معركة أولي البأس

لبنان

عون يريد إطاحة سلامة.. وغوتيريش في بيروت غدًا
18/12/2021

عون يريد إطاحة سلامة.. وغوتيريش في بيروت غدًا

يبدو أن الجمود السياسي سيكون سيد الموقف في الأيام المتبقية من العام الحالي، دون حدوث هروقات في جدار الأزمات على اختلاف أنواعها.
وفي وقت بات وضع انتشار كورونا يثير مخاوف كبيرة في البلاد، بدأ أمس تطبيق منع التجول لعدم الملقحين من الساعة السابعة مساء إلى السادسة صباحًا، على أن تستمر هذه الاجراءات حتى العاشر من الشهر المقبل.
وينتظر لبنان غدًا زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في وقت كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتحدث عن قرار دولي بعدم سقوط لبنان.

 

"الأخبار": عون يريد إطاحة سلامة... الآن!

يستعجل الرئيس ميشال عون الوصول الى حل في قضية الادعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. المناقشات عنده تتناول جوانب كثيرة من الملف، بعضها يتعلق بالمفاوضات السياسية مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبقية القوى من جهة، وبعضها الآخر يتعلق بمستوى تعاون الحاكم مع ملف التدقيق الجنائي وحسابات المصرف المركزي. وبعضها الثالث يتعلق بملف التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في لبنان مع سلامة وأفراد من عائلته وفريقه.

قبل تكليف الرئيس ميقاتي بتأليف الحكومة، عقدت اجتماعات بين الأخير وبين رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تلتها اجتماعات عقدها ميقاتي مع حاكم مصرف لبنان ومصرفيين كبار. وكان رئيس الحكومة يحاول وضع تصور يخصّ أمرين:
الأول: ما هو موقع الحاكم الشخصي ومدى استعداده للتخلّي عن منصبه، واحتمالية إلزامه التنحّي في ضوء الملاحقات القضائية في لبنان وخارجه؟
الثاني: الإجراءات السريعة التي تتعلق بالسياسات النقدية ووقف تدهور سعر العملة وفتح المجال أمام علاجات ولو جزئية تتيح للحكومة الوصول الى مقترح عملاني لملف الكهرباء، بالإضافة الى دور الحاكم والمصارف في مشروع التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

ميقاتي الذي تواصل خلال تلك الفترة مع جهات خارجية، بينها فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بشأن المفاوضات مع صندوق النقد، التقى أيضاً مسؤولين في الصندوق نفسه. لكنه التقى في جلسة خاصة حاكم مصرف لبنان وركّز معه على ملف تدهور سعر العملة. وتقول الرواية إن ميقاتي سأل سلامة: أيّ سعر يمكن أن يكون عليه الدولار في حال تكليفي بتأليف حكومة ونجحت في تأليفها سريعاً مع تغطية سياسية واسعة داخلية وخارجية؟
ردّ سلامة على طريقته التي لا مساءلة لها: يمكن أن ينزل سعر الدولار الى ثمانية آلاف ليرة.
تضيف الرواية إن ميقاتي ابتسم وقال لسلامة: «أقبل بـ 12 ألف ليرة. حضّر ملفّاتك وخطواتك على هذا الأساس».

عون: لا أهتمّ بميول بديل سلامة السياسيّة. أريد ضمانة بأنّه قادر على إنجاز التدقيق الجنائي ووقف التواطؤ على مصالح الناس

ميقاتي ليس ساذجاً، لكنه من أمهر المتحايلين على الكلام والالتزامات والتأويل. وهو استخدم ما دار بينه وبين سلامة في معرض طمأنة فريق رئيس الجمهورية لناحية أن حاكم المركزي قد يؤدي دوراً في تهدئة الأمور، وهو الأخبر والأقدر على ملاعبة المصارف والصرافين والتجار أيضاً. كما أن بيده هندسة التخلي التدريجي عن الدعم. ومع أن فريق الرئيس عون لم يكن ليأخذ كلام ميقاتي على محمل الجد، وجد نفسه مضطراً الى تذكيره بأن سلامة لا يفعل غير الكذب، وعاد الرئيس عون ليرفع السقف مطالباً ميقاتي بالعمل مع الرئيس نبيه بري على وجه التحديد لأجل وضع آلية تتيح خروجاً هادئاً لسلامة من حاكمية مصرف لبنان. وعندما سأله أحدهم: فخامة الرئيس، ولكن من هو بديله؟ ردّ سريعاً: «لا أهتمّ بهويّته وميوله السياسية، أريد ضمانة بأنه متخصص قادر على إنجاز التدقيق الجنائي ووقف التواطؤ مع السياسيين والمصرفيين على مصالح الناس».

بعد كثير من التناتش حول سياسات سلامة النقدية، وصل الرئيس عون الى اقتناع تولّى التيار الوطني تظهيره بصورة علنية في الدعوة الى إطاحة سلامة. لكن السؤال كيف؟
اللافت أن الرئيس ميقاتي نفسه كان يتصرف على أساس أن الأمر ممكن أو هو وارد. بادر رئيس الحكومة الى التواصل مع شخصيات مصرفية مقيمة في لبنان والخارج، والسؤال عن المرشح الأنسب. الأمر نفسه كان الرئيس عون يقوم به، وحصيلة ما قام به الاثنان، لا يعدو حتى الآن حدود إظهار الاستعداد للقيام بخطوة كبيرة. لكنهما وقفا أيضاً عند النقطة ذاتها: هل يبادر سلامة الى التنحي من تلقاء نفسه أو أن تتخذ خطوة في لبنان أو خارجه تدفعه هو إلى التنحي أو تلزم الحكومة اللبنانية بخطوة تحييد للرجل؟ وبعدما ظهر أن سلامة ليس بوارد التنحي من تلقاء نفسه، لجأ الى من يوفّر له التغطية الفعلية، وهو فريق يمتدّ من الرئيس نبيه بري الى وليد جنبلاط، مروراً بسعد الحريري والبطريركية المارونية وحشد من النافذين في القطاعات المالية والاقتصادية الى جانب الموقف الأهم للولايات المتحدة الأميركية.

عملياً، وصل الجميع الى الحائط. وإلى جانب إشهار الرئيس عون رغبته في تطيير الحاكم، بادر حزب الله من الناحية الإعلامية الى شن حملة متواصلة على الحاكم. لكن الحزب أبلغ عون وآخرين أنه لن يكون هو الطرف المبادر الى إطلاق الإشارة، لكنه سيكون داعماً أساسياً لأي خطوة في هذا المجال. وهنا، وجد الرئيس عون أن خلاصه الوحيد يكمن في استخدام الملاحقات القضائية القائمة في لبنان والخارج ضد سلامة لاستخدامها كورقة ضغط لإطاحته. وأضاف إليها أخيراً، المخالفات التي يرتكبها سلامة في التعامل مع ملف التدقيق في حسابات المصرف المركزي.

يبدو أنّ القاضي سهيل عبّود القاضي متخصّص أيضاً في توفير الحماية لحاكم مصرف لبنان

قبل أيام، تلقّت النيابة العامة في لبنان أول نتيجة تعاون من جانب السلطات السويسرية في ملف التحقيقات مع سلامة وشقيقه ومساعِدته. وقد تلقى الجهاز القضائي المعني مراسلة من بِرن تتضمن وثائق لا تقود حتماً الى إدانة سلامة. وما يحتاج إليه القضاء الآن هو وثائق ومعطيات إضافية وأقوى تحسم الجدل حول تورّط سلامة وشقيقه وآخرين، بينهم موظفون بارزون في المصرف المركزي ومصارف أخرى، في تلقي أموال والاستفادة من العمليات التي يشتبه في أن سلامة قام بها بواسطة شقيقه رجا.

وحسب ما هو متداول، فإن دعوى المخاصمة التي تقدم بها بنك «ميد» ضد القاضي جان طنوس، لم تحل دون محاولات حثيثة من جانب الرئيس عون وآخرين لإقناع القضاء بالتقدم خطوة مباشرة باتجاه الادعاء على سلامة، ما يسهّل على الرئيس الطلب الى الحكومة المبادرة الى خطوة تطيح حاكم مصرف لبنان. ويبدو أن الأمر ليس يسيراً بالقدر المتصوّر، وخصوصاً أن القضاء يحتاج الى وقت أطول للتثبت من الملف من جهة، ولكون التحقيق يحتاج الى تفاصيل إضافية واستكمال، بالإضافة الى بتّ الدعوى المقدمة ضد طنوس والتي يظهر أن هناك من يتعمد تأخير النظر بها وبتّها، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود المتخصص ليس فقط بحماية المحقق العدلي طارق البيطار، بل يبدو أنه مهتم أو متخصّص أيضاً في توفير الحماية لحاكم مصرف لبنان.

 

"البناء": غوتيريش في بيروت غداً لاستكشاف إمكانية ضوابط حدودية وترسيم من دون المزارع
في الداخل اللبناني سجال سياسي مرتفع حول ملفات الحكومة والقضاء والوضع المالي، بينما معاون وزير الخزانة الأميركية لشؤون الأمن والاستخبارات بريان نيلسون، يضع أمام جمعية المصارف دفتر شروط لتفادي العقوبات الأميركية عنوانه تحول المصارف إلى أدوات تنفيذ للاستخبارات الأميركية، تحت عنوان منع تسلل حزب الله إلى النظام المالي عبر شخصيات مقربة منه، ورجال أعمال محسوبين من بيئته، داعياً المصارف إلى التحول إلى جهاز أمن مالي يعمل بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الأميركية.

يبدو أن العام الحالي سيختتم أيامه الأخيرة بأجواء من الجمود القاتل في المشهد الداخلي و»تدوير» الأزمات والملفات الخلافية وترحيلها إلى العام المقبل، بانتظار تطورات على مستوى المفاوضات الاقليمية والدولية علها تنعكس إيجاباً على لبنان، باستيلاد حلول ولو جزئية على الصعيدين السياسي والاقتصادي تحول دون اكتمال دورة الانهيار الشامل وسقوط لبنان بفتنة أهلية تمزق طوائفه وتهدد استقراره العام وسلمه الأهلي، كما عبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة أمس، والتي حمل فيها على الأميركيين الذين يريدون لبنان «نعجة» طيعة بيدهم للحفاظ على مصالحهم وخدمة لـ»إسرائيل»، عبر استخدام القضاء والتحقيقات في قضية تفجير مرفأ بيروت لمآرب سياسية والإمعان بحصار لبنان مالياً واقتصادياً عبر أدواتهم داخل الدولة والمؤسسات لا سيما مصرف لبنان والسلطة القضائية.

وترسم مصادر مطلعة لـ»البناء» سيناريو سلبياً للأحداث في لبنان على المستويين الاقتصادي والاجتماعي والأمني وكذلك القضائي، مع تحول قصر العدل في بيروت إلى ساحة معركة حقيقية بين أركان القضاء نفسه، ما يعكس حقيقة الخلاف السياسي المستحكم بين المرجعيات السياسية والذي تظهر إلى العلن أخيراً بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي والذي سيلقي بتداعياته السلبية على مجمل الملفات. لافتة إلى أن «مشهد العدلية يؤشر إلى تحلل وانحلال المؤسسات ويؤذن بأن لحظة السقوط الكبير قد دنت في غياب أي مؤشر للحلول».

وتحذر المصادر من توجه مدعوم خارجياً للعب على حافة الهاوية في ملف المرفأ من خلال الضغط القضائي على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لتنفيذ مذكرة التوقيف بحق الوزير السابق النائب علي حسن خليل تحت طائلة تحميل المدير العام لقوى الأمن اللواء عماد عثمان مسؤولية تمنعه عن تنفيذ المذكرة، وذلك بعد انتهاء دورة الانعقاد العادي لمجلس النواب أواخر العام الحالي، ما سيدفع عثمان لإرسال عناصر من قوة الأمن لاعتقال خليل الذي تقول مصادر إنه يخضع لحماية وعناية وحراسة مشددة من عناصر أمنية رسمية ومدنية، ما سيؤدي إلى احتكاك بين العناصر الأمنية وتلك المولجة بحمايته بهدف إحداث بلبلة وإرباك وربما ردود فعل في الشارع تنزلق إلى مواجهة طائفية على غرار ما حصل في الطيونة، لتخرج جهات سياسية لتحمل ثنائي أمل وحزب الله مسؤولية الخراب ورفض قرارات القضاء وعرقلة كشف المتورطين بتفجير المرفأ وإحقاق العدالة».

إلا أن مصادر «الثنائي» تجدد تحذيرها عبر «البناء» من مغبة المس بالاستقرار ومن أن تسول بعض الجهات نفسها دفع الأمور إلى هذا الدرك ولن يتحمل المسؤولية سوى هذه الجهات التي أصدرت الأوامر من كافة المستويات»، متسائلة عن إصرار المحقق العدلي القاضي طارق بيطار على ملاحقة خليل بالذات وهو يعرف حساسية ودقة الموقف والاعتبارات الطائفية والسياسية لا سيما وأن الثنائي الذي ينتمي إليه خليل وقوى سياسية كثيرة لا يعترفون بتحقيقات بيطار ولا بقراراته ويتهمونه بالتسييس والاستنسابية ومخالفة الدستور والقانون وتنفيذ مشروع خارجي لتفجير لبنان… فهل يريد ملاقاة فتنة الطيونة الأمنية بفتنة قضائية تستدرج الفتنة الأهلية؟ وشبهت المصادر ما يجري في قضية المرفأ والانقسام السياسي القائم بمشهد العام 2005 عشية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاه من أحداث واستثمار سياسي داخلي – خارجي لدمائه لفرض مشاريع سياسية على رأسها القضاء على سلاح المقاومة والتقسيم والتوطين.

وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «المحقق العدلي في تفجير المرفأ أحدث شرخاً كبيراً في القضاء وأحدث مشكلة كبيرة في لبنان، بسبب تغوُّل القضاء على صلاحيات المجلس النيابي في محاسبة الرؤساء والنواب والوزراء، في وقت كان من المفترض أنه كما ترك القضاء ليحاسب القضاة، فليترك مجلس الرؤساء أن يحاسب الباقين بحسب صلاحياته، ولكن تغوَّل على الصلاحيات الأخرى، فرفعوا الأيدي بعدم التدخل في القضاء، لا أحد يتدخل في القضاء، ولكن القضاء لا يتدخل في ما لا يعنيه، ولا يتدخل في مجلس النواب وصلاحيته».

ولفت قاسم خلال كلمة له في احتفال حزبي إلى «أننا أمام مشكلة كبيرة وتداعياتها غير عادية، هزت حركة البلد كله وعطَّلت الحياة، ليس لأن مجلس الوزراء لا يجتمع، لا، عدم اجتماع مجلس الوزراء نتيجة لمشكلة اسمها المحقق العدلي. قدرة مجلس النواب أن يُنجز بعض الأمور ليس لأن لا استعداد له ليقوم بالاجتماعات، أنتم تعرفون أن بعض الاجتماعات ضُيّعت حتى لا تنعقد الجلسة لأن كان سيطرح فيها شيء له علاقة بمحكمة الرؤساء. يجب حل هذه المشكلة وهي تُحل إما من خلال القضاء أو من خلال المجلس النيابي، أو من خلال مجلس الوزراء». واعتبر أن «المعركة الانتخابية المقبلة محتدمة جداً، والطرف الآخر يخوضها بدعم دولي ومال أميركي وخليجي، والهدف الأساسي هو السيطرة على مفاصل القوة في البلد وعلى المجلس النيابي من أجل إدارة السياسات التي يؤمنون بها، وشعار حملتهم الانتخابية العداء لحزب الله وحلفائه»، وشدد قاسم، على أننا «سنخوض الانتخابات النيابية بكل وضوح تحت عنوانين: استمرار المقاومة ومشروع التحرير والحماية من العدوان الإسرائيلي. خدمة الناس ببرنامج اقتصادي اجتماعي متكامل سنعلنه قبل الانتخابات بفترة قليلة، يهدف إلى بناء لبنان القوي، والاهتمام بالتنمية والمواطن ومواجهة الفساد والمفسدين».

وفي سياق ذلك أكد الشيخ أحمد قبلان «ضرورة إنقاذ الحكومة من ورطة اللعب الدولي الإقليمي الداخلي، ونصيحة من صميم القلب، لمن يهمه الأمر، لا تلعبوا بتمزيق الطوائف، ولا تفكروا بتمزيق طائفة بعينها، ولا تراهنوا على ذلك، ولا تحولوا القضاء متاريس. ومن يهمه أمر لبنان يبدأ بإطفاء النيران، لا بتأجيجها، وليبادر إلى رفع كل الألغام من طريق الحكومة لإنقاذ البلد سياسياً، وما أفلح قوم ورطوا القضاء بزواريب السياسة».

وشن رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، هجوماً لاذعاً على بيطار، قائلاً: «أتحداك أنت وكل جهابذة القانون المتفلسفين، أن تقول للبنانيين، وفقاً لأي نص قانوني، أعطيت الصلاحية لنفسك لملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب؟». وأضاف في تصريح: «أنت تقوم بالتشبيح، وفي بلد طبيعي تدخل السجن».

وفيما أوحى كلام رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود خلال كلمة في حفل قسَم اليمين القانونية للقضاة المعينين في المرسوم الأخير، بأنه لن يأخذ المبادرة في حل أزمة بيطار وأنه ماض بدعمه، تقدّم المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، بدعوى أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بوجه القاضية رندى كفوري ومستشاري الغرفة السّادسة لمحكمة التمييز، لـ»تصويب الخطأ الجسيم المرتكب منهم»، بردّه عن قضيّة انفجار مرفأ بيروت. وطلبت النيابة العامة التمييزية إبطال القرار «لما فيه من أخطاء جسيمة، في حال الأخذ بها، ما يؤدّي إلى تعطيل عمل النيابات العامة في كلّ لبنان، ويجعل كلّ قاض فيها خاضعاً للردّ، باعتبار أنّه سبق أن أعطى رأياً مسبقاً، وهو أمر من طبيعة عمل النيابة العامة، علماً أن التمييزيّة تعمد إلى عدم حضور جلسات الغرفة السّادسة في محكمة التمييز عملاً بوحدة النّيابة العامّة، ونتيجة هذا الاجتهاد المخالف للأصول القانونيّة».

وفيما كشفت مصادر سياسية لـ»البناء» اتجاه أميركي لتصعيد وتيرة الضغط الخارجي على لبنان وحزب الله تحديداً كلما اقتربنا من موعد الانتخابات النيابية في محاولة لتغيير الأكثرية النيابية لمصلحتهم، أعلن متحدث باسم البيت الأبيض أن اميركا تنسق مع فرنسا بشأن لبنان وندرس فرض عقوبات على السياسيين الفاشلين. وبالتوازي، لفتت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان مطول بشأن لبنان إلى أن «وجود «حزب الله» في الحكومة اللبنانية يستمرّ في إعاقة العمل الحكومي الفعّال ضدّ الحوادث الإرهابيّة المرتبطة بالحزب»، ولفتت إلى أن «لبنان شريك ملتزم في التحالف الدولي لهزيمة تنظيم «داعش»، مشيرةً إلى أن «في عام 2020، قدّمت الولايات المتحدة الأميركية المساعدة الأمنيّة والتّدريب للجيش اللبناني، وعملت مع منظمات إنفاذ القانون في لبنان، مثل قوى الأمن الداخلي، لتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب والتّحقيق في قضايا الإرهاب المحليّة ومقاضاة مرتكبيها».

في المقابل أوحت مواقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وزيارته المرتقبة إلى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة، بأن لبنان لا يزال على الأجندة الدولية، ولفتت مصادر دبلوماسية مطلعة على الزيارة لـ»البناء» إلى أنها «تهدف للتضامن مع لبنان والاطلاع عن كثب على واقع الأزمات والتداعيات الحالية والمحتملة ومدى قدرة الأمم المتحدة على التخفيف من الواقع المأساوي الذي يعيشه أغلب الشعب اللبناني»، كما تؤشر الزيارة التي تستمر لأربع أيام بحسب المصادر إلى أن «لبنان لا يزال على الأجندة الدولية ومحل اهتمام الأمم المتحدة، لا سيما وأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد مرات عدة على دور الأمم المتحدة بتقديم الدعم والمساعدات للبنان لوقف نزيف الانهيار».

واستبعد مرجع وزاري سابق ودبلوماسي حالي حصول انفراجات أو تطورات دراماتيكية باتجاه التوصل إلى حلول للوضع المعقد في لبنان، مشيراً لـ»البناء» إلى أن «كافة الحلول التي يجري العمل عليها هي قصيرة المدى وليس بعيدة المدى وقد تتغير أو تتعثر في أي لحظة». وإذ لم ينفِ المرجع المؤثرات الخارجية على الساحتين الإقليمية والدولية والمفاوضات الدائرة حول قضايا النزاع الساخنة على مجمل الوضع اللبناني، لفت إلى إمكانية الفصل بين الشؤون الداخلية المالية والاقتصادية وبين الصراع الإقليمي والدولي والمواجهة مع حزب الله قدر الإمكان، إذا ما توافرت الإرادة والنية لدى المسؤولين في لبنان وهذا الخيار تؤيده فرنسا وتسعى إليه»، ولفت إلى تداخل التأثير الخارجي وتضارب المصالح الداخلية، محذرة من «ربط الحل في لبنان بالمفاوضات النووية في فيينا التي قد تطول لأشهر وقد تتعثر بسبب التناقضات الدولية»، موضحاً أن الدول لا تتبع سياسات ثابتة بل تتغير وفق مصالحها».

وعن علاقة زيارة غوتيريش بالملفات التي يطرحها الفرنسيون والأميركيون والسعوديون كسلاح حزب الله وتطبيق القرارات الدولية، لفت المرجع إلى أن «القوى الغربية تدرك عدم قدرة الدولة أو الحكومة اللبنانية على ذلك وأي ضغط في هذا الاتجاه يهدد الاستقرار في لبنان الأمر الذي لا يرغب به الأميركيون ولا الفرنسيون ولا الأمم المتحدة»، ولفت المرجع في ضوء لقاء جدة بين ماكرون – محمد بن سلمان إلى أن «لا تعديل في الموقف السعودي من لبنان والدليل لم تتخذ المملكة أي إجراء يعيد الحيوية والدفء إلى العلاقات الدبلوماسية ومع لبنان ما يؤشر إلى استمرار «زعل» المملكة وعتبها على الأطراف الداخلية لعدم تلبية شروطها وتماهي الحكومة والأحزاب مع سياسة حزب الله».

 

"اللواء": ميقاتي: قرار دولي بعدم سقوط لبنان

وسط التلبك الداخلي، أكد الرئيس ميقاتي «أن هناك قراراً دولياً بعدم سقوط لبنان وبوقف تردي الاوضاع وإستمرار الانهيار الحاصل. وان هناك مظلة خارجية وداخلية تحمي عمل الحكومة». متوجهاً الى المطالبين باستقالة الحكومة والمنتقدين بالسؤال: هل الأفضل هو وجود حكومة أو عدمه؟ وتالياً ايهما أفضل وجود حكومة بصلاحيات كاملة أم حكومة تصريف اعمال؟

وقال ميقاتي خلال لقاء مع المجلس الجديد لنقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزيف القصيفي: إستقالة الحكومة أهون الحلول ولكنها أكبر الشرور، لو كانت  الخطوة تؤدي الى حل فأنا لا أتردد في اتخاذها، لكن الاستقالة ستسبب بمزيد من التدهور في الأوضاع ، وقد تؤدي الى إرجاء الانتخابات النيابية.

أضاف: إن الحكومة مستمرة في عملها والاتصالات جارية لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، وأي دعوة لعقد جلسة من دون التوصل الى حل للازمة الراهنة ، ستعتبر تحديا من قبل مكوّن لبناني وقد تستتبع باستقالات من الحكومة ، ولذلك فأنا لن أعرّض الحكومة لأي اذى.

واشار ردا على سؤال الى»أنه دعا امس، الى اجتماع وزاري وأمني موسع لاقرار خطوات تنفيذية اضافية تتعلق بضبط التهريب ومكافحة تهريب الكبتاغون وسائر المخدرات ووقف التلاعب بسعر النقد، وبمكافحة التلاعب باسعار السلع والمواد الغذائية «.

وردا على سؤال قال  الرئيس ميقاتي: إن التعاون تام بيني وبين رئيس الجمهورية، والكلام عن خلافات هدفه  تأجيج التوتر السياسي في البلد، وكذلك الامر فالعلاقة مع الرئيس نبيه بري لا تشوبها شائبة، والتواصل معه مستمر لإيجاد حل لموضوع استئناف جلسات مجلس الوزراء. وعلى صعيد الحكومة فإن  معظم الوزراء يعملون بجدية وكفاءة ونحن نتعاون كفريق  واحد.

وفيما يتعلق بالاتصال الذي جرى بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون  وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وبينه قال: كان الاتصال جيدا وفتح آفاقاً جديدا للعلاقات.

وعن النتائج العملية للاتصال على  صعيد دعم لبنان قال: لقد تم الحديث عن اتفاق على صندوق معيّن للمساعدات بين فرنسا والسعودية عبر الجمعيات والمؤسسات الانسانية.

وعن أموال المودعين قال: «الرأسمال الاساس للودائع المصرفية والفوائد المحقة ستعود الى اصحابها ضمن خطة زمنية يتم الاتفاق عليها بين الجهات المعنية. حالياً الوضع صعب ولكنه ليس مستحيلاً، وكل مواطن في النهاية سينال حقه».

واوضح ان هناك 28 مليار دولار تم تحويلهم من الليرة الى الدولار بعد السابع عشر من تشرين الاول 2019 ، وليس مقبولا ان يطبق عليهم الاجراء ذاته الذي سيطبق على الودائع التي جمعها الناس بعرق السنين وتعبها . منذ العام 2014 وحتى 2017 تم رفع 47 مليار دولار  كفوائد للمودعين.

وحول ارتفاع سعر الدولار قال : هناك سلسلة من الاجراءات التي تتخذ  لمعالجة تقلب سعر الصرف ، بما يتيح  الانتقال الى اجراءات محددة لمعالجة تداعيات التراجع في سعر الليرة وفق اسس واضحة.

وعلى وقع هذه الوضعية الداخلية غير المريحة، اعلن البيت الابيض انه «ننسق مع فرنسا بشأن لبنان وندرس فرض عقوبات على السياسيين الفاشلين».

ولفت إلى انه «لا نريد رؤية دولة فاشلة في الشرق الاوسط ومؤشرات على ان لبنان يسير نحو الفشل».

وفي سياق الحملة الاميركية الناشطة على حزب الله، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن «استمرار وجود حزب الله في الحكومة اللبنانية، يعيق العمل الحكومي الفعال في مكافحة الحوادث الإرهابية المرتبطة بالحزب».

وقالت الخارجية الأميركية في بيان نشر عبر موقعها الإلكتروني، إن «لبنان​ شريك ملتزم في ​التحالف الدولي​ لهزيمة تنظيم داعش»، مذكرة أنه «في عام 2020، قدمت ​الولايات المتحدة​ المساعدة الأمنية والتدريب للجيش اللبناني، وعملت مع منظمات إنفاذ القانون في لبنان، مثل قوى الأمن الداخلي، لتعزيز قدراتها في ​مكافحة الإرهاب​ والتحقيق في قضايا الإرهاب المحلية ومقاضاة مرتكبيها».

ولفتت إلى أن «الجماعات الإرهابية العاملة في لبنان تضمنت المنظمات الإرهابية الأجنبية المصنفة من قِبل الولايات المتّحدة مثل ​حزب الله​ وداعش»، مشيرة إلى أنه «على الرغم من السياسة الرسمية للحكومة اللبنانية المتمثلة في النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية، واصل حزب الله أنشطته العسكرية غير المشروعة في العراق وسوريا واليمن».

وأضافت: «حزب الله يواصل التخطيط لهجمات والانخراط في أنشطة غير مشروعة حول العالم»، مذكرة أنه «في عام 2020، دعمت لجنة التحقيقات الخاصة تنفيذ العقوبات المتعلقة بالإرهاب ضد العديد من أعضاء وممولي حزب الله، بما في ذلك فرض عقوبات على شركتين لبنانيتين تابعتين للمجلس التنفيذي لحزب الله وفرضت عقوبات ضد وزيري الحكومة السابقين يوسف فينيانوس وعلي حسن خليل لتقديم الدعم المادي لحزب الله».

رسالة غوتيريس

وعشية زيارته، وجّه الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس رسالة عبر الفيديو الى الشعب اللبناني، عشية زيارته المرتقبة الى لبنان الاحد قال فيها: أوجه لشعب لبنان تحياتي الحارة وأنا أستعد لزيارتي للبلد في هذا الأسبوع. وشعب لبنان يتميز بخصال السخاء وسعة الحيلة وكرم الضيافة. وهي خصال لمستها شخصيا خلال زيارات عديدة إلى لبنان وأنا على رأس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

أضاف: يساورني بالغ القلق إزاء المحن التي تواجهونها اليوم. فقد أزهق انفجار ميناء بيروت المروع في العام الماضي أرواحا عزيزة، إذ راح ضحيته أكثر من 200 شخص ينتمون إلى أكثر من 12 بلدا - هم آباء وأمهات وبنات وأبناء وأصدقاء وزملاء... والأمم المتحدة تشاطركم حزنكم.

واشار الى الازمات السياسية والاقتصادية المتراكمة والاجتماعية الرتاكمة، وقال:  وسأحل بلبنان حاملا رسالة واحدة بسيطة، وهي أن الأمم المتحدة تقف إلى جانب شعب لبنان.  فأسرة الأمم المتحدة قاطبة، من أفرقة سياسية وأفراد لحفظ السلام وعاملين في مجالي المساعدة الإنسانية والتنمية، تركيزها منصب على دعم لبنان وشعبه. وسألتقي، خلال زيارتي، بشخصيات مختلفة من القادة والشخصيات اللبنانية لمناقشة أفضل السبل لكي نقدم لكم الدعم من أجل التغلب على الأزمة وتعزيز السلام والاستقرار والعدالة والتنمية وحقوق الإنسان.

وأردف قائلاً: الواقع ان ايجاد الحلول الدائمة لا يمكن ان يأتي إلا من قلب لبنان لذا من الضرورية ان يضع القادة الشعب محط اهتمامهم في المقام الأول، وأن ينفذوا الاصلاحات اللازمة لاعادة لبنان إلى مساره الصحيح.

 

رياض سلامةفيروس كورونا

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة