لبنان
الدولار يهدد النظام العام.. والسيد نصر الله أطلق برنامج "مازوت التدفئة"
ركزت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت على الارتفاع المتواصل لسعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية، وما له من تداعيات سلبية على حياة المواطنين الذي يكتوون بهذه النار، والتي تقف خلفها جهات مشبوهة بحسب بعض الصحف، ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع معدلات الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، ما يزيد الطين بلّة.
سياسيًا، بقي الجمود مسيطرا، وسط حديث عن عدم ورود استقالة الحكومة حاليًا لدى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الذي أنهى زيارة إلى إيطاليا.
وكان بارزًا مواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بالأمس، والتي أعطى بمواقفه بارقة أمل وسط الصورة السوداوية العامة، حيث أعلن إطلاق المرحلة الثانية من دعم المازوت للتدفئة في فصل الشتاء، والذي تستفيد منه مئات آلاف العائلات.
"الأخبار": نصرالله: الضغوط في مجزرة الطيونة استهتار بالشهداء وبنا
رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن ما جرى في اليومين الماضيين من تسريع واستنسابية في ردّ طلبات كفّ يد المحقق العدلي طارق البيطار «يؤكد كل ما تحدّثنا عنه خلال عام عن ممارسة الجهات القضائية المعنية الاستنسابية وخضوعها للسياسة»، متهماً «بعض القضاء اللبناني» بأنه «يحمي بعضه البعض ويعمل على تضييع المسؤولية التي يقع جزء منها على عاتق بعض القضاة». وكرّر أن «المسار القضائي الحالي في قضية المرفأ استنسابي ولن يوصل إلى الحقيقة».
وفي كلمة متلفزة ليل أمس، تطرق نصر الله إلى التحقيقات في مجزرة الطيونة التي قضى فيها سبعة شهداء الشهر الماضي على أيدي مسلحي القوات اللبنانية في الطيونة، محذراً من «تعرض القضاء العسكري لضغوط من جهات سياسية ودينية للإفراج عن موقوفين في القضية، وبعضهم أُطلق وبعضهم الآخر يختبئ في معراب لمنع توقيفهم». ونبّه الى أن «ضغوط الجهات السياسية والدينية على القضاء استهتار بالشهداء والجرحى وعائلاتهم وبالجهات التي ينتمون إليها، والاستمرار بالمسار الحالي خطر ويمكن أن يدفع البلد إلى الفتنة لأنه قد يدفع الأهالي إلى الأخذ بالثأر».
وكان نصر الله، في بداية كلمته، قد هنأ اللبنانيين بعيد الاستقلال، مؤكداً أن «الحفاظ على الاستقلال والسيادة والحرية معركة يجب أن تبقى مستمرة (...) واللبنانيون خاضوا أكبر معركة استقلال بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 الذي كاد يقضي على سيادة لبنان وحريته واستقلاله، لأنه احتل نصف لبنان وعاصمته بيروت والقصر الجمهوري». وأضاف: «الهروب الإسرائيلي عام 2000 كان انتصاراً كبيراً لسيادة لبنان وخروجاً له من العصر الإسرائيلي. والمعركة قائمة لأن السيادة منقوصة بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية. وعندما يمنع لبنان من الاستفادة من الثروات النفطية تكون السيادة منقوصة، كما تكون منقوصة بالتدخل الأميركي في القضاء والسياسة والانتخابات النيابية، وسيأتي يوم نحقق فيه جميعاً لوطننا استقلالاً وسيادة وحرية حقيقية لا نقاش فيها وغير خاضعة لوجهات النظر».
وشدّد نصر الله على أن وضع مزيد من حركات المقاومة على لوائح الإرهاب من عدة دول في العالم، وتسريع التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وأوقحه أخيراً المغرب، والدخول الإسرائيلي الى الشمال الإفريقي، والتهويل على كل من يؤيد المقاومة بالمال أو الدعم، وتصاعد التهديدات في أكثر من بلد... كل ذلك لن يؤثّر بالمقاومين ووعيهم وإرادتهم وداعميهم، ومهما فعلوا فلن يتمكنوا من المقاومة وعزمها وإصرارها»، مشيراً إلى أن وضع حزب الله على لوائح الإرهاب «قد تكون له علاقة بتطورات المنطقة أو بالانتخابات النيابية».
حياتياً، أعلن نصر الله أن حزب الله قرّر إعادة تفعيل خطة مواجهة كورونا مع تصاعد الإصابات، «وأقول لوزير الصحة نحن جاهزون لأي مساعدة في مختلف المجالات، ويمكنه أن يستفيد من تجربة وزير الصحة السابقة».
التطورات القضائية الأخيرة تؤكد شكوكنا حول الاستنسابية
وفي السياق، دعا نصر الله إلى إعادة النظر في رفع الدعم عن الدواء «حتى لو تمت الاستدانة. هذه مسؤولية الجميع ولا يجوز السكوت عنها وهذا أمر له علاقة بحياة الآلاف»، مشيراً إلى أن حزب الله «سيعمل على تفعيل مراكزه الصحية ومستوصفاته، وسيحاول تأمين الأدوية في هذه المراكز». كما أكد أنه لا يجوز السكوت عن انفلات سعر الدولار، ولا يمكن للدولة أن تقول إنها لا يمكن أن تفعل شيئاً لأن لهذا الأمر مخاطر كبيرة على البلد. ما نحتاج إليه هو قرار وتحمّل مسؤولية وتدخل جريء وشجاع في وجه المحتكرين والمتلاعبين بأسعار الدولار».
وقدّم نصر الله تفاصيل عن المرحلة الأولى من توزيع المازوت الإيراني التي بلغت «كلفة الدعم التي تحمّلناها خلالها لتأمين المازوت 10 ملايين دولار». وقال إن المرحلة الثانية لتوزيع مازوت التدفئة ستبدأ مطلع الشهر المقبل، وتتضمن تقديم المادة مجاناً للمؤسسات الإنسانية التي استفادت منه مجاناً في المرحلة الأولى لمدة شهر واحد، أما التوزيع على العائلات فسيعتمد «معيار البلدات والمدن الواقعة فوق سطح البحر بـ 500 متر، وسيقدم للعائلات المقيمة في هذه البلدات ويشمل جميع المواطنين في كل المناطق، وسيتم بيع برميل المازوت للعائلة بأقل من السعر الرسمي بمليون ليرة والدفع بالليرة، ومئات آلاف العائلات بحسب إحصائيّاتنا ستستفيد من هذا المشروع»، شارحاً آلية التوزيع التي ستعتمد لذلك.
"الديار": وطأة تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالي تكوي المواطنين
وبقيت الساحة الداخلية تحت وطأة تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية التي تكوي بنارها المواطنين الذين تابعوا باهتمام وقلق شديدين «بورصة» الدولار الذي يسجل موجات ارتفاع تدريجية مريبة ومصطنعة بحسب ما يؤكد خبراء اقتصاديين لـ»البناء» والذين أكدوا وجود جهات سياسية ومالية خارجية تتحكم وتتلاعب بأسعار الصرف لمزيد من الضغط على لبنان. وقد تخطى سعر الصرف في السوق السوداء أمس عتبة الـ25 ألف ليرة للدولار الواحد، ما يخفي أمراً ما يجري تدبيره لإشعال الشارع قبيل الانتخابات النيابية من جهة والاستثمار في الأزمة الحكومية للضغط على ثنائي أمل وحزب الله وتيار المردة للتنازل في ملفي تحقيقات المرفأ والأزمة مع السعودية من جهة ثانية.
وبدل أن يقوم مصرف لبنان بدوره في لجم سعر الصرف عبر استعمال الوسائل والإمكانات التي يملكها، كونه الجهة المعنية وفق قانون النقد والتسليف بالحفاظ على الاستقرار النقدي في البلاد، اكتفى ببيان تحذيري من التطبيقات الإلكترونية الخارجية وبرمي كرة المسؤولية على شركتي «فايسبوك» و»غوغل».
وأشار المركزي إلى أن «التطبيقات التي تعلن عن الأسعار من دون أن تشير إلى حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار، واعتباره بأنها تطبيقات مشبوهة وغير قانونية وتقود الأسواق ولا تعبّر عن واقع السوق وحجمه الحقيقي». لافتاً إلى أن «وراء هذه التطبيقات مصالح منها سياسية ومنها تجارية». وأضاف البيان: «بناء على طلب الحكومة اللبنانية. وكون الكثير منها موجود خارج لبنان، قام مصرف لبنان بمطالبة شركات الإنترنت العالمية بإلغاء هذه التطبيقات عن شبكاتها وسيتابع مصرف لبنان هذا الأمر في الخارج وسيحمّل المسؤولية لشركات كـ»غوغل» و»فايسبوك» وغيرها لما لهذه التطبيقات من ضرر على لبنان، ويطالبها بنشر السعر الرسمي وسعر صيرفة فقط. وسيكون لمصرف لبنان مبادرات تهدف إلى تطوير أنظمة الدفع بما يؤدي إلى العودة إلى الدفع الإلكتروني. وسيتمّ بحث ذلك في الجلسة المقبلة من المجلس المركزي».
ورأى الخبراء الاقتصاديون في بيان مصرف لبنان أنه لزوم ما لا يلزم ولا يلغي تقصير المركزي من ممارسة دوره في ضبط سعر الصرف عبر الأدوات الكثيرة التي يمكنه استخدامها كالتدخل في سوق القطع وشراء وبيع الدولار ومكافحة التجار والمضاربين والصرافين غير الشرعيين والتطبيقات الإلكترونية ووسائل الاعلام ومواقع التواصل التي تبث إشاعات وأخباراً كاذبة عن أسعار الدولار والوضع المالي والاقتصادي. وألمح الخبراء بوجود دور ما لمصرف لبنان في هذه المضاربات عبر إقدامه على شراء الدولار من السوق بكميات كبيرة لمصلحته، موضحة أن وجود التطبيقات الإلكترونية في الخارج لا يلغي الأسباب الداخلية لارتفاع الدولار لا سيما تعميم مصرف لبنان لشركات استيراد النفط بتأمين 10 في المئة من قيمة المستوردات بالدولار، فضلاً عن انخفاض قيمة التحويلات الخارجية نتيجة خوف المغتربين من نظام مراقبة السعودية ودول الخليج والدول التي تفرض عقوبات على حزب الله، على تحويلات اللبنانيين في الخارج، فضلاً عن تراجع عائدات السياحة المالية بسبب تراجع عدد السياح وسفر المغتربين الذين أتوا إلى لبنان خلال فصلي الصيف والخريف. إضافة إلى تأثر الأسواق بالأزمة الدبلوماسية مع السعودية والخليج وتعطيل جلسات الحكومة، ما دفع بالشركات المستوردة والتجار والكثير من السياسيين وفئة كبيرة من المواطنين لشراء الدولار بكميات كبيرة لتوقعهم بأنه سيرتفع بظل المناخ المتوتر. وتوقعت المصادر ارتفاع إضافي الدولار في الأيام المقبلة ما سيترك حالة من الإرباك والفوضى في الأسواق ويرتب أعباء كارثية على كاهل المواطنين، لا سيما من ذوي الرواتب المتدنية والمتوسطة، ما ينذر بانفجار اجتماعي حتمي.
وفي سياق الاستثمار السياسي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، اقتحمت مجموعة من المحتجين وزارة الشؤون الاجتماعية مطالبين بلقاء الوزير هكتور حجار والتحدث إليه من أجل إنشاء غرفة طوارئ بعدما وصلت البلاد إلى حد لا يمكن تحمله بسبب الانهيار الاقتصادي وارتفاع الدولار. وعمد المعتصمون إلى نزع صورة رئيس الجمهورية في قاعة الاجتماعات وإعادتها بشكل معكوس ليعودوا ويزيلوها لاحقاً ووضعوا مكانها لافتة تحمل شعارات أخرى. ولاحقاً خرج حجار والتقى المحتجين وطلب منهم أولاً إعادة صورة رئيس الجمهورية إلى مكانها. وقال حجار عن البطاقة التمويلية: «كملت اللي لازم يتكمل» وسأزور رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأطلب منه إذا كان هناك من إمكان لبدء التسجيل في بداية الشهر، سنزور 75 ألف عائلة لدفع حوالي الـ12 مليون دولار للأكثر فقراً والأموال هي هبة دولية. في القانون 219 هناك اتفاقية بين البنك الدولي والدولة اللبنانية ومجلس النواب عدّل بالاتفاقية ولم يقبل بها البنك، وتم إصلاحها ولم تمرّ بالمجلس في الجلسة الأخيرة وهذا هو سبب التأخير في إطلاق منصة التسجيل للبطاقة التمويلية، وإذا أخذنا موافقة استثنائية من الرئيس بري سنبدأ فوراً».
وقطع عدد من المحتجين الطرقات المؤدية إلى طرابلس وكذلك المؤدية إلى وسط بيروت.
وعلى وقع ارتفاع سعر الصرف سجلت أسعار المحروقات مزيداً من الارتفاع حيث بلغ سعر البنزين 95 أوكتان 1600 ليرة و98 أوكتان 1800 ليرة، والمازوت 13300 ليرة والغاز 10800 ليرة. وأشار ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إلى أن الطلب على مادة البنزين تراجع 50 في المئة. وتابع: «سنرى محطات مقفلة قريباً ما يوقعنا بأزمة جديدة».
في غضون ذلك، لم يسجل أي جديد على خط الأزمة الحكومية، إلى حين عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جولته الخارجية التي تقوده إلى مصر بعد الفاتيكان، وعودة رئيس الجمهورية من قطر الذي يزورها الثلاثاء المقبل، وفيما أفادت مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن مسار الحل الرئاسي تعثر ويحتاج إلى إعادة تصويب بعد عودة عون وميقاتي، وذلك بعد القرارات القضائية التي جاءت لعرقلة الاتفاق الرئاسي الذي تضمن بالعودة إلى الدستور، لمصلحة تثبيت المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في موقعه». ولفتت المصادر إلى أن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي محسومة وآليتها متفق عليها لكن لن يبحث بالأمر قبل حل قضية القاضي بيطار. وأشار وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن، في حديث تلفزيوني إلى أن «الثنائي الوطني يسعى من أجل عودة القطار الحكومي إلى مساره الطبيعي وهناك مبادرات عدة والأمور تتجه في المسار الصحيح وقد تحصل انفراجات الأسبوع المقبل». أضاف: «لا جلسة للحكومة الأسبوع المقبل، بسبب سفر عون وميقاتي». وتابع: «إن العودة إلى جلسات الحكومة تعني ترتيب ملفات ثلاثة: ملف القاضي طارق البيطار، تحقيقات جريمة الطيونة، وترتيب العلاقة مع الإخوة العرب».
وفي وقت يتم التداول باستقالة رئيس الحكومة إذا طال أمد الأزمة، أوضحت مصادر ميقاتي أن «استقالته غير مطروحة وهو مستمر في عملية تدوير الزوايا وإتمام الأمور الملحة اجتماعياً واقتصادياً خصوصاً مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وانعكاس ذلك على المواد الغذائية والمعيشية، وأمامه استحقاقات كإكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وترسيم الحدود البحرية الجنوبية».
وبعد الانتقادات السياسية والقضائية والشعبية إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وسلسلة الاستقالات لقضاة في العدلية، اعتبر نادي قضاة لبنان أن «التعرض لخيرة القضاة وإطلاق التهم بحقهم جزافاً سواء في الشارع أو مباشرةً قد أصبح موضةً رائجةً تمسّ بهيبة القضاء وبشخص كل قاض على حدّ سواء، ففي الأمس القاضي جناح عبيد، واليوم القاضي فؤاد مراد، ومن يعلم ضحية الغد من تكون؟».
"اللواء":الدولار يهدّد النظام العام والإستقالة ليست على جدول ميقاتي
وتساءلت "اللواء"، ما الذي يحصل على جبهة الدولار والاسعار، والليرة التي لا يكفيها ما أصابها من انهيار، وانتظرت أشهراً ولادة حكومة جديدة، على أمل انقاذها؟ لماذا تترك البلاد، وكأن لا حكومة، ولا سلطة، ولا رئيس جمهورية أو مجلساً نيابياً أو إدارات ووزارات وهيئات رقابة، وخلاف ذلك، فينفلت سعر صرف الدولار صعوداً باتجاه الـ30 الفا بعد ان كسر حاجز الـ25 الفا بسهولة نادرة، تاركاً الأسعار تلتهب، وتنقطع بعض الأصناف الضرورية من غذاء ومأكولات، والتلويح بارتفاع مستمر لأسعار المحروقات على الرغم من هبوط سعر برميل النفط عالمياً للأسبوع الثاني على التوالي؟
بدت التحركات الشعبية والاحتجاجية خجولة، وسط مواصلة الرئيس نجيب ميقاتي زيارته لروما، حيث زار مسجدا، واستعداد الرئيس ميشال عون لزيارة قطر، مع تأكيد مصدر مطلع على أجواء رئيس الحكومة انه ليس بوارد الاستقالة.
الا ان المصادر المطلعة لاحظت أن لا صورة واضحة بشأن مجلس الوزراء وأن المبادرة لدى الرئيس ميقاتي الذي يقرر متى يدعو إلى مجلس الوزراء إذا كانت تسمح الظروف لذلك مع العلم أن ما من شيء إيجابي بعد. وكانت مقدمة نشرة أخبار الـnbn قد شنت حملة قوية على القاضيين عبود والبيطار، ما يخلق اجواء غير مؤاتية.
وقال مصدر معني بالملف الحكومي: «اذا كان ما يقوم به مَنْ لا يمت الى الرضوان والسياّد بصلة، معروفة اهدافه وأثمانه، فالسؤال المطروح على جوقة المسوّقين للسلبيات، ماذا لو قدّم رئيس الحكومة استقالته؟ هل يمكن لعاقل ان يقدّر عواقب هذه الخطوة وتداعياتها في طل التأزم السياسي الحاصل داخليا وخارجيا، ما يجعل تشكيل حكومة جديدة من سابع المستحيلات؟
وهل تصريف الاعمال بحكومة مستقيلة افضل من بقاء الحكومة قائمة وتحاول قدر المستطاع إيجاد الحلول للمشكلات المتراكمة منذ سنوات؟»
ويجزم مصدر مطلع على الأجواء «إن استقالة الحكومة ليست مطروحة، وان الاتصالات مستمرة لمعاودة جلسات مجلس الوزراء، رغم التعقيدات غير الخافية على أحد ورهانات «السقوف العالية» التي يعتمدها البعض».
ويشير المصدر الى «حركة اتصالات تجري بعيدا من الاضواء في هذا الصدد سعيا لايجاد الحلول المطلوبة»، لافتا «الى ان بعض الزيارات الخارجية التي يقوم بها رئيس الحكومة، وآخرها بالامس اجتماعه المغلق مع البابا فرنسيس في الفاتيكان، تهدف الى استنفار كل اصدقاء لبنان في الخارج المعنيين بواقع الحفاظ على لبنان ورسالته وفي مقدمهم الكرسي الرسولي، لدعم لبنان بكل الوسائل والطرق لتمرير هذه المرحلة الصعبة، بدءا بحبة القمح وصولا الى إنهاض مؤسساته ومساعدته على النهوض وشعبه من جديد».
وتعقيبا على الكلام الذي قاله البابا فرنسيس أمام عائلة الرئيس ميقاتي التي رافقته في زيارة الفاتيكان، بعد خلوة النصف ساعة في مكتب البابا، قال الرئيس ميقاتي: «المفارقة ان البابا فرنسيس قال بعزم إنه سيبذل كل جهده لمساعدة لبنان بكل الطرق، وسيصلي الى الله كي ينتشل لبنان من الارض وينهض من جديد، فيما بعض اهل البلد يمعنون في تهديم وطنهم وتيئيس شعبهم، وتفشيل كل جهود الانقاذ ، بدل أن يكونوا جزءا من أهل الحل».
وفي حين بقيت الازمة الحكومية والقضائية بلا حلول، قالت مصادر مطلعة على موقف «الثنائي الشيعي» من تطورات طلب تنحي المحقق العدلي طارق بيطار لـ«اللواء»: ان الثنائي متشدد جداً في موقفه بعدم عقد اي جلسة لمجلس الوزراء ولن يتنازل عن مطلبه، لأنه لم يلمس ان هناك ضغوطاً جدية على بيطار ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود لمعالجة موضوع الارتياب السياسي بالتحقيق. ولأن عبود والبيطار باتا في سلة واحدة بالتضامن والتكافل.
وتضيف المصادر: انه من دون حل هذه القضية لا تقدم في اي وساطة او اتصالات، خاصة ان الرئيس نبيه بري متشدد في الموضوع اكثر من حزب الله، نتيجة افشال اقتراحه الذي توافق عليه مع البطريرك بشارة الراعي بتحويل ملاحقة الوزراء والنواب الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب.
بالمقابل، ثمة من يشير الى ان تنحية البيطار أمر مرفوض من قبل الرئيسين عون وميقاتي لكونه ليس من شأن الحكومة، فضلاً عن كونه يضرب مبدأ «فصل السلطات» المكرّس في الدستور. وعلى الرغم من أنّ هناك نفحة تفاؤل ظهرت في الأيام الأخيرة بإمكانية حصول «ليونة» أو «مرونة» في الموقف، ثمّة خشية متصاعدة من أن تذهب الأمور في الاتجاه التصعيدي، خصوصاً مع الموقف القضائي المتشدد والحازم الذي برز أمس الاول عن محكمة التمييز، والذي أعطى قوة دفع للقاضي البيطار، عبر ردّ كلّ طلبات مخاصمة الدولة.
من جانب آخر، قال وزير الزراعة عباس الحاج حسن: سيكون لي جولة قريباً على بعض الدول العربية، وأطمح لزيارة السعودية ودول الخليج، ونحن لن نقفل الباب على أحد للتصدير ونتمنى أن يُعاد فتح الأبواب المقفلة.
ومع هذه الصورة، بات لبنان يعيش على انتظارات نتائج المساعي والوساطات التي تُبذل هنا وهناك في دول العالم وآخرها ترقب تحرك واتصالات البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبعض الدول العربية الاخرى كمصر، لمعالجة الازمات التي يعيشها. بينما الوضع المعيشي للناس في اسوأ حال بعدما وصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى ما فوق 25 الف ليرة مما زاد من النقمة الشعبية التي تمثلت في قطع الطرقات في بعض المناطق، واقتحام مجموعة من الحراك الشعبي وزارة الشؤون الاجتماعية إحتجاجاً على تردي الوضع المعيشي للناس.
اما في الشأن السياسي فقد تلقى الرئيس عون برقية تهنئة بالاستقلال من البابا فرنسيس قال فيها: مشروع أمّتكم قائم على تخطي الانتماءات الطائفية للسير معاً نحو شعور وطني مشترك. أنتم تدركون مدى تعلقي الخاص بلبنان وابنائه كما بدوره الفريد في الشرق الأوسط. من هذا المنطلق اطلب من الرب القدير ان يدعم مسيرتكم على الدرب الصعب والشجاع في خدمة الخير العام. ومع هذا الدعاء استمطر على فخامتكم وكل أبناء وطنكم بركات العلي القدير.
في هذه الاثناء، اختتم الرئيس ميقاتي زيارته الى روما بزيارة مسجد روما والمركز الاسلامي التابع له. وكان في استقباله مدير المركز الدكتور عبدالله رضوان وإمام المسجد، وهي الزيارة الاولى لرئيس وزراء لبناني الى المسجد الذي يعتبر من اكبر مساجد اوروبا. وادى الرئيس ميقاتي صلاة الجمعة في المسجد.
كان الرئيس ميقاتي زار مساء امس، دير مار شربل في روما التابع للرهبانية اللبنانية المارونية، في حضور وزيري العدل هنري خوري والسياحة وليد نصار، والنائب نقولا نحاس، وسفير لبنان في الفاتيكان فريد الخازن. وكان في استقبالهم الأب العام نعمة الله الهاشم ورئيس الدير الأب ميلاد طربيه والآباء.
وخلال الزيارة التقى رئيس الحكومة المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي المطران يوحنا رفيق الورشا والرؤساء العامين للرهبانيات المريمية والانطونية والمخلصية. وكان بحث في نتائج اجتماع رئيس الحكومة مع البابا فرنسيس والمسؤولين في الفاتيكان والجهود التي يقوم بها لمعالجة الاوضاع في لبنان.
كذلك زار الرئيس ميقاتي والوفد اللبناني، مقر المعهد الماروني في روما حيث استقبلهم المطران يوحنا رفيق الورشا والرهبان والكهنة.
وفي ما خص زيارة الرئيس عون إلى قطر، علمت «اللواء» انها ستستمر 24 ساعة.
وفي المعلومات أن الوفد الذي يرافق رئيس الجمهورية إلى قطر يضم وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وتنضم اليهما سفيرة لبنان في قطر فرح بري. وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الزيارة هي لتلبية دعوة لحضور بطولة الفيفا ٢٠٢١ وتشكل مناسبة لاجراء محادثات مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد وعدد من الوزراء المعنيين حول العلاقات الثنائية بين البلدين، وليس معروفا بعد إذا كانت هناك من لقاءات تعقد مع رؤساء الوفود المشاركة على هامش المناسبة.
"الجمهورية": جهات مشبوهة تلعب بالدولار
صحيفة "الجمهورية" تساءلت.. كيف يمكن للبنان أن يتحرّر من هذا الطوق الخانق الذي يزنّره من كلّ الجهات؟ وهل ثمة باب للخلاص، ام أنّ كلّ أبوابه قد أُقفلت، وليس امام اللبنانيين سوى أن ينتظروا بئس المصير؟
كلّ الأسئلة السوداء باتت مشروعة أمام الإنهيار الذي يهوي بوتيرة مرعبة تنذر وكأنّ النهاية المفجعة لهذا البلد، قد دنت، وأنّ المسافة الفاصلة عن لحظة السقوط المشؤوم صارت تقاس بالأمتار. وفي طريق الجلجلة هذه، يتبدّى جلياً إفلاس القابضين على السلطة من حكّام وسياسيين، ولم يعد للشعب اللبناني المنكوب سوى ان يشارك البابا فرنسيس تضرّعه الى الرب بأن يأخذ لبنان بيده ويُنهضه مما هو فيه. مع الإشارة الى انّ البابا قد جدّد في برقية تهنئة لرئيس الجمهورية ميشال عون بعيد الاستقلال «تعلّقه بلبنان واللبنانيين وبدور وطن الارز الفريد في الشرق الاوسط، وقدرته على تخطّي الإنتماءات الطائفية للسير نحو شعور وطني مشترك».
كذلك، التقى البابا فرنسيس أمس، في الفاتيكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث «تحدثا بإسهاب عن ضرورة استمرار المساعدات الإنسانية للبنان مع التأكيد على ضرورة إجراء الإصلاحات الضرورية في البلاد».
وعلّق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على اللّقاء كاتبا في تغريدة: «إنني على ثقة أنه بفضل النوايا الطيبة والعمل الدؤوب لإثنين من أصدقاء لبنان، قداسة البابا والرئيس ماكرون، سيتمكن لبنان من الخروج من أزمته».
لا ضوابط
المفجع في الوضع الداخلي أنّه أصبح متفلّتاً، فمن جهة عاد وباء «كورونا» ليجتاح المجتمع اللبناني، ويحصد مئات الإصابات يومياً، حيث بدأت الارقام تأخذ منحى تصاعدياً خطيراً، حيث سُجّل امس 1474 اصابة و8 حالات وفاة، ومن جهة ثانية، كل سقوف الضوابط، سواء في السياسة او الاقتصاد، قد تداعت بالكامل. ففي السياسة انقسام وخلافات مفتوحة على مصراعيها، وفي المقابل دولار يكمل إجهازه على الليرة مقترباً من سقف الـ26 الف ليرة، مطوقاً اللبنانيين بمخاوف اضافية وملقياً بهم من جديد في مهبّ الغلاء وجنون الاسعار.
جهات مشبوهة
كل ذلك يحصل، وسط عجز فاضح من السلطة الحاكمة، التي تبدو مصابة بالخرس حيال ما يجري، إذ ليس لديها ما تقوله او تفعله، طالما انّ الازمة خلعت عنها ورقة التوت وكشفت حقيقتها جثة منعدمة الشعور والإحساس والمسؤولية امام ما يصيب البلد وشعبه.
واكّد مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»، انّه «طالما انّ الخلافات السياسية قائمة، وانّ سبيل التفاهم ولو على الحدّ الأدنى مفقود بين المكونات السياسية، فلا امل بلجم ارتفاع الدولار».
ووسط هذا الجو، تخوّف المرجع المذكور من أن يبلغ ارتفاع الدولار مستويات جنونية من الآن وحتى آخر السنة الحالية»، لافتاً في هذا السياق الى جهات مشبوهة داخلية وخارجية، تسعى الى دفع الامور في لبنان الى الانهيار القاتل».
يتقاطع ذلك، مع تأكيد خبراء اقتصاديين على «انّ الارتفاع المريب لسعر الدولار، هو خارج عن اي سبب اقتصادي او مالي، بل ارتفاع سياسي متعمّد تدفع اليه بعض الغرف السوداء». وقد اشار الى ذلك صراحة «مصرف لبنان» بقوله، انّ «تطبيقات مشبوهة وغير قانونية كثير منها موجود خارج لبنان، وراءها مصالح منها سياسية ومنها تجارية».
واوضح المصرف، «أنّ الأسعار الواقعية لسعر الدولار الأميركي مقارنة بالليرة اللبنانية هي تلك المعلنة يومياً من مصرف لبنان بناءً على التداول الجاري في السوق والمسجّل على منّصة «صيرفة». وانّ «التطبيقات التي تعلن عن الأسعار من دون أن تشير إلى حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار، تقود الأسواق ولا تعبّر عن واقع السوق وحجمه الحقيقي».
مشهد أسود
أمام هذه الصورة، من غير المعروف ما هو الأقسى والأصعب على المواطن اليوم؛ هل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار، بلا رقيب أو حسيب، الامر الذي أدّى الى تدهور اضافي في القدرات الشرائية للناس، وزاد نسبة الفقراء؟ أم هو مشهد الفراغ القاتل، حيث تبدو مظاهر الدولة في انحلال تام، حتى بات اللبناني يشعر انّه متروك لمصيره. لا دولة، ولا من يحزنون.
فسعر صرف الدولار تجاوز امس الـ25 الف ليرة، في مشهد سوريالي، حيث أصبح معه الحدّ الأدنى للاجور حوالى 27 دولاراً. وأصبح بذلك لبنان من افقر الدول في العالم، إن لم تكن الدولة الأكثر فقراً. وبما انّ معيار الفقر المدقع بالنسبة الى البنك الدولي هو دولاران في اليوم، فهذا يعني انّ اللبناني الذي يتقاضى الحدّ الأدنى للأجر، يعيش تحت مستوى الفقر المدقع بأشواط. وهذا يعني انّ قسماً كبيراً من اللبنانيين باتوا يعانون الجوع بمفهومه الحقيقي، ويكتفون بوجبة طعام واحدة في اليوم.
على انّ ما ينبغي لحظه في هذا المشهد الاسود، هو انّ ما يجري اليوم قد جرى مثله في الصيف الماضي، فهل نسي اللبنانيون انّ سعر الدولار سبق ووصل الى 24 الف ليرة، في تموز الماضي، قبل ان يتراجع بعد ذلك، ويصل الى 14 الف ليرة عقب تشكيل الحكومة، ليعود ويقفز تباعاً الى 25 الف ليرة، وقد يستمر في الارتفاع. ولماذا الاستغراب لوصول الدولار الى هذا السقف؟ فهل انّ الوضع اليوم افضل سياسياً ومالياً واقتصادياً مما كان عليه في تموز الماضي مثلاً، لكي يأمل المتابعون ان يتوقف الدولار عند حدٍ معيّن؟
بطاقة تمويل... وأجور
في السياق، ولكي يكتمل النقل بالزعرور، يبدو انّ مشروع البطاقة التمويلية الذي كان يفترض ان يقي الفقراء شرّ الجوع، يتلاشى يوماً بعد يوم، وتحول الى قصة ابريق الزيت. كل طرف يرمي المسؤولية على الطرف الآخر، والنتيجة ان لا بطاقة تمويلية في الأفق.
أما زيادة الاجور التي تتباهى الحكومة بأنّها حرّكت لجنة المؤشر من اجلها، فقد تآكلت قيمتها بما يفوق المساعدة المطروحة، وبالتالي، ستأتي، اذا أُقرّت، متأخّرة وبلا اي نتيجة، بما يعني عملياً انّ مؤسسات الدولة برمتها ستبقى مشلولة كما هي الآن، حيث لا ادارات رسمية تعمل، سوى في ظروف استثنائية جداً. وكل معاملات المواطنين معطّلة، والعمل الرسمي غائب، ولا من يسأل. انّها دولة اللادولة، والآتي أعظم.
الدولارالحكومة اللبنانيةالمازوتفيروس كورونا
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024
عمليات المقاومة ليوم الاثنين 25-11-2024
25/11/2024