معركة أولي البأس

لبنان

اجتماع رئاسي لمناقشة الرد على هوكشتين..وحاكم مصرف لبنان في دائرة الملاحقة
18/03/2022

اجتماع رئاسي لمناقشة الرد على هوكشتين..وحاكم مصرف لبنان في دائرة الملاحقة

يعقد الرؤساء الثلاثة اجتماعاً تشاورياً في بعبدا اليوم، للبحث في اقتراح الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين، وفيما بقيت القرارات القضائية التي تسطرها النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بحق عدد من المصارف اللبنانية وإحالتها على التنفيذ، في صدارة المشهد الداخلي، سجل ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خطوة جديدة بتوقيف القاضية عون، رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان، وذلك بعد انتهاء التحقيق معه. 

"الأخبار": اجتماع رئاسي لمناقشة الرد على هوكشتين

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "العدو الإسرائيلي، يسعى بمساعدة الولايات المتحدة، إلى انتزاع تنازل لبناني في ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع فلسطين المحتلة". وذكرت "الأخبار" أن القوى المعنية بالملف بدأت، منذ أيام، تتسلّم رسائل تستعجِل الردّ اللبناني النهائي على اقتراح الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين. وعليه، يعقد الرؤساء الثلاثة اجتماعاً تشاورياً في بعبدا اليوم، وقالت مصادر إنهم قد يحضرون لقاء مع اللجنة المصغرة المكلفة دراسة الاقتراح والتي عقدت ثلاثة اجتماعات في القصر الجمهوري، كان آخرها يومَ أمس.

وأوضحت مصادر مواكبة أن اللجنة «تدور حولَ نفسها، من دون أن يكون لها قدرة على إيجاد تخريجة للرد اللبناني». ففي اجتماع أمس، استعرض أعضاؤها كل الخطوط التي طُرحِت سابقاً، ومن ضمنها الخط الذي يمنح نصف تأثير لصخرة «تخيليت»، ما يعطي لبنان القدرة على التوسع جنوب الخط 23 ولا يمنحه الخط 29 كاملاً وفقاً لدراسة الجيش. وقد طرح هذا الخط كاحتمال يمكن التوافق عليه بديلاً من الخط المتعرج الذي قدّمه هوكشتين. غير أنه لا يمكن اعتبار ما تقدم بمثابة خرق طالما أن النقاش لا يزال محصوراً في الطبيعة التقنية للاقتراح، إذ يبدو أن لا قدرة بعد على التوافق حول وجهة نظر واحدة. لذلك، أحيلت المسألة إلى مزيد من الدرس. لكن ما يُمِكن تسجيله من مداولات الاجتماعات الثلاثة هو تمسّك اللجنة برأيها بأنه «لا يُمكِن القبول بخط مرسوم بشكل عشوائي ولا خلفية قانونية له، ولا يعتمد أي آلية ترسيم دولية»، فضلاً عن أنه «يضع جيباً من حقل قانا ضمن السيادة الإسرائيلية، ويفتقر إلى عناصر القوة كونه لا ينطلق من نقطة رأس الناقورة، كما يقتطع من دون وجه حق جيباً من البلوك الرقم 8». وبحسب معلومات «الأخبار»، طالبت اللجنة «بالحصول على المسوحات التي قام بها العدو الإسرائيلي بين الخطين 1 و23 لوضوح الصورة أكثر ومعرفة كيف يقسم الحقول ويرسم الخطوط».
مصادر بعبدا قالت إن «اللجنة أنجزت شرح مقترح هوكشتين ووضعت طلباتها وتحفّظاتها»، لافتة إلى أننا «قد ننتقل إلى مرحلة وضع الاقتراحات للرد على الوسيط الأميركي». وفيما لم تنف أو تؤكد عقد الاجتماع الثلاثي، لمحت إلى ضرورة التشاور بين الرؤساء، وأن «من المجدي عرض ما أنجزته اللجنة على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وربما الاجتماع باللجنة لشرح ما توصلت إليه». وعن المعلومات عن أن اجتماع الرؤساء الثلاثة هو لاتخاذ القرار النهائي، قالت المصادر إن «الأمور تحتاج الى مزيد من النقاش ولا يمكن حسمها في جلسة واحدة».
في هذا الإطار، استغربت مصادر معنية بالملف ما يحكى عن الخط المتعرج، لكنها أكدت «مطالبة الوسيط الأميركي بجزء من البلوك 8»، مشيرة إلى أنه «مقترح يقسم الخط 23 إلى جزءين. جزء يسير وفقَ الترسيم، وآخر يريدون أن يحدّدوه وفقَ تسوية معينة تقتطع من البلوك 8». ولفتت المصادر الى أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يجِد مبرراً لهذا الطلب، وكرر موقفه بأن لبنان لن يطلب مزيداً عن حقه، لكنه لن يتنازل أيضاً»، بينما تلتزم مصادره بما يقوله دائماً بأنه «متمسك باتفاق الإطار الذي يقوم على مبدأ الترسيم».
في سياق متصل، ذكرت"الأخبار" أن لبنان تبلّغ بصورة غير مباشرة أن النقاش حول ملف استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر بات مرتبطاً بالموقف من ملف ترسيم الحدود. إذ تبيّن أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا أبلغت الجهات المعنية في لبنان أنّ ما قصدته بدعوة اللبنانيين الى «الصبر» يهدف الى انتظار استكمال المحادثات الجارية مع البنك الدولي الذي توقفت عنده ملفات العقود الخاصة بالكهرباء والغاز.

واشارت الى انه في استطلاع قامت به جهات معنية، تبلّغ لبنان بصورة غير رسمية من الجانبين الأردني والمصري تأكيداً جديداً بأن «طلبات الإعفاء الرسمية والشاملة من عقوبات قيصر» ستبقى مجمدة الى حين توصل لبنان الى اتفاق مع البنك الدولي. وبناءً عليه، تواصَل لبنان مع فريق البنك الدولي الذي تذرّع بأن اجتماعات مجلس إدارته تأخّرت بسبب الحرب في أوكرانيا. لكن الجهات اللبنانية علمت بأن الأمر مرتبط بانتظار أمرَين: الأول: ملف ترسيم الحدود، والثاني: نتائج الانتخابات النيابية المقبلة. وقال مصدر مطّلع لـ«الأخبار» إن الأميركيين «صاروا يشكّون في قدرة حلفائهم على تحقيق فوز بالانتخابات، وهم ليسوا في وارد تقديم أي مساعدة للبنان يستفيد منها خصومهم الآن، والأولوية المطلقة الآن هي لملف ترسيم الحدود».

وفي سايق اخر، ذكرت «الأخبار» أن لبنان تبلغ عبر وزارة العدل، في الأسبوع الأخير من شباط الماضي، طلب معونة قضائية من إمارة موناكو تتعلق بملفات تعود الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأفراد عائلته. ولم يتسنّ الحصول على تفاصيل حول أسباب الطلب ولا نوعية التحقيقات الجارية في الإمارة. لكن فُهم أن طلب المعونة أرسل الى دول أخرى غير لبنان.

وسبق تلقي لبنان الطلب إخضاع القضاء الفرنسي رجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان، لتحقيقات من قبل الجهات القضائية الفرنسية على خلفية الملفات المتعلقة بتملّك أسهم في شركات تملّكت عقارات في فرنسا، وتشتبه السلطات الفرنسية في أن الأموال التي استخدمت في العملية قد تكون اختلست من المال العام في لبنان.

وعُلم أن حاكم مصرف لبنان تلقّى خبر التحقيق الإضافي مع شقيقه في فرنسا كإشارة سلبية، وقرر بناءً عليه مراجعة فريقه القانوني في بيروت وباريس للبحث في إلغاء منع السفر الذي يخضع له بقرار من القاضية عون، وهو أصلاً يقوم بإجراءات حماية خاصة، ويمضي معظم وقته في مصرف لبنان، حتى إنه يبيت هناك.

"البناء": الملف المصرفيّ على جبهات متعدّدة: ملاحقات وحجوزات تتوّج بتوقيف شقيق سلامة

من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إنه "رغم الإجماع على السير نحو الانتخابات النيابية بدأت ترتسم أسئلة حول مخاطر تعثرها، حيث الملفات المتفجرة تزداد تعقيداً. فالملفات القضائية المرتبطة بملاحقة المصارف وحاكم مصرف لبنان بلغت مرحلة تبشر بالمزيد من الانقسامات السياسية، حيث الملاحقات لرؤساء مجالس إدارة عدد من المصارف والحجوزات على أملاك هذه المصارف أثارت احتجاج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وجاء قرار القاضية غادة عون بتوقيف رجا سلامة شقيق حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، بتهمة الإثراء غير المشروع، ليشكل حدثاً يرجّح أن يتحول إلى موضوع رئيسي للحراك السياسي. 

واضافت الصحيفة انه من جهة موازية بلغ ملف ترسيم الحدود البحرية مرحلة حرجة مع وصول معدات شركة هاليبرتون للبدء بالتنقيب في حقل كاريش، في ظل استمرار التفاوض، والمراسلة التائهة للدولة اللبنانية في أروقة الأمم المتحدة التي تعتبر التنقيب في حقل كاريش بالتحديد نسفاً للمسار التفاوضي، فيما تم التداول باحتمال انعقاد اجتماع رئاسي في قصر بعبدا اليوم يحضره مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، للتفاهم على عناوين الموقف اللبناني الرسمي من التطورات التي يشهدها ملف الترسيم، سواء لجهة الخطوات الإسرائيلية نحو التنقيب عبر إجراءات أحادية، أو لبلورة الرد اللبناني على مقترحات المبعوث الأميركي الخاص بالترسيم آموس هوكشتاين.

وتابعت الصحيفة أنه فيما بقيت القرارات القضائية التي تسطرها النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بحق عدد من المصارف اللبنانية وإحالتها على التنفيذ، في صدارة المشهد الداخلي، سجل ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خطوة نوعيّة، تمثلت بتوقيف عون، رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان، وذلك بعد انتهاء التحقيق معه. واستمعت القاضية عون إلى إفادة رجا سلامة، في موضوع عقود وتحويلات مالية إلى حساباته خارج لبنان. وكشفت عون أن “توقيف رجا سلامة جاء بتهمة الإثراء غير المشروع”. وفي حديث تلفزيوني، أوضحت أن “الحاكم استخدم اسم أخيه وشركات وهمية كان قد أنشأها رجا باسمه لتسجيل عقارات في فرنسا، قاربت قيمتها الـ ”12 مليون دولار”.

ورداً على سؤال عن استدعاء رياض سلامة، قالت عون: “سبق واستدعيناه “وشفتو شو صار”، سنعاود الاتصال به، وإذا لم يحضر “منشوف شو منعمل، بركي إجا هالمرة”.

وكشف مصدر مطلع لـ”البناء” عن توجه القاضية عون لاستدعاء رياض سلامة مطلع الأسبوع المقبل بعد نتيجة التحقيقات مع أخيه والتي أثبتت ضلوعه وتورطه بعمليات إثراء غير مشروع، مرجحة توقيف رياض سلامة في حال ثبت بعد التحقيق معه، تورطه في ملفات الإثراء غير المشروع على أن يُحال الى المحاكم حتى الوصول الى مرحلة عزله من منصبه، الا أن التدخلات السياسية بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”البناء” ستحول دون توقيفه أو ستؤخر ذلك الى ما بعد الانتخابات النيابية، على غرار ما حصل منذ أسابيع عندما هدّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستقالة في حال تم توقيف سلامة أو عزله من منصبه، بموازاة الاستنفار الاميركي عبر السفيرة الاميركية في لبنان لحماية سلامة. وأشارت المصادر الى أن “مصير الحاكم متعلق بموقف الحكومة والحسابات السياسية لأركان الدولة، بعدما أدّى القضاء قسطه للعلا”.

وأوضح خبراء في القانون لـ”البناء” أن “النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان وضعت يدها على الملف وبات في عهدتها، وبالتالي لم يعد ممكناً للقضاء المالي أو للنيابة العامة التمييزية أن يدخلوا على خط الملف بكف يد القاضية عون».

ونقل موقع “التيار الوطني الحر” الالكتروني عن مصادر قضائية رفيعة قولها ان “سلامة اعترف بالتحقيق معه بأنه يشتري العقارات لصالح شركة بيتا”. وتشير المصادر القضائية الى أنه “بناء على اعترافات سلامة والمستندات التي بحوزة القاضية عون، أوقفت الأخيرة رجا سلامة بعد التحقيق معه، على أن يحال الملف أمام قاضي التحقيق نقولا منصور”، وكشفت المصادر نفسها أن القاضية عون حدّدت الاثنين جلسة للتحقيق مع حاكم مصرف لبنان في هذا الملف، وأنه اذا لم يحضر، قد يكون الادعاء وارداً جدّاً”.

وقالت "البناء" إنه على خطٍ موازٍ، وبعد إقفال “فرنسبنك” والمضي في الإجراءات القانونية بحقه، واصلت القاضية عون قراراتها ضد مجموعة من المصارف بتهم مختلفة، وأصدرت أمس، قراراً بمنع سفر رئيس مجلس إدارة بنك “الاعتماد المصرفي” وتجميد أصول البنك في إطار التحقيق. كما وضعت عون إشارة منع تصرف على أسهم بنك “الاعتماد” وحصصه وعقاراته وسياراته في جميع الشركات التجارية، في الشكوى المقدَّمة ضدّ المصارف من مجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”. وهو المصرف السادس الذي تتّخذ القاضية عون هذا التدبير في حقه بعد مصارف “بيروت” و”سوسييتيه جنرال” و”ميد” و”عوده” و”لبنان والمهجر”.

في المقابل ذكرت “البناء” أن “المصارف ستعقد جمعية عمومية اليوم، مع توجهها الى التصعيد اعتباراً من الأسبوع المقبل، بما فيه إعلان الإضراب العام.

وقالت الصحيفة إنه في غضون ذلك، عاد ملف ترسيم الحدود البحرية إلى الواجهة، عشية وصول سفينة تعمل لصالح شركة “هاليبرتون” التي تعاقدت معها شركة “انرجين” اليونانية، إلى حقل “كاريش” لبدء الحفر لاستخراج النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها، ما يؤشر إلى تحدٍ وتصعيد “إسرائيلي” في هذا الملف والضغط على لبنان لقبول العرض الذي قدمه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.

وأفيد عن اجتماع سيُعقد اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بعبدا، للبحث في الرد اللبناني على ورقة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.

ولفتت جهات مطلعة على ملف الترسيم لـ”البناء” الى أن “ملف الترسيم وصل الى مرحلة حرجة جداً ومصلحة لبنان التوقف عن هدر الوقت بمناقشات ومزايدات عقيمة، والتركيز على رفض العرض المفخخ الذي قدمه هوكشتاين الذي يخفي نية لهضم وقضم حقوق لبنان، والتوجه الى رفع السقف التفاوضي والعودة الى طرح الخط 29 كخط سيادي للحدود اللبنانية وتفعيل الرسالة التي أرسلها لبنان الى الامم المتحدة التي تثبت هذا الخط”، محذرة من أن أي طرح آخر بقبول النقاش بطرح هوكشتاين، يعني الإقرار الضمني بقبول لبنان بالخط 23 كخط تفاوضي لا سيادي، وبالتالي بدء التفاوض من هذا الخط ما سيمكن العدو من كسب حقل كاريش والضغط على بلوك 9 وحقل قانا.

وقال رئيس الوفد التفاوضي في مفاوضات الترسيم في الناقورة العميد الركن بسام ياسين، على حسابه على “فيسبوك”: “بالتزامن مع تقديم آموس هوكشتاين، لعرضه المتمثل بالخط المتعرج والذي يهدف الى إبعاد الأنظار عن حقل كاريش وإلهاء اللبنانيين في النقاش حول هذا الخط الذي يقع داخل المياه اللبنانية في منطقة الـ860 كلم مربع، وصلت إلى هذا الحقل بتاريخ 11 مارس سفينة الحفر Stena IceMAX والتي تعمل لصالح شركة “هاليبرتون” التي تعاقدت معها شركة “أنرجين” اليونانية. وستبدأ هذه السفينة بحفر أول بئر من أصل 3 إلى 5 آبار تمّ الاتفاق عليها بين الشركتين لتطوير حقل كاريش من الجهة الشمالية ولاستكمال عمليات الاستكشاف عن النفط والغاز في المنطقة الحدودية الواعدة بالموارد البترولية”. وذكر ياسين أن “لبنان الرسمي أعلن بموجب رسالة بعث بها الأمم المتحدة، بناء على توجيهات من الحكومة اللبنانية كما تنص، أكد فيها أنه لا يمكن الادعاء بأن هناك منطقة اقتصادية إسرائيلية خالصة مثبتة، بعكس ما ادعى الجانب الإسرائيلي بشأن ما يسمّى “حقل كاريش”. وبالتالي تؤكد هذه الرسالة بأن هذا الحقل متنازع عليه كما ورد أيضاً في رسالة سابقة مشابهة أرسلت من قبل لبنان إلى الأمم المتحدة بتاريخ 18 سبتمبر 2021 تتعلق بهذا الشأن”.

"النهار": رأس الحاكم... أم الاطاحة بالانتخابات؟

أما صحيفة "النهار" فقالت إنه "للمرة الأولى منذ توقف المصارف اللبنانية عن العمل في مطالع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 لفترة انقطاع ساهمت آنذاك في تضخم حجم الانهيار المالي حين كان في بداياته، ومن بعدها لاحقا مع مطالع تفشي جائحة كورونا، اتخذت حملة الضغوط القضائية التي ترقى الى مستوى حصار جدي وحقيقي متدحرج حيال العديد من المصارف ابعاداً وانعكاسات غير مسبوقة تنذر بمزيد من المفاجأت الكبيرة التي لا تتصل فقط بواقع المواجهة القضائية – المصرفية بل تتجاوزها الى اهداف سياسية خطيرة. اذ ان الإجراءات القضائية التي توالت فصولا امس عقب الحجز على مصرف "فرنسبنك" وشلّه تماماً، لم تقف غداة هذا التطورعند حدود إلحاق مصرف آخر به هو "الاعتماد المصرفي" فحسب، بل ان التطور الاخر الذي حبس الانفاس و"جمح" بدلالات المواجهة الى الابعد تمثل في توجيه الضربة الأقسى حتى الان الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة نفسه من خلال اقدام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على توقيف رجا سلامة شقيق الحاكم وإشاعة معلومات عن اتجاهها الى ملاحقة الحاكم حتى توقيفه".
 
واضافت ان "الواقع ان هذا التطور اطلق العنان لسيناريوات الاحتمالات التصعيدية وابعاد "الهجمة" القضائية التي تتولاها جهات محسوبة مباشرة على العهد بحيث لم يعد ممكنا حصر هذه المواجهة وما يمكن ان تفضي اليه من تداعيات واسعة النطاق في الاطار المالي والمصرفي فقط، بل تجاوزت خط القضاء والمصارف الى الصراع الكبير داخل السلطة حول موقع وشخص حاكم مصرف لبنان رياض سلامة". وذهبت أوساط مواكبة لهذه التطورات ذات الطابع الاستثنائي الى الحديث عن "انقلاب" يجري تصعيد إجراءاته من منطلقات بالغة الخطورة سياسيا ولا ترقى الى الأصول الحذرة والمدروسة واللازمة لدى التعامل مع القطاع المصرفي حتى لو كانت مساءلة هذا القطاع من أولويات الإصلاح كما من ضرورات توفير الحقوق للمودعين من دون تشكيل اخطار جديدة وإضافية عليها. 

وحذرت هذه الأوساط بحسب "النهار" من شبهة يتعالى الكلام عنها في كواليس الداخل السياسي، كما في كواليس البعثات الديبلوماسية، من ان ما يجري يعكس هدفين أساسيين يدفع نحوهما من يقبض على زمام تسخير الجهات القضائية التي تتولى هذه الحملة. الهدف الأول هو تصعيد الهجمة على حاكم مصرف لبنان من خلال الضغط على مجمل القطاع المصرفي لحمله على التسليم بإقالة سلامة واستبداله بشخصية محسوبة على العهد . والهدف الثاني توسل الإجراءات القضائية ضد المصارف في لعبة تجيير الشعبوية لحسابات انتخابية معروفة وربما تبلغ هذه الحسابات حدود التسبب باضطرابات اجتماعية واسعة تطيح الانتخابات وترحلها الى موعد اخر.
 
ولفتت إلى أنه في غضون ذلك أوقفت القاضية غادة عون رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقال محامو مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" انه تم توقيف رجا سلامة شقيق رياض سلامة أثناء استجوابه في قصر العدل وسيتم استدعاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وقالت القاضية عون في تصريح تلفزيوني أن توقيف شقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة جاء بتهمة "الإثراء غير المشروع" . واعتبرت "أن الحاكم استخدم اسم أخيه وشركاتٍ وهمية كان قد أنشأها رجا بإسمه لتسجيل عقارات في فرنساً، قاربت قيمتها الـ 12 مليون دولار".
ورداً على سؤال عن استدعاء الحاكم سلامة قالت عون: "سبق واستدعيناه وشفتو شو صار سنعاود الإتصال به، وإذا لم يحضر منشوف شو منعمل، بركي إجا هالمرة".

وتابعت الصحيفة أنه ليلا أفيد ان القاضية عون استدعت حاكم مصرف لبنان مرة جديدة إلى دائرتها الإثنين للتحقيق معه في الإخبار المقدّم من الدائرة القانونية لمجموعة "رواد العدالة" في ضوء الإفادة التي أدلى بها شقيقه رجا سلامة أمامها في جلسة تحقيق مع الأخير انتهت بتوقيفه. يُشار إلى أنّ القاضية عون أصدرت في وقت سابق قراراً قضى بمنع الحاكم من السفر وأصدرت مذكرة بإحضاره للتحقيق معه في ملف آخر ولم تنفّذ.

ولفتت الصحيفة إلى أن عون اصدرت قراراً بمنع سفر رئيس مجلس إدارة بنك "الاعتماد المصرفي" وتجميد أصول البنك في إطار التحقيق. كما وضعت عون إشارة منع تصرف على أسهم بنك "الاعتماد" وحصصه وعقاراته وسياراته في جميع الشركات التجارية، في الشكوى المقدَّمة ضدّ المصارف من مجموعة "الشعب يريد اصلاح النظام". وهو المصرف السادس الذي تتّخذ القاضية عون هذا التدبير في حقه بعد مصارف "بنك بيروت" و"سوسييتيه جنرال" و"بنك ميد" و"بنك عوده" و"لبنان والمهجر".

وتفيد المعلومات ان جمعية المصارف ستعقد جمعية عمومية اليوم وسط توجّه إلى اتخاذ خطوات تصعيدية اعتباراً من الأسبوع المقبل، بما فيها إعلان الإضراب العام، "إذا لم تتخذ السلطات السياسية التدابير الآيلة إلى الكف عن المخالفات القانونية في حق المصارف ووقف التمادي الفاضح لبعض الجهات لاسيما القضائية في مخالفة القوانين والاستمرار في الممارسات التعسفية والغوغائية التي تؤدي إلى الفوضى القضائية".

صندوق النقد

وقالت الصحيفة إن المفارقة التي سجلت في هذا السياق فتمثلت في اعلان المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس امس ان الصندوق يواصل العمل مع السلطات اللبنانية من أجل إصلاحات اقتصادية، مشيرا إلى أنه من المقرر أن يرسل الصندوق بعثة أخرى من الخبراء هذا الشهر. وأضاف رايس "ما زلنا على تواصل وثيق مع السلطات اللبنانية. ونحاول العمل معها لصياغة برنامج إصلاح يمكن أن يتصدى للتحديات المالية والاقتصادية الشديدة التي يواجهها لبنان".

وتابع قائلا "أود أن أقول إن المناقشات تتقدم بشكل جيد، لكن هناك حاجة إلى عمل مكثف في الفترة المقبلة. تحديات لبنان عميقة ومعقدة وستتطلب وقتا والتزاما"، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

مجلس الامن
كما عقد امس مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات مغلقة بشأن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيريس حول تنفيذ القرار 1701 والوضع في لبنان. واستمع المجلس إلى إيجاز من كل من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسكا ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام السيد جان بيار لاكروا.

وقد رحّبت المنسّقة الخاصّة "بدعم مجلس الامن القوي والمستمر للبنان وهو يصارع الأزمة ويتّجه نحو مسار الإصلاحات، وحول ضرورة الحفاظ على الاستقرار بين لبنان وإسرائيل". وقدّمت إحاطة عن الاستعدادات الجارية للانتخابات النيابية في لبنان المقرر إجراؤها في 15 أيار، مؤكّدة "الحاجة إلى الموثوقية والقدرة على التنبؤ، لا سيما فيما يتعلق بوضع اللمسات الأخيرة على ميزانية الانتخابات والإطار التشريعي وفعالية هيئة الإشراف على الانتخابات". وقالت المنسّقة الخاصّة: "إنّ الناخبين اللبنانيّين يحتاجون ويستحقون اليقين والقدرة على إسماع أصواتهم"، آملةً بالأخص أن تشارك النساء بفاعليّة في الانتخابات كناخبات ومرشحات.

واشارت بقلق إلى استمرار التدهور الاجتماعي والاقتصادي ومعاناة الشعب اللبناني وتآكل القطاع العام، وأكّدت الضرورة الملحّة لتنفيذ إصلاحات ملموسة. وشدّدت على أهمية وجود "رؤية اقتصاديّة وماليّة عادلة وذات صدقية، وإدارة ماليّة سليمة، وإصلاحات ملموسة لقطاع الكهرباء، واتفاقيّة مع صندوق النقد الدولي، وسلطة قضائيّة مستقلة، فضلًا عن الحوكمة الرشيدة وتدابير لمكافحة الفساد." وحثت على التقيّد الكامل بقرار مجلس الأمن 1701 في جميع أحكامه، مؤكدةً هشاشة الهدوء النسبي بين لبنان وإسرائيل. وشجّعت الدول الأعضاء في المجلس على مواصلة تقديم دعمها للجيش اللبناني ولكل مؤسّسات أمن الدولة، مشيرةً على وجه الخصوص إلى تأثير الأزمة وإلى الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات في توفير الأمن والاستقرار خلال الفترة الانتخابيّة المقبلة. وكرّرت دعوات الأمم المتحدة لإجراء تحقيق محايد وشامل وشفّاف في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 للوصول إلى الحقيقة ولتحقيق العدالة للضحايا. واعادت التأكيد أن الأمم المتحدة تقف إلى جانب لبنان وشعبه.
 

رياض سلامةالحدود البحرية اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة