لبنان
جلسة لانتخاب اللجان النيابية اليوم.. وانتظار عودة الأمريكي لمفاوضات الترسيم
اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بالمواقف الأخيرة من التحرك الإسرائيلي في البحر عبر استقدام باخرة التنقيب عن الغاز إلى الحدود البحرية القريب من مياه لبنان الإقليمية، لا سيما منها المواقف الرسمية وموقف حزب الله على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، الذي أكد على جهوزية المقاومة والسير خلف قرار الدولة في هذا الموضوع.
كما تتجه الأنظار اليوم إلى وسط بيروت، حيث ستعقد جلسة لمجلس النواب لانتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية، والذي يغلب فيه جو التوافق على الأسماء، إلا في جال لم يقبل النواب الجدد بإبقاء الواقع كما كان عليه لا سيما في اللجان النيابية الرئيسية، وعندها سيكون الخيار بالذهاب نحو التصويت لانتخاب النواب.
"الأخبار": إسرائيل كبحت نفسها؟ العدو يرى الحل عبر الوساطة الأميركية
أكدت إسرائيل، عبر مسؤوليها، أن منصة الحفر اليونانية لم تتخط الخط 29 جنوباً، بل لم تقترب منه. كما أكدت أن المنصة لم تدخل حقل «كاريش» الغازي، وإن كان في معظمه خارج الخط الحدودي «التفاوضي» المعلن من جانب لبنان. فهل جمّدت تل أبيب نياتها العدائية بعدما تلمست الخطر؟ أم أنها بالفعل كانت حذرة ومرتدعة، إلى حد الامتناع مسبقاً، عن تجاوز المحظور اللبناني؟
المؤكد أن العدو يلتزم حدّه المقرر له، وإن كان التزامه مبنياً على ردع قد يكون في ماهيته غير ثابت ويتحرك مع ما تراه تل أبيب من ظروف وعوامل قد تتناسب مع نياتها العدائية. وهنا على العين اللبنانية أن تكون شاخصة دائماً إلى الثروة الغازية اللبنانية، ليصار إلى فرملة العدو إن اخطأ تقدير موقف لبنان، وتحديداً موقف مقاومته، صاحبة الفضل الأول في ردع العدو.
ما حصل في اليومين الماضيين في الحد البحري الجنوبي يؤكد أن المعادلة الردعية مع العدو ثابتة، وتحرص تل أبيب على أن لا تتجاوزها، حتى وإن قدرت خطأ أن الظروف المحيطة بقرار المقاومة قد تلجمها عن الرد على اعتداءاتها البحرية. وهو ما يفسر المقاربة الحذرة جداً، والتدريجية، قبل الوصول إلى الخط البحري 29، ناهيك عن تجاوزه، الأمر الذي سمح لإسرائيل أن تفرمل نفسها عن تحقيق نياتها العدائية.
حتى الأمس، لم تكن منصة الحفر اليونانية قد دخلت حقل كاريش الغازي، وبقيت كيلومترات بعيدة منه. ولا يبدو أن قرار الابتعاد مرتبط بتريث قبل اتخاذ قرار دخول الحقل، بل للانتهاء من البنية التحتية التي تتيح للمنصة العمل على استخراج الغاز من آباره الواقعة في القسم الجنوبي منه، وإن كان ذلك لا يعني، بالضرورة، أن «شهية» الإسرائيلي لن تتغير. فبين الخرق واللاخرق للخط 29، مسافة كيلومترات معدودة، لا يحول دونه إلا قرار، قد تخطئ إسرائيل في اتخاذه، وفقاً لحسابات تقديرية خاطئة.
وكما كان متوقعاً، تحدث المسؤولون الإسرائيليون بعد صمت لافت في الأيام الماضية، وبعد أن تقرر اللاخرق والامتناع عن تجاوز المحظور اللبناني. الأمر الذي أتاح لوزير الأمن، بني غانتس، الحديث عن أن «المنصة وصلت إلى موقعها كما هو مخطط لها، داخل المنطقة الإسرائيلية، في مكان ليس موضع نزاع»، مشيراً إلى أن كل هذه المسألة خارج صلاحيات ومهمات المؤسسة الأمنية في إسرائيل، التي تعنى فقط بـ«حماية المنصة والمنطقة البحرية حيث توجد». وقال غانتس، إن «ما يرتبط بموضوع الخلاف مع لبنان، يحل في إطار المفاوضات ومن خلال وساطة الولايات المتحدة».
بدورها، قالت وزيرة الطاقة في حكومة العدو، كارين الهرار، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن «منصة كاريش وحقل كاريش لا يقعان بالقرب من الخط الذي لا توافق عليه إسرائيل (الخط 29)، وهو بحسب ادعاء اللبنانيين الخط الحدودي. وهو ليس الخط الذي أودعوه الأمم المتحدة. اقترح على اللبنانيين العودة إلى المفاوضات، فإزاء الحقل (كاريش)، جزء صغير منه هو موضع خلاف، ربما تستخرجون الغاز بأنفسكم، فليس عليكم الطمع بغاز الآخرين».
ورغم حرص تل أبيب، كما تعلن، على عدم تجاوز الخط 29 الذي حدده لبنان خطاً حدودياً بحرياً مع فلسطين المحتلة، إلا أن الجيش الإسرائيلي يعمل وفق أسوأ الفرضيات، كون وجود المنصة اليونانية قريباً من منطقة نزاع مع لبنان، وإن كانت بعيدة نسبياً من الخط 29.
وذكرت تقارير عبرية أن سلاح البحرية الإسرائيلي يعمل على تأمين المنصة والبنية التحتية في حقل كاريش والمنطقة الواقعة إلى الجنوب منه حيث تتموضع المنصة اليونانية وتوابعها. وتشمل الاستعدادات العسكرية تحديد منطقة «تقييد إبحار» حول المنصة لمسافة 500 متر من الحافة الخارجية للمنصة، وضمن دائرة قطرها 1500 متر حول موقعها، لتمكين الأنظمة الدفاعية من تحديد هويات السفن والقطع البحرية المختلفة المقتربة منها، وتشخيص العدائي منها.
"البناء": موجة نيابيّة للخط 29: برّي للتعديل… ونواب التغيير لعريضة واعتصام… ومراد لاعتماده بقانون
وكان ملف ترسيم الحدود البحرية واختراق باخرة التنقيب «الإسرائيلية» المنطقة المتنازع عليها، قد تفاعل على المستوى الرسمي اللبناني وعلى الصعيد الدولي، في ظل اعتبار لبنان التنقيب «الإسرائيلي» في حقل «كاريش» اعتداء على السيادة والحقوق اللبنانية.
وتداعى المسؤولون اللبنانيون للتواصل والتشاور وعقد اللقاءات لبلورة موقف موحد إزاء الخطر الحدودي وكيفية مواجهته، وبحث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال لقائهما أمس في بعبدا بالخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة محاولات العدو «الإسرائيلي» توتير الأوضاع على الحدود البحرية الجنوبية.
وتوافق الرئيسان عون وميقاتي على دعوة الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين للحضور الى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار الذي تعيشها المنطقة.
وتقرر القيام بسلسلة اتصالات دبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لشرح موقف لبنان، وللتأكيد على تمسكه بحقوقه وثروته البحرية، واعتبار أن أية أعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها «إسرائيل» في المناطق المتنازع عليها، تشكل استفزازاً وعملاً عدوانياً يهدد السلم والأمن الدوليين، وتعرقل التفاوض حول الحدود البحرية التي تتم بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة، وفق ما ورد في المراسلات اللبنانية الى الأمم المتحدة والمسجلة رسمياً».
كما زار وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب عين التينة وبحث مع رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، التطورات الحدودية، ورأى بو حبيب أنّ «سبب الفوضى هذه أنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لا يأتي، وإذا ما أراد الأميركيّون أن يكونوا وسطاء، فعلى الوسيط الأميركي أن يكون هنا، ويجب أن يأتي ويقوم بزيارات مكّوكيّة من أجل التوصّل إلى اتّفاق، ومن ثمّ كلّ واحد يعرف أين هي حدوده وكلّ جهة تعمل ضمن هذه الحدود».
وعن موعد زيارة هوكشتاين، ذكر بو حبيب «أنّني لم أتبلّغ بموعد الزّيارة».
وعمّا إذا كان هناك من خطوات لبنانيّة يجب أن تُتّخذ لوقف الجانب «الإسرائيلي» عند حدّه، أوضح «أنّنا لا نريد أن نقوم بحرب، والسّفينة لا تعني أنّه بات لديهم الحق، لكن هناك فوضى في المنطقة وفي لبنان وهي غير مقبولة، وخلال هذين اليومين يجب أن نعرف ماذا سيفعل الأميركيّون». ونفى أن «يكون لبنان قد قدّم ضمانات للشّركة اليونانيّة».
وأكدت مصادر مواكبة للمشهد المحيط بملف الحدود البحرية على النقاط التالية:
«أولاً أن موقف المقاومة الصريح والواضح هو الوقوف خلف الدولة في موضوع الترسيم، لأنها لن تكون لا جزءاً من الترسيم ولا من مفاوضات الترسيم، وبالتالي عندما تقرر الدولة أين هي حدودها يصبح واجباً على اللبنانيين بمن فيهم المقاومة للدفاع عن ثرواتهم وحدودهم».
ثانياً: «من الواضح أن الخلاف بين المسؤولين اللبنانيين لا سيما بين قائد الجيش ورئيس الجمهورية حول موضوع الخط 29 والخط 23 ولكل طرف منهما فريق يؤيده ويقدّم له الأدلة والخرائط الفنية اللازمة هو السبب الحقيقي في عدم حسم الأمور. في الوقت الحاضر لن يتجرأ أي مسؤول في الدولة اللبنانية على توقيع المرسوم وإرساله إلى الأمم المتحدة، وبالتالي فإن الخلاف السياسي المحلي هو العائق الحقيقي والفعلي في تبلور موقف وطني جامع حول الحدود».
ثالثا: أن أية مزايدة من قبل بعض النواب أو مطالبة المقاومة باتخاذ موقف صريح وواضح في هذا الموضوع أو بمنع الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة المتنازع عليها لن يزعجها على الإطلاق.
رابعاً: من الواضح أن ما يسمى بالوسيط الأميركي هو وسيط غير نزيه وقد استغل الفترة الماضية بإطالة أمد المفاوضات لإعطاء العدو الوقت الكافي ليستكمل تجهيز البنى التحتية لحقل كاريش ومن ثم توقيع العقود واستقدام المنصة لاستخراج النفط، وبهذا المعنى يكون الوسيط الأميركي ليس فقط منحازاً وانما متواطئ ومتآمر لإعطاء العدو الإسرائيلي كل الوقت الذي يحتاجه لإنهاء استعداداته».
خامساً: على الرغم من الأجواء المتوترة في الوقت الحاضر والتشكيك بإمكانية أن يقوم لبنان بإرسال رسالة إلى الأمم المتحدة تعترف بحدوده المائية أو لا، فإن أسئلة عميقة وجدّية تستغرب لماذا لم يتمكن لبنان حتى الآن من التنقيب عن النفط في حقوله غير المتنازع عليها، وما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم قيام الحكومة بإلزام الشركات بالتنقيب في هذه الحقول».
وفيما يشير خبراء الى أن «الإسرائيلي» بدأ بتركيب منصة التنقيب وقد يبدأ بالحفر والتنقيب خلال أسابيع قليلة، أكدت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» أن «الحزب ينتظر موقف الدولة اللبنانية، وهو من الأساس اشترط أن تتخذ الدولة الموقف المناسب والمقاومة تقف خلفها، وطالما أن الدولة لم تتخذ قراراً بتعديل المرسوم ليتحول الخط 29 الى الخط الرسمي، فإن الحزب لن يتدخل، وبالتالي الحل إما العودة الى التفاوض ووضع الخط 29 على الطاولة أو تعديل المرسوم ويكون الخط الدولي الرسمي المعتمد».
وفي سياق ذلك، شدّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في حديث لوكالة «رويترز»، على أن «حزب الله مستعد لاتخاذ إجراءات بما في ذلك القوة، ضد عمليات التنقيب الإسرائيلية عن الغاز، في المناطق البحرية المتنازع عليها، بمجرد أن تعلن الحكومة اللبنانية انتهاك إسرائيل لحدود لبنان البحرية».
ولفت، إلى أنه «عندما تقول الدولة اللبنانية بأن الإسرائيلي يعتدي على مياهنا ويعتدي على نفطنا، نحن حاضرون أن نقوم بمساهمتنا في الضغط والردع واستخدام الوسائل المناسبة بما فيها القوة، من أجل منع «إسرائيل» من أن تعتدي على مياهنا ونفطنا».
وردا على سؤال حول إعطاء الدولة اللبنانية مهلة قبل قيام حزب الله بأي عمل، قال قاسم: «لا نعطي مهلة للدولة اللبنانية، الدولة اللبنانية هي فوق الجميع، وهي التي تحدد مسارها ونحن تحت سقف الدولة في مثل هذه القرارات، ولكن نشجع الدولة على الإسراع، ندعوها إلى وضع مهلة لنفسها لأنه لا يصح أن يبقى هذا الأمر معلقًا ولا يعرف الناس إذا كان هناك اعتداء أو ليس هناك اعتداء أو إذا كانت هذه المنطقة متنازعًا عليها أو ليس متنازعًا عليها. ندعو الدولة اللبنانية لحسم أمرها بأسرع وقت ممكن، وبما أننا جزء من هذه الدولة سنعمل من خلال وجودنا وحضورنا أن ندفع باتجاه الإسراع لاتخاذ المواقف المناسبة».
وأكد قاسم أنّ «قرار حزب الله واضح، عندما تقول الدولة بأن هذه المنطقة متنازع عليها واعتدت عليها «إسرائيل» سنرد. أما إذا لم تقل الدولة ذلك ولا زالت في مرحلة البحث، هل هي متنازع عليها أم لا، هل دخلت السفينة إلى منطقة متنازع عليها أما لا، فسننتظر حتى يحسموا هذا الأمر ويتخذوا القرار، ما حدا أعلن إنه في منطقة متنازع عليها ودخلت السفينة إليها، ما حدا أعلن هيك، كل ما أعلنوه أنه نخشى أن يكونوا قد دخلوا ونتأكد من إمكانية وجود عدوان أم لا، هذا ما حصل».
في المقابل لوحظت اللغة التراجعية في الموقف «الإسرائيلي» واحتواء ردة الفعل اللبنانية، من خلال نفي أي دخول للمنطقة المتنازع عليها، والتأكيد على الحل الدبلوماسي، إذ أعلن وزير الدفاع «الإسرائيلي»، بيني غانتس، أنه «سيتم حل الخلاف مع لبنان بشأن الغاز، عبر الدبلوماسية بوساطة أميركية»، وادعى أن «منصة استخراج الغاز في كاريش تقع ضمن نفوذ «إسرائيل» وليس في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان».
فيما أشار مسؤول «إسرائيلي» رفض الكشف عن اسمه في حديث لـ»فرانس برس»، إلى أن «كاريش هو خزان للغاز الطبيعي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لـ»إسرائيل» المعترف بها من الأمم المتحدة».
وأكّد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أنّ «الأمم المتحدة ملتزمة بدعم المفاوضات البحرية بين لبنان وإسرائيل، على النحو الذي يطلبه الجانبان»، مشددًا على «أننا نشجع إسرائيل ولبنان على حل أية خلافات عبر الحوار والمفاوضات».
وأشارت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» الى أن «دخول الباخرة الإسرائيلية هو محاولة جس نبض الموقف اللبناني.. فإذا لمسوا تشدداً من قبل لبنان، يسارعون لاستدراج الوساطة الأميركية لحل النزاع، أما إذا لمسوا ضعفاً، فيستفيدون من قاعدة الأمر الواقع في القانون الدولي للسطو على حقوق لبنان، كون الخط الرسمي اللبناني حتى الآن هو 23 وليس الخط 29 طالما أن المرسوم 6433 لم يُعدّل، ما يعني أن الخط 23 الخط الرسمي حتى الآن، لكن حقوق لبنان تتعدى هذا الخط الى الخط 29».
ولفتت المصادر الى أن «الخط 29 هو تفاوضي ولكي يعتمد كخط رسمي، بحاجة الى واحد من اثنين: اما قرار بإرادة لبنانية منفردة عبر تعديل المرسوم 6433 وايداعه الأمم المتحدة وهذا ما كان يسعى اليه الوفد التفاوضي العسكري اللبناني خلال مفاوضات الناقورة، أو أن ينقلب الخط من تفاوضي الى خط اتفاقي وهذا ما سعى اليه لبنان خلال المفاوضات». وأوضحت أن «القوة القانونية والدولية للخط الاتفاقي أقوى من الخط بالإرادة المنفردة، ولذلك لبنان حريص على الخيار التفاوضي واستمرار الوساطة الأميركية، لكن اذا فشل بالتفاوض لم يبق لديه سوى الخيار الثاني أي الخط بالإرادة المنفردة لكي يحفظ حقوقه ويمنع التجاوز الإسرائيلي، ولذلك لبنان برسالته الى الأمم المتحدة في شباط الماضي أكد على أن المنطقة الواقعة بين الخطين 23 و29 منطقة متنازع عليها، وينبغي أن لا يدخلها أحد».
وشدّدت المصادر على أن «الموقف اللبناني يجب أن يكون متشدداً وواضحاً أكثر، وكان يجب أن يتبلور الى مستوى دعوة طارئة لمجلس الوزراء ولو كانت الحكومة تصريف أعمال ويجري تعديل المرسوم ويضع الأميركيين والاسرائيليين أمام الأمر الواقع بخط الإرادة المنفردة والخط اللبناني الرسمي ولاحقاً يبدي لبنان استعداده للتفاوض من الخط 29 وليس الخط 23». وأوضحت المصادر أنه «طالما دخل الإسرائيلي كاريش أي شمال خط 29 يعني مسّ بالمنطقة المتنازع عليها». وشككت المصادر بتدخل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين وحضوره الى لبنان لاستئناف وساطته والطلب من الطرفين المتنازعين العودة الى المفاوضات، مشيرة الى انه «إذا لم يلمس الأميركي موقفاً جدياً من لبنان واستعداداً للمواجهة الميدانية فلن يأتي، الى لبنان».
على صعيد آخر، يعقد المجلس النيابي جلسة لانتخاب اللجان النيابية، في ظل توجّه لنيل أغلب الكتل الأساسية رئاسة اللجان الهامة كلجنتي الإدارة والعدل التي ستؤول الى «القوات اللبنانية» وللنائب جورج عدوان، ولجنة المال والموازنة للنائب عن التيار الوطني الحر إبراهيم كنعان.
وكشف مصدر نيابي لـ»البناء» أن «الاتصالات استمرت حتى وقت متأخر من ليل أمس مع مختلف الكتل النيابية بمن فيهم نواب التغيير، لأنه لم يتم التفاهم معهم بشكل نهائي ومن الممكن الوصول لاتفاق مع قوى التغيير اذا تواضعوا بعض الشيء». وأضاف المصدر: «هم يريدون لجاناً معينة وهذا صعب وقد تعرض عليهم لجنة الاتصالات في آخر العروض اذا تم القبول نكون تجاوزنا اشكالية الدخول في العملية الانتخابية التي تأخذ وقتا طويلاً».
"الجمهورية": إستدعاء هوكشتاين وإسرائيل تهدّد
وأشارت صحيفة "ألأجمهورية" إلى أن الضغوط تتراكم على هذا البلد من كل جانب، بحيث لا تترك له مجالاً لكي يتنفس؛ من الداخل وانشقاقاته السياسية التي تتوسع كلّ يوم، وتغذّي القصور الفاضح للممسكين بالدولة والقرار، في معالجة أزمة اقتصادية ومالية منحدرة الى أسوأ درك، وفلتان مافيات الدولار والأسعار و»شبيحة الأحياء» وزعران الشوارع وتجار المخدرات. وها هو المثال الصارخ في ما يجري في مختلف المناطق، وكذلك في العمليّات التي ينفذّها الجيش اللبناني لتوقيف المطلوبين في بعض المناطق التي تشكّل محميات للصوص وتجار المخدرات.
ومن الخارج ضغوط أقسى وأدهى، وآخرها ما استجدّ مع التطوّر البحري بوصول سفينة الحفر «Energean power» في ظلّ الاستعدادات الاسرائيلية الجدّية لبدء عمليات الحفر في حقول نفطية وغازيّة متنازع عليها مع لبنان، والتي ترافقت بالأمس مع تهديدات اسرائيلية مباشرة للبنان، من انّ التعرّض لمنشأتها النفطية في البحر بمثابة إعلان حرب.
الداخل مربك
في هذه الأجواء، استنفر لبنان الرسمي لمواجهة المستجد البحري وما يتهدّد ثروة لبنان من النفط والغاز. وعلى هذا الأساس وجّهت الدعوة الى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للمجيء الى بيروت، لإجراء المقتضى والعودة الى طاولة المفاوضات. وتردّد ان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قد تواصل شخصياً مع هوكشتاين لتحديد موعد حضوره الى بيروت وفقاً للموقف الرسمي اللبناني، ولكن من دون ان يُذكر شيء رسمي عمّا إذا كان قد تجاوب مع الدعوة إلى حضوره، او ما إذا كان جدول اعماله في الولايات المتحدة الاميركية يتيح له الحضور الى بيروت في هذا الوقت. هذا في وقت تحدثت بعض المصادر عن انّ هوكشتاين استمهل بو صعب ريثما يراجع ادارته في هذا الصدد، على ان يبلغ جوابه في وقت قريب.
وفي مقابل هذا الاستنفار، كان اللافت هو الغرق مجدداً في بحر المزايدات الداخلية حول الحدود البحرية الخالصة للبنان، وتجلّى ذلك في سجال داخلي بين من يعتبر انّ هذه الحدود تنتهي عند الخط 23، وبين من يعتبر انّ هذه الحدود تنتهي عند الخط 29، علماً انّ النقطة 29 يقع ضمنها حقل «كاريش»، التي تقول اسرائيل انّه خارج المنطقة المتنازع عليها.
أين هي الحدود؟
هذا المستجد في رأي مصادر سياسية يوجب ان يشكّل نقطة جامعة للبنانيين للدفاع عن سيادتهم وثروتهم البحرية، ولعلّ أولى الطرق المؤدية الى ذلك، هو ان تخرج كل الاطراف من خلف متاريسها السياسية وتتشارك في تشكيل حكومة تكون في صدارة مهمّاتها خطة مواجهة لأي عدوان اسرائيلي على السيادة اللبنانية، وأي محاولة من قِبله على السطو على ثروات لبنان في البحر من النفط والغاز.
وقالت مصادر معنية بهذا الملف لـ«الجمهورية»، انّ الإرباك الحاصل في هذا الملف، والالتباس الحاصل حول النقطة النهائية للحدود اللبنانية الخالصة، مردّهما ليس فقط محاولة السيطرة الاسرائيلية على الحقول النفطية والغازية في البحر، بل هو أيضاً، الموقف اللبناني المتخبّط حيال هذا الامر، وإدخال هذا الملف من البداية في بازار المناكفات والمزايدات السياسية.
ولفتت المصادر، الى انّ «الجانب اللبناني أثار جواً من الغموض حيال هذه الحدود، عبر الاندفاع بداية إلى القول، انّ الحدود النهائية تقف عند الخط 23 ومن ضمنه مساحة الـ860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها، ثم ما لبث الامر ان تطوّر الى تعديل في الموقف اللبناني، والتأكيد على انّ الحدود تصل الى الخط 29، ومن ثم عاد وتراجع عن الخط 29».
وبحسب المصادر، فإنّ ذلك «تبدّى بصراحة واضحة، في الرسالة التي وجّهت إلى الامم المتحدة بتاريخ 28 كانون الثاني الماضي، و بعلم من المسؤولين الرسميين، والتي شكّلت اعلاناً رسمياً صريحاً بنقل التفاوض بشأن الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية من الخطّ 23 إلى الخطّ 29، مع الاحتفاظ بحق تعديل المرسوم رقم 6433 في حال المماطلة وعدم التوصّل إلى حلّ عادل». وكان المتوخّى من هذه الخطوة، ليس تأكيد لبنان على عدم القبول بمساحة الـ860 كيلومتراً، بل ان تحفظ حق لبنان بمساحة الـ2290 كيلومتراً مربعاً، وكذلك عدم الالتزام بمبدأ التفاوض «حقل مقابل حقل»، أي «حقل قانا» للبنان، و«حقل كاريش» لاسرائيل، حيث انّ الرسالة تضمنت اشارة واضحة إلى أنّ حقل «كاريش» هو منطقة متنازع عليها، وبالتالي لا يمكن لإسرائيل الاستمرار بعمليات التنقيب فيه، ولا يمكن البدء بعمليات الإستخراج. وقد اعتبرت الرسالة، انّ العمل في تلك المنطقة يعرّض الأمن والسلم الدوليين للخطر».
على انّ ما يلفت الانتباه في رأي المصادر، ما عاد واعلنه الرئيس عون نفسه بعد فترة قصيرة من إرسال الرسالة الى الامم المتحدة، حيث أشار إلى انّ «الخط 29 طرحه البعض من دون حجج برهنته، انّ خطنا هو النقطة 23، وهي حدودنا البحرية وحقنا الحقيقي والفعلي، وهذا هو خط تفاوضنا ونتمسك به.. وتعديل المرسوم 6433 لم يعد وارداً في ضوء المعطيات الجديدة».
تخبّط
إزاء ذلك، عكست الساعات الماضية حالاً من التخبّط الواضح حيال هذا الامر، حيث توزع المشهد بين مواقف سجالية متناقضة، وبين لقاء مستعجل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حيال الملف البحري، تواكب مع زيارة عاجلة لوزير الخارجية عبدالله بو حبيب الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو المعني الأول بملف الترسيم واعلان إطار التفاوض حول حقوق لبنان. وكان لافتاً اعلان بوحبيب بعد اللقاء «انّ مجيء السفينة اليونانية الى حقل «كاريش» يمثل تحدّياً قوياً لنا، خصوصاً انّه لا ترسيم للحدود بعد، وليس معلوماً إذا ما كان الحفر هو في الحدود الفلسطينية المحتلة أو في الحدود اللبنانية المختلف عليها. لذلك سبب الفوضى هذه، أنّ الوسيط الاميركي لا يأتي، وإذا ما أراد الاميركيون ان يكونوا وسطاء، فعلى الوسيط الاميركي ان يكون هنا، ويجب ان يأتي ويقوم بزيارات مكوكية من أجل التوصل الى اتفاق، ومن ثم كل واحد يعرف أين هي حدوده وكل واحد يعمل ضمن هذه الحدود».
واشار بوحبيب رداً على سؤال، إلى انّه لم يتبلّغ بموعد لزيارة هوكشتاين وقال: «لا نريد ان نعمل حرباً، والسفينة لا تعني انّه بات لديهم الحق، لكن هناك فوضى في المنطقة وفي لبنان، وهي غير مقبولة، وخلال هذين اليومين يجب ان نعرف ماذا سيفعل الاميركيون».
النفطالبحر المتوسطالحدود البحرية اللبنانية