لبنان
مجلس النواب يؤجل العتمة.. وعودة التراشق بين بعبدا وبيت الوسط
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم بما أقرّه مجلس النواب أمس في جلسته التشريعية بإعطاء سلفة للكهرباء لإبعاد شبح العتمة عن البلاد، إضافة لقانون استعادة الأموال المنهوبة.
وتناولت الصحف موقف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي كشف عن إبلاغ بلاده للمسؤولين اللبنانيين بوجوب الإنهاء الفوري للتعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة.
فيما ركزت بعض الصحف على تحقيقات انفجار المرفأ، مشيرة إلى إهمال القاضي صوّان لمعلومات بالقضية يمتلكها وزير الدفاع السابق يعقوب الصراف.
"الأخبار": انفجار المرفأ: وثائق أهملها صوّان
لم يُرسِل المحققون الفرنسيون تقريرهم النهائي بشأن انفجار مرفأ بيروت. المحقق العدلي الجديد طارق بيطار عاود التحقيق من نقطة البداية مع اقتراب الفرج بالنسبة إلى موقوفين سُجنوا ظُلماً لإرضاء الرأي العام الغاضب. يترافق ذلك مع رواية جديدة يملك تفاصيلها الدقيقة وزير الدفاع السابق يعقوب الصرّاف الذي لم يستدعه القضاء بعد، رغم تصريحه بامتلاك معطيات ومعلومات في غاية الأهمية تتعلّق بانفجار مرفأ بيروت. فماذا لدى الصرّاف؟
فقط في لبنان يخرج وزير دفاع سابق ليُعلِن أنّ لديه معلوماتٍ تتعلّق بأضخم انفجارٍ في تاريخ البلاد، لكنّ المحقق العدلي القائم بالتحقيق لا يكترث له، بل يرفض الاستماع إليه، رغم محاولات الوزير المتكررة للإدلاء بما لديه. قبل أشهر، خرج وزير الدفاع السابق يعقوب الصرّاف عن صمته، مُعلِناً امتلاكه معطيات ومعلومات في غاية الأهمية تتعلّق بانفجار مرفأ بيروت، لكنّ المحقق العدلي السابق فادي صوّان رفض الاستماع إليه. وكشف الصرّاف أنّه حاول الاتصال مباشرة بالقاضي صوّان، لكن عبثاً كانت محاولاته، فترك له خبراً في مكتبه، لكن المحقق العدلي لم يُحرّك ساكناً. عمد بعدها الصرّاف إلى إرسال كتاب رسمي عبر وزيرة العدل وحوّلته مباشرة إلى مدعي عام التمييز الذي أحاله على صوّان، لكن من دون جدوى أيضاً. انقضت ثلاثة أشهر، كان خلالها صوّان محققاً عدلياً، بتجاهلٍ تام لما في جعبة وزير الدفاع السابق الذي قرر إعلان ما حصل معه أمام الرأي العام.
أُضيف شهرٌ جديد منذ أن كُلِّف القاضي طارق البيطار بمهام التحقيق العدلي من دون استدعاء الصرّاف للاستماع إليه، مع العلم بأنّ القاضي البيطار يملك معذرة التأخير لكونه قرر الانطلاق بالتحقيق من النقطة الصفر؛ إذ إنّه يعاود الاستماع إلى إفادات جميع الموقوفين في الملف البالغ عددهم ٢٥ موقوفاً، مع تسطير استنابات قضائية بشأن مسار السفينة «روسوس» التي كانت تحمل شحنة نيترات الأمونيوم، ومالكي الشحنة التي انفجرت في مرفأ بيروت يوم 4 آب 2020، وكيفية شرائها ولصالح من استُورِدت ومن دفع ثمنها، لحسم هوية المسؤولين عنها. وبدا واضحاً أنّ القاضي البيطار وضع منهجية تنقسم إلى ثلاثة أقسام لتحديد المسؤوليات وتوزيعها؛ المرحلة الأولى دخول النيترات، المرحلة الثانية إفراغ السفينة وتخزين النيترات، والمرحلة الثالثة الحريق إذا كان مفتعلاً أو بالصدفة، مع أنّ طبيعة الجريمة وحجم التحقيق وعدد الموقوفين والنتائج المرتقبة كانت تفترض تشكيل لجنة تحقيق من عدة قضاة، بدلاً من أن يُلقى الحمل كاملاً على قاضٍ واحدٍ سيستهلك وقتاً طويلاً جداً قبل الوصول إلى النتائج النهائية.
وبحسب ما علمت «الأخبار»، لدى وزير الدفاع الأسبق صور جوية للسفينة «روسوس»، أثناء رسوِّها في المياه الإقليمية اللبنانية في تواريخ مختلفة منذ دخولها في ٢١ تشرين الثاني عام ٢٠١٣، حيث يتبيّن أنّ السفينة جرى نقلها عدة مرات داخل الحوض البحري لمرفأ بيروت وخارجه، علماً بأنّه بحسب القانون، فإنّ السفن التي تنقل متفجرات أو مواد خطرة، ملزمة بالرسو خارج أحواض المرفأ التي يُمنع عليها دخولها إلا بموافقة رئيس المرفأ حصراً. كما أنّ لون سقف السفينة كان يختلف بين صورة وأخرى؛ فتارة يظهر اللون الأبيض وتارة الأحمر، في دلالة على أنّ أبواب العنابر كانت تُفتح وتُقفل. وكشفت المصادر أنّ هناك صورة مؤرخة بتاريخ ٣ أيار ٢٠١٥ تُبيّن أنّ عنابر السفينة قد امتلأت بالمياه، مشيرة إلى أنّ قرار تعويم السفينة غير قرار تفريغها. ولدى الوزير السابق الصراف مجموعة صور جوية للسفينة التي بقي أثرها يظهر حتى تاريخ ٢٣ آذار ٢٠١٨ مع أنّها غرِقت في 18 شباط من ذلك العام.
السفينة روسوس كانت في صيدا قبل رسوّها في مرفأ بيروت
كذلك ذكرت المصادر أنّ المعطيات التي لدى وزير الدفاع السابق الصرّاف تُبيّن أنّ السفينة «روسوس» كانت في صيدا في حزيران العام 2013، أي قبل أشهر من دخولها مرفأ بيروت وبقائها فيه بحجة تعطُّلها. وتكشف المصادر أنّ لدى الصرّاف تساؤلات تُعزّز فرضية المؤامرة لجهة طلب تدخل القضاء لمنع السفينة من المغادرة، ثم تفريغ حمولتها. وهنا يُفترض مساءلة الفريق الذي أعدّ التقرير الذي تمّ بموجبه اتخاذ قرار إفراغ حمولة السفينة، وتحديد الشخص الذي أبلغ القضاء أنّ تضرر «روسوس» يحول دون السماح بإبحارها، مع أنّ ذلك غير مثبت. وتجدر الإشارة إلى أنّه إضافة إلى المعلومات الخاصة لدى الصرّاف، فقد أجرى الأخير دراسةً مفصّلة تتعلّق بمرفأ بيروت ورحلة السفينة. يتوقّف الصرّاف عند إفادة الوكالة الوطنية للتجارة والشحن التي ذكرت أنّ السفينة ستدخل بحالة «ترانزيت»، لكنها لم تذكر في رسالتها هذه أنّها جاءت لتحميل آليات المسح الزلزالي لتنقلها إلى العقبة في الأردن.
كذلك يتوقف عند تغيير قبطان السفينة، كاشفاً أنّ عدد من المعاملات التي قُدِّمت لإدارة المرفأ كان مسجّلة باسم القبطان السابق أباكوموغ فياشكيف، علماً بأنّ القبطان بروشكيف بوريس تسلم الباخرة في العاصمة التركية إسطنبول. كذلك يستند الصرّاف إلى القرار ١/٣١ الصادر يوم 26/1/1966، الخاص بنظام المرافئ والموانئ، ليخلص إلى أنّ المواد الخطرة تُنقل إلى مستودعات الجيش إذا كانت مستوردة، لكن لا علاقة للجيش إذا كانت المواد عابرة بحالة «ترانزيت»، مع تأكيده أنّ الحمولة الخطرة تمنع أصلاً دخول السفينة إلى الحوض البحري.
كذلك يتطرّق الصرّاف إلى الحريق الذي اشتعل في العنبر الرقم 12 قبل أن يتسبّب في انفجار نيترات الأمونيوم، فضلاً عن وجود شبهات في إفادات عدد من المسؤولين عن أمن المرفأ، لجهة غياب السجلات التي تُثبت منح تصاريح أمنية لأشخاص كانوا يدخلون حرم ميناء بيروت البحري، علماً بأنّ هذا ليس كل ما في جعبة الوزير الصرّاف الذي تكشف المصادر المطّلعة على التحقيق أنّ المحقق العدلي بصدد استدعائه قريباً للاستماع إلى ما لديه من معلومات.
من جهة أخرى، لم يُرسل المحققون الفرنسيون تقريرهم النهائي بشأن انفجار مرفأ بيروت، مع أنّه كان متوقعاً نهاية شباط الماضي. وقد استمع المحقق العدلي إلى المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي والمدير العام بدري ضاهر أمس، بعدما كان قد استمع الأسبوع الماضي إلى المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي ومدير الميناء في المرفأ محمد المولى. كما كان البيطار قد استجوب الضباط الموقوفين في القضية، بينهم الرائد في جهاز أمن الدولة جوزيف النداف والعميد في مخابرات الجيش انطوان سلوم والرائدان في الأمن العام داود فياض وشربل فواز، إضافة إلى مدير عام المرفأ ومدير العمليات ورئيس مصلحة البضائع والمسؤول عن العنابر ومدير الحرس داخل حرم المرفأ. تجدر الإشارة إلى أنّ هناك معلومات تتحدث عن قرب اتخاذ المحقق العدلي قرارات بالموافقة على إخلاء سبيل موقوفين مظلومين وآخرين استنفدوا أمد التوقيف الذي يستحقونه تبعاً لحجم مسؤوليتهم.
"البناء": مجلس النواب يشرّع سلفة الفيول
في مجلس النواب أقرت سلفة 200 مليون دولار لشراء الفيول لكهرباء لبنان، بينما كانت العتمة تتسع لتشمل مناطق لبنانية عديدة، مع توقف معمل الزهراني بسبب نقص الفيول، بينما الباخرة المحملة بالفيول موضوع أخذ ورد في مطابقة مواصفاتها للمعايير التي تتناسب مع سعر الشراء، وتحدثت مصادر مالية عن تكرار ظاهرة الربط بين العتمة وتمرير قبول كمية الفيول بصورة مخالفة لمواصفات، بأسعار يشترط قبولها بالتزام المورد بالمواصفات، وقالت المصادر المالية إن لغة الصفقات والسمسرات تكمن في مثل هذه الألاعيب المتكررة.
لم يحمل بداية الأسبوع مؤشرات جديدة تشي بانفراج ما على الصعيد الحكومي، لا بل إن مواقف الساعات الأخيرة لا سيما التحذير الذي أطلقه رئيس المجلس النيابي نبيه بري والإشارات السلبية التي صدرت عن رئيس الجمهورية ميشال عون والرد التصعيديّ عليها من بيت الوسط، أوحت بأن الحلول ما زالت مقفلة والمسافة للوصول الى شاطئ الأمان لا زالت بعيدة، ما يؤشر إلى نوع من تسليم القوى السياسية كافة بالأمر الواقع وبأن لا حكومة في المدى المنظور.
وحذّرت مصادر مطلعة لـ»البناء» من جولة تصعيد جديدة في الشارع بانتظار لبنان وذلك بسبب تفاقم الأزمات المعيشية من ارتفاع سعر صرف الدولار الى سعر المحروقات والمواد الغذائية على أبواب شهر رمضان اضافة الى أزمة الكهرباء، حيث تعيش معظم المناطق اللبنانية ومن ضمنها العاصمة بيروت تقنيناً قاسياً بالتيار الكهربائي حيث وصلت التغذية في بعض المناطق الى ساعتين أو ثلاث، فيما أطفأت المولدات الكهربائية محركاتها بسبب نفاد مادة المازوت ما يهدد لبنان بعتمة شاملة وذلك بعد تعطّل معمل الزهراني»، مشيرة الى أن «الجمر تحت الرماد ونعيش في مرحلة الهدوء ما قبل العاصفة، والانفجار الاجتماعي آتٍ لا محالة لا سيما أننا على قاب قوسين أو ادنى من رفع الدعم أو ترشيده على أقل تقدير بسبب تقلص احتياط مصرف لبنان ما سيوضع المواطن بين خيارين إما رفع الدعم للحفاظ على ما تبقى من احتياط نقدي في المصرف المركزي على ان يعمد المركزي الى استخدام هذا الاحتياط للتدخل في سوق الصرف لتحقيق نوع من التوازن بين الليرة والدولار ولجم الارتفاعات المتتالية بسعره في السوق السوداء، وإما الخيار الثاني فهو الإبقاء على الدعم ونفاد الاحتياط الباقي وبالتالي ارتفاع اضافي بسعر صرف الدولار وحينها لم تعد سياسة الدعم مجدية بسبب تدهور القيمة الشرائية للرواتب بالليرة اللبنانية».
وإزاء هذا الواقع الذي باتت تفاصيله تتداول على ألسنة سفراء دول العالم، صرخة فرنسية جديدة أطلقها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي كشف أنه «أبلغنا المسؤولين اللبنانيين بوجوب الإنهاء الفوري للتعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة». وتابع: «هناك تفكير على مستوى الاتحاد الأوروبي في تحديد سبل للضغط على المتسببين في التعطيل».
وفي سياق ذلك، نقلت مصادر لبنانيّة عن مسؤولين فرنسيين أن فرنسا تخشى من «ثورة» حقيقية في لبنان في حال استمرّ النزيف في الاقتصاد اللبناني لا سيما مع تكدس الازمات وعجز الدولة عن معالجة أزمة واحدة، الأمر الذي يؤثر على أمن واستقرار لبنان ووحدة اللبنانيين». وشددت المصادر لـ»البناء» على أن «فرنسا من أكثر الدول اهتماماً بلبنان وتعتبره ساحة اساسية لها في الشرق الاوسط ولن تتخلى عنه وستظل تعمل مع شركائها في الاتحاد الأوروبي والأميركيين والدول الخليجية على مساعدة لبنان وإنقاذه من الانهيار الكبير»، وأكدت المصادر أن «المبادرة الفرنسية مستمرة ولم تنته ولا تنتهي، لأنها المبادرة الوحيدة القائمة حالياً ولا بديل عنها فضلاً عن انها مدعومة من دول عدة إقليمية ودولية مؤثرة في الساحة اللبنانية». واستبعدت المصادر أن تذهب فرنسا والاتحاد الاوروبي الى فرض عقوبات مالية على شخصيات سياسية لبنانية كالرئيس سعد الحريري أو مقربين منه او على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وغيرهما، لكن ربما تلجأ فرنسا ومعها الاتحاد الاوروبي الى تجميد أصول وأملاك والحسابات المالية لبعض السياسيين اللبنانيين في فرنسا وبلجيكا والمانيا وبريطانيا وغيرها ومن هؤلاء السياسيين فاعلون في تأليف الحكومة».
وبعدما اتهم رئيس الجمهورية الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه يسعى الى إحراجه بصيغة حكومية تحقق مصالح الحريري على حساب الوطن وإخراجه من ممارسة صلاحياته الدستورية، رد الحريري على «تويتر» بالقول: «وصلت الرسالة، لا داعي للرد، نسأل الله الرأفة باللبنانيين». وأشارت أوساط سياسية في تيار المستقبل الى أن «الحريري يقصد عون بهذه التغريدة المقتضبة ولا يريد الدخول في سجالات إعلامية لا طائل منها». وأكدت الأوساط لـ»البناء» أن الحريري متمسك بالتكليف كحق دستوريّ ولن يتنازل عنه ولن يرضخ للشروط ويعتذر».
في المقابل جدّد الرئيس عون خلال استقباله وفداً من الاتحاد العمالي العام تمسّكه بـ «ضرورة وجود قناعة لدى المكلف تشكيل الحكومة بصعوبة الوصول الى حل في هذا المجال في حال اللجوء الى التأليف من قبل شخص واحد، فهناك عدة معايير تؤلف على اساسها الحكومة، لا سيما في ما خص توزيع التوازن، وهذا لا يحصل عبر احتكار شخص لعملية التأليف. علينا إيجاد حلول كي نعيد التوازن الى ما كان عليه، ويعود أصحاب الصلاحيات الى ممارسة صلاحياتهم».
وأمل رئيس الجمهورية في أن يتم «تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن». وقال «إن الارث المكون من التراكمات ثقيل جداً، وجميعنا يعلم أنه يتكوّن من مئات المليارات، إضافة الى مآسٍ أثرت بشكل مباشر على لبنان، تبدأ من الديون المتراكمة، ثم الحرب في سورية، إضافة الى الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت وصولاً الى جائحة كورونا العالمية، مع وجود نقص بإمكانية التعويض والإمساك بالاقتصاد الى حين تحسن الأوضاع». وتحدث رئيس الجمهورية عن صعوبة وضع معالجات سريعة لمختلف المشكلات خصوصاً أن «ذلك يتطلب إمكانيات نفتقدها، لا سيما المالية منها. وكشف أن العمل جار حالياً على تنفيذ خطة لترشيد الدعم، وستكون هناك بطاقة تموينية للذين يعانون من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة».
وفيما بقيت أفكار عين التينة في سوق التداول بين العاملين على خط تأليف الحكومة، حذّر رئيس المجلس من أن «البلد كله بخطر اذا لم تتألف حكومة، وسنغرق كسفينة التايتانيك بالكل من دون استثناء». وعلق بري على طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب تفسير القانون لجهة تصريف الأعمال بالقول: «هيدا حكي تركي»، وأضاف: «تاركين كل الشغل اللي عندهن ياه وجايين يقولولنا فسّروا الدستور. إذا كان المطلوب تغيير الدستور فهذا الأمر مش موجود بقاموسنا».
"اللواء": الحراك الدبلوماسي: قطيعة بين عون والحريري!
أزاح مجلس النواب عن ظهره تبعة العتمة الحالية، أو المتوقعة، والناجمة عن الممارسات غير المسؤولة للوزير المعني ومؤسسة كهرباء لبنان فأتاح لها، عبر سن قانون، الحصول على سلفة 200 مليون دولار أميركي، من خزينة متهالكة، لشراء الفيول اويل، وضمان استمرار الاضاءة، ولو المقننة على نحو قاسٍ لشهر أو شهرين وعسى يخلق الله ما لا تعلمون..
لكن كلام وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، لم يكن له الوقع، الذي يتمناه اللبنانيون، وهو يخاطب بتنديد غير مسبوق الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، مبلغاً اياهم بوضوح، ومن أدنى لبس بأنه يتعين عليهم فوراً إنهاء التعطيل المتعمد للخروج من الأزمة السياسية كما أبلغهم بأن هناك تفكيرا على مستوى الاتحاد الأوروبي في تحديد سبل للضغط على المتسببين في التعطيل.
وكان الوزير الفرنسي أبلغ رفاقه الأوروبيين بأن الوقت حان لزيادة الضغط بعد التعطيل المستمر منذ 7 أشهر.
وجاء الإعلان بعد انتهاء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسيل.
وتفاعلت ازمة تشكيل الحكومة بعد محاولة رئيس الجمهورية وفريقه السياسي قلب الوقائع لدى سفراء بعض الدول الكبرى والعربية ونفي مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة عنه والسعي لتحميل الرئيس المكلف هذه المسؤولية خلافا للواقع والقيام بحملة تحريض ضده لم تلق صدى أو تجاوبا لمعرفة هؤلاء السفراء حقيقة الوضع وما يقوم به صهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل من ممارسات سلبية لتعطيل التشكيل، فيما لاحظت مصادر سياسية أن عون اوقع نفسه في مطبات غير محمودة لدى مقابلته السفير السعودي وليد البخاري الذي تلا بيانا مكتوبا بعد اللقاء شدد فيه على تمسك المملكة باتفاق الطائف وضرورة تطبيق القرارين الدوليين ١٥٥٩ و١٧٠١، الامر الذي لم يكن له وقع مريح لدى الرئاسة الاولى، فيما كانت ردود الفعل عليه سلبية من حلفاء التيار الوطني الحر وتحديدا حزب الله، باعتبار ان مفاعيل دعوة السفير السعودي الى بعبدا اتت مغايرة لحسابات الرئاسة وتوقعاتها، بعدما ترددت معلومات ديبلوماسية بأن البخاري اثار خلال لقائه مع عون موضوع طرح المبادرة السعودية لإنهاء حرب اليمن وان الاخير بارك وايد هذه المبادرة.
وقد ادى هذا الموقف الى استياء شديد لدى النظام الإيراني الذي تحدث باسمه عبد اللهيان بلهجة انتقادية حادة لحركة السفراء بلبنان فيما ابدت مصادر للحزب استياءها من هذه التحركات، ما دفع الفريق الرئاسي الى ترتيب ادلاء رئيس الجمهورية بحديث لاحد المحسوبين على الحزب لتخفيف الاستياء ورفع منسوب الخطاب السياسي ضد الرئيس المكلف، فيما لوحظ ان دوائر قصر بعبدا عممت على احد الوفود التي زارت رئيس الجمهورية امس بعدم ذكر اسم الرئيس المكلف امام رئيس الجمهورية ،لا من قريب ولا من بعيد خلال اللقاء، مايعكس مدى تردي العلاقة بينهما واي مسار يسلكه تشكيل الحكومة الجديدة.
وعلى نحو خفيّ، وغير مفهوم، عاد السجال بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، بعد مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الصحفي امس، واشارته الى ان الرئيسَ المكلف سعد الحريري «يحاول إحراجي لإخراجي، وانه انقلب على كل قواعد التأليف الدستورية المعهودة، سائلا عن السبب السري وراء تمسّكه بتركيبة من 18 وزيرا، بينما الفريق الرئاسي لا يريد مطلقا الثلث المعطّل...»، وتعليق الحريري، حيث قال عبر تويتر «وصلت الرسالة... لا داعي للرد. نسأل الله الرأفة باللبنانيين».
وعلى هذا لم يحصل جديد في الملف الحكومي، وتراوحت الاراء بين من يرى إنتظار نتائج زيارة اللواء عباس ابراهيم الى باريس، ومن يرى انتظار عودة الرئيس نبيه بري الى التحرك حسبما تردد بعد الجلسة التشريعية التي عقدت امس ، وبين من ينتظر نتائج الاجتماع الاوروبي الذي عقد امس وتطرق من ضمن جدول اعماله الى الوضع اللبناني بطلب فرنسي.
لكن بعض المصادر المتابعة اوضحت لـ «اللواء» ان الكلام عن مبادرة جديدة من الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لم يصل الى الاطراف المعنية لا سيما رئاسة الجمهورية بشكل رسمي او مبادرة مطروحة للنقاش الفعلي، لجهة تشكيل حكومة من 24 وزيرا بصيغة ثلاث ثمانات بدل ثلاث ستات، وإقتناع الحريري بالتوافق مع عون على اسم من يتولى حقيبة الداخلية.بينما تقول اوساط مطلعة على موقف عون انه على الحريري ان يقتنع قبل كل شيء بحق رئيس الجمهورية في المشاركة بتشكيل الحكومة.
وقال عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل، أن الوضع الحكومي على ما هو عليه، والمهم أن لا يقف الحوار، لكن للأسف التسريبات غير مشجعة بالوضع الحكومي وبمجمل الوضع بالبلد والنوايا على ما هي عليه.
وأكد خليل أن «الرئيس نبيه بري يعمل ولا يمكننا أن نتكلم عن شيئ محدد بتفاصيله، لكن نحن أمام تحدٍ وجودي له علاقة بحياة الناس، وبعض القيادات السياسية لم تفهم هذه الحقيقة»
وفيما افادت المعلومات ان الرئيس الحريري على موقفه من عملية التشكيل، وعن لقاء جمعه امس بالسفير المصري ياسر علوي، أكد الرئيس عون خلال استقباله امس، وفدا من الاتحاد العمالي العام تمسّكه بـ «ضرورة وجود قناعة لدى المكلف تشكيل الحكومة بصعوبة الوصول الى حل في حال اللجوء الى التأليف من قبل شخص واحد»، وقال: فهناك عدة معايير تؤلف على اساسها الحكومة، لاسيما في ما خص توزيع التوازن، وهذا لا يحصل عبر احتكار شخص لعملية التأليف. علينا إيجاد حلول كي نعيد التوازن الى ما كان عليه، ويعود اصحاب الصلاحيات الى ممارسة صلاحياتهم.
وأمل رئيس الجمهورية في أن يتم تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن. وقال: إن الارث المكون من التراكمات ثقيل جدا، وجميعنا يعلم أنه يتكون من مئات المليارات، إضافة الى مآسٍ أثرت بشكل مباشر على لبنان، تبدأ من الديون المتراكمة، ثم الحرب في سوريا، إضافة الى الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، وصولا الى جائحة كورونا العالمية، مع وجود نقص بإمكانية التعويض والامساك بالاقتصاد الى حين تحسن الاوضاع».
وكشف ان العمل جار حاليا على تنفيذ خطة لترشيد الدعم، وستكون هناك بطاقة تموينية للذين يعانون من اوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة».
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه إذا كان الاعتقاد السائد بأن الانفراج يأتي بعد اشتداد الازمة فإن السؤال المطروح اليوم هو هل أن ثمة شدة أكثر من تلك الحاصلة اليوم حتى تتحرك عمليات الإنقاذ مشيرة إلى أن التطور الحكومي الجديد غائب والاتصالات مقطوعة وأي كلام عن صيغة يتم تسويقها يبقى مجرد كلام إلا إذا كانت هناك طبخة ما في السر وحتى الآن لا دلائل لذلك.
وأكدت المصادر إن المواقف التي تصدر لا تصب في إطار أي عمل يصلح ترددات ما حصل الاثنين الفائت ورأت أن ذلك يحصل في وقت أيقن الديبلوماسيون العرب والأجانب أن لكل فريق وجهة نظره والتنازل معدوم والاتهامات يتم تبادلها معلنة أن الانفراجات غائبة ويسير المواطنون وعين الله ترعاهم.
وحضرت الشؤون الحياتية الصعبة والكارثية بين الرئيس عون ووفد الاتحاد العمالي العام.
وتحدث رئيس الجمهورية عن صعوبة وضع معالجات سريعة لمختلف المشاكل خصوصاً أن ذلك يتطلب إمكانيات نفتقدها، لاسيما المالية منها. وكشف الرئيس عون ان العمل جار حالياً على تنفيذ خطة لترشيد الدعم، وسيكون هناك بطاقة تموينية للذين يعانون من اوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة.
وأمل رئيس الجمهورية أن يتم تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، مؤكدا «ضرورة وجود قناعة لدى المكلف تشكيل الحكومة بصعوبة الوصول الى حل في هذا المجال في حال اللجوء الى التأليف من قبل شخص واحد، فهناك عدة معايير تؤلف على اساسها الحكومة، لاسيما في ما خص توزيع التوازن، وهذا لا يحصل عبر احتكار شخص لعملية التأليف. علينا إيجاد حلول كي نعيد التوازن الى ما كان عليه، ويعود اصحاب الصلاحيات الى ممارسة صلاحياتهم».
"الديار": تحذير فرنسي اخير يسبق "الاجراءات"
في غضون ذلك، صعدت باريس موقفها من ازاء عملية تعطيل تشكيل الحكومة وابلغ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان نظرائه الأوروبيين والإقليميين والدوليين أنه بعد سبعة أشهر من الجمود، حان الوقت لتكثيف الضغط لتحقيق ذلك.ووفقا لبيان الخارجية الفرنسية تحدث الوزير الفرنسي مع رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، مستنكراً الجمود الكامل منذ أشهر في المناقشات الهادفة إلى تشكيل حكومة في لبنان، «حتى مع استمرار البلاد في الغرق في أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وسياسية كبرى يدفع الشعب اللبناني ثمنها كل يوم وتضع البلاد في ظل توتر خطير وغير ضروري.
وحمل لودريان القوى السياسية اللبنانية ككل المسؤولية الكاملة عن هذا المأزق، معتبراً أن التعطيل المتعمد لأي احتمال للخروج من الأزمة يجب أن يتوقف فورًا، ولا سيما من جانب بعض الفاعلين في النظام السياسي اللبناني، من خلال مطالب متهورة ومن زمن آخر.وأعاد لودريان التذكير بالمناقشات حول مبادرته التي طرحها الأسبوع الماضي مع نظرائه الأوروبيين بهدف تحديد وسائل الاتحاد الأوروبي لتعزيز الضغط على المسؤولين عن الجمود.ورأى لورديان أنه لإخراج لبنان من أزمته، الحل يتمثل بتشكيل حكومة كفوءة وجاهزة للعمل بجدية وللصالح العام لتنفيذ إصلاحات معروفة من قبل الجميع، مؤكداً أنها مسؤولية كل القوى السياسية اللبنانية التي التزمت بها أمام رئيس الجمهورية الفرنسية، من أجل بلدهم واللبنانيين.
لا مبالاة لبنانية!؟
ووفقا لاوساط دبلوماسية، تعتبر مروحة الاتصالات الفرنسية بالمسؤولين اللبنانيين بمثابة التحذير الاخير قبل الانتقال الى اجراءات فرنسية واوروبية عملية تضغط على «المعرقلين» في لبنان، وفيما لم تضح بعد ماهية هذه الاجراءات ومن ستشمل، فان مجرد الاعلان رسميا عن تحرك وزير الخارجية الفرنسي، يشير بوضوح الى وجود قناعة فرنسية بضرورة وضع المسؤولين اللبنانيين تحت الضغط، لاعتقادهم ان احدا منهم لا ياخذ هذه التحذيرات على محمل الجد!ووفقا لاوساط مطلعة لا يعتقد المسؤولون اللبنانيون ان باريس «ستكسر الجرة» مع احد في لبنان، ولا تريد تكرار السيناريو الاميركي الذي لم يؤد الى نتيجة حتى الان، وذلك على الرغم من التحذيرات التي تبلغوها بعدم الاستخفاف بنفاد «صبر» باريس.
بري يحذر من «الغرق»
وانعكست الاجواء السلبية في البلاد على توصيف رئيس مجلس النواب نبيه بري للاوضاع الراهنة بسفينة «التايتانيك»، ووفقا لمصادر مطلعة فان بري كان على اطلاع مسبق على مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون التي تظهرت اعلاميا بالامس، وشعر «بالاستياء» الشديد لانه اعتبر تصعيد بعبدا ابعد من الصراع مع الرئيس المكلف سعد الحريري، وتوقيته يستهدف مبادرته التي كانت ثمة محاولة جدية لتفعيلها مطلع الاسبوع، لكن العودة الى حرب السجالات العلنية عطل المحركات من جديد، بانتظار ظروف مؤاتية لا احد يريد ان يساعد في توفيرها، مع العلم ان الاتصالات الحثيثة مع «بيت الوسط» افلحت باقناع الحريري باصدار رد مقتضب وتجنيب البلاد جولة جديدة من المناكفات.
وفي هذا السياق قال بري في افتتاح الجلسة التشريعية بالامس، «البلد كله في خطر، البلد كله «تايتانيك». هذا الكلام يحكى في الاوساط العالمية. لقد آن الاوان ان نستفيق لانه في النهاية اذا ما غرقت السفينة لن يبقى أحد وسيغرق البلد، واذا غرق سيغرق الجميع من دون استثناء.
إقرأ المزيد في: لبنان
27/11/2024
عمليات المقاومة ليوم الأربعاء 27-11-2024
27/11/2024