لبنان
الرئيس عون: سأضع مسار الإصلاحات على السكَّة قبل نهاية ولايتي
استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفود القيادات المسلحة مهنئة بالذكرى الـ78 للاستقلال، منوهًا بالدور الذي يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية في المحافظة على الأمن.
وأكَّد الرئيس عون أنَّه سيعمل خلال السنة الأخيرة من ولايته على ملاحقة القضايا العالقة وفي مقدمها وضع مسار الإصلاحات على سكَّة صحيحة ودائمة وصولًا إلى معالجة الملف الاقتصادي.
ورأى أنَّ العراقيل أمام العمليات الإصلاحية التي كان من المفترض أن تنجز خلال الأعوام الماضية مستمرة والعمل يجري على تذليلها الواحدة تلو الأخرى.
رئيس الجمهورية أشار إلى أنَّ الظروف الاقتصادية انعكست سلبًا على العسكريين في مختلف الأسلاك ورغم ذلك يقوم العسكريون بواجباتهم بإخلاص وعلى الدولة أن تقابل عطاءاتهم بتحسين أوضاعهم.
قائد الجيش
وفي هذا الإطار، استقبل الرئيس عون قائد الجيش العماد جوزف عون على رأس وفد ضم أعضاء المجلس العسكري ونواب رئيس الأركان ومديرية المخابرات والتوجيه وامين سر المجلس العسكري ورئيس مكتب قائد الجيش.
وأشار عون إلى أنَّه "يحل عيد الاستقلال الثامن والسبعون هذا العام، ووطننا يعاني أزمة سياسية واقتصادية وصحية، أرخت بظلالها ثقيلة على كل مفاصل حياة اللبنانيين، ومن ضمنهم العسكريين الذين يواجهون اليوم أقسى الظروف، وسط تزايد المهمات الملقاة على عاتقهم، والتي لا يزالون ينفذونها بكل انضباط ومهنية وولاء مطلق للمؤسسة العسكرية".
وأضاف: "هذه المؤسسة التي هي الضمانة لاستمرار وجود هذا الوطن، ستبقى متسلحة بقسمها في الدفاع عن للبنان، وطنا سيدا، حرا، مستقلا، وبواجبها المقدس بمنع انزلاقه الى المجهول".
وتوجه قائد الجيش للرئيس عون، قائلًا: "عرفناك صلبا، تزيدكم المحن قوة وعزيمة. نعول على حكمتكم في مقاربة الملفات الشائكة، والخروج من هذه الازمة بأقل الخسائر، على أمل أن يستعيد وطننا بريقه السابق ودوره التاريخي الجامع. أن لبنان اليوم، وبالرغم من كل الازمات التي تعصف به، لا يزال يرفض الموت ويتمسك بالحياة. يحميه جيشه المتماسك، والمؤمن بوطنه والملتزم بقدسية قسمه".
وتابع: "بوجود المؤسسة العسكرية لا خوف على لبنان. نجدد العهد أمامك أننا على قسمنا باقون. لن نسمح للتحديات أن تنال من عزيمتنا او ثقتنا بوطننا. ستبقى مهمتنا المقدسة حماية لبنان وصون استقلاله. وسنبقى متمسكين بالمحافظة على سلامة الوطن وامنه واستقراره، كما على كرامة شعبه، مهما كان حجم التضحيات. عشتم! عاش الجيش! وعاش لبنان!"
بدوره، ردَّ الرئيس عون مشيدًا بالتضحيات التي قدمتها المؤسسة العسكرية في سبيل الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد، ومواجهة الإرهاب وخلاياه، محييًا خصوصًا الشهداء العسكريين الذين سقطوا دفاعًا عن الوطن وسيادته وامنه.
وأكَّد أنَّه يواصل العمل مع رئيس الحكومة من أجل معالجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها العسكريون من مختلف الرتب، أسوة بغيرهم من أفراد القوى المسلحة الأخرى والمواطنين الذين تأثَّروا مباشرة بالتدهور في سعر صرف الليرة.
مدير عام قوى الأمن الداخلي
كما استقبل الرئيس عون المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مع وفد المديرية العامة ضم أعضاء مجلس القيادة وعدد من كبار الضباط للتهنئة لمناسبة الذكرى 78 للاستقلال.
وقال عثمان لرئيس الجمهورية: "مناسبة الاستقلال هذا العام حلَّت علينا غير سابقاتها، فعناصر قوى الأمن الداخلي (ضباط، رتباء وأفراد) وموظفين مدنيين فيها، يعانون أزمةً ماليةً اجتماعيةً حادة، حيث باتت رواتبهم في مكان ما تقلُّ عن 60 دولار أميركي، وهذا ما يمنعهم من تأمين حياة كريمة لأفراد عائلاتهم، أو لجهة تأمين تغذيتهم أثناء خدمتهم وتنقلاتهم من خدمتهم واليها. ونحن نقوم بما نستطيع من اجل التخفيف من اعبائهم، ولكن بشكل خجول لا يفي بالحاجة.
وذكر "تراجع التأمينات الصحية، وتمنع معظم المؤسسات الاستشفائية عن استقبال عناصر قوى الامن الداخلي ومن هم على عاتقهم، تراجع قيمة المساعدات المدرسية لعناصر قوى الامن الداخلي، حيث بات يترتب عليهم مبالغ طائلة لا قدرة لهم على تأمينها، من اجل تعليم أولادهم".
وأضاف المدير العام لقوى الأمن الداخلي: "نتيجة الانخفاض الكبير والكارثي في أرقام موازنة قوى الأمن الداخلي بما يقارب 90 % من قيمتها بعد أن كانت 760 مليون دولار أصبحت حوالي 50 مليون دولار، مما انعكس على عوامل عديدة أهمها: الطبابة والاستشفاء والأدوية، صيانة الاعتدة والآليات (حوالي 1800 آلية معطلة)، نقص في الاعتدة والمواد المستهلكة: محروقات، ذخيرة، قطع غيار، قرطاسية، كما اصبح لدينا نقص فادح في العديد نتيجة التناقص المستمر بسبب الإحالة على التقاعد لبلوغ السن القانونية في موازاة سريان مفعول قانون وقف التوظيف والتطويع".
وأشار إلى أنَّ "هذا طبعًا غيض من فيض للمشاكل التي تعترض المؤسسة وعناصرها ومهامها وهي بالواقع اكثر من ذلك بكثير. هذا كله لم يثننا عن واجباتنا واهدافنا الأساسية التي وضعناها امامنا واستطعنا المحافظة عليها، على الرغم من كل الظروف".
وتابع عثمان: "بصفتكم قائدًا أعلى للقوات المسلحة اللبنانية، نناشدكم هنا وفي أعز مناسبة على قلوبنا، أن تقوموا بكل ما بوسعكم مع الحكومة لأنقاذ المؤسسات العسكرية والأمنية قبل فوات الأوان، لكي يبقى الهيكل الأساسي للدول اللبنانية دون تصدّع . عشتم وعاش لبنان! وكل عام وانتم بخيرّ!"
من جهته، نوَّه الرئيس عون بما تقوم به قوى الأمن، ضباطا ورتباء وأفراد، في ضبط الأمن لا سيما خلال الأحداث التي وقعت مؤخرًا في عدد من المناطق اللبنانية، مقدرًا التضحيات التي تُبذل في سبيل توفير الأمن والأمان للبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية.
وأشار رئيس الجمهورية إلى الظروف الاقتصادية في البلاد والتي انعكست سلبًا على العسكريين في مختلف الأسلاك، مبينًا أنَّه رغم ذلك، يقوم العسكريون بواجباتهم بإخلاص وتفانٍ، وعلى الدولة أن تقابل عطاءاتهم بتحسين أوضاعهم المعيشية.
مدير عام الأمن العام
كذلك، تلقى الرئيس عون تهاني المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على رأس وفدٍ من المديرية العامة ضم كبار الضباط.
وفي كلمةٍ اللواء إبراهيم، قال "فخامة الرئيس، في اول رسالة لكم بمناسبة عيد الاستقلال ال73، في 22 تشرين الثاني 2016، توجهتم الى اللبنانيين بالقول: "الاستقلال ليس مشهدا احتفاليا سنويا فحسب، بل هو انتساب الى شعب يتشارك الحياة بعضه مع بعض، على ارض اعطتنا هوية يجب ان نحافظ عليها، لا ان نتعامل معها كسلعة تجارية، نعرضها للبيع في الاسواق الخارجية، فإن بعناها فقدنا الهوية". أضفتم: "ان الأمور لن تستقيم ما لم نحرر العنصر البشري من ثقافة الفساد، وإن مكافحة هذا الفساد تكون بالتربية من خلال تنمية سلم القيم، وبالقانون من خلال التشريع الملائم".
وأضاف "عملتم بكل جهد بأن تنقلوا لبنان الى مصاف الدول الحديثة والمتطورة، وطنا يليق بدوره التاريخي المميز الى جانب اخوانه العرب وعلى مستوى العالم، منذ ان نال استقلاله، حيث شارك في تأسيس هيئة الأمم وجامعة الدول العربية. لكن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية حالت دون ان تحققوا كل ما كنتم تصبون اليه بالرغم من الأمور الكبيرة التي انجزتموها خلال السنوات الخمس الماضية".
ولفت إلى أنَّه "عانى لبنان واللبنانيون من الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عدا عن التهديدات الخارجية، لكن الإرادة الوطنية حالت دون ان تسقط الدولة أمام هذه الاخطار، لا سيما الخطرين الإسرائيلي والإرهاب التكفيري، اللذين لا يزالان يتربصان بوطننا وشعبنا كله ومن دون استثناء".
وأوضح مدير عام الأمن العام أنَّ "المهمات الأمنية والإدارية التي انجزناها في عهدكم، ساهمت والمؤسسات الأمنية الأخرى، في حماية لبنان كوطن موحد ونهائي لجميع أبنائه. واليوم جئنا لنؤكد لكم التزامنا الدائم تنفيذ القانون والتزام أحكامه، من دون الاعتبار لغير السلم الأهلي الذي لا يعرف إلا الهوية الوطنية الغنية بتنوع ثقافاتها والمنفتحة على كل تفاعل إنساني حضاري مغاير للعقل الاحادي والالغائي".
وأكَّد اللواء إبراهيم أنَّه "سنعمل دائما برعايتكم على ان يبقى لبنان وطن حقوق الانسان، وطن العدل والايمان، ووطن الحرف والابداع، كما ترددون دائما، لأن بقاءنا الحر في هذا الوطن، رهن قرار اللبنانيين في بناء الدولة القوية العصية على الاستهدافات والمغامرات، خصوصا ان جميعنا خبر خطورة تقديم الأهواء والعصبيات الضيقة ونتائجها على الهوية اللبنانية والمصلحة العامة. وهذا عهدنا لكم وللبنان. وكل عام وانتم ولبنان واللبنانيين بألف خير".
من جانبه أشاد رئيس الجمهورية بالدور الذي يقوم به اللواء إبراهيم وسائر العاملين في الأمن العام خصوصا، مشيرًا إلى أنَّ هذه المؤسسة على تماسٍ مباشر مع المواطنين والمقيمين في لبنان وتوفر لهم حاجاتهم، كما نجحت في تحقيق الأمن الاستباقي الذي ساعد في الكشف عن مخططات كانت تستهدف سلامة الدولة واستقراراها. كما أقام الأمن العام شبكة علاقات تعاون مع مؤسسات أمنية عربية ودولية في إطار التنسيق تحقيقا لمصلحة لبنان وعلاقاته الخارجية.
المدير العام لأمن الدولة
هذا، واستقبل الرئيس عون المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا على رأس وفد من المديرية العامة ضم كبار الضباط.
وبيَّن اللواء صليبا "يشرفني في هذا اليوم الوطني، ان نستذكر فترة من اكثر الفترات الوطنية فخرا، كما يشرفنا ان نسير في مديرية امن الدولة، ضباطا ورتباء وافرادا على خطى مفعمة بالوطنية، وان نرى بعيون ملؤها التضحية، وأن نكتب باقلام حبرها دم، كأولئك الذين فضلوا سجن راشيا على القبول باملاءات لا تشبههم ولا تشبهنا، ولا تشبه لبنان".
وأضاف: "نعرف جميعا حجم الكوارث التي تضربنا في كل يوم، ونعرف قساوة العواصف التي تواجهون، لكن سفينتنا سوف تنجو حتما، لأنكم قبطانها، وتعرفون سفينتكم وهي تعرفكم. وهي تعرف بر الأمان الذي ينشده اليوم كل اللبنانيين".
وشدَّد اللواء صليبا على أنَّ "مديرية امن الدولة فهي على قسمها ووفائها، لن تألو جهدا في متابعة مهامها الأمنية والوطنية. ونعاهدكم بالا تتوانى لحظة عن القيام بدورها كذراع وعين لكم، في وجه أعداء لبنان، ونصرة للحق والقانون والوطنية التي تمثلون، على رغم الظروف القاسية التي نعانيها وتعانيها المديرية، والتي نأمل زوالها بارادتكم وإرادة القادة الوطنيين، وفخامتكم على رأسهم. عشتم وعاش لبنان!".
من ناحيته، نوه رئيس الجمهورية بما تقوم به المديرية العامة لأمن الدولة بمكافحة الفساد وغلاء الأسعار، ومداهمة الاحتكار خصوصًا خلال الفترة الماضية التي كثرت فيها مثل هذه الاعمال التي اضرت بالمواطنين وبالامان الاجتماعي وسلامة الغذاء.
ولفت الرئيس عون إلى أنَّ أمن الدولة يواجه بشجاعة الشبكات المضادة للإصلاح والتي تزرع الفساد والاحتكار في البلاد، كما يعمل على ملاحقة الجهات التي تتولى استغلال معاناة المواطنين واحوالهم المعيشية الصعبة، خصوصا ان الامن الاجتماعي هو صنو الاستقرار الأمني والاقتصادي.