لن تنقل مباشرة على الهواء، ما يفهم أن ثمة محاولة لتحوير الحقائق والكلمات التي ستلقى داخل قاعة الأونيسكو، وإلا ما الداعي لإجراء مماثل؟

وأشارت "الأخبار" إلى أن سلامة استبق من ناحيته، كل هذه التطورات وما يمكن أن تؤول إليه الأمور تحت ضغط المحاسبة الشعبية، بترويج أخبار حول بدء المصرف المركزي الفرنسي بالتدقيق بحسابات مصرف لبنان، وسط تجاوب كلّي من سلامة؛ على أن ما يجري محصور بالتدقيق المحاسبي الروتيني لا الجنائي. ويرى البعض أن هذا الإجراء بمثابة تسوية هدفها لفلفة الموضوع وإنهاؤه بأقل الأضرار الممكنة على الحاكم. وإذا ما صحّ ذلك، فتلك فضيحة بكل المعايير بطلها حاكم مصرف لبنان المركزي التابع للدولة والخاضع للقانون العام، الذي تذرع بقانون السرية المصرفية لإخفاء معلومات طالبه بها مجلس الوزراء عبر شركة التدقيق المكلفة من الحكومة، لكنه يُسقط السرية لكشف داتا الدولة والمودعين أمام جهات خارجية متمثلة بالبنك المركزي الفرنسي، ومن دون موافقة الدولة اللبنانية رسمياً!"

"البناء":  ما هي القطبة المخفيّة لانسحاب «ألفاريز ومارسال» ؟ 

من جهتها صحيفة "البناء" قالت إنه "مع التقرير الذي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركيّة عن مشروع عمل عسكري كبير ضد إيران تستعد إدارة الرئيس دونالد ترامب لتنفيذه، بدأت حملة إعلاميّة مكثفة في دول الخليج عبر مؤسسات تلفزيونيّة وصحافيّة، وواكبتها مواقف وتحليلات «إسرائيلية» تناقلتها مواقع وصحف داخل الكيان عن حال استنفار تحسباً لنتائج العمل العسكري الأميركيّ المرتقب، وفرضيّة العمل العسكريّ التي لم تستبعدها مصادر مواكبة للملف الإقليميّ كتعبير عن تهوّر ترامب، تفتقد وفق المصادر كل أسباب التحليل المنطقي، وهي ربما تكون من أشكال الحرب النفسية الهادفة للضغط على الرئيس المنتخب جو بايدن لمقايضة فرضية الحرب بضمانات تتصل بشروط التفاوض المقبل مع إيران، خصوصاً أن الرد المتوقع لإيران ومحور المقاومة في حال وقوع عمل عسكري كبير سيكون بحجم يهدّد وجودياً منشآت إسرائيلية حيوية يصعب ترميم خسائرها كمفاعل ديمونا ومنشآت اقتصاديّة خليجيّة حساسة كمدن الإمارات التي صارت ضمن بنك الأهداف منذ اتفاقات التطبيع مع الكيان، وهذا الردّ المتوقع يدفع لاستبعاد المخاطرة بعمل عسكريّ كبير يغير المعادلات، وهو ما سعى ترامب لتفاديه طيلة أربع سنوات مضت".

واضافت الصحيفة "في مناخ الترقب للتطورات الإقليمية ينعقد مجلس النواب اليوم، والبلد ينتظر تشكيل حكومة لا تبدو في الأفق القريب، فهي كما الكثير من ملفات المنطقة تبدو معلقة على حبال الانتظارات الأميركيّة لولاية الرئيس المنتخب جو بايدن، وجدول أعمال المجلس ببند واحد هو رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول انسحاب شركة التدقيق المالي الجنائي الفاريس ومارسال من العقد الموقع معها، بعد رفض مصرف لبنان تسليم المستندات التي طلبتها بذريعة شمولها بالسرية المصرفية والتكتم على المعلومات، ويفتح انسحاب الفاريس من العقد بعد موافقتها على تمديد المهلة لثلاثة شهور للحصول على المستندات، كان لافتاً ويطرح أسئلة حول ما إذا كان خلف الانسحاب حسابات تختلف عن السبب المعلن، منها ما هو خارجي ينسجم مع الدعم المعلن أميركياً لحاكم مصرف لبنان، ومنها ما هو داخلي يرتبط بترحيل الملف للحكومة الجديدة المحكومة بتوازنات مختلفة تجاه العلاقة بحاكم المصرف، وليس أكيداً ان التعاقد مع شركة أخرى سيكون ممكناً قبل تشكيل الحكومة الجديدة، بينما توقعت مصادر نيابية أن يصدر عن المجلس تأييد للمضي قدماً بالتدقيق الجنائي وتفسير ملزم لنصوص مواد القوانين الخاصة بالسريّة المصرفية والتكتم على المعلومات الوظيفية في القطاع المالي، يقول بعدم شمول هذه المواد وأحكامها للتعاون الملزم مع أعمال التحقيق والتدقيق الحكومية والقضائية، لكن لا أحد يعلم ما اذا كانت هذه التوصية أو التفسير سيشكلان سبباً لعودة الشركة عن قرار الانسحاب أو مقدمة لتكليف غيرها، ما يكشف عندها الأسباب الحقيقية للانسحاب والعقد التي تم وضعها في طريق التدقيق".

وتابعت الصحيفة أنه بالتوازي جاءت رسالة المحقق العدلي بواسطة مدعي عام التمييز الى رئيس مجلس النواب نبيه بري حول نتائج التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، وما تضمنته من اشارة لوجود شبهات قد تتيح توجيه الاتهام لبعض او كل الذين تعاقبوا على وزارات المال والعدل والأشغال، لتشعل حرب مسؤوليّات قضائيّة مجلسيّة، فقد ردّ مكتب مجلس النواب الذي انعقد برئاسة بري الرسالة إلى صاحبها، معتبراً أنها جهل بالقوانين وبالأصول ومخالفة لهما. وقالت مصادر قانونية إن القضاء يقف امام تحدٍّ كبير في قضية تفجير المرفأ، وهو لا يستطيع رمي كرة النار على المجلس النيابي، هروباً من مواجهة التحدي، وبمستطاع المحقق العدلي أن يتهم أيّاً من الوزراء الحاليين أو السابقين في قراراه الظني، وعندها تتم المحاكمة لمن يتم اتهامه من الوزراء الحاليين خصوصاً أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لكن مهمة المحقق العدلي لا تكتمل من دون قرار ظني يجب أن يرد فيه كل الذين يظنّ بتورطهم في تحمل المسؤولية عن التفجير، موزعاً المسؤوليات وراسماً حدودها، وكل ما هو أقل من ذلك يُعتبر تقصيراً قضائياً وهروباً من المسؤولية، وهذا ما أرادت قوله رسالة بري القاسية جواباً على الرسالة الموجّهة لمجلس النواب.

مجلس النواب يناقش رسالة عون

واشارت "البناء" إلى أن المجلس النيابي يعقد اليوم في قصر الأونيسكو جلسة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في شأن التدقيق الجنائي والإجراءات الممكن اتخاذها بعدما قررت الشركة المكلفة التدقيق فسخ العقد مع الدولة ومغادرة لبنان.

وحضر موضوع التدقيق الجنائي في اجتماع هيئة مكتب المجلس التي انعقدت برئاسة الرئيس نبيه بري وأفيد أن الرئيس بري أحال اقتراحَي القانون المقدّمين من النائبين علي حسن خليل وجورج عدوان المتعلّقين بالتدقيق الجنائي الى اللجان النيابيّة المشتركة.

ولم تعوّل مصادر سياسية على خرق نوعي أو نتائج إيجابية على جلسة اليوم، متوقعة أن ينتهي النقاش الى إصدار المجلس توصيات تؤكد دعم المجلس النيابي للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وكل المؤسسات والإدارات العامة. في المقابل توقعت أوساط نيابية لـ«البناء» أن تتلو الكتل البرلمانية بموقفها من هذا الموضوع على أن يتناوب النواب للإدلاء بآرائهم، وأكدت الأوساط أن المجلس سيؤكد بشكل حاسم على تأييده للتدقيق الجنائي، نافية أي رابط بين طرح موضوع قانون الانتخاب مقابل التدقيق الجنائي.

وأشار وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، في تصريح تلفزيوني الى ان رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب «ضرورية جداً والخطوة التي قام بها مطلب داخلي وخارجي. فالتدقيق الجنائي لم يعد موضوعاً داخلياً بل مطلب من الخارج وردة الفعل السريعة من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري بتحديد جلسة أمر مهم جداً».

وفي هذا السياق، لفت مصدر مقرّب من حاكم مصرف لبنان إلى أن «المصرف المركزي الفرنسي يجري التدقيق المالي في مصرف لبنان منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، وأوعز الحاكم بإعطائهم الأجوبة عن كل تساؤلاتهم بهدف استشارة طرف آخر مستقل وإبعاد الملف عن أي مناكفات وشعبويّة والدخول في تقنية العمل المصرفي فقط وبصورة محصورة».

وعشية انعقاد الجلسة، أكدت شركة ألفاريز آند مارسال المتخصصة في استشارات إعادة الهيكلة انسحابها من التدقيق الجنائي لمصرف لبنان المركزي، إذ لم تتلق المعلومات اللازمة لإتمام المهمة. وقالت الشركة «نظراً لعدم توافر ما يكفي من المعلومات، لا تستطيع ألفاريز آند مارسال إتمام المراجعة وأخطرت وزارة المالية رسمياً بقرارها إنهاء الارتباط».

في المقابل نفى المكتب الإعلامي لوزني في بيان، «نفياً قاطعاً ما جاء في البيان الذي نشرته شركة Alvarez & Marsal».

وأشار الى انه تمّ الاتفاق خلال الاجتماع في قصر بعبدا «على إجراء اللازم لتمديد المهلة المطلوبة لتسليم جميع المستندات لشركة Alvarez & Marsal، بحيث تصبح ثلاثة أشهر بعدما كانت محددة في العقد الموقّع مع الشركة كي تنتهي في تاريخ أقصاه 3/11/2020، على أن يتم خلال الفترة أعلاه تسليم بعض المستندات التي حالت دون تسلمها في ظل القوانين والأنظمة المرعية الإجراء».

سلامة نفى خفض الاحتياط النقديّ

في غضون ذلك، أثار ما نقلته وكالة «رويترز» عن توجّه مصرف لبنان لخفض الاحتياط النقدي الإلزامي لديه لمواصلة دعم إنفاق أساسي في العام المقبل، وما يحمله من مخاطر على مصير الودائع المصرفية وعلى النقد الوطني.

ونفى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الخبر وأكد أن «أي تخفيض لنِسَب الاحتياطي الإلزامي، لو حصل، سيعود الى أصحاب الودائع في مصرف لبنان وهم أصحاب المصارف، وليس لأي غرض آخر».

وأشارت أوساط مطلعة لـ"البناء" الى أن خفض الاحتياط الإلزامي طرحٌ من الطروحات والاقتراحات التي عرضت للنقاش في سلسلة اجتماعات لحاكمية مصرف لبنان مع الوزراء المعنيين في الحكومة وجمعية المصارف وليس طرحاً جدياً ونهائياً». أما الهدف بحسب الأوساط فهو البحث عن حلول للاستمرار في سياسة الدعم للعام المقبل، وقد يكون خفض الاحتياط النقدي لتحرير جزء من دولارات المصارف في مصرف لبنان أو رفع الدعم التدريجي عن السلع الأساسية، آخر الخيارات المتاحة أمام «المركزي»، لا سيما أن المعطيات التي باتت لدى المراجع الرئاسية تؤكد بأن لا حكومة قبل أشهر وربما أكثر، فالأولوية لم تعد تأليف الحكومة بقدر ما انتقلت إلى اتخاذ الإجراءات الأمنية والمالية والاقتصادية والمصرفية للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي في مرحلة الفراغ إن طالت الأزمة السياسية والحكومية المرتبطة بالتطورات الخارجية».

وعلمت «البناء» أن «جميع المشاورات والاجتماعات التي حصلت خلال اليومين الماضيين في المجلس المركزي والسراي الحكومي وجمعية المصارف لم تتوصل إلى اتفاق على هذا الأمر»، مشيرة إلى أن «مصرف لبنان سلطة مستقلة بحد ذاتها، ويمكنه اتخاذ قرار كهذا، لكن عليه تحمل مسؤوليته لأن من شأنه زيادة نسبة المخاطر على العمليات المالية في المصارف وقد يدفع الأخيرة إلى التشدد مع المودعين أكثر». وتساءلت: هل طبقت المصارف التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان التي تلزم المصارف استعادة نسبة من رساميلها الموجودة في الخارج إلى لبنان؟

وحمّل خبراء اقتصاديون وماليون مصرف لبنان وقطاع المصارف والحكومات المتعاقبة مسؤولية الأزمة القائمة، ودعوا عبر «البناء» البنك المركزي والمصارف إلى «اتخاذ إجراءات فورية لاستعادة الأموال المحوّلة والمهرّبة إلى الخارج خلال العامين الماضيين ما يرفع نسبة الاحتياط النقدي في مصرف لبنان ويوفر السيولة النقدية للمصارف لإعادة أموال المودعين تدريجياً إضافة إلى تغطية أفضل للسلع والمواد الأساسية وخفض سعر صرف الدولار».

في المقابل أشار رئيس قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك «بيبلوس» نسيب غبريل لـ"البناء" إلى أن «خفض نسبة الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان سيؤدي إن تم اعتماده إلى تحرير جزء كبير من الأموال، لكن يجب ألا تستخدم هذه الأموال المحررة لدعم السلع والمواد الأساسية، بل تجب إعادتها إلى المصارف التي وضعتها في مصرف لبنان وفق ما ينص القانون».

بري ردّ على مذكرة صوان

الى ذلك، لفتت "البناء" إلى أن المجلس النيابي تسلم رسالة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، وأكد الرئيس بري اننا قمنا باللازم وأجبناه. وجاءت دعوة بري الى اجتماع هيئة مكتب المجلس أمس، بهدف الرد سريعاً على رسالة القاضي صوان عبر مدعي عام التمييز الى المجلس النيابي وإبداء انزعاجه من تنصل القضاء من مسؤولياته. وبحسب المعلومات فقد اعتبر بري في رده على رسالة صوان أنه لم تجر مراعاة الأصول المنصوص عنها في الدستور اللبناني والقوانين المرعية الإجراء وأن المحقق العدلي لم يكتف بعدم مراعاة الأصول إنما خالفه. وبحسب المعلومات نفسها فإن محتوى ردّ بري كان عالي النبرة وخاطب القضاة معتبراً أنهم لا يقرأون القانون ولا يعلمون المواد الأساسية التي على أساسها يتحرّك المجلس الأعلى لمحاسبة الرؤساء والوزراء.

وبحسب مصادر قضائية، فإن «لا المحقق العدلي ولا المدعي العام التمييزي ولا أي قاض آخر يملك صلاحية مخاطبة مجلس النواب الا بواسطة وزارة العدل». وأشارت الى «ان الوزير لا يملك اي حصانة تستوجب طلب رفعها قبل ملاحقته، والادّعاء عليه يكون من قبل مجلس النواب، وبالتالي يُحاكم امام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».

ونفذ أمس، اعتصام امام منزل صوان لمطالبته باتخاذ قرارات جريئة في القضية. واعتبر المعتصمون أن جريمة المرفأ جريمة قتل جماعي، وقالوا: «لن نكتفي بمحاسبة المسؤولين الصغار وأنت شريك وإلا لماذا لم تدّعِ على السياسيين».
 
"النهار": فرنسا تضغط مجدداً للتأليف ومؤتمر لحشد المساعدات 
 
أما صحيفة "النهار" فقالت "أيا تكن نتيجة الجلسة التي سيعقدها مجلس النواب بعد ظهر اليوم في قصر الاونيسكو لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس حول ملف التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان، ومناقشتها واتخاذ الاجراء او الموقف المناسب منها، وعلى أهمية هذا الملف، فهي لن تخرج عن اطار المناورات السياسة المتذبذبة ما دامت البلاد تحت وطأة المعارك السياسية الصغيرة والتعطيل المتواصل لتأليف الحكومة الجديدة. وربما كانت الطبقة السياسية برمتها والسلطة الحاكمة تحديدا في حاجة يومية الى التذكير بالواقع الدراماتيكي التي يطبع نظرة الخارج الى هذه الطبقة، اذ جاءت رسالة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الرئيس عون لمناسبة عيد الاستقلال لتتجاوز الإطار البروتوكولي وتتوغل الى تظهير المأساة اليومية للبنانيين بما يثبت تكرارا ما بات يجري تداوله بكثافة من ان اهتمامات فرنسا والعديد من دول ومجموعات المجتمع الدولي تعنى بالواقع الدراماتيكي للشعب اللبناني اكثر بكثير من المسؤولين والساسة اللبنانيين". 

ورأت أنه تحول تمادي ازمة تشكيل الحكومة ودس العراقيل ومسببات التعطيل في طريق ولادتها الى اثبات دامغ إضافي امام المجتمع الدولي على سقوط آخر أوراق التين عن صدقية وجدارة وجدية هذه الطبقة الحاكمة والسياسية بحيث لا يمر يوم الا ويصدر موقف خارجي او دولي يسلط الضوء على التداعيات الكارثية لقصور الطبقة السياسية الموصومة بالفساد وعدم الاهلية لادارة عملية انقاذ لبنان من السقوط في الانهيار الكبير الذي يخشى من حصوله". 

ولفتت إلى أن هذه الانطباعات الشديدة القتامة ترخي بذيولها على كل مجريات المشهد الداخلي، وتزيد من وطأتها نظرة الأوساط الديبلوماسية المعنية برصد هذه المجريات الى هشاشة التحركات والخطوات التي تجري على هامش ازمة تشكيل الحكومة والتي، وان كانت تكتسب شرعيتها وانتظامها الدستوري مثل الجلسة النيابية العامة التي ستعقد اليوم وتلك التي سبقتها قبل يومين للجان النيابية، تترك انطباعات واسعة بانها بمثابة هرب من التعامل الجدي مع أولوية ملحة وعاجلة لا يجوز ان يتقدمها أي أولوية أخرى وهي انجاز استحقاق تشكيل الحكومة وفك استرهانه من الأهداف التعطيلية المكشوفة او المضمرة. وقد ذهب بعض هذه الأوساط الى التحذير الصارم من ان لبنان سيواجه ما لم يواجهه بلد غرق في أزمات مماثلة من عزلة وصم الاذان الدولية لاحقا، في حال تبين للمجتمع الدولي ان مضمون مجموع الرسائل والتحذيرات والمبادرات التي تتخذ وتوجه نحو المسؤولين، لا صدى لها كما يحصل منذ اكثر من شهر بعد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة وبدء تصاعد العراقيل في وجه العملية .

خريطة الطريق مجددا

وقالت "النهار"، إنه "في أي حال لم تخرج مضامين رسالة الرئيس ماكرون، الذي يعد الزعيم الأوروبي والدولي الأكثر انخراطا في التعامل مع الازمة اللبنانية، باسم بلاده وبتفويض واضح من مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، التي وزعت بعبدا نصها امس عن هذه الخلاصات والأجواء المشدودة والحذرة والقلقة. اذ ان ماكرون بادر الى ابداء "قلقه للغاية" نتيجة الوضع في لبنان وشدد على ان الازمة المتعددة الجوانب التي يشهدها لبنان "تستدعي اتخاذ تدابير فورية والحلول معروفة "مذكرا بخريطة الطريق التي التزمها الأطراف اللبنانيون في الأول من أيلول. كما شدد ماكرون على انه "يقتضي تشكيل حكومة من شخصيات مؤهلة تكون موضع ثقة وقادرة على تطبيق كل هذه الإجراءات " داعيا عون الى تحمل واجبه في الاستجابة لمطالب الشعب اللبناني في انتفاضته منذ اكثر من سنة".

ولفتت الصحيفة إلى أنه إذ اكد ماكرون في رسالته العمل مع الأمم المتحدة من اجل عقد مؤتمر دولي لدعم الشعب اللبناني أفادت "رويترز" مساء امس ان فرنسا ستستضيف مؤتمرا عبر الفيديو مع شركاء دوليين يوم الثاني من كانون الأول المقبل للبحث في سبل تقديم مساعدات إنسانية للبنان. ويهدف المؤتمر الذي يعقد بالتعاون مع الأمم المتحدة الى جذب ارفع تمثيل ممكن بهدف التشجيع على تقديم مساعدات للبنان. واكد مكتب الرئيس الفرنسي انعقاد المؤتمر في الثاني من كانون الأول.

وقالت إنه في غضون ذلك شككت أوساط نيابية وسياسية واسعة الاطلاع في ان تؤدي الجلسة التي سيعقدها مجلس النواب اليوم الى تبديل حقيقي في مسار التدقيق المالي الجنائي باعتبار ان حق رئيس الجمهورية في توجيه رسائل الى المجلس لا يسقط الخلفية التي يعرفها الجميع من ان المجلس لا يمكنه ان يأخذ مكان السلطة التنفيذية التي كان عليها ان تدير هذا الملف بدقة ودراية اكبر، وانه حتى مع حكومة تصريف اعمال لا تزال قدرة السلطة التنفيذية قائمة لمعالجة هذا الملف من دون رميه في لجة النقاش الذي لا يقدم ولا يؤخر. واعتبرت ان اقصى حدود المرتجى من الجلسة قد يكون بإبداء الاستعداد الكامل لتسهيل إقرار احد مشروعي قانون أحالهما رئيس مجلس النواب نبيه بري امام اللجان لإزالة السرية المصرفية موقتا او بصورة دائمة عن حالات التدقيق الجنائي في سائر مؤسسات الدولة وهو امر مرجح لئلا يظهر المجلس في موقع غير متعاون مع رئيس الجمهورية.

الرد على صوان

ولفتت الصحيفة إلى أنه كان الرئيس بري رأس امس اجتماعا لهيئة مكتب المجلس درس الإجراءات التي ستواكب الجلسة في قصر الاونيسكو والإجراءات التي يمكن اتخاذها خلالها . كما ان جانبا أساسيا آخر من الاجتماع تركز على الرد على الرسالة التي وجهها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان الى مجلس النواب اذ ابدى بري في الرد انزعاجه من تنصل القضاء من مسؤولياته في هذه القضية، واعتبر انه لم يجر مراعاة الأصول المنصوص عليها في الدستور والقوانين المرعية الاجراء وان المحقق العدلي لم يكتف بعدم مراعاة الأصول فحسب وانما خالفها.

الوزير والشركة
وقالت الصحيفة إنه وسط الاستعدادات لجلسة مناقشة رسالة الرئيس عون حول التدقيق المالي الجنائي حصل سجال علني للمرة الأولى بين وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني وشركة "الفاريز اند مارسال" في شأن انسحاب الشركة من العقد الموقع مع الوزارة . وأصدرت الشركة امس بيانا تؤكد فيه رسميا انهاء العقد وانسحابها منه موضحة انها لم تتلق المعلومات اللازمة لإتمام مهمتها. ورد وزني نافيا ما نسبته الشركة الى الوزارة من "ان المعلومات المطلوبة من الشركة لن يتم تقديمها في المستقبل القريب" وادرج وزني النص الحرفي لتصريحه في اجتماع القصر الجمهوري الذي جرى التوافق فيه مع الشركة على تمديد مهلة تقديم المستندات الى الشركة لثلاثة اشهر .
 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل