لبنان
مؤتمر مناهضة التطبيع التربوي: عقول الناشئة مُستهدفة وقادرون على إفشال هذه المخطّطات
تصوير: موسى الحسيني
انطلقت ظهر اليوم الأربعاء فعاليات المؤتمر الاسلامي العربي لمناهضة التطبيع التربوي الذي ينظّمه مركز الأبحاث والدراسات التربوية واتحاد المعلمين العرب، برعاية وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، في قاعة المركز الصحي الاجتماعي لبلدية الغبيري قرب روضة الشهيدين.
وقد أكد المدير العام لمركز الابحاث والدراسات التربوية د. عبد الله قصير أن "هناك سعيًا جادًا من قبل المطبعين لكي وعي أجيالنا"، مضيفًا أن "التطبيع التربوي يستهدف عقول الناشئة ووجدانهم لتغييب قضية فلسطين والقدس كقضية مركزية وأولى للعرب والمسلمين، وتغييب تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي عن البرامج التعليمية والتربوية".
ورأى د. قصير في كلمة له خلال المؤتمر أن "التطبيع التربوي يهدف إلى اختراق جميع حصوننا الثقافية والتربوية والفكرية من أجل اجتثاث ثقافتنا المقاومة والرافضة للاحتلال وإحلال ثقافة الذل والهوان للمحتل".
ودعا د. قصير أصحاب العلم ووسائل الإعلام وكل من يؤمن بالقضية الفلسطينية إلى أن "يتحمّلوا المسؤولية لمواجهة أخطر انواع التطبيع، لأن ذلك يستلزم جهودًا كبيرة"، مضيفا "إننا قادرون على إفشال المشاريع التطبيعية التي تستهدف الأمة في عقول أبنائها وتاريخها، من خلال الاستفادة من كل العاملين في الساحات التربوية".
وتابع د. قصير إن "تجربة المقاومة في لبنان وفلسطين وغزة تُثبت أن إفشال المشاريع التطبيعية يمكن أن يتمّ وأن النصر يمكن أن يتحقّق، هذا النصر لا يحتاج إلى توازن استراتيجي أو تكافؤ في القوة، فتجربة المقاومة أكدت أن الصراع مع العدو هو صراع إرادة وعقول ومخططين".
وقال إن "تجربة الشعوب العربية هي خير دليل على ان التطبيع سيبقى مرفوضًا، حتى لو تم مع الحكومات، ففي المقابل هناك رفض قاطع له على المستوى الشعبي، وهذا ما يغيظ العدو"، لافتا إلى ان العدو يدرك أن ضمانة بقائه تكون بالتطبيع مع الشعوب والمجتمعات، لذلك لجأ إلى الحرب الناعمة بالأدوات التربوية".
وختم د. قصير قائلًا إنه "ما دام هناك غيارى متكاتفون، لا خوف على فلسطين والقدس، ولن يستطيعوا تحقيق أهدافهم من وراء هذا التطبيع".
المرتضى: الجهل لا يصلح سبيلا للمقاومة ولا ينتج انتصارا
بدوره، أكد وزير الثقافة محمد المرتضى أن "التطبيع الحقيقي الذي ندعو إلى تطبيقه يكون بإعادة الأمور إلى طبيعتها، اي باجتثاث الاحتلال وتحرير الأرض واسترجاع الحقوق"، معتبرا أن "الأخطر في الاحتلال أنه لا يستهدف الأرض بل تاريخ وتراث الشعوب".
وشدد المترضى في كلمة له خلال المؤتمر على ضرورة "عقد العزائم على العمل بصورة ايجابية لإبراز شخصيتنا القومية، وإيضاح حقيقتنا الحضارية التي تفضح الاحتلال"، مشيرا إلى أن "الوجدان العربي لا يزال قلبه ينبض وحناجره تهتف لفلسطين وهو بخلاف الحكومات المطبعة، لا زال مؤمنا باسترجاع الارض والحق".
واعتبر أنه "واجب علينا أن ننشر المزيد من الوعي التربوي والقانوني لتبقى الأجيال أمينة على قضية لن تنتهي إلا بالانتصار الحتمي"، لافتا إلى أن "الجهل لا يصلح سبيلا للمقاومة ولا ينتج انتصارا، والمعرفة سلاح فعال في مقارعة الاحتلال، ما يكسب مؤتمركم أهمية قصوى".
وقال: "هل هناك أهم من بيروت منبرا لهذه القضية السامية؟ ستواصل هذه المدينة لتكون رأس حربة لمواجهة التطبيع معه"، متوجها للإخوة العرب بالقول: "لا غنى لكم عن بيروت فهي عاصمة العروبة والكرامة والانتصار".
من جهة اخرى، قال مرتضى: "إلى ممتطي العدالة "سبع البرمبو" هو ومعلمه ومن لف لفهما ومن هم وراءهما نقول كفى متاجرة بآلام الثكالى وأوجاع المكلومين، تريدون استعمال القضاء وسيلة لمحاولة القضاء على الركن الأساسي في الثلاثية الفولاذية التي تشكل الدرع الحصين لهذا البلد في وجه العدوان الإسرائيلي والمد التكفيري والضامنة لاستمرار الكيان ولمواقع العيش معا وحرية الفكر والمعتقد والسد المنيع لمواجهة التطبيع؟".
وأضاف: سابقا خَرَجَ ذهولا من فم معلمك انه يريد ثلاثية "الشعب والجيش والقضاء" وصرفنا النظر وقلنا "ظن خيرا ولا تسأل عن الخبر" وأن الأمر مجرد "صف حكي"، لكن تبين أن ما أضمر المرء شيئا إلا وظهر في فلتات لسانه، فكفوا فانكم منهزمون".
وتوجه للرئيس ميشال عون قائلا: "أما لحامي المؤسسات، أنت تعرف ما نعرف وعلى بينة مما نقول ونعلم انك مقدام فاقدم، وضع حدًا لهذه المسألة رحمة بهذا الشعب والوطن والدستور".
مكحّل: يجب مقاومة التطبيع التربوي بلا هوادة
من جهته، توقف الأمين العام لاتحاد المعلّمين العرب الدكتور هشام مكحّل عند أهمية انعقاد هذا المؤتمر في الوقت الذي راحت أنظمة التطبيع تبالغ في ارتمائها على اعتاب العدو الصهيو أميركي، بكل ذل ونذالة، دون وازع من دين أو رادع من ضمير
واعتبر مكحّل أنَّ التطبيع مرفوض جملةً وتفصيلًا بكل مجالاته سواء أكان سياسيًا أم اقتصاديًا أم دبلوماسيًا أم سواه، ولا بدّ من مجابهته، مؤكدًا وجوب مقاومة التطبيع التربوي بلا هوادة، بكل الأساليب وأطراف المنظومة المقاومة: من خلال الأسرة، والمدارس والجامعات والمعاهد والكلّيات.
وأضاف: "استهداف عقول أجيالنا في محاولة لغسل الأدمغة من كل القيم والمعارف والمواهب، ووحشوها بالغث من الأفكار وسفاسف الأمور، وإنّ معركة المناهج دائرة الآن في الأرض المحتلة ولا سيّما في القدس، ويقوم الاتحاد العام للمعلّمين الفلسطينية مع اللجان الأهلية في مقاومة كل محاولات العدو لفرض مناهجه على مدارس المدينة المقدّسة، وهو ما يوجب علينا الانتباه إلى هذا الأمر لدعمهم ومساندتهم".
وشدَّد الأمين العام لاتحاد المعلّمين العرب على أهمية تنظيم ورش عمل لكل محور من محاور المؤتمر عقب انتهاء أعماله كي يكون لكل منها مخرجات محدّدة يتم العمل بها لتفعيلها في خطّة عمل مبرمجة وواضحة، داعيًا إلى تضافر الجهود من أجل إحقاق حقوق المعلّم، بوصفه الركيزة الأساسية في هذه المجابهة.
ولفت إلى "ضرورة إشراك الاتحادات الشعبية والمهنية العربية في هذا الدور لا سيّما إذا ما استخدمنا سلاح المقاطعة الذي لا بدّ منه، مع تعزيز العمل مع القوى الشعبية العربية الأخرى، من خلال المؤتمرات القومية والإسلامية والأحزاب والنقابات".
وختم مكحّل برسالة للمطبعين قائلًا: "أنتم رئة المجتمع العربي، وسقط متاع الأمّة، وأنتم وأسيادكم عابرون في كلام عابر .. فأنتم جميعاً إلى زوال، ولن يطول الزمان، فالنصر آتٍ لا ريب فيه .. فهو مشيئة الله ووعده، وإرادة لشعب وحقّه، وحتمية التاريخ ومنطقه".
وتناول المؤتمر في جلساته الأربعة دراسات متخصّصة، وتمحورت الأولى تحت عنوان "دور المؤسسات التربوية والأكاديمية في مناهضة التطبيع التربوي"، قدّمت فيها مداخلة تناولت "مخاطر التطبيع التربوي عبر المؤسسات التربوية والأكاديمية ودورها في مناهضة ذلك" للدكتور جلال فيروز من البحرين، وهو محاضر في الجامعة العالمية للعلوم في لندن، تلاها مداخلة ثانية بعنوان "التطبيع في التعليم "دراسة لحالة المناهج في باكستان" قدّمها الدكتور أبو حسن بخاري من باكستان وهو باحث في القانون الجنائي في مركز إقبال الدولي للأبحاث. وأدار الجلسة الدكتور عباس خاميار المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية في لبنان.
أما الجلسة الثانية، فكانت بعنوان "التطبيع في المناهج التربوية والتعليمية، بين الواقع والمناهضة"، قدّمت فيها مداخلة تناولت "التطبيع في مناهج التعليم العربية: المظاهر وسبل المقاومة"، قدّمها الدكتور هزرشي بن جلول من الجزائر، وهو مسؤول تخصّص دراسات عليا في كلّية العلوم الاجتماعية والإنسانية.
كما حصلت مداخلة ثانية بعنوان "مخاطر التطبيع في التعليم" قدّمها الدكتور كمال مغيث من مصر، وهو باحث في شعبة البحوث السياسية في المركز القومي للبحوث التربوية. أدارت الجلسة الدكتورة لور أبي خليل الأمينة العامّة للتجمّع الأكاديمي في لبنان لدعم فلسطين.
والجلسة الثالثة تناولت عنوان "دور البحث العلمي في مناهضة التطبيع التربوي"، والمداخلة الأولى كانت "التطبيع من داخل الإطار الفكري والعلمي والتربوي: الصراع العربي الإسرائيلي ونهاية الدولة القومية"، تقدّمها الدكتورة خديجة الصبّار من المغرب، وهي باحثة في الفلسفة وأستاذة في كليّة الآداب والعلوم الإنسانية.
وبعدها، تناولت المداخلة الثانية بعنوان "دور البحث العلمي والتربوي في مناهضة التطبيع"، للدكتور مصدّق الجُليدي من تونس، وهو رئيس الفرقة البحثية في مركز حوار الحضارات والأديان المقارنة. إدارة الجلسة للدكتور مصطفى الزغبي، وهو أستاذ جامعي وباحث أكاديمي وقانوني.
وآخر الجلسات، كانت تحت عنوان "دور الإعلام في مناهضة التطبيع التربوي"، تستعرض المداخلة الأولى "أدبيات التطبيع التربوي في الإعلام، ودور وسائل التواصل الاجتماعي في التطبيع التربوي"، يقدّمها القاضي عبد الوهاب المحبشي من اليمن، وهو أستاذ محاضر وكاتب وباحث قانوني. وتستعرض المداخلة الثانية "دور الإعلام في التطبيع التربوي" للدكتور حيدر البرزنجي من العراق وهو أستاذ محاضر وباحث سياسي وأكاديمي. إدارة الجلسة للدكتور خلف المفتاح من سوريا، وهو مدير عام مؤسّسة القدس الدولية.