لبنان
بانتظار أولى جلسات الحكومة بعد نيلها الثقة
بقيت أصداء مواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، التي أطلقها السبت، مستحوذة على جزء من أخبار الصحف، في وقت ينتظر أن تبدأ الحكومة مسيرة عملها بعد نيل ثقة مجلس النواب.
ونقل زوار الرئيس نبيه بري دعوته للحكومة للانجاز السريع لمجموعة الملفات الحيوية التي تهمّ الناس.. في المقابل كانت بعض القوى السياسية تنزل الى الشارع أمس تحت عنوان "لا ثقة للحكومة"، كل هذا يترافق مع استعراض العدو الصهيوني لمناوراته بهدف تعزيز الثقة بجيشه.
"الأخبار": إسرائيل تستعرض مناوراتها... لاستعادة الثقة بجيشها
تعمَّد كيان العدو تظهير مناورات لواء المدرعات الإسرائيلية (401) في وسائل الإعلام، وكان لافتاً التسويق لها عبر الحديث عن أوسع تدريب عسكري لسلاح المدرعات على مدار السنوات الأخيرة، في منطقة الأغوار (شرق فلسطين المحتلة، قرب الحدود مع الأردن) في محاكاة لسيناريو حرب ضد حزب الله. التعامل الإعلامي والمواقف التي أطلقها قائد اللواء، انطوت على أكثر من رسالة باتجاه الداخل والخارج، إضافة إلى الأبعاد المهنية العملانية.
مع أن المناورات، وتحديداً في جيش العدو، هي جزء من نشاطات الجيش التي تتم وفق برامج محددة، إلا أن هذه المناورات تحديداً تختلف عما سبقها لارتباطها بأكثر من سياق. فهي تأتي بعد انكشاف حقيقة عدم ثقة القيادة الإسرائيلية بفعالية سلاح البر في مواجهة قوى المقاومة في لبنان وغزة. وبعد اتجاه سوريا نحو الاستقرار، وهو ما يمنح حزب الله هامشاً أوسع في المبادرة والرد على أي اعتداءات إسرائيلية. وتأتي أيضاً بعد ارتفاع منسوب القلق في المؤسسة العسكرية من تطور قدرات وخبرات حزب الله في أعقاب مشاركته في الحرب على الإرهاب التكفيري في سوريا.
على المستوى العملاني، كانت التقارير الإعلامية صريحة في نقل ما أرادت القيادة العسكرية التركيز عليه وتقديمه للرأي العام، فاعتبرت أن التدريبات جاءت لتطوير كفاءة الجنود في سلاح المدرعات على القتال في ظروف طوبوغرافية مماثلة لتلك الموجودة في لبنان، وفحص القدرة على التعاون مع الأسلحة الأخرى في الجيش الإسرائيلي، وتحديداً ما يتعلق بتلقي المعلومات الاستخبارية في زمن الحقيقة، أي التي سيتلقاها بشكل فوري، وهجوم متشابك بين سلاحي المدرعات والجو.
إلى جانب الأبعاد العسكرية، باتت استعادة الثقة مطلباً ملحاً بالنسبة للقيادتين السياسية والعسكرية، أمام الجمهور الإسرائيلي، وتجاه الخارج بهدف تعزيز صورة الردع الإسرائيلية. وتنبع خطورة هذه القضية بعدما ثبت بالتجربة العملية أن الحسم مع أعداء إسرائيل لا يتحقق عبر الاستناد إلى سلاح الجو، وهو ما ظهر جلياً في حرب العام 2006، وفي مواجهة قطاع غزة المحاصر. يأتي ذلك أيضاً في ظل كشف الوثائق الرسمية عن عدم الثقة بقدرات سلاح البر على الحسم («الأخبار»، 9 شباط 2019 ).
في المقابل، كان من الطبيعي أن تحاول القيادة العسكرية العمل على تعزيز صورة قواتها البرية، وتحديداً سلاح المدرعات الذي يشكل الأداة الهجومية الثانية إلى جانب سلاح الجو. وهكذا تعكس هذه المناورات أبعاداً مهنية عملانية، وأخرى استعراضية تجاه الداخل الإسرائيلي والخارج المعادي، كجزء من خطة مضادة تهدف إلى استعادة الثقة وتعزيز صورة إسرائيل القوية. إلا أن مشكلة إسرائيل أن ما تحاول تعديله بالاستعراض تبدِّده تجارب سنوات من الصراع مع المقاومة التي ارتكزت بشكل أساسي على مواجهة قوات المشاة والمدرعات، واستطاعت من خلال ذلك، التأسيس لتغير معادلات الصراع مع إسرائيل.
"البناء": نصرالله لـ«إسرائيل»: ازددنا قوة... وللداخل: هذا ما عندنا فهاتوا ما عندكم
أعاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تأكيد الحوار والتهدئة فأعلن أول امس في ذكرى القادة الشهداء حرصه على أجواء الحوار والتواصل والابتعاد عن السجالات والكيد السياسي والانفتاح على معالجة الملفات، مشدداً على أن نية الحزب صافية في الموضوع الداخلي.
وشدّد نصر الله على جدية حزب الله في مواجهة الفساد والهدر المالي، لافتاً الى «أننا جهزنا ملفاتنا لخوض هذه المعركة وعلينا حماية مال الشعب اللبناني ومنع اللصوص والجشعين من سرقته». ولفت الى ان النكد السياسي أو الانصياع السياسي أو الجبن السياسي حرم الشعب اللبناني عام 2006 من الكهرباء 24/24 عندما رفضت الحكومة اللبنانية المساعدة الإيرانية في ملف الكهرباء.
وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن قبول لبنان «المساعدة الإيرانية الكهربائية» يتوقف على حصول توافق سياسي داخلي حوله، وهذا لا يزال غير متوفر في الوقت الراهن لاعتبارات سياسية، تتصل بالعقوبات الأميركية على ايران، ورجحت المصادر ان يشهد هذا العرض انقساماً على طاولة مجلس الوزراء، مع اشارة المصادر الى ان لبنان يمكن أن يلجأ في التعاون مع ايران الى اعتماد صيغة لا تلحق الضرر بعلاقته مع الولايات المتحدة أسوة بعدد من الدول الاوروبية التي انشأت آلية مالية للدفع مع طهران بطريقة لا تتأثر فيها الشركات بالعقوبات الأميركية.
وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط غرد عبر «تويتر» قائلاً: أما الكهرباء فلنعد إلى عرض الصندوق الكويتي أو شركة Siemens مثلاً. وشددت مصادره على أن الكويت عرضت منذ سنوات تقديم تمويل لأي حل للكهرباء عبر قروض ميسرة لوزارة الطاقة.
وبعيداً عن الثقة النيابية التي حصلت عليها حكومة الى العمل، نفذ الحزب الشيوعي والتنظيم الشعبي الناصري ومنظمة العمل الشيوعي وحزب الطليعة والحركة الوطنية والتيار النقابي المستقل والاتحاد الوطني للنقابات وعدد من منظمات المجتمع المدني، اعتصامهم الثاني أمس، تحت عنوان «لا ثقة» في مسيرة من بشارة الخوري الى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، حاملين شعارات «رفضاً للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام اللبناني المعادية لمصالح العمال والموظفين والمزارعين والجماهير الشعبية، وتنديداً بهيمنة القطاع المصرفي على القرار السياسي للسلطة». وشدّدت الكلمات على ضرورة إيجاد حلول للأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها الشعب اللبناني، والناتجة عن سياسات حكومية متعاقبة.
"الجمهورية": برّي: لا عذر للحكومة... والوضع يتطلب "عناية مُركزة" لتحصينه
ونقل زوّار رئيس مجلس النواب نبيه بري، انه بعد انتهاء جلسة المناقشات النيابية، ونَيل الحكومة الثقة، "يفترض ان تبدأ ورشة العمل المنتظرة من الحكومة، لإعادة وضع البلد على سكة النهوض وتعويض كل ما ضاع على لبنان واللبنانيين في الفترة الماضية".
وكرر بري التأكيد ان "لا عذر لدى الحكومة في عدم الانجاز السريع، لمجموعة الملفات الحيوية التي تهمّ الناس، ولعل الطريق الاسرع الى هذا الامر، هو الشروع فوراً في تطبيق القوانين النافذة والمعطّل تنفيذها منذ سنوات طويلة، خصوصاً انّ من بينها عدداً من القوانين التي تساهم في إعادة نهوض البلد، وتصويب الوضع الاداري في بعض القطاعات التي تعاني شغوراً في مجالس إدارتها، وخصوصاً في قطاع الكهرباء.
وبالتالي، صار من الواجب على الحكومة ان تبادر الى وضع المراسيم التطبيقية لهذه القوانين، فبذلك تعطي اشارة جدية الى عزمها على حل المشكلات، وإلّا فإنّ استمرار هذه القوانين معطّلة من شأنه ان يزيد الامور تعقيداً".
ورداً على سؤال، قيّم بري إيجاباً "الحيوية" التي ظهر فيها المجلس النيابي الجديد في جلسة مناقشة البيان الوزاري، ملاحظاً "انّ اكثر كلمة تمّ استخدامها هي كلمة "فساد"، ما يعني انّ هذا الفساد يشكل هاجساً مؤرقاً للجميع، ولا بد من انطلاقة سريعة وفاعلة لاجتثاثه وهذا واجبنا جميعاً، وفي المقدمة الحكومة".
وعن الجَو المتشنّج الذي خلقته بعض المواقف في الايام الاخيرة، اكد بري "انّ لغة التقارب والتآخي والوئام هي التي ينبغي ان تسود بين اللبنانيين بما يعزّز كل عوامل الجمع في ما بينهم، وينأى بهم عن عوامل الانقسام والتفرقة".
وقيل لبري: "اللافت للانتباه هو صدور "مواقف ايجابية" من بعض الاطراف بعد الاشكالات التي سبّبتها الجلسة"، فقال: "البلد لا يحتمل. وضعه الاقتصادي صعب جداً، والوضع العام يتطلب دائماً عناية مركزة لتحصينه، ولا أخفي انّ الجميع قلقون وضائعون ويستشعرون الخطر، ومن هنا انّ المطلوب اولاً وأخيراً هو حماية الاستقرار الداخلي وتحصينه".
"اللواء": إستنفار وزاري لمواجهة التحدِّيات عشيَّة مجلس الوزراء
وينتظر ان توجه الدعوة بين ساعة وأخرى لعقد أوّل جلسة لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي، لتبدأ العمل الفعلي على الملفات الأساسية التي تكتسب أولوية، مثل إنجاز موازنة العام 2019 وملف الكهرباء، ووضع قرارات مؤتمر «سيدر» الاقتصادي موضع التطبيق، إضافة إلى معالجة أزمة النازحين السوريين، وهي ملفات كانت تعتبر ملفات خلافية، لكن يبدو ان التوجه الجديد لدى معظم الأطراف، ان لم يكن كلها، هو التعاطي معها بإيجابية، ولو تطلب الأمر مناقشتها بدقة، لأن أحداً لا يستطيع تحمل نتائج الفشل، خاصة على صعيد أزمة الكهرباء التي تفاقمت كثيراً في الأسبوع الماضي نتيجة التأخر في فتح اعتماد شراء المحروقات لمؤسسة الكهرباء، ما فاقم أزمة التقنين في العاصمة والمناطق.
الا ان وزير المال علي حسن خليل أوضح انه وقع مرسوم بفتح اعتماد الكهرباء بقيمة 400 مليون ليرة حتى منتصف آذار، بما يسمح للبواخر الراسية امام مرفأي الزوق والجية بتفريغ حمولتها مساء اليوم الاثنين، وبالتالي التخفيف من التقنين جزئياً، إلى حين صرف الاعتمادات لمعملي دير عمار والزهراني.
واكدت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان أياً من الوزراء لم يتبلغ بعد بموعد جلسة مجلس الوزراء هذا الاسبوع ما يعزز التوجه ان الكلام عن جلسة تعقد الثلاثاء قد لا يصح الا اذا تقرر ان تكون الجلسة استثنائية وبالتالي لا حاجة عندها لتوجيه الدعوة الى الجلسة قبل ثمان واربعين ساعة.
واشارت المصادر نفسها الى ان الوزراء لم يتلقوا مشروع الموازنة ولا حتى اي بنود جدول الاعمال مشيرة الى هناك ارجحية لأن تعقد الجلسة الخميس المقبل، واوضحت ان لا معطيات مؤكدة عن اولويات الحكومة انما هناك سلسلة ملفات تحتاج الى متابعة كملف سيدر والكهرباء والتعيينات العسكرية والامين العام لمجلس الوزراء، الذي يرجح ان يكون امام محافظ الجبل محمّد مكاوي أو القاضي محمود مكية لخلافة الأمين العام فؤاد فليفل الذي احيل على التقاعد قبل أيام.