لبنان
أزمة الحكومة مستمرة وسط تراشق إعلامي بين "الأزرق" و"البرتقالي"
اهتمت الصحف الصادرة بالأزمة الحكومية التي تراوح مكانها، في ظل تراشق إعلامي بين تيار "المستقبل" والتيار "الوطني الحر"، بعد كلمة النائب جبران باسيل أمس، والتي أطلق فيها مبادرتين للحل، كان لها التيار الأزرق بالمرصاد وبيانه جاهزا.
وفي ذكرى مرور عام على اكتشاف أول إصابة بفيروس كورونا على الأراضي اللبنانية، تدخل البلاد اليوم المرحلة الثانية من تخفيف الإجراءات للخروج من الإقفال العام، وسط مخاوف من عودة الانتشار للفيروس بسبب استهتار كبير لدى المواطنين، والذي تجلى في اليومين الأخيرين بزحمة السير التي شهدتها عدة مناطق طلبا للنزهة على الثلج.
"الأخبار": حرب إعلامية في الوقت الحكومي الضائع: أزمة التأليف مستعصية
رأت صحيفة "الأخبار" أن العقد الحكومية لم تفك ولن تُفك قريباً. في الأساس لا يبدو أن تشكيلها يشكل هاجساً لأحد. أما الإنقاذ، إن كان لا يزال ممكناً، فليس على أجندة أحد. ببساطة، لأنه لا أحد يملك تصوراً واضحاً للوسيلة. حتى الدعم الدولي المرتجى لم يعد يُتوقع أن ينتشل البلد من القاع. ومع ذلك، كل من يُسأل من السياسيين عن الإصلاح، يجيب: لا خيار أمامنا سوى تشكيل الحكومة ثم تنفيذ مطالب المجتمع الدولي. إلى ذلك الحين، لا أحد مستعد للقيام بواجبه. السلطة التشريعية التي يفترض أن تكون شعلة لا تهدأ في هذه الظروف، خاصة أنها الوحيدة القادرة حالياً على العمل، لا تتحرك. كل ذلك يؤشر إلى أن الجميع إما طبّع مع الوضع الراهن أو يستفيد منه. لكن اليوم ليس كالغد ولا كالأمس. كل يوم يمر هو بمثابة خطوة إضافية نحو الانهيار الشامل، إن كان على صعيد سعر الدولار أو على صعيد قيمة الاحتياطي من العملات الأجنبية أو على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. عندما تداعت حكومة حساب دياب إلى الاستنفار وإعداد خطة التعافي، كانت الدنيا بألف خير بالمقارنة مع اليوم. كانت الخطط متفائلة وكان الدولار يفترض أن يحرر باتجاه سعر أكثر واقعية، حينها، يراوح بين 3500 ليرة و4297 خلال السنوات الأربع المقبلة. حتى الرقم الأعلى يبدو حلماً اليوم، مع وصول سعر الدولار إلى ما يقارب عشرة آلاف ليرة.
كل ما تضمنته خطة التعافي الاقتصادي التي قضت عليها المصارف بالتعاون مع زعماء الطوائف صار لم يعد صالحاً اليوم، لكن لا خطط بديلة واضحة. الرئيس المكلّف لا يزال يصرّ على أنه يملك العصا السحرية. أعطوني ستة أشهر، وإذا فشلت حاسبوني. قالها سعد الحريري يوماً ثم انكفأ. لا شيء يوحي بأنه مستعجل التشكيل. إن كان في بيروت فهو لا يغادر بيته ولا يتواصل مع الأفرقاء السياسيين. لكن مع ذلك يطيب لنوابه أو المحسوبين عليه أن يكبّروا حجر سفراته. يقولون إنه يستثمر علاقاته الخارجية لطلب مساعدة لبنان. إن صح ذلك، فإن الخطوة الأولى لا تبدأ إلا بتشكيل الحكومة، لكنه لا يحمل معه أي رؤية لحل الأزمة الحكومية المستعصية. لو كان يريد تشكيل الحكومة فعلاً لكان داوم في بعبدا إلى حين الاتفاق.
رئيس الجمهورية في المقابل ينتظر. يرفض التراجع عن لاءاته. ولذلك تحوّل اللقاء بينهما إلى حدث عابر، أو هدنة. لكن ما ان يخرج الحريري من بعبدا حتى يُستأنف التراشق الإعلامي، ورمي المسؤوليات. بدا لافتاً في اللقاء الأخير أن البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية حرص على التأكيد أن اللقاء حصل بناءً على طلب من الحريري، وعلى التأكيد أنه لم يحمل معه شيئاً جديداً. ببساطة ولّى زمن البروتوكول. حتى الإشارة إلى «استمرار التواصل» لبث الأمل، كما كان يحصل دائماً، لم يعد مهماً.
النائب جبران باسيل خرج في مؤتمره المتلفز أمس ليؤكد كل ما سبق. لا جديد يحمله، ولذلك لا يمكن تصنيف المؤتمر إلا في إطار معركة الرأي العام. بعد أن أسهب الحريري في تحميل مسؤولية التعطيل لرئاسة الجمهورية ومن خلفها رئاسة التيار الوطني الحر، كان لا بد من «التوازن الإعلامي». ولذلك، ردّ باسيل على الحريري في كل النقاط التي تحدّث فيها، ولا سيما مسألة العدّ والمناصفة وخلاف الحقائب والثلث المعطل. وأعاد تأكيد موقفه وموقف تياره وموقف رئيس الجمهورية. لكن الخلاصة أن الأزمة الحكومية طويلة.
قال باسيل: نحن متعاونون إلى أقصى درجة، على قاعدة الحفاظ على الدستور والميثاق، وعلى شرط احترام المعايير الموحدة. واتهم الحريري بإعادة البلد إلى زمن الوصاية وممارسة الفوقية والمس بحقوق الآخرين وكرامتهم.
وأكد باسيل التالي: أولاً، إننا نريد حكومة، إذ من غير المعقول أن يريد العهد ترك نفسه من دون حكومة. ثانياً، نريد حكومة بسرعة، إذ من غير المعقول أن يريد العهد خسارة الوقت المتبقي له. ثالثاً، صرنا نريد حكومة برئاسة الحريري، على الرغم من اقتناعنا بأنه لا يقدر أن يكون عنواناً للإصلاح، ولذلك لم نسمّه. أضاف: فليتفضّل ويتحمّل مسؤولية. هو المكلّف لا نحن، وليشكّل حكومة من دوننا، وليتوقف عن تضييع الوقت ويرمي الحجج على الغير. وبعدما سبق أن أعلن سابقاً أن الحريري سياسي ولا ينطبق عليه شرط الاختصاص، ولذلك لا بد من تشكيل حكومة سياسيين. قال أمس: ليشكّلها من اختصاصيين أصحاب قدرة، وعلى أسس العدالة والدستور، لا على هوى البعض.
باسيل: هاتوا الإصلاحات والتدقيق وخذوا الثقة
وفي ما يتعلق بالثلث المعطل، بالرغم من إشارته إلى أن هذا الثلث هو حق من حقوق رئيس الجمهورية بحسب محادثات الطائف، وبالرغم من سؤاله عن سبب منع المسيحيين من الحصول على الثلث الضامن، فيما كل الطوائف الأخرى تملك بشكل أو بآخر إمكانية إسقاط الحكومة، قال: نحن في هذه الحكومة بالذات لا نحتاج إلى الثلث. من جهة، هذه آخر حكومة في العهد، وأكيد لا نريدها أن تستقيل. ومن جهة ثانية، لأن الرئيس القوي عندما يريد أن يمارس دوره عن حق في جلسات مجلس الوزراء، لا يحتاج إلى الثلث في عدد من الأمور. ومن جهة ثالثة، لأن في بعض الأمور الأخرى، نعرف أننا وحزب الله لدينا الثلث نظرياً، أضاف: رابعاً والأهم، لا الرئيس ولا نحن طالبنا بالثلث زائداً واحداً، ونحن لا نكذب ولا نخبّئ، ولو أردنا نقولها على رأس السطح ونعمل معركة عليها تشرفنا لأنها حقنا. واعتبر أن «قصة الثلث زائداً واحداً هي قصة نظرية ومختلقة لتسمية وزراء مسيحيين إضافيين، وهنا بيت القصيد والمشكلة الحقيقية».
وأعلن باسيل عن مبادرة «لا دخل للرئيس بها» يمكن للتيار الوطني الحر أن يعطي الثقة على أساسها:
أولاً، رفع عدد الوزراء من 18 إلى 20، ليس لنأخذ وزيراً مسيحياً إضافياً للرئيس، نحن نقبل بأن يأخذ المردة الإضافي، ولكن ليس رئيس الحكومة.
ثانياً، بالنسبة إلى الحقائب، نحن في التيار إصرارنا فقط على العدالة والتوازن في توزيع الحقائب بكل فئاتها.
ثالثاً، بالنسبة إلى التسمية، نريد مبدأً واحداً يطبّق على الكل. اعتمدوا المبدأ الذي تريدونه. نحن نقبل بما يقبل حزب الله بأن يطبَّق عليه. عندما يقول الرئيس المكلف إن تسمية الوزراء السنّة من حقه حصراً، ويأخذ من الاشتراكي اسم وزيره، وينتظر من الثنائي الشيعي أن يعطيه وزراءه، فيجب أن ينطبق على المسيحيين، من رئيس الجمهورية لكل كتلة ترغب في أن تشارك. واذا كان يطرح رئيس الحكومة أن يصير اتفاق على أسماء وزراء مسيحيين على قاعدة وزير ملك، فلا مانع، ولكن هذا الأمر يطبق كذلك على وزراء مسلمين.
بالنسبة إلى التسمية، نحن نقبل بما يقبل حزب الله بأن يطبَّق عليه
وقال «إذا لم توافقوا أيضاً على هذا الطرح، لدينا طرح ثان أسهل وأفعل. أبعدونا عن كل شيء له علاقة بتشكيل الحكومة، وخذوا الثقة منا في المجلس النيابي، مقابل شروطنا بالإصلاح. أمّنوا لنا الإصلاحات ونقبل، ولكن لا نريد وعوداً وضمانات، نريد الدفع سلفاً. شروطنا سهلة وتتحقق بأسبوع واحد قبل تأليف الحكومة، إذا وجدت إرادة سياسية: أولاً إقرار قانون الكابيتول كونترول وضبط التحويلات إلى الخارج، ثانياً إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة والمحولة، ثالثاً إقرار قانون كشف حسابات وأملاك القائمين بخدمة عامة. وهذه كلها موجودة في مجلس النواب ومدروسة، وإذا كان هناك قرار سياسي، في جلسة واحدة تقرّ كلها. نريد خلال الأسبوع عينه، أن يعطى أمر المباشرة لشركة Alvarez لتبدأ بالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان من دون أي توقف أو عودة إلى الوراء، وهكذا مع تشكيل الحكومة، تنطلق بالتوازي عملية التدقيق في كل الوزارات والإدارات والمجالس».
"البناء": باسيل يثق بحزب الله ويقبل ما يقبله
ويواصل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مساعيه لإيجاد حل تسووي بين القوى السياسية يدفع نحو تأليف الحكومة العتيدة، وهو زار قصر بعبدا وبيت الوسط، لتقريب وجهات النظر بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، واذ أشارت مصادر متابعة لحراك ابراهيم لـ»البناء» الى ان الاتصالات لم تصل بعد الى الهدف المنشود لفتت الى اننا محكومون بالتوافق ولو كانت الأبواب موصدة حتى اللحظة فهذا لا يعني ان الامور مقفلة لأن مفاجآت ربع الساعة الأخير قد تحمل الحل والاتفاق والتجارب كثيرة وبعد طول انتظار كما حصل مع حكومة تمام سلام. ومبادرة اللواء إبراهيم مستمرة.
وكشف رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل أن «ما يريدونه اليوم هو حكومة وبسرعة من دون مشاركتهم وبرئاسة سعد الحريري»، متوجهاً الى الحريري قائلاً: فليتفضّل ويتحمّل مسؤوليّة، هو المكلّف وليس نحن، فليشكل حكومة من دوننا ويتوقف عن إضاعة الوقت ورمي الحجج على الغير… فليشكّلها من اختصاصيين اصحاب قدرة، على اسس العدالة والدستور».
وقال: «يريدون أن نشارك بالحكومة رغماً عنا وبشروط غير مقبولة وإلا نكون معطلين… ما بدنا نشارك! شو بالقوة؟».
وأشار رئيس التيار الوطني الحر الى أنه «بدون رضى رئيس الجمهورية وموافقته لا تشكّل الحكومة وبدون رضى رئيس الحكومة المكلّف وموافقته لن تشكّل الحكومة «مش واحد بيشكّل الحكومة والثاني بيصدّر مرسومها. وعندما يقول الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية: أنا أشكل وأنت توقع، فهو يضرب بذلك وحدة البلد وينحر الدستور و»بعدين بيصيروا يبكوا على الطائف: بينحروه وبيبكوا عليه!».
ورأى أن «هناك مَن يعمل حتى يخسر العهد أياماً أكثر من دون حكومة حتى لو انهار البلد أكثر، وهم يقولون علناً إن «العهد يجب أن يخسر أكثر ولو انهار البلد أكثر»، وتابع: «فما من مشكلة لديهم إذا انهار البلد، المهم أن يسقط ميشال عون. وأصبحنا نريد حكومة برئاسة الحريري، رغم قناعتنا أنه لا يقدر أن يكون عنواناً للإصلاح ولهذا لم نقم بتسميته. اعطونا الإصلاح وخذوا الحكومة. هيدي مقايضة عادلة: أمنولنا الإصلاحات ومنقبل. يأخذون الثقة منّا بالمجلس النيابي مقابل شروط إصلاحيّة تتحقق في أسبوع واحد قبل تأليف الحكومة في حال كانت هناك إرادة سياسية، وهي إقرار قانون كابيتال كونترول، إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة والمحوَّلة وإقرار قانون كشف حسابات وأملاك القائمين بالخدمة العامة».
وأكد أننا «نريد مبدأ واحداً يطبّق على الكل واعتمدوا المبدأ الذي تريدون، فنحن نقبل ما يقبل فيه حزب الله وما يطبق عليه».
وتابع: «في مسار الخروج عن الدستور اتهمونا بالمطالبة بالثلث زائداً واحداً، بينما هذا المطلب ضمانة الشراكة في مجلس الوزراء، بحيث ينص اتفاق الطائف بأنه من حق رئيس الجمهورية لوحده كتعويض عن صلاحياته».
وأشاد بحزب الله قائلاً لي ملء الثقة في عدم ذهابه إلى أي تفاهمات على حساب المسيحيين، حتى لو حصل تقارب سنيّ شيعيّ، لأن حزب الله لا يذهب إلى اتفاقات من تحت الطاولة، مؤكداً أنه غير متمسك بالثلث المعطل، لأنه يمتلكه مع حزب الله.
ورداً على كلام باسيل، قال تيار المستقبل في بيان «إن المطالعة المطولة التي استمع اليها اللبنانيون اليوم حول الحكومة والدستور والمعايير، تكرار لمواقف لا تحمل جديداً ولا تفتح ولو ثغرة صغيرة في جدران العرقلة والتعطيل. لقد تضمنت مطالعة باسيل كل ما ينطبق عليه جملة وتفصيلاً، فرمى ما عنده وفيه من أسباب الفشل والعرقلة وتعليق العمل بالدستور والكلام عن الغدر والطعن بالظهر وقلة الوفاء على الرئيس سعد الحريري، لتحميله مسؤولية الخلل الذي يعانيه العهد وفريقه السياسي. الشخص ما زال يقيم في لالا لاند، ويفرض على رئاسة الجمهورية الإقامة الجبرية في الإنكار للمتغيرات التي نشأت بعد 17 تشرين، ويعتبر استقالة الرئيس الحريري وتجاوبه مع الحراك الشعبي ضرباً من ضروب الغدر السياسي. لقد غاب عن جبران أن مقتضيات الصدق والوفاء، في قاموس الرئيس الحريري، تتصل بمقدار الوفاء للمصلحة الوطنية العليا وقضايا المواطنين ومطالبهم الملحة، وليس بمقدار الوفاء للعلاقات الخاصة والمصالح الشخصية».
وتابع «من المؤسف ان يشهد اللبنانيون من خلال الطحن الكلامي لباسيل، انتقال قرار رئاسة الجمهورية من قصر بعبدا الى سنتر ميرنا الشالوحي، وأن يستمعوا لرئيس الحزب الحاكم كما لو كان الناطق الحصري باسم العهد القويّ. لكن المختصر المفيد لكل ما قيل من عجن: مع جبران فالج لا تعالج. وبكل الاحوال، ما يعني الرئيس الحريري هو ما يصدر عن رئيس الجمهورية بالمباشر وليس بالواسطة، وما قيل يبقى اضغاث احلام، مع الاشارة الى ان احداً لم يعرض على الوزير جبران باسيل الاشتراك بالحكومة، ومحاولته إيهام اللبنانيين بوجود ضغوط عليه للمشاركة، مجرد رواية تثير الضحك. كلمة اخيرة، ان المحاولة الجارية لتأجيج العصبيات الطائفية، لن تنجح يا جبران مهما سعيت الى دق الأسافين بين المسلمين والمسيحيين. المسيحيون يدركون ان حقوقهم هي غير الحقوق والمصالح الشخصية التي تريدها، وهي مصانة من جميع اللبنانيين الذين يتكافلون على حماية عيشهم المشترك، ويكفينا ان تكون مقاربة البطريركية المارونية خير شاهد وضامن للوحدة الوطنية، وخير من يتصدّى لأبواق التحريض».
"اللواء": لبنان يدخل المرحلة الثانية من تخفيف الإجراءات
بداية الأسبوع الأخير من شباط، تزامن مع الإعلان عن أول إصابة بفايروس كورونا في العام الماضي، ليمضي «الهوينا» إلى استحقاقات تبدأ اليوم، وانتظارات مفتوحة على المستقبل بالمدى القريب والبعيد.لعلَّ أهمها مسألة تأليف جديدة تعيد وقف الانهيارات وتفتح الباب امام عودة لبنان إلى المجتمعين العربي والدولي.
ولاحظت مصادر سياسية ان الوضع استنفد حدوده من التصعيد، وقالت ان فريق الرئيس المكلف سعد الحريري ليس بوارد مقاطعة رئيس الجمهورية، ولا بدَّ من التقاط الفرصة للتعاون، لدى عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، المتوقعة في الأيام القليلة المقبلة.
واعتبرت مصادر سياسية ان مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تعبر بوضوح عن المازق المازوم الذي ادخل فيه نفسه والعهد معه جراء تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة تحت يافطات طائفية وعناوين دستورية ملتوية، لم تعد تنطلي على احد وانما تحمل في طياتها المبطنة ابتزاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والحصول على حصص وزارية، تؤمن له ولتياره السياسي استمرار وضع اليد على وزارات محددة كوزارة الطاقة واستنزاف مواردها كما امعن بذلك منذ أكثر من عشر سنوات والاهم الحصول على الثلث المعطل في تركيبة الحكومة العتيدة للتحكم بسياساتها وقراراتها لغايات ومصالح حزبية وشخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا.
وقالت ان ادعاء باسيل من كل ما يقوم به من ممارسات لتعطيل التشكيل هو في سبيل المحافظة على حقوق المسيحيين، يشكل اكبر كذبة مكشوفة، لم تعد تفيده بالتفاف المسيحيين من حوله، بعدما انفض معظم من يؤيده من حوله وانتفض ضده، في حين تظهر المواقف والعظات الدينية التي يكررها البطريرك الماروني بشارة الراعي استياءه الشديد من التلطي وراء هذه الادعاءات المضللة لتبرير تعطيل تشكيل الحكومة العتيدة. وعزت المصادر أسباب ارتفاع حدة مواقف باسيل الى هذا المستوى، إلى اتساع رقعة التاييد المحلي والاقليمي والدولي للحريري ورفض تاييد العهد وباسيل في مواقفهما ومطالبهما التعجيزية لتعطيل التشكيل. وتوقعت المصادر ان تستأنف مشاورات تأليف الحكومة الجديدة بعد عودة الحريري إلى بيروت في الأيام القليلة المقبلة بالرغم من كل محاولات تصعيد الأجواء السياسية من قبل باسيل أو غيره.
وعلى مسار أوّل من الانتظارات، يدخل لبنان المرحلة الثانية، من تخفيف الإجراءات المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ الصحية، والتي تمتد إلى 7 آذار، على أن يعاد النظر بقرار سابق حول القطاع التجاري، إذ سيعاد فتحه ضمن شروط المنصة والكمامة والتطعيم، بدءاً من الإثنين المقبل (1 آذار).
وبانتظار التطبيق في ما خصَّ القطاعات التي سيسمح لها بإعادة الفتح، وصلت الدفعة الثانية من لقاح الفايرز (32000 جرعة)، وانخفض عدد الإصابات إلى ما دون الألفين، كما تراجعت أعداد الوفيات، لكن النّاس خرجت إلى المطاعم والمنتزهات (والشوارع، في غير منطقة).
ومالياً، يتابع المواطن اللبناني بقلق الارتفاعات المتمادية لسعر صرف الدولار في السوق السوداء. على وقع ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الإستهلاكية.
وفي ما خص استئناف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، بعد تعيين القاضي طارق بيطار محققاً عدلياً، ينتظر الرأي العام والأهالي، كيف ستنطلق التحقيقات من حيث وصلت مع المحقق السابق القاضي فادي صوان، بعد حراك لأهالي الضحايا، والتلويح بالمتابعة في الشارع، وكشف كل ما يحيط بقضية أبنائهم، لجهة الحقيقة والتعويضات، وإعادة ترميم المنازل والمؤسسات المتضررة..
ومن الإنتظارات المرهقة، مصير العام الدراسي، والامتحانات الرسمية، في ضوء الاجتماعات، التي تعقد في الوزارة لاستئناف التعليم المدمج، بعد تقليص المناهج، ومراعاة الوضع الاستثنائي إذا ما تقرر اجراء الامتحانات..
ولهذا الغرض، عقد وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق مجذوب اجتماعاً مع وزير الصحة حمد حسن، للبحث بإمكان إعطاء أولوية لتوفير اللقاح للجسم التعليمي.
واستبعد مصدر تربوي العودة إلى التعليم المدمج في المرحلة الثانية من إعادة فتح البلد.
وفي ظل استنكاف حكومة تصريف الأعمال عن دورها، وعدم تأليف الحكومة، أعلنت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية لـ«اللواء» أن الرئيس عون يتابع عددا من الملفات ويعقد اجتماعات لهذه الغاية وهو سيواصل هذه المتابعة في ضوء التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلد.
وأكدت هذه المصادر إن الاطلالة الجديدة لرئيس التيار الوطني الحر لم تختلف عن سابقاتها لجهة هذا التصعيد لكن ما ذكره اوحى بأن خريطة الطريق وضعت ولا تراجع وأكدت أن الأيام المقبلة ستكون مفتوحة على تقييم ما أشار إليه النائب باسيل .
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن المواقف التي تصدر من هنا وهناك حول الملف الحكومي تزيد الأمور تعقيدا لأن السقوف ترتفع وسط سؤال هل هو تصعيد قبيل أن ينبلج الحل ام أن ما كتب قد كتب لجهة أن هذا الحل المرتقب بعيد المنال إلى حين بروز الضوء الأخضر خارجيا.
"الجمهورية": تجدد التراشق على جبهة "البرتقالي" و"الأزرق"
وينطلق هذا الأسبوع على وقع تأزُّم حكومي، وتدهور معيشي، وتوجّه تدويلي، وقد يكون مشهد التلقيح ضد كورونا هو المشهد الوحيد الذي يعطي أملاً بالحياة، فيما المطلوب على هذا المستوى أيضاً فتح السوق لاستيراد اللقاحات ضمن الشروط الصحية المطلوبة، تسريعاً لتطويق هذا الوباء. وقد حوّل المؤتمر الصحافي لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، عطلة نهاية الاسبوع، يوم مواجهة، فاشتعلت الساحة السياسية في ردود وردود مضادّة، شملت «المستقبل» و»القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي»، فيما قطع تيار»المستقبل» النقاش أمام اي حوار في مضمون المبادرة التي اطلقها باسيل، لأنّه يعتبر انّ اي حوار هو مع رئيس الجمهورية لا مع رئيس التيار، وهذا يعني انّ الأزمة الحكومية تراوح وتتعقّد، على وقع سخونة متواصلة وغياب للوساطات الداخلية وحتى الخارجية.
إنشغلت الاوساط السياسية امس بالمبادرة التي طرحها باسيل، التي جاءت قبل معرفة نتاج جولة الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري على قطر وابو ظبي، وما يُنتظر ان يُقدم عليه من خطوات على صعيد التأليف الحكومي، في ظلّ المناخ الذي كان يشي بولادة حكومية في وقت ليس ببعيد، ولكن ردود الفعل الأولية على المبادرة الباسيلية، اشاعت مناخات متشائمة إزاء احتمال التوافق على التشكيلة الوزارية الجديدة.
وفي الوقت الذي ارتفعت حدّة المواقف وردّات الفعل العنيفة، والتي كان بعضها جاهزاً، اياً كان موقف باسيل، او تلك التي شكّلت مناسبة لتناول جوانب مما جاء في مؤتمره الصحافي، قالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، انّ ما سُجّل من مواقف «كان متوقعاً ولا جديد فيه، لما شكّله من تكرار للحملات الإعلامية المتبادلة بين التيارين الأزرق والبرتقالي، وما بين الاخير و«الحزب التقدمي الإشتراكي».
ودعت هذه المصادر الى انتظار ردّ فعل «حزب الله» وحركة «امل» اللذين اتهمهما باسيل بالتنسيق مع الحريري، فاختارا حقائب وزرائهما، الامر الذي حظّره الحريري على رئيس الجمهورية، كما انّه أوحى بوجود سعي الى حلف سنّي ـ شيعي، يُترجم في بيروت بتحضير قواعد وإعادة شدشدة العصب السياسي في هذه المرحلة التي يواجه فيها تردّدات العقوبات وخلافاته مع القيادات المسيحية الأخرى.
ولم تعلّق مصادر قصر بعبدا على كلام باسيل مباشرة، ولكنها قالت لـ»الجمهورية»، انّه «قدّم رواية دقيقة لعملية تأليف الحكومة في بعض المراحل التي قطعتها، وبقراءة دستورية دقيقة لصلاحيات رئيس الجمهورية». ولفتت هذه المصادر، الى «ضرورة انتظار ردّات الفعل عليها ممن يعنيهم الامر وممن قصدهم باسيل، على امل ان تكون مجدية وإيجابية للتلاقي في مكان ما».
مبادرة ملغومة
وأبلغت اوساط مسيحية معارضة للعهد و«التيار الوطني الحر» الى «الجمهورية»، انّ مبادرة باسيل «ملغومة»، لافتة إلى أنّه «حاول أن يبيع تيار «المردة» وزيراً اضافياً من كيسه، علماً انّ من البديهي ان يكون لـ«المردة» وزيران في حكومة من 20 وزيراً، كما هو وضعه الراهن في حكومة حسان دياب، وبالتالي، فإنّ طرح باسيل ينطوي على «تربيح جميلة» في غير محله، ومن كيس غيره.
واشارت هذه الاوساط، الى «انّ الشق الملتبس في صيغة الـ20 وزيراً يكمن في هوية الوزير الدرزي الثاني، وهل سيكون محسوباً على رئيس «الحزب الديموقراطي» طلال أرسلان، وبالتالي جزءاً من فريق رئيس الجمهورية، ام سيكون وسطياً وأقرب الى الوزير الملك؟». ولفتت الى انّ موقف رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية من الحكومة المفترضة لا يزال غامضاً، وهو في انتظار ان يُعرض عليه طرح رسمي حتى يحدّد موقفه.
واستبعدت الاوساط ان تنجح مبادرة باسيل في إحداث خرق إيجابي في جدار الأزمة الحكومية، مشيرة الى «انّ اقتراحه «خذوا الحكومة واعطونا الإصلاحات» هو غير واقعي، خصوصاً انّ القوانين المطلوب إقرارها قد تحتاج إلى وقت، في حين انّ هناك ضرورة ملحّة لتشكيل الحكومة فوراً».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»، انّه «بدلاً من البحث في كيفية الخروج من الأزمة الكارثية، ينبري النائب جبران باسيل بالكلام عن حقوق المسيحيين، معتبراً انّه بهذه الطريقة يستطيع ان يُدخل اللبنانيين في مواجهة طائفية تُنسيهم فقرهم وتعتيرهم وعوزهم ومجاعتهم، وتنسيهم، وهنا الأهم، من أوصلهم إلى هذه الكارثة، اي السياسات التي قادها باسيل وأدّت إلى عزل لبنان عن الخارج، وأفقرت اللبنانيين في الداخل، ودفعتهم إلى انتفاضة مليونية في 17 تشرين، ما زالت محاولات إجهاضها مستمرة، وآخرها إطلالة باسيل وحرفه للنقاش عن مكمن الأزمة الفعلية».
ورأت المصادر، انّ «من يريد ان يتحدث عن حقوق المسيحيين عليه ان يرفع عنوان الدولة أولاً، لأنّه من دون دولة لا حقوق لجميع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، والانهيار الذي تشهده البلاد اليوم مردّه إلى هذا التحالف بين السلاح الذي يغطي النفوذ والسلطة، وبين السلطة التي تغطي السلاح، فدخل لبنان في دوامة من الفراغ والفشل والتأزّم، هذه الدوامة التي لا يمكن الخروج منها سوى بانتخابات نيابية مبكرة تُسقط الفريق الحاكم، وتفضي إلى انتخاب سلطة جديدة تشرع في وضع وبناء مداميك الدولة الفعلية».
وأكّدت المصادر، انّ «كل النقاش الذي أثاره باسيل خارج سياق الأحداث، ويحاول تغطية فشله ومأزوميته بشدّ العصب المسيحي في الكلام عن حقوق، بعدما أطاح حقوق المسيحيين وجميع اللبنانيين على مذبح مصالحه وأطماعه التي بدأت بوزارة الطاقة، وما أدراكم ما وزارة الطاقة، ولم تنته مع سعيه المستميت إلى رئاسة الجمهورية التي بدأها مع انتخاب عون رئيساً للجمهورية، فيما رأى اللبنانيون بالملموس إلى أين قادت لبنان سياسات هذا الفريق، ويسعون لاختصار معاناتهم لا تمديدها مع نموذج أسوأ».
إقرأ المزيد في: لبنان
26/11/2024