معركة أولي البأس

لبنان

أسبوع من العدوان على غزة.. وبعد الكهرباء في لبنان لا دواء قريبًا!
17/05/2021

أسبوع من العدوان على غزة.. وبعد الكهرباء في لبنان لا دواء قريبًا!

بعد أسبوع على بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، بقيت الأنظار تتجه إلى الأراضي المحتلة، حيث يرتكب الاحتلال أفظع المجازر بحق المدنيين ويدمّر كل ما وقف أمام آلة حربه، حاصدًا المزيد من أرواح الشهداء الذين قاربوا الـ 200 إضافة إلى أكثر من 1200 جريح.

لبنانيا، بقي الجمود مسيطرا على التطورات السياسية، لا سيما خلال فترة الإقفال بمناسبة عيد الفطر، على ان تعود اليوم الحركة إلى الحياة مع ما يعتريها من أزمات جديدة تضاف إلى الغلاء والاحتكار والأوضاع الاقتصادية السيئة، فبعد أزمة الكهرباء برزت إلى الواجهة كارثة جديدة تمثلت بالأمن الدوائي وسط حديث عن مخزون يكفي لشهر واحد فقط.

 

"الأخبار": العدوّ يرتكب مجازر جديدة في غزّة: 42 شهيداً في ليلة واحدة

واصل جيش الاحتلال صبّ جام غضبه على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة عبر تكثيف عمليات استهدافهم في بيوتهم الآمنة، ما أوقع مجازر راح ضحيتها العشرات من العائلات التي انهالت عليها مئات القنابل من الطائرات الحربية في ليلةٍ وُصفت بأنها الأشد قصفاً عليها منذ أيام. واستفاق أهل غزة صباح أمس على جريمة حرب مكتملة الأركان بقصف جيش الاحتلال جميع الطرق المؤدية إلى أكبر مستشفيين في القطاع: الشفاء بغزة، والإندونيسي في الشمال، إضافة إلى قصف عمارات سكنية متجاورة لعائلات تسكن بعيداً عن «الشفاء» 200 متر، ما أدى إلى شطب أسر كاملة من السجل المدني الفلسطيني. وبعد أكثر من 18 ساعة من البحث بين أنقاض المباني، استطاعت فرق «الدفاع المدني» انتشال 42 شهيداً، بينهم 16 سيدة و10 أطفال وطبيبان استشهدوا مع عائلاتهم، إضافة إلى 50 إصابة بجروح مختلفة، ليرتفع عدد الشهداء إلى 188، بينهم 55 طفلاً و33 سيدة، و1230 إصابة بجراح مختلفة، وذلك بعد المجزرة وعمليات اغتيال المدنيين في مختلف المناطق.

خلال الحملة نفسها، استهدفت الطائرات الحربية مقر وزارتَي العمل والتنمية الاجتماعية في مدينة غزة، ما تسبب في تدمير مبنى العمل بشكل كامل وإلحاق أضرار بالغة في التنمية الاجتماعية، ومخزن العُهد التابع لها، كما أعلن جيش الاحتلال تدمير منزل مخلى يعود إلى قائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار، بعد استهدافه بجنون وبأكثر من سبعة صواريخ من النوع الثقيل، فيما دمرت طائرات حربية عمارة سكنية وسط القطاع. وبخلاف ادعاء الاحتلال أن ضرباته استهدفت تدمير أنفاق للمقاومة تستخدم لتخزين السلاح والعتاد، نفى مصدر في «حماس» ادعاء الاحتلال، مؤكداً في حديث إلى «الأخبار»، أنه ليس للمقاومة أي أنفاق أو مخازن سلاح في أسفل تلك المناطق، وقال إن «ما جرى مجزرة أراد الاحتلال بها إرهاب الشعب الفلسطيني للضغط على المقاومة لإيقاف المواجهة بشكل أحادي دون التزام الاحتلال بأي شروط».
وأدت عمليات القصف واستهداف المنازل والعمارات والأبراج السكنية في مختلف مناطق القطاع خلال الأسبوع الماضي إلى نزوح أكثر من 38 ألف مواطن إلى 48 مدرسة تابعة لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (الأونروا).

كشف العدو أن المقاومة تستعمل غواصات موجّهة من بُعد
من جهتها، ردت المقاومة على العدوان بإطلاق الرشقات الصاروخية تجاه مستوطنات «غلاف غزة» ومدن المركز في دولة الاحتلال، بينها صلية كبيرة على مناطق أسدود وعسقلان وبئر السبع وسيديروت، وقاعدة «رعيم» وقاعدة التنصت الخاصة بالفرع 8200 ومستوطنة «ياد مردخاي»، وذلك «رداً على المجزرة البشعة بحق الأطفال والنساء والمدنيين في مدينة غزة، والاعتداء على أهالي الشيخ جراح والمتضامنين معهم».

وفي اليوم السادس للمواجهة، ركزت المقاومة من عمليات استهداف الجنود والحشود العسكرية على طول حدود القطاع، إذ أعلنت «كتائب القسام» قصف حشود جيش الاحتلال في منطقة «زيكيم» ومستوطنة «نير عام» ومواقع «يفتاح» و«كفار عزة» و«مفلاسيم» بعشرات قذائف الهاون من النوع الثقيل. كما أعلنت «سرايا القدس» استهداف موقع «إيريز» بعدد من قذائف الهاون من العيار الثقيل واستهداف منصة «القبة الحديدية» في منطقة «نير إسحاق» جنوب القطاع بصواريخ مكثفة.
وفي تطور جديد، أعلن جيش الاحتلال، بعدما سمحت الرقابة العسكرية، أن «القسام» سعت إلى استهداف حقل غاز إسرائيلي يدعى «إيتمار» ويبعد 20 كلم عن القطاع ويقابل عسقلان بعدة صواريخ دون أن يصيبه وهو ما أدى إلى أوامر بإغلاق المنصة حتى إشعار آخر، فيما كشف الصحافي في قناة «كان» العبرية إيتاي بلومنتال أن المقاومة حاولت استهداف منصة الغاز بواسطة غواصات مفخخة غير مأهولة من إنتاجها.

كذلك، نقل الصحافي يوسي ميلمان المقرب من الأجهزة الأمنية أن المقاومة استخدمت برامج كان الشهيد محمد الزواري (اغتاله الموساد في تونس عام 2016) قد عمل عليها لإنتاج طائرات وغواصات مسيرة، وأن هذا المشروع استمر العمل عليه في غزة، وقد طوّرت المقاومة طائرات وغواصات تستطيع حمل 50 كلغ من المواد المتفجرة لتفجر المنصة.


لبنان.. لا دواء بعد شهرٍ من الآن؟

محليا، لم تعد الإقفالات المؤقّتة التي كانت تلجأ إليها المحالّ التجارية مع بداية الأزمة الاقتصادية إجراءً استثنائياً. اليوم، مع تمدّد الأزمة أكثر، تعمّمت التجربة، فباتت كل القطاعات تلجأ الى مثل هذا الإجراء تفادياً للخيار الأصعب. لم تعد محال الألبسة ولا المواد الغذائية استثناء في هذه السياسة التي امتدت لتشمل اليوم قطاع الصحة، من عيادات الأطباء إلى الصيدليات التي يتهيّأ بعض أصحابها للإقفال بين 3 و4 أيام بسبب عجزهم عن تأمين الأدوية للناس.

الأزمة ليست في انقطاع بعض الأدوية بسبب تأخر المعاملات في مصرف لبنان. فقد تخطى القطاع هذه الأزمة التي انتقلت إلى المربع الخطر، مع الوصول إلى حافة الهاوية في المهنة»، على ما يقول نقيب الصيادلة في لبنان، غسان الأمين، منبهاً الى أنه «بعد شهرٍ من الآن، نحن ذاهبون لفقدان سريع للأدوية وإقفال قسري للصيدليات، إن لم تتوفر خطة بديلة». وهذا يعني أن «الأمن الدوائي للمواطن أصبح على المحك». السبب؟ أن القطاع اليوم في «أزمة تجمع بين عاملين متناقضين، فمن جهة بدك دوا، ومن جهة أخرى ما في مصاري». أزمة خطة بديلة تستقيل الحكومة فيها اليوم من أداء واجباتها «إذ إن ما يجري هو كباش بين حكومة تريد إبقاء الدعم للدواء من دون خطة وبين مصرف لبنان». أما تبعات تلك الأزمة فهي انقطاع أدوية أساسية، وخصوصاً أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكري وغيرها، إضافة إلى أدوية «الاستهلاك اليومي». وفي هذا السياق، يشير أحد الصيادلة إلى أن هذه الأدوية باتت توزع «بالعلبة والعلبتين على الصيدلية»، ويعطي مثالاً عن دواء «بيتاسيرك» Betaserc الذي يستخدم لالتهاب الأذن الوسطى وغيرها من أنواع الالتهابات، إذ انقطع اليوم، فيما «الأنواع الوطنية منه توزع حبة حبة على الصيدليات». ثمة أسباب إضافية للانقطاع لا علاقة لها فقط بأزمة المعاملات المتوقفة في مصرف لبنان، ومنها التهافت «غير المسبوق من قبل المواطنين لتخزين بعض الأدوية خوفاً من انقطاعها»، على ما يقول الصيدلي علي عز الدين. أما السبب الآخر، بحسب عز الدين، فهو أن «التسعيرة الجديدة التي تسببت بها أزمة انخفاض سعر صرف الليرة والتي أدت إلى هبوط أسعار بعض الأدوية، ما دفع المستوردين إلى عدم استيرادها كونها لم تعد مربحة». إلى ذلك، تضاف الأدوية «الفرداوية»، أي التي لا بدائل لها، فهذه الأخيرة «عندما تنقطع تحدث بلبلة لعدم وجود بدائل، ومنها دواء لازيكس lasix، الذي بات نادراً ما يوجد في الصيدليات».

يتهيّأ بعض أصحاب الصيدليّات للإقفال أياماً بسبب عجزهم عن تأمين الأدوية

المطلوب في عزّ تلك الأزمة، بحسب الأمين، هو إعداد خطة بديلة، وهذا «يقع على عاتق الحكومة القائمة حالياً، ولو كانت ضمن فترة تصريف أعمال، والوزارات المعنية من الصحة إلى العمل إلى الاقتصاد والإعلام ولجنة من الاختصاصيين العلميين لتفادي خسارة الأمن الدوائي»، مشيراً إلى إمكانية الوصول من خلال تلك الخطة إلى ترشيد منطقي وعادل للدواء «بحيث يمكن تخفيض كلفة فاتورة الدواء من دون التأثير على الأمن الدوائي». ولمح هنا إلى «إمكانية تخفيض الفاتورة من مليار دولار إلى 500 مليون دولار، إذ إن هناك قدرة على استبدال أدوية بأدوية أخرى بديلة ورخيصة الثمن ولها الفعالية نفسها، ويمكن أن نوفرها في لبنان من بلدان مرجعية».

من دون ذلك، لا دواء خلال الأشهر المقبلة ولا جهات ضامنة قادرة على الاستمرار. وهذه حقيقة «سنصل إليها»، يقول الأمين حازماً. ولئن كانت خطورة تلك المرحلة تكمن في انهيار الأمن الدوائي، إلا أنها من الناحية الأخيرة، ستفتح الباب على مشكلة أكثر خطورة وهي «فتح السوق لأدوية غير ذات فعالية أو مزورة أو غير ذلك والتي ستسدّ الفراغ الحاصل».

 

"الديار": الأزمة الاقتصادية تتزايد... وبعض الخطوات أصبحت ضرورية لتخفيف وقعها
وتقبع المصارف اللبنانية تحت ضغوطات كبيرة نتيجة عِدّة عوامل، بعضها نتاج أخطائهم والبعض الآخر نتاج السياسة الاقتصادية للحكومة فيما يبقى العامل السياسي المُتمثّل بمواقف لبنان السياسية العامل الأساسي في هذه المرحلة، إذا هو يقف حاجزا منيعاً أمام تلطيف أو معالجة العاملين السابقين. وأما المودع، فما يهمّه هو أن تعود له أمواله من دون أي اقتطاع سواء أكان مُباشرا أم غير مباشر، وهو أمر لا يُمكن للمصارف التنصّل منه إذا ما أرادت أن تستمر في عملها مستقبلاً. وحصول هذا الأمر يفرض ثباتًا نقديًا كي لا تختفي قيمة الودائع بالليرة اللبنانية، إضافة إلى تجنب اقتطاع أي قرش من الودائع بالعملة الصعبة (وهو أمر مكفول بالدستور).

 الثبات النقدي

تحقيق الثبات النقدي أُسس الحفاظ على الودائع بالليرة اللبنانية من ناحية، ومن ناحية أخرى عامل ثبات القدرة الشرائية للمواطن التي تختفي مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء. وقد يُمكن الجزم أن كل ما يُعانيه المواطن اللبناني اليوم من ضائقة ناتج من غياب الثبات النقدي الناتج من غياب سياسات الدولة الإقتصادية وتفشّي الفساد.

وبالتالي يُمكن استعادة جزء من الثبات النقدي من خلال عدد من الخطوات (في ظل غياب حلّ سياسي يسمح بتحرير الحل الاقتصادي):

أولا - سحب الليرة اللبنانية من قبضة المضاربين في السوق السوداء وهو أمر مُمكن أن يُكتب له النجاح من خلال المنصّة الإلكترونية القادرة على سحب عنصر المضاربة على سعر صرف الليرة. فالمعروف أن كل مُتغيّر اقتصادي (Time Series) يحوي على ثلاثة مكونات: عنصر اتجاهي (Trend)، عنصر موسمي (Seasonal)، وعنصر مضاربة (Speculations). العنصر الاتجاهي لا يُمكن تفاديه إلا من خلال حلّ اقتصادي شامل، وهو ما يتطلّب حكومة تقوم بإصلاحات شاملة مع برنامج «صندوقي» يسمح بإدخال الدولارات إلى الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي. وأما العنصر الموسمي فغائب في حال سعر صرف الدولار مُقابل الليرة اللبنانية، وبالتالي يبقى عنصر المضاربة الذي يُمكن حذفه من خلال المنصّة الإلكترونية.

ثانيا - وقف عملية خروج الدولارات من القطاع المصرفي، خصوصا التهريب الذي يقضي على أي قدرة للّيرة على الصمود من باب المكون الاتجاهي. وبالتالي هذا الأمر يفرض تشدّداً على المعابر الشرعية وغير الشرعية التي تمرّ عبرها السلع المُهرّبة من جهة، وبطريقة أعظم عبر مُمارسات التجّار والمُصدّرين الذين يُخرجون أموالهم من لبنان من باب الدعم، ويتم ذلك بإرغام كل مُصدّر على إعادة الدولارات إلى لبنان إذا ما استفاد المُصدّر من دولارات مدعومة.

ثالثا - يتوجّب ترشيد استخدام الدولارات المؤمّنة من مصرف لبنان. والحديث عن بطاقة تمويلية تعُطى للعائلات الفقيرة هو حديث فارغ نظرا إلى غياب التمويل ونظرا إلى الزبائنية التي ستحكم توزيع البطاقات. من هذا المُنطلق، نرى ضرورة وقف الدعم عن كلّ ما يتمّ تهريبه باستثناء بعض الأمور الأساسية مثل الطحين والأدوية على أن يتمّ خفض عدد الأدوية المدعومة لأقل من 100 دواء وتشجيع تصنيع الأدوية الجنيريك في معامل الأدوية اللبنانية. أمّا بالنسبة للمحروقات (خصوصا البنزين) التي هي أكثر كلفة وأكثر تهريبًا، فيجب وقف الدعم بالكامل، على أن يتمّ إطلاق بطاقة تسمح بعدد مُعيّن من صفائح البنزين لكل اللبنانيين الذين يمتلكون سيّارة.

رابعا - تحرير الأملاك النهرية المُصادرة من قبل أصحاب النفوذ وإسنادها إلى الجيش للإشراف على زرعها وتأمين العديد من المنتوجات الغذائية التي يحتاجها السوق اللبناني. ويتوجّب أيضا الطلب من البلديات تأمين أراضٍ لاستغلالها زراعيا علماً بأن أكثر من نصف مساحة لبنان صالحة للزراعة بكل أنواعها. أضف إلى ذلك استغلال قسم من هذه الأراضي لتربية الأبقار والمواشي، نظرًا إلى حاجة السوق اللبناني الماسة إلى اللحوم.

خامسا - الطلب إلى البلديات تأمين أراضٍ لبناء مصانع لتصنيع مواد غذائية وصناعات تحويلية يحتاجها السوق اللبناني. هذا الأمر يُمكن أن يكون تحت إشراف الجيش أيضاً لمنع الاحتكار والزبائنية.

سادسا - تحرير الاستيراد بكل أنواعه من الاحتكار الحاصل حيث أن هناك ما يُقارب الـ 80 شركة تتحكّم بمصير لبنان واللبنانيين، وما أزمة المحروقات والأدوية إلا أوضح مثال على ذلك.

سابعا - مكننة كل هذه العمليات على مثال ما تمّ القيام به في القطاع الصحي (منصّة التلقيح)، على أن يكون هناك شفافية مُطلقة في كل ما يتمّ القيام به على هذا الصعيد.

ثامنا - إستخدام الأموال التي كانت مُخصّصة لمشاريع عِديدة مثل سدّ بسري أو غيره لتمويل هذه الخطّة.

بالطبع هذه القرارات تحتاج إلى اتفاق سياسي عام من أركان السلطة ومن ثم إلى اجتماع واحد لحكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة، ومن ثم يتمّ رفعها إلى المجلس النيابي لإقرارها بهدف تأمين الغطاء القانوني لحكومة تصريف الأعمال. هذه الخطّة لا تحتاج إلى تنازلات سياسية بين الأطراف السياسية، وبالتالي يُمكن لفخامة رئيس الجمّهورية العماد ميشال عون دعوة الرئيس حسان دياب إلى عقد اجتماع لحكومة تصريف الأعمال لجلسة واحدة لإقرار هذه الخطّة.

القطاع المصرفي والإجراءات الواجب اتخاذها

يربط القطاع المصرفي أي حلّ للأزمة التي تعصف به، بحلّ سياسي يقضي بتشكيل حكومة تضع خطّة تُنشل البلد من أزمته، وهذا أمر صحيح إلى حدٍ بعيد من وجهة النظر الاقتصادية، سيما أن وزن العامل السياسي في الأزمة كبير، إذ في ظلّ تعثّر الحلّ السياسي لا يُمكن البقاء بدون أي خطّة تُعطي وزناً شبه معدوم للعامل السياسي! فالاستمرار على هذا النحو سيقضي على المصارف التي أصبح من مصلحة ليس فقط كل مودع الحفاظ عليها، بل الاقتصاد ككل.

من هذا المُنطلق، نرى أن المعلومات التي طلبها مصرف لبنان بعد انقضاء مُهلة القرار الأساسي 154، ستسمح للجنة الرقابة على المصارف التي من مهامها رقابة هذا القطاع، اقتراح خطّة نهوض بالحدّ الأدنى. هذه الخطّة التي تبدأ بخطوة أطلقها المركزي وتنصّ على بدء دفع قسم من الودائع بعملة الوديعة ابتداءً من حزيران المُقبل، يجب أن تُعطي هذه الخطوة العامل السياسي وزناً ضئيلاً، بمعنى عدم التعويل جداً على الانفراجات السياسية المعقدة واعتبار أن لا حلّ سياسي في المدى المنظور، وبالتالي تحديد الخطوات بحدّها الأدنى لاستعادة الثقة به.

 الاحتكار في الاستيراد

ما لا يُعقل كيف أن عشرات من الشركات تُسيطر على اقتصاد لبنان وتتحكّم بمصير لقمة عيش اللبنانيين. وهنا تبرز الصورة السوداوية لتقاطع مصالح أهل السلطة وأهل الاحتكار في ديمومة هذه الحالة الخانقة على الشعب التي حولت البلد إلى ما يشبه النظام الاقطاعي المتحكم بأرزاق الطبقة العاملة. وقد أثبتت التجربة الماضية أن المستوردين قد أخفقوا على مستويين بالحدّ الأدنى: الأول ظهر من خلال عمليات التهريب التي قام بها تجار نافذون إلى خارج لبنان وكانت السلع المُهرّبة تأتي من التجار تحت مسمى (سلع مدعومة)، والثاني من خلال الاحتكار الذي مارسوه، ولا يزالون يُمارسونه من خلال عدم تسليم السلع والبضائع بانتظار دفع مصرف لبنان وبغطاء سياسي.

من هذا المُنطلق، نرى أن تحرير الاستيراد من قبضة هذه الشركات أصبح ضرورة قصوى، على أن يشمل جميع القطاعات بدون استثناء (المحروقات، الأدوية، المواد الغذائية...).

وعلى هذا الصعيد، لم تقم حكومة حسان دياب بما يجب لإيصال قانون التنافسية إلى المجلس النيابي حيث هناك ضرورة لهذا الأخير أن يضع يده على هذا الملف لأن أموال المودعين وأموال المصرف المركزي تذهب إلى قلّة قليلة خلافًا لمبدأ حرية الاقتصاد المنصوص عليه في الدستور اللبناني.

في الواقع، لا يجب الاتكال على الضمير في الأزمات حيث أثبتت التجربة غياب أو بالأحرى انعدام ضمير التجار، بل يجب فرض القوانين التي ترعى المصلحة العامّة.

 الكهرباء

على صعيد الكهرباء، أصبح معروفا أن لا حلّ في الأفق نظرًا إلى الصراع السياسي القائم وسوء الإدارة التي نتج منها ديون طائلة. من هذا المُنطلق، يتوجّب فتح هذا القطاع للمنافسة من خلال الشركة بين القطاع العام والخاص ومن خلال الـ BOT، خصوصًا أن آخر هذا الشهر سيكون كارثيًا على صعيد التغذية من الشركة وعلى صعيد فاتورة المولد الذي سيعمل ساعات أكبر.

إن الاستمرار على الوتيرة الحالية، سيفقد اللبناني أهم مؤشر لتطور المُجتمعات - أي التغطية الكهربائية - وهو ما سيؤدّي إلى تراجع على كل الأصعدة، مع حرمان المواطن من عامل أساسي في حياته اليومية.

 قطاع النفط والغاز

مما لا شكّ فيه أن الأنظار مُسلّطة اليوم على تحديد الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان. وقد أثبت التاريخ أن هناك طمعاً واضحاً من قبل العدو الإسرائيلي. وقد أثبت الجيش اللبناني أن حقوق الدولة اللبنانية أكبر مما هو موضوع الخلاف، أي 860 كيلومتراً مُربّعاً. المفاوضات غير المباشرة التي تتمّ بين لبنان وإسرائيل برعاية أممية ووساطة أميركية مُتوقّفة حاليًا نظرًا إلى تعنّت الجانب الإسرائيلي. ومع احتدام العدوان على قطاع غزّة والضفة الغربية، من المُستبعد أن يكون هناك أي مفاوضات قبل نهاية هذا العدوان.

من هذا المُنطلق، لا يُمكن للبنان انتظار نتائج هذه المفاوضات بل يتوجّب على الحكومة أن تعمد إلى الطلب إلى شركة توتال بدء التنقيب عن الغاز في الرقعة الرابعة والرقعة التاسعة. إن هذا الطلب بمجرد صدوره سيبعث ارتياحاً في الأسواق وانخفاضاً في سعر الصرف من وجهة النظر الاقتصادية.

هذا الأمر يجب أن يكون في أسرع وقت مُمكن نظرًا إلى الرافعة الكبيرة التي قد يُشكّلها استخراج الغاز، سواء بالنسبة للمالية العامّة أو للاقتصاد اللبناني ككل.

 

"اللواء": 205 أيام على تكليف الحريري
وأكدت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ«اللواء» أن التحليلات والأخبار التي تصدر حول رغبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لا تمت إلى الحقيقة بصلة وقالت أن التركيز كان واضحا على تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة وصولا الى حد الادعاء بوجود مخطط لدفع الحريري الى الاعتذار.  وأوضحت المصادر أن هذه الادعاءات تؤكد بعبدا عدم صحتها وتعتبر ان هدف تعميمها التغطية على تعثر الحريري في تقديم صيغة حكومية متكاملة وقابلة للحياة برلمانيا وسياسيا لاسباب لم تعد مجهولة.

ورأت أن العكس هو الصحيح، إذ أن الرئيس عون لم يتحدث يوما عن رغبته باعتذار الحريري او عمِل في هذا الاتجاه بدليل ابلاغه اكثر من شخصية سياسية من الداخل او من الخارج انه يرغب في التعاون مع الرئيس المكلف وكل ما يطلب منه هو ان يقدم صيغة حكومية متكاملة مرتكزة على الميثاقية والتوازن الوطني الذي يحقق الشراكة الكاملة، علما ان الصيغة المقدمة للرئيس عون من قبل الحريري لا تنطبق عليها هذه المواصفات التي يتمسك بها.

وذكرت هذه المصادر بأن الرئيس عون طلب أكثر من مرة من الحريري اعادة النظر في الصيغة المقدمة والحضور الى بعبدا للبحث معه في صيغة تتناغم مع الاسس التي طرحها رئيس الجمهورية لكن الحريري لم يتجاوب مع الدعوات المتكررة من الرئيس عون ولا يزال على موقفه..

واضافت المصادر: على الرغم من ذلك فإن بعبدا تنتظر منذ اسابيع مبادرة من الحريري لتسريع تشكيل الحكومة ولم تخطط مطلقا لدفعه الى الاعتذار علما ان مثل هذا القرار يعود للحريري شخصيا.

اما موقف رئيس الجمهورية فهو واضح وفق المصادر مشيرة إلى أن التسريبات التي تتناقلها وسائل الاعلام من حين الى آخر عن رغبة الرئيس عون باعتذار الحريري هدفها التصويب على بعبدا، في وقت ان اول من تحدث عن خيار اعتذار الحريري كان نواب ومسؤولين في تيار «المستقبل» وفي مقدمهم نائب رئيس التيار النائب السابق مصطفى علوش.

وأعادت المصادر التأكيد ان موقف الرئيس واضح منذ البداية ولم يتبدل وهو ابلغ الى الفرنسيين كون الرئيس ماكرون قدم مبادرة لاقت تأييد الاطراف السياسيين.

وهكذا، بدا الموقف، هو نفسه بعد ستة أشهر و25 يوماً (قرابة السبعة اشهر) من تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، وكأن الزمن لا يسير، وتوقف عند عناد المكابرين في قصر بعبدا.

وكشف النائب المستقيل ميشال معوض ان عقوبات شاملة وتدريجية ستُفرض على السياسيين اللبنانيين الذين يعرقلون تأليف الحكومة.

واليوم، تعود الحركة السياسية العامة الى مسارها الطبيعي بعد عطلة الفطر السعيد، وإن كانت العطلة قد شهدت تطورات سياسية محدودة، تمثلت برسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الخطية الى الرئيس ايمانويل ماكرون تتناول التطورات الاخيرة والعلاقات اللبنانية الفرنسية. والاتصال الذي تم بين الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية المصرية سامح شكري، تناولا خلاله تطورات الوضع المتأزم في لبنان وجهود الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة. فيما يستمر الحديث عن تحريك الرئيس نبيه بري مبادرته مجدداً هذا الاسبوع ولو من باب جسّ النبض قبل الخوض في تفاصيلها وإجراء الاتصالات اللازمة لشرحها وتسويقها.

ونقلت رسالة عون الى ماكرون السفيرة الفرنسية آن غريو، التي سبق وزارت خلال العطلة ايضاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في إطار مسعاها لترطيب الاجواء بين فرنسا وبعض القوى السياسية التي استثناها وزير الخارجية جان إيف لودريان من لقاءاته خلال زيارته الاخيرة الى بيروت.

واوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الرسالة تتناول التطورات الجديدة بعد زيارة لودريان وهي رسالة متابعة وإستكمال لمحادثات لو دريان.

وفضّلت المصادر عدم الكشف عن تفاصيل الرسالة قبل وصولها الى الرئيس ماكرون من باب البروتوكول واللياقة، لكنها اوضحت ان الرسالة تشرح كل التطورات التي حصلت بعد زيارة لو دريان ومواقف الرئيس عون منها، لا سيما على صعيد تشكيل الحكومة.

ونفت المصادر التحليلات والتكهنات بأن الرسالة بديل عن إيفاد الرئيس عون موفداً منه الى باريس للقاء ماكرون، مشيرة إلى اعلان القصر الجمهوري، أن رئيس الجمهورية «ليس في وارد إرسال موفد الى باريس، لمتابعة زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان لبيروت، وأن موقف الرئيس عون واضح وأبلغه الى لودريان خلال وجوده في بيروت».

وتلقى الرئيس المكلف سعد الحريري اتصالا من وزير الخارجية المصري سامح شكري، «تناولا خلاله تطورات الوضع المتأزم في لبنان وجهود الرئيس الحريري لتشكيل حكومة قادرة على الخروج بلبنان من الوضع الاقتصادي الحرج الذي يعاني منه».

وأكد الوزير شكري «حرص مصر على التنسيق مع الرئيس الحريري والقيادات السياسية اللبنانية، من أجل تجنيب الشعب اللبناني الكثير من المشكلات في حال لم يتم تشكيل حكومة قادرة تشمل ذوي الاختصاص في مجالاتهم».

وتناول الوزير شكري مع الرئيس الحريري تطورات الوضع الإقليمي في ضوء المواجهات العسكرية في الأراضي الفلسطينية والجهود التي تبذلها مصر لإنهائها.

جنبلاط: الدعوة مجدداً إلى التسوية

وفي لقاء مع عدد من المغتربين، كرّر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الدعوة الى حل المشكلات وتشكيل وزارة كما سماها الرئيس الفرنسي ايمانول ماكرون «وزارة مهمة» يعني وزراء اختصاصيين غير معزولين عن السياسة لكن كل هذه الجهود فشلت».

اضاف:  «حاولت ان اخترق جدران الصمت ولم استطع وزرت رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا بعد ان دعاني ونجحنا نسبيا في تخطي الرقم السحري من 18 وزيراً وصولاً الى 24 واخذت منه كلمة آنذاك بان ليس هناك «ثلث معطل» ووقفنا عندها لانه لم يلبنّي احد».

واكد جنبلاط انه إذا نجحنا وشكلنا حكومة ووضعت جدول أعمال واضح قد نستفيد من الدعم الدولي لكن المهم أن نضع جدول أعمال».

واعتبر جنبلاط انه ليس هناك أي أفق للحل إلا إذا وضعنا خطة من خلال «حكومة مهمة» لكيفية وقف الهدر وإصلاح قطاع الكهرباء أولاً، ويجب أن يكون هناك قضاء مستقل يحاسب من نهب المال العام وثم المخاطبة الجدية مع المؤسسات الدولية لكيفية مساعدة لبنان».

واكد انه «لا بد من إجراء انتخابات نيابية ونتمنى أن يكون هناك قانون جديد غير الحالي «العنصري» الذي تتمسك به قوى سياسية أقوى منا بكثير».

وردا على سؤال، قال: «زرت الرئيس سعد الحريري منذ ثلاثة أشهر وقلت له من الضروري القيام بالتسوية ولم يلبني أحد ولا أحد يستطيع إلغاء أحد في هذا البلد ولا يجوز أن نستمر في هذه الطريقة «ما حدا يحكي مع التاني».

اقتصاديا، قال جنبلاط: «لننسى المساعدات الدولية بإستثناء صندوق النقد والبند الدولي ولنساعد نفسنا بنفسنا، مضيفا «سيدر لم يعد موجوداً ولنركز على كيفية دعم الأسر الفقيرة بعيداً عن المشاريع الكبرى كتوسعة المطار فالأسعار ترتفع ويجب أن نؤمن إكتفاءً ذاتياً على صعيد الوطن».

وعن زيارة وزير خارجية فرنسا الى لبنان، قال: كان للودريان برنامج عمل معيّن ولم أعتب عليه ولم أتوقع زيارتي أساسا والسفيرة الفرنسية أن غريو قالت نحن على إستعداد لمساعدتكم لكن ساعدوا أنفسكم».

وفي الموضوع الفلسطيني، قال «لم نترك فلسطين ولم ننساها والأمر الإيجابي اليوم أن كل الشعب الفلسطيني ينتفض والصواريخ تتحدى أسطورة الإسرائيليين التي لا تقهر».

 

"الجمهورية": حديث عن حركة قيد الطبخ... و"العقوبات الأوروبية" قاب قوسين أو أدنى

توجّهت الأنظار اللبنانية والعربية والدولية إلى غزة والمجزرة المتمادية التي ترتكبها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، في ظلّ إدانات واسعة وتنديد كبير، وترافق التركيز على المواجهة القائمة مع تركيز مماثل على الحدود الجنوبية اللبنانية، على أثر إطلاق ثلاثة صواريخ، وتوجّه مجموعات إلى الحدود للتضامن مع الفلسطينيين، الأمر الذي ولّد المخاوف من تمدّد النزاع في اتجاه لبنان، على الرغم من التضامن المطلق مع الشعب الفلسطيني في أرضه. وقد تراجع الشأن اللبناني في الأيام الأخيرة بسبب عطلة عيد الفطر المبارك، ومعاودة النشاط السياسي ابتداء من اليوم لن يبدِّل كثيراً في الصورة السياسية، لأنّ القوى المعنية بتأليف الحكومة في إجازة مفتوحة أساساً، وحتى تصريف الأعمال الذي يجب ان يكون الشغل الشاغل للحكومة المستقيلة من أجل تخفيف المعاناة على اللبنانيين بالكاد تمارسه وفي حدود رفع العتب، وبالتالي إستئناف الحركة السياسية لن يغيِّر في مسار الأمور، في ظل عجز الدفع الخارجي والداخلي عن كسر حلقة الفراغ.

وبالتزامن مع أحداث غزة والقدس، ارتفعت بعض الأصوات الداعية إلى تسريع التأليف، من منطلق عدم جواز استمرار الفراغ في ظل تصاعد وتيرة العنف والخشية من ارتداداتها على الداخل، على وقع أزمة مالية مفتوحة تستدعي أساساً القيام بالمستحيل لمواجهتها عن طريق تشكيل الحكومة التي تشكّل وحدها حزام الأمان المطلوب لبنانياً ودولياً بغية إعادة ترسيخ الاستقرار السياسي والمالي.

وفي الوقت الذي كان أبدى فيه محيط الرئيس المكلّف سعد الحريري عن نياته للاعتذار بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، عاد وتراجع هذا المحيط نفسه عن هذا التوجّه، مستعيداً الأدبيات السابقة الرافضة مبدأ الاعتذار، ولكن الجديد على هذا المستوى بدء التداول بأسماء شخصيات للتكليف على رغم تأكيدها المعلن انّها في غير هذا الوارد، ولم يعرف ما إذا كان التداول بهذه الأسماء هدفه المناورة السياسية والرسائل الموجّهة من بعبدا إلى «بيت الوسط»، أم انّ الهدف منها جسّ النبض والنيات في أكثر من اتجاه، خصوصًا في ظلّ ترسُّخ الانطباع انّ احتمالات التعاون بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري باتت مستحيلة، وانّ الفراغ سيبقى سيِّد الموقف حتى نهاية العهد، في حال أصرّ الحريري على رفض الاعتذار وربطه باستقالة عون.

وعلى الرغم من غياب اي مؤشرات عملية في الملف الحكومي، إلّا انّ باريس وأوروبا من خلفها، ما زالت تضغط، ملوّحة بالعقوبات التي وكأنّها أصبحت ولادتها على قاب قوسين أو أدنى، خصوصًا انّ الوضع المالي حافظ على وتيرة تراجعه المتواصل، ولا حلّ سوى بإنهاء حلقة الفراغ، فيما لا يُعرف ما إذا كان هناك ما تتمّ حياكته في الكواليس الخارجية والداخلية، لأنّ أكثر من مؤشر أوحى بوجود حركة بعيدة من الأضواء وتُطبخ على نار هادئة.

عون واعتذار الحريري
وتعليقاً على جملة من المواقف والتسريبات التي حفلت بها عطلة الصحف تزامنًا مع عطلة الفطرالسعيد، رفضت مصادر مطلعة على اجواء رئيس الجمهورية عبر «الجمهورية» قول احداها، انّه يتحمّل المسؤولية عن عدم تشكيل حكومة جديدة كُلّف الحريري تشكيلها قبل اشهر عدة، ولم تكتمل فصولها بعد. كذلك اكّدت هذه المصادر، انّ عون لم يشأ يومًا الوصول الى مرحلة دفع الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الى الاعتذار عن التأليف، ولفتت الى انّ هذه الأخبار والسيناريوهات مفبركة.

واشارت هذه المصادر، الى «انّ من روّج لمثل هذه السيناريوهات كان من محيط الحريري نفسه ومن اهل البيت «المستقبلي» والمسؤولين الكبار في تيار «المستقبل»، وخصوصًا في الفترة التي سبقت زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الاخيرة للبنان، وهي لم تفهمها سوى تبريرًا للفشل في إمكان توصّل الحريري الى تشكيلة حكومية متكاملة ترضي الكتل النيابية وتضمن الثقة لها، ولأسباب اخرى لم يعد بعضها مجهولًا وقد تمادى كثر في شرحها وتفنيدها».

ودخلت المصادر نفسها في التفاصيل وقالت لـ«الجمهورية»، انّ عون دعا الحريري اكثر من مرة الى اعادة النظر في التشكيلة الوزارية التي حملها اليه في 9 كانون الاول من العام الماضي، في الشكل الذي يضمن ولادة طبيعية لها، وتتلاقى ومجموعة المعايير التي وضعها رئيس الجمهورية وشرحها في أكثر من مناسبة. كما أنّه، اي الحريري، لم يتجاوب مع دعوات كثر من الاصدقاء لزيارة عون منذ فترة، للتشاور معه في العقبات التي تحول دون ولادة الحكومة. وهو على الرغم من كل هذه المحطات التي يتذكّرها اللبنانيون ينتظر منه مبادرة يتحدث فيها عن التشكيلة الحكومية المنتظرة، ولم يرد يومًا اعتذاره، على رغم مجموعة الروايات التي نفتها بعبدا اكثر من مرة، تارة بوجود نية بمخاطبة مجلس النواب لسحب التكليف او بوسائل اخرى. فما هو ثابت لدى رئيس الجمهورية انّ مثل هذه الخطوة تعود للحريري شخصيًا».

واكّدت المصادر، انّ عون «فاتح اكثر من سياسي برغبته في التفاهم مع الحريري منذ ان كلّفه مجلس النواب مهمة التأليف وفق الآلية الدستورية، وانّه ليس في وارد الانقلاب على الدستور، وما هو مطلوب منه واضح وصريح تحدثت عنه مهمّة التكليف، وهي صيغة حكومية ترتكز على الميثاقية والتوازن الوطني الذي يحقق الشراكة الكاملة، وهي صيغة لم توفرها التشكيلة الاولى التي تقدّم بها الحريري. وهو امر ثابت ويشهد عليه المسؤولون الفرنسيون الذين قاموا بأكثر من خطوة في اطار مبادرة يدّعي الجميع انّهم وافقوا عليها. فلماذا لم يقوموا بما هو مطلوب منهم؟».

رسالة عون لماكرون
وكانت عطلة نهاية الفطر قد شهدت لقاء جمع عون مع السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، التي سلّمها رسالة خطية الى نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، تتناول العلاقات اللبنانية - الفرنسية والتطورات الأخيرة، حسب بيان للمكتب الاعلامي في قصر بعبدا.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ هذه الرسالة ليست بديلاً من حديث غير صحيح عن النية بإيفاد عون موفد خاص الى العاصمة الفرنسية، وانّه خاطب الرئيس ماكرون خطيًا بمضمون بعض الافكار التي تفسّر موقفه من سلسلة الافكار التي رافقت طرح المبادرة الفرنسية، ويبدو لعون انّها كانت تحتاج الى توضيحات في جوانب عدة منها. وقالت المصادر، انّها شكّلت خطوة لاستكمال الاتصالات المستمرة بين عون وماكرون، وإن كان مضمونها يبقى ملكاً للرئيس الفرنسي، فإنّها كانت ضرورية بعد المواقف التي اطلقها لودريان في ختام زيارته لبيروت وما نُسج من حولها.

عون يعايد بري
وفي خطوة وصفت بأنّها كسر لحالة الجمود بين بعبدا وعين التينة، علمت «الجمهورية» انّ عون إتصل برئيس مجلس النواب نبيه بري وهنأه بحلول عيد الفطر، وكان الاتصال مناسبة لمناقشة التطورات الاخيرة وتبادلا خلاله الآراء في ما يمكن القيام به للخروج من المأزق الراهن.

ولم تشأ المصادر التي اطلعت على مضمون الاتصال التوسع اكثر في ما دار فيه من احاديث، سوى انّها شملت التعقيدات الاخيرة المطروحة وسبل مواجهتها على اكثر من مستوى، ولا سيما منها تلك التي تقض مضاجع المواطنين.

الحريري أرجأ عودته
وفي هذه الاجواء، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة لن يعود الى بيروت في نهاية عطلة عيد الفطر، وهو سيمضي بضعة ايام قد تمتد الى اسبوع إضافي.

وقالت مصادر كانت على تواصل معه قبل سفره الاربعاء الماضي عشية عيد الفطر، انّه سيبقى غائبًا عن بيروت لاسبوعين، وانّ لديه برنامجًا حافلًا من اللقاءات في الخارج، من دون الكشف عمّا اراده منها واهدافها، إلّا انّها وضعت في إطار حراكه الخارجي الذي لم يتوقف بعد، إستعدادًا لمرحلة ما بعد تشكيل الحكومة.

الكهرباءالدواء

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة