معركة أولي البأس

لبنان

السيد نصر الله يؤكد جهوزية المقاومة للردّ في عمق العدو
30/04/2022

السيد نصر الله يؤكد جهوزية المقاومة للردّ في عمق العدو

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بمواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال احتفال يوم القدس العالمي، والذي أكد فيه على جهوزية المقاومة للردّ على أي عدوان صهيوني بشكل مباشر.
وبقي الشن الانتخابي مستحوذا على اهتمام الصحف أيضا، مع بقاء أسبوعين على موعد الاستحقاق، لا سيما اجتماع المجلس العلى للدفاع أمس برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبحث في التحضيرات الأمنية لهذا الاستحقاق وغيره من الملفات الأمنية.


"البناء": نصرالله يكشف عن إنذار إيرانيّ لدول التطبيع.. وجهوزيّة للردّ على أيّ استهداف في عمق الكيان
وسط ملايين المشاركين في إحياء اليوم العالمي للقدس في عشرات العواصم ومئات المدن، تصدّر اليمنيون مشهد الحضور وزخم المشاركة والإحياء، وسجل المسجد الأقصى حضوره المميز باشتباكات المصلّين مع جيش الاحتلال، وشكلت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله القيمة السياسيّة المضافة في يوم الحدث.

السيد نصرالله قدّم تحليلاً تاريخياً لمسار المواجهة بين شعوب المنطقة وجيوشها وقواها الحيّة مع قيام الكيان الغاصب فوق أرض فلسطين منذ مطلع القرن الماضي، مشيراً إلى أن المرحلة التي يدخلها الكيان وتدخلها المواجهة معه، غير مسبوقة، وهي نتاج تراكمي لكل هذا التاريخ من المواجهة. وأنه للمرة الأولى يدخل الكيان مرحلة العدّ التنازلي الوجودي، وتوقف أمام مسار التطبيع الذي بدأ منذ بدأ الخيار التفاوضيّ، ليستخلص أن كلاً منهما قد سقط، وفشل فشلاً ذريعاً سواء في تأمين شبكة حماية للكيان أو في إحباط الفلسطينيّين ودفعهم لليأس، وبالتوازي فقد كيان الاحتلال قدرته على شنّ الحروب، سواء لهشاشة جبهته الداخلية أو لعجز جيشه عن خوض حروب خاطفة وتحقيق انتصارات، بعدما أثبتت قوى المقاومة حضورها وبدأت تحقق الانتصارات.

رسم السيد نصرالله عناصر المشهد الجديد، بفرصة توفرها الأوضاع الدولية الجديدة الناجمة عن التراجع الأميركيّ ونشوء معادلات دولية جديدة تهدد نظام القطب الأميركي الواحد انطلاقاً من حرب أوكرانيا، من جهة، ومن جهة ثانية بتراجع قدرة النظام العربي الرسمي على فرض معادلات الخنوع للكيان والتبعية لأميركا. فتوازن القوى السائد في المنطقة بات مختلاً لحساب القوى والحكومات التي تؤمن بالتحرر من الهيمنة الأميركية، ومواجهة كيان الاحتلال، رغم الضغوط والحصار والعقوبات، ومن جهة ثالثة بتغير المشهد داخل فلسطين المحتلة، حيث تتناسب حالة التراجع في قوة الكيان والتفكك في جبهته الداخلية، مع تنامي مقدرات المقاومة ونجاحها بفرض معادلات الردع، وترابط الساحات وتماسكها من غزة الى الضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، مخصصاً مساحة خاصة لأهميّة العمليات الفردية الاستشهادية في تظهير هذا المشهد الجديد.

خلص السيد نصرالله من ذلك الاستعراض لعناصر الصورة الجديدة لتأكيد معادلات الردع ورسم معادلات جديدة. فمحور المقاومة عند معادلته التي تقول بالاستعداد لحرب إقليميّة دفاعاً عن القدس، والجديد الأول كانت دعوة السيد نصرالله الحكومات والجيوش العربية، خصوصاً في مصر والأردن الى معادلة قوامها إن زوال القدس يعادل زوال “إسرائيل”، لكن الجديد الأهم فكان في ما كشفه السيد نصرالله وما دعا إليه، فكشف أن إيران وجهت بعد عمليتها الناجحة في أربيل التي استهدفت موقعاً للموساد الإسرائيلي باثني عشر صاروخاً من طراز فاتح 110، لكل دول التطبيع، مضمونه أنه ما جرى في أربيل سيجري في أية مدينة أو عاصمة تستضيف مواقع إسرائيلية تنطلق منها أعمال عدائية ضد إيران، وكشف أيضاً أن إيران تستعدّ لمرحلة جديدة في المواجهة مع “إسرائيل”، مضمونها الردّ القاسي على أي استهداف إسرائيلي لأهداف إيرانيّة، باستهداف عمق كيان الاحتلال. وبالتوازي رسم السيد نصرالله عشية المناورات الإسرائيلية المقررة في شهر أيار المقبل معادلة قوامها، أن المقاومة التي أجرت مناورات صامتة خلال الأسابيع الماضية، مستعدة وجاهزة، ولن تشغلها الانتخابات النيابية المقبلة عن التعامل بما يجب مع أية حماقة إسرائيلية تستغل المناورات للقيام بالاعتداء على المقاومة، قائلاً، هذه المرة فإن الردّ سيكون فورياً ومناسباً، ولن تحتفظ المقاومة بحق الرد في المكان والزمان المناسبين.

ورأى السيد حسن نصر الله أنه «رغم كل الحروب المفروضة وجماعات الإرهاب «الفلتانة» والظروف المعيشية الصعبة لن يستطيعوا أن يأخذوا من الدول والشعوب والقوى المقاومة كلمة والتزاماً ولن يستطيعوا أن يروا في وجوهها ضعفاً أو هواناً». وبيَّن أنَّ مسار الانهاك يحصل في اكثر من بلد في منطقتنا لكنه لم يحقق هدفه رغم الحصار والعقوبات والحروب المفروضة وجماعات الإرهاب، مؤكدًا أنَّه «لو خرجت إيران اليوم وقالت لأميركا إنها ستقبل بمسار التطبيع هل كانت لتعاني مثل هذا الحصار وهذه المؤامرات؟ طبعاً لا».

واعتبر السيد نصر الله أنَّ ما قاله السيد الخامنئي اليوم يؤكد الالتزام الجاد والقطعي بدعم فلسطين وحركات المقاومة في المنطقة، لافتًا إلى أنَّ الصمود هو الذي يبقي البيئة الحاضنة لاستمرار المقاومة لتحرير القدس. وشدَّد على أنَّه «لن ننسى ولن نيأس ولن نسقط أمام الضغوط»، مشيرًا إلى أنَّ هذه المسارات سقطت بسبب العمل المتواصل منذ ما قبل 1948 الى اليوم، مؤكدًا أنَّ «مسألة فلسطين هي جزء من ديننا وإيماننا وكرامتنا ونحن أمة لا يمكن أن تتخلى عن إيمانها وعقيدتها وكرامتها».

ولفت إلى أنَّه «يأتي يوم القدس ونحن في موقع استراتيجي متقدم جداً، حيث تطورت مسارات من جهتنا يخشاها العدو ويعمل على تفكيكها، ونحن في المقابل يجب ان نعمل على تثبيتها»، مؤكدًا أنَّ المسار الاول هو مسار العمليات الجهادية في داخل 48 وفي داخل الضفة وخصوصاً في الأسابيع الماضية الأخيرة، وبالأخص العمليات المنفردة التي شكّلت تطورًا نوعيًا جداً وأكثر ما يخشاها العدو وتهزّ الكيان».

كما أشار السيد نصر الله إلى أنَّه برر المسؤولون في الكيان فشلهم بأن شخصًا فلسطينيًا وحده عندما يأخذ القرار ويخطط ويستطلع ويؤمن السلاح بأن هذا الأمر لا يمكن ان تكتشفه الاجهزة الامنية، مبينًا أنَّ العمليات المنفردة الأخيرة أدت الى كشف عجز الكيان والأمن الضعيف لديه وهزت بقوة ثقة الإسرائيليين بجيشهم وحكومتهم. وأضاف: «هذه العمليات تعزز القلق الوجودي لدى الكيان ودفعت بكيان العدو الى الانكفاء والاختباء خلف الجدر والأسوار»، وسأل «الكيان الذي يختبئ خلف المزيد من الجدر والأسوار فماذا يمكن أن يكون مستقبله؟».

وأعاد السيد نصر الله تأكيد المعادلة الإقليمية حول القدس، داعيًا دول المنطقة الى توجيه رسالة بأن زوال القدس والمقدسات يعني زوال «إسرائيل»، مبينًا أنَّ هذه المسارات الثلاثة يجب تدعيمها وتمثل الأمل بالنسبة لنا.

وشدَّد على أنَّ موقف إيران الميداني والعسكري يتطور الى حد انها قد تقدم في حال استمرار العدوان على الوجودات الإيرانية في المنطقة قد تقدم على ضرب إسرائيل مباشرة، لافتًا إلى أنَّ الهزيمة الاميركية في أفغانستان أقلقت الكيان الإسرائيلي والحرب والروسية الأوكرانية أيضاً تقلق الكيان.

وكشف أنَّه خلال الاسابيع الماضية خلال التجهيز للانتخابات كانت تشكيلات حزب الله الجهادية تقوم بمناورات صامتة، متوعدًا العدو الإسرائيلي من أنَّ أيّ خطأ يقدم عليه سيكون الردّ عليه سريعاً ومباشرة ولن يسمعوا بالاحتفاظ بحق الردّ في الزمان المناسب والمكان المناسب.

وأكَّد أنَّ “الانتخابات في لبنان لن تشغلنا من الرد على أي عدوان إسرائيلي”، وأردف قائلًا: “إن شاء الله سنصلي في القدس إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً جداً جداً”.

ولفت خبراء عسكريون واستراتيجيون لـ”البناء” الى أن خطاب السيد نصرالله رسم معادلات عسكرية وسياسية واستراتيجية جديدة في لبنان والمنطقة، لا سيما لجهة مصير القدس ومستقبل القضية الفلسطينية، ستفرض على الكيان الإسرائيلي وقائع وظروفاً جديدة تضعه مهدّداً في وجوده ومستقبله في مقابل عودة القضية الفلسطينية الى حضورها وقوتها انطلاقاً من المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني وعملياته اليومية ضد الاحتلال”. وأوضح الخبراء أن “حديث السيد نصرالله عن مغامرة إسرائيلية خلال المناورات قد يكون نابعاً من معلومات استخبارية لدى المقاومة بحركة عسكرية واستعدادات ميدانية إسرائيلية في الجبهة الشمالية، لذلك وجّه رسائل الى “إسرائيل” تحمل تهديدات بأن المقاومة سترد على أي عدوان مهما كانت الظروف الداخلية والإقليمية، ما سيفرض على العدو اعادة حساباته والتفكير ألف مرة قبل الإقدام على أية حماقة”. وتوقف الخبراء أمام كلام نصرالله عن السرعة في رد المقاومة، ما يعكس أمرين: تغير معادلات وتوازن القوى في الداخل الإسرائيلي لصالح المقاومة وفي المنطقة لصالح المحور الإيراني – السوري وحركات المقاومة، والثاني أن لدى المقاومة مقومات استخباريّة يمكنها من كشف ما يحضر له العدو، ومقدرات وإمكانات عسكرية وتسليحية جديدة يمكنها من الرد بشكل سرع”.

في غضون ذلك، تستكمل الحكومة استعداداتها لإجراء الاستحقاق الانتخابيّ على الصعد الإدارية والتقنية واللوجستية والمالية وكذلك الأمنية.

وفي ظل الأجواء الأمنية المقلقة على مصير الانتخابات بعد سلسلة الأحداث التي شهدتها طرابلس وعدد من المناطق، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً أمس، بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في حضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.

وبحث في التحضيرات الأمنية للانتخابات النيابية ومواضيع أمنية أخرى منها ملف النازحين السوريين. وشدّد رئيس الجمهورية في مستهلّ الاجتماع على “التنسيق الأمني والإداري لإنجاز الانتخابات النيابية من دون أي إشكال”. ودعا إلى “اعتماد قواعد لسلوك التغطية الإعلامية للانتخابات، والتعاون مع المراقبين الأجانب وهيئة الإشراف على الانتخابات”.

من جهته، أكد ميقاتي “أهمية المحافظة على هيبة الدولة وكرامة المؤسسات الأمنية لضمان حماية المواطنين”، وقال “نحن مع حقوق الإنسان وحرية الرأي، لكن دون أي تجاوز يؤثر سلباً. يجب أن نحصّن أنفسنا لحماية الدولة ومنع أخذ البلد الى الهاوية”.


"الأخبار": البخاري: السنّة جميعاً سينزلون إلى التصويت

أسبوعان اثنان فاصلان عن صناديق الاقتراع وثلاثة أسابيع عن نهاية ولاية البرلمان الحالي. مدة كافية للاقتناع أخيراً بأن الاستحقاق واقع في موعده، من دون أن يهبط من خارج الطبقة السياسية الحاكمة ما يشير - حتى الآن على الأقل - إلى أن الصدمة المعاكسة حاصلة.

يتحدّث بعض المشتغلين في استطلاعات الرأي الممهدة لانتخابات 2022 عن ظاهرة راحت تستوقفهم في الأسابيع الأخيرة، يعجزون عن تفسيرها. أرقام الاستطلاعات متناقضة بعضها مع بعض، أسبوعاً بعد آخر، تجرى على العينة نفسها في المنطقة نفسها والطائفة نفسها بالقياس والمواصفات والمعايير نفسها، فإذا النتائج مختلفة والاستنتاجات متفاوتة. أكثر ما يُلمس هذا التعارض في الشارع السنّي. ما يفصح عنه ناخب في أسبوع يتراجع عنه في الأسبوع التالي. بعد أن يكون أكد في المرة الأولى لمَن سيقترع، تعود الشكوك إليه في المرة التالية، ويتردد في إظهار موقفه أو لا يظهره حتى.

لم تقتصر الفروق الفادحة على السنّة وإن كانوا الأكثر اضطراباً، بل شملت طوائف أخرى بتفاوت، خصوصاً أولئك غير المنتظمين في الآلات الحزبية أو ما يُعرف بالبلوكات المحمولة المحددة الخيارات سلفاً. في الشارع الشيعي التباين والتردد قليل الظهور، وبعض مَن لا يعكسه - وهؤلاء قليلون حتماً - يحاول إخفاء ورقة اقتراعه تفادياً لإحراجه المبكر أو مضايقته.
ليس ثمة تفسير قاطع للظاهرة الملموسة في الأسابيع الأخيرة سوى أن الناخبين المعوَّل على تصويتهم لم يقطعوا بعد في خيارات اقتراعهم: إما أن المستطلَعين يتلاعبون بالاستطلاع نفسه ويستخفّون به، أو أنهم يكذبون، أو يتقلبون في اتجاهاتهم، أو باتوا حيارى لا يعرفون مَن يختارون؟

لم تخفَ هذه الملاحظة عن رؤساء الأحزاب الرئيسية ولوائح الائتلافات الذين بدأوا أخيراً حملة مضادة، تحض على الإقبال على صناديق الاقتراع بشتى الوسائل: تارة بتوجيه الاتهامات إلى الخصوم، وطوراً بإظهار انتخابات 2022 على صورة انتخابات 2005 و2009 - أو تكاد - على أنها انتخابات قضية ومصير، ومرة ثالثة بتنشيط التعبئة المالية والسخاء في المساعدات بغية استقطاب المصوِّتين. بذلك أضحى الجدل الدائر من حول الاستحقاق في الأيام الأخيرة الفاصلة عنه، يدور من حول مشكلات ثلاث متلازمة، إحداها ترفد الأخرى بتداعياتها، دونما التمكن من فصل هذه عن تلك، أو معالجة تلك منفصلة عن هذه: أرقام المشاركة، أصوات الاغتراب، الصوت السنّي.
على أهمية العاملين الأولين، إلا أن ثالثهما - إذ يجمع الأرقام من الأول والتداعيات من الثاني - يظهر كأنه الأكثر تأثيراً، وهو الغموض المحيط بالتصويت السنّي للمرة الأولى في تاريخ الطائفة. لا زعيم سياسياً لها، ولا قائد مسموع الكلمة، ولا ائتلاف ذا صدقية يعبّر عنها. عالقة بين إرث يُنظر إليه على أنه مستباح لسنّة آخرين ولغير سنّة، وبين متحمسين لوراثة وارث حاضر في غيابه. الأدهى في ما يرافق انتخابات 2022 أن الناخبين السنّة، خلافاً لما خبره المسيحيون في انتخابات 1992، ليسوا أمام عدو خارجي يجبهونه ويرفعون لواء المقاطعة في وجهه. ناهيك بأن عزوف قائدهم الرئيس سعد الحريري نجم، في الظاهر على الأقل، عن قرار شخصي بمغادرته وتياره الحياة السياسية، قبل أن يتبين في ما بعد أن العزوف أوسع وأشمل، ويقضي بمقاطعة الاستحقاق ترشيحاً واقتراعاً. أضف عدم تساهله بإزاء المعترضين على قراره، بمَن فيهم الذين صنعتهم الحريرية السياسية أياً علا كعبهم.

في الإفطارات التي نظمها السفير السعودي في بيروت وليد البخاري قبل أيام، علّق على أحد سائليه بالقول إن السنّة جميعاً سينزلون إلى التصويت، دونما الكشف كيف وبأي وسيلة إقناع؟ مع أن محدثه استنتج مما سمعه من السفير عدم رضاه عن اللوائح السنّية المستجدة، وبعض المعلومات تحدث عن أن الرئيس فؤاد السنيورة حمل إلى مقابلة شخصية سعودية في باريس اللوائح التي رعى تأليفها للحصول على موافقتها عليها، إلا أن المملكة توحي بانطباع إيجابي إلى مشاركة سنّية حتمية في الانتخابات المقبلة. في ظنّ هؤلاء السائلين أن النواب السنّة الجدد، أياً يكونوا (من خارج الائتلاف مع حزب الله) يسهل على المملكة اجتذابهم إليها وتحوّلها مرجعية لهم. يقترن هذا الاعتقاد بعامل مكمل له، هو أنها لم تعد متحمسة تماماً لأحادية المرجعية السياسية السنّية الواحدة في لبنان، وتفضيلها استعادة الطائفة ما كانت عليه في عقود ما قبل الحرب تعدديتها ما بين المدن السنّية الكبرى (بيروت وطرابلس وصيدا، ناهيك بعكار والبقاع الغربي)، متكلة على الزعماء المحليين.

خلافاً لما رافق الحريرية السياسية مع الرئيس رفيق الحريري عندما أحال السعودية الظهير الأول والرئيسي وشبه الوحيد للسنّة اللبنانيين، مستنداً بين عامي 1992 و2005 على علاقات إيجابية وتعاون وطيد ما بين الرياض ودمشق ساعدته على اتساع دوره ونفوذه في الحكم، إلا أن حقبة ما قبل الحرب لم تُعطِ السعودية في لبنان ما حازته ما بعدها. وهي في أي حال لم تضطلع بدور مماثل. في عقدي الخمسينيات والستينيات حتى منتصف عقد السبعينيات، تقاسم السنّة اللبنانيون الولاء لإحدى مرجعيتين رامتا قيادة العرب: السعودية من خلال الرئيسين حسين العويني وصائب سلام، ومصر من خلال الرئيسين رشيد كرامي وعبدالله اليافي. ثالث هذين الفريقين الرئيس سامي الصلح كان خصماً للناصرية من دون أن يكون صديقاً للسعوديين. لم يكن في وسع الزعماء السنّة هؤلاء الجمع بين القيادتين العربيتين الكبريين (الملك فيصل والرئيس جمال عبد الناصر)، بل اعتبار كل منهما على حدة المحجة السياسية الوحيدة والحتمية له. ذلك ما فسّر الخصومة المتكررة لسلام مع رئيس مصر، وعدم نسج كرامي صداقة مع السعوديين.

أما ما يمكن أن يرمي إليه في الحاضر التحوّل السعودي الجديد، إذا صحّ أن المملكة تتوجه إلى التعددية السنّية، فهو الإقرار أخيراً بأن الحريرية السياسية أسلمت عن حق الروح. بعدما انطوت صفحتها تماماً في المملكة بكل ما تعنيه من مصالح وولاءات وصداقات ومقاولات وشبكة علاقات عامة وشركات وتداخل السياسي بالمالي - وهو ما تعبّر عنه معاقبة الحريري الابن هناك وهنا - بات الاختبار الأخير الصعب أن يؤكد كلاهما، الحريري أو السفير السعودي، أيهما أقدر على قيادة الشارع السنّي سواء بالذهاب به إلى صناديق الاقتراع أو بالتزامه المقاطعة، فيستحق الجائزة.


"الجمهورية": اجتماع مجلس الدفاع

وفي السياق الانتخابي، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعا امس برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وبحث في التحضيرات الامنية للانتخابات النيابية ومواضيع امنية اخرى منها ملف النازحين السوريين.

وقرر المجلس «الطلب الى كافة الإدارات العامة والأجهزة المعنية بالتحضير للانتخابات وتنسيق الجهود اللازمة من النواحي الإدارية واللوجستية والمالية والأمنية والعسكرية لإنجاح هذا الاستحقاق الدستوري. وكذلك، تقرر تكثيف الاجتماعات بين الأجهزة الأمنية لاتخاذ القرارات المناسبة في سياق التحضير للانتخابات ومواكبتها وبعدها، والاستمرار في حملات توعية المواطنين لتسهيل عملية الاقتراع، إضافةً الى تشكيل غرفة عمليات في وزارة الداخلية لمواكبة سير العملية الانتخابية من النواحي كافة. كما تم التأكيد على دور هيئة الاشراف على الانتخابات لتنفيذ مهامها المحددة في قانون الانتخابات.

وخلال الجلسة، عرض وزير الداخلية للإجراءات والتدابير المتخذة لمواكبة الانتخابات النيابية امنيا ولوجستيا واداريا، وتلاه وزير الخارجية في عرض الترتيبات الخاصة باقتراع اللبنانيين المنتشرين.

كذلك، عرض رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات لعمل الهيئة والصعوبات التي تواجهها من الناحيتين اللوجستية والمالية. ثم توالى على الكلام قادة الأجهزة الامنية حول جهوزية القوى العسكرية والأمنية والتنسيق في ما بينها في الإجراءات لمواكبة الانتخابات.

وقد شدّد الرئيس عون على التنسيق الأمني والإداري لإنجاز الانتخابات النيابية من دون أي إشكال. ودعا «الى اعتماد قواعد لسلوك التغطية الإعلامية للانتخابات، والتعاون مع المراقبين الأجانب وهيئة الإشراف على الانتخابات».

اما الرئيس ميقاتي فأكد «على أهمية المحافظة على هيبة الدولة وكرامة المؤسسات الأمنية لضمان حماية المواطنين». وقال: «نحن مع حقوق الإنسان وحرية الرأي، لكن أي تجاوز يؤثر سلباً، ويجب أن نحصّن أنفسنا لحماية الدولة ومنع أخذ البلد الى الهاوية».

تذليل عقبات!

الى ذلك، اعلن وزير الخارجية عبدالله بو حبيب «اننا بحاجة لـ«كاش» للدفع للموظفين في الانتخابات ووزير المالية قال إنه سيؤمّن المبلغ»، مضيفاً «أوعزتُ للسفراء والقناصل في الخارج بأن يسهّلوا عمل الإعلاميين والإدلاء بالتصريحات والمقابلات بعيداً من السياسة».

اما وزير المال يوسف الخليل فقال: «نسعى إلى تأمين مبلغ ٣٨٠ مليار ليرة قبل ١٥ أيار وتأمين الموظفين الذين سيشاركون في إدارة العملية الانتخابية».

وفي السياق، أعلن وزير الطاقة وليد فياض أنّ وزير الداخلية بسام مولوي ومؤسسة كهرباء لبنان متفقان على تغذية مراكز لجان القيد الـ٢٦ الصغرى والكبرى بـ١٤ ساعة يومياً من ٥ أيار الى ١٦ أيار، والتقنين بالمراكز الـ٢٦ لا يتخطى الـ٦ ساعات متتالية وتأمين باقي الساعات من المولدات.

 

"اللواء": الانتخابات تقترب: جهوزية أمنية ونقص ماليّ!
غروب اليوم، دعوة دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية لالتماس هلال شوال، بحيث يكون غداً أول أيام عيد الفطر السعيد، أو إكمال عدة شهر رمضان 30 يوماً، فيكون العيد في اليوم التالي.
وأياً تكن دورة الفلك، فإن عطلة العيد تمضي إلى يوم الاربعاء في 4 أيار المقبل، ليبدأ العد التنازلي لإجراء الانتخابات بدءاً من السادس من أيار وصولاً إلى الخامس عشر منه، في ظل معطيات بالغة التعقيد من الأمن إلى المال، فالمخاوف من «خربطات» أو صدامات، ناهيك عن المناورات الاسرائيلية في شهر الانتخابات اللبنانية، الأمر الذي فرض نفسه بنداً على طاولة المتابعة لا يمكن تجاهله أياً كانت مجريات الصراعات الاقليمية.
ولهذا الغرض عقد مجلس الدفاع الأعلى اجتماعاً في الثانية بعد ظهر امس بعنوان «التنسيق الامني والإداري لإنجاز الانتخابات النيابية من دون أي إشكال».
وافادت مصادر مواكبة لأجتماع المجلس الأعلى للدفاع أن التحضيرات الأمنية واالوجستية والإدارية شكلت البند الوحيد في هذا الاجتماع حيث كان كلام عن جهوزية لإجرائها. وقالت إن الشق المالي كان الموضوع المشترك الذي أثير في الاجتماع حيث شكا الوزراء المعنيون من عدم تحويل الاعتمادات المرصودة للعملية الانتخابية، لكن وزير المال يوسف خليل أوضح أن هذه الاعتمادات والبالغة قيمتها ٣٨٠ مليار ليرة ستحول قبل حلول موعد الأستحقاق الانتخابي. وعلم أن من ضمن هذه الاعتمادات ، سيصار إلى الدفع للقوى الأمنية والموظفين المشاركين في الانتخابات . وذكرت المعلومات أن وزير المال سيوزع الاعتمادات تباعا.

أما في ما خص نقص عديد قوى الأمن في يوم الانتخابات، فإن المصادر تحدثت عن وضع امن الدولة قوة بالتصرف في هذا اليوم. وهذا ما ينطبق على الامن العام، في حين أن الجيش وقوى الامن الداخلي سيتوليان حكما المسؤولية. وقال وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي أن الأجهزة الأمنية ستتعاون في ما بينها مشيرا إلى أن يوم الانتخابات سيكون « يوم بيجنن» وفق الإمكانات الموجودة .
وعلم أن هناك إجراءات ستتخذها وزارة الخارجية لنقل صناديق الاقتراع من دول الأغتراب إلى خزينة مصرف لبنان الى حين حلول موعد الانتخابات في ١٥ ايلر المقبل لتوزع على الأقلام وفق كل منطقة .. وعلم أن وزير العدل كشف أن تنسيقا سيتم مع النيابات العامة من أجل معالجة الأشكالات. وسيعقد اجتماع بين وزير العدل ووزير الداخلية لهذه الغاية.
وقالت المصادر إن الأجهزة الأمنية أكدت جهوزيتها في يوم الانتخابات.

ولفت وزير الطاقة والمياه وليد فياض إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان ستعمل على تغذية مراكز لجان القيد الصفرى والكبرى والبالغة عددها ٢٦ مركزا ١٤ ساعة يوميا من الخامس من ايار المقبل حتى السادس عشر منه على إلا تتجاوز مدة التقنين بشكل متواصل من ٤ إلى ٦ ساعات كحد أقصى.
وعلى الرغم من ذلك، اعتبرت مصادر سياسية ان حكومة الرئيس ميقاتي انتهت بضربة فشلها بتسويق مشروع «الكابيتال كونترول»، الذي يعتبر ركيزة اساسية بالاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.
وقالت المصادر انه لم يتبق من عمر حكومة الانقاذ سوى ايام معدودة، وتصبح بعد الخامس عشر من شهر أيار المقبل، موعد اجراء الانتخابات النيابية، حكومة مستقيلة حكما، وهي ولم تستطع تنفيذ الحد الادنى من الوعود والإجراءات التي التزمت بتنفيذها، وبقيت كلها مجرد وعود مؤجلة، ربما للحكومة الجديدة على الارجح.

وتعدد المصادر عناوين ووعود الحكومة الحالية، بدءا من موضوع زيادة التغذية بالتيار الكهربائي، ان كان من خلال استجرار الطاقة من الاردن او الغاز من مصر، والتي سقطت كلها خضم الصراعات الاقليمية والدولية، او التعثر بمعالجة المشاكل والازمات الناجمة عن الانهيار الحاصل، والتأخير بانجاز خطة التعافي الاقتصادي، وكلها فشلت الحكومة بتحقيق اي منها، بل اكثر من ذلك، زادت الامور سوءاً، عما كان عليه الوضع قبل تشكيلها،لاسيما في موضوع تراجع التغذية بالتيار الكهربائي، التي وصلت الى حدود الصفر تماما، طيلة الاسبوع الماضي، وهو ما لم يحصل من قبل،في حين ان استمرار تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية بلغ حدودا قياسية،واستمر ارتفاع اسعار المحروقات الى مستويات تاريخية،مع بروز صعوبات جمة في استمرار تأمين الطحين والدواء، وزيادة جنونية في غلاء المعيشة، واستمرار الانهيار بمؤسسات الدولة واداراتها.

وتعتبر المصادر ان ماحصل من حصاد الحكومة الميقاتية في نهاية مهماتها المرتقبة، هو فشل حكومة «كيف ما كان» ،بدلا ًمن حكومة الأخصائيين المنبثقة عن المبادرة الفرنسية، لم تستطع القيام بالحد الأدنى من مهامها بانقاذ لبنان من ازماته، وان سياسة تدوير الزوايا التي رفعها رئيسها منذ البداية، وسياسة الترقيع في معالجة المشاكل والصعوبات، لم تكن الا بروباغاندا، فارغة المضمون، لتغطية الالتفاف على المبادرة الفرنسية، واطلاق يد رئيس» التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في اختيار معظم وزراء الحكومة الحالية مواربة، ما ادى الى الفشل الذريع الذي ينعكس في تفريخ الازمات والمشاكل التي يعانيها المواطنون، وزيادة في حدو الانهيار الحاصل بالبلاد.

وتشير المصادر الى ان مسار الحكومة، منذ بداياته وحتى اليوم، يعطي دليلا ً اضافياً، على فشل تحالف العهد مع حزب الله ومن يدور في فلكهما من القوى السياسية، بادارة السلطة وتسيير امور الدولة، كما كان عليه ايام حكومة الرئيس حسان دياب، واظهرت الوقائع، ان الامور تسير نحو الأسوأ، والوضع تدهور أكثر من السابق، وهو ما يؤشر إلى مرحلة سوداوية، بعد أجراء الانتخابات النيابية، إذا استمر التماهي الحاصل بين الاطراف المذكورة، بتاليف حكومة جديدة على النسق الحاصل حالياً، وهذا يعني الاستمرار بالدوران بحلقة الفشل والانهيار على الصعد كافة.

 

وليد البخاري

إقرأ المزيد في: لبنان