لبنان
جولة لصندوق النقد على المسؤولين.. وهبوط "الكابيتال كونترول" في اللجان المشتركة
تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت اقتراح قانون "الكابيتال كونترول"، الذي هبط على اللجان النيابية المشتركة، والذي من الممكن أن يمثل عامل تفجير نظرًا لحساسية هذا الأمر.
كما تنطلق يوم غد الثلاثاء جولة جديدة لوفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين، بهدف استكمال البحث بخطة التعافي الاقتصادي والمالي، التي على أساسها يفاوض لبنان لمساعدته على الخروج من أزمته.
"الأخبار": «كابيتال كونترول» يهبط بالـ«باراشوت» على اللجان المشتركة
في الأيام القليلة الماضية، جرى التداول بصيغة جديدة لاقتراح قانون يهدف إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة، من دون أن يحمل أي توقيع. لكن جهات متقاطعة لفتت إلى أن البصمات الأساسية فيه تعود إلى نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، فيما أكدّت مصادر قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «القانون هو نتاج المفاوضات مع صندوق النقد وبالتوافق معه على تفاصيله، وبناء على توصية من الصندوق بالتركيز على مسألتين: ضبط الإنفاق لناحية خفض الاستيراد والاستهلاك، وإبقاء هامش من المرونة في القانون يسمح بإدخال تعديلات عليه وبالتعامل مع حالات وصفها الصندوق بالخاصة». يومها سُجلّت الملاحظات خلال الاجتماعات باللغة الإنكليزية، بحسب المصادر، إلا أن «ترجمة النص إلى العربية حوّرت بعض النقاط وأفضت إلى مغالطات أبرزها تلك المتعلقة بالصادرات، لذا عمل الشامي بالتعاون مع فريق من مستشاري ميقاتي في اليومين الماضيين على إعداد مسودة معدلة سيجري توزيعها على النواب قبيل جلسة اللجان المشتركة اليوم».
وتتركز التعديلات على المادة السابعة المتعلقة بإعادة الأموال المتأتية عن الصادرات، خصوصاً الشق الذي يتحدث عن عدم اعتبار عائدات التصدير أموالاً جديدة (أو بمعنى آخر «فريش») على أن يعود «للجنة» المعنية بتطبيق القانون تقرير آلية استخدام العملات الأجنبية الناتجة من عائدات التصدير. فالاقتراح بشكله المتداول، سيؤدي إلى وقف الصناعيين عن العمل، وإقفال باب الاستيراد نهائياً أو أقله ربطه برأي اللجنة وبما تراه مناسباً، وسيقضي على أي أمل بمحاولة تصحيح الخلل في الميزان التجاري. وثمة من يقول، في المقابل، إن ثمة حاجة لضبط حركة أموال التجار الذين «هربوا» الدولارات عبر إبقائها في الخارج وأن القانون المترجم بطريقة خاطئة يهدف إلى ضبط هذه الدولارات ومنع إخراجها وتحديد وجهة استخدامها في شراء المواد المحددة بإشراف من اللجنة.
هنا يفترض الإشارة إلى أن الاقتراح، المكتوب بلغة ركيكة وعلى عجل، يركز في بدايته على تحديد أهداف القانون وتعريفات المصطلحات الواردة فيه من دون أن يذكر من هي اللجنة، بل استمر في ذكرها بين مزدوجين إلى أن أوضح هوية أعضائها ومهامها في المادة الثامنة! ووفق القانون، اللجنة التي ستنشأ مؤلفة من «وزير المالية، وزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير». وتحوز اللجنة صلاحيات استثنائية وتشريعية ملزمة ونهائية تماماً كتلك التي طلبها وزير المال يوسف خليل في قانون الموازنة، أي لتفرض سطوتها وقرارها على حركة «نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري وبعمليات القطع وتحديد سقوف للحسابات النقدية وبإعادة الأموال المتأتية عن عائدات الصادرات وغيرها من التدابير الخاصة المتعلقة بسعر صرف العملات الأجنبية، ويتم نشر القرارات التي تعدها من خلال تعاميم تصدر عن مصرف لبنان».
المشروع يمنح اللجنة المعنيّة بتطبيقه صلاحيّات استنسابية واسعة من دون تحديد واضح لمهامها
منتقدو المشروع يرون أن اللجنة التي تضم الأشخاص والجهات نفسها التي أوصلت البلاد إلى الانهيار، وكانت سبب تبديد الودائع وإجراء هيركات عليها، وأبرزهم رياض سلامة، هي من ستفوّض بإدارة الحل المرتقب للأزمة عبر فرض «كابيتال كونترول». لكن هناك وجهة نظر ثانية، تشير إلى أن الطروحات المتعلقة بتطبيق القانون، تتمحور حول ثلاثة خيارات: أن يطبقها مصرف لبنان، أو أن تطبقها لجنة مشتركة كالمطروحة في هذا المشروع، أو أن تطبق من قبل جهة ثالثة «حيادية»، وهذا دونه عقبات واسعة قانوناً ومنطقاً. لذا، الاقتراح الأفضل أن تكون هناك لجنة من الجهات المعنية، حتى لو كان بعض من يشغلها حالياً مشتبها في أنه يعمل لحساب سلامة أو تحت إمرته أو ضمن أهدافه.
على أي حال، يأتي هذا القانون بعد تهريب مبالغ ضخمة تصل إلى 19 مليار دولار بعلم وموافقة سلامة نفسه. وقد استمرت المصارف بممارسة التهريب حتى الساعة، فيما تحرم المودعين الصغار من دولاراتهم! هنا يحضر تساؤل بارز حول أهمية قانون مماثل؛ فإذا لم يكن هذا القانون جزءاً من خطة تعاف مالي، من سيستفيد منه باستثناء المصارف طالما أنه ينص على «ليلرة» الودائع في المادة السادسة، أي تأكيد بأن الدولارات طارت وتحميل مغبة هذه الخسائر للناس وتحديد سقف سحوباتها في المادة الخامسةبـ 1000 دولار شهرياً؟ ففي غياب أي سعر موحد للدولار، ستتعرض الودائع لمزيد من «الهيركات» عبر ربط سحبها بمنصة صيرفة في حين أن سعر السوق الموازية قد يكمل ارتفاعه بلا سقف. المشكلة الرئيسية، وفقاً للخبراء، ليست في اللجنة ومهامها بل في الأشخاص، «فمن الطبيعي أن يكون مصرف لبنان طرفاً أساسياً في أي قانون يتعلق بالسحوبات المصرفية والنقدية ولكن لأن اسم حاكم المصرف هو رياض سلامة، ولأن رئيس اللجنة هو رئيس الحكومة الراعي الرسمي لسلامة والمصارف وحارس هيكلهم، عندها يصبح الاعتراض مبرراً». الأمر نفسه ينسحب على الموظف لدى الحاكم، وزير المال يوسف خليل. وتشير المعلومات إلى أن فريق رئيس الحكومة والمفاوضين اقترحوا في البداية أن يكون مصرف لبنان ووزارة المالية هما الطرفان المعنيان بتطبيق هذا القانون، إلا أن صندوق النقد اعترض على هذا الطرح فتمّ اقتراح هذه اللجنة. كذلك من ضمن التعديلات التي سيجريها الشامي وفريق ميقاتي على القانون تقصير مدته من 5 سنوات إلى 3 سنوات.
مواقف الكتل: الغالبية ضدّ!
قوبل القانون المتداول به بطريقة غير رسمية برفض غالبية الكتل النيابية التي ستناقشه في اللجان المشتركة اليوم. المسودة «هبطت» فجأة من دون أن يكون لها «أب»، لكن جرى التسويق له من فريق ميقاتي، وبشكل أدق سعادة الشامي، باعتباره قانون «صندوق النقد»، وإزاء ذلك، سجّلت الكتل النيابية المواقف الآتية:
- كتلة الوفاء للمقاومة ستجتمع قبل جلسة اللجان، للبحث في الاقتراح، مؤكدة أنه لا يمكن الموافقة عليه بشكله الحالي.
- التيار الوطني الحر رفض المشروع، وقال النائب إبراهيم كنعان لـ«الأخبار» إن الصيغة المتداولة مرفوضة لأنها تمنح اللجنة صلاحيات استثنائية ولا تحمي حقوق المودعين وتجمّد أموالهم ولا تسمح لهم سوى بسحب ألف دولار شهرياً. ويؤكد كنعان أن الاقتراح لم يصل حسب الأصول وفق مشروع قانون مقدم من الحكومة أو بإمضاء أحد النواب عليه بل «سقط» من حيث لا ندري. وعما إذا كان على علم أنه يحمل موافقة صندوق النقد، أجاب أن التيار ضدّ هذه المسودة ولو كانت تحمل موافقة الصندوق، مشيراً إلى «أنهم» كل ما أرادوا تمرير مشروع يدّعون أنه من صندوق النقد. وقال النائب ألان عون: «إننا بانتظار المسودة الجديدة التي يعملون عليها وسنتخذ موقفاً منها بعد دراستها».
- النائب ياسين جابر، لفت إلى أن الرئيس نبيه بري وحركة أمل مع «الكابيتال كونترول ومع كل ما يحمي أموال المودعين». ويؤكد أن «الاقتراح المعجّل بحاجة إلى تعديل لأنه غير مقبول كما هو»، مشدداً على أن هذا الموقف يعبر عن موقفه الشخصي فقط.
- يعارض الحزب الاشتراكي الصيغة المطروحة. إذ يقول النائب بلال عبدالله لـ«الأخبار» إن «الاشتراكي مع الكابيتال كونترول بالطبع ولكن بالمقترح المتداول نحن ضد كل ما يطاول المودعين وخصوصاً الصغار منهم وضد إلزامهم بالليرة اللبنانية، ونعترض على الصلاحيات الواسعة جداً لهذه اللجنة».
- كتلة تيار المستقبل ستعقد اجتماعاً لاتخاذ الموقف من هذا القانون الذي لم يصلها إلا ليل أمس.
- «الأخبار» حاولت الاتصال بالنائب في حزب القوات اللبنانية جورج عدوان لكنه لم يجب.
"اللواء": جولة جديدة لوفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين
لبنانياً، كانت زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان مليئة بالمضامين التي حملتها العروض التي أعلنها أمام المسؤولين اللبنانيين، وتحدث عنها في لقاء صباحي يوم الجمعة مع عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية، وتضمنت بالإضافة لعرض إنشاء معامل للكهرباء، الاستعداد لتغطية سريعة لحاجات لبنان من الطحين والمازوت والغاز واستجرار الكهرباء بواسطة شبكة الربط مع العراق وعبر سورية، وقبول التعامل التجاري بين لبنان وإيران بالريال الإيراني والليرة اللبنانية.
تنطلق يوم غد الثلاثاء جولة جديدة لوفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين، بهدف استكمال البحث بخطة التعافي الاقتصادي والمالي، التي على أساسها يفاوض لبنان لمساعدته على الخروج من أزمته. ويسبق ذلك اجتماع اللجان المشتركة اليوم للبحث في مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي وضع على جدول اعمال الجلسة العامة يوم غد الثلاثاء. ويهدف المشروع وفق الصيغة الجديدة إلى «إدخال ضوابط على عمليّات التّحاويل إلى العملات الأجنبيّة بشكل شفّاف لمنع المزيد من تدهور سعر الصّرف، لحماية احتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبيّة، ولاستعادة السّيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه». ويقترح إنشاء لجنة خاصّة مؤلّفة من وزير الماليّة، وزير الاقتصاد والتّجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير. وتكون هذه «اللّجنة» «مسؤولة عن إصدار التّنظيمات التّطبيقيّة المتعلّقة بهذا القانون، بشكل خاص ما يتعلّق منها بحظر نقل الأموال عبر الحدود وبالتّحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري وبعمليات القطع، وتحديد سقوف للحسابات النّقديّة وبإعادة الأموال المتأتّية عن عائدات الصّادرات، وغيرها من التّدابير». كما ينصّ على أنّ السّحوبات النقديّة من الحسابات المصرفيّة كافّة، باستثناء حسابات الأموال الجديدة، تخضع لقيود تحدّدها «اللّجنة». ويجب أن تسمح هذه القيود بسحب ما لا يزيد عن ألف دولار أميركي للفرد الواحد شهريًّا، بالعملة الوطنيّة أو بالعملة الأجنبيّة، وفق ما تحدّده اللّجنة. وفي ما خص فتح حسابات مصرفية جديدة، وبحسب الصيغة المقدّمة يحظر على المصارف فتح حسابات مصرفية جديدة، كما يحظر عليها إضافة شركاء إلى حسابات قائمة، كما يحظر تفعيل الحسابات الراكدة.
واعلن مكتب نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي أن الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي تواصلت خلال هذا الأسبوع وتركزت بمعظمها على مشروع قانون «الكابيتال كونترول» لأخذ رأي الصندوق وملاحظاته، بناء على طلب أعضاء مجلس النواب.
وقال البيان: خلال الأسبوع الماضي أيضاً دعا نائب رئيس الحكومة إلى اجتماعات استشارية لمناقشة الخطوط العريضة لخطة التعافي الاقتصادي والمالي والتي على أساسها يتمّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ولهذه الغاية عقدت ثلاثة اجتماعات مع ممثلين عن المودعين ونقابة العمال ونقابات المهن الحرة ومع مجموعة من الاقتصاديين وخبراء في الشأن المالي ومع ممثلين عن الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف.
وأكّد المكتب أن هذه الاجتماعات كانت مفيدة للغاية وستؤخذ بالاعتبار الملاحظات والاقتراحات التي قدمت في هذه الاجتماعات لمناقشتها مع بعثة صندق النقد الدولي التي ستبدأ عملها في بيروت الأسبوع المقبل.
وفي سياق متصل، تتّجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء الأربعاء والتي لم تُحسم بعد مشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في هذه الجلسة، خاصة أن الاخير سوف يمثل بموجب مذكرة إحضار، أمام المحقق العدلي نقولا منصور في جبل لبنان يوم الخميس المقبل. ويبحث مجلس الوزراء، بحسب ما علمت «البناء» في أزمة المحروقات وكيفية التعاطي مع هذه الأزمة من قبل مصرف لبنان والشركات المستوردة للنفط فضلاً عن ضرورة تأمين الدعم لشراء القمح مع الإشارة إلى أن النزاع المصرفي القضائي سيأخذ حيزاً مهماً من الجلسة نظراً لتداعياته الخطيرة على الواقع المالي والاقتصادي.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اختتم زيارته الى قطر أمس، باجتماع عقده مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، عشية وصول وفد رفيع من الصندوق الى بيروت اليوم لاستكمال البحث مع الحكومة في برنامج التعاون الإصلاحي مع لبنان.
وبحث ميقاتي مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية باتريك بويانيه مسار الاتفاق المتعلق بين لبنان وتوتال للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، والعراقيل التي تؤخر بدء التنقيب. كما تطرق البحث الى موضوع قرار لبنان إجراء مناقصة لاستدراج عروض لإنشاء محطة لتسييل الغاز في الزهراني.
وفيما شارك ميقاتي في الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى الدوحة»، التقى على هامشه عدداً من المسؤولين العرب والدوليين، أبرزهم أمير قطر تميم بن حمد ووزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح. وقال ميقاتي إن لبنان بحاجة الى رعاية عربية كهذه، وقطر الى جانب لبنان وستعيد كل الدول العربية ودول الخليج بالذات علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن بحاجة الى هذا الاحتضان العربي لوطننا». واعتبر أن «ما جرى في الفترة الماضية كان غيمة صيف ومرّت وستزول مع الزيارات التي سيقوم بها الى الدول العربية، ومع إعادة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج الى طبيعتها، ونحن بحاجة الى هذه العلاقات خاصة مع المملكة العربية السعودية».
ولفت الى أن «الشيخ تميم يعي تماماً المشكلات في لبنان وهو الى جانب لبنان ووعد أنه خلال الاسابيع المقبلة فإن وزير الخارجية القطري سيزور بيروت ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان».
والتقى ميقاتي المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي ورئيس الوفد الايراني الى «منتدى الدوحة» وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي.
أما البطريرك الماروني بشارة الراعي فقال أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقاً. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل».
الى ذلك بدأ وفد من مجموعة العمل الاميركية حول لبنان American task force on Lebanon برئاسة السفير أد غبريال زيارته لبنان فالتقى البطريرك الماروني. وقد تناول البحث الاوضاع العامة في لبنان «ولا سيما الحالة الاقتصادية المتدهورة، الانتخابات النيابية المقبلة، وسبل دعم القضية اللبنانية»، على ان يلتقي اليوم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى.
"الجمهورية": ميقاتي الى جولة عربية قريباً
ويُنتظر ان يكون هذا الاسبوع اسبوع قانون الـ»كابيتال كونترول» بامتياز إقراراً او تأجيلاً، فيما يتعاظم خوف المودعين في المصارف من هذه القنبلة الموقوتة على ودائعهم التي يتجاذب مصيرها سيل من المقترحات التي لم يجدوا في أي منها حتى الآن ما يطمئنهم إليها، ويتطلعون الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، لاتخاذ موقف غداة طرح هذا المشروع على جلسة مجلس النواب غداً، ينسجم مع موقفه المشدّد تكراراً منذ نشوء الأزمة، على عدم المسّ بهذه الودائع وإعادتها كاملة الى اصحابها. وتبدي أوساط هؤلاء المودعين مخاوف جدّية من ان ينطوي المشروع المطروح على مخاطر تهدّد ودائعهم، خصوصاً على مستوى إعادتها اليهم بالليرة اللبنانية وعلى أساس سعر الدولار بـ8 آلاف ليرة. وفي هذا السياق، تتساءل هذه الاوساط عن سبب تكديس مصرف لبنان عشرات التريليونات من الليرة اللبنانية في مخازنه، خصوصاً منذ صدور التعميم 161 الذي أتاح لمن يشاء من مودعين وغير مودعين ان يستحصلوا على دولار fresh من المصارف وفق سعر منصة صيرفة. ويسألون، هل انّ هذه التريليونات يُراد استخدامها لسداد الودائع بالليرة اللبنانية وبأبخس الأسعار، وهو ما يرفضونه جملة وتفصيلاً؟ وتقول انّه إذا كانت الغاية من جمع هذا التريليونات امتصاص التضخم في العملة الوطنية، فإنّ المبالغ المجمّعة حتى الآن تفي بالغرض وأكثر، حيث الأوراق النقدية تكاد تندر من أيدي الناس، خصوصاً بعد توقف الاسواق الاستهلاكية ومحطات المحروقات وغيرها، عن القبض من الزبائن بواسطة بطاقات الإئتمان؟
عشية مناقشة مشروع الـ«كابيتال كونترول» القنبلة الموقوتة في مجلس النواب، قالت اوساط نيابية لـ«الجمهورية»، انّه وعلى رغم ما تمّ تضييعه من وقت منذ وقوع الانهيار، الّا انّ إقرار قانون «الكابيتال كونترول»، ولو متأخّراً، يبقى ضرورياً لحماية ما تبقّى من دولارات في البلد، مشيرة الى «انّ أسوأ صيغة منه تظل أفضل من عدم وجوده».
وكشفت هذه الاوساط، انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان أبلغ إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، انّه في حال عدم إقرار قانون «الكابيتال كونترول» فلن يكون هناك اتفاق مع صندوق النقد، واللاتفاق يعني انّ خطر الانفجار الاجتماعي سيصبح داهماً. ولفتت إلى انّ إقرار مشروع الـ«كابيتال كونترول» المطروح، بعد إدخال بعض التعديلات اليه، سيسحب 80 في المئة من الأسباب التي تتسلّح بها القاضية غادة عون في مواجهة المصارف.
رهان
وفي هذه الأجواء، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الأوساط المالية والنقدية تتابع بدقّة طريقة مقاربة مجلس النواب في جلسته التشريعية غداً اقتراح القانون الرامي الى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية المعروف بـ«الكابيتال كونترول» المطروح على اجتماع لجنتي الادارة والعدل والمال والموازنة النيابية، المقرّر العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم، على ان يُحال الى المجلس النيابي بصفة «المكرّر المعجّل»، في اعتباره إحدى الخطوات التي تعيد تنظيم العلاقات بين المودعين والمصارف ويرسم خريطة الطريق الى الحصول على شيء من مدخراتهم، وهو ما يؤدي الى توفير كثير من المراجعات القضائية، ما خلا تلك المفتوحة على خلفية المناكفات السياسية بين الأطراف المتنازعة.
وذكرت مصادر مطلعة على الحراك الهادف الى توليد القانون لـ«الجمهورية»، انّها لا يمكنها الحسم بما سيكون عليه الجو النيابي اليوم وغداً، خصوصاً بعدما أدخلت الحكومة تعديلات عليه امس ووزعته على المعنيين بصيغة جديدة. وإن جرى البت بالقانون الجديد سيعني انّ هناك خطوات حاسمة يمكن ان تتحقق وسط كثير من الشكوك بجدّية ما هو مطروح للبت به نتيجة الخلافات بين الكتل النيابية، في ظل فقدان رؤية أوسع واشمل يمكن ان تكون من ضمن خطة التعافي المفقودة حتى الآن.
وفد صندوق النقد
على انّ هذه الخطوة تكتسب أهمية بالغة عشية وصول وفد من صندوق النقد الدولي الى بيروت في الساعات المقبلة - وعلى الأرجح مساء اليوم - لاستئناف البحث غداً مع الفريق الحكومي المكلّف هذه المفاوضات برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الذي تقدّم بالمشروع المطروح على اللجان النيابية اليوم وعلى الجلسة النيابية في ساحة النجمة غداً، وليس صحيحاً القول انّه مشروع لقيط.
وكان اللافت في هذا المجال اجتماع ميقاتي في الدوحة مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «توتال» الفرنسية باتريك بويانيه، وبحث معه في مسار الاتفاق المتعلق بين لبنان و«توتال» للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك الرقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، والعراقيل التي تؤخّر بدء التنقيب. وتطرّق البحث الى موضوع قرار لبنان إجراء مناقصة لاستدراج عروض لإنشاء محطة لتسييل الغاز في الزهراني.
نتائج زيارة ميقاتي
على صعيد آخر، توقعت مصادر مطلعة عبر «الجمهورية»، ان تُطرح على بساط البحث في الأيام المقبلة، نتائج زيارة ميقاتي لقطر والاجتماعات واللقاءات التي عقدها ومدى تطابقها مع التوقعات التي وصفتها بأنّها محطة جديدة في مسار إعادة تصحيح علاقات لبنان مع دول الخليج وإعادته الى الحضن العربي، بعد مرحلة من التوترات والتباعد.
وإن غابت المعلومات عن أي لقاء جمعه ميقاتي مع أي مسؤول سعودي في الدوحة، فقد اعتُبر اللقاء الأبرز الذي عقده مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولقاؤه مع الوزير القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني. ونقل ميقاتي عن أمير قطر، أنّ وزير الخارجية القطري سيزور بيروت، ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان. واكّد «أنّ لبنان في حاجة إلى الاحتضان العربي»، وأنّه سيزور عدداً من الدول العربية، ومشدّداً على أنّ «لا خيار أمامنا سوى التعاون مع صندوق النقد الدولي لوضع لبنان على سكة التعافي». وقال: «لبنان في حاجة دائماً إلى رعاية عربية كهذه، وقطر إلى جانب لبنان، وبإذن الله كل الدول العربية، ودول الخليج بالذات، ستعيد علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن في حاجة إلى هذا الاحتضان العربي لوطننا».
الحضور العربي
وإلى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية انّ التطور المتعلق بإعادة الدول الخليجية تعزيز حضورها الديبلوماسي قريباً في لبنان لم يحصل بين ليلة وضحاها، إنما ارتبط بمسارين داخلي وخارجي:
ـ المسار الأول، التزم فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم السماح بتحويل لبنان منصة لاستهداف الدول الخليجية، وقد تصرّف على هذا الأساس في بيانات الحكومة والمواقف الصادرة عنه والتي حظيت بإشادة سعودية، وبالتالي لولا التزام ميقاتي بأجندة صارمة تستنكر كل اعتداء على المملكة العربية السعودية وتصرّ على أفضل العلاقات معها ومع الدول الخليجية لما سلك مسار العودة الخليجية طريقه.
ـ المسار الثاني، خارجي وتصدّرته ثلاث عواصم: واشنطن وباريس والقاهرة، حيث عملت على إقناع الرياض بضرورة إعادة تفعيل حضورها في لبنان من أجل إبقاء ميزان القوى الخارجي طابشاً لمصلحة المجتمعين العربي والغربي على حساب الدور الإيراني، لأنّ طهران ستملأ الفراغ الناتج من أي انسحاب او خروج او ابتعاد خليجي، وبالتالي لا مصلحة إطلاقاً بترك الساحة اللبنانية لإيران.
وقد أثمرت الجهود الثلاثية الأميركية والفرنسية والمصرية في إقناع السعودية بإعادة النظر في موقفها من لبنان، من منطلق انّ ابتعادها عنه يعزِّز الحضور الإيراني، فيما اقترابها يؤدي إلى لجمه، وانّ التخلي عن الساحة اللبنانية لطهران لا يفيد بشيء، إنما من الضرورة اعتماد سياسة ربط نزاع معها وإرباكها في لبنان بدلاً من ترييحها. وقد ارتكزت وجهة نظر الثلاثي على ثلاثة عوامل أساسية:
ـ العامل الأول، حرص رئيس الحكومة على أفضل العلاقات مع الدول الخليجية، ووضع كل ما يلزم لعدم السماح باستخدام لبنان منصّة لاستهدافها.
ـ العامل الثاني، تصدّي شريحة واسعة من القوى السياسية للنفوذ الإيراني في لبنان، وهذه الشريحة يجب دعمها وتظليلها لا التخلّي عنها.
ـ العامل الثالث، ضرورة التمييز بين رفض تقديم أي دعم للسلطة الممسوكة من «حزب الله»، وبين ضرورة تقديم الدعم للشعب اللبناني من أجل تمكينه في سياق سياسة صمود تخوله المشاركة في الانتخابات النيابية لكفّ يد الفريق الحاكم.
ومعلوم انّ الانتخابات النيابية تحظى بدعم دولي كبير، وهناك خشية دولية من ان تؤدي الأوضاع المالية المزرية إلى إحباط الناس وعدم مشاركتها الكثيفة في الانتخابات، الأمر الذي تستفيد منه السلطة الحالية، وهذا ما يفسِّر توقيت إعادة الرياض تعزيز دورها، أي قبل الانتخابات مباشرة، لأنّ نشوء غالبية نيابية مؤيّدة للتوجّه العربي والدولي يؤدي إلى تقليص مساحة استخدام «حزب الله» للغطاء الشرعي.
عون والراعي
ومن جهة ثانية، وتبديداً للأجواء التي رافقت مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي أدلى بها الى إحدى الصحف الايطالية على هامش زيارته الاخيرة لروما والفاتيكان، توقعت مراجع سياسية مطلعة ان يُعقد خلال الايام القليلة المقبلة لقاء بينه وبين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في رسالة موجّهة الى المصطادين في تفسير المواقف بينهما، ووضع حدّ للجدل القائم في بعض الأوساط، نتيجة ما وصفته مصادر قريبة منهما بـ»سيناريوهات وهمية».
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024