لبنان
الحكومة أمام أسبوع ديبلوماسي حافل.. وشبح العتمة الشاملة يتجدد
يحفل الأسبوع الجاري بحركة ديبلوماسية نشطة، سيكون في واجهتها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي سيجتمع بسفراء عدد من الدول وبمسؤوليين أجانب سيزورون لبنان تباعًا خلال الأيام القادمة.
هذا النشاط يسير بالتوازي مع استكمال التحضيرات للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، للتوصل إلى آليات المساعدات التي قد يأخذها لبنان للخروج من أزمته.
وفي وقت يستمر فيه شبح العتمة الشاملة مع إنذار جديد من مؤسسة كهرباء لبنان أمس، غادر وزير الطاقة والمياه وليد فياض إلى مصر والأردن لمتابعة اتفاق استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية.
"الجمهورية": أسبوع حكومي - ديبلوماسي بإمتياز.. وميقاتي يقود ورشة تحضيراً لخطوات عملية
ينطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هذا الاسبوع في ورشة لقاءات على كل المستويات تحضيراً لخطوات عملية ستخطوها حكومته وشيكاً على طريق تفريج الازمات التي يرزح تحتها اللبنانيون في مختلف المجالات، وهو في الوقت نفسه يعوّل كثيرا على الاتصالات الخارجية لتأمين المساعدات المالية المطلوبة للبنان، لأن الإنقاذ لا يمكن ان يتحقق سوى عن طريق المؤازرة الخارجية، خصوصا بعد وصول الانهيار إلى مستويات مخيفة، ويعتمد ميقاتي على باريس مدخلاً إلى العواصم الغربية والعربية، ومن الواضح ان الرئاسة الفرنسية تسخِّر كل علاقاتها من أجل توفير اي مساعدة ممكنة. ويسابق رئيس الحكومة الوقت سعيا إلى خطوات عملية، ولم يصطدم حتى الآن برفض دولي، وقد يكون من المبكر ان يفتح الخارج صناديقه للمساعدة او ان يعلن اعتذاره، والأسابيع القليلة المقبلة ستكون كفيلة بتوضيح الصورة حيال الموقف الخارجي، ولكن الأساس ان ميقاتي يقوم بدوره في محاولة «دقّ» كل الأبواب اللازمة، ومن الظلم بمكان إطلاق النار على الحكومة من دون منحها فترة سماح أقلها 90 يوماً، وبعد هذه الفترة يمكن بالتأكيد الحكم عليها بتصنيفها إما حكومة فاشلة وغير قادرة على الفعل والإنجاز وتتلهى بالوعود على غرار الحكومة السابقة الفاشلة، وإما انها على قدر مواجهة تحديات المرحلة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انه إذا كان أحد أسباب الانهيار هو الفشل في إدارة الدولة، إلا ان أحد أبرز أسباب عدم القدرة على الخروج من هذا الانهيار يكمن في الموقف الخليجي الرافض مساعدة لبنان بعد تحوّله، في رأي بعض دول الخليج، منصة لاستهداف هذه الدول سياسياً، وتحوّل حدوده معابر مشرعة للمخدرات والممنوعات، وبالتالي في حال لم تُظهِر حكومة ميقاتي موقفا سياديا وحرصا على منع استمرار لبنان ممراً لاستهداف العواصم الخليجية، فإنّ أبواب الخليج ستبقى موصدة لأن دوله لن تقبل مواصلة مساعدة دولة تستخدم هذه المساعدات لاستهدافها، في رأي هذه الدول.
وأكدت المصادر منفسها «ان أبواب الخليج لن تفتح باتصال فرنسي - سعودي مشكور، إنما المدخل الأساس يكمن في الخطوات التي يجب على الحكومة ان تلجأ إليها من أجل تطمين هذه الدول الا انّ لبنان الرسمي لن يقبل استمرار السياسة السابقة، وان المواقف التي اطلقها ميقاتي على هذا المستوى كانت مشجعة بإعلانه في وضوح رفض استهداف الخليج من لبنان، إلّا ان الأمور تبقى مرهونة بالترجمات على أرض الواقع».
وعلقت اوساط رئيس الحكومة على ما يُشاع حول تعاطيه ورهاناته حول العلاقة مع الدول العربية، فقالت لـ»الجمهورية»: «ان كل ما يقال لا يعتدّ به لأن رئيس الحكومة أعلن منذ اليوم الاول انه سيبذل كل جهده لإعادة تصويب ما حصل من خَلل في علاقات لبنان بمحيطه العربي وهو لن يألو جهداً في سبيل تحقيق هذا الهدف وكل ما يقال خلاف ذلك هو من باب التشويش والذبذبة، فرئيس الحكومة موقفه واضح في هذا المجال وهو انّ لبنان جزء من محيطه العربي، وسيعمل لتصويب ما حصل من خلل في علاقات لبنان العربية من خلال الاتصالات المتواصلة التي يجريها وتبقى الامور مرهونة بخواتيمها».
وفي معلومات «الجمهورية» ان الاسبوع المقبل قد لا يشهد جلسة للحكومة كون الوزراء في صدد التحضير لملفات وزاراتهم، ولم يتسنّ لهم الوقت بعد لرفع بنودهم الى الامانة العامة لإدراجها على جدول الاعمال، واليوم تشهد السرايا الحكومية اجتماعاً هاماً موسّعاً يتعلق بمعالجة تداعيات الازمة المالية على سير عمل المرافق العامة، والذي يبحث اعادة تشغيل وانتظام العمل في المؤسسات والادارات العامة من كل جوانبها.
وعلمت «الجمهورية» ان هذا الاسبوع سيكون اسبوعا ديبلوماسيا بامتياز، حيث سيعقد رئيس الحكومة الاربعاء اجتماعاً موسعاً مع سفراء الاتحاد الاوروبي، وسيجتمع اليوم مع السفيرة الاميركية دوروثي شيا، على ان يلتقي تباعا بدءا من منتصف الاسبوع وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان وكذلك وزيري خارجية المانيا وقبرص الذين سيزورون لبنان تباعاً.
ووصل الموفد الفرنسي بيار دوكان الى بيروت، لكن مواعيده لن تبدأ قبل يومين بحسب معلومات «الجمهورية»، وأوضحت مصادر السرايا الحكومية ان زيارة دوكان ليست لمتابعة لقاء ميقاتي ـ ماكرون، بل هي زيارة محددة سابقاً ستبحث في المساعدات الدولية للبنان كَون دوكان مسؤول عن هذه المساعدات الدولية، وعلم انه سيفتتح لقاءاته اليوم بلقاء وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية (وهو احد الوزيرين اللذين سماهما «حزب الله» في الحكومة)، ما يعكس اهتمام الجانب الفرنسي بقضية مرفأ بيروت.
وفيما لم تعلن له اي مواعيد مع المسؤولين الكبار، علم ان دوكان سيلتقي الوزراء المعنيين بالملفات التي تواكبها باريس، خصوصاً في مجالات الطاقة والإصلاح المالي والإداري. كذلك سيلتقي اعضاء اللجنة الوزارية المكلفة استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي للاطلاع على التحضيرات الجارية لاستئناف هذه المفاوضات.
وتتجه الانظار هذا الاسبوع الى عمل لجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي حيث استغربت مصادر حكومية استمرار الحديث عن خلافات واخبار تتعلق بالوفد المفاوض مع الصندوق. وقالت لـ»الجمهورية» ان «كل ما يشاع بهذا الخصوص هو اخبار غير صحيحة»، مؤكدة انه لم يتم تسمية خبراء ولن يشاركوا الا عندما تدعو الحاجة. واكدت ان الخبراء ليسوا اعضاء في اللجنة وكل ما يقال هو لِذرّ الرماد في العيون ولاختلاق مشكلات في غير مكانها. واوضحت المصادر انّ الوفد مؤلف فقط من نائب رئيس الحكومة ووزير المال ووزير الاقتصاد وحاكم مصرف لبنان، وعند الحاجة تستعين بخبراء، لكنهم ليسوا في عداد الوفد.
وكشفت المصادر ان اللجنة بدأت بعقد اجتماعات دورية غير معلنة وقطعت شوطاً لجهة التحضير لورقة الحكومة واجتماعاتها التي ستنطلق مع وفد الـIMF هي اجتماعات تقنية مهنية بحتة غير استعراضية ولن تعرض تفاصيلها على الاعلام لكي لا تتسبّب بتعقيدات يمكن ان تؤثر سلباً في مسار التفاوض.
ترقب لقاء لودريان - بن سلمان
وفي هذه الاجواء كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان لبنان يترقب نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان للسعودية التي بدأها امس بلقاءٍ عقده مع وزير الخارجية الامير فيصل بن فرحان، وهو يستعد للقاء ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في مهمة ديبلوماسية دقيقة مهّد لها الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد قبل أيام، واستعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين وسلسلة المشاريع الكبرى التي تنفذها فرنسا في المملكة ومجموعة من الاتفاقيات الإضافية في أكثر من مجال، كما بالنسبة الى ما تحقق على مستوى الاتصالات السعودية ـ الايرانية الجارية عبر القناة العراقية، والتي كان ماكرون قد عايَنها في لقاء القمة لمجموعة دول جوار العراق لذي عقد في بغداد في 28 آب الماضي وخصّص جانب منه للوضع في لبنان مهّد للتسوية التي أدت الى ولادة الحكومة في 10 ايلول المنصرم.
ومن المرتقب ان يتناول اللقاء بين لودريان وبن سلمان مختلف التطورات في المنطقة والعالم، ومنها الملف الخاص بمصير المبادرة الفرنسية في لبنان التي وضعت على جداول أعمال كل اللقاءات والاتصالات الفرنسية والسعودية منذ ان أطلقها ماكرون قبل عام وصولاً الى السعي الفرنسي لدعم الحكومة الجديدة في لبنان برئاسة نجيب ميقاتي.
وفي انتظار ان تنجلي نتائج زيارة رئيس الديبلوماسية الفرنسية الى الرياض، كان قد سجل سلسلة مواقف تتصل بالوضع في لبنان فشدّد «على ضرورة مباشرة عمل الحكومة اللبنانية الجديدة فوراً لإجراء إصلاحات في البلد الذي يغرق في الأزمات»، وتحدث عن «تفعيل إجراءات جدية في مقدمها معافاة الخدمات العامة الاساسية بدءاً بالكهرباء».
وقال لودريان في تصريحات متلفزة عبر فضائية «الحدث» السعودية عشية زيارته المملكة: «ان تشكيل الحكومة هو خطوة مهمة في ما يخص التعافي»، واعتبر «أن التحدي الذي تواجهه هو المباشرة في العمل بلا تأخير وأن يكون اهتمامها الوحيد هو الدفاع عن مصالح الشعب الذي يعاني بشدة».
لودريان ـ بن فرحان
وكانت الرياض قد اعلنت عن استقبال وزير الخارجية السعودي لنظيره الفرنسي امس، موضحة انه جرى خلال اللقاء «استعراض وجوه العلاقات السعودية الفرنسية وسبل تعزيزها في شتى المجالات بما يخدم مصالح البلدين الصديقين، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».
وبدوره، التقى لودريان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل بن أحمد الجبير، و»بحث الجانبان في العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها على الصعد كافة، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».
قرار استراتيجي
واستبعدت مصادر مطلعة ان ينجح ماكرون في اقناع السعودية بفتح أبوابها امام ميقاتي، بعد الاتصال الذي تم بينه وبين ولي العهد السعودي. وقالت لـ»الجمهورية» ان «الموقف السلبي للرياض من اي حكومة لبنانية في المرحلة الحالية هو قرار استراتيجي ليس من السهل تعديله او تغييره، وما دامت حرب اليمن مستمرة فإنّ الرياض ستبقى على موقفها انطلاقا من اقتناعها بأن بيروت باتت تشكل قاعدة متقدمة لإيران وان الدولة خاضعة لنفوذ طهران و»حزب الله»، علما ان هناك في المملكة من يعتبر انه اذا كانت باريس متحمسة لمساعدة الحكومة الجديدة فلتدفع لها بدل ان تطلب من الآخرين ذلك».
واعتبرت المصادر «ان المسار الوحيد المفتوح أمام ميقاتي راهنا هو التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، مشيرة الى انه «سيكون أمام تحدي المواءَمة بين ضرورات التوصل الى اتفاق مع الصندوق وبين إقناع «حزب الله» بإبداء المرونة المطلوبة بعد معالجة اي هواجس محتملة».
"اللواء":تجدُّد السِّباق بين العتمة والكهرباء.. والتلاعب بالدولار يُلهب الأسعار!
السباق بين عتمة مؤسسة الكهرباء وتقاعس القوى الأمنية عن حماية محطات المؤسسة في بيروت والمحافظات الأخرى، وقصور الرؤية لدى القيمين عليها، ونور الكهرباء، المفترض ان يكون أولوية حكومية، وفقا للبيان الوزاري وتصريحات المسؤولين على أشده، وسط نظرة سوداوية اضفتها على المشهد مؤسسة كهرباء لبنان عندما فاجأت المواطنين بما اسمته: انهيار الشبكة الكهربائية صباح أمس (الأحد) نتيجة تدني القدرات الانتاجية إلى حدودها الدنيا.
وبصرف النظر عن الوقائع التقنية التي اوردتها المؤسسة، فإن خيارها بتشغيل المجموعات الانتاجية، ورفع القدرة الانتاجية إلى حوالى 600 ميغاواط وصولاً إلى نفاذه بالكامل، دونه مخاطر، ما لم توضع شحنة الفيول العراقي (GradeB) في الخدمة في خزانات الذوق والجية، ومسارعة التزود بمادة الغاز اويل لكل من معملي الزهراني ودير عمار، من ضمن قرض الـ100 مليون دولار لمصلحة الكهرباء، وهو القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في جلسته الأربعاء الماضي.
لا تعني التفسيرات التقنية والكهربائية، ومسألة الشحنات والمواصفات والمطابقات المواطن، الذي ترغب الحكومة بكسب ثقته، وهو بين خياري العتمة أو العجز عن مجاراة الارتفاع في سعر كيلوواط المولدات العاملة على المازوت، الذي يشتد الطلب عليه، وترتفع اسعاره مما يؤدي للجوء إلى الارتفاع في كلفة الاستفادة من كهرباء المولدات التي يعترض أصحابها على القرارات الوزارية في ما خص التسعير.. والاشتباك الأهلي بين المواطن وأصحاب المولدات، الذين وصفهم أحد المتكلمين في اعتصام حي البستان في صيدا بـ«مافيا المولدات الذي يمعنون بمراكمة الأرباح بالرغم من الضائقة الصعبة التي يعيشها النّاس.. وتساءل التجمع الاحتجاجي في حلبا كيف «يمكن ان يكون مقبولا ان تكون كلفة الاشتراك باهظة بحدود راتب موظف». وسط تساؤل مشروع عن «دور وزارة الاقتصاد وأجهزة الرقابة لضبط الارتفاع الجنوني للاسعار».
بالتزامن غادر وزير الطاقة والمياه وليد فياض مساء أمس إلى القاهرة، على رأس وفد ضم رئيس مجلس الإدارة كمال حايك، ومدير عام المنشآت النفطية اورور فغالي، ومختصين من الطاقة في مؤسسة الكهرباء، ومن مديرية النفط.
ويبدأ الوزير اللبناني اليوم اجتماعات مع كل من وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر محمّد شاكر.
وتتركز مواضيع البحث في هذه الاجتماعات حول حصول لبنان على الغاز المصري في أسرع فرصة ممكنة.
ويمضي الوزير فياض يومين في مصر، على ان يغادر مساء غد إلى عمان لعقد سلسلة لقاءات ومباحثات مع وزيرة الطاقة والثروة المعدنية في الأردن هالا زواتي ووزير النفط والثروة المعدنية في سوريا بسّام طعمة، كما ستشمل اللقاءات مباحثات بين مسؤولين عن قطاع الطاقة والنفط في الدول الثلاث لبنان وسوريا والأردن، بهدف حصول لبنان على كهرباء من الأردن عبر سوريا، على ان يعود مساء الأربعاء إلى بيروت.
سياسياً، علمت «اللواء» أن أي موعد لجلسة مجلس الوزراء المقبل لم يحدد بعد وقد تتوضح الصورة في مطلع الأسبوع المقبل على أن المجلس منفتح على طرح اي موضوع وجدول الأعمال ينبثق من القضايا التي ستتابعها الحكومة وتنطلق من الواقع اللبناني بيومياته المتعددة.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إلى أن سلسلة ملفات تدرس في اللجان الوزارية قبل مناقشتها في مجلس الوزراء لبحثها بشكل متشعب. وأفادت أن هناك توجها بأتاحة المجال امام عرض ملاحظات الوزراء على ملفات وزاراتهم كما حصل مع وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي في الجلسة السابقة للحكومة.
إلى ذلك تردد أن زيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان تأتي في إطار استطلاع الأوضاع والاطلاع عن كثب على مسار الأمور بإيعاز من الرئيس ماكرون ومتابعة النقاط التي تم بحثها في لقاء الرئيس الفرنسي مع رئيس مجلس الوزراء خلال زيارة الأخير إلى باريس. ومعلوم أن لقاءات دوكان في كل زيارة يقوم بها إلى بيروت كانت مختصة بموضوع المساعدات ولذلك لم يكن يعقد الكثير من اللقاءات.
وكشفت مصادر وزارية ان مهمة المبعوث الفرنسي السفير بيير دوكان، التي تبدأ في بيروت اليوم، تتناول الاطلاع على النقاط الاصلاحية، الواردة في خطة الانقاذ، التي ستتفاوض على اساسها الحكومة مع صندوق النقد الدولي. كما تتناول لقاءات غير معلنة مع الوزراء، الذين تشمل وزاراتهم الاجراءات الاصلاحية، ولاسيما، المالية، وزارة النفط والطاقة، وزارة الاشغال والنقل، الاتصالات، والادارات والمؤسسات العامة، التي تعنى بتنفيذ المشاريع المهمة، وبعضها بات، يستنزف الخزينة دون طائل،واعداد لائحة، بالإجراءات الاصلاحية، تمهيدا لمناقشتها، مع الدول والهيئات والصناديق المالية الدولية، المساهمة بمؤتمر سيدر للموافقة عليها، قبل صرف هذه المساهمات.
واشارت المصادر الى انه برغم عدم اكتمال خطة الحكومة الانقاذية، والتي كانت اعدتها الحكومة السابقة، وتحتاج الى بعض الوقت لانجازها، الا ان الخطوط العريضة فيها اصبحت معروفة، بعدما، تمت اعادة النظر، وتعديل نقاط ومفاصل اساسية فيها.
ويتوقع بلورتها قريبا، برؤية موحدة، لكل وزارات ومؤسسات الدولة بما فيها المصرف المركزي، وبعد اقرارها، ستبدأ فورا المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوصها للتوصل الى اتفاق، للمباشرة بمساعدة لبنان للخروج من الازمة الراهنة.
ولم يستبعد مصدر وزاري ان يحضر ارتفاع الأسعار مجدداً في السوبر ماركات والمولات، بعدما سجل الدولار عودة سريعة للارتفاع، وبوتيرة متسارعة، ومفاجئة، مما رفع سعر كيلوواط الكهرباء، وأسعار الفروج، واللحوم، فضلا عن الخضار والفاكهة.
حركة دبلوماسية ناشطة
واليوم، لبنان يشهد حركة دبلوماسية مع وصول منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان لعقد اجتماعات مع الوزراء المعنيين بالملفات التي تشرف عليها باريس مباشرة ومع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والاطلاع على العناوين العريضة للخطة قيد الاعداد للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، فيما يزور بيروت ايضا وزير خارجية قبرص الثلثاء وبعده وزير الشؤون الخارجية الالماني، قبل ان يحط فيها وزير خارجية ايران حسين امير عبداللهيان بين 6 و7 الجاري.
وفي السياق، صدرت بعض المواقف الخارجية المؤكدة استمرار دعم لبنان وحث السلطة السياسية على اجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها فأشار وزير خارجية فرنسا جان ايف لو دريان الى أن «تشكيل الحكومة في لبنان خطوة مهمة للنهوض بالبلد»، وأكد أن على الحكومة اللبنانية تنظيم انتخابات مستقلة وشفافة.
من جهته، أشار المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الى ان «ليس لدينا أجندة خفية في لبنان ونعمل على دعم الشعب اللبناني»، مؤكدًا «اننا ندعم لبنان والشعب اللبناني بشكل كبير وقدمنا الكثير من الأموال».
وحسب المعلومات فإن الملف اللبناني حضر في اللقاء بين ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان والوزير الفرنسي، في ضوء الاتصال الذي اجراه الرئيس ايمانويل ماكرون بالامير محمّد قبل أيام.
وبالنسبة لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وحسب المعلومات، فإن خلافاً نشأ بين الفريق الرئاسي في بعبدا وقيادة الجيش حول استبدال الفريق العسكري المفاوض، برئاسة العميد بسّام ياسين، بآخر تقني دبلوماسي- إداري.
ونسبت قناة «الجديد» إلى ما اسمته معلومات إلى ان قائد الجيش العماد جوزيف عون، هدّد بالانسحاب من المفاوضات إذا تمّ استبدال الوفد العسكري.
"الأخبار": اختراعات «المركزي»: الخسائر تتحوّل إلى أصول!
هناك بند في موازنة مصرف لبنان اسمه بند «الأصول الأخرى»، وهو يتضمّن قسماً كبيراً من خسائره، أو ما يُسمّى «الفجوة» التي بلغت قيمتها 67 مليار دولار في نهاية تموز 2021، بعدما كانت خطة التعافي المالي قد حدّدتها بنحو 43.8 مليار دولار في نيسان 2020. لهذا الحساب قصّة تبدأ بمطالعة صادرة في عام 2002 عن الدائرة القانونية في مصرف لبنان لتُفتي بجواز اختراع هذا البند.
حصلت «الأخبار» على وثيقة تؤكّد أن مصرف لبنان يعمل على إخفاء خسائره، على الأقل منذ عام 2002. فقد اخترع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومن دون رأي المجلس المركزي أو عرض الموضوع على مفوّض الحكومة، حساباً في موازنته أسماه «الأصول الأخرى» وسجّل فيه غالبية ما يتكبّده من خسائر، ثم قسّمه لاحقاً ليصبح حسابين (الأصول الأخرى والأصول الناتجة من عمليات تبادل الأدوات المالية). الوثيقة تشير إلى أن سلامة أراد ورقةً يتسلّح بها لقونَنة إجراء غير شرعي خارج الأصول المحاسبية. وهكذا حصل، إذ نال من مدير الشؤون القانونية في مصرف لبنان بيار كنعان، فتوى تؤكّد أنّ «الأصول الأخرى» هي خسائر أنكر تحقّقها طوال الفترات الماضية.
في 7 تموز 2003، صدر عن مديرية الشؤون القانونية كتابٌ يحمل الرقم 2524/11 مستهلٌّ بعبارة «جواباً على سؤالكم (رياض سلامة) الشفهي، حول إمكانية استهلاك الخسائر التي أصابت مصرف لبنان نتيجة إصداره سندات بالدولار الأميركي لاستبدال جزء من محفظته من سندات الخزينة بالليرة والعملات الأجنبية فضلاً عن إصداره شهادات إيداع مصرفية لفترات واستحقاقات متتالية». ويخلص الكتاب، إلى الإجازة للحاكم بتسجيل الخسائر في حساب خاص. هذه الإجازة بنى عليها سلامة، ليفتح حساباً اسمه «الأصول الأخرى». هذا التمادي في المخالفة بدأ بتوجيه السؤال شفهياً وليس خطياً، فضلاً عن عدم «عرض الموضوع على المجلس المركزي لمصرف لبنان، أو إعلام مفوّض الحكومة به»، يقول أحد الأعضاء السابقين في المجلس المركزي. أما في المضمون، «فلا يجوز طلب رأي قانوني بما يخصّ أمر محاسبي، ولا سيما بوجود معايير عالمية للمحاسبة. إذا كان لا بُدّ من استيضاح، فالجهة الصالحة هي وحدة المحاسبة وشركتا التدقيق العالميتان اللتان يتعامل معهما مصرف لبنان. مُجرّد السؤال، يعني أنّ طريقة سلامة غير مألوفة حسابياً وتُثير علامات استفهام».
يُدير الدائرة القانونية في «المركزي»، بيار كنعان وقد أُحيل إلى التقاعد منذ سنوات، ولكنّه يستمر في رئاسة الدائرة القانونية بصيغة التعاقد. كنعان مُقرّب من الحاكم ويُطلَق عليه في مصرف لبنان لقب «الفاخوري»، لامتهانه إدارة أذن الجرّة كما يطلب سلامة. المطالعة حول «الأصول الأخرى» إحدى مآثره. فهو يستند في مطالعته، إلى المادة 70 من قانون النقد والتسليف، وتحديداً واجب مصرف لبنان الحفاظ على سلامة النقد، شارحاً كيف لجأ هذا الأخير إلى إصدار سندات بالدولار الأميركي لاستبدال جزء ممّا يحمله من سندات بالليرة والعملات الأجنبية، «إنجاحاً لمؤتمر باريس 2». ويعترف كنعان بأنّ هذه العمليات ستُكبّد مصرف لبنان خسائر، عبر قوله: «ولمّا كان الإطفاء الفوري لهذه الخسائر سيُعيق إنجاح هذه التدابير، وبالتالي سيؤثّر سلباً على النتائج المُبتغى التوصّل إليها خدمةً للمصلحة العامة. ولمّا كانت المبادئ المحاسبية التجارية غير واجبة التطبيق قانوناً بالنسبة إلى مصرف لبنان، كونه شخصاً من أشخاص القطاع العام (...) لا أرى قانوناً ما يمنع المصرف المركزي من اتّباع الأسلوب المحاسبي الذي يؤمّن هذه الغاية من دون أن يمسّ ذلك بمبدأ الشفافية وصحة القيود المحاسبية. وأرى، بالتالي، بأن لا شيء يمنع من قيد الخسائر المتراكمة الممكن أن تُصيب الأموال الخاصة لمصرف لبنان في حساب خاص يجري إطفاؤه من أرباحٍ مستقبلية».
هذه الفتوى القانونية استخدمها الحاكم لبدء إخفاء الخسائر في حساباته، ولكنّه لم يكتف بذلك، بل توسّع فيها ليحوّل الخسائر إلى «أصول».
لم يعرض سلامة إخفاء الخسائر على المجلس المركزي أو على مفوّض الحكومة
يعتبر أحد المسؤولين الماليين السابقين أنّ اجتهاد بيار كنعان «يُجيز لسلامة تحت عنوان سلامة النقد، القيام بكلّ شيء. ماذا عن مهامّه الأخرى؟ وماذا عن خسائره التي نتجت عن ممارساته التدميرية للاقتصاد؟». ولكنّ المطالعة في الوقت نفسه «تنسف أكاذيب سلامة عن أنّ ترحيل الخسائر هو إجراء محاسبي مُعتمد، وتُدعّم ما ورد في ورقة شركة «لازار» عن أنّ الخسائر بدأت تتراكم منذ ما قبل عام 2002. أما الأهم، فإنّها تكشف بداية إخفاء الفجوة في حسابات مصرف لبنان». الاعتراف بأنّ بند «الأصول الأخرى» هو خسائر مُحقّقة «يعني أنّ مطلوباته أكبر من موجوداته، ويُفترض بحسب المعايير العالمية أن يُسجّل ذلك بشكل واضح في الموازنة».
لم يقتصر الأمر على ذلك، ففي تشرين الثاني 2015، وبالتزامن مع بدء «الهندسات المالية»، اخترع سلامة بنداً جديداً سمّاه «الأصول من عمليات تبادل الأدوات المالية»، نقل إليه قرابة 12 مليار دولار من الخسائر في بند «الأصول الأخرى». في خطة التعافي المالي لحكومة حسّان دياب وشركة «لازار» للاستشارات، ورد أنّ خسائر مصرف لبنان تبلغ أكثر من 40 مليار دولار. أما بحسب آخر موازناته المنشورة لنهاية أيلول 2021، فإنّ مجموع الخسائر (بندَا «الأصول الأخرى» و«الأصول من عمليات تبادل الأدوات المالية») بلغ قرابة الـ67 مليار دولار، وفق سعر صرف 1507.5 ليرات لكلّ دولار.
خسائر مصرف لبنان تأتي نتيجة «سنواتٍ من العمليات المالية الخاسرة التي أدارها، وقد تسارع هذا التراكم في إطار الهندسات المالية التي بدأت في عام 2016 (بدأت بطريقة «غير رسمية» سنة 2015 مع إجراء عمليتين لمصلحة مصرفَي عوده وميد، قبل أن تشمل الهندسات 35 مصرفاً بين عامَي 2016 و2017)»، كما ورد في خطة التعافي المالي. في العادة، تلجأ البنوك المركزية العالمية لتأخير احتساب الخسائر، ربطاً بأرباحٍ ستُحقّقها في المستقبل، لكن في الحالة اللبنانية، تقول الخطة إنه «عَكَف على استخدام هذه الممارسة المحاسبية على مدى فترة زمنية أطول بكثير، وبات إجمالي الخسائر غير المُحققة يُمثّل جزءاً لا يُستهان به من إجمالي أصول مصرف لبنان المُبلّغ عنها، وهو مبلغ ضخم لا يُمكن مقارنته بأي حالة أخرى في العالم».
ما قام به «المركزي» هو ليس فقط حالة فريدة بين البنوك المركزية العالمية، بل حتى إنّ مصرف لبنان بإدارة سلامة، لا يعترف أساساً بوجود خسائر، ولا يُدرجها في خانة الالتزامات. فهو أصدر بياناً العام الماضي ليُبرّر بأنّه «لا خسائر لدى البنك المركزي»، وما يُحكى عنه هو العوائد الناتجة من الفرق بين كلفة طباعة العملة وقيمتها الاسمية، أي ما يُسمّى بـ«عوائد سكّ العملة - Seigniorage». وحدّد في بيانٍ آخر أنّ «التكاليف المُرحّلة هي بسبب تدخّل البنك المركزي لدعم مالية الحكومة تحت ضغط زيادات أجور موظفي القطاع العام والتداعيات الاقتصادية لتدفّق اللاجئين السوريين منذ سنة 2011».
لا يتضمّن بند «الأصول الأخرى» سوى خسائر مصرف لبنان المُحقّقة بسبب عملياته، ولكنّ سلامة يُحاول التضليل عبر إشاعة أنّه يتضمن ديوناً على الدولة، كشراء المحروقات لمصلحة كهرباء لبنان. يُخبر الوزير السابق منصور بطيش أنّ «مصرف لبنان كان يُحوّل الدولارات لشراء المحروقات، وتدفع له المالية المبلغ بالليرة اللبنانية. بعدها صار سلامة يُعطي الدولة الليرات مقابل استحواذه على سندات دين بالعملة الأجنبية (ليس مقابلها تدفّقات حقيقية)، بل عمد إلى تسييل قسم منها في السوق. ما يعني عملياً، أنّ الدولة سدّدت ديونها بالدولار». إلا أنّ سلامة عمد عن قصد إلى «تسجيل نحو 18 مليار دولار ثمن شراء محروقات لمصلحة مؤسسة الكهرباء». يستند بطيش إلى دراسة للاقتصادي توفيق كسبار أظهر فيها أنّ وزارة المالية زوّدت مصرف لبنان «بين عامَي 2009 و2019 مبالغ تصل إلى 17.5 مليار دولار. الحكومة من خلال وزارة المالية هي التي موّلت مصرف لبنان بالدولار وليس العكس». الكذبة الأولى هي إذاً أنّ خسائر مصرف لبنان ناتجة عن استدانة الدولة، ويُضيف بطيش: «الكذبة الثانية أنّ جزءاً من الخسائر ناتج من الدفاع عن العملة الوطنية. سلامة دافع عن سياسة تحفيز الاستيراد الاستهلاكي وليس المواد المفيدة للاستثمار، وزاد العجز في ميزان المدفوعات (صافي الأموال التي تخرج وتدخل إلى البلد)، وليس لحماية العملة. أما تثبيت سعر الصرف فأتى لاعتبارات خاصة بالمنظومة القائمة ومصالحها».
إعادة تفعيل الاقتصاد وإطلاق القطاعات الإنتاجية، لا تتحقّق من دون عوامل عدّة أبرزها الاعتراف بالخسائر ومعالجتها. بند «الأصول الأخرى» يُشكّل جزءاً من سياسة سلامة النقدية التدميرية للمجتمع، ومواجهة هذه الممارسات الشاذّة لا تنجح من دون أن تأتي ضمن خطة إصلاح متكاملة، يكون أحد أهم بنودها إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف.
جواب خطي على سؤال شفهي
سنة 2006، أرسلت مديرية الشؤون القانونية في مصرف لبنان جواباً يحمل الرقم 5205/11 بناءً على «السؤال الشفهي» للحاكم رياض سلامة، إذا كان بإمكانه استخدام الفرق بين كلفة طباعة العملة وقيمتها لإطفاء خسائر.
ورد في المطالعة:
«لا ترى المديرية مانعاً قانونياً يحول دون إمكانية قيام مصرف لبنان باتخاذ التدابير والإجراءات المُبيّنة أدناه والمعتمد قسم كبير منها من قبل مصارف مركزية مختلفة:
- فتح فصل ضمن الموجودات تحت تسمية «أوراق نقدية جديدة مُصدرة» توازي قيمته الفارق بين كلفة طباعة الأوراق والقيمة الاسمية لها
- فتح فصل احتياطي تحت تسمية «احتياطي أوراق نقدية مُصدرة» تكون قيمته موازية للفارق بين كلفة طباعة الأوراق النقدية والقيمة الاسمية لها
- تسجيل القيمة المتراكمة للفارق ما بين الأوراق النقدية المُصدرة وكلفة طباعة هذه الأوراق في الفصلين المذكورين أعلاه
- تخفيض فصل الاحتياطي المذكور مقابل أية أعباء مالية قد يتحمّلها مصرف لبنان
ما يرد في المطالعة القانونية هو خديعة محاسبية أراد سلامة تطبيقها، عبر تسجيل الفارق بين طبع الليرة وقيمتها الاسمية في خانة الموجودات وحساب «الأصول الأخرى» واعتبارها ربحاً له، وبالتالي إطفاء خسائر بهذه المبالغ. في الجولات السابقة مع صندوق النقد الدولي، رفض ممثلوه اعتماد هذه الطريقة، وكانت إحدى النقاط الخلافية بين «الصندوق» ورياض سلامة.
"البناء": ترقب لخطوات الحكومة على صعيد الملفات الملحة
لم يُسجل المشهد الداخلي أي تطور بارز وسط ترقب للخطوات التي ستقوم بها الحكومة على صعيد الملفات الملحة في ضوء الإنتاجية المحدودة التي خرجت بها الجلسة الأولى لمجلس الوزراء. وبحسب معلومات «البناء» فإن الملفات الحياتية لا سيما الكهرباء وارتفاع سعر صرف الدولار والمحروقات والمواد الغذائية ستكون محور اهتمام الحكومة في الجلسات المقبلة واللجان الوزارية التي شكلت في الجلسة الأولى إضافة إلى استكمال الإجراءات التي أعلن عنها وزير التربية لتسهيل بدء العام الدراسي، فضلاً عن استكمال الخطوات المطلوبة لاستئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي».
ويشكل ملف الكهرباء أحد أهم الاختبارات أمام الحكومة، لا سيما مع إعلان مؤسسة كهرباء لبنان أمس عن انهيار الشبكة مجدداً نتيجة تدني القدرات الإنتاجية إلى حدودها الدنيا ما سيؤدي إلى توقف بعض المعامل عن العمل، بالتالي المزيد من التقنين بساعات التغذية التي وصلت في بعض المناطق إلى الصفر. فيما تساءلت مصادر نفطية عن مصير بواخر الفيول العراقي التي تصل تباعاً إلى لبنان وكيف يتم استخدامها والاستفادة منها في رفع ساعات التغذية؟ كما عن مصير سلفة الكهرباء التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته الأربعاء الماضي؟
وأثار ملف الكهرباء سجالاً حاداً واتهامات متبادلة بين نواب كتلتي التنمية والتحرير ولبنان القوي، إذ رد النائب سيزار أبي خليل، في تصريح على النائب ياسين جابر، الّذي أشار إلى أن الوزراء المتعاقبين على وزارة الطاقة نهبوا أموال الوزارة، قائلًا: «مش كلّ الوزراء متل وزرائكم».
وأشار عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، في تصريح إلى أنّه «أن تصل الكهرباء إلى صفر تغذية، فالأمر يحتاج إلى معالجة سريعة»، مشدّداً على أن «كفى ذلاً وإهانةً، وإلّا فلتعلن الوزارة استسلامها ليتدبّر الناس أمورهم، ولا تسألوا كيف سيحصل المواطن على حقّه، في ظلّ هذا الاستهتار والاستخفاف بحقّ العيش الكريم للبنانيّين».
وعلى صعيد الاستعدادات التي تجريها اللجنة الوزارية المولجة استئناف التفاوض مع صندوق النقد أشارت المعلومات إلى أن «الوفد الذي سيفاوض صندوق النقد الدولي، سيعقد اجتماعاً خلال أيام»، وأكدت أن «الوفد سينطلق من الخطة التي وضعتها الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب، مع تحديثها وإدخال التعديلات عليها، لذلك سيجتمع مع خبراء لازار لإعادة صياغتها. كما سيجتمع خبراء لازار مع جميع الأفرقاء المعنيين منهم المصارف، لتحديد أرقام الخسائر وأسبابها ولكنها لن توزع الخسائر». وشددت على أن «مسار التفاوض مع صندوق النقد سيكون إيجابياً، ويُتوقع أن يصل لبنان لصورة واضحة بنهاية العام الحالي».
ولا تزال عيون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تتبع وتترصد الجهود الفرنسية مع السعودية لاقناعها بدعم لبنان، إذ وصل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس إلى السعودية حيث سيجري محادثات مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في الرياض. ولفتت مصادر فرنسيّة إلى أن «الملف اللبناني سيكون مدرجاً على طاولة المباحثات الفرنسية- السعودية وأنّ باريس مستمرّة بمساعيها بدعم حكومة لبنان».
وفيما أشارت معلومات «البناء» إلى أن المال الخليجي هو أساس في عملية النهوض بالاقتصاد اللبناني وفي تأمين المال اللازم من صندوق النقد والدول المانحة، استبعدت مصادر سياسية لـ»البناء» أن يشهد الموقف السعودي أي تغير نوعي باتجاه دعم لبنان بعد سنوات على مقاطعة لبنان، لافتة إلى أن «الموقف السعودي مرتبط بالموقف الأميركي الذي لم يفك الحصار بشكل كامل عن لبنان، بل مستمر في الحصار باستثناء إعادة تفعيل خط الغاز والفيول العربي إلى لبنان»، مضيفة أن واشنطن لا تريد فك الحصار عن لبنان قبل اختبار رهانها على تغيير موازين القوى في المجلس النيابي في الانتخابات النيابية المقبلة، وحتى ذلك الحين ستستمر في سياسة العقوبات والحصار للضغط على بيئة حزب الله وحلفائه في التيار الوطني الحر وقوى أخرى، وذلك لإضعافها في الانتخابات المقبلة».
وبقيت تداعيات زيارة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إلى بيروت حاضرة في المشهد السياسي، لا سيما وأنها التجلي الأكثر وضوحاً للمتغيرات في المنطقة والتحول في الموقف الأميركي انطلاقاً من موازين القوى الجديدة التي فرضها محور المقاومة في الإقليم، نظراً للطابع السياسي للزيارة الأردنية والرسائل التي حملتها بحسب ما تقول مصادر مطلعة على الزيارة لـ»البناء»، والتي كشفت بأن الخصاونة نصح المسؤولين اللبنانيين وميقاتي الإسراع بالتواصل مع سورية كنافذة أساسية لإنعاش الاقتصاد اللبناني.
ورأى وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور تعليقاً على الزيارة لـ»البناء» أن زيارة الحصاونة أتت بضوء أخضر أميركي، كما زيارة الوفد الوزاري اللبناني إلى دمشق واللقاء الرباعي في الأردن لإعادة تفعيل الخط العربي إلى لبنان وفق التوجيهات الأميركية، بعد زيارة السفيرة الأميركية دروثي شيا إلى بعبدا بعد كلام السيد نصرالله حول النفط الإيراني الذي غير المعادلة وكسر «قانون قيصر»، وأجبر الأميركيين على تزويد لبنان بالكهرباء والغاز عبر سورية للقوطبة على توسع النفوذ الإيراني في لبنان.
ويشير منصور إلى أن «سورية هي المتنفس البري الوحيد للبنان وبالتالي الخيار الوحيد للانفراج الاقتصادي، لا سيما بعد عودة العلاقات التجارية بين الأردن وسورية، ما يفتح طريق تصدير المنتجات اللبنانية عبر سورية سواء إلى العراق أم إلى الخليج عبر الأردن، وهنا جاء قانون قيصر ليضرب شبكة التواصل التجارية والاستراتيجية بين هذه الدول ويعاقب كل دولة تتعامل مع سورية ومنها لبنان». ويذكّر منصور بالاتفاقيات الموقعة بين سورية ولبنان والتي تعطلها حكومات لبنان المتعاقبة والتي تحتم اجتماع الدولتين لمتابعة تنفيذها».
ولفتت أوساط مطلعة لـ»البناء» إلى أن «الوقت الراهن هو التوقيت المثالي لزيارة ميقاتي إلى سورية، وأي تأجيل سيُرى بالمنظار السوري أنه ينطلق من حسابات خارجية وليس من حسابات القناعة وحسن النية والجوار النابعة من تاريخ وعمق العلاقات الأخوية بين البلدين»، داعية الحكومة إلى حذو حذو الاردن وطرق أبواب دمشق عاجلاً قبل أن تفعل ذلك آجلاً. وعلمت «البناء» في هذا السياق أن رئيس الحكومة الأردنية نصح ميقاتي بالتواصل الرسمي والمباشر مع سورية كما تفعل الأردن، إلا أنه بحسب أوساط رسمية فإن التوجه الحكومي ولا سيما رئيس الحكومة هو التريث بانتظار الموقف الخليجي والأميركي والاكتفاء بإرسال وفود تقنية أو الوزير المختص إلى دمشق وعمان لمتابعة الإجراءات الجارية لإعادة تفعيل الخط العربي.
وقال رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان عبر «تويتر»: «الاتصال الهاتفي بين الرئيس السّوري بشّار الأسد والملك الأردني عبدالله الثاني يؤكّد المؤكد، ويعكس ما ستشهده الفترة المقبلة من انفتاح عربي ودولي على سورية»، وأضاف: «هذا أضعف الإيمان إذ لا استقرار في المنطقة من دون عودة العلاقات الطبيعية بين الدول العربية وسورية». وختم ارسلان: «يبقى الأمل أن نتعظ في لبنان».