معركة أولي البأس

لبنان

مساعٍ مبرمجة لأخذ المأزق الحكومي إلى أبعاد طائفيّة تعمّق الانقسام
28/04/2021

مساعٍ مبرمجة لأخذ المأزق الحكومي إلى أبعاد طائفيّة تعمّق الانقسام

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على مسألة تزايد الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية صعوبة وتأزماً ولا يبدو في الأفق أي حل سياسي حكومي يتبعه انفراج اقتصاديّ وماليّ في ظل التعقيدات التي ترافق عملية تأليف الحكومة.

ويبدو أن هناك مساعٍ مبرمجة لأخذ المأزق الحكومي إلى أبعاد طائفيّة تعمّق الانقسام، فقد تزامن الاستعصاء الحكومي القائم على تباين مقاربة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة للملف الحكومي، ومن جهة مقابلة مقاربة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري وتيار المستقبل، مع مواقف تسعى لدفعه نحو تشكيل مشهد سياسيّ في مواجهة مفتعلة ضد حزب الله لتخدم الهدف الأميركي والسعودي المعلن في لبنان وهو محاصرة الحزب. 

وما قضية إقفال السعودية حدودها أمام الصادرات الزراعية اللبنانية، هو بداية ذلك المسلسل في محاصرة اللبنانيين وتحديدًا حزب الله.

"الأخبار": السعوديّة تشترط إبعاد حزب الله عن الجيش لتقديم مساعدات!

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي لفتت الى اللقاء الذي عقد بعيدًا عن الإعلام بين قائد الجيش العماد جوزف عون والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، تناول ملفّ المساعدات التي يطلبها الجيش «من الدول الشقيقة والصديقة للبنان»، وذلك بعد الاجتماع الذي عقد في قيادة الجيش مع عدد كبير من الملحقين العسكريين في سفارات عربية وأجنبية، وهو اجتماع خصّص أيضاً لعرض الجيش لائحة مطالب دعم من هذه الدول.
بحسب المعلومات، فإن السفير السعودي نقل الى العماد عون تحيّات القيادة السعودية وأن المملكة لا تمانع درس مساعدة الجيش بأشكال مختلفة؛ بينها إعادة تفعيل العمل بجزء من الهِبة التي كانت مقررة أيام الملك عبد الله وألغيت بعد اندلاع حرب اليمن، بالإضافة الى توفير دعم ماديّ مباشر لتغذية صندوق دعم العسكريين.
لكن البخاري أوضح لقائد الجيش أن المشكلة التي تعترض المساعدة هي في كون الجيش لا يزال «يعجّ» بأنصار حزب الله الذين يتدخّلون في عمل المؤسسة العسكرية خلافاً للأوامر. وردّ عليه قائد الجيش بأن حزب الله ليس لديه عناصر داخل الجيش، وأن الجميع يعرف بأن حزب الله لا يمكنه التدخّل في عمل الجيش ولا في تشكيلات ضباطه والعسكريين. وتابع عون: «لكن الفكرة التي يردّدها كثيرون، ومن بينهم جهات غربية، لا يمكن معالجتها، كون بعض المطالب تتحدث عن ضباط وعسكريين لمجرد أن لهم أقارب في حزب الله. وهو أمر يصعب تجاوزه في أي عائلة شيعية في لبنان».

وتأتي خطوة البخاري في سياق «الأوامر» الأميركية التي صدرت للعديد من الدول العربية والغربية، لتقديم دعم عيني ومالي إلى الجيش اللبناني. ويريد الأميركيون من حلفائهم تقديم مساعدات للجيش، بما يسمح للإدارة الأميركية بتفادي التعقيدات التي تواجهها في الكونغرس، والتي ربما ستؤخر وصول الدعم إلى اليرزة.
وأعلن العراق أمس تخصيص مبلغ 2.4 مليون دولار للجيش اللبناني، على أن يُقسّم المبلغ بين تجهيزات وأموال. وسبق أن أعلن المغرب أيضاً عن مساعدات غذائية للجيش بأمر من الملك محمد السادس.

"البناء": قزّي ينقل تبنّي بكركي والفاتيكان موقف الحريريّ حكوميّاً… والصراع «سنيّ شيعيّ»

رغم طغيان قضية إقفال السعودية حدودها أمام الصادرات الزراعية اللبنانية، برزت تطوّرات سياسية تؤكد عمق المأزق الحكومي من جهة، ووجود مساعٍ مبرمجة لأخذه إلى أبعاد طائفيّة تعمّق الانقسام، فقد تزامن الاستعصاء الحكومي القائم على تباين مقاربة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل من جهة للملف الحكومي، ومن جهة مقابلة مقاربة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري وتيار المستقبل، مع مواقف تسعى لدفعه نحو تشكيل مشهد سياسيّ في مواجهة مفتعلة ضد حزب الله، ضمن السياق ذاته الذي بدأت معه محاولات توظيف الأزمة الاقتصادية والماليّة ولاحقاً تفجير مرفأ بيروت، وأخيراً قضية وقف الصادرات اللبنانية الزراعية الى السعودية، لتخديم الهدف الأميركي والسعودي المعلن في لبنان وهو محاصرة حزب الله. وفي هذا السياق كان لافتاً، كلام نواب القوات اللبنانية برئاسة النائب ستريدا جعجع من بكركي عن دعوة التيار الوطني الحر لاستقالة النواب المسيحيين، لإسقاط الميثاقيّة المسيحية عن المجلس النيابي تمهيداً لانتخابات مبكرة، مستفيدة من تلويح رئيس التيار جبران باسيل باللجوء إلى الانتخابات المبكرة، لتقول إن القضية هي إسقاط الأكثرية الحاكمة التي يشكل التيار الوطني الحر رمزها، عبر موقعين دستوريين حاسمين، هما رئاسة الجمهورية، والكتلة النيابية الأكبر في مجلس النواب، واللافت أكثر كان تزامن كلام جعجع مع كلام الوزير السابق سجعان قزي الأقرب للمتحدّث بلسان بكركي، الذي يوضح خلفيّة كلام جعجع من بكركي، بأن الفاتيكان ومعه بكركي يحمّلان فريقاً مسؤولية الفشل الحكومي، هو الفريق الذي يريد حكومة ترضي محور تقوده إيران، وهو ما يرفضه الحريري، كما قال قزي، داعياً الحريري إلى عدم التركيز على المواجهة مع رئيس الجمهورية كأنها سنية مارونية، لأن الصراع في لبنان سني شيعي، ويجب عدم إخفاء ذلك، كما قال، وقد قرأت مصادر سياسية وراء مشهد بكركي المزدوج في كلام جعجع وقزي، وجود مسعى يقوم على لعبة الإغراء والضغط على التيار الوطني الحر، للانضمام الى معادلة تحظى بالغطاء المسيحيّ عنوانها المشاركة في الضغط على حزب الله، وتهديده بالمقابل بموقف كنسيّ منه يمتدّ من بكركي الى الفاتيكان، لكن من دون تفسير كيف سيقبل التيار بانتخابات يعدونه فيها بالخسارة، طالما أن تغيير الأكثرية الذي تتطلع اليه القوات لا يتحقق بإضعاف تمثيل الثنائي الشيعي بل بتحجيم التيار الوطني الحر، بمعزل عما إذا كانت حسابات القوات صحيحة أم لا. وقالت المصادر إن هذه الحملة تفتقد للواقعية على طريقة طروحات بكركي الأخيرة، ليس فقط لأنها تدعو للشيء ونقيضه في الدعوة الموجهة للتيار الوطني الحر، بل لأنها أيضاً لا تضع في حسابها أنه إذا تمّ تذليل العقبات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف في الملف الحكومي، لتشكيل الحلف الذي تحدث عنه قزي والذهاب الى ما وصفه بأصل الصراع أي مواجهة سنية شيعية، وفقاً لقوله، فلن تكون هناك مشكلة لدى الثنائي الشيعي، وسيكون لدينا حكومة، وقالت المصادر إذا كان قزي في كلامه يعبر عن موقف الفاتيكان وبكركي لجهة اعتبار أن لا مشكلة بين الرئاستين حول المسائل الطائفية في تشكيل الحكومة، فإن اللبنانيين يصلون لنجاح مسعى التقارب بين الرئاستين، ليس لتوسيع جبهة المواجهة مع حزب الله، بل لأن ذلك سيُنهي النزاع الحكومي.

فيما تنكبّ الأجهزة الأمنيّة والقضائيّة الرسميّة على فك لغز قضية شحنة المخدرات المهرّبة إلى السعودية، واصلت المستويات السياسية والحكومية اللبنانية تتبع الخلفيات والأبعاد السياسية للقرار السعودي، وما إذا كان يعبّر عن موقف سعوديّ تصعيديّ ضد لبنان. لا سيما أن الجزء الثانيّ من عمليّة التهريب في السعودية بقي طي الكتمان. ولم ينكشف مدى تورّط مستويات معينة في السعودية بعملية التهريب، فلا يعقل بحسب مصادر معنية أن لا تكون جهة ما طلبت شحن المخدرات أو سهّلت تصديرها على الأقل. فلماذا لا تكشف السعودية عن الجزء الثاني من عملية التهريب؟ أو تتعاون وتنسق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية بالحد الأدنى؟ فهل يعقل أن لا موقوف سعودياً في القضية؟ علماً أن شبكة التهريب اللبنانية السورية تشمل أفراداً لها في دول عربية وغربية عدة، بحسب مصادر أمنية. علماً أن لبنان أوقف حوالي ثماني عمليات تهريب للمخدرات الى السعودية.

وأفادت وسائل إعلام أن «وزارة الزراعة لم تتوصل الى كشف ما حصل في قضية الرمان الملغوم في حبوب الكبتاغون، ولم تعلم من أين حصلت الشحنة على شهادة المنشأ». وأكدت المعلومات أن «وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى وجّه 3 كتب بقضية الرمان الملغوم، لمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات ومديرية الجمارك وغرفة الصناعة والتجارة لكشف معلومات شركة الأرز التي من المرجّح أن تكون وهميّة زوّرها المهرّبون»، مؤكدة أن «لغز الرمان الملغوم لم يفكك بعد».

وأكد الوزير مرتضى أن «شهادة المنشأ لأي شحنة لا تمرّ على وزير الزراعة بل تمر بالموظف»، مؤكداً ان «هذا الموضوع يجب ان يذهب إلى القضاء، وأنا لم يصلني أي ملف لا من الجمارك ولا من القضاء حتى اليوم». وأوضح في حديث تلفزيوني أن «الموظف في وزارة الزراعة مخوّل أن يمضي على شهادة المنشأ لأي منتج، ونحن بدأنا التحقيقات بالموضوع».

وأوضح السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، عبر «تويتر» أن «إجمالي ما تمّ ضبطه من المواد المخدرة منذُ بداية عام 2020 حتى شهر نيسان 2021، بلغ سبعة وخمسين مليون ومئة وأربعة وثمانين الف وتسعمئة حبة 57,184,900».

وفيما لم تستبعد أوساط نيابية لـ«البناء» أن تعود السعودية عن قرارها بعد التأكد من ضبط لبنان لحدوده. أشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن «القرار السعودي حاسم لجهة منع استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية ولا يبدو في الأفق أي توجّه للعودة عنه». وعما إذا كانت إعادة السعودية النظر بقرارها مرتبطة بمدى فعاليّة القرارات التي اتخذتها الدولة اللبنانية في اجتماع بعبدا الأخير وتنفيذها، أوضحت المصادر أن «الحكومة اللبنانيّة لم تتلقَ أي تطمينات بهذا الشأن»، مشيرة إلى أن «الخسائر جراء القرار السعودي تقدر بملايين الدولارات سنوياً ما يشكل ضربة كبيرة للقطاع الزراعي وللاقتصاد عموماً».

وفيما كشفت التحقيقات الأوليّة، بحسب المعلومات، تورط حسن محمد دقو بملف تهريب «الكبتاغون»، نفى المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية الادعاءات بأن «اسم دقو وارد في مرسوم التجنيس الذي صدر في العام 2018»، موضحاً أن «العودة الى النص الرسمي للمرسوم المذكور، أظهرت ان الصيغة التي نشرت على ذلك الموقع، مزوّرة، حيث يتضح انه تم سحب اسم السيد برنارد علام بشور من الصيغة الاصلية للمرسوم، ودُسّ اسم حسن محمد دقو مكانه».

وفي تزامن لافت، بقي مصير الفنان اللبناني سمير صفير مجهولاً في السعوديّة في ظل عدم تلقي ذويه ولا أجهزة الدولة اللبنانية أي معلومة عنه. في ظل معلومات تحدثت عن أن صفير المقيم في الإمارات العربية المتحدة سافر منذ خمسة أيام الى السعودية بناء على دعوى رسمية سعودية وانقطعت أخباره منذ ذلك الوقت ما يرسم علامات استفهام حول أداء السلطات السعودية في هذا الملف من دون إبلاغ السلطات اللبنانية بأي معلومة معطوفاً على القرار السعودية الملتبس بوقف استيراد المنتجات اللبنانية، ما يعزز فرضية وجود قرار سعودي تصعيدي ضد لبنان لأسباب سياسية بحتة.

ودعا تكتل لبنان القوى إثر اجتماعه الدوري برئاسة رئيسه النائب جبران باسيل، «الحكومة اللبنانية الى متابعة قضيّة الفنان سمير صفير الموقوف في السعودية من منطلق حماية حقه بالدفاع عن نفسه وعودته الى أهله»، وأكّد التكتل متابعته هذه القضية من منطلق حرصه على حسن العلاقات بين لبنان والمملكة.

في غضون ذلك، تزداد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية صعوبة وتأزماً ولا يبدو في الأفق أي حل سياسي – حكومي يتبعه انفراج اقتصاديّ وماليّ في ظل التعقيدات التي ترافق عملية تأليف الحكومة. ولفت مصدر وزاري لـ«البناء» الى أن «ترشيد الدعم بات حاجة ملحّة لتخفيف الضغط على الاحتياطات النقدية لكن يجب أن يحصل في إطار خطة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي والاقتصادي واعتماد البطاقة التمويلية».

ولهذه الغاية رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمس، في السراي الحكومي اجتماعًا اقتصاديًا حضره الوزراء المعنيون وكان لافتاً حضور المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية شربل قرداحي للمرة الأولى بعد انقطاع طويل ما يؤشر الى جدية وحساسية الموضوع موضع البحث والقرارات التي ستصدر عن المجتمعين بعد سلسلة اجتماعات ستعقد للهدف نفسه.

وتمّ البحث بموضوع البطاقة التمويلية وبرامج الدعم الاجتماعي. وعلمت «البناء» أن «رئيس الحكومة وفريقه الاقتصادي باتا يملكان تصوراً حول آلية رفع الدعم الذي تترافق مع اعتماد البطاقة التمويلية وبرامج للدعم الاجتماعي مع تأمين التمويل اللازم، لكن هناك تعقيدات سياسيّة تحيط بهذا التوجه يتمثل بموافقة الكتل والأحزاب السياسية وعقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار خطة الترشيد وإحالتها الى المجلس النيابي». لكن مصادر وزارية أشارت لـ«البناء» الى أن «لا رؤية مشتركة لجميع الوزراء في الحكومة في ظل وجهات نظر مختلفة لا سيما أن لرفع الدعم تبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة يجب التحسّب لها، خصوصاً أن رفع الدعم قد يتسبب بارتفاع كبير في سعر صرف الدولار وفي أسعار السلع الغذائية والمحروقات، خصوصاً في حال اعتماد البطاقة التمويلية وبالتالي ارتفاع حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية ما يزيد نسب التضخم».

وبقي الجمود مسيطراً على ملف الحكومة في ظل تشبث كل من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بموقفيهما.

وبحسب مصادر مواكبة للحركة الخارجية تجاه الأزمة في لبنان فقد «أصبحت الاجواء الخارجية واضحة أن عليكم أن تساعدوا أنفسكم لنساعدكم لا سيما تأليف حكومة جديدة لأنها مسؤولية وطنية ومنها تنطلق كافة الحلول للأزمات المختلفة».

وبحسب المعلومات، عاد الحريري أمس من الإمارات بعد زيارة خاصة استمرت لثلاثة أيام.

وفيما أفيد أن الحريري ينوي تقديم اعتذاره عن تأليف الحكومة، أكدت مصادر بيت الوسط أنه «من المبكر الكلام عن اعتذار، فالحريري مستمرّ بمهام مساعي التأليف الموكلة إليه، وهو بعد عودته سيتحرّك ضمن إطار المبادرة الفرنسية بحكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين ولا أثلاث معطلة فيها، وذلك مع انفتاحه على تعديل بعض الأسماء والتوافق عليها مع شريكه في التأليف رئيس الجمهورية».

"النهار": رفع "مضبوط" للدعم بديلاً من حكومة ممنوعة!

بدورها صحيفة "النهار" اعتبرت أنه قد يكون الأسوأ من فصول التحلل المتعاقبة لمهابة الدولة وسلطتها والتي كان آخرها انفجار تداعيات عمليات تهريب المخدرات والمنوعات الى المملكة العربية السعودية ان يصبح الملف الحكومي في طي النسيان بعدما تراجع الى المراتب الخلفية سواء بتعمد الجهات المعطلة ام بسبب تصدر الفضائح اليومية واجهة الأولويات. وفيما بدأ يقترب استحقاق بالغ الدقة والخطورة يتمثل ببت مسار رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية من خلال البطاقة التمويلية والذي أنكبت حكومة تصريف الاعمال على مواجهته وعقد أجتماع لهذه الغاية مساء امس برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بما يعكس بدء العد العكسي لحسم الاتجاهات النهائية لهذا الملف الأساسي ، بدا واضحا ان ملف تشكيل الحكومة الجديدة صار في مرحلة موغلة من التجميد وسط شلل غير مسبوق في المبادرات والمشاورات والتواصل السياسي حتى على مستوى القوى الداخلية فيما بينها . وما يثبت هذه المخاوف معلومات تؤكد ان ملف رفع الدعم وانجاز البنية الإدارية والقانونية لرفعه وتأمين تمويل البطاقة التمويلية لمئات الوف العائلات قد وضع على نار حامية لبت هذا الاستحقاق قبل نهاية أيار المقبل بما لا يجعل البلاد تنزلق نحو مرحلة من الاضطرابات الاجتماعية الخطيرة الذي تخوف منها خبراء اقتصاديون وماليون وأمنيون . ويبدو ان هذا الاتجاه سيشق طريقه كخيار وحيد لان أحدا في السلطة ومجلس النواب او لدى المعارضين لا يملك أي خيارات متاحة غير رفع الدعم في مقابل البطاقة التمويلية كما ان أحدا لا يمكنه ان يقدم أي ضمانات بوقف هذا المسار ما دام تشكيل الحكومة الجديدة صار في عالم الغيب الى اجل غير معروف اقله وفق المعطيات الراهنة . ولذلك بدا المشهد السياسي الداخلي في الفترة الأخيرة كأنه أصيب بالخواء الكامل وسط انكشاف القوى الداخلية كافة وعلى رأسها العهد في دوامة العجز والتعطيل والتخبط بين الأولويات المتزاحمة ربما في انتظار تحرك خارجي جديد بعدما تراجعت الى حدود بعيدة الرهانات على المبادرة الفرنسية اليتيمة ولم تؤد التحركات الديبلوماسية الأخرى ولا سيما منها الروسية الى المساهمة بعد في تبديل صورة التأزم علما ان موسكو تستقبل اليوم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في اطار لقاءاتها مع قادة سياسيين لبنانيين وبعدما زارها اخيرا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري .

وسط هذا الشلل الشامل وفي اطار ترجمة الاهتمام البابوي المتواصل بلبنان برزت رسالة البابا فرنسيس امس الى رئيس الجمهورية العماد ميشال مؤكدا فيها “ان لبنان لا يمكنه ان يفقد هويته ولا تجربة العيش الاخوي معا التي جعلت منه رسالة الى العالم بأسره”، وجدد رغبته في “ان تتحقق زيارته الى لبنان وشعبه الحبيب”. وجاءت الرسالة في معرض شكر البابا للرئيس عون على الرسالة التي بعث بها عون اليه على اثر زيارته للعراق متضمنة دعوة رسمية للبابا لزيارة لبنان ورفع البابا الدعاء “الى الله لكي يساعد الرئيس عون والمسؤولين السياسيين ليعملوا من دون هوادة من اجل الخير العام في بلاد الأرز”.

مواقف من الحكومة

اما في اطار المواقف الداخلية من الازمة الحكومية فبرز موقف للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بعد اجتماع هيئته العامة برئاسة الشيخ نعيم حسن وحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اعتبر فيه ” إن القوى المعنية المسؤولة عن تأليف الحكومة مُطالبة بوقف التعطيل وتبادل الاتهامات وإغراق البلاد في متاريس المواقف الذي يدفع البلاد عميقاً في الهاوية، وتشكيل حكومة تنفّذ برنامج الإصلاح المطلوب لبدء المعالجات المنشود للأزمات المتفاقمة بأسرع وقت”.

ولفتت كلمة لجنبلاط خلال الاجتماع اتسمت بتشاؤم كبير حيال الملف السياسي الحكومي معلنا انه “ينسحب من كل الموضوع “، اذ قال مخاطبا المجتمعين: “لا أستطيع اليوم أن أبشّر بشيء ، ولم أقم بأي مبادرة، فقط لبّيت دعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون وقامت القيامة يمينا ويسارا، لم أكن المبادر وقلت لا بد من تسوية. ففي أوج الحرب عندما كانت المدافع تقصف، شكّلنا حينذاك حكومة وفاق وطني مع أمين الجميل الذي كنا على عداء مع عهده في حينها، شكّلنا حكومة في اوج الحرب في الـ 84، بدّك تتعاطى وتحكي مع الناس، قمنا بمحاولة تسوية الظروف لم تسمح. واليوم اذا كان من أحد في البلد يظن أن هناك من يفكر بنا فلا أحد يفكر بنا، وإذا لم يقم أصحاب الشأن الكبار بتسوية داخلية فلا موسكو ولا غيرها تستطيع أن تنوب عنا بتسوية داخلية نعتقد أنها قد تفتح الباب أمام التفاوض مع الهيئات الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل تخفيف العبء الاقتصادي والاجتماعي ومدّنا ببعض المال ولا مهرب… هذه مؤسسات دولية شرط أننا كلبنانيين نوّحد ارقامنا المالية حيث المرة الماضية كان هناك ثلاثة أرقام والفرق بينها مليارات . أعود وأكرر لم أقم بمبادرة وإنما طرحت تسوية . انسحب من كل الموضوع وإن شاء الله يأتيهم الالهام، لأن الآتي أصعب والظروف المحيطة لا أحد يفكر بالآخر، وربما هناك أمل من المبادرة الفرنسية بما تبقى”.

وكانت التطورات السياسية والامنية الاخيرة محور زيارة وفد “تكتل الجمهورية القوية” الى بكركي، دعما لمواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي . وبعد اللقاء تحدثت النائب ستريدا جعجع باسم الوفد ووجّهت نداء الى “تكتل لبنان القوي” “لكي يبادر للتنسيق معنا من اجل ان نستقيل جميعا من مجلس النواب الامر الذي من شأنه ان يفقد المجلس ميثاقيته “. ولكن “تكتل لبنان القوي” كرر في بيانه الأسبوعي مساء ان “الاستقالة من مجلس النواب قد تقدم حلا لموضوع حجز التكليف بيد رئيس الحكومة المكلف لكنها لا تعطي أي نتيجة فعلية بتحقيق المطالب الإصلاحية في ظل الوضع السياسي والتوازنات القائمة في البلاد ” .

الأزمة مع السعودية

اما في اطار تداعيات المقاطعة السعودية للمنتجات الزراعية اللبنانية فاعلن قصر بعبدا ان الرئيس الجمهورية العماد ميشال عون اجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي، واطلع منه على نتائج التحقيقات الجارية ومسار الإجراءات التي اتخذت في الاجتماع الموسع الذي عقد اول من امس في قصر بعبدا. وقد وضع الوزير فهمي الرئيس عون في آخر التفاصيل المتعلقة بالموضوع، وما توافر من معطيات لدى الأجهزة الأمنية، كما اعلمه عن اتصال اجراه بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مؤكداً ادانة لبنان لعملية التهريب وكل ما يمس امن المملكة واستقرارها وسلامة شعبها، واطلعه على الإجراءات التي اتخذها لبنان في هذا الصدد.

في غضون ذلك اوضح السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، عبر “تويتر”، أن “إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة منذُ بداية عام 2020 حتى شهر نيسان 2021، بلغ سبعة وخمسين مليون ومئة وأربعة وثمانين الف وتسعمائة حبة مخدرة .

"اللواء": تحريك عملية "التأليف" بعد عودة الحريري

هذا ورأت صحيفة "اللواء" أن الأصوات المحلية والدولية تزايدت للعودة إلى مسارات تأليف حكومة جديدة، في ضوء مشاورات الساعات الماضية، التي انضم إليها النائب السابق وليد جنبلاط بالتأكيد على أهمية الذهاب إلى تسوية تؤدي إلى تأليف حكومة، توفّر فرصة جدية للتفاوض مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية.

ولم تتضح الصورة الحكومية بعد لجهة إمكانية استئناف أي تواصل ودخول مبادرات جديدة مع العلم ان البطريرك الماروني لم يطرح أي مبادرة لكنه شجع أي تواصل من أجل إنقاذ البلد والمواطنين بعد الخشية من تفلت الأمور وازدياد حالات الفقر والتوقع بحدوث مخاطر أمنية وغيرها.
 
وتوقعت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة ان تعاود الاتصالات لتحريك موضوع التشكيل مجددا بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري المرتقبة إلى بيروت اليوم، وذلك من خلال التواصل مع بكركي لمعرفة نتائج الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني بشارة الراعي الى بعبدا مؤخرا، والاطلاع على فحوى اجتماعه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بخصوص اعادة التواصل والمشاورات بين عون والحريري لاستئناف المشاورات والاتصالات لاخراج عملية تشكيل الحكومة من دوامة الجمود الحاصل منذ مدة.

وكشفت المصادر ان الرئيس المكلف تواصل مع البطريرك الراعي بعد عودته من زيارة الفاتيكان نهاية الاسبوع الماضي، وتم التداول في نتائج الزيارة من جميع جوانبها، وضرورة إعادة تحريك عجلة تأليف الحكومة باسرع وقت ممكن. وتم التفاهم على مواصلة التواصل بينهما لدفع مسار عملية تشكيل الحكومة الجديدة قدما الى الامام استنادا للمبادرة الفرنسية.

إقرأ المزيد في: لبنان