لبنان
عودة المخاوف من تأجيل الانتخابات.. والملف الاقتصادي الى الواجهة
عاد الحديث عن القلق من تأجيل الانتخابات النيابية الى الواجهة من جديد. بعض التحليلات تتخوف من التأجيل من بوابة الأحداث الأمنية، وبعضها الآخر من بوابة تعذر تأمين الأمور اللوجستية لا سيما الكهرباء. في المقابل، يؤكد مراقبون أن احدًا لن يتجرأ على تحمل مسؤولية تأجيل الانتخابات، خصوصًا أمام الخارج.
* هاجس تأجيل الانتخابات يعود
في هذا الاطار، رأت صحيفة "الأخبار" أنه حسب نقاشات أمنية وسياسية، فإن جميع الأطراف يعلمون أنه لم يعد في استطاعة أي طرف خلق أعذار إضافية وحجج لتأجيل الانتخابات النيابية، وليس هناك أسباب مقنعة على مستوى محلي وخارجي تجعل الإرجاء يمرّ مرور الكرام. ونقلت الصحيفة عن مصادر مواكبة للتحضير للانتخابات، قولها إن الجميع يخشى من "اليوم التالي" لفعل الإرجاء، أي ردة الفعل المحلية والإقليمية والدولية تجاه هذه الخطوة. ولو كان جميع المعنيين الرسميين والحزبيين يضمنون سهولة هذه الخطوة، والسيناريو المحتمل لما ستحدثه من تطورات لا يمكن التكهن بنتائجها، لأقدموا عليها.
هذا يعني أن الانتخابات لن تتعطل إلا بفعل خضة ما. وفي العادة يكون الكلام بوضوح عن عمل أمني هو الغالب كسبب لتطيير استحقاق بهذا الحجم. لكن الأمنيين الذين يؤكدون جهوزية القوى الأمنية لمواكبة الاستحقاق، يحاذرون الإشارة الى أي من التوقعات حيال المخاوف من احتمالات أمنية مقلقة. إذ لا معلومات أمنية في هذا الاتجاه، ولا شيء يوحي حتى الآن بأن ثمة خربطة أمنية قد تحصل. فكل التوترات الأمنية المتوزعة في أكثر من منطقة لا ترتبط بحالة سياسية معينة، بل سببها إما مشكلات اجتماعية أو اقتصادية أو حتى جرمية. ولم يُرصَد وفق "الأخبار" ما يدلّ على تحضيرات أو مؤشرات أمنية لإطاحة الاستحقاق.
ورغم أن لا أحد من المعنيين يقلّل من شأن تفاقم الأزمة المعيشية بين ارتفاع سعر البنزين وفقدان الخبز وانقطاع الكهرباء، إلا أن هذه الأزمات لا تشكل حتى الساعة تطوراً استثنائياً، يستدل منه على القيام باحتجاجات شعبية واسعة تتطور الى تدهور وحالة أمنية تتسبّب تالياً بتطيير الانتخابات. فالمحتجّون نوعان، الأول منخرط في الانتخابات، ولن يكون له مصلحة في تطييرها، والثاني حزبي تحت ستار معيشي، لن يكون من السهل خروجه بوضوح الى الشارع من دون أن يترافق ذلك مع إشكالات سياسية.
بدورها، نقلت صحيفة "الجمهورية" عن مصادر معنية قولها أنّ موظفي "الخارجية" في البعثات في الخارج لن يقدموا على الإضراب فـ"أحد لا يريد العودة الى لبنان بل العكس"، موضحةً أنّ "الانتخابات في الخارج عملية نصفية، أي ينتخب المغترب والسفارات تسجّل المنتخبين وترسل المحضر والفرز يجري في لبنان، إذ تُحفظ صناديق الاقتراع أو أوراق الانتخاب في مصرف لبنان حتى يوم الانتخابات في لبنان حيث تُفرز". وأشارت الى أنّ "كلّ السفارات أو غالبيتها مستعينة بالجاليات لوجستياً ومالياً". وبالتالي، اعتبرت أنّ "هذا مجرّد ضجيج ولا يؤثر فعلياً على إجراء الانتخابات". كذلك أشارت الى أنّ "موضوع الكهرباء حلّه سهل، فكل منطقة يوجد فيها موزّع عبر "الموتورات"، كذلك الأموال موجودة وكلفة الانتخابات أقلّ بكثير من كلفتها عام 2018، وهناك دول مستعدة لدفع الأموال لتأمين الكهرباء لتسيير الانتخابات".
وجزمت مصادر مسؤولة بحسب "الجمهورية" أنّ "هناك انتخابات وممنوع ألّا يكون هناك انتخابات، وأحد لا يتجرّأ على تخريبها، فالضغوط الموجودة على البلد من الشرق والغرب لا تُحتمل. كذلك إنّ الأمور تتجه الى الهدوء في المحيط، ولقد عادَ سفراء الخليج، وتحصل اجتماعات في اليمن، والاتفاق النووي "ماشي"، والرئيس السوري بشار الاسد في حضن العرب، وبالتالي لماذا ستُعرقل في لبنان؟ خصوصاً أنّه من مصلحة الجميع أن يتعافى لبنان الذي لا يُمكن الاستغناء عنه في أي حال من الحالات".
أمّا صحيفة "البناء"، فرأت أن الهواجس من خطر تخريب الانتخابات عادت مع تزايد احتمالات فشل الفريق المناوئ للمقاومة بكل مكوناته التقليدية والجديدة، في تحقيق تعهداته بنيل الأغلبية النيابية، فبعد تحذيرات الأمين العام لحزب الله من مخاطر العبث بإمكانية إجراء الانتخابات، ظهرت أزمة القمح والطحين، التي تمّ حلها مؤقتاً حتى أول شهر أيار، ما يفتح الباب لتكرارها وعدم حلها بعد هذا التاريخ عشية الانتخابات، كما بدأ الدولار مجدداً مسيرة تصاعدية في سوق الصرف، بصورة استحضرت المخاوف من وجود خطة منسّقة مع حاكم مصرف لبنان كما تقول مصادر معنية بالعملية الانتخابية، لترك الدولار يبلغ سعر الـ 30 و40 وربما 50 الف ليرة، بالتزامن مع أزمات خبز ومحروقات، ما سيتكفل بإشعال الشارع وفتح الطريق نحو الفوضى، بما يجعل إجراء الانتخابات مستحيلاً.
* هذا ما حققه لقاء "السيد" مع فرنجية وباسيل
من جهتها، تطرقت صحيفة "الجمهورية" الى لقاء الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله برئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وأشارت الى أن "السيد" التقى قبل فترة باسيل وفرنجية كلٌ على حدة، ودام كل لقاء نحو ثلاث ساعات، في ما بدا انّه تمهيد للمّ الشمل، فلما سُئل الرجلان لاحقاً عن رأيهما في التلاقي بدعوة منه لم يمانعا.
وبحسب الصحيفة، فإن النتيجة الفورية التي ترتبت على جلسة الإفطار، تمثلت في إنجاز المصالحة بين فرنجية وباسيل بعد نزاع حاد، لطالما شكّل خاصرة رخوة في جسم الفريق الذي يضمّ "حزب الله" وحلفاءه، ما تسبب احياناً عدة في "صداع" سياسي للحزب.
وقد تُرجمت المصالحة من خلال إعادة فتح الخطوط المباشرة بين التيارين ووقف الحملات الإعلامية، ومن غير المستبعد كذلك ان يتبادل فرنجية وباسيل التهاني في عيد الفصح. وبالتالي، فإنّ الهدف المباشر للاجتماع تحقق، وهو استئناف "العلاقات الديبلوماسية" بين بنشعي والبياضة.
الصحيفة أكدت أنه لم يتم الخوض في الاستحقاق الرئاسي المرتقب في تشرين الأول المقبل، وإن كانت ملائكته حضرت تلقائياً بحكم انّ الإفطار ضمّ اثنين من أبرز المرشحين، والأكيد انّ النجاح في تذويب الجليد بينهما سيسهّل على الحزب مقاربة ملف رئاسة الجمهورية عندما يحين الأوان.
ويؤكّد العارفون وفق "الجمهورية" انّه لم يتمّ التطرّق خلال إفطار الضاحية الى انتخابات رئاسة الجمهورية للأسباب الآتية:
- انّ الرئيس ميشال عون لا يزال في قصر بعبدا.
- انّ الانتخابات النيابية لم تحصل بعد وليس معروفاً من سيربح الأكثرية، وما إذا كان الحزب وحلفاؤه سيستعيدونها.
- من غير الممكن اصلاً مناقشة هذا الاستحقاق مع فرنجية وباسيل سوياً في الوقت نفسه وفي المكان نفسه.
ويوضح العارفون، انّه جرت أثناء اللقاء جولة شاملة امتدت من مفاوضات فيينا الى المفاوضات الإيرانية- السعودية مروراً بالأوضاع الداخلية ومرحلة ما بعد الانتخابات وعلاقة "التيار الحر" و"المردة".
وأشارت الصحيفة الى أن السيد نصر الله شدد على أهمية ان يحصل تعاون انتخابي في مواجهة الخصم المشترك، حتى لو كان "التيار" و"المردة" يتواجدان على لوائح منفصلة، لافتاً الى انّ "أي ربح هو فوز لنا جميعاً كفريق واحد على المستوى الاستراتيجي".
ويعتبر قريبون بحسب "الجمهورية" أن وضع إفطار الضاحية في خانة "الاستدعاءات" هو تشويه للحقيقة. مشيرين الى انّ "من يوجّه اتهاماً كهذا يجهل او يتجاهل طبيعة العلاقة بين الحزب وحلفائه، والمرتكزة على الاحترام المتبادل". ويضيف هؤلاء: "لو كانت المسألة مسألة استدعاءات"، فلماذا لم يتمّ لقاء فرنجية- باسيل من قبل، كما كان يتمنى "السيد"؟ ولماذا واجه باسيل الحزب في جبيل وبعلبك الهرمل في انتخابات 2018، وغيرها من القضايا الخلافية التي تعكس خصوصية كل طرف وتمايزه؟
* الحكومة ستقر خمسة قوانين إصلاحية
في الشأن الاقتصادي، علمت صحيفة "البناء" أن الحكومة ستقر خمسة قوانين إصلاحية وستحيلها الى الحكومة قبل 21 أيار وفي الوقت نفسه قانون الكابيتال كونترول سيبصر النور قبل نهاية ولاية المجلس النيابي.
ولفتت مصادر اقتصادية مطلعة وشاركت بجزء من اجتماعات صندوق النقد الدولي الأخيرة مع الحكومة اللبنانية، لـ"البناء" إلى "أن الاتفاق المبدئي بين بعثة الصندوق والحكومة اللبنانية، تشكل مقدّمة للمؤتمرات المقبلة التي ستنعقد في لبنان من سيدر والمؤتمرات الأخرى التي ستمولها الجهات المانحة"، كاشفة أن "مبلغ الثلاثة مليارات التي سيقدمها الصندوق للبنان ستؤسس الى مرحلة النهوض لكنها ليست كافية"، مشيرة الى أن "الأموال التي ستأتي من الخارج لن تذهب جميعها لتغذية المالية العامة للدولة، فهناك 11 مليار دولار استثمار في بناء مشاريع البنى التحتيّة، ما سيعيد الثقة الدولية الى لبنان بعد جملة انهيارات مالية ونقدية واقتصادية من التخلّف عن تسديد اليوروبوند وفقدان الودائع المصرفية وانهيار العملة الوطنية وإفلاس المؤسسات وانفجار المرفأ".
ونقلت المصادر عن بعثة الصندوق إشارتها الى أن "العالم لم تعد لديه ثقة بلبنان ويضع الطبقة السياسية على محك الإصلاحات وسيراقب مدى إمكانية إنجاز البنود الإصلاحية المطلوبة على أن يمارس الصندوق سلطة رقابية كل ثلاثة شهور بتفحّص وتقييم الجهود التي قام بها لبنان على غرار ما يحصل في مصر".
وكشفت المصادر ايضاً أن الإصلاحات المطلوبة تتلخص بالتالي:
- توحيد سعر الصرف.
- إقرار موازنة 2022.
- تعديل قانون السرية المصرفية.
- التدقيق في حسابات مصرف لبنان.
- إعادة هيكلة قطاع المصارف.
- الكابيتال كونترول.
- توزيع الخسائر على الجهات المسؤولة عن الأزمة.
وفي هذا السياق علمت "البناء" أن "صندوق النقد يؤيد توزيع الخسائر على الأطراف الأربعة الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، لكنه طرح تحميل الدولة النسبة الأقل يليها مصرف لبنان ثم توزيع الجزء الأكبر من الخسائر للمصارف وكبار المودعين، بالتوازي مع حماية صغار المودعين الذين لا تتجاوز وديعتهم 200 ألف دولار، مع إخضاع كبار المودعين لنظام خاص"bill in" على أن تجري إعادة الودائع لكبار المودعين الى أصحابها بشكل تدريجيّ ضمن خطة طويلة الأمد من خمس الى عشر سنوات"، لكن المصادر توضح أنه "لم يتم الاتفاق حتى الآن على توزيع الخسائر البالغة 73 مليار دولار".
من جهتها، رأت صحيفة "النهار" أن الاتفاق الاولي الذي أعلن الأسبوع الماضي بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وضع الحكومة ومجلس النواب أمام مفارقة زمنية صعبة اذ إن الالتزامات التي يرتبها الاتفاق على لبنان لا تحتمل انتظارا وتريثًا طويلين بحجة تمرير استحقاق الانتخابات النيابية أولا، بل يتوجب على السلطتين التنفيذية والتشريعية الشروع فوراً بمعزل عن أي اعتبار في الإيفاء بهذه الالتزامات لئلا يرتب مزيد من التأخير تداعيات سلبية إضافية على تنفيذ الاتفاق.
تبعاً لذلك سيشهد اليوم تجربتين أساسيتين في سياق اظهار الحكومة والمجلس الجدية اللازمة لملاقاة ترجمة البنود التي نص عليها الاتفاق مع صندوق النقد . التجربة الأولى عبر إحالة مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي اقرته الحكومة معدلا على اللجان النيابية المشتركة وسط استعجال رئيس مجلس النواب نبيه بري هذه الإحالة اظهارا منه لجدية التزام المجلس ما يطلب منه لتسهيل تنفيذ الالتزامات حيال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ولكن شروع اللجان في درس المشروع لا يكفل التوصل بالسرعة الحاسمة الى اقراره تمهيدا لاحالته على جدول اعمال الجلسة التشريعية الأخيرة للمجلس الحالي والتي يرجح ان يعقدها بهيئته العامة قبل نهاية نيسان الجاري وهو الامر الذي سيضغط بقوة على اللجان والكتل النيابية لكي تكثف جهودها لاخراج هذا المشروع الحيوي وتجنب اسقاطه للمرة الثالثة بعد تجربتين سابقتين انتهتا الى الإخفاق. وثمة مؤشرات هذه المرة الى ان ضغوطا كثيفة ستبذل من اجل توصل اللجان الى صيغة نهائية للكابيتال كونترول لان ترف الاختباء وراء بدء "الاجازة الانتخابية" بمعنى التهرب من إقرار المشروع ولو بتعديلات إضافية على التعديلات الحكومية التي أدخلت عليه، سيشكل علامة سلبية للغاية في خانة المجلس بما يتعين معه ترقب مساع استثنائية اليوم للدفع نحو التعمق في درس المشروع واقراره ولو اقتضى الامر جلسات لاحقة سريعة.
اما التجربة الثانية ذات الصلة بتنفيذ التزامات لبنان حيال الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي، فتتمثل بحسب "النهار" بمعلومات عن احتمال طرح آخر نسخة أنجزت عن خطة التعافي الاقتصادي الكاملة للحكومة ومن ضمنها خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد غدا في السرايا الحكومية.