لبنان
سفيرا السعودية وفرنسا في بعبدا وقلق من انهيارات ماليّة وأمنيّة وصحيّة
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على تعقيدات تأليف الحكومة، إذ رأت أنه من الصعب أن تشهد حلحلة قريبة وكلّ المؤشرات تُشير إلى ذلك، مشيرة الى أن الأزمة ليست ثلثاً ضامناً أو مقعداً وزارياً، بل أزمة نظام عميقة حلّها بحاجةٍ إلى برنامج شامل.
والرئيس المكلف سعد الحريري سيبقى يرواغ ويُعقّد تأليف الحكومة حتى ينال «كلمة السرّ» الدولية والإقليمية التي «تَسمح» له بإنهاء هذا الملف، ومع التجربة أصبح «ماكراً» سياسياً، نجح في تصوير نفسه أمام الرأي العام اللبناني كالشخص الذي «يُحاول» أن يُنقذ البلد عبر إنجاز حكومة، فيما «الرئيس ميشال عون يُعرقل».
"الأخبار": البخاري لعون: نعرف (قلّة) وفاء الحريري
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن الرئيس ميشال عون قرّر الردّ على رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، بحراك دبلوماسي يجمع فيه بين «راعية» المبادرة الحكومية، السفيرة الفرنسية، وممثل الدولة التي تحمل «فيتو» التعطيل تجاه لبنان في المنطقة، السفير السعودي. في اللقاءين، أكّد عون تسهيله تأليف الحكومة، بخلاف ما يُروّجه الحريري. إلا أنّ ذلك لا يُلغي التصعيد المُتعاظم بين الرئيسين، والذي ينسف أي محاولة لتأليف الحكومة قريباً.
ما تُعبّر عنه جهات دولية صديقة لرئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، لجهة خشيتها من أن يكون الأخير غير راغبٍ في تأليف حكومة، يؤكّده الحريري في تصرفاته المُستمرة منذ تكليفه بالمنصب. مسارٌ يُفرّغ كلّ المبادرات التي أُطلقت من مضمونها، لأنّ الحريري بكلّ بساطة لا يُريد أن يُفاوض، ولا أن يُحصّل «العرض» الأفضل، بل أن يفرض شروطه. والغاية من ذلك أمران: إمّا جرّ رئاسة الجمهورية ــــ ومن خلفها التيار الوطني الحرّ ــــ إلى تنازلات كبيرة تُظهّر على شكل «انكسارٍ» للعهد وانقلاب عليه. وإمّا أنّه يُفخّخ كلّ المحاولات الإيجابية حتى لا تصل الأمور إلى خواتيمها، ولا تُؤلّف حكومة. والمعلومات السياسية تُشير إلى غلبة الخيار الثاني: سعد الحريري سيبقى يُعقّد تأليف الحكومة حتى ينال «كلمة السرّ» الدولية والإقليمية التي «تَسمح» له بإنهاء هذا الملف. يُضاف إلى الضغوط الخارجية، تعبيره علناً أمام الذين يلتقيهم بأنّه لن يتحوّل إلى الجهادي الذي يحمل كرة نار رفع الدعم وتحمّل ردّات الفعل الشعبية الغاضبة. ولكنّ الحريري أصبح مع التجربة «ماكراً» سياسياً، نجح في تصوير نفسه أمام الرأي العام اللبناني كالشخص الذي «يُحاول» أن يُنقذ البلد عبر إنجاز حكومة، فيما «الرئيس ميشال عون يُعرقل».
يبدو «عادياً» أن يكتب رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري بياناته حول نتائج لقاءاته السلبية مع الرئيس، قبل عقدها. ولا أحد يرتاب من تمسّك الحريري بـ«حقّ» تسمية المقاعد «المُخصّصة» للطائفة السنية والمسيحية، ويتشارك مع حركة أمل والحزب التقدّمي الاشتراكي بتسمية بقيّة الوزراء، فيما يُنادي بأنّه لا يقبل إلا حكومة «اختصاصيين» خالية من السياسيين. وحتى حين يقبل عون التنازل عن شرط الحصول على الثلث الضامن، يختلق الحريري فجأةً عقبة جديدة، وهي إصراره على مشاركة رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل في الحكومة، وإلا رفض تخصيص رئيس الجمهورية بأكثر من مقعدين وزاريين. كلّ تصرّفات سعد الحريري هي مُجرّد مناورات، لرفع مسؤولية التعطيل عن نفسه، وعن «الخارج» الذي يربط قراراته به. في لحظة مصيرية بتاريخ البلد، يظهر رئيس الحكومة المُكلّف كما لو أنّه لا يهتم سوى بالكرسي، حتى ولو كانت فوق مملكة مُدمّرة. وكلّ التسريبات الإيجابية التي سبقت «لقاء الاثنين»، دفنها اجتماع عون ــــ الحريري أول من أمس. لا وجود في قاموس السياسة لكلمة «انتهى»، ولكن حتى الساعة، كلّ المؤشرات تُشير إلى تعقيدات حكومية من الصعب أن تشهد حلحلة قريبة. ففي الأساس، الأزمة ليست ثلثاً ضامناً أو مقعداً وزارياً، بل أزمة نظام عميقة، حلّها بحاجةٍ إلى برنامج شامل.
لقاءات رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، أمس، أتت تكملة لشدّ الحبال بينه وبين الحريري. أبرزها كان الاجتماع مع السفير السعودي في بيروت، وليد البخاري. اللقاء تمّ «بطلبٍ من الرئيس»، ما يعني أنّه في الأصول الدبلوماسية يجب على السفير أن يُلبّي الدعوة. ولكن، كان باستطاعة البُخاري أن يطلب تأجيل الموعد أيّاماً قليلة، حتى لا تُترجم الخطوة كرسالة سلبية بوجه الحريري. على العكس من ذلك، لبّى دعوة بعبدا قبل أقلّ من 24 ساعة على الحرب الكلامية بينها وبين الرئيس المُكلّف.
يأتي ذلك بالتزامن مع عدم إخفاء السعودية «حقدها» على الحريري ورفض وليّ العهد محمد بن سلمان استقباله، ومع تداول معلومات في الأوساط السياسية أنّه حين التقى موفد عون مع البخاري سابقاً، أبلغه رئيس الجمهورية: «سمّوا (السعودية) بديلاً من سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وأنا أوافق عليه». حتّى ولو عاد البخاري والتقى الحريري بعد فترة، لن يُلغي ذلك وقع زيارته لبعبدا. وتُفيد مصادر رئيس الجمهورية بأنّ أجواء الزيارة «كانت إيجابية. الدعوة وُجّهت مساء أول من أمس، وتمّت تلبيتها سريعاً». تحدّث عون والبخاري عن اتفاق الطائف، وكان الرئيس «حريصاً على إعلان التمسّك بالطائف، وأنّه يُمارس ما تبقى من صلاحياته كرئيس للجمهورية». وأوضح عون أنّه إذا «كان العهد سيُحمّل مسؤولية في الشارع، فهو في حاجة إلى تمثيل في الحكومة». الحريري كان أحد عناوين اللقاء، فقال عون للسفير السعودي إنّه كان يُعامل الرئيس المُكلّف «كابنٍ لي، لكن تبيّن أنّه من دون وفاء»، وبحسب المصادر أكّد البخاري هذه الصفة، قائلاً لعون: «عم تخبرنا نحن عن وفائه؟ نحن أكثر من يعرف ذلك»، من دون أن يتطرّقا إلى تسمية رئيس حكومة جديد.
وكان البخاري قد أعلن بعد انتهاء اللقاء تشديده على «الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تلبية ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني من أمن واستقرار ورخاء. كما ندعو جميع الأفرقاء السياسيين في لبنان إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا من منطلق الحاجة المُلحّة للشروع الفوري بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان». إلا أنّ البخاري حافظ على تصعيده، بما ينسف «عبارات التشريفات» السابقة، مُتمسكاً بمضامين «قرارات مجلس الأمن 1701، 1680 و1559 والقرارات العربية والدولية ذات الصلة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته. ونُشدّد على أنّ اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان».
المحطة الدبلوماسية الثانية في بعبدا كانت مع السفيرة الفرنسية لدى لبنان، آن غرييو، التي تتمسّك بلادها بتعويم سعد الحريري في وجه فريق الرئاسة وحزب الله، وتعتبره «حصان طروادتها» ــــ هي والولايات المتحدة الأميركية ــــ للمرحلة المقبلة». سبب اللقاء أتى من منطلق أنّ فرنسا هي راعية المبادرة الحكومية... والحريري. أوضح عون أنّه يُسهّل تأليف الحكومة، فيما الحريري مُتمنّع. وأكّد عون «تمسّكه بالمبادرة الفرنسية كمشروع إنقاذي للبنان، والعمل للوصول إلى تأليف حكومة جديدة تواجه التحدّيات الراهنة على مختلف الأصعدة».
في المقابل، وكما دائماً، يخرج العازفون على وتر «الدفاع عن كرامة الطوائف» كلّما تعقّدت الأمور سياسياً. ومن هذا المنطلق، «هَبّ» رؤساء الحكومات السابقون إلى اجتماع «تضامني» مع موقع رئاسة الحكومة، وليس مع الحريري. وقد أذاع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بياناً يُدينون فيه «تجاوز فخامة الرئيس لأحكام الدستور، وكأنّ المقصود إحراج الرئيس المُكلّف لإخراجه»، مؤكّدين تمسّكهم «بالدستور نصّاً وروحاً وبوثيقة الوفاق الوطني في الطائف. وبالتالي، فإنّ كلّ محاولة للذهاب بالمسألة إلى تصعيد مذهبي وطائفي وإعادة إنتاج الصراع الطائفي هي مردودة سلفاً». دعم «نادي الرؤساء» مسوّدة الحريري التي تقدّم بها، «وتمسّكه بها ليس من باب التعنّت أو المغالبة، بل استجابة لما يُريده اللبنانيون وأشقّاء وأصدقاء لبنان في العالم». مديحٌ للحريري أتى ليؤكد عمله وفق خريطة طريق «الخارج» الذي لا يريد حلّاً لبنانياً. وقد دُعي الحريري إلى «الثبات على موقفه الوطني والدستوري الحازم والمنطلق ممّا يجهد اللبنانيون لتحقيقه، ولا سيما في ضرورة استعادة الدولة اللبنانية القادرة والعادلة لسلطتها الكاملة ولقرارها الحر».
"البناء": زيارات دبلوماسيّة فرنسيّة وسعوديّة إلى بعبدا... والقلق من انهيارات ماليّة وأمنيّة وصحيّة
بدورها صحيفة "البناء" أشارت الى أن تناقل وسائل الإعلام المحليّة الكلام الصادر عن الدبلوماسيّ السابق ديفيد شينكر الذي وضع عنواناً للمستقبل السياسي للبنان وللحكومة، في إطار المواجهة مع حزب الله والتيار الوطني الحر، وتجاهلت البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية الذي يدعو جميع الأطراف السياسيّة الى التوافق للتغلب على خلافاتهم تسهيلاً لتشكيل حكومة تنجز الإصلاحات، وهو ما ربطته مصادر دبلوماسية بالمعلومات التي حملتها نتائج اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لجهة دعوة الأحزاب السياسية اللبنانية للوصول الى اتفاق سياسيّ يفتح طريق الإنقاذ، ومنع الانهيار. وقالت المصادر الدبلوماسية إن مفوّض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بات هو الحائز على التفويض الأميركي لإدارة التفاوض اللبناني والتفاوض حول لبنان، من ضمن المهمة التي يتولاها في ادارة التفاوض غير المباشر بين طهران وواشنطن، حول مستقبل الاتفاق على الملف النووي الإيراني، وتعتقد المصادر الدبلوماسية أن الدعسة الفرنسية التي ارتكبها الرئيس امانويل ماركون بالتعهّد بضم السعودية الى المفاوضات الأميركية الإيرانية حول الملف النووي كثمن لتسهيل سعودي لمهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري ناقصة. وتعتقد المصادر أن حركة بوريل ستكون تحت عنواني حكومة سياسية أو انتخابات نيابية مبكرة بعد استطلاع رأي القيادات السياسية اللبنانية.
في بعبدا استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون السفير السعودي وسفيرة فرنسا، في سياق تشاور يراد منه تخفيض منسوب القلق من انهيار وشيك، بعد فشل مساعي تشكيل الحكومة بطريقة دراماتيكيّة يوم أول أمس.
وبقي المشهد الداخليّ تحت تأثير ارتدادات اللقاء العاصف بين رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وما أعقبه من حرب بيانات وكشف كل الأوراق الحكوميّة ما يُنذر بفترة فراغ حكوميّ طويل لن ينتهي إلا بتدخّل خارجيّ ينتهي بتسوية لا تبدو قريبة في ظل التجاذبات والخلافات والتصعيد على المستويين الإقليميّ والدوليّ.
وإزاء الفشل والاستعصاء السياسيّ في إنتاج حكومة جديدة، برز تحرّك دبلوماسي أوروبي – عربي – خليجي على الخط الحكومي، وشهد قصر بعبدا سلسلة زيارات دبلوماسية أبرزها السفير السعودي وليد البخاري والسفيرة الفرنسية آن غرييو في القصر.
واستقبل الرئيس عون بحضور الوزير السابق سليم جريصاتي، السفير السعودي وعرض معه التطورات الراهنة والمستجدات الحكومية الاخيرة، إضافة الى شؤون تتصل بالعلاقات اللبنانية – السعودية وسبل تطويرها في المجالات كافة، فضلاً عن شؤون إقليميّة راهنة.
وشدّد البخاري بعد اللقاء على «التزام المملكة بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه»، كما دعا إلى «ضرورة الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تلبية ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني من أمن واستقرار ورخاء». وطالب «جميع الأفرقاء السياسيين في لبنان إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا من منطلق الحاجة الملحّة للشروع الفوريّ بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان».
كما أكد السفير السعوديّ على «أهمية مضامين قرارات مجلس الأمن 1701، 1680 و1559 والقرارات العربية والدولية ذات الصلة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته». وشدّد بأن «اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان».
وحملت زيارة البخاري الى بعبدا إشارات ورسائل عدة أبرزها رسالة سلبية الى بيت الوسط لا سيما أن الزيارة جاءت غداة تصعيد الحريري باتجاه رئيس الجمهورية، في وقت لم يزُر السفير السعودي بيت الوسط منذ شهور عدة لا سيما بعد تكليف الحريري. لكن مصادر «البناء» لفتت إلى أن موقف البخاري ليس معزولاً عن سياسة بلاده بل بتوجيهات منها بدليل قراءته ورقة مكتوبة بعد اللقاء.
وفيما أشيع عن توجّه سعوديّ لتقديم مساعدة مالية للبنان لمنع الانهيار في لبنان، قللت المصادر من أهميّة الزيارة لجهة مساعدة لبنان مالياً، وأنها لا تتعدّى الطابع البروتوكولي.
وفي موازاة ذلك، دعت جامعة الدول العربية جميع الأفرقاء السياسيين في لبنان إلى «إعلاء المصلحة الوطنية والعمل بشكل سريع على إنهاء حال الانسداد السياسي الذي فاقم من معاناة الشعب اللبناني».
"النهار": العهد يستدرج الدول إلى الصراع الحكومة
كتبت صحيفة " النهار" تقول إنه وسط غموض واسع ومتفاقم لفّ الواقع اللبناني بمجمله غداة الصدام الحاد الذي حصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والذي فجّره "فعل انقلابي" غرائبي موصوف استهدف دفع الحريري الى التنحي والاعتذار، بدا واضحاً ان المقامرة السياسية الجديدة زجت البلاد في متاهة ازمة مفتوحة بلا أي افق، وقد تكون محفوفة بأنماط متطورة من الاخطار على كل الصعد. وما زاد المخاوف من الطبيعة المفخخة للاخطار المقبلة، ان العهد لم يكتف بتداعيات محاولته الانقلابية بعدما اصطدمت بالمناهضة العنيفة التي واجهه بها الحريري، بل مضى في اليوم التالي نحو محاولات مستجدة علم انها تهدف إلى محاولة محاصرة الرئيس المكلف من خلال اتصالات ديبلوماسية، بل عبر ما وصفه البعض بالاستدعاءات المفاجئة لسفراء دول أساسية معنية بالوضع في لبنان وزجها في أتون الصراع المتصاعد بين بعبدا وبيت الوسط، ومحاولة استمزاج الدول المعنية في إزاحة الحريري من خلال اطلاعها على معطيات تظهر استعصاء التفاهم بين الرئيسين بعدما فشلت الأساليب السابقة في حمل الرئيس المكلف على تجاوز تكليفه النيابي والاعتذار عن مهمته، تحت وطأة التعطيل المنهجي الذي يستهدف مهمته. واذ رسم هذا الاتجاه التحريضي مزيداً من أجواء الشحن والتوتر على الازمة المحتدمة، ارتسمت علامات غموض كبيرة حول مآل الوضع الداخلي على المديين القريب والمتوسط بعدما تصاعدت بشكل لافت للغاية امس مواقف عربية ودولية تبدي قلقا متصاعدا على لبنان وتحذر من احتمالات انهياره الوشيك.
برز هذا الاتجاه في شكل أساسي عبر دعوة رئيس الجمهورية السفير السعودي وليد بخاري الى لقائه بعد ظهر امس في قصر بعبدا بعد انقطاع لزيارات السفير الى بعبدا منذ سنتين.
وفي مقابل الإيحاءات التي حاول العهد وفريقه توظيفها لتصوير الزيارة لمصلحته في حربه على الحريري، بدا الموقف السعودي صارما بالتزام ثوابته التي عبر عنها السفير بخاري في بيان معد سلفاً رافضاً بعد تلاوته الرد على أسئلة الصحافيين. واكد أنّ "الرؤية السعودية للبنان تنطلق من مرتكزات السياسة الخارجية للمملكة التي تؤكد احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها"، مشدّدا على أنّ "سيادة لبنان إنجاز تاريخي تحقق عبر نضالات الشعب اللبناني، ونحن نحترم هذه السيادة، وأكدت للرئيس عون التزام المملكة سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، وضرورة الاسراع بتأليف حكومة قادرة على تلبية ما يتطلع اليه الشعب اللبناني، وشددت على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا للشروع الفوري بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان". كما شدد البخاري على أنّ "إتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان".
كذلك التقى عون السفيرة الفرنسية آن غريو وعرض معها التطورات الحكومية الأخيرة وغادرت من دون تصريح. وأفادت معلومات بعبدا ان عون شرح للسفيرة الإشكالات التي رافقت مراحل تشكيل الحكومة مؤكدا تمسكه بالمبادرة الفرنسية كمشروع انقاذي للبنان ومشددا على العمل من اجل الوصول الى تشكيل حكومة جديدة تواجه التحديات الراهنة على مختلف الصعد.
في غضون ذلك اتخذ اجتماع رؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام والرئيس المكلف سعد الحريري في "بيت الوسط" مساء امس طابعاً بارزاً لجهة الدعم القوي للحريري في مواجهة الاستهداف الذي يتعرض له. وأبدى المجتمعون استغرابهم "من التصرفات والمواقف التي تخالف الدستور، وتخرج عن الإطار المألوف واللياقات والأعراف والأصول المتبعة في التخاطب بين الرؤساء وفي تشكيل الحكومات في لبنان. ومن ذلك، تجاوز فخامة الرئيس لأحكام الدستور، وكأنّ المقصود إحراج الرئيس المكلّف لإخراجه". وشددوا على "ان كل محاولة للذهاب بالمسألة إلى صعيد مذهبي وطائفي وإعادة إنتاج الصراع الطائفي هي مردودة سلفاً ولن ينجروا إليها". وإذ نوهوا بـ"الموقف الوطني المسؤول والرصين للرئيس سعد الحريري الذي كظم غيظه"، دعوه الى "الثبات على موقفه الوطني والدستوري الحازم والمنطلق مما يجهد اللبنانيون لتحقيقه". كما اكدوا "موقفهم الثابت بضرورة المسارعة والتوجه فوراً نحو اتخاذ الخطوات الإنقاذية لمعالجة الاختلال الحاصل على الصعيدين الداخلي والخارجي من أجل أن تتشكّل حكومة إنقاذية ذات مهمة محددة مؤلفة من ذوي أصحاب الكفاءات المستقلين غير الحزبيين، تستطيع ان تعمل كفريق متضامن بعيداً عن الانخراط في سياسات المحاور والصراعات الضارة، وبالتالي تحظى بثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي وتستطيع ان توقف الانهيار".
وفي المقابل حمل "تكتل لبنان القوي" على "الاسلوب الذي اعتمده الرئيس المكلّف في التعامل مع رئاسة الجمهورية مخالفاً الأصول وابسط قواعد اللياقة"
واعتبر ان ما طرحه الحريري في التشكيلة التي كشف عنها "يناقض قواعد الاختصاص فضلاً عن انه لا يحترم لا الميثاقية ولا الدستور ولذلك لم يوافق عليها رئيس الجمهورية". وسأل "ما المانع من تشكيل حكومة من عشرين او 22 او 24 وزيراً اذا كان ذلك يوفّر لها شروط الاختصاص، ويحترم القواعد المتفّق عليها. وبأي منطق يعطي رئيس الحكومة المكلّف جميع الطوائف حق تسمية الوزراء ويمنع ذلك عن المسيحيين وعن رئيس الجمهورية على قاعدة "كلّن بيسمّوا الاّ انتو".
ويعتبر التكتل ان الهدف الرئيسي للحريري هو حصوله مع الداعمين له على النصف زائد واحد في الحكومة وليست المشكلة بالثلث الضامن الذي لم يطلبه احد اصلاً ".
إقرأ المزيد في: لبنان
27/11/2024
عمليات المقاومة ليوم الأربعاء 27-11-2024
27/11/2024