معركة أولي البأس

لبنان

استبعاد الوزير الغريب عن مؤتمر بروكسيل يهدد الوضع الحكومي
11/03/2019

استبعاد الوزير الغريب عن مؤتمر بروكسيل يهدد الوضع الحكومي

رغم الهدوء الذي سيطر على المشهد السياسي في اليومين الأخيرين، إلا أن التوتر عاد ليطل من باب ملف النازحين السوريين، فتناولت الصحف الخلاف الذي نجم عن استثناء وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من المؤتمر الذي ينعقد في بروكسيل، وهو المعني الاول بهذا الملف.


"الأخبار":  انقسام حكومي حول ملف النازحين: أنصار التوطين إلى مؤتمر بروكسيل؟

اعتبرت صحيفة الأخبار" انه بكل وقاحة، استثنى الاتحاد الأوروبي دعوة الوزيرين صالح الغريب وجميل جبق إلى مؤتمر دعم سوريا والنازحين في بروكسيل، في قرار واضح للسير بالرؤية الغربية المستمرة حيال ملفّ النازحين وضرورة عرقلة عودتهم إلى سوريا. الوفد اللبناني الذي سيرأسه الرئيس سعد الحريري، لا تختلف مواقف أعضائه عن المواقف الغربية، بل تتناغم معها، بما يخصّ عرقلة عودة النازحين ورفض التواصل مع سوريا

مع عظيم الخطر الذي تشكّله أزمة النازحين السوريين في لبنان، والأكلاف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتكبّدها البلاد الآن وفي المستقبل، لا يزال الحلّ بالنسبة للقوى السياسية خلافياً، فيما يسهم تعارض الأجندات الدولية حيال هذا الملفّ في تعميق الانقسام والابتعاد عن الاجماع الوطني على المشكلة والحلّ في آن.

فبين زيارة الرئيس ميشال عون إلى موسكو في 25 الجاري وعلى رأس جدول أعماله ملفّ النازحين، ومشاركة الرئيس سعد الحريري والوفد المرافق في مؤتمر بروكسيل غداً، ينقسم المشهد في الداخل اللبناني بين رؤيتين دوليتين ومشروعين سياسيين متعارضين. وإذا كان أصل المبادرة الروسية يقوم على إعادة النازحين إلى بلادهم من دون انتظار الحلّ السياسي، ما يعني تفعيل العلاقات اللبنانية - السورية ورفع مستوى التنسيق لحلّ أزمة النازحين بالتدريج، فإن أصل مؤتمر بروكسيل والرؤية الغربية تجاه الملفّ، يقوم على ضمان بقاء النازحين في الدول المضيفة، لا سيّما لبنان، ودعم متطلبات هذا البقاء بما يصل حد «التوطين»، مع تأكيد رفض أي تقارب مع الحكومة السورية، وربط العلاقات بما يسمّى بـ«الحل السياسي». ما يعني بقاء ورقة النازحين سيفاً مصلتاً ضد الحكومة السورية، في أي استحقاق سياسي مستقبلي. من هنا، يأتي اختيار لائحة المدعوين من الوزراء مع الحريري، واستثناء وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي يمثّل رؤية لبنانية مناقضة تماماً للأجندة الدولية، بالسعي لعودة النازحين عبر تفعيل المبادرة الروسية والتنسيق مع الجهات السورية المختصّة، من دون انتظار الحلول المستقبلية للأزمة السورية. كما تمّ استثناء الوزير جميل جبق من لائحة الدعوات، وتغييب وزارة الصّحة، أبرز الوزارات المعنيّة بهذا الملفّ، انسياقاً مع الأجندة الأميركية التي فتحت حرباً على توزير مقرّب من حزب الله في وزارة الصّحة، وحرّضت اللبنانيين قبل تشكيل الحكومة وبعده على رفض تحمّل جبق هذه المسؤولية.

وعلمت «الأخبار» أن الحريري تذرّع بداية بأن الدعوات يوجهها الاتحاد الاوروبي، قبل أن يتبيّن بأن دعوتين وجهتا الى الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وأن الجهة الداعية تترك لرئيس الحكومة تشكيل الوفد ممن يشاء من الوزراء. وفي المعلومات ان الحريري عاد ووافق، بعد اتصالات، على ضمّ الغريب الى الوفد على أن يبلّغ الأخير اليوم. إلا أن وزير شؤون النازحين الذي لم يكن في جو الاتصالات أصدر أمس بياناً شديد اللهجة أسف فيه لـ«توجه بعض القوى السياسية بغير المنحى المأمول منها وطنياً، حيث نرى إصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين، وتجاوزاً لجميع الأصول والأعراف في الدعوة إلى مؤتمر بروكسيل». وأضاف انّ «تجاوز دور وزارة الدولة لشؤون النازحين في مؤتمر بروكسل تجاوز لطريقة التفكير المغايرة والمقاربة الجديّة التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به إطلاقا»، و«أن البعض يصرّ على اتباع سياسات مشرذمة لا تمتّ إلى مصلحة لبنان بصلة». ولم يتأكد حتى وقت متأخر ما اذا كان الحريري سيمضي قدماً في ضمّ الغريب الى الوفد بعد هذا الموقف. فيما علمت «الأخبار» أن باسيل لن يشارك في المؤتمر «لأنه بات تضييعاً للوقت، ولارتباطه بعشاء لمناسبة 14 آذار» بحسب مصادر مطلعة، علماً انه كلّف مدير الشؤون السياسية في الوزارة السفير غدي خوري تمثيل الخارجية.

وكان الوفد الحكومي الى المؤتمر، العام الماضي، ضم وزير الدولة لشؤون النازحين السابق معين المرعبي ووزير الصّحة السابق غسان حاصباني، فيما اقتصر الوفد الحالي على وزير التربية أكرم شهيّب ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان. وانتقدت مصادر وزارية بارزة تشكيلة الوفد، وكأن «المطلوب أن يذهب إلى بروكسيل من لا يريد عودة النازحين ومن ينسجم مع الأجندة الغربية»، مضيفةً أن «الهدف من المشاركة يقولها المشاركون بصريح العبارة هو الحصول على الأموال للنازحين، ما يعني بقاءهم في لبنان، بدل الضغط ليتمّ دفع هذه الأموال لهم في سوريا لتشجيعهم على العودة». وبحسب المعلومات، فإن الوفد اللبناني سيطالب بالحصول على حوالي مليارين و600 مليون دولار، منها مليار دولار لـ«المجتمع المضيف»، أي للبنانيين، فيما التجارب السابقة أثبتت أن هذه الأموال لن تدفع عبر الحكومة اللبنانية بل عبر الجهات الدولية مباشرةً للنازحين.

 

"البناء": استبعاد الحريري للغريب عن بروكسل يهدّد الوضع الحكومي وملف النازحين
وفي ذات السياق، وبحسب "البناء" فقد اتجهت الأنظار أمس، الى مؤتمر بروكسل 3 الذي سيعقد في 13 و14 آذار الحالي. ووفق مصادر مطلعة لـ»البناء» فإن بومبيو سيشدّد خلال لقاءاته على ضرورة التزام لبنان بالعقوبات المفروضة على حزب الله وإيران، مشيرة الى ان وزير الخارجية الأميركي الذي وضع في أجواء لقاءات نائبه ديفيد ساترفيلد مع فريق 14 آذار، يريد حث المعنيين في لبنان على ضرورة اعتماد سياسة التشدّد تجاه حزب الله داخل الحكومة لافتة الى أن بومبيو سيبحث ايضاً في ملف لا يقل أهمية ويتصل بالدور الروسي في لبنان.

وفيما عاد الرئيس سعد الحريري مساء أمس، الى بيروت بعد زيارة الى المملكة العربية السعودية في إطار زيارة عائلية، ليتوجّه يوم غد الثلاثاء إلى بروكسل للمشاركة في مؤتمر «بروكسل 3»، على رأس وفد وزاري وفريق من المستشارين والتقنيين يضم وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، ووزير التربية أكرم شهيب، والوزير السابق غطاس خوري ومستشار الرئيس الحريري نديم المنلا وهازار كركلا. فيما استثني من الدعوة الى المؤتمر المعني الأول وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي أكد أمس، «أنّ تجاوز دور وزارة الدولة لشؤون النازحين في مؤتمر بروكسل، هو ليس تجاوزاً لشخصنا، بل لطريقة التفكير المغايرة والمقاربة الجديّة التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به إطلاقاً». وقال الغريب: «يؤسفنا توجّه بعض القوى السياسية بغير المنحى المأمول منها وطنياً، حيث نرى أن هناك إصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين، وتجاوزاً لجميع الأصول والأعراف في الدعوة إلى مؤتمر بروكسل».

غرّد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي عبر حسابه على تويتر: «طالما أن رئيس الحكومة هو الناطق باسم الحكومة وأن مفوضية اللاجئين تتجه أكثر فأكثر الى الداخل السوري لمساعدة النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم، وبانتظار إقرار الحكومة الورقة السياسية للنزوح، لم نفهم استبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من الوفد الرسمي الى مؤتمر بروكسل». وأضاف: «التنكّر لاختصاصات الوزراء المعنيين هو أمر لا يساعد في شيء في تضامن الحكومة والنتائج المنتظرة منها».

وأكدت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» ان عدم مشاركة الغريب ضمن الوفد الوزاري الذي يترأسه الحريري الى بروكسل مردّه عدم تلقيه دعوة من الاتحاد الاوروبي للمشاركة، مشيرة الى ان الوزيرين قيومجيان وشهيب تلقيا دعوة للمشاركة فقط في حوارات على هامش المؤتمر في حين أن الدعوة من الاتحاد الأوروبي الى مؤتمر بروكسل حصرت فقط بالرئيس الحريري والوزير جبران باسيل الذي اعتذر لارتباطه بمواعيد أخرى.

وشدّدت مصادر بيت الوسط على عدم تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، فالدعوة لا علاقة للرئيس الحريري بها، مشيرة الى أن الأهم يبقى ان مؤتمر بروكسل يهدف الى تقديم المساعدات للبنان في ملف النزوح على الصعيد الاقتصادي وسيؤكد المجتمعون الإيفاء بالتزامهم تجاه لبنان. ولفتت المصادر الى ان الرئيس الحريري سيؤكد في كلمته على العودة الآمنة للنازحين وفق المواثيق الدولية.

في المقابل، اشارت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» الى أن رمي الملف عند الاتحاد الأوروبي «نكتة سمجة جداً»، مشيرة الى ان ما قام به الحريري الذي نسق مع الأوروبيين الدعوات في قمة الـ»لا نأي بالنفس»، مضيفة ما قام به الحريري خطوة عرجاء ويثير الشبهات لا سيما أن أوروبا تعمل على تثبيت النازحين في الدول المضيفة، مشددة على ان عدم دعوة الغريب رد على زيارة الأخير الى سورية، قائلة «سياسة الحريري قد تعطّل العمل الحكومي وتضرب كل تعاون بين مجلس الوزراء مجتمعاً وأوروبا، خصوصاً أن الحريري نفسه يدرك جيداً موقف الرئيس عون من ملف النازحين، وكان موقفه واضحاً في جلسة مجلس الوزراء الأولى عندما قال بما معناه الامر لي لحماية لبنان والمصلحة الوطنية».

وغرّد النائب طلال أرسلان عبر تويتر قائلاً «لا مؤتمرات ولا زيارات ولا ندوات ولا وفود تشرّفنا بأن يكون وزيرنا في عدادها إلا على القواعد الواضحة والصريحة والشفافة بتبنّي توجهات فخامة رئيس الجمهورية والبيان الوزاري لجهة مقاربة موضوع النازحين السوريين». وأضاف ارسلان: «كفى متاجرة بمصالح البلد العليا من أي كان رئيساً او وزيراً ومَن يمثلون بالخارج، مصلحة لبنان يجب ان تكون فوق الجميع… لا أن يبقى شغلنا الشاغل الشّحاذة في كل المواضيع… كفى متاجرة بالنازحين مالياً، وكلنا نعلم لجيوب من تذهب المساعدات».


"اللواء": فريق بعبدا يعترض على استبعاد الغريب عن بروكسيل.. ولا مجلس وزراء هذا الأسبوع
وكان تشكيل الوفد الرسمي برئاسة الرئيس الحريري، الى مؤتمر بروكسل، اثار انتقادات على خلفية عدم اشتراك الوزير الغريب، وشكل مادة لاشتباك سياسي، كان مفهوماً لو اقتصر على فريق النائب طلال أرسلان، الا ان دخول وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، اعطى انطباعاً بأن رئاسة الجمهورية ممتعضة من تغييب الغريب، وتضغط لكي يكون الوفد اللبناني ممثلاً للقوى السياسية المختلفة فيما بينها على كيفية مقاربة مسألة النزوح السوري، علماً ان الدعوة للمؤتمر وجهت إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية جبران باسيل فقط، بحسب ما غرد مستشار الرئيس الحريري النائب السابق عمار حوري عبر حسابه على «تويتر»، موضحاً الالتباس الحاصل، بأن الوزيرين المسافرين إلى بروكسل وهما وزير التربية اكرم شهيب ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، مدعوان مباشرة من الاتحاد الأوروبي للمشاركة في حوارات قبل يوم من زيارة الرئيس الحريري، كاشفاً بأن الدعوة للمؤتمر وجهت فقط إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية.

لكن يبدو ان الوزير باسيل اعتذر عن مرافقة الرئيس الحريري لارتباطه بمواعيد مسبقة، مفسحاً في المجال لجدل سياسي حول التباس عدم دعوة الغريب، الا ان الرئيس الحريري الموجود حالياً في المملكة العربية السعودية في إطار زيارة خاصة، قرّر ان يتوجه إلى بروكسل مساء الثلاثاء لترؤس الوفد اللبناني، ومعه الوزير السابق غطاس خوري ومستشاره للشؤون الاقتصادية نديم المنلا وفريق من الخبراء التقنيين، في حين يتوجه الوزيران شهيب وقيومجيان بمفردهما تلبية لدعوة الاتحاد الأوروبي الذي يتولى مع وزارة التربية الانفاق على تعليم الطلاب السوريين من النازحين إلى لبنان، ومع وزارة الشؤون التنسيق في ما يختص بأوضاع النازحين، من دون ان يكون له دور مع وزارة شؤون النازحين والتي يبدو انها تحصر كل جهودها لمعالجة هذا الملف مع النظام السوري.

وفي تعليقه على تغييبه عن المشاركة في الوفد اللبناني، قال الوزير الغريب في بيان: «ان تجاوز دور وزارة الدولة لشؤون النازحين في مؤتمر بروكسل ليس تجاوزاً  لشخصه، بل لطريقة التفكير المغايرة، والمقاربة الجدية التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به اطلاقاً». ملاحظاً «بأن هناك اصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين»، عازياً ذلك إلى «رغبة بعض الأطراف الخارجية بشق الموقف الوطني الموحّد، اما تغليباً لبعض المصالح المشبوهة الضيقة أو الاثنين معاً».

وتضامن رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان مع ممثله في الحكومة، مغرداً عبر «تويتر»، قائلاً: «لا مؤتمرات ولا زيارات ولا ندوات ولا وفود تشرفنا بأن يكون وزيرنا في عدادها الا على القواعد الواضحة والصريحة والشفافة، بتبني توجهات رئيس الجمهورية والبيان الوزاري، لجهة مقاربة موضوع النازحين السوريين».
اضاف: «كفى متاجرة بمصالح البلد العليا من أي كان رئيساً أو وزيراً ومن يمثلون في الخارج، مصلحة لبنان يجب ان تكون فوق الجميع، لا ان يبقى شغلنا الشاغل الشحاذة في كل المواضيع.. كفى متاجرة بالنازحين مالياً، وكلنا نعلم لجيوب من تذهب المساعدات».
وختم داعياً رئيس الجمهورية الأمين على البلاد وحامي دستوره وسيادته إلى وضع حدّ لهذه المتاجرة التي تعرض الوطن إلى المهالك.

اما الوزير جريصاتي، فقال: «طالما ان رئيس الحكومة هو الناطق باسم الحكومة، وان مفوضة اللاجئين تتجه أكثر فأكثر إلى الداخل السوري لمساعدة النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم، وبانتظار إقرار الحكومة الورقة السياسية للنزوح، لم نفهم استبعاد الوزير الغريب من الوفد الرسمي إلى مؤتمر بروكسل».
ورأى ان التنكر لاختصاصات الوزراء المعنيين أمر لا يُساعد في شيء في تضامن الحكومة والنتائج المنتظرة منها».

إقرأ المزيد في: لبنان