معركة أولي البأس

لبنان

الحكومة معلّقة وموفد من الجامعة العربية إلى بيروت
08/11/2021

الحكومة معلّقة وموفد من الجامعة العربية إلى بيروت

اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت باستمرار الجمود الحكومي وعدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء، إضافة للأزمة المفتوحة مع السعودية، والتي دخلت على خطها الجامعة العربية، حيث سيصل إلى بيروت الأمين العام المساعد حسام زكي، موفدًا من الأمين العام لجامعة الدول العربية، وسيجول على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب.
وفي وقت دعا حزب الله من بعض المسؤولين اللبنانيين عدم الانبطاح أمام التجبّر السعودي، حذرت بعض الصحف من العواقب المختلفة التي تترتب على عدم انعقاد الحكومة.

 

"الأخبار": الحكومة معلّقة ولا وساطات

حتى إشعار آخر، تعمل الحكومة بـ«المفرد». كل وزير يقوم بعمله في وزارته، ورئيس الحكومة يجتمع بمن يريد منهم، فرادى أو أكثر. ولكن لبنان من دون قرار دستوري وفق صيغة ما يصدر عن «مجلس الوزراء مجتمعاً»، لأن اجتماع الحكومة دونه شروط كبيرة. فبعد أزمة أداء المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، جاءت مجزرة الطيونة لتزيد من تعقيد الموقف، قبل أن تحط على الجميع الأزمة التي افتعلتها السعودية ضد لبنان، وتريد من الحكومة علاجاً لها.

عملياً، ما فعله الرئيس نجيب ميقاتي منذ عودته من بريطانيا لم يتجاوز سقف الكلام. فعلياً، يدرك الجميع، وفي مقدمهم السعودية نفسها، أن الرئيس ميقاتي غير مرتاح إلى قرارات الرياض ولا إلى أسلوب تعاملها معه شخصياً أو مع حكومته. وهو خبر هذا الأمر منذ الحكومة الماضية حتى الحكومة الحالية وما بينهما. لكن الرئيس ميقاتي ليس من صنف الزعامات التي تتحمل مشكلة بهذا الحجم، لذا ينسحب إلى الخلف، ويطلب المساعدة من كل من يمكنه المساعدة.

في بيروت، هناك فريق سياسي يضمّ جماعة السعودية يريد من الحكومة إما الاستقالة أو إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي وإعلان الحرب على المقاومة. وهذا الفريق لا يمتلك القدرات التي تجعله قادراً على قلب الطاولة.
مسيحياً، يرفع البطريرك الماروني بشارة الراعي، كما المطران الياس عودة، الصوت من أجل تضحية ما. لكن الرجلين ينسيان أن «المطلوب رأسه» لم يرتكب جرماً. يقر الراعي وعودة بذلك، لكنهما يقبلان التنازل أمام السعودية. ودرزياً، لا يعرف وليد جنبلاط كيف يتعامل مع الأزمة. فهو نفسه غير مقتنع بالاستراتيجية السعودية، لكن لا يمكنه مجاراة خصومها في لبنان. أما سنياً، فإن المواقف والتصريحات العالية السقف لا تنعكس حرارة تطالب بها السعودية كل شيخ أو رئيس حزب أو وزير أو نائب أو جمعية أو عشيرة. بينما يأخذ الرئيس نبيه بري مسافة من الحدث، لكنه لا يكسر التوافق الشيعي على رفض مطالب السعودية التعجيزية.
ما حصل حتى الآن هو الآتي:
- تكرار الرئيس ميقاتي محاولاته مع البطريرك الماروني ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية والوزير قرداحي لدفع الأخير إلى الاستقالة، وإزاء رفض ذلك، بحث في إمكانية انعقاد مجلس الوزراء للتصويت على الإقالة. لكنه ووجه برفض فرنجية وحزب الله بشكل رئيسي، وتحفظ من آخرين بينهم الرئيس بري وحتى الرئيس ميشال عون الذي يخشى انفجار الحكومة.
- محاولة جديدة من ميقاتي لتأمين نصاب لجلسة حكومية من خلال تواصله مباشرة مع عدد من الوزراء لسؤالهم عن التزامهم حضور أي جلسة يدعو إليها، ومن هؤلاء وزير الاتصالات جوني قرم، باعتباره من الكتلة نفسها التي اختارت قرداحي وزيراً. وكان قرم واضحاً في أنه لن يأخذ القرار بمفرده وعليه العودة إلى مرجعيته.

يعرف ميقاتي أن الاستقالة لن تصالحه مع السعودية ولن تغير من سياستها ضد لبنان

- حديث نادي رؤساء الحكومة السابقين بعضوية الوحيدَين: فؤاد السنيورة وتمام سلام عن ضرورة إقدام ميقاتي على خطوة ما. فيما لم تُسمع كلمة من الرئيس سعد الحريري الغارق في صمته السياسي. ويعرف ميقاتي أن سلام لا يغرّد منفرداً ولا يقبل قراراً من دون إجماع، كما أن ميقاتي، وإن كان يرفض الاعتراف بالرئيس حسان دياب، إلا أنه يعرف أن الأخير صار عضواً حكمياً في نادي رؤساء الحكومات السابقين كما هي الحال مع الرئيس سليم الحص. بالتالي، فإن هذه «المؤسسة» لا تفيد في جعل ميقاتي يقدم على خطوة بناء على ما يصدر عن السنيورة.
- تأكيد الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والكويت أنه لا يمكن الحديث مع السعودية قبل قيام لبنان بمبادرة ما. وعندما اقترح ميقاتي على نظيره الكويتي أن يزور وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الكويت طالباً وساطتها، على أن يعود مع نظيره الكويتي إلى لبنان، كان الجواب بأن الكويت غير قادرة على إقناع الرياض بأي حوار، وأنه يفترض تقديم «بادرة حسن نية» تتمثل في استقالة قرداحي أو إقالته.
- يعجز ميقاتي عن إقناع الثنائي الشيعي بالعودة إلى مجلس الوزراء من دون حل قضية المحقق العدلي فيما يطالبهما بقص رأس حليف لهما هو الوزير قرداحي ومرجعيته المتمثلة بفرنجية. فيما لا يجد رئيس الحكومة استقالته أمراً مناسباً، ليس فقط لأنه لا يقبل مقايضة موقعه بموقع وزير فحسب، بل لأنه، كما قرداحي، يعرف أن الاستقالة لن تفيد بشيء، ولن تصالحه مع السعودية، ولن تغير من سياستها ضد لبنان.

 

"البناء": حزب الله يدعو لوقف الإنبطاح: على السعودية التراجع
ولم تسجل عطلة نهاية الأسبوع أي مؤشرات على حلحلة قريبة للأزمة المركبة من أزمات عدة متشابكة مع بعضها، تتمثل الأولى بالتصعيد السعودي الديبلوماسي والسياسي والاقتصادي ضد لبنان أزمة استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، والثانية تعميق الخلاف السياسي القضائي حول تنحي المحقق العدلي في قضية المرفأ طارق البيطار معطوفة على خلاف مستحكم سياسي – طائفي – قضائي مستجد حيال القاضي حبيب مزهر الذي كف يد البيطار في ظل تدخل كنسي فاقع من البطريرك الماروني مار بشارة الراعي تحديداً ضد القاضي مزهر بموازاة تشكيل «جبهة سيادية» برعاية الراعي للتصويب على مزهر واستهداف حزب الله ودفاعاً عن الهجمة السعودية على لبنان. أما الأزمة الثالثة بموازاة الخلاف حول أحداث الطيونة، فتكمن في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل موجة غلاء فاحش في أسعار المحروقات والمولدات الخاصة والمواد الغذائية والخدمات وتقنين إضافي في التيار الكهربائي أثقل كاهل المواطنين.

أما المستجد فهو ما شهده العراق من تطورات أمنية خطيرة، لا سيما محاولة اغتيال الكاظمي وما يحمله من تداعيات سلبية على الاستقرار الأمني والسياسي في العراق، إضافة إلى ارتداداته السلبية على الساحة اللبنانية، بحسب ما تتوقع مصادر سياسية وأمنية مطلعة لـ«البناء». هذا إضافة إلى المعلومات المتداولة ليل أمس عن قرار خليجي بعد اجتماع وزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء سلطنة عمان، يقضي بالتحضير لترحيل اللبنانيين العاملين في دول الخليج من مختلف الفئات والطوائف والميول السياسية، وفيما انشغل اللبنانيون بالاستفسار عن مدى صحة ودقة هذا الخبر، نقلت وسائل إعلام عن مصادر خليجية نفيها لهذه الأخبار، مشيرة إلى أن أي قرار لم يصدر بهذا الصدد، كما أكد وزير العمل مصطفي بيرم أن الحكومة لم تتبلغ بهكذا قرار، إلا أن معلومات «البناء» أوضحت أنه سيجري ترحيل اللبنانيين الذين يتبين أن لهم علاقة بحزب الله أو بمؤسساته فقط كقرض الحسن، فيما لفتت مصادر أخرى إلى أن جهات لبنانية معادية لحزب الله وللحكومة قد تكون نشرت هذه الإشاعات لاستدراج موقف خليجي بهذا الصدد، أو قد تكون السعودية مصدر هذه الخبر لإثارة الرعب في لبنان وابتزاز حزب الله والحكومة في إطار الضغط لتنفيذ الشروط التي وضعتها السعودية، لا سيما استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي.

وكشفت أوساط مطلعة لـ«البناء» أن «المساعي التي قادها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الخطوط الرئاسية للتوصّل إلى حلٍ للأزمة المستجدّة مع السعودية ودول الخليج، وصلت إلى أفق مسدود، ما يعني أن لبنان سيسير حتى مدة طويلة بين خطين متوازيين: جمود ولا حلول، ولا انهيار بعد الخط الأحمر الذي رسمه الأميركيون والفرنسيون حول بقاء الحكومة والاستقرار الأمني». لكن بتقدير الأوساط فإن «التصعيد الأمني في العراق، لا سيما محاولة اغتيال الكاظمي، سينتقل إلى لبنان الذي سيُترجَم بأحداث أمنية كاغتيالات وتوترات واضطربات مذهبية وطائفية متنقلة»، مشيرة إلى أن «المناخ العراقي يوحي بأن شيئاً ما سيحصل في لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة».

وتنظر الأوساط بعين الريبة والقلق حيال موقف البطريرك الراعي من المسار القضائي في تحقيقات المرفأ، وتعتبره انقلاباً على «المبادرة الدستورية» التي عرضها الراعي في عين التينة بتنحّي البيطار عن ملف الوزراء والرؤساء واستمراره ببقية الملف، لكن الراعي عاد واعترض على قرار القاضي مزهر الذي قرّر كفّ يد البيطار مع شن حملة سياسية واسعة النطاق على أداء مزهر، بموازاة تشكيل «جبهة سيادية» يقودها الراعي لدعم البيطار وتقف في وجه «حزب الله».

وترى الأوساط أن «موقف الراعي يشكل الغطاء السياسي لاستكمال البيطار بعمله، ما يفضح حجم التدخل السياسي في القضاء»، متسائلة عن «موقف الراعي الذي لطالما نادى بترك القضاء يقوم بدوره وعدم التدخّل به، فيما اليوم يهاجم قاضياً فقط لأنه طلب كف يد البيطار؟».

وكان الراعي، دعا القضاء إلى «الإسراع في التحقيقات بأحداث الطيونة، والإفراج عن كل من تثبت براءته»، مشدداً على ضرورة «أن يكون القضاء حيادياً تجاه الجميع، فلا إكراميات في القضاء بل عدالة لا نطلب سواها».

وقال في عظة الأحد: «مع تعطيل الحكومة يتعطل عمل القضاء وبعض القضاة يعززون الشك بالقضاء من خلال مشاركتهم في تعطيل التحقيق في تفجير المرفأ أو تعليقه أو زرع الشكّ في عمل المحقق العدلي». وتابع: «أمام ما نرى من تجاوزات قانونية، نتساءل هل أصبح بعض القضاة عندنا غبّ الطلب لدى بعض المسؤولين والأحزاب والمذاهب؟».

وبرز موقف للمجلس الشرعي الأعلى الذي أكد دعمه ووقوفه إلى جانب ميقاتي وخريطة الطريق التي طرحها للخروج من المأزق.

من المتوقع أن يشهد الأسبوع الجاري تطورات على خط كف يد البيطار لمعرفة ما إذا كان سيستأنف عمله أم لا، وذلك في ضوء تحديد الموقف القضائي السليم والنهائي من قرار القاضي مزهر الذي كفّ يد المحقق العدلي، علماً أن الثلثاء موعد جلسة استجواب الأخير للنائب غازي زعيتر.

وتلفت مصادر سياسية في فريق المقاومة لـ«البناء» إلى أن «لا موقف شخصي من قبل حزب الله ضد البيطار، فالسقف الأعلى الذي وضعه الحزب هو تنحّي المحقق العدلي الحالي لعودة وزراء الحزب والحركة والمردة إلى مجلس الوزراء، لكن في حال تعهّد البيطار تصويب سلوكه وأدائه القضائي بعيداً من الاستنسابية وازدواجية المعايير، فلا مشكلة بعودة الوزراء إلى الحكومة، إلا أن أداء البيطار حتى الساعة ومواقف الراعي والرئيس السابق فؤاد السنيورة الذي دعا منذ أيام إلى تشكيل جبهة سياسية لحماية البيطار، إضافة إلى كلام الوزير السابق مروان حمادة الذي توقع بأن يوجه البيطار الاتهام إلى حزب الله في قراره الظنّي مع الهجوم السعودي على لبنان، يوحي وكأن هناك سيناريو خطيراً يجري تحضيره للبنان سيكون البيطار رأس الحربة فيه، لذلك لا يريدون التخلّي عنه الآن قبل استثماره في الصراع مع حزب الله». وتربط المصادر بين التصعيد السعودي المفتعل والمفبرك وبين محاولة اغتيال الكاظمي لأخذ العراق إلى الفتنة، وبين السقوط القريب لمأرب في اليمن».

وتوقع خبراء ومحللون استراتيجيون حصول حدثٍ كبير خلال الأسبوعين المقبلين، سيترك تداعيات سلبية على لبنان وسيرفع مستوى التصعيد السعودي – الخليجي ضد الحكومة اللبنانية وحزب الله».

وفي سياق ذلك، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «على بعض المسؤولين في لبنان، أن يخففوا من الانبطاح أمام المتجبرين، لأن هؤلاء لا يرضيهم شيئاً، وإذا أعطيتموهم بذل، سيطلبون الأكثر، وهم ليسوا على حق، ومن هنا ندعو إلى معالجة موضوعية، والمسؤولية تقع على السعودية، وعلى كل حال فإن السعودية ليست راضية لا عن رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​، ولا عن كل الحكومة، ولم تكن راضية عن تشكيل الحكومة السابقة من قبل رئيسها السابق سعد الحريري، بالتالي لا يرضيها شيء من كل هذا التشكيل القائم، لأن لديها رئيساً للحكومة كانت تريده في لبنان، ولم يتمكّن من أن يصل إلى الرئاسة».

وأضاف: «كنا من أكثر المتحمّسين لتشكيل الحكومة اللبنانية، وكنا نطالب دائماً بتعجيل ولادتها، ومن البداية سهلنا لها، ولم نضع شروطاً، وارتحنا بعد أن تشكلت بعد تأخير طويل لم نكن سبباً له، والآن حصلت مشكلة أدت إلى أن تتوقف اجتماعات الحكومة، والمطلوب أن تبادر الحكومة إلى معالجة المشكلة، لا أن تجلس جانباً، فالحكومة هي مسؤولة عن مسار البلد وسياساته وعن عدم إيصاله إلى التعقيدات والمشكلات والفوضى».

وأشار قاسم إلى «أن المحقق العدلي ​طارق البيطار​، يتصرف باستنسابية وعمل سياسي، ويستهدف جماعات محددة، ويعمل خلافاً للقانون، بالتالي يجب أن نفتش عن حل لهذه المعضلة والمشكلة، فعندما تكون هناك 14 دعوى للرد والارتياب المشروع ضد هذا القاضي، فهذا يعني أنه مشكلة، بالتالي يمكن أن يُفتّش عن قاضٍ آخر وتحل المشكلة، وأما أن يتفرّج البعض أو يدعي أنه يريد الحقيقة، فليس بهذه الطريقة تحصل على الحقيقة، فالحقيقة تتطلب قاضياً نزيهاً عادلاً لا يسيّس عمله، ويكون الأطراف المعنيّون راضين عن تكليفه ومتابعاته».

وأكد أن «فتنة ​القوات اللبنانية​ في ​الطيونة​ هي من نتائج القاضي بيطار، الذي كاد أن يجر البلد إلى حرب أهلية لولا حكمة وصبر ودقة عمل حزب الله و​حركة أمل​، بحيث سحبا الفتيل من الشارع لمصلحة أن تستمر الحياة طبيعية في البلد». وشدد على «أننا متمسكون بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وسنعمل لنجاحها، ولنثبت مرة جديدة مدى شعبيتنا وثقة الناس بنا، ونقول لمن يستنجدون بالخارج، ويقبضون الأموال من السفارات، ويأخذون التوجيهات، ويستخدمون الأجانب من أجل الضغوطات والعقوبات وتشويه الصورة، ويستغلون مواقع الدولة من أجل الإساءة لبعض الأطراف، لم تنفعكم كل هذه الأحابيل في تعديل موقعكم الانتخابي، لأن الانتخابات هي من الشعب، وهذا الشعب الطيب لن يعطي إلاّ لمن يؤمن به ويقتنع به».

وفي هذا الإطار كشفت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن التيار بصدد التحضير لتقديم طعن أمام المجلس الدستوري بالمواد التي تم تعديلها في قانون الانتخاب، مشيرة إلى أن التيار لن يقبل بقانون يفقد معنى الانتخابات النيابية ويحرم عشرات آلاف الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، متهمة أطرافاً معينة خصمة للتيار بتقصد موعد 27 آذار لإجراء الانتخابات لاستهداف قوى معينة.

 

"الجمهورية": "الجامعة": ضغط لا مبادرة
وبحسب "ألجمهورية" فإنّ التصعيد السياسي هو عنوان المرحلة في المنطقة لا في لبنان فقط، وخطورة هذا التصعيد انّه انتقل من السياسي إلى الأمني في العراق، مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والخشية من عودة الاغتيالات في لبنان. والربط بين بغداد وبيروت لا يقتصر على الجانب الأمني، إنما أيضاً لجهة الانتخابات النيابية التي حصلت في العراق، وهناك من يسعى إلى منع ترجمة نتائجها على أرض الواقع، ودخول لبنان في مدار الانتخابات النيابية التي ستحصل بعد أشهر من اليوم. وهذا التطور العراقي المستجد وإسقاطاته اللبنانية، لا يلغي الأزمة المستمرة مع الخليج، والأزمة المتصلة بالمحقِّق العدلي طارق البيطار، واستمرار الشلل الحكومي.

وقد تلقّى ميقاتي جرعة دعم قوية من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، داعياً «الأفرقاء كافة على الساحة اللبنانية إلى التعاون معه للخروج من المأزق الذي يعيشه لبنان في علاقاته مع أشقائه العرب، وبخاصة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي»، كذلك تلقّى جرعة من العيار نفسه من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي شارك في اجتماع المجلس الشرعي، وأكّد انّ «الوقت غير مناسب الآن للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة لعدم إفراغ الساحة أمام «حزب الله» وحلفائه». وهذه المواقف أتت بعد ان كان ميقاتي حدّد خريطة طريق للخروج من هذه الأزمة، تبدأ من استقالة قرداحي، وتفصل بين عمل مجلس الوزراء وعمل القضاء.

على انّ ما تقدّم يعني انّ استقالة ميقاتي غير مطروحة بالحدّ الأدنى في الوقت الحاضر، ولكنه لن يكون في وارد العودة إلى اجتماعات الحكومة ما لم تُحل مسألة قرداحي في ظل رفض «حزب الله» استقالته، وهذا يعني انّ إحياء العمل الحكومي بات يستدعي معالجة مسألتي قرداحي والبيطار، وإلّا فإنّ الشلل سيتواصل فصولاً، وهو مفتوح على تصعيد سياسي.

وعلى رغم المعلومات والكلام المتداول عن حلول يُعمل على إنضاجها لحلّ مسألتي قرداحي والبيطار دفعة واحدة، ولكن لا شيء مضموناً حتى الساعة، والمحاولات مفتوحة على النجاح والفشل في آن معاً، إلّا انّ اهتزاز الحكومة فور انطلاقتها انعكس على اندفاعتها، خصوصاً لجهة الصدمة الإيجابية التي انتفت مع الأزمات الأخيرة، ولا يُعرف بعد ما إذا كانت ستتمكن من إدارة مفاوضات ناجحة مع صندوق النقد الدولي، تعيد وضع لبنان على طريق الخروج من أزمته المالية.

والوظيفة الثانية للحكومة بعد صندوق النقد، هي إجراء الانتخابات النيابية التي لم يعد مصيرها معروفاً، ليس بسبب ما حصل في العراق، وإنما مصير المِهل ودعوة الهيئات الناخبة في حال قبل المجلس الدستوري الطعن الذي سيتقدّم به تكتل «لبنان القوي»، والذي يعني العودة بالقانون إلى صيغته الأصلية، إن بالنسبة لاقتراع المغتربين وحصر تمثيلهم بـ6 مقاعد من دون منحهم الحق بالمشاركة في انتخاب 128 نائباً، او لجهة موعد الانتخابات، فيرحّل من 27 آذار إلى منتصف أيار المقبلين.

وفي خلاصة الصورة، فإنّ كل المشهد السياسي يسوده الإرباك الشديد، من الأزمات المفتوحة على التأزُّم لا الحلول، إلى الشلل الحكومي المفتوح على الاعتكاف، وصولاً إلى الثابت الوحيد في المشهد وهو الوضع المالي الذي يواصل تدهوره.

الجامعة تسبق الوساطات

ولكن، توازياً مع الحركة الديبلوماسية الصامتة التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا في الكواليس الاقليمية والدولية لرأب الصدع بين لبنان والسعودية، تقدّمت الى الواجهة الحركة التي أوحى بها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بإيفاد الامين العام المساعد حسام زكي الى بيروت، الذي سيجول اليوم على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب.

أفكار لا مبادرة

وقالت مصادر ديبلوماسية لبنانية وعربية لـ «الجمهورية»، انّ الوفد يحمل رسالة من ابو الغيط الى المسؤولين اللبنانيين، يدعو فيها الى العمل من اجل تطويق الأزمة الديبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية والدول الحليفة لها في الخليج العربي بجدّية مطلقة، والقيام بما يلزم من خطوات لتجنّب الأسوأ.

ولفتت المصادر، الى انّ الوفد الذي سيحمل معه حصيلة المشاورات التي أجراها ابو الغيط مع عواصم الخليج العربي، مستقصياً الظروف التي دفعت الى اتخاذ القرارات الاخيرة تجاه لبنان، وما يمكن ان تقوم به الجامعة العربية لحل المشكلة. ولم يغفل أبو الغيط الوقوف على رأي الحكومة المصرية بهذا الخصوص، فكانت له مشاورات مع وزارة الخارجية ودوائر الرئاسة المصرية.

وأشارت المصادر، الى انّ الوفد سينقل إلى ابو الغيط رؤية المسؤولين اللبنانيين للحل، وما يمكن الحكومة ان تقوم به وما لا تستطيع اليه سبيلاً. ولذلك فهو لا يحمل معه اي مبادرة او اقتراح محدّد، وإن كان يحمل مجموعة أفكار متفرقة لا ترقى الى إمكان تحولها مبادرة شاملة.

وختمت المصادر مؤكّدة «انّ المهمة ستكون استطلاعية ولساعات محدّدة، على ان يعود الوفد مساء الى القاهرة، بعدما تبين انّ مكتب الجامعة العربية الذي طلب سلسلة المواعيد لم يشر الى جدول اعمال الوفد، وحصر موضوع الزيارة بالأزمة الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج.

ضغط لا وساطة

في السياق نفسه، استبعدت اوساط مطلعة ان تسفر زيارة زكي لبيروت اليوم عن نتائج إيجابية على مستوى إحداث خرق في جدار الأزمة بين السعودية ولبنان. وقالت لـ»الجمهورية»، انّ «الجامعة هي أضعف من ان تجد حلاً لهذا الخلاف، والتجارب أثبتت انّ تأثيرها متواضع في أزمات المنطقة». وتوقعت هذه الاوساط ان يأتي ممثل الجامعة العربية الى بيروت، «ليس للوساطة وانما للضغط على المسؤولين اللبنانيين في اتجاه اتخاذ مبادرة حسن نية نحو السعودية لفتح باب الحوار معها»، متسائلة عمّا اذا كان زكي سيزور الرياض ايضاً في إطار مهمته.

واشارت الاوساط، الى «انّ الواقع السياسي يبدو مقفلاً حتى إشعار آخر، تحت وطأة الملفات المتراكمة والمترابطة. وهناك خشية من ان يكون الداخل المكشوف مشرّعاً على مزيد من التعقيدات في المرحلة المقبلة، سعياً الى دفع الرئيس نجيب ميقاتي نحو الاستقالة لإصابة عصفورين بحجر واحد: الاستقرار الداخلي والانتخابات النيابية».

تدابير روتينية

وفي ظل الحراك الديبلوماسي العربي لاحتواء تردّدات الأزمة الديبلوماسية بين لبنان والدول الخليجية، عززت المراجع الأمنية من نسبة التدابير الامنية حول بعض السفارات العربية والخليجية تحديداً، بالتعاون مع أجهزة الأمن فيها.

وتعقيباً على الروايات التي نُسجت عن تهديدات طاولت عدداً من هذه السفارات، نفت المراجع الأمنية عبر «الجمهورية» علمها بأي حراك يهدّد أمن هذه المراكز الديبلوماسية. ولفتت إلى انّها تعتمد منذ مدة طويلة تدابير استثنائية في محيط بعض السفارات، ولم يتغير شيء منذ وقت طويل. وأشارت الى انّ القوى الامنية ستمنع اي تحرّك غير مرخص له حول أي من السفارات الاجنبية او العربية في لبنان بكل الوسائل المتاحة، وذلك حفاظاً على الامن والاستقرار.

 

"الديار": إذا إستمرّ تعطيل عمل الحكومة... سيناريوهات عدة أحلاها مرّ
تنصّ مهام الحكومات، كما تُعرّفها النظرية الإقتصادية، على تنظيم عمل الماكينة الإقتصادية وإقرار التشريعات المناسبة والرقابة على تطبيق هذه التشريعات. وإذا ما نظرنا بالعمق إلى الأهداف الإقتصادية للحكومات، نرى أن هذه السياسات الحكومية تهدف إلى رفع الناتج المحلّي الإجمالي مع الأخذ بعين الإعتبار المُعطيات الإجتماعية والبيئية، وهو ما يُعرف بالإنماء المُستدام الذي حدّده برنامج الأمم المُتحدة للإنماء بسبعة عشر مؤشراً تسمح بقياس تطور البيئة الإقتصادية والإجتماعية والأوضاع البيئية.
الثبات السياسي والأمني

إلا أن عمل الحكومات يواجه تحديات عدة لعلّ أهمها الثبات السياسي إضافة إلى غياب الرؤية الواضحة في التنظيم والتشريع الإقتصادي. سياسيًا، الثبات السياسي الذي يُقاس بعدّة مؤشرات منها عمر الحكومات، النزاعات الداخلية، النزاعات مع الخارج، التشنجات الطائفية، الفساد، وعسكرة النظام... هو عنصر أساسي في عمل الحكومات الإقتصادي نظرًا إلى أن أي خطّة إقتصادية تحتاج إلى ثبات سياسي بهدف تنفيذها في ظل تفادي تعطيل عمل الحكومة التي تمتلك حصرية القرار الإقتصادي.

لم تشهد الحكومات المُتعاقبة في لبنان منذ العام 2005 وحتى يومنا هذا أي ثبات سياسي بحسب البيانات التاريخية. فتراكم الأحداث من إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى الأزمة مع دول الخليج مرورًا بعدوان تموز 2006، وأحداث 7 أيار، والفراغ الرئاسي، وبدء الأزمة السورية، وتفجيرات العامين 2013 و2014، والفراغ الرئاسي الثاني، وحادثة قبرشمون، وإحتجاجات 17 تشرين، وجريمة مرفأ بيروت، وأحداث الطيونة… كل هذه الأزمات ربطت الإقتصاد بالأحداث السياسية والأمنية وجعلت المواطن اللبناني يدفع ثمن عدم الثبات هذا سواء من حياته (جريمة المرفأ مثلًا) أو من مستوى معيشته (ضرب القدرة الشرائية وفلتان سعر الدولار مثلًا). وبالتالي يُعتبر غياب الثبات السياسي عنصرًا أساسيًا في الوضع المأساوي الذي وصل إليه المواطن اللبناني.

الأزمة الحالية التي تعصف بالحكومة والتي تُرجمت بتعطيلها، لها بعدان: أحدهما مُتعلّق بتحقيقات جريمة مرفأ بيروت، والآخر مُتعلّق بتصريحات الوزير جورج قرداحي. وتُشير تصريحات المسؤولين إلى أن الأزمة مُرشحة إلى الإستمرار إلى آمدٍ غير معروف خصوصًا أن البعض أصبح يُشكّك حتى بحصول الإنتخابات النيابية في الفصل الأول من العام المقبل.

عمليًا، هذا التعطيل سينسحب على الواقع الإقتصادي والمعيشي خصوصًا أن عملية تآكل الليرة اللبنانية ما زال مُستمرة أمام سوق سوداء – لا يُمكن القول عنها إلا أنها الفساد بحد ذاته – وأمام إحتكار وتهريب مُستمرين على قدم وساق وغياب أي إجراء من حكومة الرئيس ميقاتي تجاه هذا الواقع الآليم، وكأنه إستمرار لسيناريو حكومة تصريف الأعمال السابقة، فإن ترجمة هذا الواقع الأليم سيكون على عدّة مستويات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولًا – الإستمرار في طبع العملة لتغطية عجز الموازنة ولتأمين السيولة المطلوبة للسوق في القطاعين العام والخاص، وهو ما يُشكّل خسائر يتحمّلها كل المواطنين اللبنانيين سواء بتردّي مستوى معيشتهم أو من خلال فقدان قيمة مدخراتهم وودائعهم؛

ثانيًا – زيادة نسبة الفقر المتصاعدة بشكل خطير مع ضرب لهيكلية المُجتمع اللبناني خصوصًا الطبقة المتوسطّة التي إضمّحلّت لصالح الطبقة الفقيرة. وإذا كان المسؤولون يتغاضون في تصريحاتهم عن واقع الفقر، إلا أن تقرير الإسكوا الأخير أشار بكل وضوح إلى أن 40% من الأسر اللبنانية تعيش في فقر مُدّقع (أقلّ من 1.9 دولار أميركي في اليوم للفرد)، وأكثر من 70% من الأسر في فقر عام، و82% من الأسر في فقر عام إذا ما أخذنا الأبعاد الصحية والتعليمية؛

ثالثًا – إضعاف موقف لبنان في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي ينتظر الحكومة لبدء هذه المفاوضات. هذا الضعف يأتي من فقدان المصداقية في تنفيذ الوعود من قبل لبنان ولكن أيضًا من باب زيادة الخسائر التي تُترّجم بالدرجة الأولى في التضخّم!

رابعًا – هجرة العنصر الشبابي والذي يُشكّل حجر الزاوية في أي عملية تعاف مرتقب أو نهوض للبنان حيث أن هذه الهجرة ستحرم الماكينة الإقتصادية من أهم عامل فيها وهو اليد العاملة الكفوءة عملًا بمُعادلة كوب-دوغلاس المتعلقة بالناتج المحلي والمرتبطة بعوامل ثلاثة، رأس المال، والعمالة، والتطور التكنولوجي (Output=f[K,L,T])؛

خامسًا – فقدان لبنان لمكانته الإستراتيجية لصالح بعض الدول المُجاورة على حساب لبنان وهو ما سيكون له تداعياته على صعيد الماكينة الإقتصادية؛

سادسًا – التأخير في عملية إستخراج الغاز الطبيعي القابع في المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان مع ما لذلك من تداعيات على صعيد الإنماء المُتوقّع من عملية الإستخراج هذه؛

سابعًا – إنسحاب للإستثمارات الأجنبية المباشرة من لبنان وهو ما يُشكّل ضربة للمواطن اللبناني قبل كل شيء على مثال شركات الأدوية في لبنان أو غيرها، بالإضافة إلى إنسحاب الإستثمارات المالية الأجنبية (إذا ما إستطاعت!).
الثبات الإقتصادي والحكومات اللبنانية

في فرضية أن هناك ثباتًا سياسيًا وأمنيًا، يواجه عمل الحكومات تحدّيان أساسيان على الصعيد الإقتصادي:

التحدّي الأول – التوازن الداخلي وهو ما يُمكن ترجمته بالتوظيف الكامل (Full Employment)، وثبات الأسعار (Price-Level Stability). فالعمالة الناقصة أو الإفراط في العمالة تؤديان إلى تحركات في مستوى الأسعار مما يؤدّي إلى الحد من كفاءة الاقتصاد. أما ثبات الأسعار فهو أساسي في اللعبة الإقتصادية وهو ما يفرض على الحكومات منع التحركات الكبيرة في إجمالي الطلب بالنسبة لمستوى التوظيف الكامل، والتأكد من أن المعروض النقدي المحلي لا ينمو بسرعة مضرة ولا ببطء شديد.

التحدّي الثاني – ويتمثّل بالتوازن الخارجي وهو ما يُمكن ترجمته بحساب جارٍ مُلائم، حيث أن عجزًا كبيرًا في الحساب الجاري هو نتاج خطأ في السياسة الحكومية ويؤدّي إلى رفع الإستهلاك وبالتالي يمتنع المُستثمرون عن الإستثمار في الإقتصاد. أما الفائض الكبير في الحساب الجاري، فإنه يؤدّي أيضاً إلى إنخفاض في الإستثمارات…

في الواقع كل ما ورد أعلاه، يُمكن تلخيصه بمؤشّرين: عجز الموازنة وعجز ميزان المدفوعات أو يُعرف بالعجز التوأم (Twin deficit).

في لبنان عجز الموازنة مُزمن منذ تسعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، كذلك الأمر بالنسبة لميزان المدفوعات. وإذا كان الهدف الرئيسي لصندوق النقد الدولي مُساعدة الدول الأعضاء في حل مشاكل ميزان المدفوعات، فلا يُمكن أبدًا للمسؤولين اللبنانيين القول بأنهم تفاجأوا بالأزمة نظرًا إلى أن عجز ميزان المدفوعات يؤدّي حكمًا إلى الإنهيار إذا ما إستمر إلى فترات غير قصيرة.

إذًا ومما تقدّم، تتحمّل الحكومات المُتعاقبة – إلى يومنا هذا - مسؤولية الوضع الذي وصلنا إليه ولا يُمكنها نكران هذه المسؤولية نظرًا إلى أن نكران مسؤوليتها يعني أن هذه الحكومات غير كفوءة والإعتراف بالمسؤولية هو واجب مهني وأخلاقي لبدء صفحة جديدة.

الحكومة اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان