لبنان
تشتت في أجواء التأليف.. والتحقق مؤجّل ليوم الأربعاء
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأجواء الايجابية حول ملف تأليف الحكومة، إذ تضاربت مصادر الصحف بين من رأى أن التأليف في مراحله الأخيرة وبين من رأى فيه بث أجواء إيجابية فقط دون تقدم فعلي، وبين هذا تضارب يرتقب المهتمون يوم الأربعاء لدحض معلومات المصادر.
ولم يعد اللبنانيون بمأمن من بعض المصادر، إذ أوقعتهم قبل ذلك بأجواء إيجابية وأن التأليف قاب قوسين وسرعان ما صدر بيان ليعيد الأجواء الحكومية إلى نقطة البداية.
"الأخبار" تأليف الحكومة: عودة التشاؤم
قالت صحيفة الأخبار إن بورصة تأليف الحكومة لم ترسُ على بَرّ حتى بعد بثّ كل أجواء التفاؤل من المصدرَين الأساسيّين المعنيّين مباشرة بالمسألة، أي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي.
فرغم التوافق على معظم الحقائب وشاغليها، ثمّة قطبة مخفيّة حالت دون صعود ميقاتي إلى بعبدا مساء أمس، وسط الحديث عن زيارة مرتقبة يوم غد أي بعد انقضاء يوم الحداد العام، علماً بأن عون رفض الاسم الذي اقترحه ميقاتي لوزارة الاقتصاد عبر اللواء عباس إبراهيم، طالباً استبداله بآخر.
وأضافت أن البلاد دخلت في مرحلة العدّ العكسي لتأليف الحكومة مع تحديد «مهلة» 48 ساعة لتوجّه الرئيس المُكلّف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا، على اعتبار أن اليوم يوم حداد عام على رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الراحل الشيخ عبد الأمير قبلان. حصل ذلك بعدما انكبّت كل الأطراف المعنية بالتأليف على إشاعة الأجواء الإيجابية والاتفاق التامّ هذه المرة، أجواء سبق أن أُشيعت خلال نهاية الأسبوع الماضي ثم أسقِطت في اليوم التالي، ما يدعو الى التشكيك في صحّة هذا الوئام وما إذا وصلت الأمور الى خواتيمها فعلاً كما يسوّق صانعوها.
وأشارت "الأخبار" إلى أن مصادر مطّلعة ترى أن ميقاتي يتوجّس من ردّة فعل سعوديّة على توافق كل من فرنسا وإيران وحزب الله حكومياً.
وربما، هنا يكمن العائق الأكبر، فبحسب هذه المصادر قد يكون التواصل الفرنسي الإيراني بشأن لبنان وإتيان ماكرون على ذكر حزب الله كعنصر أساسي في التأليف، جعل ميقاتي يتوجّس من ردة الفعل الخليجية أو بالأحرى السعودية. وهو ما دفع الرئيس المكلف الى إعادة حساباته من ناحية إعادة تجربة حكومة عام 2011، رغم كل التغيّرات السياسية المتسارعة في الأسبوعين السابقين والتي كان من المفترض لميقاتي أن يلتقطها ليدرك مدى الاختلاف بين المرحلتين. فالوفد الذي ترأّسته نائبة رئيس الحكومة، وزيرة الخارجية زينة عكر، الى دمشق، نال موافقة مسبقة من السفيرة الأميركية، وكذلك زيارة وزير الطاقة ريمون غجر اليوم لعمّان للمشاركة في اجتماع مع وزراء سوريا والأردن ومصر ولبنان، وتوقيع مذكّرة تفاهم بشأن نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، كما لتوقيع مذكرة أردنية ــــ سورية ــــ لبنانية لاستجرار الكهرباء من الأردن إلى لبنان.
من جانبها، تنفي مصادر الرئيس المكلّف أن يكون بانتظار ضوء أخضر سعودي أو مباركة من نادي رؤساء الحكومات السابقين، بل تعتبر أن لا عقد أساسية سوى أن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يرفع سقف المطالب حتى يدفع الأميركيين والفرنسيين إلى التفاوض معه.
وفيما تشير المصادر إلى أن المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية الذي اتصل بميقاتي لحضّه على الإسراع في تأليف الحكومة، اتصل أيضاً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون للغرض نفسه. أما مصادر بعبدا، فقد نفت حصول الاتصال بعون!
وبين المعلومات المتعارضة، ترى أوساط متابعة أن فرص تأليف الحكومة تتساوى مع عدمها، وأن المهل المحددة اليوم سبق لها أن حددت منذ أسبوع وقبله بأسبوع، لكن أيّاً منها لم يؤدّ الى نتيجة حاسمة سلباً أو إيجاباً.
من جهته، توجّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم صباح أمس الى قصر بعبدا حاملاً معه مجموعة أسماء من طرف الرئيس المُكلّف للتشاور حولها، والتي لم تلقَ اعتراضاً من عون سوى حول الاسم المقترح لوزارة الاقتصاد وهي الخبيرة الأولى في الحماية الاجتماعية والعمل والجندرة في منطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي حنين السيد. إلا أن عدم الموافقة على اسم السيد، بحسب المصادر، لا يوقف الحكومة بل يجري حلّه باستبدال اسمها باسم آخر.
وحتى مساء أمس، أتت الأسماء المتّفق عليها وفق الآتي: هنري خوري لوزارة العدل، عبد الله بو حبيب للخارجية، رفول البستاني للشؤون الاجتماعية، موريس سليم للدفاع، وليد فياض للطاقة، عضو مجلس بلدية بيروت المستقيل غابي فرنيني لوزارة المهجرين، فادي سماحة للبيئة، عباس الحلبي لوزارة التربية. فيما ذهبت وزارة الصناعة للطاشناق، الاقتصاد لميقاتي، والشباب والرياضة للحزب الديموقراطي، والاتصالات والإعلام لتيار المردة، الأشغال العامة والنقل ووزارة العمل لحزب الله، والمالية والثقافة لحركة أمل، بانتظار تحديد وزارة أخرى هي إما السياحة أو الزراعة التي ستذهب إحداهما لرئيس الجمهورية والثانية لحركة أمل.
ويفترض أن يكون نهار غد حاسماً في ما إذا كان ثمة قرار داخلي بالتأليف يتقاطع مع نيّة دولية جدية.
"النهار" تموّجات التأليف: الرهان على ضوء خارجي!
لفتت صحيفة النهار إلى أن غداة الكشف عن اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الإيراني المتسلم مهماته لتوه إبرهيم رئيسي، انحصر كما أعلن في ملف تأليف الحكومة في لبنان، اجتاحت موجة توقعات تفاؤلية مفاجئة وغير مسبوقة بولادة الحكومة الحديدة منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة، وبدت البلاد على مشارف عدّ عكسي يفترض ان يكون نهائياً لا تتجاوز مهلته بعد ظهر اليوم او غد الأربعاء على ابعد تقدير.
ومع ان موجات مماثلة حصلت سابقاً، سواء خلال فترة تكليف ميقاتي او قبلها خلال الأشهر التسعة التي أمضاها الرئيس المكلف السابق سعد الحريري في مهمته قبل ان تنتهي باعتذاره، فإن المدّ التفاؤلي الذي انطلق البارحة أريد له ان يترك انطباعاً بأنه يمهّد لنهاية استعصاء تأليف الحكومة للمرة الأولى منذ 13 شهراً استهلكتها ازمة التأليف بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب في 10 آب 2020 وتحولت الى الحكومة الأطول عهداً في تصريف الاعمال.
ولكن التجارب المخيبة والعديدة السابقة تجعل الإبقاء على زناد الحذر الشديد وعدم الأخذ بموجة التوقعات المتفائلة بشكل حاسم حتى انتظار رؤية الرئيس ميقاتي في قصر بعبدا لعقد اللقاء الرابع عشر وربما الأخير قبيل صدور مراسيم تشكيل الحكومة العتيدة. كما ان المفارقة "الفاضحة" التي لا يخجل أي من اقطاب الدولة والسياسة في البلد في عدم الاعتراف بها، قفزت بقوة الى واجهة المشهد حين راح كثر يتغنون بترجيح اضاءة الإشارة الخضراء الخارجية لاستيلاد الحكومة.
ومع ذلك فإن موجات التفاؤل والتشاؤم لم تتوقف ولم ترس على برّ نهائي اذ عادت المعلومات والتسريبات التي وزعت مساء امس الى تبريد التوقعات "الجامحة"، ولم تجزم بأن التأليف سيكون مؤكداً اليوم او غداً كما أفادت بان لا موعد محدداً بعد لزيارة ميقاتي قصر بعبدا، وان هذا التراجع حصل بعد زيارة ثانية قام بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم الى بعبدا بعد ظهر امس بعد زيارة أولى سبقتها قبل الظهر، ولو ان أوساط القصر تحدثت عن تفاؤلها بالتقدم الحاصل وان التأليف اقترب من نهايته فيما نقل عن أوساط ميقاتي انه لن يزور بعبدا إلا لإعلان التشكيلة الحكومية.
وتبين وفق المعلومات التي تسربت عقب زيارة ابراهيم لبعبدا ان عقدة وزارة الاقتصاد لم تحل فيما تم الاتفاق على حل جزئي لعقدة تسمية الوزيرين المسيحيين من خارج حصتي الرئيس عون والرئيس ميقاتي، اذ ذكر انه تم التوافق على أحدهما وبقي الآخر.
وكانت مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي أفادت أنَّ الحكومة في طريقها إلى التشكيل بعد تذليل العقبات، معتبرة أنَّ أحداً لا يستطيع تحمل مسؤولية التعطيل. ولكنها في الوقت نفسه تتخوف من التفجير المفاجئ في أخر لحظة، كما حصل يوم الثلثاء الماضي، حيث كان من المفترض أنَّ تولد الحكومة يومها، ولكنها تفجرت في أخر الطريق. وتقول المصادر انَّ مشكلة الرئيس المكلف كانت أنه يتشاور مع رئيس الجمهورية أول يوم ويتفقان، ويعود ثاني يوم ليتفاجأ بمطالب مستجدة تعجيزية.
ولفتت الى أنَّ الرئيس ميقاتي قدم عبر وساطة اللواء عباس ابراهيم تشكيلة حكومية بالتشاور مع كل الأطراف، أولهم رئيس الجمهورية.
"البناء" المسار الحكومي في العناية الفائقة حتى الأربعاء
رأت صحيفة البناء أن الملف الحكومي وسط التوقعات التي صارت جزءا من معركة التجاذب بين المعنيين بالتأليف، عبر التسريبات التي يتولاها الفريقان المعنيان، فريق رئيس الجمهورية وفريق الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وفقا للاتهامات المتبادلة، باعتبار الإيحاء بقرب التأليف نوع من الضغط على الرئيس المكلف لتحميله مسؤولية عدم تأليف الحكومة، كما يقول القريبون من الرئيس نجيب ميقاتي، أو تسريب التشاؤم التي يتهم التيار الوطني الحر فريق الرئيس المكلف بالوقوف ورائها لتوجيه الإتهام لرئيس الجمهورية بالتمسك بالثلث المعطل.
المصادر المتابعة لمسار التأليف تؤكد ان أمس لم يكن موعداً متوقعاً لولادة الحكومة رغم التقدم البطيء المحقق في حلحلة العقد، وفقاً لجدول الأعمال الذي وضعه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وقد نجح بتذليل عقبة تسمية أحد الوزيرين المسيحيين الأخيرين اللذين يشكلان عقدة رئيسية في طريق ولادة الحكومة، وبقيت تسمية الوزير الثاني، ومعها حلّ قضية مبادلة حقيبة الإقتصاد بحقيبة أخرى لنقلها الى حصة الرئيس المكلف، وتثبيت بديل مقبول لها في حصة رئيس الجمهورية.
المصادر تقول انّ المسار الحكومي في العناية الفائقة، وليس هناك ما يقول انه في دائرة الخطر فحالته مستقرة، والتحسن بطيء ونسبي لكنه مستمر، والأربعاء موعد مناسب للتقييم لمعرفة نتائج الصورة الملونة وتظهيرها، بالخروج من الأبيض والأسود، فيظهر ما اذا كانت الولادة وشيكة أم أن الأمر يحتاج للمزيد من الوقت، طالما انّ الاعتذار مستبعد، والفشل ممنوع، وفقاً للمناخات الخارجية والداخلية المحيطة بفريقي التأليف، وقد باتت متعددة ويصعب تجاهلها، مع دخول التنسيق الفرنسي الإيراني على الخط، وتحرك ثنائي المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل على خط الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، رغم انشغالهما بمراسم العزاء برحيل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فيما سجلت اتصالات أميركية مباشرة على مستوى أعلى من السفيرة الأميركية في لبنان بمراجع معنية بالمسار الحكومي تأكيداً على الحاجة لتسريع ولادة الحكومة العتيدة.
وتكثفت الاتصالات والمشاورات على مختلف المستويات في محاولة أخيرة لإخراج الحكومة من عنق الزجاجة قبل الذهاب إلى خيارات أخرى سبق وألمح إليها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، تبدأ بطرح صيغة جديدة عبارة عن حكومة أقطاب من 14 وزيراً تمّ رفضها من بعبدا ومن أطراف سياسية عدة وتنتهي بتقديم اعتذاره كآخر الخيارات.
وشارك أكثر من طرف في المفاوضات الحكومية، ففي حين كثف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العائد من سورية اتصالاته وزياراته على خط بعبدا – «بلاتينوم»، أفادت معلومات بأن المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للسيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل دخلا على خط المساعي وتحركا أمس باتجاه الرئيس المكلف، وعقدا أكثر من لقاء معه بالتوازي مع تواصل غير مباشر بين ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
وعلمت «البناء» أنّ المشاورات تتركز على تبادل بعض الحقائب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لا سيما وزارة الاقتصاد. إلا أنه حتى الآن لم تستقرّ المشاورات على نتيجة نهائية، بالتالي لم يتمّ الاتفاق على الصيغة النهائية، وإلا لكان ميقاتي طلب موعداً لزيارة بعبدا لوضع اللمسات الأخيرة على الأسماء وإعلان ولادة الحكومة، والمشكلة بحسب المعلومات هي أنّ أيّ تعديل يحصل على التركيبة التي أنجزت في اللقاء الثالث عشر بين الرئيسين تستوجب تعديلات في معظم التركيبة، بالتالي تغيير بحصص الأطراف السياسية الأخرى والتي تعارض انتزاع ما اكتسبته من حقائب.
إلا أن ميقاتي لم يطلب موعداً لزيارة بعبدا حتى الساعة بحسب ما أكدت مصادره لـ»البناء»، والتي أكدت بأن الرئيس المكلف لن يزور قصر بعبدا إلا بعد تلقيه خبراً من الوسطاء مفاده موافقة عون على العروض المطروحة، بالتالي توقيع مرسوم تأليف الحكومة. وأشارت المصادر نفسها إلى أن الأمور لم تصل إلى خواتيمها بعد ولن يتلقى الرئيس المكلف أي رد إيجابي من بعبدا على طروحاته أو طروحات الوسطاء، ما يعني الأمور لم تحل والرئيس عون على موقفه.
وتم التداول ببعض الأسماء التي حسمت كهنري خوري لحقيبة العدل وبسام المولوي للداخلية، الشؤون الاجتماعية من حصة الرئيس عون، الاقتصاد لسني من حصة ميقاتي، الطاقة لرئيس الجمهورية وستسند إلى وليد فياض، أما حصة المردة فهي الأشغال والإعلام.
إقرأ المزيد في: لبنان
27/11/2024