معركة أولي البأس

 

لبنان

مسار تشكيل الحكومة: لا تأليف ولا اعتذار
25/08/2021

مسار تشكيل الحكومة: لا تأليف ولا اعتذار

تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم موضوع تشكيل الحكومة بشكل أساسي فمنها من اعتبر أن هناك تأخير وأخرى وصفها بالإنسداد والبعض تناول ما جاءت به مصادره حول العقد الموجودة لتأليف الحكومة.

وعلى صعيد آخر لفتت الصحف إلى الاحتكار الحاصل للمحروقات والأدوية، مشيرة إلى مداهمات وزير الصحة الدكتور حمد حسن الأخيرة والخزانات المكتشفة في زحلة.

"الأخبار" : تأخير تأليف الحكومة: العقدة ليست في الحقائب حصراً

وجاء في صحيفة الأخبار الصادرة صباح اليوم أنه بدلاً من أن تؤدي المداولات الحكومية لتحقيق خطوة إلى الأمام، عادت أزمة التشكيل خطوات إلى الوراء. لم تعد العقد محصورة بعقد ثلاث، بل تبيّن أمس أن «العرقلة» عادت وطالت حقائب جديدة وأسماء. أما اللقاء المرتقب بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي فمؤجل إلى موعد غير معروف.

ما مِن شيء أمس كانَ يُوحي بأن طريق حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مفتوحة أو أن التشكيلة التي سيحملها قريباً إلى بعبدا ستحمِل انفراجة. ثمة من يتحدّث في الكواليس السياسية عن أنها صارت مؤجلة لأشهر إلى الأمام، بسبب تحديات لا صلة لها حصراً بالشق التقني من حقائب وحصص وأسماء، بل بانتظار جلاء أمور أخرى سياسية واقتصادية. أكبر دليل، هو في تراجع وتيرة اللقاءات التي يعقدها الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى حدّ صعوبة تحديد موعد لها. وبعدَما جرى التداول بمعلومات عن زيارة كانت مقررة أمس، تبيّن بأن لا طلب لموعد مسبق، ولا تحديد لأي موعد جديد حتى الآن.

وفي هذا الإطار، قالت مصادر معنية بالتشكيل أن «كل يوم تأخير هو توالد لعقد جديدة»، مشيرة إلى أن «الأمور عادت إلى المربع الأول حتى في ما يتعلق بالحقائب والأسماء».

وفي جديد المداولات قالت مصادر "الأخبار" إن «رئيس الجمهورية يقترح تعيين القاضي المتقاعد هنري خوري في وزارة العدل، إلا أن الأخير لا يُمكن أن يقبل به ميقاتي، كما يعارضه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يراه نسخة عن القاضية غادة عون». وتحدثت المصادر أن «وزارة الطاقة عادت لتكون أمّ العقد، إذ يرفض ميقاتي أن تكون من حصة عون إلى جانب وزارات الدفاع والخارجية والاقتصاد والعدل والشؤون الاجتماعية، فإما وزارة الشؤون أو الطاقة».

وعلمت "الأخبار" أن «عون وبعدَ أن طرح سابقاً اسم السفير اللبناني السابق في واشنطن عبد الله بو حبيب لوزارة الخارجية، فإنه من المحتمل أن يغيّر الاسم، بخاصة أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يقترح اسم غابي عيسى الذي رفضه ميقاتي».

وفي السياق، نقل بعض الذين تحدثوا أخيراً إلى الرئيس المكلف رهانه على «عون الذي يستعجل تشكيل الحكومة بسبب ما آلت إليه الأوضاع في عهده، وأن ذلك يساعده في دفعه إلى التنازل عن بعض الأمور، وسحب بعض الحقائب منه». وبينما قال هؤلاء أن ميقاتي «لم يأتِ على ذكر خيار الاعتذار لا من قريب ولا من بعيد، إلا أنه لمح إلى عدد من الأمور التي تجعله يُفرمل اندفاعته، ومن بينها استجرار الغاز والكهرباء من الأردن ومصر عبر سوريا، لأنه لا يريد أن تتحمّل حكومته هذا الأمر. بخاصة في ظل ما نُقِل عن أن الدولة السورية لن تتساهل، وأنها تشترط أن يكون هناك تنسيق رسمي مع الدولة اللبنانية واتصالات على مستوى الرؤساء والوزراء لا عبرَ قنوات أخرى».

النهار: الإنسداد الحكومي مجدداً...

أمّا صحيفة النهار فرأت أنه عشية مرور الشهر الأول على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة، لم يكن أدل على صدقية المخاوف من التحاق مهتمه بما أصاب سابقا سلفه الرئيس سعد الحريري وقبلهما السفير مصطفى اديب من إرجاء زيارته لقصر بعبدا أمس لتقديم تشكيلته الوزارية، وسط معلومات ومعطيات تؤكد الدوران في الحلقة المفرغة على صعيد عملية التأليف. واذا كان الرئيس المكلف يعتصم وأوساطه بالتكتم والتحفّظ عن سوق أي تصورات او سيناريوات تتصل بما يمكن ان يؤدي اليه استمرار الانسداد الذي برزت معالمه مجدداً منذ الأسبوع الماضي، فإن المعلومات التي توافرت لـ"النهار" تشير الى ان انقطاعاً تاماً في الاتصالات والمشاورات المباشرة وغير المباشرة بين رئاسة الجمهورية والرئيس المكلف، وحتى عبر الموفدين، أرخى ظلالا قاتمة ومتشائمة مخالفة للأجواء التي سادت الأسبوع الماضي حيال امكان حصول اختراق في عملية تأليف الحكومة. ويعني ذلك ان المسألة لا تنحصر كما قيل بخلاف او تباين حول بضعة أسماء وبضع حقائب وزارية فقط بل انه مع الاقتراب من وضع تصور للتشكيلة الشاملة برزت معالم تعقيدات اعمق.
 
وفي معلومات "النهار" ان معضلة اساسية تواجه عملية التأليف التي تعثرت في مرحلة اختيار الاسماء للحقائب بعدما تم توزيعها. وهذه المعضلة انحصرت اخيراً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف نجيب ميقاتي لاسيما في اختيار الاسماء العائدة للحصة الرئاسية، انطلاقاً من هاجس الثلث المعطل الذي يمكن ان يحصل عليه فريق العهد او رئيس "التيار الوطني الحر" بطريقة غير مباشرة.
 
الاتصالات التي لم تنقطع في الكواليس هدفها ان يقدم الرئيس ميقاتي لرئيس الجمهورية تشكيلة مكتملة تتضمن كل اسماء المرشحين بمن فيهم مرشحي الرئيس بري ورئيس "تيار المرده" سليمان فرنجيه، وان يطرحها على رئيس الجمهورية للتشاور معه في اسمائها.
 
وفي المعلومات ايضاً، ان ميقاتي ينتظر من بري ان يعطيه اسم مرشحه لوزارة الزراعة كما ينتظر رئيس تيار المردة الذي اعطى اسمي المرشحين الحقيبتين العائدتين له ثم بدل رأيه باسم احدهما ولم يعط اسماً بديلاً بعد.
 
وعلم انه بعدما اقترح لوزارة الخارجية اسم السفير عبدالله بو حبيب تم اقتراح اسم اخر هو السفير بطرس عساكر.
 
وما زال اسم وزير الداخلية غير محسوم بعد بين اللواء ابرهيم بصبوص واللواء مروان الزين، والمعلومات تشير الى ان بعبدا لم توافق  على اي من الاسمين المطروحين من قبل ميقاتي لأنهما في الاساس مرشحا الرئيس سعد الحريري.
 
الى ذلك علمت صحيفة النهار أن الاتصالات ظهّرت الخلاف على ثلاث مواقع رئيسية في التشكيلة:
 
- بالنسبة لوزير الخارجية ، تم سحب اسم عبدالله بو حبيب واقترح مكانه اسم سفير لبنان في كندا فادي زيادة، وترشيحه لم يلق قبولا بسبب عمره لأن هناك سفراء اعلى منه في السلك وهذا قد يحدث بلبلة ادارية في الخارجية.
 
- بالنسبة لحقيبة العدل، يصر رئيس الجمهورية على القاضي هنري خوري الذي لا يلقى  تأييدا من ميقاتي.
 
- حقيبة الشؤون الاجتماعية : فريق بعبدا يريد تسمية ريمون طربيه، والرئيس ميقاتي يرى ان له ارتباطات حزبية مع "التيار الوطني الحر" وانه أحد معاوني رئيس التيار جبران باسيل.
 
اضافة الى ما سبق، ترغب بعبدا بالحصول على وزارة الاقتصاد ليكون لرئيس الجمهورية مشاركة في القرار المالي والاقتصادي، وحقيبة الطاقة لم تحسم بعد وقد رشحت بعبدا لتوليها شخصاً من آل فياض من الكورة. وما زال الأخذ والرد يجري على ان تختار بعبدا بين الاقتصاد او الطاقة وليس الاثنين معاً.
 
كذلك يريد فرنجيه وزيرين مارونيين، تردد ان  احدهما هو موريس الدويهي للاتصالات، والثاني جوني قرم للصناعة، فيما يطلب اليه ان يكون الوزير الثاني في حصته اورثوذكسياً او كاثوليكياً.
 
وأمّا التطور اللافت في ظل النزاعات الحكومية المستفحلة فهو ما علمته "النهار" من ان صندوق النقد الدولي يتجه الى التريث في تحويل مبلغ 860 مليون دولار  الى لبنان من ضمن برنامج وحدات حقوق السحب الخاصة الذي تبلغ قيمته 650 مليار دولار توزع على 190 دولة اعضاء في الصندوق، وذلك في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة على اساس ان الحكومة الحالية هي لتصريف الاعمال، مع العلم ان هناك شروطا وضعت للاستفادة من المبلغ المخصص للبنان .

البناء: قطبة مخفية أعادت الملف الحكومي إلى التجاذب

صحيفة البناء اعتبرت أنه في ظلّ غموض الموقف الأميركي من نية تسهيل ولادة الحكومة كترجمة للتحوّل المفترض في مواجهة حزب الله من سياسة الضغط الى التسابق على الإمساك بملفات الاقتصاد عبر حكومة جديدة، وخيار التفاوض مع صندوق النقد الدولي والمعالجات في ملف الكهرباء على طريقة خطوط الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر تجاوز العقوبات التي يفرضها قانون قيصر على سورية والتعامل معها، ومدخلها حكومة.

وفي ظل غموض مشابه  للموقف السعودي وما يشيعه أصدقاء المملكة السعودية عن انكفائها عن التعامل مع الملف الحكومي كترجمة لغضب يتخطى العلاقة بالرئيس السابق سعد الحريري الى كل العلاقة مع لبنان، جاء الاعتراض المتأخر للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي على تسمية السفير السابق عبدالله بوحبيب كوزير للخارجية، ليطرح السؤال حول القطبة المخفية التي كشفها الاعتراض، في ظل تسريبات عن أنّ الرئيس الحريري مصدر الاعتراض، وتسريبات أخرى تقول انّ الرياض تعتبره وزيراً لا يترجم نوايا الانفتاح عليها، وتسريبات ثالثة تقول أنّ واشنطن وباريس ليستا بعيدتين عن الاعتراض في ظلّ رغبة بإرضاء السعودية التي يقول البعض إنها دخلت فجأة على خط التأليف أو تمّ استحضارها لتخريب التفاهمات، والتسبّب بالفشل للرئيس ميقاتي كما يتهم أنصار التيار الوطني الحر الرئيس الحريري بالمسؤولية عن الفيتو على «بو حبيب»، وفي المقابل تقول المصادر المتابعة للملف الحكومي ان رواية كلّ من مصادر المحيطين برئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، مختلفة عن الرواية المقابلة للعودة للتجاذب التي أطاحت فرصة لقاء رئاسي أمس وربما اليوم لمواصلة النقاش، في الرواية القريبة من بعبدا أن سحب الموافقة على «بو حبيب» صاحبته تسميات للوزيرين المسيحيين تخفي الرغبة بضمّهما الى حصة الرئيس المكلف ونادي رؤساء الحكومات السابقين خلافاً للاتفاق على اختيارهما من أسماء لا تثير حفظية الرئيسين ولا تنتمي لأيّ منهما، ما استدعى حسب هذه الأوساط سحب رئيس الجمهورية لموافقته على تسمية السفير السابق في السعودية مروان زين لوزارة الداخلية، وتساءلت الأوساط لم لا يبادر الرئيس ميقاتي لمبادلة حقائب بو حبيب وزين، فتحلّ المشكلة، ويسمّى صديق للسعودية في الخارجية ومقرّب من رئيس الجمهورية في الداخلية، لكن الأوساط القريبة من الرئيس المكلف تغمز من قناة سعي بعبدا للحصول على الثلث المعطل من بوابة تسميات يُقال إنها محايدة لتعبئة فراغ الوزيرين المسيحيين، وتستند في تبرير استنتاجها الى مواقف أعلنها قادة في التيار الوطني الحر خلال الساعات الماضية تتحدّث عن مفاضلة بين لا حكومة وحكومة لا يملك رئيس الجمهورية قدرة التحكم بها بالقول «عمرها ما تكون هالحكومة» معتبرة انّ هذه رسالة واضحة بالاستعداد لتقبّل الفشل الحكومي ما لم يتمّ تأمين الثلث المعطل الذي يترجم وحده معادلة تحكم رئيس الجمهورية بالحكومة.

تقول مصادر مواكبة للمسار الحكومي لصحيفة البناء أنّ المعادلة حتى اليوم هي لا تأليف ولا اعتذار، ومواصلة المساعي والمشاورات، واعتبرت أنّ الخميس سيكون موعد لقاء متوقع للرئيسين، مع العودة لمعادلة الإثنين والخميس مستبعدة الاعتذار حتى لو مضى شهر وأكثر على التكليف، لأنّ قراراً كهذا أكبر من مجرد فشل التفاوض، فالأرجح ألا يكون هناك مجال لتسمية بديلة بعد اعتذار الرئيس ميقاتي، ولبنان لن يتحمّل الفراغ حتى موعد الإنتخابات النيابية وربما حتى نهاية العهد.

 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل